تحريك لليسارإيقافتحريك لليمين
نافذة من السماء، العدد السادس والعشرون.
مجلة هدى القرآن العدد الثاني والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد السادس والتسعون
نافذة من السماء، العدد الخامس والعشرون
مجلة هدى القرآن العدد الواحد والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد الخامس والتسعون
مجلة هدى القرآن العدد التاسع عشر
مجلة أريج القرآن، العدد الواحد والتسعون
مجلة أريج القرآن، العدد التسعون
 
التصنيفات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة
مجلة هدى القرآن العدد الأول

العدد الأول، شهر رمضان المبارك / 1432 هجري، آب 2011 ميلادي

مجلة داخلية تصدر عن جمعية القرآن الكريم، تُعنى بالثقافة القرآنية

لسحب العدد PDF اضغط هنا

 

 

  كل الخير والبركة في القرآن

  فضل تلاوة القرآن والتدبر فيه

  ضرورة العودة الى القرآن

  كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله

  نقاط وتأمُّلات

  معجم المفسرين

  أسماء وأوصاف القرآن

  قصة النبي إدريس(ع)

  القرآن في نهج البلاغة

  الأخلاق في القرآن

  المرأة في القرآن

  التحدث بالقرآن

  آداب التلاوة والتجويد

  حوارات أهل القرآن

  كلام أهل البيت (ع) في القرآن

  استفتاءات قرآنية

  لقاء مع الخطاط الكبير للقرآن الكريم: عثمان طه

  نبذة مختصرة من تاريخ ونشاط جمعية القرآن الكريم

  مسابقة العدد

 

 

 {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} سورة النحل-89

صدق الله العلي العظيم 

القرآن الكريم هو موضع عناية واهتمام المسلمين، لأنّه المنبع الصافي للأحكام والقوانين والفرائض والسنن الإلهية، وقد أُمر الرسول(ص) أن يبيّن مضامينه للناس لكي يتفقّهوا ويتعلّموا ويعملوا بما فيه، ليصلوا إلى شاطىء السعادة من خلال الوصول إلى رضوان الله وطاعته سبحانه، وقد قام الرسول(ص) بما أُمر، وتبعه أهل بيته(ع)، ونحن في جمعية القرآن الكريم نقوم بواجبنا التبليغي والإرشادي من خلال هذه المجلة (هدى القرآن)التي تعنى بالثقافة القرآنية، وقد وفّقنا في هذا الشهر المبارك {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، أن نقدّم للقرّاء الأعزاء العدد الأول منها، سائلين المولى تعالى أن يوفّقنا لإعطاء المزيد من الإهتمام في هذا المجال، إنّه سميع مجيب .

جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد

 

 ... الإفتتاحية

  كل الخير والبركة في القرآن

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
يقول المولى سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)
القرآن الكريم الذي نزل على رسول الرحمة محمد(ص) تعليماته خالدة، وأوامره عميقة وأصيلة، ونُظُمُه باعثة للحياة وهادية للانسان الى الطريق المؤدي الى اكتشاف هدف الخلق.
فالهدف من نزول هذا الكتاب العظيم لم يقتصر على تلاوته وتلفظ اللسان به، وإنما الهدف من نزوله لتكون آياته منبعاً للفكر والتفكر وسبباً ليقظة الوجدان، لتبعث بدورها الحركة في سير العمل. فكلمة (مبارك) تعني شيئاً ذا خير دائم ومستمر، أما في هذه الآية فإنها تشير الى دوام استفادة المجتمع الانساني من تعليماته ولكونها استعملت هنا بصورة مطلقة، فإنها تشمل كل خير وسعادة في الدنيا والاخرة. وخلاصة الأمر فإن كل الخير والبركة في القرآن بشرط أن نتدبر في آياته ونستلهم منها ونعمل بها.
ورد عن الامام الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (2)
قال (ع): «يرتلون آياته ويتفقهون به، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده، ويخافون وعيده، ويعتبرون بقصصه، ويأتمرون بأوامره، وينتهون بنواهيه، ما هو والله حفظ آياته، ودرس حروفه، وتلاوة سوره ودرس أعشاره وأخماسه، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده وإنما هو تدبر آياته، قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته} (3). نسأله سبحانه أن يوفقنا للعمل بالقرآن الكريم إنه سميع مجيب.
رئيس التحرير

(1) - ص: 29.
(2) - البقرة: 121.
(3) - ميزان الحكمة: ج8 / ص 84.

 

 ... القرآن والقادة

  كلام الامام الخميني (قدس سره) في فضل تلاوة القرآن والتدبر فيه


إن من وصايا الرسول الأكرم(ص) الأمر بتلاوة القرآن «وَعَلَيْكَ بِتَلاَوَةِ القُرْآنِ عَلَى كُلّ‏ِ حَال» وإن عقلنا القاصر لا يستوعب فضيلة تلاوة القرآن وحمله وَتَعَلُّمِهِ والتمسّك به وملازمتَه والتدَّبر في معانيه وأسراره. وما نُقِل عن أهل بيت العصمة (ع) في ذلك أكثر من طاقة هذا الكتاب على استيعابه. ونحن نقتصر على ذكر بعضها.

الكافي: بإسناده عن أبي عبد الله(ع) قال: «القُرْآنُ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى خَلْقِهِ فَقَدْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ المُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي عَهْدِهِ وَأنْ يَقْرَأَ مِنْه فِي كُلّ‏ِ يَوْمٍ خَمْسِينَ آيَةً».(1)

وبإسناده عن الزُّهريّ‏ِ قالَ: سَمِعْتُ عَليّ‏َ بن الحسينِ (ع) يَقولُ: «آياتُ القُرْآنِ خَزَائِنُ فَكُلَّمَا فُتِحَتْ خَزِينَةٌ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْظُرَ فِيهَ».(2)

والمستفاد من هذين الحديثين أنه حريّ بقرّاء القرآن التدبّر في آياته والتفكّر في معانيه، وأن التمعّن والتأمل في الآيات الكريمة الإلهية، واستيعاب المعارف والحِكَم والتوحيد من القرآن العظيم، لا يكون من التفسير بالرأي المنهي عنه الذي يلتجأ إليه أصحاب الرأي والأهواء الفاسدة، الذين لا يتمسكون برأي أهل بيت الوحي، المخاطبين بالكلام الإلهي، كما ثبت ذلك في محلّه. ولا داعي للولوج في هذا الموضوع والإسهاب فيه. ويكفينا قوله تعالى: «أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلوبٍ أَقْفَالها».(3)

ووردت أحاديث كثيرة تأمرنا بالرجوع إلى القرآن والتعمّق في آياته. فقد نقل عن الإمام أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «أَلاَ لاَ خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْس فِيهَا تَدَبُّرٌ».(4)

وبإسناده عن أبي جعفر(ع) قال: قالَ رسول الله (ص): «مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيات فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الذّاكِرِينَ، وَمَنْ قَرَأ مَائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ مائتي آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الخَاشِعِينَ، وَمَنْ قَرَأَ ثَلاَثْمَائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الفَائِزِينَ، وَمَنْ قَرَأ خَمْسَمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنْ بِرٍّ، القِنْطَارُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِثْقَالٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَالمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيراطاً أَصْغَرُهَا مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَأَكْبَرُهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ».(5)

وجاء في الأحاديث الكثيرة أن قراءة القرآن تتمثّل في صورة بهيّة جميلة تشفع لأهله وقرّائه. وقد أعرضنا عن ذكرها.

وفي الحديث عن أبي عبد الله(ع) قال: «مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ وَهُوَ شَابّ‏ٌ مُؤْمِنٌ اخْتَلَطَ القُرْآنُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَجَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ وَكَانَ القُرْآنُ حَجِيزاً عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ يَا رَبّ‏ِ إِنّ‏َ كُلّ‏َ عَامِل قَدْ أَصَابَ أَجْرَ عَمَلِهِ غَيْرَ عَامِلِي فَبَلِّغ بهِ أَكرَمَ عَطَايَاكَ قَالَ فَيَكْسُوهُ اللهُ العَزِيزُ الجَبَّارُ حُلَّتَيْنِ مِنْ حُلَلِ الجَنَّةِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ تَاجُ الكَرَامَةِ، ثُمّ‏َ يُقَالُ لَهُ هَلْ أَرْضَيْنَاكَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ القُرْآنُ يَا رَبّ‏ِ قَدْ كُنْتُ أَرْغَبُ لَهُ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فَيُعْطِي الأَمْنَ بِيَمِينِهِ وَالخُلْدَ بِيَسَارِهِ ثُمّ‏َ يَدْخُلُ الجَنَّة فَيُقَالُ لَهُ إِقْرَأ وَاصْعَدْ دَرَجَةً ثُمّ‏َ يُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَغَنَا بِهِ وَأَرْضَيْنَاكَ فَيَقُولُ نَعَمْ». (6)

وفي نفس الحديث عن الإمام الصادق(ع) «وَمَنْ قَرَأَهُ كَثِيراً وَتَعَاهَدَهُ بِمَشَقَّةٍ مِنْ شِدَّةِ حِفْظِهِ أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وجَلّ‏َ أَجْرَ هذَا مَرَّتَيْنِ». (7)

ويتبين من هذا الحديث الشريف أن المطلوب من تلاوة القرآن الكريم هو تأثيره في أعماق قلب الإنسان، وصيرورة باطنه صورة كلام الله المجيد، وتحويل ما هو ملكة القلب من القرآن الكريم إلى التحقق والفعلية وذلك حسب ما ورد في الحديث المذكور «مَنْ قَرَأَ القرآن وَهُوَ شَابٌ مُؤْمِنٌ اخْتَلَطَ القُرْآنُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ» حيث يكون كناية عن استقرار صورة القرآن في فؤاده، بدرجة يتحول باطن الإنسان حسب استعداده وأهليته، إلى كلام الله المجيد والقرآن الكريم.
وفي حَمَلَةِ القرآن من تحوّل تمام باطنه إلى حقيقة الكلام الجامع الإلهي، والقرآن الجامع والفرقان القاطع، وذلك مثل الإمام علي بن أبي طالب والمعصومين من أولاده الطاهرين عليهم السلام، حيث يكون وجودهم آيات طيبات إلهية وآيات الله العظمى، والقرآن التامّ والتمام. بل إن هذا هو المطلوب من جميع العبادات كما أنه من الأسرار الهامة للعبادات، وأن تكرار الصلاة من أجل تحقيق هذه الحقائق العبادية، وتحويل ذات الإنسان وقلبه إلى صورة العبادة.
وفي الحديث «أَنَّ عَلِيَّاً(ع) صَلاَةُ المُؤْمِنِينَ وَصِيَامُهم» (8)


في آداب تلاوة القرآن
وملخص القول إن المبتغى من خلال تلاوة القرآن هو ارتسام صورة القرآن في القلب، وتأثير الأوامر والنواهي فيه، وتثبيت الأحكام والتعاليم الإلهية. ولا يتحقق هذا إلا في ظل مراعاة آداب القراءة. وليس الهدف من الآداب ما هو المعروف لدى بعض القُرّاء من الاهتمام البالغ بمخارج الألفاظ، وأداء الحروف، هذا الاهتمام الباعث مضافاً إلى الغفلة عن المعاني والتدبر فيها، إلى إبطال التجويد بعض الأحيان، فإن كثيراً من الكلمات القرآنية نتيجة مثل هذا التجويد، تفقد صورتها الخلاّبة الأصيلة، وتتحول إلى صورة أخرى، ذات صورة ومادة تختلف عما أرادها الله تعالى. إن هذا يُعتبر من مكائد الشيطان حيث يلتهي الإنسان المؤمن إلى آخر عمره بألفاظ القرآن، وينسى نهائياً استيعاب سرِّ نزول القرآن، وحقيقة الأوامر والنواهي، والدعوة إلى المعارف الحقة، والخلق الفاضل الحسن، بل ينكشف لديه بعد مضي خمسين عاماً أنه من جرّاء تغليظ بعض الحروف، والتشديد فيها، قد أخرج صورة بعض الكلمات كلياً عن حالتها الطبيعية وأصبحت ذات صورة غريبة.

بل الهدف المنشود من وراء آداب قراءة القرآن، تلك الآداب التي وردت في الشريعة المقدسة والتي يعدّ من أفضلها وأعظمها التفكر والتدبر في آيات القرآن كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. في الكافي الشريف بسنده إلى الإمام الصادق(ع) قال «إِنّ‏َ هذَا القرآن فِيهِ مَنَارُ الهُدى وَمَصَابِيحُ الدُّجى، فَلْيَجُلْ جَالٍ بَصَرَهُ وَيَفْتَحْ لِلضِّيَاءِ نَظَرَهُ، فَإِنّ‏َ التَّفَكُّر حَياةُ قَلْبِ البَصِيرِ كَمَا يَمْشِي المُسْتَنِيرُ فِي الظُّلُمَاتِ بِالنُّورِ».. (9).
وفي المجالس بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام في كلامٍ طويلٍ في وَصْفِ المتَّقِينَ:

«وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ فَاقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ وَوَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ فَظَنُّوا أَنّ‏َ صَهِيلَ جَهَنَّمَ وَزَفِيرَهَا وَشَهِيقَهَا فِي أصولِ آذَانِهِمْ، وَإِذَا مَرُّوا بِايَةٍ فِيهَا تَشْويقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً وَتَطَلَّعَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ».. (10).

ومن الواضح أن من يتمعّن ويتدبر في معاني القرآن الكريم، يتأثر قلبه، ويبلغ مقام المتقين شيئاً فشيئاً. وإن حظي بتوفيق وسداد من الله، لَتجاوز هذا المقام أيضاً ولَتحوّل كل عضو وجارحة وقوة منه إلى آية من الآيات الإلهية، ولعلّ جَذَوَات خطاب الله وجذباته، ترفعه وتبلغ به إلى مستوى إدراك حقيقة «اقْرَأ وَاصْعَدْ»(11). في هذا العالم وانتهى إلى مرحلة سماع الكلام من المتكلم من دون واسطة، وتحوّل إلى موجود لا يسع الإنسان فهمه واستيعابه(12).

 

(1-2) أصول الكافي: ج2 / كتاب فضل القرآن، باب في قراءته، ح1و2.

(3) سورة محمد (ص): 24.

(4) بحار الأنوار: ج92 / ص 211.

(5) أصول الكافي: ج2 / كتاب فضل القرآن، باب ثواب قراءة القرآن الكريم، ح5.

(6) أصول الكافي: ج2 / ص 603.

(7) أصول الكافي: ج2 / ص 603.

(8) الآداب المعنوية للصلاة: ص 532.

(9) أصول الكافي : ج2، كتاب فضل القرآن، ح5.د

(10) وسائل الشيعة : ج2، الباب3 من أبواب قراءة القرآن ج6.

(11) ميزان الحكمة: ج8 / ص 84.

(12) الأربعون حديثاً : ص535.

 

 ... القرآن والقادة

  كلام سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) في ضرورة العودة الى القرآن  

بسم الله الرحمن الرحيم
{كِتابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ بإذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِرَاطِ الَعَزِيزْ الحَمِيدِ}.


قال رسول الله(ص): «إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنَّه شافع مشفع وماحلٌ مصدق، من جعله أمامه قاده الى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ‏ُ على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيلٌ وبيانٌ وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم، وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليُجِلْ جال بصره، وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب ويتخلّص من نشب».


وقال علي(ع): «واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب، وما جالس القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدىً، أو نقصان في عمًى».


إنّ من الضرورة بمكان أن تركّز الأُمة الإسلامية اليوم على هذا التعريف الذي قدّمه نبي الإسلام للقرآن.
إنّ البيئة المعايشة للمسلمين لم تلوَّث إلى هذا الحد الذي تلوثت به اليوم من سحب سوداء متراكمة وقطع الليل المظلم.
صحيح أننا نجد القرآن ومنذ الخطوات الأولى التي تلت تحوّل الخلافة الإسلامية إلى السلطنة الطاغوتية وقد تحوّل في الواقع إلى زائدة كمالية، وخرج بشكل رسمي وإن لم يكن ذلك بشكل إسمي عن المجال الحياتي للمسلمين، إلاّ أن ما حدث في جاهلية القرن العشرين من خلال عمل الأجهزة السياسية والاعلامية المعقدة، يعدُّ أخطر من ذلك بمراتب، وأكثر بعثاً على القلق بلا ريب.
ولكي يُعزل الإسلام عن الحياة، فإنّ أكبر وسيلة وأكثرها أثراً هي إخراج القرآن عن المجال الذهني والقلبي والعملي للأُمة الإسلامية. وهذا بالتأكيد ما عمل له المتسلطون الأجانب والعملاء الداخليون لهم، سالكين هذه السبيل عبر الاستعانة بشتى الأنماط والوسائل.
إنّ القرآن وهو(حسب تعبيره هو) الكتاب المقدس، والنور، والهدى، والفرقان بين الحق والباطل، والحياة، والميزان والشفاء، والذكر، لا تتم له هذه الخصال بشكلٍ عملي إلاّ إذا تمّ قبل كل شي‏ء استيعابه فهماً، وتطبيقه عملاً.
لقد كان القرآن في عصر الحكم الاسلامي في الصدر الأول، هو القول الفصل والكلمة الأخيرة، وحتى كلام الرسول(ص) فإنه يجب أن يعرض عليه. وكان حَمَلَة القرآن، يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع بعد أن كان الرسول(ص) قد أعطى الأمة التعليم القائل: «أشراف أُمتي، أصحاب اللّيل وحَمَلَة القرآن».


لقد كان استيعاب القرآن علماً وعملاً، يشكل قيمة واقعية. فللعثور على حلّ‏ٍ لكل مشكلة حياتية يجب الرجوع إلى القرآن، ولقد كان القرآن ملاك قبول أيّ حديث، أو أسلوب، أو مدّعى، ومعياره. كان عليهم أن يعرفوا الحق والباطل من وجهة نظر القرآن ليشخصوا نماذجهما ومصاديقهما في ميدان الحياة.
ومنذ فقدت القوى الحاكمة على المجتمعات المسلمة القيم الإسلامية واغتربت عنها ورأت في القرآن وهو الناطق بالحق وفرقان الحق والباطل عقبة في سبيلها، بدأ السعي الحثيث لإبعاد كلام الله عن ميدان الحياة، ووُجد عقيب ذلك الفصل بين الدين والحياة الإجتماعية، والتفريق بين الدنيا والاخرة، والتقابل بين المتدينين الواقعيين وأهل الدنيا المقتدرين، وأُبعد الاسلام عن مركز إدارة مجالات الحياة الاجتماعية للمجتمعات المسلمة، ليقتصر على المساجد والمعابد والبيوت وزوايا القلوب، وهكذا وُجد الفصل بين الدين والحياة بكل ما عاد به من خسارة وعلى المدى الطويل.


ومن الطبيعي أن القرآن قبل أن يتمّ الهجوم الواسع للمتسلّطين الغربيين الصليبيّين والصهاينة وإن لم يكن موجوداً في المجال الحياتي بالمعنى الحقيقي إلاّ أنه كان يحتل مكانة في أذهان المسلمين وقلوبهم على تفاوت بينهم في ذلك غير أن الهجوم الصليبي الصهيوني في القرن التاسع عشر لم يستطع أن يتحمّل حتى هذا القدر أيضاً. إنهم لا يستطيعون أن يتحمّلوا وجود القرآن الذي يصدر بكل وضوح أمر: {وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِّنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْل}، ويصدح بقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلى المُؤْمِنينَ سَبِيلاً}، القرآن الذي يريد للمؤمنين أن يكونوا إخوة فيما بينهم، أشداء غضاباً على أعدائهم، مثل هذا القرآن لا يمكن أن يتحمّله المتسلطون الساعون للسيطرة على أزمّة أُمور المسلمين، ونهب كل شي‏ء لديهم.
إنّ هؤلاء المتسلطين أدركوا بكل وضوح أن القرآن رغم هذا الحضور غير الكامل في حياة الأمة، لن يسمح لتسلُّطهم ونفوذهم أن يسلكا سبيلهما المنشودين، لذا فقد وضعوا خطة حذف القرآن بشكل كامل، وطبيعي أن لا تمتلك ولن تمتلك هذه الخطة تطبيقاً عملياً، ذلك أن الله تعالى قد وعد الأُمة الإسلامية بحفظ القرآن دائماً على أننا لا نستطيع أن نغض النظر عن نتائج ذلك السعي الواسع الأبعاد الذي تمّ من قبلهم بهذا الصدد.


ألقوا اليوم نظرة على ميدان حياة المسلمين، فأين تجدون القرآن؟ هل تجدونه في أجهزة الحكومات؟ أو في النظم الإقتصادية؟ أو في تنظيم العلاقات والمناسبات بين الناس بعضهم مع البعض الاخر؟ في المدارس والجامعات؟ في السياسة الخارجية والعلاقات بين الدول؟ في تقسيم الثروات الوطنية بين فئات الشعب؟ في أخلاقية المسؤولين في المجتمعات الإسلامية وكل فئات الشعوب التي تتأثّر بهم قليلاً أو كثيراً؟ في السلوك الفردي للحكام المسلمين؟ في العلاقات بين الرجل والمرأة؟ في الأرصدة المصرفية؟ في أنماط المعاشرة؟ في أي مكان من الحركة العامة والإجتماعية للناس؟ ولنستثنِ من كل هذه الميادين الحياتية المساجد والمآذن وأحياناً بعض البرامج التي لا تُعد شيئاً من الإذاعات رياءً وخداعاً لعامة الناس. ولكن هل جاء القرآن لهذا فقط؟ لقد كان السيد جمال قبل مئة سنة يَبكي ويُبكي لهذا الأمر، حيث عاد القرآن يقتصر على الإهداء والتزيين والتلاوة في المقابر والوضع على الرفوف.. ولكن ماذا حدث في المئة سنة هذه؟ ترى ألا يبعث وضع القرآن لدى الأُمة الإسلامية على القلق؟


إنّ الحديث كلّه يتركز على أن القرآن، كتاب حياة الإنسان، إنسان اللانهاية، الإنسان المتكامل، الإنسان ذي الأبعاد، الإنسان الذي لا حدّ لتكامله، إنّ هذا الهادي والمعلم للإنسان قادر على أن يرعاه في كل العصور، وأن نظام الحياة اللائق بالانسان، إنما يتعلّمه الإنسان من القرآن لا غير، وأن الأساليب التي يجب أن يتبعها ليرفع عن كاهله أنواع الظلم، والتفرقة والفساد، والجهل، والطغيان، والانحراف، والدناءة، والخيانة التي ابتلي بها خلال تاريخه الطويل فكانت عقبة في سبيل رشده وتعاليه، كل هذه الأساليب إنّما يمكن أن تكون عملية في ظل الهداية القرآنية والمخطط الذي طرحه الكتاب السماوي للحياة الإنسانية.
إنّ العودة الى القرآن، هي عودة إلى الحياة التي تليق بالإنسان، وهي المهمة الملقاة على عاتق المؤمنين بالقرآن، وفي طليعتهم العارفون به، والعلماء والمبلغون الدينيُّون.
وإنّ العودة الى القرآن، شعار لو يطرح بشكل حقيقي وجدّي، لاستطاع أن يقدِّم الفارق بين الحق والباطل. كما يجب أن لا تتحمّل الشعوب الإسلامية وجود تلك القوى التي لا تريد أن تقبل مسألة العودة الى القرآن.


إخواني المسلمين، أخواتي المسلمات.
إننا بعد أن ابتلينا كذلك بالبعد عن القرآن وأُصبنا بآثار التآمر ضد القرآن من قبل الأعداء العالميين، قد ذقنا طعم العودة الى القرآن.
وإن انتصار الثورة الإسلامية العظيمة في إيران، وإقامة نظام الجمهورية الإسلامية، ليعدّان من الآثار المباركة الكبرى لهذه العودة.
إنّ هذا الشعب ليشاهد اليوم في أُفق حياته، وفي علاقاته الإجتماعية، وفي شكل حكومته ومحتواها، وفي مناقبية قادته، وفي سياسته الخارجية، وفي نظام التعليم والتربية لديه، يشاهد في كل ذلك لمعات من التعليم القرآني... إنّ الذي هبّ‏َ علينا لحد الآن إنما هو نسيم في جنة القرآن.. إلاّ أن الطريق أمام السعي والحركة، ما زال مفتوحاً للوصول إلى بحبوحة هذه الجنَّة الواقعية.(1)


(1) - الفكر الأصيل.

 

 ... القرآن والقادة

كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصرالله
في لقاء مع جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد والوحدة الثقافية لحزب الله
ضم القراء والحفاظ المشاركين في الأمسيات القرآنية


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع الشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبعاً أنا أفتخر بهذا اللقاء، بمحضر الإخوان السادة العلماء وقارئي القرآن الكريم وحافظي القرآن وأعتذر أن الوقت متأخر لأنه هذا أفضل وقت حتى نستطيع أن نلتقي جميعاً.
مما لاشك فيه أنه كما تكلمنا في العام الماضي وفي العام الذي سبقه هذه كانت سُنَّة حسنة في لبنان، لم يكن هذا الأمر معروفاً في لبنان، خصوصاً في بعض الأوساط الإسلامية، يعني إذا كان موجوداً في لبنان فبشكل محدود وضيق وغير علني وغير إعلامي، يعني حتى التلفزيونات كانت تعتبر أن عرض الأمسيات القرآنية للناس أمراً لا يعنيها.


الحمد لله إخواننا في جمعية القرآن الكريم بفضل جهودهم وتعاونهم، وحضور القراء في الجمهورية الإسلامية في إيران وإخواننا من مصر ومن سوريا ومن أماكن مختلفة بدأ هذا العمل.
تتذكرون في تلك السَّنة أنا قلت هذه سُنَّة حسنة، الذين شاركوا في إحياء هذه السُّنَّة والتأسيس لها في لبنان لهم أجرهم وأجر من عمل بها في لبنان إلى يوم القيامة إن شاء الله. هذا عمل كبير ومهم، وأهمية السَّنة الثانية والسَّنة الثالثة يعني السنوات التي جاءت بعد ذلك، أنها ثبتت هذه السُّنَّة هذا البرنامج، والآن ما زلنا في أعوام تثبيت هذه السُّنَّة، يعني لو فعلنا هذا في العام الأول ثم تركنا لكان الأمر انتهى. يجب متابعة هذا العمل لعدة سنوات حتى يُثبَّت، وبالتالي لو لم تفعل جمعية القرآن الكريم شيئاً لطالبها الناس بأنه ما أخباركم؟ ماذا سنفعل لهذه السَّنة؟. يعني يجب أن تتحول الأمسيات القرآنية في شهر رمضان إلى جزء من ثقافة الناس وتقاليدهم وعاداتهم وحياتهم وروحهم وصومهم، وهذا يحتاج بالتأكيد إلى جهود لعدة سنوات. أكيد الذين جاؤوا هذا العام أيضاً هم مساهمون في تثبيت هذه السُّنَّة إن شاء الله، هذه السُّنَّة الطيبة والحسنة.


ونحن مع الوقت بالتأكيد سنشهد المزيد في الإقبال، الآن هذه السَّنة كما السَّنة الماضية التوسعة في الكمية والنوعية والذهاب إلى مختلف المناطق، لعل هذه السنة كان أكثر من السنة الماضية، وهذا يجعل مستوى الاستفادة أكبر بكثير، من خلال وسائل الإعلام يعني تلفزيون المنار أو إذاعة النور، ومن خلال الجهد المبذول إن شاء الله، أعتقد نحن سنتمكن وإياكم خلال سنوات قليلة أن نثبِّت هذا الأمر، وتصبح الأمسيات القرآنية في شهر رمضان كمجالس العزاء في أيام عاشوراء، يعني هذا أمر روتيني وطبيعي وتقليدي ويحتاجه الناس ويتشوَّق إليه الناس، ومن وجهة نظرهم يشعرون نقص إذا مرَّ شهر رمضان المبارك بدون أمسيات قرآنية.
نحن إن شاء الله من خلال هذا الجهد المبارك، الذي يوجد فيه تأييد وتثبيت وتوظيف للوضع الروحي والمعنوي والنفسي، حقيقة ليس موجوداً فقط في لبنان إنما في كل العالم، سماحة السيد القائد في الأسابيع الماضية تكلم عن مبشرات، من هذه المبشرات هو هذه الحالة، حالة الإقبال على التدين في العالم ليس فقط في وسط المسلمين، في وسط المسلمين، في وسط المسيحيين وفي وسط اليهود وفي وسط البوذيين وفي وسط الهندوس كل الأوساط، يعني سواء كان الدين الذي يرجعون إليه صحيحاً أو خاطئاً لكونه دين وحاجة الناس للدين واندفاعها باتجاه الدين فهم يرجعون إلى هذا الدين.


من الممكن أنه لا يوجد شيء في التاريخ حاربه الطواغيت والمستكبرون والفراعنة والنماردة كالدين، وفي هذا العصر أضخم ماكينة إعلامية وثقافية وأمنية وسياسية هي التي تحارب الدين، مع ذلك لم يقدروا. هذه الحضارة المادية استنفدت أغراضها، وهناك حاجة غريبة للدين، أنا قرأت مثلاً دراسة عن المجتمع الأمريكي تقول أنه من كل عشرة أشخاص يوجد تسعة يعتبرون أن الدين أمراً مهماً، هذا المجتمع الأمريكي الذي هو اليوم يتجلى فيه مظهر وحقيقة الحضارة المادية الفاسدة، ويوجد سبعة من عشرة يعتبرون أنه لا يوجد إمكانية للعيش من دون دين لكن هم غير متدينين كثيراً، ويوجد خمسة من عشرة متدينين قشريين، وأربعة من عشرة يمارسون شعائرهم الدينية، هذا المجتمع الأمريكي الذي يفترض أن لا يكون فيه مكان لشيء إسمه دين أصلاً. إحصائية أخرى تؤكد أيضاً أن مجتمع الحضارة المادية إلى أين وصل، نشر في الصحف اللبنانية أنه من كل خمسة أمريكيين يوجد واحد مصاب بمرض عقلي أو نفسي، أنا ذهلت طبعاً، أطباء نفسيين وأمراض عقلية في أمريكا عملوا إحصائية، خُمْس الشعب الأمريكي مصاب بأمراض عقلية ونفسية، وبالتحليل تقول الإحصائية: لأن هذا المجتمع يلبي كل رغباته المادية، لكنه يعيش فراغاً روحياً ونفسياً قاتلاً، فإنه يُعَبَّر عنه بشكل خاطئ يؤدي إلى أمراض نفسية وعقلية لأن الدين غير حاضر. وهذا الإقبال على الدين الذي تكلم عنه سماحة القائد وأسماه بالمبشرات، واقعاً هي مبشرات، يعني مثلاً رغم عملية التسوية في المنطقة فإن الإنسان الفلسطيني، يخرج من بيت لحم أو من غزة أو من رام الله، ويجب أن يأخذ ترخيصاً من السلطة الفلسطينية ليمر على الحاجز، وترخيصاً من الإسرائيليين ليمر على الحاجز، ليصل إلى المسجد الأقصى. في السَّنة الماضية كان كل يوم جمعة يصلي في المسجد الأقصى خمسين ألفاً ستين ألفاً سبعين ألفاً، يصل في يوم الجمعة الأخيرة ثلاثمائة ألف أو أربعمائة ألف، السَّنة بدأوا بثلاثمائة ألف، الجمعة التالية أربعمائة ألف، هناك توقع أن يصلوا في يوم القدس في يوم الجمعة الأخير إلى سبعمائة وخمسين ألف، المفترض أنه هناك تسوية هاجمة على المنطقة، المفترض أنه هناك إذلال للشعب الفلسطيني، أنا أرى أن الضغط على الناس يوجههم إلى الله سبحانه، فإلى أين ستذهب الناس؟.


نشروا في بعض الصحف أنه في كل ليلة يصلي في المسجد الحرام ومسجد النبي(ص) مليون ونصف مليون مصلٍ، هؤلاء ليسوا أهل المدينة ومكة هؤلاء آتون من كل أنحاء العالم. أيضاً إذا ذهبنا إلى كنائس المسيحيين تجدها الآن مليئة بالشباب، كنا في السنوات الماضية نرى كبار السن في الكنائس المسيحية، الآن نرى شباباً في كنائس المسيحيين، وهذا شاهد على هذا الاستنتاج.
أريد أن أقول أنه يوجد ميل قوي في العالم باتجاه الدين والتدين والاهتمام بالمسائل الدينية، الآن من يقطفها؟ من يذهب إلى المكان الصحيح؟ من يذهب إلى المكان الخطأ؟ هذا بحث آخر. هذا دليل على أن الفطرة تتحرك مجدداً، هذا طبعاً فيما نعتقده نحن في موضوع آخر الزمان، وأن الله سبحانه وتعالى سيُظْهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، وان مستقبل هذا الكون، وهذا العالم، وهذه الأرض، هو الإسلام والتدين والعدل الإلهي، وحكومة العدل الإلهي، هذا يعني أن كل الأرض تتجه بهذا الاتجاه، جزء من هذه الأرض هو بلدنا، يعني بلدنا الصغير لبنان، إن شاء الله حالة التدين وحالة التحول الإيماني فيه هي حالة كبيرة. ونحن نطمح ونأمل أنه بالأمسيات القرآنية يتعزز ويتأكد هذا الأمر، لأن الإسلام الذي يفترض أن يعيشه الناس هو الإسلام القرآني هذا الإسلام الأصيل هو الإسلام النقي هو الإسلام الصافي.


أكيد إن شاء الله الإخوان كل سَنَة يفكرون بجديد يعني لتأكيد ما هو قائم والمجيء بجديد، مجيء الأخوات الحافظات هذه السَّنة كان عاملاً جديداً، يعني السَّنة الماضية أو التي قبلها الأخ سليماني تعرف إليه الناس، الآن اعتقد أنه زار أماكن أكثر. هذه السَّنة مجيء الأخوات الحافظات كان مؤثراً جداً خصوصاً في عالم الأخوات، لأنه عندما يأتي الأخ يقولون فقط الصبيان يقدرون أن يحفظوا، فتأتين البنات فقولون لا هذه ظاهرة عامة، يعني لا تختص بالذكور دون الإناث. وأنا سمعت بالحقيقة في كثير من المجالس المختلفة والمتنوعة، كانوا مدهوشين ومشدوهين بظاهرة الصغار يعني أنه يوجد شيء غير عادي.


على كلٍّ أختم بالقول نحن نشكر الإخوة في جمعية القرآن الكريم، طبعاً إخواننا في الوحدة الثقافية مشكورين على التعاون في الأمسيات، مشكورين على تعاونهم وإيجابيتهم إن شاء الله، كذلك كل الإخوة، سماحة الشيخ مولانا (مشيراً إلى الشيخ الطنطاوي) طبعاً نحن شيخنا نتوجه إليكم بالشكر، الله يخليكم إن شاء الله، الله يسلمكم، إخواننا المصريين نحن نحبهم الشعب المصري نحترمه فتاريخه الجهادي وتاريخه المقاوم رفضه للتطبيع أصبح قدوة في هذا المجال أيضاً الشعب المصري محب لأهل البيت (ع) هذا بالنسبة لنا فخر نفتخر به ونسأل الله تعالى أن يتقبل منكم. كما نشكر خصوصاً إخواننا القراء الذين جاؤوا من الجمهورية الإسلامية، وإن شاء الله ينالون أجر إحياء هذا الأمر، الله يتقبل منكم ومشكورين دائماً، على أمل أن نراكم في العام المقبل إن شاء الله، ويكون الإقبال أكبر، وعزة الإسلام أشمخ وأرفع وتكون ظروف المنطقة مساعدة أيضاً، الآن بعض الناس قلقين ولكن نحن نرى أننا على أبواب نصر إن شاء الله، يعني الإسلام والإسلاميون والمتدينون المصلون الصائمون هم الذين هزموا إسرائيل الآن، الإسرائيليون يرون كيف يحزمون أمتعتهم ليرحلوا وهذا سيسجل إن شاء اللهُّ، هذا سيسجل للفئة المؤمنة المجاهدة الصابرة الفئة القرآنية، أنها استطاعت أن تهزم هؤلاء اليهود الذين هزموا مئات الملايين من العرب والمسلمين، بالمقابل هزمتهم فئة قليلة، لكن ميزة هذه الفئة القليلة أنها كانت فئة متدينة ومسلمة متقية، تقرأ القرآن تصلي وتصوم وتخاف الله سبحانه وتعالى. وهذا سيكون إن شاء اللهُّ حجة على امتداد العالم العربي والإسلامي، وأن الفئة القليلة المؤمنة المتدينة تستطيع أن تهزم هذا الكيان وهذا العدو. أجدد الشكر لكم على كل أعمالكم خلال شهر رمضان المبارك، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم وأن يوفقنا جميعاً لأن نعمل في خدمة الإسلام وخدمة القرآن بحق محمد وآله الطاهرين.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 ... التفسير والبيان

  نقاط وتأمُّلات


 

هذه الآية تحول دون الكثير من الأخطاء، لأنَ طلبات أكثرية الناس التي تتمثل أحياناً في أمور ظاهرية مادية، وفي اتّباع الحدس والتخمين، والرغبة في الابتكار والتجديد غير المبرر، والهيجان والتعَجُّل في القضاء وإصدار الحكم، وتخيُّل التحرُر وحرية الفكر، قد تحمل الإنسان على التلفُّظ بقولٍ أو كتابة شيء أو اتخاذ قرارات تجعل الإنسان ـ من غير قصد وانتباه ـ في مواجهة إرادة الله سبحانه ورسوله(ص)، كما أن تخيُّل العبادة وتصوُّر القاطعيِّة، وتخيُّل الثوريَّة وتصَور الزهد والبساطة في العيش، قد تدفع البعض أحياناً إلى أن يتقدَّم على الله سبحانه ورسوله(ص).
إن هذه الآية تريد أن تربِّي الناس تربية عالية، وتصنع منهم نماذج راقية كما لو كانوا ملائكة، لأنَّ القرآن يصف الملائكة بأنَهم: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (1).
إنَ القرآن الكريم ـ في الآية الحاضرة ـ لم يُبَيِّن الموارد التي ينهى فيها عن التقدُّم على الله تعالى ورسوله(ص)، ولم يحدّد مصاديقها بل أطلق ليشمل كل أنواع التقدم العقيدي، والعلميّ، والسياسيّ، والاقتصاديّ وغيرها، في مجال القول والعمل.
طلبَ بعض أصحاب النبيّ(ص) أن يخصوا أنفسهم ويقضوا على قواهم الجنسيّة حتى لا تبقى عندهم رغبة في الأزواج، من أجل أن يوظِّفوا أنفسهم لخدمة الإسلام بصورة كاملة، وقد نهاهم رسول الله(ص) عن هذا العمل القبيح.
إنّ الذي يتقدّم على الله ورسوله(ص) يحدث خللاً في نظام الإدارة ويربكه، ويجّر المجتمع إلى الفوضى، والهَرَج والمرَج، وفي الحقيقة يجعل الجهاز الإداري ونظام التقنين لعبة خاضعة لأهوائه، ورغباته الشخصيّة.
بحث حول التقوى
وبمناسبة الإشارة إلى عبارة «واتقوا الله» نشير إلى نقاط هامّة فيما يرتبط بالتقوى:
1 ـ إنّ الهدف من الأوامر الإلهيّة التقوى في الإنسان فالقرآن الكريم مثلاً يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2).
ويقول أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (3).
2 ـ إنّ التقوى أرضية لقبول الهداية: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (4).
3 ـ إنّ الله تعالى يمنح المتّقين علوماً خاصة: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (5).
4 ـ إن التقوى هي الوسيلة لاستحقاق الرحمة الإلهية وتلقّيها: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (6).
5 ـ إنّ التقوى وسيلة لقبول العمل فنحن نقرأ في القرآن الكريم: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (7).
6 ـ إنّ التقوى وسيلة لحصول المتّقي على الرزق من طرق لا يتوقّعها، ولم يتصورها: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (8).
7 ـ إنّ الله وعد المتّقين بأن لا يواجهوا طرقاً مسدودة ولا أبواباً موصدة في حياتهم {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (9).
8 ـ إنّ الله تعالى يفيض بكل ألوان نصرته وإمداداته الغيّبية على المتّقين فهو سبحانه معهم على الإطلاق: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (10).
9 ـ إنّ التقوى طريق النجاة من أخطار يوم القيامة ومخاوفه {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا} (11). وسبب لحسن العاقبة: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (12).

العوامل المحصلة للتقوى
وبعد أن أشرنا إلى طرف من معطيات التقوى، وآثارها الطيّبة نشير إلى العوامل المؤثرة في تحقق حالة التقوى، وحصولها في النفس الإنسانيّة:
1 ـ الإيمان بالمبدأ والمعاد يصون الإنسان عن المعاصي والذنوب، وكلما كانت درجة الإيمان أعلى كانت حالة التقوى أقوى.
2 ـ النظارة العامة (المتمثّلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) سبب لنموّ وتقوية روح التقوى في المجتمع.
3 ـ التربية العائليّة الأسريّة.
4 ـ الطعام الحلال.
5 ـ سلوك المسؤولين ونوع ممارساتهم وتصرفاتهم.
6 ـ الأقارب والأصدقاء (الزوجة والجار والزميل في العمل، وفي الدراسة).
7 ـ الإشتغال والعمل.
8 ـ مصاحبة المتّقين.
هذه من العوامل المؤثرة في حصول وتحقق حالة التقوى عند الفرد والمجتمع.(13)

(1)
سورة الأنبياء، الآية: 27.
(2) سورة البقرة، الآية: 21.
(3) سورة البقرة، الآية: 183.
(4) سورة البقرة، الآية: 2.
(5) سورة البقرة، الآية: 282.
(6) سورة الأنعام، الآية: 155.
(7) سورة المائدة، الآية: 27.
(8) سورة الطلاق، الآية: 3.
(9) سورة الطلاق، الآية: 2.
(10) سورة التوبة، الآيات: 36 و123.
(11) سورة مريم، الآية: 72.
(12) سورة الأعراف، الآية: 128.
(13) تفسير سورة الحجرات: تأليف سماحة الشيخ محسن قراءتي، ص 33.

 

 ... التفسير والبيان

  معجم المفسرين
سماحة العلامة الشيخ الطبرسي (قدس سره)


المؤلف: الشيخ المفسر الفضل بن الحسن الطبرسي (قدس سره)

ولادته: ولد عام 468هـ ـ 1076 م

وفاته: عام 548هـ ـ 1154م

عدد المجلدات: 10 أجزاء في 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: طبع عدة مرات في الجمهورية الإسلامية الايرانية ومصر ولبنان والعراق.

حياة المؤلف:
أصله من طبرستان وقيل من(تفرش) من نواحي مدينة قم.
هو رجل من بيت من بيوت العلم وكان الكثيرون من أقربائه وأحفاده من ذوي المكانة العالية.هو مفسر وفقيه ومحدث وصاحب تأليفات كثيرة وقد أخذ عنه كثير من العلماء.
له مؤلفات أخرى في التفسير، منها جوامع الجامع وأيضا الكاف الشاف عن الكشاف.
والخلاصة: ان هذا الكتاب نسيج وحدة بين كتب التفسير وذلك لأنه مع سعة بحوثه وعمقها وتنوعها له خاصية في الترتيب والتبويب والتنسيق والتهذيب حيث أنه يتيح للقارئ فرصة القصد الى ما يريد قصدا مباشرا.

مفردات قرآنية:
بيان مفردات سورة الفاتحة:
روي عن النبي(ص) أنه قال: «والذي نفسي بيده ما أنزَلَ اللهُ في التَّوْرَاةِ، ولا في الزَّبُور، ولا في القُرآنِ مِثلُها، وهيَ أمُّ الكِتَابِ»(1)


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)


الأسماء:
1- الفاتحة: لأنها أول سورة في كتابة المصحف، ولوجوب قراءتها في أول الصلاة..
2- الحمد: لأنه أول لفظها.
3- أم الكتاب، وأم القرآن: لأنها متقدمة على غيرها من السور، ولو كتابة.. تقدم الأم على أبنائها، ولأنها اشتملت على أصلين: ذكر الربوبية والعبودية، وعليها ترتكز تعاليم القرآن.
4- السبع المثاني: لأنها سبع آيات، وبقراءتها يثنى في الصلاة. أو لأنها جمعت بين ذكر الربوبية والعبودية.

اللغة والبيان:
أعوذ: استجير بالله سبحانه دون غيره.
الشيطان: كل متمرد من الجن والإنس والدواب ولذلك جاء في القرآن شياطين الإنس والجن.
الرجيم: من الرجم وهو الرمي.
الرحمن: اسم علم يطلق على ذات الله سبحانه وحده، ويعني ذو الرحمة التي تعمُّ جميع المخلوقات والموجودات.
الرحيم: اسم عام يطلق على الخالق والمخلوق، ويعني الرحمة الخاصة التي تنال العباد الصالحين المطيعين.
الحمد: الثناء والشكر.
ربّ: السيد والمالك والمدبّر.
يوم الدين: يوم الحساب والجزاء وهو يوم القيامة.
الصراط المستقيم: الطريق السّوي ذو الاستقامة.
أنعمت عليهم: هم الأنبياء والصديقون والشهداء.
المغضوب عليهم: انتقامه تعالى منهم، وإنزال العقاب بهم كما فعل باليهود.
الضالين: الضلال في الدين، الانحراف عن الحق.

أسباب نزول البسملة
(بسم الله الرحمن الرحيم)
عن الامام الصادق (ع) قال في حديثٍ طويل يقول فيه (ع)، بعد أن حكى عن النبي(ص) ما رأى إذ عرج به، وعلّة الأذان والافتتاح: «فلما فرغ من التكبير والافتتاح قال الله عزّ وجلّ: الآن وصلت اليّ فسمِّ باسمي، فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فمن ذلك جعل (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول السورة، ثم قال: احمدني، فقال: (الحمد لله رب العالمين) وقال النبي(ص) في نفسه، شكراً، فقال الله: يا محمد: قطعت حمدي فسمّ باسمي، فمن ذلك جعل في الحمد لله (الرحمن الرحيم) مرتين، فلمّا بلغ (ولا الضّالّين) قال النبي(ص): الحمد لله رب العالمين شكراً، فقال العزيز الجبار: قطعت ذكري فسمّ، فمن ذلك جعل (بسم الله الرحمن الرحيم) بعد الحمد في استقبال السورة الأخرى»(2)
وعن الامام الصادق (ع) قال: «إذا أمّ الرجل القوم جاء شيطان الى الشيطان الذي هو قريب الامام فيقول: هل ذكر الله، يعني هل قرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» فإن قال: نعم، هرب منه، وإن قال: لا، ركب عنق الامام ودلّى رجليه في صدره، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم». (3)


(1) - مجمع البيان.
(2) - علل الشرائع: ص 315 / الباب 1.
(3) - تفسير العياشي: ج1/ ص 20 ح 7.

 


  حاجتنا لتفسير القرآن

التفسير لغة: هو الابانة والكشف.
واصطلاحاً: التفسير إزالة الخفاء عن دلالة الآية على المعنى المقصود.
وأما موضوع التفسير فهو القرآن الكريم، ومسائله فهي ما يستظهر من الآيات، وأما الغرض منه فهو الوقوف على مراده سبحانه في مجال المعارف والمغازي والقصص واستنباط الأحكام الشرعية منه.


أمور تكشف عن حاجة القرآن الى التبين هي:
1- أسباب النزول.
2- اشتمال القرآن على المعاني المجملة.
3- اشتماله على آيات متشابهة .
4- نزوله نجوماً على قلب رسول الله(ص).


وقد أشارت الأحاديث الى هذه الحاجة فعن رسول الله(ص): «القرآن يفسر بعضه بعضاً».
وفي كلام أمير المؤمنين علي (ع) ما يعرف عن كون الرسول(ص) هو المفسر الأول للقرآن الكريم يقول: «خلف فيكم (أي رسول الله(ص)) كتاب ربكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه، وفضائله وناسخه ومنسوخه، ورُخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعِبَرِه وأمثاله، ومرسلِه ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه مفسّراً مجمله، ومبيّناً غوامضه».
هذه الوجوه ونظائرها تثبت الحاجة للتفسير. (1)


(1) - مناهج التفسير: لسماحة العلامة الشيخ جعفر السبجاني.

 

 ... علوم قرآنية

  أسماء وأوصاف القرآن

هناك اختلاف واسع بين آراء الباحثين في عدد أسماء القرآن.
ويعود اختلاف الآراء في هذا المجال الى عدم التمييز بين أسماء وأوصاف القرآن من جهة، والى تباين الأفهام والأذواق في اختيار الاسماء من جهة أخرى.
نرى من المناسب أن نقسّم عناوين القرآن الى قسمين، هما: أسماؤه، وأوصافه:


أ- أسماء القرآن:
من المسلم به ان من بين عناوين القرآن هناك أربعة عناوين استخدمت كأسماء لهذا الكتاب السماوي، وهي حسب ترتيب أهميتها وكثرة استخدامها على النحو التالي:
1- القرآن: «بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ»(1)
2- الكتاب:«كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ»(2)
3- الذكر:«إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ»(3)
4- الفرقان:«تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ»(4)
وأضاف الزرقاني تسمية «التنزيل» الى الأسماء المذكورة آنفاً (5). والتسميات الثلاثة: الكتاب، الذكر، الفرقان، مشتركة بين القرآن والكتب السماوية الأخرى (6).
وتسمية «القرآن» هي التسمية الوحيدة التي جُعلت إسماً خاصاً لهذا الكتاب السماوي.


ب- أوصاف القرآن:
نتناول في هذا القسم العناوين التي استخدمت بشكل مباشر كوصف لأسماء «القرآن» و«الكتاب» و«الذكر».
1- المجيد: «ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيد»(7)
2- الكريم: «إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ»(8)
3- الحكيم: «يس (9) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ»(10)
4- العظيم: «وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ»(11)
5- العزيز: «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ»(12)
6- المبارك:«وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ»(13)
7- المبين:«تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ»(14)
8- المتشابه:«اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ»(15)
9- المثاني: «اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا»(16)
10- العربي:«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(17)
11- غير ذي عوج:«قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»(18)
12- ذو الذكر:«ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ»(19)
13- البشير:«كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا»(20)
14- النذير: كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا»(21)
15- القيم: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا»(22)


وفي الختام نشير الى إسم آخر من أسماء القرآن، وهذا الاسم لم يأت ذكره في القرآن نفسه إلا أنه غدا اشهر أسمائه بين المسلمين في أعقاب وفاة الرسول الكريم. وهذا الاسم هو المصحف، الذي أختير بسبب كتابة وتدوين القرآن، وتُطلق كلمة الصحيفة على الشيء المنبسط الواسع. ولهذا السبب تُطلق تسمية الصحيفة على الصحيفة التي يكتبون عليها. والمصحف: مجموعة من الصّفحات المكتوبة التي تقع بين دفّتين.(23)

 


(1) - البروج (85) الآية 21، جاءت هذه التسمية في 58 موضعاً بهذه الصورة، وفي 10 مواضع بصورة «قرآناً».
(2) - ص (38)، الآية 29، استخدمت هذه التسمية للقرآن في ما يقرب من 100 موضع.
(3) - يس (36)، الآية 69، استخدمت هذه التسمية للقرآن في 20 موضعاً.
(4) - الفرقان (25)، الآية 1
(5) - ر.ك مناهل العرفان، ج1، ص 15.
(6) - «وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان». البقرة (2)، الآية 53، «ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين «. الأنبياء (21)، الآية 48.
(7) - ق (50)، الآية 1، وأيضاً راجع: البروج (85)، الآية 21.
(8) - الواقعة (56)، الآية 77.
(9) - يس (36)، الآيتان 1- 2، وكذلك يونس (10)، الآية 1.
(10) - الحجر (15)، الآية 87.
(11) - فصلت (41)، الآيتان 41-42
(12) - الأنبياء (21)، الآية 50، ص (38)، الآية 29.
(13) - الحجر (15)، الآية 1.
(14) - الزمر (39) الآية 23.
(15) - الزمر (39) الآية 23.
(16) - يوسف (12)، الآية 2.
(17) - الزمر (39)، الآية 28.
(18) - الزمر (39)، الآية 28.
(19) - ص (38)، الآية 1.
(20) - فصلت (41) الآيتان 2-3.
(21) - فصلت (41) الآيتان 2-3.
(22) - الكهف (18)، الآيتان 1-2.
(23) - دروس في علوم القرآن الكريم (لحسين جوان آراسته).

 

 ... قصص قرآنية

  قصة النبي إدريس(ع)

لم يذكر (ع) في القرآن إلا في الآيتين من سورة مريم: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا}(1) وفي قوله:{وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين}(2).

 وفي الآيات ثناء منه تعالى عليه جميل، فقد عده نبيا وصديقا ومن الصابرين ومن الصالحين وأخبر أنه رفعه مكانا عليا... ويسمى (ع) بهرمس، قال القفطي في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء في ترجمة إدريس: اختلف الحكماء في مولده ومنشئه وعمن أخذ العلم قبل النبوة فقالت فرقة: ولد بمصر وسموه هرمس الهرامسة، ومولده بمنف، وقالوا: هو باليونانية إرميس وعرب بهرمس،ومعنى إرميس عطارد. وقال آخرون: اسمه باليونانية طرميس، وهو عند العبرانيين خنوخ، وعرب اخنوخ، وسماه الله عزّ وجلّ في كتابه العربي المبين إدريس. وقال هؤلاء: إن معلمه اسمه الغوثاذيمون وقيل: أغثاذيمون المصري، ولم يذكروا من كان هذا الرجل، إلا أنهم قالوا: إنه أحد الأنبياء اليونانيين والمصريين، وسموه أيضا اورين الثاني وإدريس عندهم اورين الثالث، وتفسير غوثاذيمون السعيد الجد، وقالوا: خرج هرمس من مصر وجاب الأرض كلها ثم عاد إليها ورفعه الله إليه بها، وذلك بعد اثنين وثمانين سنة من عمره.

وقالت فرقة اخرى: إن إدريس ولد ببابل ونشأ بها وأنه أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم وهو جد جد أبيه، لأن إدريس ابن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث. قال الشهرستاني: إن أغثاذيمون هو شيث. ولما كبر إدريس آتاه الله النبوة فنهى المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم وشيث، فأطاعه أقلهم وخالفه جلهم، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك، فثقل عليهم الرحيل من أوطانهم فقالوا له: وأين نجد إذا رحلنا مثل بابل؟ - وبابل بالسريانية النهر وكأنهم عنوا بذلك دجلة والفرات - فقال: إذا هاجرنا لله رزقنا غيره. فخرج وخرجوا وساروا إلى أن وافوا هذا الإقليم الذي سمي بابليون، فرأوا النيل ورأوا واديا خاليا من ساكن، فوقف إدريس على النيل وسبح الله وقال لجماعته: بابليون، واختلف في تفسيره فقيل: نهر كبير، وقيل: نهر كنهركم، وقيل: نهر مبارك، وقيل: إن «يون» في السريانية مثل أفعل التي للمبالغة في كلام العرب، وكأن معناه نهر أكبر، فسمي الإقليم عند جميع الامم بابليون، وسائر فرق الامم على ذلك إلا العرب فإنهم يسمونه إقليم مصر نسبة إلى مصر بن حام النازل به بعد الطوفان، والله أعلم بكل ذلك.

 وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الخلائق إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله عزّ وجلّ، وتكلم الناس في أيامه باثنين وسبعين لسانا، وعلمه الله عزّ وجلّ منطقهم ليعلم كل فرقة منهم بلسانها، ورسم لهم تمدين المدن، وجمع له طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية وقرر لهم قواعدها، فبنت كل فرقة من الامم مدنا في أرضها، وكانت عدة المدن التي انشئت في زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أصغرها الرها وعلمهم العلوم. وهوأول من استخرج الحكمة وعلم النجوم، فإن الله عزّ وجلّ أفهمه سر الفلك وتركيبه ونقط اجتماع الكواكب فيه وأفهمه عدد السنين والحساب، ولولا ذلك لم تصل الخواطر باستقرائها إلى ذلك. وأقام للامم سننا في كل إقليم تليق كل سنة بأهلها، وقسم الأرض أربعة أرباع، وجعل على كل ربع ملكا يسوس أمر المعمور من ذلك الربع، وتقدم إلى كل ملك بأن يلزم أهل كل ربع بشريعة.


سأذكر بعضها، وأسماء الأربعة الملوك الذين ملكوا: الأول إيلاوس وتفسيره الرحيم، والثاني اوس، والثالث سقلبيوس، والرابع اوس آمون، وقيل: إيلاوس آمون، وقيل: يسيلوخس وهو آمون الملك. انتهى موضع الحاجة. وهذه أحاديث وأنباء تنتهي إلى ماقبل التاريخ لا يعول عليها ذاك التعويل، غير أن بقاء ذكره الحي بين الفلاسفة وأهل العلم جيلا بعد جيل وتعظيمهم له واحترامهم لساحته وإنهاءهم اصول العلم إليه، يكشف عن أنه من أقدم أئمة العلم الذين ساقوا العالم الإنساني إلى ساحة التفكر الاستدلالي والإمعان في البحث عن المعارف الإلهية أو هو أولهم (ع).(3)

(1) - سورة مريم: 56- 57.
(2) - سورة الأنبياء: 85- 86.
(3) - الميزان: ج14 /ص 68، 76.

 

 ... القرآن ونهج البلاغة

  القرآن في نهج البلاغة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين.

لقد تحدث أمير المؤمنين (ع) في موضوعات متعددة سواء كانت اجتماعية أو عبادية أو جهادية أو أخلاقية أو تنظيمية أو سياسية أو غير ذلك ومن ضمن ما تحدث عنه هو القرآن الكريم، ونحن نطرح اول بحث تحت هذا العنوان لهذه المجلة فللامام كلام كثير في هذا المجال من ضمنه ما قاله في خطبة له (ع).
«وخلّف فيكم ما خَلّفَتِ الأنبياءُ في أممِها، إذ لمْ يتركوهم هملاً بغيرِ طريقٍ واضحٍ، ولا عَلَم قائِمٍ، كِتابَ ربِّكُمْ فيكم مُبَيِّناً حَلالَهُ وحرامَهُ، وفَرَائضِه وفَضائِلَهُ، وناسخَهُ ومنسوخَهُ، ورُخَصَهُ وعَزائِمَهُ، وخاصَّهُ وعامَّهُ، وعِبرَهُ وأمثالَهُ، ومُرْسَلَهُ ومحدُودَهُ، ومُحْكَمَهُ ومُتشابِهَهُ، مُفَسِّراً جُملهُ، ومبيِّناً غوامِضهُ، بَين مَأخُوذٍ ميثاقُ عِلْمِهِ، ومُوَسِّعٍ عَلى العِبادِ في جهْلِهِ، وبَينَ مُثْبَتٍ في الكِتابِ فُرْصُهُ، ومَعْلُومٍ في السُّنَّةِ نَسْخُهُ، وواجِبٍ في السُّنَّةِ أخذُهُ، ومُرَخَّصٍ في الكتابِ ترْكُهُ، وبينَ واجبٍ بوَقتِه، وزائلٍ في مُستَقْبَلِهِ، ومُبايَنٍ بينَ محارِمِه، مِنْ كبيرٍ أوْعَدَ عليه نيرانهُ، أو صغير أرصَدَ له غُفْرانَهُ، وبينَ مَقبولٍ في أدناه، ومُوسَّعٍ في أقصاه».

المعنى
(وخلف) أي الرسول(ص) (فيكم) أيها الناس (ما خلفت الأنبياء في أممها) من اثار النبوة وأعلام الرسالة لإرشادهم وسعادتهم (إذ لم يتركوهم هملاً) أي لم يترك الأنبياء أممهم مهملين (بغير طريق واضح) وهداية يوصلهم الى الحق (ولا علم قائمٍ) أي بدون منار يستنير به الناس ليعرفوا الصحيح من الفاسد، والهداية من الضلالة، من هنا نفهم معنى ما قاله رسول الله(ص): إني مخلّف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين «وضمّ بين سبّابتيه، فقام إليه جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله من عترتك؟ قال(ص): «علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين (ع) الى يوم القيامة»(1).


ثم يبين ما خلف الرسول(ص) فيقول: (كتاب ربكم فيكم) وهو القرآن الكريم (مبيناً) أي قد بينا فيه (حلاله وحرامه) أي ما أحله وما حرمه سبحانه (وفرائضه) واجباته (وفضائله) ما رغب فيه، ولعل ذلك إشارة الى الأحكام التكليفية، الحلال والحرام والواجب والمستحب والمكروه (وناسخه) وهو الذي نسخ غيره وبين إنتهاء امده (ومنسوخه) وهو الحكم الذي بين انتهاء أمده (ورخصه) وهو ما رخص فيه (وعزائمه) وهو الذي لا رخصة فيه (وخاصّه) وهو ما يخص فرداً أو طائفة أو ما أشبه (وعامّه) وهو ما يعم افراداً (وعبره) وهي ما يعتبر به الانسان من قصص الماضين وأحوالهم وما آل إليه أمرهم (وامثاله) وهو الشيء الذي يقرب المطلب الى الذهن بتطبيق الكلي على الفرد (ومرسله) وهو المطلق (ومحدوده) وهو المقيد (وحكمه) وهو الذي يعرف المراد منه لظهوره في معنى خاص نحو: «فاعلم انه لا اله إلا الله»(2)(ومتشابه) وهو الذي يتشابه المراد به، بأن يتحمل اللفظ المعنيين أو أكثر فلا يعرف أيهما يراد من اللفظ، نحو:«المص»(3).


ثم بيّن (ع) دور الرسول(ص) في تفسير وتوضيح ما أجمل فقال(ع): (مفسّراً مجمله) فقد بين رسول الله(ص) المراد بالصلاة وأوقاتها وخصوصياتها (ومبيناً غوامضه) وهي الأمور التي يصعب على الانسان فهمها (بين مأخوذ ميثاق علمه) أي قد أخذ على العباد العهد، والميثاق بأن يعلموه كالأحكام وما شبهها (وموسّع على العباد في جهله) بأن لا يلزم علمه فمن شاء تعلمه ومن شاء لم يتعلمه كالآداب. (وبين مثبت في الكتاب فرضه) أي في ظاهر القرآن الحكيم (ومعلوم في السنة) المفسرة للكتاب، الواردة عن الرسول(ص) (نسخه) فإن الرسول بيّن فضل النكاح لا وجوبه، وتسمية هذا نسخاً بالمجاز (وواجب في السنة أخذه) بأن كان ظاهر السنة وجوب الأخذ به (ومرخص في الكتاب تركه) بعكس القسم السابق (وبين واجب بوقته) كالحج الذي يجب في أشهر الحج (وزائل في مستقبله) فإذا أتت الأشهر زال الوجوب الفعلي حتى تأتي الأشهر من جديد، وهذا بخلاف الواجبات غير المقيدة كالنذور المطلقة. (ومباين بين محارمه) المحرّمات متباينة من حيث الشدة والضعف ومن حيث الكبر والصغر.


فأوضح(ع) التباين فقال: (من كبيرٍ أوعد عليه نيرانه) كقتل المؤمن متعمداً.
(أو صغيرٍ أرصد له غفرانه) وعبّر سبحانه عن ذلك بقوله:«إلا اللمم» (4)

(وبين مقبول في أدناه وموسّع في أقصاه) كالقيام الى صلاة الليل، فإن قليله مقبول والكثير منه موسّع، قال تعالى {يا ايها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}(5)
والمقصود من هذه الجمل ذكر أقسام الأحكام ـ في الجملة ـ بأنها مختلفة رُتبت حسب المصالح، فلكل حكم لون خاص، ليكون الانسان في سعة وتنوع وذلك ابعد من الضجر وأقرب الى طبيعة الانسان الميّالة نحو التغير والتطور.
بقلم الشيخ فادي الفيتروني

(1) كمال الدين وتمام النعمة /244.
(2) - محمد: 19.
(3) - الأعراف: 1.
(4) - النجم: 32.
(5) - المزمل: 1-4.

 

 ... أبحاث أخلاقية

  الأخلاق في القرآن


أهميّة الأبحاث الأخلاقيّة

تنويه:
هذا البحث يعدّ من أهم الأبحاث القرآنيّة، ويعتبر من أهمّ أهداف الأنبياء كذلك، إذ لولا الأخلاق، لما فهم الناس الدّين ولَما استقامت دنياهم: وكما قال الشّاعر:
وإنما الاُمم الأخلاق ما بَقيتْ
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذَهبوا


فلا يُعتبر الإنسان إنساناً إلاّ باخلاقه، وإلاّ سوف يصبح حيواناً ضارياً كاسراً، يحطّم ويكتسح كلّ شيء، وخصوصاً وهو يتمتّع بالذّكاء الخارق، فيثير الحروب الطّاحنة، لغرض الوصول لأهدافه الماديّة غير المشروعة، ولأجل أن يبيع سلاحه الفتّاك، يزرع بذور الفُرقة والنّفاق ويقتل الأبرياء!
نعم، يمكن أن يكون متمدّناً في الظّاهر، إلاّ أنّه لا يقوم له شيء، ولا يميّز الحلال من الحرام، ولا يفرّق بين الظّلم والعدل، ولا الظّالم والمظلوم!
بعد هذه الإشارة نعرّج على القرآن الكريم لنستوحي من آياته الكريمة التالية، تلك الحقيقة:


{هُوَ الَّذي بَعَثَ في الاُمّيينَ رَسُولا مِنْهُم يَتلُوا عَلَيْهِمْ آيـاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتـابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كـانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلال مُبين}.(1)
{لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمؤْمِنينَ اِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيـاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتـابَ وَالْحِكْمَةَ وَ إِنْ كـانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلال مُبين}.(2)
{كَمـا أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُم يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيـاتِنـا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتـابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مـا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}(3).
{رَبَّنـا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيـاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتـابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزيزُ الْحَكِيمُ}.(4)
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاهـاً * وَقَدْ خـابَ مَنْ دَسّاه}(5).
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّىً * وَذَكَرَ اسْمَ ربِّهِ فَصَلّى}(6).
{وَلَقَدْ آتَيْنـا لُقْمـانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِله}(7).


الآيات الأربع الأُول: تقرّر حقيقةً واحدةً، ألا وهي، أنّ إحدى الأهداف المهمّة، لبعثة النّبي الأكرم(ص)، هو تزكية النّفوس وتربيّة الإنسان، وبلورة الأخلاق الحسنة، في واقعه الوجداني، بحيث يمكن أن يقال: إنّ تلاوة الآيات وتعليم الكتاب والحكمة التي أشارت إليها الآية المباركة الاُولى، يعُد مقدمة لمسألة تزكية النّفوس وتربية الإنسان، والذي بدوره يشكّل الغاية الأساسيّة لعلم الأخلاق.
ولأجل ذلك يمكن تعليل تقدم كلمة: «التزكية»، على: «التعليم»، في الآيات الثلاث، من حيث إنّ «التّزكية» هي الهدف والغاية النهائيّة، وإن كان «التّعليم» من الناحية العمليّة مقدمٌ عليها.
وإن نظرنا «للآية الرابعة»: من بحثنا هذا، وتقديمها لكلمة التّعليم على التّزكية، فهي ناظرةٌ إلى المسألة من حيث الترتب العملي الطبيعي لها، بإعتبار أنّ التّعليم مقدمةٌ «للتربية والتّزكية».
ولهذا نرى أنّ الآيات الأربع الاُولى، كلّ منها تنظر إلى المسألة من منظارها الخاص.
وليس بعيداً إحتمال رأيٌ آخر، من التّفسير في الآيات المباركة الأربع، وهو أنّ الغرض، من التّقديم والتّأخير الحاصل لهذين الكلمتين: (التّربية والتعليم)، بإعتبار أنّ إحداها تؤثّر في الاُخرى، يعني كما أنّ التعليم الصّحيح يكون سبباً في الصّعود بالأخلاق، وتزكية النّفوس، تكون تزكية النفوس هي الاُخرى مؤثّرة في رفع المستوى العلمي، لأنّ الإنسان بوصوله للحقيقة العلميّة، يكون قد تطهر من «العناد» و«الكِبر» و«التّعصب الأعمى»، حيث تكون الأخيرة مانع من التّقدم العلمي، ومعها سوف يُران على قلبه على حد تعبير القرآن الكريم، ولن يرى الحقيقة كما هي في الواقع.


ويمكن الإشارة الى نكات اُخرى في الآيات الكريمة الأربعُ:
الآية الاُولى: تشير إلى أنّ بعث رسول يُعلِّم الأخلاق، هي من علامات حضور الباري تعالى في واقع الإنسان لتفعيل عناصر الخير في وجدانه، وأنَّ النقطة المعاكسة (للتربية والتعليم) هي الضّلال المبين، فهي تبين مدى إهتمام القرآن الكريم بالسلوك الأخلاقي للإنسان في حركة الحياة.
الآية الثّانية: نجد فيها أن إرسال رسول يُزكيهم ويُعلّمهم الكتاب والحكمة، هي من المنن والمواهب الإلهيّة العظيمة، التي منّ الله بها علينا، وهي دليل آخر على أهميّة الأخلاق.
الآية الثّالثة: وهي الآية التي نزلت بعد آيات تغيير القبلة، من القدس الشّريف إلى الكعبة المشرّفة، حيث عُدَّ هذا التغيير من النّعم الإلهيّة الكبرى، وأنّ هذه النعمة هي كإرسال الرسول للتعليم والتّزكية وتعليم الإنسان اُموراً لم يكن يعلمها ولن يتمكن من الوصول إليها إلاّ عن طريق الوحي الإلهي(1).
ففي جملة: (ويعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون )، إشارةً إلى أنّ الوصول إلى هذا العلم، لا يمكن الاّ بالوَحي.
الآية الرّابعة: تتحدث عن أنّ إبراهيم الخليل(ع)، وبعد إكماله لبناء الكعبة، طلب من الباري تعالى: أن يخلق من ذريّته اُمّةً مسلمةً وأن يبعث فيهم رسولا من ذريّته، ليزكّيهم في دائرة التربية الأخلاقيّة، ويعلّمهم الكتاب والحكمة.
الآية الخامسة: نجد أن القرآن الكريم، وبعد ذكر أحدَ عشرَ قَسَماً مهماً، وهي من أطول الأقسام في القرآن، - قسماً بالشّمس والقمر والنّجوم والنفس الإنسانية -، وبعد ذلك قال: (قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها).


وهذا التأكيد المتكرّر والشّديد في هذه الآيات، يدلّ على أنّ القرآن الكريم، يولي أهميّةً بالغةً لمسألة الأخلاق، وأنّ التّزكية هي الهدف الأهم للإنسان، وتكمن فيها كلّ القيم الإنسانيّة، بحيث تكون نجاة الإنسان بها.
ونفس المعنى أعلاه ورد في: «الآية السّادسة»، واللّطيف فيها أَنّ ذكر التّزكية جاء قبل الصلاة، وذكر الله تعالى، إذ لولا التّزكية وصفاء الرّوح لا يكون للصّلاة معنى، ولا لذكر الله.
وجاء في «الآية الأخيرة»، ذكر لُقمان الحكيم، حيث عبّر عن علم الأخلاق بالحكمة، فقال: (وَلَقَدْ آتَيْنـا لُقْمـانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلهِ).
وبالنّظر للآيات الشّريفة، نرى أنّ خصوصيّة: «لقمان الحكيم»، هي تربية النّفوس والأخلاق، ومنها يتّضح أنّ المقصود من الحكمة هنا، هو الحكمة العمليّة وتعاليمها المؤدّية إليها، وبعبارة اُخرى يعني: «التّعليم» لأجل «التّربية».
ويجب الإنتباه وكما ذكرنا مراراً، إلى أنّ أصل معنى «الحكمة» هو لجام الفرس، وبعدها أطلقت على كلّ شيء رادع، وباعتبار أنّ العلوم والفضائل الأخلاقيّة، تردع الإنسان عن الرّذائل فأطلقت عليها هذهِ الكلمة.


النّتيجة:
نستوحي من هذهِ الآيات، الإهتمام الكبير للقرآن الكريم بالمسائل الأخلاقيّة وتهذيب النفوس، بإعتبارها مسألةً أساسيّةً، تنشأ منها وتبتني عليها جميع الأحكام والقوانين الإسلاميّة، فهي بمثابة القاعدة الرّصينة والبناء التحتي، الذي يقوم عليه صرح الشّريعة الإسلاميّة.
نعم إنّ التّكامل الأخلاقي للفرد والمجتمع، هو أهم الأهداف التي تعتمد عليه جميع الأديان السّماوية، إذ هو أساس كلّ صلاح في المجتمع، ووسيلة رادعة لمحاربة كلّ أنواع الفساد والإنحراف، في واقع الإنسان والمجتمع البشري في حركة الحياة.


(1) - سورة الجُمعة: الآية 2.
(2) - سورة آل عمران: الآية 164.
(3) - سورة البقرة: الآية 151.
(4) - سورة البقره: الآية 129.
(5) - سورة الشّمس: الآيات 9 و10.
(6) - سورة الأعلى: الآيات 14 و15.
(7) - سورة لقمان: الآية 12.

 

 ... المرأة

  المرأة في القرآن


يقول الامام الخميني (قدس سره): «المرأة كالقرآن كلاهما أوكلت إليه مهمة صنع الرجال»


أساء المجتمع الجاهلي الى المرأة إساءة بالغة فلما انبثق فجر الاسلام وأطل على الدنيا بنوره الوضاء أسقط التقاليد الجاهلية وأعرافها البالية وأشاد للإنسانية دستوراً خالداً يلائم العقول النيرة والفطر السليمة ويواكب البشرية عبر الحياة فكان من إصلاحاته أنه صحّح قيم المرأة وأعاد إليها اعتبارها ومنحها حقوقها المادية والأدبية بأسلوب قاصد حكيم، لا إفراط فيه ولا تفريط فتبوأت المرأة المسلمة في عهده الزاهر منزلة رفيعة لم تبلغها نساء العالم.
لقد أوضح الاسلام واقع المرأة ومساواتها بالرجل في المفاهيم الانسانية، واتحادها معه في المبدأ والمعاد وحرمة الدم والعرض والمال ونيل الجزاء الأخروي على الأعمال ليُسقط المزاعم الجاهلية إزاء تخلف المرأة عن الرجل في هذه المجالات.


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}(1)
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(2)
وكان بعض الأعراب يئد البنات ويقتلهن ظلماً وعدواناً فجاء الاسلام ناعياً ومهدداً على تلك الجريمة النكراء ومنح البنت شرف الكرامة وحق الحياة {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (3).
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرً}(4).


وقضت الأعراف الجاهلية أن تسوم المرأة ألوان التحكم والافتراءات فتارة نقهرها على التزويج ممن لا ترغب فيه، أو نمنعها من الزواج وأخرى تورث كما يورث المتاع يتحكم بها الوارث كما يشاء فله أن يزوجها ويبتز مهرها أو يعضلها حتى تفتدي نفسها منه أو تموت فيرثها كُرهاً واغتصاباً وقد حررها الاسلام من ذلك الأسر الخانق والعبودية المقيتة ومنحها حرية اختيار الزوج الكفوء فلا يصح تزويجها إلا برضاها، وحرم كذلك استيراثها قسراً وإكراها:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنّ}(5).


وكانت التقاليد الجاهلية، وحتى الغربية منها الى عهد قريب تمنع المرأة حقوق الملكية كما حرمتها الجاهلية العربية حقوق الإرث لإن الإرث في عرفهم لا يستحقه إلا رجال القبيلة وحماتها المدافعون عنها بالسيف وقد اسقط الاسلام تلك التقاليد الزائفة ومنح المرأة حقوقها الملكية والإرثية وقرر نصيبها من الإرث.. أمّاً كانت أو بنتاً أو أختاً أو زوجة:
{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (6).
{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}(7)
وفرض للزوجة على زوجها حق الاعالة، ولو كانت ثرية موسرة. واستطاع الاسلام بفضل مبادئه وسمو آدابه أن يجعل المرأة المسلمة قدوة مثالية لبناء الأمم في رجاحة العقل وسمو الايمان وكرم الاخلاق ورفع منزلتها الاجتماعية حتى استطاعت ان تناقش وتحاج الحكام كما هو حال زينب (ع).


وقد سجّل التاريخ صفحات مشرقة بأمجاد المرأة المسلمة ومواقفها البطولية في نصرة الاسلام يقصّها الرواة بأسلوب رائع ممتع يستثير الاعجاب والاكبار فهذه «نسيبة المازنية» كانت تخرج مع رسول الله(ص) في غزواته وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه فقالت: يا بني، الى أين تفر عن الله وعن رسوله؟ فردته.
فحمل عليه رجل فقتله فأخذت سيف ابنها فحملت على الرجل فقتلته فقال رسول الله(ص): بارك الله عليك يا نسيبة.
وكانت تقي رسول الله(ص) بصدرها حتى اصابتها جراحات كثيرة (8).


وهذه أم وهب ابن عبد الله بن خباب الكلبي، قالت لابنها يوم عاشوراء: قم يا بني، فانصر ابن بنت رسول الله فقال: أفعل يا أماه ولا أقصّر.
فبرز وهو يقول رجزه المشهور ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة، فرجع الى أمّه وامرأته فوقف عليهما فقال: يا أماه أرضيت؟ فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين(ع).
فقالت: امرأته: بالله، لا تفجعني في نفسك.
فقالت أمه: يا بني لا تقبل قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله.
فرجع ولم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً ثم قطعت يداه وأخذت أمه عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين – حرم رسول الله(ص) – فأقبل كي يردها الى النساء فأخذت بجانب ثوبه «لن أعود أو أموت معك «فقال الحسين(ع): جزيتم من أهل بيت خيراً ارجعي الى النساء رحمك الله فانصرفت وجعل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه (9).


هذه لمحة مختصرة عن تاريخ المرأة المسلمة ومواقفها البطولية وبعض ما جاء في القرآن الكريم عنها واين من هذه العقائد والمعنويات، نساء المسلمين اليوم اللاتي يتشدق الكثيرات منهن بالتبرج ونبذ التقاليد الاسلامية ومحاكاة المرأة الغربية في تبرجها وخلاعتها فخسرن بذلك أضخم رصيد ديني وأخلاقي تملكه المرأة المسلمة وتعتز به، وغدون عاطلات من محاسن الاسلام وفضائله المثالية (10)


الحاجة صفاء حشوش
القسم التعليمي ـ منطقة بيروت


(1) - الحجرات /13.
(2) - النحل /97.
(3) - سورة التكوير /8-9.
(4) - الاسراء /31.
(5) - سورة النساء /19.
(6) - النساء / 32.
(7) - النساء /7.
(8) - عن سفينة البحار ج 2- ص 585.
(9) - نفس المهموم للشيخ عباس القمي (ره) بتصرف وتلخيص.
(10) - (المصدر) أخلاق اهل البيت – السيد مهدي الصدر.

 

 ... المرأة

  التحدث بالقرآن


ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن


يروي احدهم فيقول: انقطعت في البادية عن القافلة فوجدت امرأة، فقلت لها: من أنت؟
فقالت: {وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}(1): فسلمت عليها، فقلت: ما تصنعين ههنا؟ قالت: {وَمَن يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ} (2) فقلت: أمن الجن أنت أم من الانس؟ قالت: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ} (3).
فقلت: من أين أقبلت؟ قالت: {يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}(4). فقلت: أين تقصدين؟ قالت: {وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (5) فقلت: متى انقطعت؟ قالت: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}(6) فقلت: أتشتهين طعاما؟ فقالت: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} (7) فأطعمتها، ثم قلت: هرولي ولا تعجلي، قالت: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَ}(8) فقلت:أردفك؟ فقالت: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَ} (9) فنزلت فأركبتها، فقالت: {سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَ}(10).

فلما أدركنا القافلة قلت: ألك أحد فيها؟ قالت: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} (11){وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}(12){يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ}(13){يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ} (14) فصحت بهذه الاسماء، فإذا أنا بأربعة شباب متوجهين نحوها، فقلت: من هؤلاء منك؟ قالت: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ} (15) فلما أتوها قالت: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (16) فكافؤوني بأشياء
فقالت: {وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء} (17) فزادوا لي فسألتهم عنها فقالوا: هذه أمنا فضَّة جارية الزهراء (ع) ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن(18).


(1) - سورة الزخرف: 89.
(2) - سورة الزمر: 37.
(3) - سورة الأعراف:31.
(4) - سورة فصلت: 44.
(5) - سورة آل عمران: 97.
(6) - سورة ق: 38.
(7) - سورة الأنبياء: 8.
(8) - سورة البقرة: 286.
(9) - سورة الأنبياء: 22.
(10) - سورة الزخرف: 13.
(11) - سورة ص: 26.
(12) - سورة آل عمران: 144.
(13) - سورة مريم: 12.
(14) - سورة القصص: 30.
(15) - سورة الكهف: 46.
(16) - سورة القصص:36.
(17) - سورة البقرة: 361.
(18) - بحار الأنوار: ج43، ص87.

 

 ... تلاوة وتجويد

  آداب التلاوة والتجويد

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قال الله في محكم كتابه الشريف:
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} (0)
بما أن القرآن الكريم هو كتاب الله عزّ وجل المنزل على قلب رسوله (ص) فقد وردت الكثير من الأحاديث عن فضل القرآن وأهله، كما أن لتلاوته آداب عدة، سنأتي على ذكرها إن شاء الله تعالى.

في فضل القرآن وأهله:
عن رسول الله (ص) «نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن»(1).
وقال أمير المؤمنين (ع): «أهل القرآن أهل الله وخاصّته» (2)

في آداب تلاوة القرآن الكريم:
لتلاوة القرآن وسماعه آداب ومستحبات على المسلم أن يراعيها لينتفع بها ويبلغ بتلاوته رضى الله عزّ وجلّ أهمها:

قبل التلاوة:
استحباب الوضوء: فلا يجوز مس حروفه على غير وضوء لقوله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}(3).
وفي الحديث: «ومن قرأ على وضوء كان له بكل حرف خمس وعشرون حسنة» (4).
استقبال القبلة أثناء تلاوة القرآن.
الجلوس في مكان محترم ونظيف ويراعي في جلوسه مظهر الأدب والاحترام.
تنظيف الأفواه.
افتتاح التلاوة بالاستعاذة، لقوله تعالى: «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»(5).
تعلم القراءة الصحيحة وأحكام التجويد.

أثناء التلاوة
القراءة بأسلوب الترتيل، لقوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً}(6).
التدبر والتفكر في المعاني يساعد على الفهم وزيادة الايمان، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَ}(7).
حضور القلب والخشوع ونأخذ العبرة من هذه الآية المباركة: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ}(8).
الاصغاء والانصات لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(9).
وهناك بعض الأمور على المسلم أن يقوم بها تجاه القرآن الكريم منها:
المواظبة على القراءة باستمرار وخاصة في شهر رمضان المبارك وعدم هجرانه لقوله تعالى:
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورً}.
النظر فيه حتى ولو كان الشخص أميّاً، لأن النظر في القرآن عبادة. «أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظراً».
عدم قطع القراءة لمكالمة أحد إلا لسؤال عن تجويد أو تفسير(10).

فوائد التجويد:
التجويد لغة: التحسين، تقول: جوّدت الشيء أي حسنته.
واصطلاحاً: تلاوة القرآن بإعطاء كل حرف من حروفه حقه في مخرجه، وصفته اللازمة له من همس، وجهروشدّة ورخاوةٍ ونحوها، وإعطاء كل حرف مستحقه من المد والترقيق والتفخيم ونحوها.
الغاية من علم التجويد: صون اللسان عن اللحن والخطأ في كلام الله عزّ وجل.
أقسام اللحن: وهو خطأ يطرأ على ألألفاظ وهو قسمان:
الأول: اللحن الجلي: وهو خطأ يطرأ على الألفاظ فيبدل حرفاً مكان آخر، كإبداء (الطاء) (تاء)، أو تغيير حركة بأخرى كجعل الفتحة ضمة.
الثاني: اللحن الخفي: وهو خطأ يطرأ على الألفاظ فيخل بالحرف لا بالمعنى كقصر الممدود، وترك الغنة، وسمي خفياً لأنه لا يعرفه إلا أهل هذا الفن(11).


(0) سورة الأنفال: 2.

(1) - بحار الأنوار: ج 89/ ص 200.
(2) - ميزان الحكمة: ج8 / ص 198.
(3) - الواقعة: 79.
(4) - الفصول المهمة في أصول الأئمة: ج4/ ص 337.
(5) - سورة النحل: 98.
(6) - سورة المزمل: 4.
(7) - سورة محمد: 24.
(8) - سورة الحشر: 21
(9) - سورة الأعراف: 204.
(10) - المعلمة: رمزية ياغي.
(11) - جمعية القرآن الكريم.

 

 ... تلاوة وتجويد

  حوارات أهل القرآن


الاسم: زينب محمد الموسوي، طالبة جامعية وحافظة لكامل القرآن الكريم، وقد وفقت هذا العام لنيل جائزة سيد شهداء المقاومة الاسلامية وهي فطنة صاحبة ذاكرة قوية وذكية.
العمر: 19 سنة (النبي شيث).
العمل: طالبة جامعية.
الوضع العائلي: عزباء .


س1: ماذا تفهمين من قوله عزّ وجلّ: « واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا «؟
ج1: الاعتصام بحبل الله هو الاعتصام بالقرآن ومعرفته وحفظه والتدبر فيه والعمل بما فيه.


س2: ماذا تفهم من قول رسول الله(ص): «إن أهل القرآن(1) في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإن لهم في الله العزيز الجبّار لمكاناً علياً؟»
ج2: إنّ أهل القرآن يعني حملة القرآن والعاملين به هم في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبي والمرسلين.


س3: مروي عن أبي عبد الله(ع) أن: «الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة (2) الكرام البررة (3) هل هذا الحديث يشعرك بالمعنويات والتواضع لله سبحانه وللناس؟ ولماذا ؟»
ج3: إن الله تعالى الخالق الباريء، قد أرسل إلينا كلامه عبر كتابه يعرّفنا فيه حكمه ونظامه الذي يوصل الى رضوانه والجنة لنكون مع المطيعين وفي صف الملائكة. وعلينا بناءًا على هذا الحديث المبارك أن نتقدم أكثر لنكون من السفرة الكرام البررة .
 

س4: ماذا تقولين لطلاب الجامعات لحثهم على حفظ القرآن الكريم ؟ وبماذا تنصحيهم؟
ج4: أقول لهم أن أشرف العلوم حفظ القرآن الكريم والتمسك به فلنتوجه الى القرآن الكريم لأنه يخرجنا من الظلمات الى النور.


س 5: ما هي الكلمة التي توجهينها لسماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله حفظه الله الداعم لهذا المشروع ؟
ج5: إن تأسيس الجائزة دعماً لإحياء القرآن التي أطلقها سماحة السيد حسن نصر الله هو من أعظم وأفضل وأشرف الأعمال قاطبة لذا نوجه له الشكر والامتنان الكبيرين على هذه المبادرة الفريدة من نوعها. - اهل القرآن: هم حفظته وحملته والتالين لآياته والعاملين بما فيه.

(1) - أهل القرآن: هم  حفظته وحملته والتالين لآياته والعاملين بما فيه.
(2) - السفرة: الملائكة.
(3) - البررة: جمع بار وهو المطيع المنزّه عن النقائص.

 

 ... تلاوة وتجويد

  كلام أهل البيت (ع) في القرآن


قال امير المؤمنين (ع): البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لاهل السماء كما تضيء الكواكب لاهل الارض، والبيت الذي لا يُقْرأُ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين»(1).
عن أبي جعفر (ع) قال: « قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدر به الملوك، واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن على دائه، وأسهربه ليله، وأظمأ به نهاره، وأقام به في مساجده، وتجافى به عن فراشه فباولئك يدفع الله عز وجل البلاء، وباولئك يديل الله من الاعداء، وباولئك ينزل الله الغيث من السماء، فوالله لَهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الاحمر (2).
خطب أمير المؤمنين (ع) الناس فقال: «أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالا، فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (3) فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى». (4)

(1) - الكافي: ج2 / ص575.

(2) - الكافي: ج2 / ص591.

(3) - ضغث: أي قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس.

(4) - نهج البلاغة: الخطبة 50.

 

 

  استفتاءات قرآنية


لسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (حفظه الله)

سؤال1: أثناء حفظ القرآن الكريم، يردّد الحفّاظ الآيات الموجبة للسجدة مرّات عدة فهل يجب عليهم السجود في كل مرة ؟ وفي صورة الوجوب نرجو منكم بيان الكيفية ؟
جواب1: نعم، إذا تكرّرت القراءة يجب تكرار السجدة، أما إذا كان التكرار في الذهن فلا يجب.


سؤال2: هل تشترط الطهارة ومراعاة الاستقبال ووضع الجبهة على السجدة أثناء سجود التلاوة أم لا؟
جواب2: لا تشترط الطهارة ومراعاة الاستقبال في سجود التلاوة، لكن يجب الاحتياط وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه.


سؤال3: هل يجوز تقطيع الآيات القرآنية وأسماء الجلالة المكتوبة على لافتات وآرمات المؤسسات أو في أعالي صفحات الرسائل بشكل يؤدي الى محوها ؟ وما الحكم فيما إذا محيت قبل التقطيع بقلم الحبر أو بالقلم العريض؟
جواب3: إذا لم يكن فيه هتك فلا مانع منه.


سؤال4: في بعض الأسفار التبليغية، يقدّم القرآن كهدية لغير المسلمين. وقد ورد حرمة ذلك، في فصل النجاسات والأحكام المتعلقة بغير المسلمين، في الرسائل العملية، ما هو رأيكم الشريف في ذلك؟
جواب4: لا يجوز تسليط الكفار على المصحف الشريف للمس كتابته أو كان موجباً للهتك فيه إشكال، لكن مجرّد إعطائهم إياه بهدف المطالعة والاطلاع، لا مانع منه.


سؤال5: ما هو حكم سماع آيات السجدة من الراديو ومكبّر الصوت، وهل يجب السجود على المستمع؟
جواب5: يجب السجود ولو كانت الآيات تبثّ عبر شريط مسجّل.

 

 ... مقابلة العدد

  لقاء مع الخطاط الكبير للقرآن الكريم: عثمان طه


والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
مَنْ منا لم يقرأ اسم الخطاط الكبير عثمان طه الذي أكرمه المولى بأن خطَّ المصحف الشريف بيمنيه، وتلازم اسمه مع القرآن الكريم، فصار الملايين من المسلمين يقرؤون القرآن بخطه، وسُمِّي المصحف الذي كتبه بمصحف الحفاظ نظراً لافتتاح واختتام الصفحة بآية. ولكن الكثيرين لا يعرفون إلا القليل عن هذا الرجل الذي نذر حياته لكتابة المصحف الشريف. ولتسليط الضوء على سيرته الحافلة بالعطاءات نعرض على القراء الأعزاء وقائع اللقاء الذي جرى بينه وبين الأستاذ مهدي دغاغلة مسؤول فرقة الثقلين للتواشيح من الجمهورية الإسلامية في إيران، والحاصل على درجة ماجستير بعنوان الموازنة بين الخط الإملائي والرسم العثماني في كتابة القرآن الكريم حيث التقى الأخير الخطاط عثمان طه أثناء موسم الحج من عام 1428هـ.ق. في المدينة المنورة.
يقول السيد مهدي دغاغلة التقيت للمرة الأولى بالخطاط عثمان طه عام 1419 هـ.ق. في مطار دمشق الدولي وصافحته بشكل سريع حيث ركب سيارته ومشى. وبعد 10 سنوات كنت من ضمن بعثة الحج الرسمية لسماحة الإمام الخامنئي(دام ظله) حيث وُفِّقتُ للقاء بالخطاط عثمان طه في منزله بالمدينة المنورة برفقة أعضاء فرقة التواشيح، وعندما فتح لنا الباب شخصياً ـ رأيت أن ملامحه لم تغيرها تلك المدة فلم يزل كما هو ـ خاطبنا باللغة الفارسية بوجه مبتسم: أهلاً ومرحباً بكم. لبرهة اعتقدت أنه يعرف فقط هذه الجملة من اللغة الفارسية، لكنه أكمل: كيف حالكم؟ فقلت له: ممنونين وأنتم كيف حالكم؟ أجاب: الحمد لله، الحياة تمشي.


كل جدران غرفة الإستقبال بل ولعل كل جدران المنزل مُزيَّنة بالمخطوطات التي كتبها بخطه الأنيق وهي بمجملها آيات قرآنية وأحاديث وحكمٌ للعظماء.
يمتلك الأستاذ عثمان طه طبعاً مرحاً وفكراً لبيباً ولهجة عذبة، وكان بين الحين والآخر يغير أماكن الأفعال فقلت له بأنني أتقن اللغة العربية واللهجة السورية فتستطيع أن تخاطبنا باللغة التي ترتاح فيها أكثر، وبعد ذلك تكلمت معه باللغة العربية، فقال: الحمد لله الذي سهَّل علينا التواصل معكم، وأكمل: هل إن جميع الإيرانيين يتقنون اللغة العربية مثلك أم أن هذا يختص بقراء القرآن وفرق التواشيح، فقلت له: إن العديد من الإيرانيين يتقنون اللغة العربية، ولكن لو سمحتم قولوا لي كيف تعلمتم اللغة الفارسية؟ فأجاب: أمتلك عشقاً كبيراً لخط نستعليق الفارسي وعند التمرين على الكتابات الفارسية أرى من اللازم علي أن أفهم معاني الكلمات وإلا فإنني لا أتمتع بها أبداً.
إضافة إلى ذلك فإن الأستاذ أمير خاني هو من أصدقائي وقد تعلمت منه ومن عدد من الأصدقاء الكثير من الأمثال الفارسية. وقد تعلمت اللغة الفارسية لجمال خطها وهذا ما جذبني إليها، كما أنني ملمٌ قليلاً باللغة التركية لنفس السبب.
ثم تابع الخطاط عثمان طه قائلاً: أنا أعيش في المدينة المنورة منذ حوالي 20 سنة وأعمل في مطبعة القرآن الكريم الكبرى وعقد عملي يسمح لي أولاً بشهر واحد كإجازة سنوية وفي هذا الوقت المحدود أزور فيه وطني سوريا ألتقي خلاله أقربائي وأصدقائي، وثانياً فإن من شروط عقد العمل أن لا أزور أي بلد آخر.


منذ مدة طويلة واسمكم كان ملازماً للقرآن الكريم، فكم كان عمركم عندما بدأتم بكتابة القرآن؟
نعم، أنا أعرف أن العديد من الناس يعتقدون أن عثمان طه قد توفي منذ سنوات طويلة، وفي هذا المجال تحضرني حادثة حينما رآني أحد الأشخاص في المطار وسألني بشوق عن أحوالي، ومن ثم نادى أحد أصدقائه وقال له: أعرفك على الأستاذ عثمان طه خطاط القرآن الكريم، فقال له صديقه: لا إنك تمزح معي، عثمان طه توفي منذ 200 سنة.
نعم، لقد كتبت أول مصحف وكان لي من العمر 30 سنة ولم يكن لدي دافع سوى محبة القرآن وخدمته ولم أكن أتوقع أن يلاقي ذلك هذا الإقبال، وأن ينال هذه المرتبة. وبعد فترة استدعاني المرحوم الرئيس حافظ الأسد وكرمني وشكرني، وأنا بدوري كتبت أحد المصاحف وأهديته إياه.


وأروي لك حادثة ثانية حدثت قبل أن تطلب مني المملكة العربية السعودية المجيء إلى هنا، كنت قد كتبت أحد المصاحف، فألح علي أحد الأصدقاء بشكل كبير على أن يأخذ النسخة الأساسية من القرآن، فأخذها وبدون إذن مني قام ببيعها للمملكة العربية السعودية وتم طبعها ولم يذكر فيها إسم الخطاط ، ولما رأيت تلك النسخة حزنت كثيراً، ولكن تمت معالجة الأمر فيما بعد وصدر قرار يقضي بعدم توزيع المصاحف التي لم تكن قد وزعت بعد والتي لا تحمل إسم الخطاط.


هل اتخذتم نموذجاً خاصاً عند بدء كتابتكم للمصحف الشريف؟
نعم، لقد كتبت المصحف الشريف بالخط العثماني وفقا لأحد المصاحف المصرية القديمة التي كتبت في زمن الملك فاروق. أما كتابة آخر الآية في آخر الصفحة فقد اقتبست ذلك من أحد المصاحف التركية.


ما هي المدة التي تستغرقها كتابة النسخة الواحدة من القرآن الكريم؟
يستغرق ذلك مدة سنتين ونصف، وأنا أعتمد في التخطيط منتهى الدقة وكذلك أعمل بحيوية وشوق، ولا أستعجل أبداً في الكتابة.


وما هي الأبعاد التي تكتبون بها المصحف، وهل هي بمقدار المصحف المطبوع؟
لا طبعاً، أنا أكتب المصحف وفقاً للأبعاد التالية 70سنتم * 100 سنتم، والدليل على ذلك واضح، فعندما يكون لديك كتابة صغيرة وتكبِّرها فإنك ترى فيها الكثير من العيوب، وأما عندما تكون كبيرة وتصغرها فإن دقة العمل تزداد بشكل كبير جداً. وهنا لا أريد أن أمدح نفسي، ولكن لم يحصل بعد أن أكمل كتابة الصفحة أن استخرج أحد ما أي خطأٍ فيها ولو كان صغيراً جداً.


هل تستفيدون من قلم وورق خاص في الكتابة؟
نعم، أنا أستفيد من أفضل أنواع الورق الروسي ومن قلم معدني خاص.


في المسجد النبوي الشريف يوجد بعض النسخ من القرآن الكريم تختلف قليلاً عن خطكم المعروف والمتداول، هل أن هذا القرآن كُتِب جديداً؟
نعم، هذه النسخة من القرآن أكملتها مؤخراً ووجدت طريقها إلى الطباعة، وبنظري فإن هذه النسخة تتميز بدقة وحرفية عاليتين، وقد اختلفت عن السابقة من حيث قواعد الخط بشكل بسيط. وطبعاً بعد توزيع هذه النسخة لاقت اعتراضات طفيفة من حفاظ القرآن الكريم مبنية على أن هذا الخط قد اختلف عن الخط السابق وهذا ما أوقعهم في الأخطاء. وأنا قلت لهم أن النسخة السابقة هي لكم والنسخة الجديدة هي للحفاظ الجدد.


أنتم كتبتم القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، فهل كتبتموه بروايات غيرها؟
نعم، كتبته برواية قالون عن نافع ورواية ورش عن نافع لدول شمال أفريقيا، وأيضاً برواية الدوري لأهل السودان، وتستطيعون الحصول على هذه المصاحف من معرض البيع في مكتبة المدينة، ويوجد عندي فقط المصحف برواية حفص عن عاصم وسأقدم لكلٍ منكم هدية منه.


هل تعتقدون أن رسم الخط العثماني هو أمر توقيفي؟
أنا مخالف أن يُطبَع القرآن رسمياً وفقاً لرسم الخط الإملائي (المعاصر) وذلك بسبب أن الخط الإملائي يتغير مع مرور الزمان أو فلنقل أنه يتطور وعليه لا يمكن أن نكتب القرآن بخط متغير. أما رسم الخط العثماني، والذي كتبه أصحاب النبي (ص) في صدر الإسلام، وحتى الأخطاء الإملائية في هذا الخط يجب أن تكون ذات قيمة بالنسبة لنا والفن في ذلك أن نحافظ عليها لا أن نعمل على تغييرها. وأنا أوافق على كتابة القرآن الكريم وفقاً لرسم الخط الإملائي للمدارس وبقصد التعليم، مع أنني أحب ومنذ البداية أن يتم تعليم رسم الخط العثماني منذ البداية. طبعاً أنتم سألتم عن كلمة (التوقيف) مع وجود هذه التفاصيل فإن رأيي هو أقرب إلى التوقيف في رسم الخط العثماني.


في كتابتكم هناك وجود للحركات القصيرة (الفتحة، الكسرة، الضمة) قبل حروف المد فهل هناك ضرورة لذلك؟ مثلاً في كلمة (كِتَاب) إذا لم نضع الفتحة قبل الألف، ما الذي كان سيحدث؟ ألا يُعتبر ذلك إضافياً؟
أنا أعلم أن هذا السؤال مطروح في إيران، وأيضاً لدي علم أنه تم طبع مصحف خال من الحركات التي أشرتم إليها، ولدي نسخة منه. وأنا أعتبر أن كلامكم منطقي وصحيح، ولكن باستطاعتكم وبنظرة واحدة إلى صفحة من المصحف المطبوع بدون تلك الحركات أن تلتفتوا إلى فقدان الجمال والأبهة.


هل لديكم رقابة على التذهيب والزخرفة لهوامش الصفحات وتلوين أرضية الصفحات ودوائر الآيات و...؟
من حسن التوفيق أن كل هذا الفن الجميل أقوم به بمشورة ابني أحمد، فهو حصل على إجازة في الفنون الجميلة والتصميم وهو متقن لعمله بشكل كبير.


هل لديكم علاقات مع باقي الخطاطين المشهورين؟
نعم، فأغلب الخطاطين هم أصدقائي. ففي سنة 1973م أجريت امتحاناً عند كبير الخطاطين في تركيا الأستاذ حامد الآمدي وأعطاني شهادة بخط يده. وكذلك فإنني على معرفة بالخطاط الإيراني الأستاذ أمير خاني وأنا على علاقة به. وكذلك فإن الخطاط العراقي المشهور هاشم البغدادي هو صديقي. ولقد حدث أن كتب هاشم نسخة من القرآن وذهب بها إلى ألمانيا كي يطبعها هناك، وقد ورد في خاطره أن يطبع إسم الجلالة (الله) باللون الأحمر، ولأن الألمان لم يكن لهم اطلاع على الحركات القصيرة في اللغة العربية فقد نسخوا لفظ الجلالة كنموذج وهي كانت مفتوحة وبذلك فإن كل ألفاظ الجلالة في القرآن الذي كتبه هاشم أصبحت مفتوحة. ورجع هاشم مسروراً ومعه عدد من الصناديق التي تحوي ذلك المصحف، ولحسن الحظ فعندما رجع زارني وقدم لي هدية من المصحف الذي كتبه، وقال لي: أنت أول شخص أقدم له هذه الهدية. عندها التفت لذلك الخطأ وقلت له إذا وزعت هذا المصحف بهذا الشكل فإن أحداً لن يعتبر أن الخطأ من المطبعة وستحدث مشكلة كبيرة لك شخصياً.


هل لديكم معرفة بغير خط النسخ وخط الثلث؟
أنا أعرف جميع الخطوط كما وإنني أكتبها جميعاً، ولكنني أعتقد أن كل خطاط يكتب خطاً معيناً بشكلٍ أفضل من سائر الخطوط، وأكثر اختصاصي في خط النسخ، والخطاط أمير خاني ماهرٌ في خط النستعليق.


نحن سمعنا أنك تكتب باليد اليسرى، فها هذا صحيح؟
لا، فأنا أكتب باليد اليمنى، وأعتقد أن من يكتب باليد اليسرى لا يعرف سر القلم ولا يرى ما يكتبه بشكل جيد، وبناء عليه فإنها لن تكون بدقة اليد اليمنى. وأحد أبنائي كان في صغره يكتب بيده اليسرى فأجبرته على الكتابة بيده اليمنى والآن هو يقوم بكل أعماله باليد اليسرى ما عدا الكتابة فإنه يكتب باليد اليمنى.


هل لديك بعض الذكريات يمكن أن تذكرها لنا؟
منذ عدة سنوات عرض لي أحد الأصدقاء السوريين بعض اللوحات المخطوطة بخط يدي في المعرض الدولي للقرآن الكريم في طهران، فنقل لي مقدار محبة الشعب الإيراني لي، والعديد منهم كانوا يعتقدون أنه هو عثمان طه وكانوا يقبلونه ويتصورن معه.
ذكرى ثانية: إن اسم عثمان طه متداول بشكل واسع في السودان وهذا يعود للمصحف الذي كنت قد كتبته برواية الدوري، وبعد مدة أتى عدد من المسؤولين للقائي في المدينة المنورة فقالوا متعجبين: لماذا لون بشرتك أبيض.
يتابع السيد مهدي دغاغلة بالقول: بعد هذا الكلام تلا أحد أعضاء فرقة التواشيح السيد مقدمي تلاوة جميلة وكان التأثر بادياً على وجه الأستاذ عثمان طه ووجه ابنه أحمد، ومن ثم أدت الفرقة مقطوعة من التواشيح الجميلة في مدح أهل البيت(ع)، وبعد عدة لحظات قال الأستاذ عثمان طه: أطلب منكم أن تنشدوا مقطوعة ثانية لأن زوجتي تأثرت كثيراً بما أديتموه، ونحن أيضاً لبَّيْنا طلبه وأنشدنا مقطوعة أجمل من الأنشودة الأولى.


ومن ثم قال لي الأستاذ عثمان طه: هذه المرة الأولى التي يسألني فيها شخص إيراني أسئلة مختصة بالخط، فهل لكم علاقة بالخط؟
قلت له: نعم فإن رسالتي في الماجستير تختص بالمقارنة بين رسم الخط العثماني ورسم الخط الإملائي.


وهل كتبت هذه الرسالة باللغة العربية أو الفارسية؟
لأنني حصلت على إجازة في اللغة العربية وآدابها فإنني كتبتها بالعربية.


وهل طبعتها على كتاب؟
إلى الآن لم أطبعها، ولكن في المستقبل سأقوم بطبعها إن شاء الله.
سأكتب لك عنوان هذه الرسالة بخط يدي.
أشكركم يا أستاذ، وهذا افتخار لي.
وبعد ذلك كتب لي الأستاذ طه عنوان الكتاب بخط يده.


قلت للأستاذ: إن أحد مصادر رسالتي في الماجستير كان كتاب الدكتور محمد التونجي.
الأستاذ طه: إن الدكتور محمد التونجي هو أحد أصدقائي المقربين، وهو أحد العوامل المؤثرة في تعلمي للغة الفارسية، لأنه أنهى تعليمه في جامعة طهران، وهو كذلك رئيس كلية اللغة الفارسية في دمشق.


قلت للأستاذ: إن عنوان كتابي السابق والذي يختص بتعلُّم سلم المقامات الموسيقية العربية في تلاوة القرآن وأداء التواشيح كان قد كتبه لي الأستاذ زهير المنيني (من أهل دمشق) فهل تعرفونه.
نعم أعرفه، كان لديه خط جميل، رحمة الله عليه فقد توفي منذ 7 سنوات.


في ختام اللقاء جلب الأستاذ عثمان طه دفتره الذي كان يكتب عليه في المرحلة الإبتدائية وقال: هذا يعود للصف الرابع الإبتدائي.
ودعنا الأستاذ عثمان طه وشكرناه على استقباله لنا على أمل اللقاء مجدداً وهذا ما حدث بالفعل حيث أنه دعانا بعد عدة أيام وتناولنا طعام الغداء في منزله.

 

 ... أنشطة الجمعية

  نبذة مختصرة من تاريخ ونشاط جمعية القرآن الكريم

الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً، والصلاة والسلام على من بُعث رحمة للعالمين النبي الخاتم الأمين محمد(ص) وعلى آله الغر الميامين.
وبعد...
مع كل عام جديد تستعيد جمعية القرآن الكريم عزمها وقوتها لتنير برسالتها المباركة كل أنحاء هذا الوطن المجاهد وتتمسك بالأهداف التي من أجلها كانت... وستبقى ماضية في جهادها ونضالها لتحقق آمالها وطموحاتها المنشودة التي تتمثل بصناعة الأجيال والمجتمعات المتعطشة للحقيقة القرآنية.
من أجل ذلك عملت وتعمل على إغناء أعوامها بالبرامج والأنشطة القرآنية التي تزيدها حضوراً وتألقاً وإنتاجاً على الساحة عامة مهتدية بقول الإمام الخميني الراحل(قدس سره) «إنَّ كلَّ ما نقدمه في سبيل الله والقرآن هو فخر لنا نفتخر به لأنه طريق الحق»، ويصحّ أن نُطْلق على تاريخها بالتاريخ الذهبي لكثرة الإنتاجات والنجاحات التي حققتها على جميع الصعد بدءاً من برنامجها التعليمي إلى الأنشطة إلى مشروع حفظ القرآن إلى الإعلام والإصدارات والعلاقات والتخطيط والتأهيل الإداري والدراسات وغيرها. وهذا إن دل فإنما يدل على سهرها الدؤوب وجهدها الفاعل على مدار اربعة وعشرين عاما.
والجدير ذِكره أنَّ هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا تضافر الجهود جميعها ومشاركة المؤسسات التربوية والثقافية والجهادية والكشفية والإعلامية الموجودة داخل ساحتنا الإسلامية.
وإليكم نظرة عن البرامج والأنشطة القرآنية للجمعية:

 

الدورات التعليمية المركزية
تحضن الجمعية طلابها المتميزين في دورات المناطق لتوفر لهم مناخات وآفاقاً علمية جديدة من خلال إعداد الدورات التأهيلية المركزية التي تعمل على صقل قدراتهم وتطوير مباحثهم العلمية وتستضيف لأجلهم أهم المدرسين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولبنان ليتولَّوا التدريس والإشراف والتقييم على دوراتها المركزية التي تَمَثَّلَتْ وفق العناوين التالية:
1 - تأهيل قراء القرآن في فنون الصوت والنغم.
2 - تأهيل قارئات القرآن في فنون الصوت والنغم.
3 - تأهيل معلم حفظ القرآن.
4 - التجويد التخصصي للإخوة.
5 - التجويد التخصصي للأخوات.
6 - التفسير والمفاهيم القرآنية.

 

الدورات التعليمية في المناطق
من أهم دعائم العمل وأركانه هي الحركة الناشطة للدورات التعليمية المنتشرة على الساحة اللبنانية كافة فتجهد الجمعية على تأسيسها وإنجازها في المناطق أولاً ليحصل الطالب على المقدمات ويتعرف إلى الأساسيات والقواعد لكل نوع من أنواع الدورات وبعدها يتابع مرحلته مع الدورات التخصصية والعالية، وتلونت دوراتها في المناطق بالمجالات التالية:
1 - التجويد للمرحلة الابتدائية والمتوسطة والتخصصية والقراءات.
2 - إعداد مدرس قرآني في التجويد والحفظ والمفاهيم.
3 - التفسير والمفاهيم.
4 - فنون التلاوة في الصوت والنغم.
5 - كيفية تحكيم المسابقات القرآنية.
6 - أساليب تحفيظ القرآن الكريم

 

الدورات التخصصية في إيران
طبقاً لمنهجية دوراتها التعليمية ومن أجل تزويد المعلمين والمتخصصين بالمباحث العلمية العالية والحصول على التألق العلمي والمهني أرسلت الجمعية طاقمها التعليمي المتخصص من الإداريين والمعلمين والمربين والطلاب المميزين إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمشاركة والاستفادة من الدورات العالية التي نظمتها الجمهورية لكوادر الجمعية وهي:
التفسير والمفاهيم - تأهيل مدرس تجويد - تأهيل مدرس صوت ونغم - تأهيل حكم المسابقات - تأهيل معلم حفظ القرآن.
وقد تشرف المشاركون بزيارة الإمام علي بن موسى الرضا(ع) والحصول على معنويات عالية وبصدور مليئة بالعلم والإيمان.

 

المشاركة في المسابقات الدولية
منذ اثني وعشرين عاماً تشرفت الجمعية بالمشاركة في المسابقات القرآنية الدولية التي تنظمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر انتداب وإرسال قرائها وحفاظها ومفسريها وحكامها وأحرزت خلال سنواتها الدرجات الأولى والثانية والثالثة في فروع الحفظ والتلاوة والتفسير، ونال المشاركون شرف اللقاء بالإمام الخامنئي (قدس سره) وزادوا وجه لبنان إشراقاً وانتصاراً.

 

الحلقات القرآنية
لأن المسجد هو المكان والقاعدة الأساسية لانطلاقة التعاليم الإلهية والدعوة الإسلامية تعمد الجمعية إلى إحياء المساجد بالمجالس والحلقات القرآنية بشكل أسبوعي وعلى مدار السنة. وتعتبر الحلقات النافذة الأكبر لاجتذاب واستقطاب حضور الناس ومشاركتهم علماً أن معظم القراء والحفاظ والمجاهدين هم من بركة هذه الحلقات ومن ثمارها.

 

المسابقة السنوية
بعد 12 عاماً تستمر الجمعية بإجراء المسابقة السنوية في حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله وتفسيره مراعية بذلك مناحي التجديد والتطوير وتلوين الفئات وتوسعة دائرة المشاركة لتصل إلى 1014 مشاركا مقارنة بمراحلها الأولى التي وصلت إلى 167 مشاركاً.
وتهدف من هذا النشاط تقوية وتقييم القراء والحفظة والمفسرين وإظهار روح التنافس المحبب فيما بينهم واكتشاف مواهبهم وتقييم قدراتهم العلمية والفنية، إلى جانب تحفيزهم ماديا ومعنويا، ويتم إجراء المسابقة منذ سنوات عديدة بالاشتراك مع بلدية الغبيري ورعاية إحدى الشخصيات القيادية في حزب الله لها.

 

الأمسيات القرآنية
يعشق المؤمنون سنوياً الموسم الرمضاني القرآني الذي تحييه جمعية القرآن الكريم بالأمسيات ومحافل الأنس بالقرآن، وامتدَّ نطاق الإحياء ليشمل شهر ولادة الرسول الأكرم(ص) وأسبوع الوحدة الإسلامية والمبعث النبوي الشريف.
وتعمل الجمعية عادة على استضافة أشهر القراء والحفاظ والتواشيح من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومصر وسوريا والسعودية وغيرها.
ويتم إجراء الأمسيات وفق برنامج منظم يتضمن الفقرات التالية:
- تلاوات قرآنية
- حفظ القرآن
- فرقة التواشيح
- مسابقة قرآنية
- توزيع الهدايا للحضور
ويستفيد لبنان والعالم الإسلامي من تسجيل الأمسيات وعرضها في بعض القنوات والإذاعات الفضائية، مثل: المنار، الكوثر، القناة الايرانية، الفرات، الآفاق، الصراط، التركية، العهد، العالم وإذاعة النور والبشائر وغيرها.


 

مهرجان المودة
في أجواء عيد الغدير الأغر ومن أجل استئناس الناس بالقرآن الكريم نظمت الجمعية وبالتعاون مع المؤسسات التربوية والثقافية والكشفية والإعلامية مهرجانها السنوي «مهرجان المودة» الذي يضم ستة مجالات قرآنية هي:
الترتيل - الصوت الحسن - حفظ القرآن الكريم - فن الخط - فن الرسم - الأذان.
ولوحظت المشاركة الواسعة من الطلاب والكشفيين وعموم الشعب اللبناني بعد أن أبدوا إعجابهم وسرورهم بهذا النشاط الجديد الذي لبَّى رغباتهم وفتح آفاقاً جديدة لهم، وفي نهايته تقام الاحتفالات في المناطق وتوزع الدروع والجوائز للفائزين.

 

البرامج الإعلامية
في سياق برامجها تطل الجمعية على الساحة الإعلامية وشخصياتها المتنوعة لا سيما القرآنية، وتُغْنِي برامجها بتوفير اللقاءات والمقابلات الإعلامية لمشاهير القراء والحفاظ والتواشيح والضيوف القرآنيين لتستفيد منهم الوسائل الإعلامية والإذاعات والمحطات الفضائية في لبنان والعالم الإسلامي. وكان لهذه اللقاءات الأثر الكبير في تبليغ القرآن للمشاهدين وأهل القرآن بشكل خاص.

 

العلاقات العامة والانترنت
بهدف أن يستفيد معظم المحبين والعاشقين من برامجها وإنتاجاتها أسست الجمعية موقعا إلكترونيا:
www.qurankarim.org
ويحتوي على شبكة معلومات وعناوين متعددة ومسابقات ودوراتها التعليمية، وبإمكان أي مريد أن يحصل عليها ويستفيد منها من خلال الموقع المذكور الذي وضع خدمة للمجتمع والجاليات الإسلامية المنتشرة في أنحاء العالم.
وفي إطار سعيها لتفعيل دورها الاجتماعي والعلاقاتي تطل الجمعية على الساحة اللبنانية والإسلامية لتقوي جسورها وارتباطها وعلاقاتها فيما بينها وبين أطياف الشرائح اللبنانية، وتعمل على التعرف والتعريف بأنشطتها إلى كل الفاعليات والشخصيات والميادين الموجودة، وبما أنها جمعية خيرية لا تتوخى الربح أو التجارة فهي تفتح أبوابها أمام كل الخيرين والمساهمين في سبيل استمرار تطورها وتقوية برامجها، وتستقبل الهبات والتبرعات والأعطيات العينية والنقدية والحقوق الشرعية عبر فروعها في لبنان.

 

إصدارات الجمعية
تلبية لاحتياجات المجتمع الإسلامي تصدر الجمعية فصليا وسنويا شعاعاً من أنوار القرآن والإصدارات القرآنية والثقافية في مجالات متنوعة أهمها: تفسير السور القرآنية، المفاهيم، القرآن في نهج البلاغة، المفردات القرآنية، مناهج للدورات كافة وفي علم حفظ القرآن والتجويد والقراءات وغيرها. وتعمل على مدار السنة على إصدار كتب جديدة تحمل عناوين متعددة ومتنوعة.
كما عملت على إصدار الأقراص المدمجة والأشرطة لمشاهير القراء من العالم الإسلامي، وأصدرت حديثا CD بعنوان «نغمات السماء» الذي يُعنى بتعلم فنون التلاوة من النغم والصوت، وموضوعة جميعها على صفحة الانترنت وموقعها الالكتروني
www.qurankarim.org

 

 ... أنشطة الجمعية

  مشروع حفظ القرآن الكريم


يُعتبر حفظ القرآن الكريم أحد الركائز الأساسية لأنس المجتمع بكلام الله المجيد ويُعد أمراً مؤثراً في تعزيز التعاليم الالهية بين مختلف الفئات العمرية ويشكل سبباً رئيسياً في عبور المجتمع الاسلامي نحو الأفضل من خلال الفهم الصحيح لآيات القرآن والعمل بها ويتحقق ذلك عبر إقامة دورات تخصصية لحفظ القرآن الكريم لتنشئة حفاظ مجيدين للحفظ وأساليبه على دراية ايضاً بالمعاني والمفاهيم القرآنية، وقد قامت جمعية القرآن الكريم منذ زمن بعيد وخصوصاً منذ سنة 2004م الى الآن بمتابعة المشاريع الثلاثة والذي بلغ عدد المنتسبين للمشاريع الثلاثة 359 مشاركاً منهم من يحفظ كامل القرآن الكريم ومنهم من يحفظ عشرين جزءاً ومنهم من يحفظ عشرة أجزاء وما فوق والآن سنبدأ بإطلاق تمهيدي للمشروع الرابع الذي سيبلغ عدد المنتسبين فيه لـ 350 مشتركاً سيبدأون إن شاء الله في المدة الصيفية القادمة ليتبين خلال هذه الفترة الصيفية الطلاب المتمكنين من الإستمرار من غيرهم.


مسابقة جائزة سيد شهداء المقاومة الاسلامية الشهيد السيد عباس الموسوي (رض).
إنطلقت بتأييد وإمضاء حجة الإسلام والمسلمين سماحة السيد حسن نصرالله (حفظه الله)
فقد تميزت الجائزة في انطلاقتها الأولى والثانية بمشاركة هامة من قبل الطلاب والطالبات الجامعيين الحافظين للقرآن الكريم وقد شارك في 2010م – 2011 م أربعون حافظاً وحافظة لكامل القرآن الكريم من محتلف الجامعات اللبنانية وقد أقيم للمحتفى بهم حفل تكريم في حرم الجامعة اللبنانية وقد فاز كلاً من:


منطقة بيروت: ابراهيم حسن / مريم مغنية / جنان مرواني.
منطقة طرابلس: فواز بسام.
منطقة النبطية: سحر جعفر حرب.
منطقة صور: زهراء حسين عيسى / فاطمة كامل حمد / فاطمة عواضة.
منطقة بعلبك: زينب محمد الموسوي.
وقد قدمت هيئة الجائزة للفائزين الجوائز التالية:
قرآن كريم
درع الشهيد السيد عباس الموسوي (رض).
شهادة علمية من جمعية القرآن الكريم.
هدية نقدية بقيمة 7500000 ل.ل.

 

 


س1: ما هي أسماء القرآن الكريم؟
أ. الكتاب, القرآن.
ب. الفرقان، الذكر.
ج. كلاهما صحيح.


س2: ما هو سبب تسمية القرآن بالمصحف الشريف بعد وفاة الرسول(ص)؟
أ. ورود كلمة مصحف في القرآن .
ب. السبب جمع القرآن في مجلد واحد.
ج. كلاهما خطأ.
 

س3: ما هو عدد السور والآيات والكلمات في القرآن الكريم؟
أ. 114 سورة، 6236 آية، 77807 كلمة.
ب. 114 سورة، 5236 آية، 87807 كلمة.
ج. 114 سورة، 7236 آية، 67807 كلمة.
 

س4: ما هي أول الآيات التي نزلت من القرآن الكريم؟
أ. الآيات الخمسة الأولى من سورة براءة .
ب. الآيات الخمسة الأولى من سورة العلق .
ج. كلاهما صحيح
 

س5: ما هي اول سورة نزلت بشكل كامل وآخر سورة كذلك؟
أ. فاتحة الكتاب أول ما نزل بشكل كامل وسورة النصر آخر ما نزل كذلك.
ب. سورة الناس اول ما نزل بشكل كامل وسورة القدر آخر ما نزل كذلك.
ج. كلاهما صحيح
 

س6: ما هو عدد السور المكية والمدنية في القرآن الكريم؟
أ. 86 سورة مكية و28 سورة مدنية.
ب. 28 سورة مكية و86 سورة مدنية.
ج. كلاهما خطأ.
 

س7: كيف نزل القرآن على رسول الله(ص)؟
أ. جملة واحدة.
ب. تدريجياً.
ج. كلاهما صحيح.
 

س8: ما هو معنى الوحي اصطلاحاً؟
أ. الفهم واستيعاب أي نوع من الالقاء.
ب. رابطة معنوية تحصل للأنبياء عن طريق الاتصال بالغيب لتلقي الرسالة السماوية.
ج. الصوت والالهام والرؤيا.
 

س9: ما هي المعجزة اصطلاحاً؟
أ. الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرونة بالتحدي.
ب. الفوت والتعجيز والعجز.
ج. القصور عن فعل الشيء.
 

س10: من أدلة عدم تحريف القرآن؟
أ. آيتا الحفظ وأن القرآن لا يأتيه الباطل.
ب. حديث الثقلين وروايات الارجاع الى القرآن.
ج. كلاهما صحيح.


  تسلية وفائدة قرآنية


أفقيا:
أ. إسم لأحد الحكماء أطلق على سورة من سور القرآن.
ب. أكمل: «والله غفور............».
ج. سورة اشتهرت بعروس القرآن.
د. إلانه الحديد لمن من الأنبياء؟
هـ. سلاح العالِم إسم لإحدى السور القرآنية.
و. إسم لأغنى الناس في بني إسرائيل في زمن فرعون.
ز. أكمل: (ويوم يقول ......... فيكون ).
ح. ( ولا تقولوا ............. يقتل في سبيل الله أموات).


عامودياً:
أ. السورة الوحيدة التي نزلت بلسان العباد.
ب. إسم من أسماء القرآن الكريم.
ج. أكمل (ونريد أن ........ على الذين استضعفوا في الأرض).
د. (أولا يذكر الانسان .......... خلقناه من قبل).

 

 

 

 

 

  ملاحظة: الى القرّاء الكرام:


تحية طيبة إليكم من إدارة المجلة, ونحن نرحب بأي اقتراح من قبلكم لتطوير المجلة ويمكن لكم مراسلتنا من خلال مراكز جمعية القرآن الكريم من كافة المناطق.


عناوين جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد
الإدارة العامة: بيروت - لبنان - حارة حريك - أوتوستراد المطار - سنتر صولي ط2 هاتف: 274721 /01 - تلفاكس: 545723/ 01
بيروت - النويري: 548872/10 - النويري: 419366/10 - كيفون: 851072/50
الجنوب : النبطيــة: 947467/70 - مشغــرة - القطراني: 519156/80 - الغسانية: 404859/07
صور - شحـور: 071576/30 - جويـا: 553114/70 ـ الشعيتية - بنت جبيل: 292943/70
بـعـلبـك - ـ قصرنبا: 687373/80 ـ النبي شيت: 310533/80 - شمسطار: 687373/80
الهرمــل - العين - القصر: 532002/80

www.qurankarim.org         E-mail: info@qurankarim.org 
 

13-02-2013 | 09-33 د | 12159 قراءة


الصفحة الرئيسة
جمعية القرآن الكريم
المكتبة الصوتية والمرئية
معرض الصور
مكتبة الكتب
سؤال وجواب
صفحة البحــــث
القائمة البريـدية
سجـــــــل الزوار
خدمــــــــة RSS
تواصل معنا
 
فلاشات إخبارية
جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد - لبنان

2749917 زيارة منذ 18- تموز- 2008

آخر تحديث: 2023-12-07 الساعة: 12:56 بتوقيت بيروت