الوقف في القرآن الكريم
يعتبر الوقف والابتداء من أهم أبواب علم التجويد التي ينبغي لقارىء القرآن أن يهتم بها ويتعرف إليها ولهذا كانت معرفة الوقف شطر تعريف الترتيل عند أمير المؤمنين علي (ع) عندما سئل عن قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، فقال (ع): «الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف».
فهو - أي الوقف - حلية التلاوة وزينة القارىء، وبلاغ التالي، وفهم المستمع، وفخر العالم وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين والحُكميْن المتغايرين.
تعريف الوقف: لغة هو: الكف والحبس، يقال: أوقفت الدابة أي حبستها.
وفي اصطلاح القرَّاء: قطع الصوت عن كلمة قرآنية زمناً ما يتنفس فيه القارىء عادة بنية استئناف القراءة لا الإعراض عنها. ويأتي عند رؤوس الآيات وأواسطها. ولا بد معه من النفس.
إذن، فالوقف والابتداء هما عِلمان يعرف بهما محال الوقف ومحال الابتداء، وما يصحّ منهما وما لا يصح.
فائدتهما: صَوْن النص القرآني من أن تنسب فيه كلمة الى غير جملتها.
أقسام الوقف العامة:
1- الوقف الاضطراري: وهو ما يعرض للقارىء بسبب ضيق نفس ونحوه كعجز أو نسيان، فله أن يقف مضطراً على أي كلمة شاء، ولكن يجب عليه أن يختار الابتداء الصحيح من خلال الكلمة الموقوف عليها أو قبلها.
2- الوقف الانتظاري: وهو أن يقف القارىء على كلمة قرآنية ليعطف عليها غيرها عند جمعه لاختلاف الروايات.
3- الوقف الاختياري: هو الذي يتعلق بكتابة الرسم القرآني كالمقطوع والموصول والثابت والمحذوف والتاءات القصيرة والطويلة، ولا يوقف عليه إلا لحاجة، كسؤال ممتحن أو تعليم قارىء. كيف نقف على الرسم إذا اضطر لذلك.
4- الوقف الاختباري: هو أن يقصد لذاته من دون عروض سبب من الأسباب الثلاثة المتقدمة. وهذا النوع من الوقف وهو المقصود بيانه. وهو على قسمين: جائز وغير جائز، والجائز على ثلاثة أنواع:
1- الوقف التام – 2- الوقف الكافي – 3 – الوقف الحسن وغير الجائز نوع واحد، وهو الوقف القبيح أو الممنوع.
تعريف أنواع الوقف الاختياري:
1- الوقف التام: وهو الوقف على كلمة قرآنية ليس بينها وبين ما بعدها تعلق لفظي ومعنوي. والمقصود باللفظي لجهة الإعراب، والمعنوي لجهة المعنى والتفسير، وأغلب ما يوجد هذا النوع في رؤوس الآيات، وعند انقضاء القصص:
حكمه: أولوية الوقف عليه والابتداء بما بعده لأنه أرقى أنواع الوقف.
من علامات الوقف التام:
أ - أن يكون آخر قصة: نحو الوقف على كلمة: ﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ من قوله: ﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ والبدء بقوله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ ... ﴾ (1) .
ب – الابتداء بما بعده بالنهي، نحو الوقف على كلمة: ﴿ الثَّوَابِ ﴾ من قوله: ﴿ وَالله عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ والبدء ب﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ﴾ (2) .
ج – الابتداء بما بعده بياء النداء، نحو الوقف على ﴿ عَلِيمًا ﴾ من قوله: ﴿ وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ والبدء بـ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ (3) .
د – الفصل بين آية عذاب وآية رحمة، نحو الوقف على: ﴿ لِلْكَافِرِينَ ﴾ من قوله: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ والبدء بقوله: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ (4) . إلى غيرها من العلامات التي لا يسع المجال والمقام من ذكرها جميعها.
2- الوقف الكافي: هو الوقف على كلمة قرآنية بينها وبين ما بعدها تعلق معنوي لا لفظي.
حكمه: يصح الوقف عليه والابتداء بما بعده.
من علامات الوقف الكافي:
أ- أن يكون ما بعده مبتدأ، نحو الوقف على كلمة: ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾ من قوله: ﴿ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ والبدء بقوله: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ﴾ (5) .
ب – أن يكون ما بعده إنْ أو إنَّ المكسورة. نحو الوقف على كلمة: ﴿ مِنَّا ﴾ من قوله: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ﴾ والبدء بـ ﴿ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ (6) .
ج- أن يكون ما بعده حرف ﴿ بَلْ ﴾ نحو الوقف على كلمة: ﴿ غُلْفٌ ﴾ من قوله: ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ والبدء بقوله: ﴿ بَل لَّعَنَهُمُ اللهُ ﴾ (7) . وغيرها من العلامات.
3- الوقف الحسن: هو الوقف على كلمة قرآنية بينها وبين ما بعدها تعلق لفظي ومعنوي إلا أن الوقف عليها يعطي معنى صحيحاً ومقبولاً.
حكمه: يصح الوقف عليه ولا يصح البدء بما بعده لشدة تعلقه بما بعده به إلا إذا كان رأس آية.
كالوقف على: ﴿ الْحَمْدُ لله ﴾ من قوله: ﴿ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ وعلى ﴿ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ وما يماثله لأن المراد من ذلك يفهم لكن البدء بـ ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ و﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ ﴾ و ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ﴾ لا يحسن لتعلقه لفظاً فإنه تابع لما قبله إلا ما كان رأس آية.
4- الوقف القبيح: هو الوقف على كلمة قرآنية بينها وبين ما بعدها تعلق معنوي ولفظي إلا أن الوقف عليها يعطي معنى ناقصاً أو فاسداً أو مرفوضاً.
كالوقف على: ﴿ يَعْلَمُهَ ﴾ من قوله: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ (8) .
والوقف على: ﴿ تَأْكُلُواْ ﴾ من قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ﴾ (9) .
وهكذا الوقف على كل كلام لا يُفهم له معنى.
كالوقف على: ﴿ الْحَمْدُ ﴾ و: ﴿ اهْدِنَا ﴾ في سورة الفاتحة - وغيرها من الوقوف.
هذه خلاصة في بيان الوقف والابتداء وإذا أراد القارىء التوسع ومعرفة مدارك هذا العلم فعليه أن يرجع إلى كتب الوقف والابتداء المطوّلة أمثال كتاب «المكتفى في الوقف والابتداء لأبي عمرو الداني» و«منار الهدى في الوقف والابتداء «للشيخ الأشموني». و«معالم الاهتداء في الوقف والابتداء» للشيخ الحصري والله يرشدك، ولكن في مجمل القول، فإننا ننصح القراء الأعزاء أن يستفيدوا من علامات الوقف الموجودة في المصحف الشريف التي وضعها علماء ضبط المصاحف برموز معينة، فيمكن للقارىء أن يقف على الرموز التالية «صلى» «قلى» «ج»، ويبدأ بما بعدها لجواز الوقف عليها ويلزم الوقوف على رمز «م» أما رمز حرف «لا» فهو لعدم جواز الوقف عليها.
وقد شرح العلماء هذه الرموز في نهاية المصاحف بعد دعاء ختم القرآن (10) .
(1) - سورة النمل، الآيتان: 44 - 45.
(2) - سورة آل عمران، الآيتان: 195 - 196.
(3) - سورة الأحزاب، الآيتان: 40 - 41.
(4) - سورة البقرة، الآيتان: 24 - 25.
(5) - سورة البقرة، الآيتان: 85 - 86.
(6) - سورة البقرة، الآية: 127.
(7) - سورة البقرة، الآية: 88.
(8) - سورة الانعام، الآية: 59.
(9) - سورة النساء، الآية: 29.
(10) - الأستاذ الحاج عادل خليل مدير القسم التعليمي المركزي في جمعية القرآن الكريم.
أهمية حفظ القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿ بَلْ هُوآيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ (1) .
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين.
يعتبر حفظ القرآن الكريم أحد الركائز الأساسية لأنس المجتمع بكلام الله المجيد، ويُعد أمراً مؤثراً في تعزيز التعاليم الالهية بين مختلف الفئات العمرية ويشكّل سبباً رئيسياً في تغيير المجتمع الاسلامي نحو الأفضل من خلال الفهم الصحيح لآيات القرآن والعمل بها وبتحقق ذلك عبر إقامة دورات تخصصية لحفظ القرآن الكريم لتنشئة حفّاظ جيدين للحفظ وأساليبه وعلى دراية بالمعاني والمفاهيم والايضاحات التفسيرية للقرآن الكريم، ومن أهمية حفظ القرآن الكريم هناك آيات وروايات عن النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار (عليهم السلام) وآراء العلماء للحث على حفظه وهي كما يلي:
الآيات:
1- يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ (2) أي سهلناه للحفظ والتلاوة وليس في كتب الله المنزلة كتاب يقرأ ويحفظ كالقرآن الكريم.
2- وقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحِكْمَةِ إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ (3) وهذا دليل على أن تبقى الآيات الالهية في أذهانهن وأن يعملن بموجب هذه الآيات.
أما الأحاديث كثيرة نذكر بعضاً منها للاستفادة:
عن الرسول الأكرم (ص): «من استظهر القرآن وحفظه وأحل حلاله، وحرم حرامه أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجب له النار» (4) .
وعن النبي الأكرم (ص) قال: «تعلموا القرآن, فانَّ مثَلَ حامل القرآن,كمثل رجل حمل جراباً مملؤاً مسكاً, إن فتحه فتح طيباً, وإن أوعاه أوعاه طيباً» (5) .
وقال أيضاً: «حملة القرآن المخصوصون برحمة الله, الملبسون نورالله, المعلمون كلام الله, المقربون عندالله, من والاهم فقد والى الله, ومن عاداهم فقد عادى الله, يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا,وعن قارئه بلوى الاخرة والذي نفس محمد بيده لسامع آية من كتاب الله وهو معتقد (الى ان قال): اعظم اجرا من ثبيرذهبا يتصدق به, ولقارئ آية من كتاب الله معتقداافضل مما دون العرش الى اسفل التخوم» (6) .
أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تشرح به صدري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تستعمل به بدني فانه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (7) .
(1) - سورة العنكبوت، الآية: 49.
(2) - سورة القمر، الآية: 17.
(3) - سورة الأحزاب، الآية: 34.
(4) - بحار الأنوار: ج89، ص19.
(5) - درر اللالىء: 1834.
(6) - سنن النبي الأكرم (ص): ج3.
(7) - الأستاذ الحاج حسين حمدان مدير قسم الحفظ المركزي في جمعية القرآن الكريم
أشهر القراء المبدعين
محمد حسين سعيديان (من الجمهورية الإسلامية الإيرانية)
الدكتور محمد حسين سعيديان من القراء المعتمدين في الجمهورية الإسلامية في إيران. ولد في طهران سنة 1344 هـ. ش. الموافق 1965 ميلادي، وبدأ نشاطاته القرآنية في مدرسة علوي منذ سنة 1352 هـ. ش.1973م، حيث كان في سن الثامنة من عمره.
إضافة إلى دراسته الحوزوية ووصوله إلى مرحلة بحث الخارج في علم الفقه، فقد أكمل دراسته الجامعية في مرحلة الدكتوراه في فرع علوم القرآن والحديث.
تتلمذ القارئ سعيديان في علم القراءة والتجويد على يد السيد بيوك أصل محمدي والأستاذ مولائي، كما إن قارئنا العزيز كان من المجاهدين والمقاتلين في مواجهة الحرب المفروضة على إيران ونال وسام الجرحى فيها.
بعض من الإنجازات والتوفيقات القرآنية للقارئ سعيديان:
- نال مرتبة خادم القرآن الكريم لسنة 1382 هـ.ش الموافق لعام 2003م.
- نال المرتبة الأولى في المسابقة القرآنية الدولية لسنة 1366 هـ. ش الموافق 1987م.
- حكّم في المسابقات القرآنية الدولية والمحلية.
- سافر إلى عدد من الدول للقراءة والتبليغ وفي مقدمتها لبنان.
- له تسجيل تلاوة مجودة كاملة للقرآن الكريم.
- وله تسجيل تلاوة مرتلة كاملة للقرآن الكريم.
- تسجيل الأذان.
|