القارئ سامح يحيى الشرقاوي
من جمهورية مصر العربية، باحث بجامعة الأزهر، جاء إلى لبنان بدعوة من جمعية القرآن الكريم للمشاركة بالأمسيات القرآنيَّة وقد اجرينا معه هذه المقابلة:
س 1 ـ ما هو الباعث أو المشجّع الأساسيّ لانضمامك إلى مسيرة القرآن المباركة؟
يرجع الفضل في هذا الى اصرار والدي «رحمه الله»على الحاقي بالأزهر الشريف، هذا بالاضافة الى روابط أسريّة حيث أن «جدي»من عظماء الأزهر الشريف بالاضافة الى وجود أخي فضيلة القارىءالشيخ «محمد يحيى الشرقاوي».
س 2 ـ ما هي التّخصّصات الّتي حصلت عليها خلال رحلتك مع القرآن الكريم؟
لقد حصلت على اللسانس في اللغة العربية جامعة الأزهر كما انني متعب بتمهيدي ماجستير ثم اصول اللغة وهو المتعلق بالقراءات القرآنية ولهجات العرب «وهذا هو موضوع بحثي، كما أنني عيّنت قارءاً بوزارة الأوقاف المصرية.
س 3 ـ ما هي أهمّ النّشاطات القرآنيّة الّتي تقوم بها خلال الأسبوع؟
أحمد الله تعالى حيث انني أحرص على ملازمة كتاب الله تعالى بالقراءة او التدبر أو المدارسة، حيث ان دراستي تتعلق بكتاب الله وأحكامه، كما أنني ملتزم بقراءة يوم الجمعة في أحد المساجد المصرية.
س 4 ـ ما هو مقدار حفظكم للقرآن الكريم؟
أحمد الله عزَّ وجل حيث أنعم علينا بحفظ القرآن الكريم كاملاً، هذا بالاضافة الى تخصصي الجامعي.
س 5 ـ برأيك ما هي مواصفات الحافظ النّموذجيّ؟
اولاً: الحافظ لكتاب الله تعالى لا بد وان يتخلق بأخلاق القرآن حتى يكون مثلاً يحتذى به في المجتمع كما أنه يجب على الحافظ للقرآن الكريم أن يتعهد القرآن بالحفظ والمراجعة والتلاوة لأنه أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ويكفيه شرفاً وفضلاً أنه مع السفرة الكرام البررة.
س 6 ـ ما هو دور المسابقات القرآنيّة في إيجاد روح التّنافس لدى الشّباب في تلاوة القرآن؟
للمسابقات القرآنية دور عظيم في إذكاء روح التنافس بين محبي القرآن الكريم حيث يأمل الجميع في تحقيق الغلبة والظفر وهو تنافس محمود خاصة أنه في مجال القرآن لأنه ما معنى أن يمتلك الإنسان المال وليس في قلبه شيء من القرآن يقول الشاعر:
وما يغنيك تشييد المباني
اذا بالجهل نفسك قد هدمت.
س 7 ـ برأيك ما هي الأمور الّتي يجب أن يتبّعها القرّاء للوصول إلى القمّة في التّلاوة؟
حتى يصل قارىء القرآن إلى القمة في تلاوته عليه أن يلتزم بأحكام القرآن وآدابه وألاّ يفرط باستعمال المقامات الموسيقية حتى لا تخرج عن سياق القرآن، وأن يستحضر قلبه وروحه عند التلاوة لأن ما خرج من القلب وصل الى القلب.
س 8 ـ من هو القارئ المفضّل لديك والّذي تستمتع باستماع أو تقليد تلاوته؟ ولماذا؟
قبل أن اذكر القارىء المفضل عندي أحب أن أشير أن قرّاء القرآن جميعهم يقطفون من بستان واحد ولكل قارىء أدائه الخاص ونهجه المميز إلاّ أني أحب الشيخ «محمد رفعت، محمد الليثى، محمد الشرقاوي» لاحساسهم المتميز وقوتهم في الأداء.
س 9 ـ برأيك ما هي المميّزات الّتي يجب أن يتحلّى بها معلّم أو مدرّس القرآن؟
معلم القرآن الكريم لا بد وأن يتحلى بحسن الخلق حتى تعظم صورته عند غيره، وخاصة وهو معنيّ بكتاب الله الذي يدعوا الى الحسن ومكارم الأخلاق، وأن يترفع عن الرذائل التي تحط من قدره وهيبته وهنا يقول الشاعر: يا أيها العالم المرضى سيرته * أبشر فأنت بغير الماء ريّان.
س 10 ـ ما هي الأساليب التي يجب إتّباعها مع الأطفال لتنشئتهم تنشئة قرآنيّة؟
الأطفال في هذه السن المبكرة لهم طبيعتهم الخاصة ولذا يجب مسايرة هذه الطبيعة ويكون ذلك بتشجيعهم مادياً ومعنوياً وهو ما يعرف بأسلوب الترغيب كأن تقول للطفل إن حفظت جزءاً من القرآن تكون لك مكافأة عظيمة دون تسميتها حتى يكون الطفل مهتماً باتمام الحفظ حتى يحصل على ما وعدت ثم تتعهد بالمراجعة.
س 11 ـ كيف يساعد التّدبّر في القرآن الكريم على تزكية النّفس الإنسانيّة؟
القرآن الكريم جاء أساساً لتطهير النفس الانسانية حيث قال تعالى «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين «كما حثنا الله تعالى على التدبر في التفكر في كتاب الله فقال تعالى «أفلا يتدبرون القرآن «بلى وذم الله تعالى الذين يقرؤون القرآن ولم يتفكروا فيه قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ وقال الامام جعفر رضي الله عنه: «عجبت لمن يقرأ القرآن ولم يعلم تأويله. كيف يتلذذ بتلاوته؟!» ولذا يجب علينا التدبر والتفكر في كتاب الله تعالى.
س 12 ـ ما هي الآية القرآنيّة الشّريفة الّتي كان لها تأثير عليك واستفدت منها عمليًّا في حياتك؟
تلك الآية هي قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً ﴾ حيث ايقنت كل الايقان بأن الدار الآخرة أعدها الله تعالى لعباده المتواضعين الذين لا يترفعون على خلق الله ولا يفسدون في الأرض ولذا يقول الشاعر: أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الانسان إحسان.
س 13 ـ ماذا تفهم من قوله سبحانه: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ﴾ ؟
أي أن الله تعالى أخبر بني اسرائيل في التوراة أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ويطغون ويفجرون على الناس بل وعلى الأنبياء فإذا جاء وقت أولى الإفسادتين سلط الله عليهم جنداً من خلقه أولى قوَّة وسلطة فيهلكون أرضهم وبيوتهم وحكم الله لا يقبل النقض.
س 14 ـ من خلال عملكم القرآنيّ وتجربتكم كيف نفهم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»؟
أي أن خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن الكريم لا في غيره وأنه خير الكلام كلام الله وخير الناس بعد الأنبياء من اشتغل بكتاب الله لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلو بعدي ابداً كتاب الله وعترتي وقال الناظم في كتاب الله: «وخير كتاب لا يمل حديثه * وترداده يزداد فيه تجملاً».
س 15 ـ ما هي الإرشادات لمجاميع القرّاء والمسابقات القرآنيّة الدّوليّة والمحلّيّة؟
يجب على قارىء القرآن أن يتخلق بأخلاق القرآن ويتأدب بآدابه حتى يكون صورة مشرّفة لغيره في المجتمع كما يجب عليه الالتزام بأحكام القرآن والحرص على تطبيقها من مد وادغام ووقف وابتداء. أما بالمسابقات القرآنية فيجب فيها الحرص على مكافأة الحفاظ والقرَّاء لأن هذا يفتح مجالاً للتنافس في حفظ الله وإتقانه.
س 16 ـ تزورون لبنان بدعوة من جمعيّة القرآن الكريم للمشاركة في الأمسيات القرآنيّة، فحبّذا لو تحدّثنا عن تقييمك لآثار هذه الأمسيات لدى الشّباب والمجتمع الّذي يواجه العدوّ الصّهيونيّ وكيانه؟
لقد وجدت في هذا البلد الشقيقة عناية غير مسبوقة بالقرآن الكريم وقرائه وحفاظه حيث يهتمون بقارىء القرآن وحافظه اهتماماً بالغاً، إضافة إلى أنهم يعدون جيلاً جيداً من القرَّاء والحفاظ في هذا البلد العريق ضف على هذا ما وجدته في قلوب شبابهم وشيوخهم وأطفالهم من بغض للعدو الصهيوني وحب للشهادة في سبيل الله.
س 17 ـ ما هو تأثير القرآن الكريم على العلاقات بين الدّول الإسلاميّة؟ وما هو رأيك بالنّشاطات القرآنية في لبنان ومدى انعكاسها على المستوى الدّولي ؟
للقرآن الكريم دور رائد في توثيق العلاقات بين الدول الاسلامية حيث تجتمع على مائدته أجناس البشر من عرب وعجم ومشرق ومغرب ولذا يقول الشاعر: وإن كتاب الله أوثق شافع * وأغنى غناءاً واهباً متفضلاً، وتقوم جمعية القرآن الكريم في لبنان بدور عظيم في توثيق تلك العلاقات حيث التقيت شخصياً بقرَّاء وحفَّاظ للقرآن الكريم من «العراق وإيران ولبنان ومصر» وهذا له تأثير عظيم في جمع الشمل في المجتمع الإسلامي.
س 18 ـ ما هو دور وسائل الإعلام في العالم الإسلاميّ لتغطية ونشر النّشاطات والثّقافة القرآنيّة؟
للإعلام دور رائد في تغطية ونشر النشاطات والثقافة القرآنية حيث يعكس هذا صورة الاسلام أمام العالم، كما أنه يساهم في إبراز الصورة الحقيقية والتشريعات التي جاء بها هذا الدين الحنيف كما أن النشاطات الثقافية القرآنية لا تقل قيمة عن المباريات الرياضية وغيرها بل لا تقارن بها في الأصل.
س 19 ـ كيف يمكن للبرامج القرآنية أن تساعد على تقديم الصّورة الحقيقيّة للإسلام أمام العالم؟
يمكن للبرامج القرآنية أن تبرز صورة الاسلام الحقيقية امام العالم، وذلك إذا كان هذا هو هدفها الأساس بأن تستضيف العلماء الأعلام المشهور بوسطيتهم البعيدين عن العصبية المذهبية لأن هناك وللأسف بعض البرامج الدينية التي صارت مجالاً خصباً لنشر الفتنة مما أساء صورة الإسلام أمام العالم.
س 20 ـ كيف نستفيد من البرامج القرآنيّة لتقوية الوحدة الإسلاميّة بين المسلمين؟
نستفيد من هذه البرامج اذا كان هو منها الاساس هو تقوية الوحدة بين المسلمين، ولذلك يجب علينا أن نتخذ تلك البرامج التي تتمتع بالمصداقية والأمانة قال الشاعر:
اخذ قرينك واصطفيه تفاخراً * إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً * إن الكذوب شين جراً يصحب.
س 21 ـ ما هو واجب ودور النّاشطين القرآنيّين في مواجهة ظاهرة الإرهاب في العالم الإسلاميّ؟
الارهاب ظاهرة سيئة أصابت العالم الاسلامي، ولقد حاربها الله ورسوله قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ... ﴾ وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «من روع مؤمنا لم يؤمن الله روعته يوم القيامة، ومن سعى بمؤمن أقامه الله مقام ذل وخزي يوم القيامة» فإذا كان الله ورسوله حاربا الارهاب فيجب على كل مسلم اتباع الله ورسوله.
س 22 ـ ما هي نصيحتكم لحفّاظ وقرّاء القرآن الكريم ولمن لديه رغبة في حفظه وتلاوته؟
أولاً: لا بد وأن يخلصوا النية لله تعالى، وأن يتخلقوا بأخلاق القرآن الكريم، حتى لا يصدق فيهم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «رب حامل للقرآن والقرآن يلعنه» .ثانيا: لا بد من مراجعة القرآن الكريم لأنه أشد تفلتاً من الإبل في عقالها، ثالثاً: لا بد من تدبره قال الامام جعفر رض الله عنه «عجبت لمن يقرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يتلذذ بتلاوته».
س 23 ـ نطلب منكم نصيحة للشّباب والمجتمع في لبنان ليصبحوا مجتمعًا عاملاً بالقرآن؟
اولاً لا بد وان يلتزموا بكتاب الله وتقواه لقوله تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾ .
ولقول الشاعر:
من يتق الله يحمد في عواقبه * ويكفه شر من عزّوا ومن هانوا
ثانياً: الاعتصام بحبل الله تعالى والتمسك بسنة رسول الله واتباع آله الطاهرين، ونبذ مظاهر الخلاف والتطرف لقوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ ﴾ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي آل بيتي» ولقول الشاعر:
واشدد يديك بحبل الله معتصماً * فإنه الركن إن خانتك أركان (1) .
(1) - أجرى الّلقاء مدير قسم العلاقات العامة الحاج عباس عساف.
|