أحبّائي ...
شهر واحدٌ من كلّ عام يصوم فيه المسلمون على وجه الأرض في كلّ مكانٍ، يطيعون أمر الله تعالى الّذي ساوى في هذه الفريضة بين جميع عباده، فقراء وأغنياء.
فهل يقتصر صوم المسلمين على الكفّ عن الطّعام والشّراب خلال نهارات شهر رمضان المبارك؟
قالَ أمير المؤمنين (عليه السّلام): " صومُ القلبِ خيرٌ من صومِ اللّسان، وصوم اللّسانِ خيرٌ من صيامِ البطن".
فما المقصود بذلك؟
للإنسان جوارح وأعضاء في جسده، يمكن من خلال تحكّمه بهذه الأعضاء أن ينال الحسنات، ويطيع الله تعالى في ما أمر، كما يمكن له أن يطيع الوسواس الخنّاس، ويكسب الآثام والسّيّئات.
من هذه الأعضاء، القلب. فما معنى صوم القلب؟
صوم القلب:
عندما يصوم المرء بحواسّه الخمس، كأن يصوم بسمعه عن سماع الغيبة واللّغو والمحرّمات، ويصوم بنظره عن النّظر إلى المحرّمات، فيغضّ بصره، ويصوم بيده عن السّرقة أو الاعتداء على المسلم وممتلكاته، فهذا معناه أنّ المرء نجح في السّيطرة على جوارحه، وقادها إلى طريق الفضيلة والأخلاق، وهذا هو الهدف الأسمى للصّيام.
صوم القلب:
اللّسان هو أخطر أعضاء جسد الإنسان، لأنّ الإنسان يحتاج إلى صبر وإرادة كي يسيطر عليه، ويمنع نفسه من الوقوع في شرّ عاداته: كالقول الفاحش والكذب والغيبة والبهتان وشهادة الزّور وقول ما لا يرضي الله تعالى، فإذا نجح المرء في ضبط لسانه، ومنعه عن الخطأ والإثم، كان ذلك عند الله تعالى أفضل من صيام البطن.
صوم البطن:
وهو الإمساك عن الطّعام والشّراب، وذلك طاعةً لله تعالى، ورغبة في نيل رضاه ومثوبته، وهو تدريب رائع على الصّبر وقوّة التّحمّل ومواجهة ظروف الحياةِ، بجلدٍ، وفيه الكثير من الأجر والثّواب.
وكما نرى فإنّ علينا أن نقرن صوم أبداننا بصوم ألسنتنا وجوارحنا وقلوبنا، كي ننال رضا الله تعالى، ونكسب من شهر الصّوم التّربية الّتي نحتاج أن نلتزم بها في بقيّة أيّام السّنة لنكون جديرين بنور إسلامنا، والحمد لله ربّ العالمين.
|