أصدقائي:
تحملُ لكم الأيّام القادمةُ البشرى بشهر الصّومِ المبارك، وأنتم تفهمون معانيه الجميلةَ، وتعرفونَ أنّ الصّيامَ الحقيقيّ لا يتحقّق إلاّ بصيامِ الجوارحِ، وأوّلها السّمع والبصر، وبتدريبِ الإنسانِ نفسهِ على الصّبرِ والتّحمّل، وتأديب نفسهِ، ذلكَ التّأديب الّذي يسمو بالأخلاقِ، فكأنّ الصّائمَ بعد انصرامِ الشّهر قد وُلدَ ولادةً جديدةً.
إنّ الصّيامَ أيّها الأحبّاء يحتاجُ منّا إلى جهدٍ في تدريبِ أنفسِنا على الكثيرِ من العاداتِ الجديدةِ، لكنّه كذلك يحتاج منّا إلى أن ندرّب أنفسنا على الصّيامِ المادّيّ عن المفطراتِ، لا سيّما من يصوم منّا لأوّل مرّة، ولهؤلاء الأحبّاء نقول: مباركٌ صومكم أيّها المؤمنون الصّغار، وتعالوا معنا نقترح عليكم بعضًا من السّلوكيّاتِ الّتي تجعلُ من صيامنا عملًا عباديًّا سهلًا، ومريحًا.
ربّما كانت من الصّدف الجميلةِ أنَّ الصّيامَ هذا العامِ، يأتي في فصل الصّيف، وأنتم تنعمون بأيّامِ العطلة المدرسيّة الطّويلةِ، ومع أنّ فصل الصّيف يضيفُ إلى الصّيامِ مزيدًا من التّعب لما فيهِ من عطشٍ وطقسٍ حارٍّ وساعاتٍ طويلة، لكن ربّما كانت هذه العطلة فرصةً لنا لنتعوّد على الصّيام، ونأخذ القسطَ الوافر من الرّاحةِ كلّما أرهقَنا الصّومُ، وأتعبَنا العطش.
وهذه بعضٌ من النّصائح المفيدة لكلٍّ من الأصدقاء:
أوّلًا: حاول أن تبدأ بالصّيامِ في شهر رجب الأصبّ. اخترْ بعض المناسباتِ الجميلةِ، كالأيّامِ البيض، وذكرى ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام، وقم بالصّيامِ في البداية، ولو لساعاتٍ محدودةٍ، ثمّ كرّر ذلك في شهر شعبانَ.
ثانيًا: شارك أشقّاءك، ورفقاءكَ في الصّيامِ الأوّل، وتنافس معهم على عدد ساعاتِ الصّيامِ، وحاولْ أن تقضي معهم بعضًا من الوقتِ في أنشطةٍ مفيدةٍ، لا تفرضُ عليكم جهدًا بدنيًّا، كتلاوةِ القرآن الكريم، وحفظ آياته وتفسيره، أو قراءَةِ بعض القصص والكتب المفيدةِ، ومشاهدةِ بعض الأفلامِ الجميلةِ والمفيدة.
ثالثًا: إذا تمكّنت في أيّام الصّيامِ الأولى من النّومِ، فليكن ذلك، نم لوقتٍ متأخّر، فتقلّل من ساعاتِ النّهارِ الطّويلةِ، ويمكنك أن تؤجّل النّوم إلى ما بعد صلاةِ الظّهرِ، فتختصرُ ساعاتِ النّهار وتُريحُ جسمَك من حرارةِ الطّقسِ وما يتبعُها من عطشٍ.
رابعًا: لا تُهمل وجبة السّحورِ، ففي هذه الوجبة يُخزّن جسمُكَ حاجته من الشّرابِ والطّعامِ، ويتهيّأ للصّيامِ وأنت بحالٍ أفضل.
خامسًا: اختر الأطعمة الّتي تجنّب جسمَك العطش، والّتي تُمدُّكَ بالسّوائلِ ومنها المشمش والموز والتّمر والبطّيخ، وتجنّب الأطعمة الّتي تسبّب العطش أو تزيد منه، كالأطعمة المالحة.
سادسًا: حاول أن تنضمّ إلى عائلتِكَ في تحضير طعامِ الإفطار، وساعد والدتك إن كانت تحتاج إلى أيّ مساعدةٍ تضاعف بها أجرَكَ، وتُمضي بها الوقتَ بالعملِ الممتعِ والمفيدِ.
سابعًا: لا تسخر من إخوتِكَ الصّغار العاجزينَ عن الصّيامِ، بل شجّعهم ولو بساعةٍ أو ساعتينِ، تزيدُها يوميًّا، وتأخذ بأيديهم نحوَ الصّيامِ الكامل، وتقدّم لهم الهدايا البسيطة.
هكذا سيكونُ الصّيام موسمًا جميلًا ومحبّبًا، وتُفرحُ فيه قلوبَ عائلتكَ ووالديكَ.
تقبّل الله أعمالَك، واستجابَ دعاءَكَ ونوّرَ قلبَكَ إنّه سميعٌ مجيب.
|