أصدقائي:
منذ الأزل، وفي حياة المؤمنين معاركُ لا تهدأ مع أهل الباطل، الّذين استحوذ عليهم الشّيطانُ، ومشى بهم في طريق الشّرور، فوسوس لهم بأن يعادوا أولياء الله تعالى، ويعتدوا عليهم ويصبّوا عليهم كلّ أنواع الأذيّة من قتل إلى تشريد إلى تعذيب إلى غير ذلك من فنون العدوان.
وقد كان هؤلاء موجودين في حياةِ كلِّ الأنبياء عليهم السّلام، يعادونهم ويؤذونهم، فقابلوهم بالصّبر تارةً، وبالحرب تارةً.
وقد عانى رسول الله محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيرًا، وصبر قبل أن يقاتل هؤلاء، وينتصر عليهم في كلِّ مرّةٍ، حتّى استقرَّ الإسلام في شبه جزيرة العرب لينتقل منها إلى العالم أجمع.
فمن كان يمدّ المسلمين بالنّصر؟ وماذا قال القرآن الكريم في هذا الشّأن؟
بيّن الله تعالى أنَّ الغلبَةَ لا تُخطئُ من يتولَّ الله ورسوله والّذين آمنوا، بقوله:
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)سورة المائدة.
وبذلك أوضح أنَّ ولاية الله تعالى ورسوله والّذين آمنوا تضع المؤمنين في حزب الله، وتعطيهم الغلبة في حروبهم ضدّ أعداء الإسلام.
كما أكّد على أنّ الله تعالى هو من يعطي النّصر لعبده، إذا توكّل عليه وأطاعه، أمّا من يوقع نفسه بين أيدي الشّيطان فلن ينال من الله سوى الخذلان:
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) سورة آل عمران
وقد تحدّث القرآن الكريم عن نصر من نوعٍ آخر، هو نصر المؤمنين لله تعالى بطاعته وعبادته حقّ العبادة، وبذذلك ينالون رضاه فينصرهم ويثبّت أقدامهم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) / سورة محمّد.
كما وعد الله تعالى عباده الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بنصر يعيشونه في الدّنيا قبل الآخرة، في أرض يمكّن لهم فيها دينهم، ويؤمنهم من كلّ خوف:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) سورة النّور
ولقد أكّد القرآن الكريم أنّ الله سبحانه يسمع ويرى، ويقف إلى جانب المؤمنين في إهلاك أعدائهم:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) سورة الرّوم.
أمّا النّصر فلن يكون يومًا لمن عصى ربّه، بل يكون الخسران المبين:
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) هود
فلنكن أيّها الأحبّة من عباده المطيعين، كي نحظى أوّلًا برضوان الله.. فرضوان الله تعالى هو النّصر الأكبر في كلّ ميادين الحياة دنيا وآخرة.
|