تحريك لليسارإيقافتحريك لليمين
نافذة من السماء، العدد السادس والعشرون.
مجلة هدى القرآن العدد الثاني والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد السادس والتسعون
نافذة من السماء، العدد الخامس والعشرون
مجلة هدى القرآن العدد الواحد والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد الخامس والتسعون
مجلة هدى القرآن العدد التاسع عشر
مجلة أريج القرآن، العدد الواحد والتسعون
مجلة أريج القرآن، العدد التسعون
 
التصنيفات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة
مجلة هدى القرآن العدد الرابع

العدد الرابع ، شهر ذي الحجة  / 1433 هجري، تشرين الثاني 2012 ميلادي

مجلة داخلية تصدر عن جمعية القرآن الكريم، تُعنى بالثقافة القرآنية

لسحب العدد PDF اضغط هنا

 

 

  كلمة العدد

 القرآن هدى ورحمة وجُنَّة من العذاب

  مائدة القرآن الواسعة

  القرآن أساس الجمع والوحدة

  حفل الأنس (بالقرآن)

  نقاط وتأملات

  مفردات قرآنية

  الصفات الخبرية وكون الظواهر قطعية

  أسباب النزول

  قصة المباهلة

  القرآن في نهج البلاغة

  أصول المسائل الأخلاقية في القرآن الكريم

  نموذج من المرأة الصالحة في القرآن

  نصائح وإرشادات حول حفظ القرآن الكريم وتجويده

  أشهر القراء المبدعين

  حوارات قرآنية

  كلام أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن

  استفتاءات قرآنية لسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله)

  مقابلة مع سماحة الشيخ محمد توفيق المقداد (حفظه الله)

  الخيل والتين في القرآن الكريم

  أنشطة الجمعية

  مسابقة العدد

 الأجوبة الصحيحة للمسابقة

   كلمة العدد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 

﴿ قَدْ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهِا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ سورة الأنعام - 104

صدق الله العلي العظيم


القرآن الكريم هوذلك النُّور والهدى والبصيرة والمعلِّم والمعرفة والحقيقة والمنهج. صحيح أنَّ الناس ومن دون استشارة عقولهم، ومن دون بلورة وجدانهم، ومن دون أدائهم ميثاقهم، وبالتالي من دون تفعيل أجهزة الرؤية والمعرفة في انفسهم، يعجزون عن الاستفادة من القرآن، ولكن الصحيح أيضاً أنَّه من دون القرآن وهداه وعلمه وبصائره وتذكرته وتزكيته، عاجزون عن اهتداء السبيل.
فالقرآن وبصائره ومعارفه متاحة للناس في كل زمان ومكان لينتهجوا مناهجه، ويستفيدوا من رؤاه فيكتشفوا بها الحياة الحقيقيَّة، ويصلوا إلى السعادة في دنياهم وآخرتهم باختيارهم وبمحض ارادتهم.
ونحن في
جمعية القرآن الكريم نتوجه من خلال مجلة (هدى القرآن) بالدعاء لهذه الأمة بأن يوفقها سبحانه لمعرفة القرآن سبيل الهداية للعمل به ولتحصيل السعادة الأبديَّة. والحمد لله ربِّ العالمين .

جمعية القرآن الكريم

للتوجيه والإرشاد

 

   الافتتاحية

  القرآن هدى ورحمة وجُنة من العذاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسَّلام على أشرف خلق الله محمَّد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
يقول سبحانه:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(1).


لقد أمرسبحانه جميع المؤمنين، ورسم لهم المنهج الصالح لتربية الأولاد والأسرة بشكل عام، فالله تعالى يدعوهم إلى وقاية النفس والأهل من عذابات الآخرة، وذلك بحفظ النفس من الذنوب وعدم الاستسلام للشهوات والأهواء، وحفظ العائلة من الانحراف بالتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهيئة الأجواء الصالحة والمحيط الطاهر من كل رذيلة ونقص.
وينبغي مراعاة هذا البرنامج الإلهي منذ اللحظات الأولى لبناء أفراد الأسرة، فنتوجه بالرعاية والمتابعة الدقيقة من دون غفلة أو تراخي على الإطلاق عن تربية نفوسهم وتغذيتها بالأصول القرآنية والتعاليم الإسلامية والروحيَّة وتنشئتها تنشئة تربوية سليمة.
فالأمر بالوقاية إشارة إلى أن ترك الأطفال والعائلة دون أية متابعة أو إرشاد سيتسبب بهلاكهم ودخولهم النار. لذا علينا أن نقيهم ونحذرهم من ذلك من خلال تحذيرات وتوجيهات القرآن وربطهم به على الدوام في كل تفاصيل حياتهم.
فعن ابي بصير قال سألت ابا عبدالله (ع) عن قول الله عزَّ وجل:
﴿ قُواْ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ قلت: هذه نفسي أقيها، فكيف أقي اهلي؟ قال: " تأمرهم بما أمرهم الله وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فان اطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك فكنت قد قضيت ما عليك" (2) .
وعن الرسول (ص) أنه قال: ( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على أهل بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
(3) .
والبداية للتأديب والتربية للوصول إلى مرحلة العمل والوقاية تكون بتعليمهم القرآن والسنة، فالقرآن هدى وشفاء وموعظة ورحمة وجُنَّة من العذاب، وقد وردت أحاديث كثيرة تحث على التعليم منه: "ما مِن رجلٍ علَّمَ ولدَه القرآن إلا توَّج الله أبويه يومَ القيامةِ بتاحِ الملكِ وكسيا حليتين لم ير الناسُ مثلهما"
(4) .
وروي عن رسول الله (ص)أنه قال: " مَنْ علَّمَ وَلَدَاً لَهُ َالْقُرْآنَ قلَّدَه قِلادَةً يَعْجَبُ مِنْهَا الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
(5) .
وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أنه قال: " حَقُّ اَلْوَلَدِ عَلَى اَلْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اِسْمَهُ وَ يُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَ يُعَلِّمَهُ اَلْقُرْآنَ "
(6) .
ونحن نعلم علم اليقين أننا جميعاً راحلون، وأن الذي يبقى من بعدنا هم ذرياتنا، ولذلك كنا مسؤولين عنها، وهذه المسؤولية ليست إلاّ أن نخلّف لهم نعمة وثروة مفيدة؛ وهل هناك ثروة ونعمة أفضل من القرآن الكريم، كما جعل إبراهيم الخليل (ع) التوحيد نعمة في عقبه، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .

المهم كيف نقرِّب العائلة من القرآن؟
والجواب: أننا نتمكن من خلال الطرق التالية:
أولاً: أن نحبّب القرآن إليهم، ونقربه من نفوسهم بأساليب التقريب والترغيب.
ثانياً: أن نعلّمهم القرآن، حتى لو استدعى ذلك الوقت والمال والجهد الكبير، وبالذات أن نسعى إلى تعليمهم في سنيّهم الأولى.
ثالثاً: أن نعلّمهم التدبر في آيات الله، وكيفية الاستفادة منها، وتحويل القرآن في أنظارهم إلى بصيرة وعبرة يكرسونها في حياتهم ويعودون إليها في كل وقت وحين.
رابعاً: أن نشجعهم بتقديم الجوائز والهدايا لهم لحفظ القرآن، فإن تحفيظ القرآن الكريم للناشئة من أولادنا وبناتنا لهو من الأمور الضرورية، وإنهم إذا حفظوه امتزجت بضمائرهم وعقولهم الثقافة القرآنية الأصيلة.
وبهذه الطرق وغيرها نجعل القرآن الكريم مستمراً في أعقابنا، فنضمن عند ذلك سلامتهم واستقامتهم وإيمانهم، ونضمن أيضاً خلاصنا من مساءلة المولى عزَّ وجل لنا في يوم القيامة، فكلما قرأ أولادنا كتاب الله أو استفادوا أو أفادوا منه وعملوا به، يرجع إلينا نصيبنا من الأجر والثواب، حتى بعد رحيلنا عن الدنيا، ألم يقل رسول الله (ص) : ( مَن سنَّ سنَّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينتقص من أجورهم شيء )
(7).
ونحن في جمعية القرآن الكريم نعمل لكي نشارك الأهل في ترويج هذه السنَّة الحسنة، سائلين الباري سبحانه أن يثيبنا ويرحمنا برحمته الواسعة، إنَّه سميع مجيب.

رئيس التحرير

 


(1) - سورة التحريم ، الآية : 6.
(2) -
بحار الأنوار : ج97 ، ص74.
(3) -
مجموعة ورام : ج1 ، ص 6.
(4) -
موسوعة الفقه : ج98 ، ص 187.
(5)
-
ميزان الحكمة : ج8 ، ص75.
(6) - ميزان الحكمة : ج8 ، ص75.
(7) - مشكاة الأنوار : ج1 ، ص188.

 

   القرآن والقادة

 كلام الإمام الخميني (قدس سره)


 مائدة القرآن الواسعة


القرآن هو آيات إلهية، والغرض من البعثة هو المجيء بهذا الكتاب العظيم، وتلاوة هذا الكتاب العظيم والآية
الإلهية العظيمة، ورغم أنَّ جميع العالم هو آيات الحق تعالى، لكن القرآن الكريم هو عصارة الخليقة، وعصارة الأشياء التي يجب أن تتم في البعثة، فالقرآن الكريم عبارة عن مائدة أعدّها الباري تبارك وتعالى للبشر بواسطة نبيه الأكرم، ليستفيد كل إنسان بمقدار استعداده.
هذا الكتاب وهذه المائدة الممتدة في الشرق والغرب، ومنذ زمان الوحي وحتى تلاوة يوم القيامة، هوكتاب يستفيد منه كل الناس الجاهل والعالم والفيلسوف والعارف والفقيه والكل يستفيدون منه أي أنَّه في الوقت الذي هوكتاب نازل من مرتبة الغيب
(1) إلى مرتبة الشهود، ومنبسط عندنا نحن الموجودون في عالم الطبيعة، في نفس الوقت الذي هو فيه منزل من ذلك المقام، ووصل إلى الموضع الذي يمكننا الاستفادة منه، وإنه في الوقت الذي يحتوي على مسائل يستفيد منها جميع الناس الجاهل والعارف والعالم وغير العالم، فإنه يحتوي على مسائل تختص بالعلماء الكبار والفلاسفة العظام، والعرفاء الكبار، والأنبياء والأولياء، إذ أنَّ بعض مسائله لا يتمكن من دركها سوى أولياء الله تبارك وتعالى، إلا من خلال التفسير الوارد عنهم ويستفيد منه الناس بمقدار استعداداتهم، وثمة مسائل يستفيد منها الفلاسفة والحكماء الإسلاميين ومسائل يستفيد منها الفقهاء الكبار، وهذه المائدة عامة للجميع، وكما أن هذه الطوائف تستفيد منه فإن فيه أيضاً المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وغير العسكرية، إذ أن جميعها موجودة في هذا الكتاب المقدس.
إن الغرض من نزول هذا الكتاب المقدس، ومن بعثة النبي الأكرم هو لكي يصبح هذا الكتاب في متناول أيدي الجميع، حتى يستفيدوا منه بمقدار سعتهم الوجودية والفكرية، ومع الأسف فلم نتمكن نحن ولا البشرية، ولا علماء الإسلام الاستفادة من هذا الكتاب المقدس بالمقدار الذي ينبغي الاستفادة منه.

يجب على الجميع استخدام أفكارهم، وتسخير عقولهم نحو هذا الكتاب العظيم حتى نتمكن من الاستفادة منه بمقدار استعدادنا وكما هو عليه.
فالقرآن جاء لتستفيد منه جميع الطبقات كل بمقدار استعداده، وطبعاً فإن بعض الآيات لا يمكن أن يفهمها إلا رسول الله (ص) والمتعلم بتعليمه ويجب علينا فهمها بواسطتهم وإن الكثير من الآيات الأخرى هي في متناول أيدي الجميع، حيث يجب عليهم استخدام أفكارهم وعقولهم ليستفيدوا منها مسائل للحياة، سواء في هذه الدنيا أوالحياة الأخرى. لذا فإن أحد أهداف البعثة هو إنزال القرآن الذي كان في الغيب بصورة غيبية وفي علم الله تبارك وتعالى، وفي غيب الغيوب، بواسطة هذا الموجود العظيم الذي جاهد نفسه كثيراً وكان على الفطرة الحقيقية وفطرة التوحيد وجميع المسائل الأخرى التي جعلته مرتبطاً بالغيب وبواسطة الارتباط الذي كان له بالغيب فقد نزَّل هذا الكتاب المقدس من مرتبة الغيب، بل وقعت للأصل عدَّة تنزّلات، حتى وصل لمرتبة الشهادة
(2) ، وخرج بصورة ألفاظ، ويمكنني أنا وانتم والكل فهم هذه الألفاظ والاستفادة من معانيها بمقدار استعدادن، واستهدفت البعثة بسط هذه المائدة بين الناس منذ زمان نزوله وحتى النهاية، فهذه واحدة من أهداف الكتاب وأهداف البعثة "بعثه عليكم" رسولاً يتلوالقرآن عليـــكم والآيــــات الإلهية و:
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (3) .
فقد تكون هذه هي الغاية من التلاوة، فالتلاوة تكون لأجل التزكية والتعليم، وتعليم الجميع.. تعليمهم الحكمة التي هي من هذا الكتاب أيض، إذن فهدف البعثة هو نزول الوحي ونزول القرآن، وهدف تلاوة القرآن على البشر هو ليزكّوا أنفسهم وينقذوا نفوسهم من هذه الظلمات، حتى تتمكن أرواحهم وأذهانهم بعد ذلك أن تفهم الكتاب والحكمة. فالهدف هو التزكية لأجل فهم الكتاب والحكمة فلا يستطيع أي إنسان وأية نفس أن تدرك هذا النور المتجلي من الغيب المتنزل إلى مرتبة الشهادة
(4) .


(1) - الغيب: ما يقابل عالم الشهود وهومقام الجمع لدى العرفاء.
(2) - الشهادة: أي عالم الشهادة المحسوسة الماديَّة.
(3) - سورة الجمعة، الآية: 2.
(4) - منهجية الثورة الإسلامية ص 91.

 

   القرآن والقادة

 كلام سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله)

 القرآن أساس الجمع والوحدة 

 الحضور: في لقاء المشاركين في مسابقات القرآن (1) .



بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
القُرآن أساس الجمع والوحدة
إنَّني مسرورٌ جداً أنَّ الله بحمده وفقنا للحياة عاماً آخر ومرةً أخرى لنُدرك هذا اللقاء القرآني المحبَّب والعَذب. استأنسنا بتلاوات الإخوة الأعزاء وإيَّانا مع القرآن، لنكون في الدنيا مع القرآن ونحيا به ونتنفس به وكذلك في الآخرة في يوم القيامة، فيكون القرآن شفيعنا لا يشكونا، هذه هي أمنيتنا
.


القرآن اساس الوحدة:
ما يتمثل أمام ناظري الإنسان في مثل هذه المسابقات الدولية هو أنَّ القرآن أساس الجمع والوحدة. فنحن المسلمون لدينا عوامل كثيرة للاتحاد، أحدها – ولعلَّ أهمُّها – القرآن. فجميع المسلمين وكل الشعوب المسلمة يخضعون للقرآن ويريدون أن يتعلَّموا منه ويتقرَّبوا إليه، وهذا ما يعدّ فرصةً ثمينة. أعداء الإسلام والقرآن قد سعوا لإيجاد الشقاق بين الشعوب المسلمة وعزلهم عن بعضهم البعض حتى ينجرّ الأمر في بعض الأحيان إلى المواجهة والمعاداة. وهذا ناشىءٌ من الغفلة عن القرآن. فعندما تكون الشعوب المسلمة مؤمنةً بهذا الكتاب السماوي والنداء السماوي والهداية الإلهية العظيمة، فأي شيء سيكون أفضل من مثل هذه الوسيلة للإجتماع والإتحاد، حيث يجلس الجميع على هذه المائدة المعنوية لينهلوا من منبع العزَّة والقدرة الإسلامية والإلهية هذه.

ضرورة الإيمان بالوعود الإلهية:
نحن لدينا غفلتان: الأولى، الغفلة عن أنَّ القرآن هو وسيلة لاجتماعنا نحن المسلمين. الثانية، الغفلة عن الاعتقاد بالمفاهيم القرآنية والاعتراف بما وعدنا الله تعالى في القرآن الكريم. فعلينا أن نؤمن بالوعود الإلهية. ولو آمنا بها فإنَّ الطريق نحوالعزَّة والوحدة والإقتدار سيفتح أمام الأمة الإسلامية وستنجو هذه الأمة من التخلف. فهذه الآيات التي تلاها هذا الأستاذ المصري المحترم:
﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ، ﴿ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ (2) ، تُعدّ نهجاً لامعاً. وعلى الأمم أن تُسطّره وترفع رايته وتجعله أمام أعينها وفوق رؤوسها: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ، فما الذي نفعله من أجل أن ينصرنا الله؟ هذه قضيَّة. ما هوالشيء الذي ينبغي أن نقوم به ليشملنا نصر الله؟ وهذا ما يُجيبنا عليه القرآن: ﴿ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ (3) ، ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ (4)، فإذا نصرتم الله ودينه وقمتم لله فإنَّ الله سينصركم، فأينما قامت أمة في سبيل الله، واستخدمت قدراتها في الميادين ستنال النصرة الإلهية. وعندما ينصرها الله لن تتمكَّن منها أيَّة قوَّة. ونحن قد جرَّبنا أنموذجاً من هذا. وجرَّبنا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (5) ، إنَّ شعب إيران قد خَبُر هذه الآية في ميادين العمل، فقد أوجدنا في أنفسنا تغييراً، فغيَّر الله تعالى أوضاعنا. والعجب أيضاً هوأننا عندما خطونا خطوة واحدة، فإنَّ الله تعالى أقبل علينا عشر خطوات. نحن غيَّرنا أنفسنا قليلاً والله تعالى أنزل نصره أضعافاً وغيَّر أوضاعنا.
واليوم نحن نشاهد هذا في الدنيا انظروا إلى شعب مصر، فنداء " الله أكبر " ذاك، وصلاة الجماعة تلك، وهذه الشعارات الإسلامية، كلّها نزلت إلى الميدان ونصرت الله.هل أنَّ أمريكا أرادت أن تقع مثل هذه الأحداث في مصر؟ هل أرادت الجبهة الصهيونية الخبيثة التي لها نفوذ في جميع القوى الغربية أن تحدث هذه الأمور هل أنَّ أتباعهم السياسيين في المنطقة كانوا حاضرين لمجرد التفكير في قرارة أنفسهم بمثل هذه الأحداث؟ بيد أنها وقعت. فلماذا؟! لأنَّ
﴿ إِن تَنصُرُواْ اللهَ يَنصُرْكُمْ ، فالله ناصركم وعندها تصبح كلّ القوى خاوية. هكذا ينبغي أن تستعيد الشعوب عزتها: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (6) ، ﴿ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا (7) ، ﴿ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ (8) .

الاعتقاد بالقرآن:
يجب التعرّف على القرآن ويجب الإيمان بالقرآن بكل وجوده، ومن أعماق القلب، ولا يكفي الإيمان الظاهري، يجب الاعتقاد بالقرآن من أعماق القلوب وأيضاً بالوعد الإلهي. واليوم، هذا العصر الذي نعيش فيه أنا وأنتم، هناك من الآيات والبشائر الإلهيَّة ما يطمئن قلب الإنسان، لأنه يرى ما كان إبراهيم يذكره،
﴿ وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (9) ، حيث يحصل هذا الإطمئنان لهذا الإنسان فهو يرى الأمر أمام عينيه. ماذا كانت إيران؟ إيران الطاغوت، إيران أمريكا، إيران التابعة للصهاينة الغاصبين، أين كانت؟ وأين هي الآن؟ حيث تُمثّل قُطباً مُقتدِراً في مواجهة الاستكبار والصهيونية، وسدّاً منيعاً وسنداً مُحكماً للشعوب المسلمة. إننا نشاهد كلّ ذلك اليوم أمام أعيننا. هذه هي معجزة الدعوة القرآنية والأخبار القرآنية والمعارف التي يُطلعنا القرآن عليها ويجب علينا أن نحفظها.

حفظ القرآن:
ما أريدْهُ الآن وفي هذا اللقاء أن أقول بشكل خاص لقرّاء بلدنا الأعزاء هو أن تتجّهوا أكثر نحو حفظ القرآن. فالحفظ وسيلة ولا شكّ، وليس هدفاً، إنَّه وسيلة من أجل أن يقرأ المرء بسهولة ويُكرر بيسر، ويحصل على إمكانية التدبر، فليذهب الشباب ويستفيدوا من استعداداتهم وحافظتهم. وجهوا الأطفال والشباب نحو حفظ القرآن. وبالطبع إنَّ يومنا هذا لا يمكن مقارنته بما كان في السابق، فقد حصل تقدم كبير ولكنَّه قليل. ما هو موجودٌ الآن في بلدنا قليل. فلنتجه نحو حفظ القرآن، وعندما يتحقق الحفظ فإنَّ إمكانيَّة وفرصة التدبر تزداد؛ وهذا التدبر سيكون مفتاحاً، فالمفتاح الأساسي هوالتدبر في القرآن والتفكّر فيه.
على كلِّ حال، إنَّنا نرحب بجميع قرَّاء القرآن الأعزاء في بلدنا وكذلك بضيوف هذه اللقاءات ونسأل الله بمشيئته أن يُنزل بركاته بفضل احترام القرآن عليكم جميعاً ويحشرنا مع القرآن في الدنيا والآخرة.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


(1) - تمَّ بتاريخ : 5 / 7 / 2011 م .
(2) - سورة آل عمران، الآية : 160 .
(3) - سورة محمد، الآية : 7.
(4) - سورة الحج، الآية : 40.
(5) - سورة الرعد، الآية : 11.
(6) - سورة المنافقون، الآية : 8.
(7) - سورة فاطر، الآية : 10.
(8) - سورة آل عمران، الآية : 26.
(9) - سورة البقرة، الآية : 260.

 

   القرآن والقادة

كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله
حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصرالله
في لقاء مع جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد
في شهر رمضان المبارك ضم القرّاء والحفاظ المشاركين في الأمسيات القرآنية
 

 حفل الأنس (بالقرآن) 
 


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا ونبيِّنا سيِّد الرسل وخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

أودُّ في البداية أن أتوجه بالشكر الى السادة الحفَّاظ والقرَّاء والمنشدين وإلى القائمين والقيِّمين على هذا الحفل، حفل الأنس، والشكر أيضاً لكل الذين شاركوا في هذه الليلة المباركة، هذا المحفل الكريم والعزيز، وأودُّ أيضاً أن ابارك لكم جميعاً هذه الليلة من ليالي شهر الله العظيم والتي نلتقي فيها سوياً هنا لنجدد التزامنا، وصية رسول الله (ص) الذي ترك فينا الثَقَلَيْن أوالثِقّلين، كتاب الله والعترة، أهل بيت رسول الله (ص) نقرأ كتابه ونحيي ذكرى، ميلاد حفيده، بين كتاب الله الذي يحضُرُ بين أيدينا فنتلوا الآيات والكلمات ونصغي إليها، وبين القرآن الناطق المجسد لكل حقائق ومعارف ومعاني هذا الكتاب، الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام إمام المسلمين وسيد شباب أهل الجنَّة، في الوقت المتاح أودُّ أن أتحدث قليلاً عن كتاب الله ؛ وقليلاً عن ولي الله، عن كتاب الله، أودّ أن أقول لكم باختصار شديد نحن أمام مجموعة من الحقائق وأنا أودُّ في هذه الليلة أن أتعاون وإيَّاكم إن شاء الله وفيكم الكثير من الإخوة المسؤولين في هذا الشأن على تكريس مسار محدد وإتجاه محدد في نشاطنا وفعاليتنا وحركتنا الثقافية والايمانية، نحن بإيجاز شديد امام مجموعة من الحقائق، ولا يتسع الوقت لأن نتحدث عن كل هذه الحقائق ؛ ولكن ألفت إلى بعضها.
أولاً: إنَّ هذا الكتاب الإلهي الموجود بين أيدينا الآن هو كلام الله عزَّ وجل قطعاً ولا نقاش في هذا ولا ترديد. السادة العلماء والإخوة يعرفون أنَّه فيما يرد من أحاديث قدسيَّة أو أحاديث شريفة عن رسول الله (ص) وعن أهل بيته الأطهار سواء عن طريق أهل البيت أو عن طريق الصحابة الكرام دائماً واجبنا ومسؤوليتنا أن نبحث عن صحة السند وسلامة السند ووثاقة وعدالة الناقلين لنتأكد أو نقطع أو نطمئن بأنَّ هذا الكلام المنقول إلينا حقيقة هو كلام رسول الله(ص) أمَّا هذه الآيات والكلمات المحفوظة في هذا الكتاب فكما يقال فهي قطعيَّة الصدور عن الله عزَّ وجل وعلى هذا إجماع المسلمين طوال كلِّ هذه القرون، ولا مجال للترديد في ذلك، وهذه من نعم الله سبحانه وتعالى علينا أنَّ كتابنا كتاب واحد وليس كتاباً متعدد النسخ أو مشكوك في وثاقة النقل، وما بين أيدينا طبعاً هو كتاب الله كما أنزله الله تعالى على نبيه خاتم النبيين محمد (ص) .
ثانياً: إنَّ هذا الكتاب الموجود بين أيدينا كتاب الله معصوم، هو كتاب معصوم نستخدم هذه الأدبيات لا طريق إليه لا للباطل ولا للخطأ ولا للنقصان ولا للزيادة ولا للتحريف ولا للتشويه ولا للتزوير وهو كتاب معصوم بكل ما للعصمة من معنى وبضمانة الله عزَّ وجل وعصمة الله عزَّ وجل يقول الله تعالى
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (1)، ويقول تعالى:
﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (2).
والحقيقة الثالثة: أنَّ هذا الكتاب هو بيانٌ للنَّاس، واستخدمه لتوصيفه في الكثير من الآيات الكريمة عبارات ككتاب مبين وقرآن مبين
﴿ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (3)، وبيِّنة آياته أوآيات بينات ؛ إذن من حقائق هذا القرآن أنَّه بيانٌ وأنَّه مبينٌ ومبيِّن وبَيِّنْ، يقول الله تعالى:
﴿ هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (4)، ويقول تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (5)، وقال تعالى:  ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (6)، إذن نحن أمام كتاب ميَّسر بَيِّنْ مُبَيَّنْ بلسان عربي مبين فيه الكثير من الوضوح والكثير من العمق في آنٍ واحد نحن أمام كتاب إلهي هو ليس كتاب علوم، ليس كتاب مصطلحات، وليس كتاب تخصصي في هذا المجال العلمي أو الفلسفي أو القانوني أو التاريخي أو ما شاكل وإنّما هو كتاب هداية وموعظة وإرشاد وإنذار وتعريف بالله ورسوله وأنبيائه وكتبه وملائكته وما يصلح للنَّاس في دنياهم وحياتهم وآخرتهم ولأنَّه كتاب من هذا النوع ولأنَّه كتاب للنَّاس جميعاً إلى قيام الساعة فهو كتاب بيِّن وجميلٌ وله طلاوةٌ وحلاوةٌ وواضحٌ، على درجة عالية من الوضوح ؛ هذا القرآن الكريم أنزله الله تعالى على قلب رسوله (ص) ليكون هادياً ودليلاً للبشرية، إذاً هوليس كتاباً للفلاسفة ولا للفقهاء ولا للعرفاء ولا للمؤرِّخين ولا للمحققين ولا لعلماء النفس ولا ولا ولا لأي شريحة خاصة من هذه الشرائح هوللنَّاس جميعاً بمن فيهم هذه الشرائح ولذلك يجب الالتفات إلى خطورة الاتجاه الذي يقول للناس: أنتم لا تفهمون القرآن ولا يمكن أن تفهموا ما يريد الله سبحانه وتعالى من كتابه، هؤلاء الذين يقولون ذلك من حيث يعلمون أولا يعلمون يضعون حاجزاً بين الناس وبين كتاب الله عزَّ وجل، لا هذا كتاب بيِّنْ ومرشد ودليل وهادي ويفهم مطالبه الكثير، كثير من الناس، نعم هناك بعض المطالب التي تحتاج إلى التعميق والتخصص وإلى مزيد من التأمل والدراسة هذا صحيح ؛ ولكن القرآن هو كتاب بيان، ولذلك نجد أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يأمر الفلاسفة أوالعرفاء أوالفقهاء بقراءة القرآن وتلاوة القرآن وحفظ القرآن والتدبر والتمعن في القرآن فقط، وإنَّما أمر الناس جميعاً بذلك، وفي هذا السياق أيضاً جاءت الأحاديث الشريفة لتقول للناس وتشجع وتشوق الناس إلى تلاوة كتاب الله عزَّ وجل وتصفه بأنَّه أحسن الحديث، وأصدق القول، وأحسن القصص، والنورالمبين، وأبلغ الموعظة، وأنفع التذكر.
الحقيقة الرابعة: أنَّ هذا الكتاب الموجود بين أيدينا فيه تبيان كلِّ شيء وهنا مظلومية القرآن في الحقيقة، يعني نحن نعيش في جوار كتاب موجود أمامنا موجود في بيوتنا ومكاتبنا ومؤسساتنا ومتاجرنا ومساجدنا، ولكن نحن لا نعرف عظمة وحقيقة ومحتوى ما في هذا الكتاب، هذا جانب من مظلومية القرآن الكريم. هذا الكتاب بين دفتيه يقول الله تعالى عنه:
﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (7)، أحياناً يمكن لبعض الناس أن يقولوا أيعقل أنَّ ما بين دفتيه يوجد كلّ شيء؟ نعم الله تعالى يقول: (فيه تبيان لكلّ شيء)، وفي الأحاديث الشريفة: "في القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم" (8)، وفي حديث آخر:" ألا إنَّ فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء دائكم ونظم ما بينكم" وفي حديث آخر: " فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السماء والأرض ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجبتم" (9)، يعني ممكن الناس يأتون ويتحدَّثون لنا عن هذه الأخبار الموجودة في القرآن الكريم، نحن نتعجب أهذا معقول؟! أهذا موجود في القرآن؟ وفي حديث ثالث:"ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله اصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال" (10)، هذه بعض الجوانب لا تحتاج للتعمق فيها، يعني في كتاب الله عزَّ وجل يقول الله سبحانه موجود فيه في داخله ليس فقط موجود وإنَّما أيضاً يمكن أن نستبينه وأن نجده وأن نبحث عنه، كلُّ ما يحتاجه الانسان من أجل صلاح حياته ودينه ودنياه وآخرته،الانسان كفرد، كعائلة، كأسرة، كشعب، كأمة، كبشرية على امتداد الأزمنة والأمكنة والأجيال الى قيام الساعة، نعم يبقى علينا أن نبحث، أن نفتش، أن نتدبر، أن نتفكر، ولذلك أمرنا بالتدبر والتفكر وتدارس القرآن وتباحثه، وفي نفس الوقت أمرنا أن نوغل فيه برفق، نعم هذا القرآن، يعني كيف ينبغي أن نقرِّب الفكرة وأنَّ فيه كلّ شيء، وفي نفس الوقت هوبيِّن وواضح، وفي نفس الوقت فيه كلّ هذه الحقائق والمعارف والمعاني في أعماقه؟ لوعدنا إلى الآحاديث الشريفة سوف نجد ذلك فيها عن رسول الله(ص)، وأهل بيته الأطهار، فهم يحدّثوننا: أنَّ للقرآن ظهرٌ وبطن، إذاً نأخذ بعد قليل، مثال البحر فيه سطح وفيه عمق ولكن نقول: عن اسفله بحر وعن سطحه بحر، ونحن ننظر إلى البحر الواسع له سطح وله عمق له ظاهر وله باطن ظاهره أنيق...، هذا الكلام الذي اعترف به حتى عتاة مشركي قريش بأنَّ له حلاوة وله طراوة وطلاوة وما شاكل ذلك وباطنه عميق كما في الأحاديث الشريفة التي تتحدث أنَّ للقرآن ولآياته ولكلماته بطون. يمكن أن تقرِّب الفكرة من حديث آخر الذي يصف القرآن أنَّه عميق، بحره لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه. لنأخذ مثلاً، البحر: هذا البحر الشاسع، أولا ؛ لنحكي عن المحيط ولكن الآن نقول: بحر، نحن عندما ننظر إلى البحر نرى بأعيننا سطحه وظاهره وأمواجه الهادئة والعاتية ولونه المنعكس من السماء، عندما نمد يدنا إلى البحر نتلمَّس أو نتحسس برودة مائه أوسخونتها أو دفئها، عندما نمشي في شاطيء رملي بقدر ما نمشي ندرك عمق البحر، ولكن كلّما تقدمنا في البحر أكثر، كلّما نزلنا في أعماقه أكثر، بحسب قدرتنا وشجاعتنا وإمكاناتنا والوسائل المتاحة إلينا سوف نكتشف آفاقاً جديدة، واتساعاً جديداً وألواناً جديدة ومخلوقات جديدة،الآن يوجد في أعماق البحار والمحيطات مخلوقات لله عزَّ وجل حتى الآن نحن لا نعرفها هناك مخلوقات تعرَّفنا عليها بفضل التطور العلمي لم يعرفها أباؤنا ولا أجدادنا ولا الأجيال الماضية، كلّما نزلنا في أعماق البحر والمحيطات أكثر سوف نكتشف حقائق في الوجود أكثر، وحقائق في الحياة أكثر وهكذا القرآن الكريم، كلّما كنّا نقدر على السباحة وعلى الغطس ونملك التجهيزات اللازمة للإيغال برفق وبعمق في آياته وكلماته ومعانيه ودلالات هذه الكلمات، يمكن أن نكتشف معارف جديدة وحقائق جديدة ومعاني جديدة لم نكن لنكتشفها أو نراها ونحن ننظر إلى ظاهر الآيات وظاهر الكلمات وبالتالي أمام هذا البحر كلُّنا يغرق بمقدار طاقته وسعته وتحمله وإمكاناته، الطفل الصغير والأميّ والمتعلم والعجوز والفيلسوف والبدوي والمثقف والانسان العادي والمتخصص والطبيب والمهندس والفيزيائي والفلكي والفقيه والعارف والمتكلم وغيرهم، كلُّ واحد يحصِّل أكثر وبحسب قدرته واستطاعته والقدرات المتاحة لديه يغرف من هذا البحر الممتد المتسع الذي لا يعلم مداه وعمقه ونهايته إلاّ الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك كلّما تقدَّم الزمان نجد بأنَّ هناك معارف جديدة ومعلومات جديدة ومعطيات جديدة وحقائق جديدة تكتشفها أجيال البشرية جيلاً بعد جيل من القرآن الكريم، ولذلك عندما سئل الإمام الصادق (ع) عن هذا المعنى:" ما بال هذا القرآن كلما مضى الزمان يتبيَّن أنَّه جديد أكثر وغض أكثر وشاب أكثر ، يعني لا يوجد فيه كهولة ولا شيخوخة في شخص القرآن، ويقول الإمام الصادق (ع): " إنّ الله سبحانه وتعالى لم يجعله لزمانٍ دون زمان ولا لناس دون ناس فهوفي كلِّ زمانٍ جديد وعند كلّ قومٍ غض إلى يوم القيامة يبقى نضراً حياً مخضوضراً عطاؤه مستمر. وهذا هوأحد أسباب خلود هذا الكتاب الالهي. إذا أخذنا هذه الحقائق نكتفي فيها لأنَّ الوقت لا يتسع كثيراً ووضعناها أمامنا إذاً نحن أمام نعمةٍ إلهيةٍ عظيمةٍ حاضرةٍ من أعظم النِّعم الإلهية علينا، معصومة،محفوظة، خالدة، مليئة بالمعارف والحقائق، وفيها تبيان كلِّ شيءٍ وهي موجودة بين أيدينا، وحتى وصلت إلينا أيضاً سبقتها تضحيات مئة وأربعة وعشرين ألف نبي وجهاد رسول الله (ص) وأهل بيته وصحابته الكرام وتضحيات المسلمين طوال أجيال، وهذا الكتاب موجود بين أيدينا، كيف نتعاطى مع هذا الكتاب؟ هنا نريد أن نعمل مراجعة قليلة، نحن أمرنا فيما يعني هذا الكتاب الإلهي؛ أمرنا بقراءته وتلاوته وترتيله في الليل وفي النهار وفي كلِّ زمان ومكان وفي كل حال، لا يوجد وقت خاص في أيِّ وقت، انظر هذا من خصوصيات القرآن، أيضاً انَّك تستطيع أن تقرأ وتتلوا القرآن في أيِّ وقت من الليل والنَّهار، كلّ الوقت مفتوح في أيِّ مكان، في أيِّ زمان، في أيِّ حال، في الفرح والحزن، وإن كان البعض يريدون تحويل القرآن الكريم إلى كتاب أحزان، في الفرح والحزن،في النصر والهزيمة، في العافية والمرض، في الفقر والغنى، في كلِّ حال أنت تستطيع أن تقرأ وأن تتلوا وترتل هذه الآيات، وأُمرنا أن نُكثر من قراءته وتلاوته، وأمرنا أن نحفظه، وأُمرنا أن نأنس بتلاوته وقراءته، وحتى بالنظر إليه، لأنَّه كتاب الحبيب وكلام الحبيب وحديث المولى عزَّ وجل، طبعاً هناك أزمنة معيَّنة لها خصوصيَّات، أمكنة معينة لها خصوصيات، من هذه الأزمنة شهر رمضان المبارك نعم له خصوصية، وللتلاوة والقراءة والاحتفاء بكتاب الله عزَّ وجل في شهر رمضان المبارك كما تفعلون الآن ثواب خاص، أجرٌ خاص، ورد في الأحاديث الشريفة ثواب عظيم وكبير جداً، بعض الناس يقول لك:عندنا في خطبة رسول الله (ص) يقول: بأنَّه من تلا في هذا الشهر المبارك آية من كتاب الله كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور، يقول بعض الناس: أيعقل إذا قرأنا في شهر رمضان آية لنا ثواب من ختم القرآن في غير شهر رمضان؛ طبعاً هذا كرم الله وعطاء الله عن طريق رسول الله(ص)، المرحوم العلامة الشيخ محمد جواد مغنية لمَّا كان يناقش الذين يستبعدون هذه المسائل كان يقول لهم: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ (11)، ويستشهد بالآية ؛ فالله تعالى رحمته واسعة، كرمه وجوده لا حدود له، إذا الله سبحانه وتعالى عن طريق رسوله (ص) كما في خطبة استقبال شهر رمضان المبارك قال لنا: هكذا روي أنَّه من تلا فيه آية كمن ختم القرآن في غيره من الشهور، لماذا نستبعد ذلك ونقول: يعني فيه محدودية في كرم الله وعطاء الله عزَّ وجل فأمرنا بذلك، نحن في الحقيقة مدعوون أن نقيم علاقة فردية،علاقة شخصية وروحية وعاطفية مع كتاب الله عزَّ وجل، في هذا الموضوع، إذا جئنا لنعمل مراجعة في خلل كبير عندنا يحتاج إلى معالجة العلاقة، لا بد أن تكون علاقة عاطفية وروحية ومعنوية، علاقة صحبة، أن نكون نحن أصدقاء ورفقة نحن والقرآن، كيف ذلك؟ من خلال اصطحابه وقراءته وتلاوته في كلِّ حال، في كلِّ زمان، في كلِّ مكان، في كلِّ وضع، وأيضاً نحن معنيون باتباع القرآن والعمل به وبالاصغاء إليه، إلى مواعظه وقصصه وعبره وتعاليمه وأوامره ونواهيه، ليكون خُلقنا القرآن كما كان خلق رسول الله (ص)،لتصبح رُوحنا قرآناً مجسداً، وسلوكنا وسيرتنا قراءناً مجسداً، هذا ما يجب أن نصل إليه في الحقيقة، ولذلك هذا التأكيد في الروايات على استحباب القراءة والتلاوة كبير جداً وعظيم جداً حتى عُدَّ بأنَّه من أفضل الأعمال ونحن مدعوون إلى هذا الأمر، طبعاً التلاوة والقراءة الهادئة بصوتٍ حسن، بصوتٍ حزين، بتأمل، بتدبر، حتى أنِّي أقول للإخوة والأخوات: إمَّا نطمع بقصة أنَّه من تلا فيه آية كمن ختم القرآن، لذلك نرى ظاهرة في شهر رمضان أنَّه قوموا لنتسابق ونقرأ بسرعة ولا نفقه ما نقرأ ولا نقف عندما نقرأ، هذا غلط، أنا لا أعتقد أنَّ المقصود: من تلا فيه آية فله ثواب وأجر من ختم القرآن في غيره من الشهور، أنَّه مجرد التلفظ وإن كان لا يستبعد ذلك من كرم الله سبحانه وتعالى وجوده ورحمته، لكن بالأصل المطلوب القراءة المتدبرة، القراءة المتعظة، القراءة التي تتفاعل فيها أرواحنا ونفوسنا، فإذا مررنا بآية فيها تشويق تطلعت أنفسنا إليها طمعاً وكأن الجنَّة نصب أعيننا، وإذا مرت علينا آيات فيها تخويف، شعرنا كأن زفير جهنَّم وشهيقها في أصول آذاننا وكأننا سيلقى بنا في نار جهنَّم، هذا التفاعل مع الآيات ومع الكلمات هوالذي يعطي النتيجة المطلوبة، ولذلك نهينا عن هجر القرآن، وأكدت الروايات على استحباب قراءة القرآن وتلاوته في كلِّ يومٍ وبالحد الأدنى خمسون آية في كلِّ يوم والتفاعل مع هذه الآيات، خصوصاً ما يرتبط بمشاهد القيامة والجنَّة والنَّار. أيضاً المطلوب على المستوى الجماعي أن يحضر القرآن في مجالسنا في مجاميعنا في احتفالاتنا في مسيراتنا.
اليوم الحمد لله، هذا الحفل المبارك، هذه المجالس القرآنية، هذا الاحياء الجماعي، هو من أعظم ما يتقرب به الانسان إلى الله سبحانه وتعالى في هذه الليالي المباركة، هذا إحياء لكتاب الله ولأمر الله ولأمر رسول الله(ص) على أمل أنّنا من خلال التلاوة والقراءة والعناية والحفظ والاهتمام والصحبة لكتاب الله عزَّ وجل أن يصبح هذا القرآن رفيقنا وأنيسنا ودليلنا، وأيضاً ليكون شفيعنا يوم القيامة، لأنَّه شافع مشفع، هذا القرآن له تجسيد حقيقي في أعلى صوره ومعانيه هو رسول الله (ص)، وعترة رسول الله (ص) أعلم الناس بالقرآن، وأفقههم بالقرآن، وأكثرهم إحاطة بالقرآن، من هذه العترة الامام العظيم المولود في مثل هذه الليلة وفي مثل هذه الليالي من شهر الله عزَّ وجل، يعني هذا الشهر نزل فيه كتاب الله، وولد فيه ولي الله الحسن بن علي (عليهما السلام) أول حفيدٍ لرسول الله(ص) وعندما ولد علينا ان تفترض وأن نتخيل من خلال الروايات الفرحة العظيمة التي عمَّت بيت الرسالة، والبهجة العامرة التي ملأت قلب رسول الله(ص) بولادة أول حفيدٍ لخاتم النبيين(ص) وهوالذي سماه بالحسن (ع)، كما سمى آخاه بالحسين (ع)، وهنا طبعاً يجب الالتفات إلى الحكمة الإلهية والمشيئة الإلهية، في أن لا يكون لرسول الله(ص) أولاد من الذكور، وأن يكون نسل رسول الله وذريَّة رسول الله(ص) من الحسن والحسين من ابنيه وحفيديه، هذا ليس أمراً بالصدفة وإنَّما هذا جزء من التخطيط الالهي والمشيئة الإلهية المرتبطة بمستقبل الرسالة ومستقبل الدين ومستقبل الأمَّة إلى قيام الساعة ويرتبط بالقيامة وأحداث القيامة" أيضاً بالنسبة للإمام (ع) في الدقائق المتبقية بضع كلمات: كلُّ ما ورد في الأحاديث النبويَّة وفي الأحاديث الشريفة عن عظمة أهل البيت (ع) يشمل الحسن بن علي مولود هذه الليلة، الآية الكريمة:
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (12)، وبإجماع المفسرين من الشيعة والسنَّة أنَّها تنطبق على علي وفاطمة والحسن والحسين، هم أهل بيت رسول الله(ص) وهذا حديث طويلٌ في الاستدلال. وعندما نتحدث عن المودة في القربى، عندما نقرأ القرآن في هذا الشهر العظيم نلاحظ في السور عن كلِّ الأنبياء السابقين لا يوجد نبي طلب أجراً على رسالته من قومه أبداً، حتى في بداية الدعوة لم يطلب رسول الله(ص) أجراً من قومه على رسالته إلى أن نزلت الآية: ﴿ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (13)، يعني رسالة محمد بن عبد الله (ص) هي الرسالة النبويَّة الرسولية الإلهية الوحيدة التي طُلب في إزائها أجر، ولكنَّها أيّ رسالة؟ الرسالة الخاتمة، الرسالة التامَّة،الرسالة المصدِّقة لما بين يديها من الكتب والرسالات والرسل والمهيمنة على ذلك كلِّه، الرسالة الكاملة إلى يوم الدين الذي ارتضاها الله سبحانه وتعالى، والنِّعمة التامة، الرسالة التي هي رسالة سيد هؤلاء الرسل، وخاتم هؤلاء الرسل، الرسالة التي بعث بها رسول الله (ص) والذي جاهد وضحَّى وتحمَّلَ وأوذي حتى قال: "ما أوذي نبي مثلما أوذيت" هذه الرسالة وتبليغ هذه الرسالة وجهاد وتضحيات هذا النبي العظيم الذي يختصر جهاد وتضحيات كل الأنبياء والأولياء السابقين، يطلب في أدائها المودة في القربى، طبعاً يحتاج وقتاً ؛ ماذا تعني المودة؟ أمّا القربى في إجماع المسلمين قربى رسول الله (ص) هم أولاً: علي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، حيث هناك آية أورواية في فضل أهل البيت (عليهم السلام) أولي القربى، فالحسن عظيم من هؤلاء العظماء، وفي أحاديث رسول الله (ص) :" الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة " (14).
" الحسن والحسين إمامان قاما أوقعدا " (15)، كان يقول رسول الله(ص) : " من كان يحبني فليحب ابنيّ هذين "، عنى الحسن والحسين ولا يتحدث عنهما كحفيدين وإنَّما يتحدَّث عنهما كابنين له، فإنَّ الله تعالى أمرني بحبهما حتى لا يكون هناك في شبهة عند أحد أنَّ حب رسول الله(ص) الحسن والحسين(ع) هو حُب فطري طبيعي، هومقتضى الأبوة باعتبار أنَّه أبوهم وجدهم وأولاد بنته طبيعي يحبهم، هذا لا يحتاج إلى دليل وليس له خصوصية وليس فيه ميزة فإنَّ طبيعة الحال تقضي أن يحب الأب أوالجد أولاده وأحفاده، لكنَّ رسول الله(ص) يقول لأصحابه والمسلمين إلى قيام الساعة: أنا أحبهما ليس فقط لأنَّهما ابناي بل لأنَّ الله تعالى أمرني بحبهما وفي حديثٍ آخر:" حسنٌ مني وأنا منه" (16) شبيه الحديث
الآخر "حسين منِّي وأنا من حسين " حسن مني وأنا منه، احب الله من احبه..." يعني احب الله من أحب الحسن (ع): الإمام الحسن طبعاً حياته مليئة بالعمل والجهاد في سبيل الله عزَّ وجل، لكن مثل كلِّ إمام يكون هناك حادثة معينة مميزة في حياته العامة أوحياته السياسية من المعروف أنَّ الحادثة الأهم التي يتم التركيز عليها عادة في حياة الإمام الحسن العامة والسياسية وما يصطلح عليه بصلح الامام الحسن (ع) والذي قدم الامام الحسن (ع) فيه تضحيات عظيمة وجسيمة، وقدَّم لنا نموذجاً في الشجاعة، هناك شجاعة الاقدام في المعركة والقتال حتى الشهادة، وهناك شجاعة تحمُّل المظلومية والأذى وحتى الاهانة الشخصيِّة من أجل الهدف الشريف والهدف الإلهي،القتال بحاجة إلى شجاعة، ولكن هناك مواقف أخرى أحياناً بحاجة إلى شجاعة أقوى وأكبر وأصعب لأنَّها قد تفرض على الانسان مواقف صعبة كما استشهد الحسين (ع) في كربلاء من أجل أن يبقى كتاب الله غضاً جديداً شاباً حاضراً في الأمة، من أجل أن تبقى أمة محمد ودين محمد (ص) لنفس الهدف وبنفس الخلفية وبنفس الشجاعة وبنفس الأقدام، كانت تضحيات الإمام الحسن (ع) عندما أقدم على ما يسمى بالصلح وتحمَّل في سبيل هذا الموقف أذىً شديداً وكبيراً حتى من أقرب الأصحاب والمقربين الذي كان بعضهم يأتي إليه وهو إمام المسلمين وواجب الطاعة وحفيد رسول الله(ص) وهم منهيون عن أن يلحقوا أيّ أذىً به بنصِ من رسول الله(ص) ليقول له هذا أو ذاك والعياذ بالله !السلام عليك يا مذل المؤمنين، ولكنَّه كان يتحمل ذلك بصدرٍ رحبٍ وحلمٍ واسع ويشرح لهؤلاء الضيِّقي الأفق الأبعاد الحقيقية لموقفه والمسؤولية الشرعية التي عبَّر عنها من خلال هذا الموقف الامام الحسن (ع) في رواية للإمام زين العابدين (ع) يقول، وهنا أصل إلى ختم الحديث: " إنَّ الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) كان اعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حج حج ماشيا..." (17) إلى هنا المسألة عظيمة ؛ لكن الباقي أتمنى من الإخوة والأخوات أن يسمعوا جيداً ؛ لنتعظ من البقية، وكان إذا ذكر الموت بكى، عن أيِّ انسان نتحدث عن ابن رسول الله، حفيد رسول الله، سبط رسول الله، إمام المسلمين، سيد شباب أهل الجنة، بنص رسول الله(ص)، الإمام زين العابدين (ع) يقول: وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى بكى..."، إلى هنا كانت تنتهي بالبكاء، ولكن وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره، عندما نُعرض على الله بحقائقنا، ماذا نريد بالشكل والمنظر الذي يعرفنا به الناس؟ إذا عرضنا على الله يوم تبلى السرائر، إذا عرضنا على الله يوم الفضيحة، ويوم بروز الحقائق وبالصور الحقيقية لنا ( يوم لا تخفى على الله خافية )، " وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يخشى عليه منها "،هذا سيد شباب أهل الجنَّة، " وكان إذا قام في صلاته..." طبعاً بالتأكيد صلاته ليست مثل صلاتنا، نشرد ونغيب ونفكر ونحلل، " وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربِّه عزَّ وجل، وكان إذا ذكر الجنَّة والنَّار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنَّة وتعوَّذ من النَّار"، جعلنا الله وإيَّاكم إن شاء الله، من قارئي وتالي وحافظي ومتبعي القرآن الكريم، ومن أتباع ولي الله، هذا الامام العظيم وحشرنا الله معهم وشفَّع الله بنا كتابه الإلهي الخالد وأنبياءه وأولياءه وأرجومن اخواني وأخواتي في هذه الليالي المباركة والكريمة أن لا ينسوني إن شاء الله من صالح دعائهم، وأن لا ينسوا إمامهم الغائب المنتظر (عج) وقائدهم ولي أمرهم والمؤمنين والمؤمنات والمجاهدين وكلَّ أصحاب الحاجة من دعائهم ومن ذكرهم والإلتفات اليهم وأسأل الله تعالى أن يكتبنا وإيَّاكم بحرمة هذا القرآن وبحرمة رسول الله وأهل بيته الأطهار من عتقائه من النار ومن طلقائه من جهنَّم وممن يمنُّ عليهم بالجنَّة (18).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين


 (1) - سورة الحجر، الآية: 9.
 (2)
-
سورة فصِّلت، الآياتان: 41 – 42.
 (3) -
سورة النحل، الآية: 103.
 (4)
-
سورة آل عمران، الآية: 138.
 (5)
-
سورة الشعراء، الآيات: من 192 إلى 195.
 
(6) - سورة القمر، الآية: 17.
 (7) - سورة النحل، الآية: 89.
 (8)
-
بحار الأنوار: ج 89، ص32.
 
(9) - ميزان الحكمة: ج8، ص192.
 (10) - بحار الأنوار: ج77، ص290.
 
(11) - سورة الزخرف، الآية: 32.
 
(12) - سورة الأحزاب، الآية: 33.
 
(13) - سورة الشورى ،الآية:23
 
(14) - بحار الأنوار: ج 10، ص353.
 (15) - بحار الأنوار: ج 43، ص291.
 
(16) - بحار الأنوار: ج43، ص270.
 
(17) - ميزان الحكمة: ج7،ص11.
 (18) - بحار الأنوار: ج67، ص400.
 
(19) - تمّ اللقاء في عام:1430 هــ - 2009 م.

 

   التفسير والبيان

  نقاط وتأمُّلات
 

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ سورة الحجرات/ الآية 6




سؤال: في هذه الآية نجد أمراً بالتحقيق والتثبت، ولكن في الآية 12 من هذه السورة حرّم التجسّس في أمور الناس فهل يمكن أن يكون شيء واحد واجباً وحراماً، معاً؟
الجواب: إنّ الفحص والتجسس في حياة الآخرين إنّما يكون حراماً وممنوعاً إذا كان في التصرفات الشخصية إتجاه الأشخاص، مما لا يرتبط بالحياة الإجتماعية وأمنها، ولكن إذا ارتبط الأمر بالمجتمع، وكان مما قد يتهدّده من مخاطر، وأردنا اتخاذ موقف علمي منه، كان عدم التحقيق والفحص، والتبين والتثبت بحجة احترام الأشخاص، مما يعرِّّض المجتمع للفتنة والاضطراب.

دروسٌ وبصائر:
يمكن اتخاذ دروس هامة من هذه الآية نشير فيما يأتي إلى بعضها:
1 ـ كلّما وجهّت أمراً إلى أحد فخاطبه باحترام:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ .
2 ـ لم يكن جميع(من حول) النبي (ص) عدولاً بل كان بينهم الفاسق والمنافق:
﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ... ﴾ .
3 ـ لا مانع من فضح الأشخاص الذين لا يهمهم إلا إلقاء الفتنة:
﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ... ﴾  (ولا بد من التذكير بأن المراد من الفاسق في هذه الآية هو الوليد بن عقبة) .
4 ـ يرى الإسلام أنّ أصلاً مهماً في الحياة الإجتماعية هو الثقة بالناس، أما حساب من فسقه ظاهرٌ بيّن فيختلف حتماً عن حساب الناس العاديين :
﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ... ﴾ .
5 ـ إن أرضيّة الحوادث شيئان: جهد الفاسق، وإصغاء المؤمن وقبوله السريع له:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ... ﴾ .
6 ـ نحن وإن كنّا لا نرغب في استخبار الفاسق، وطلب ما عنده من أخبار ولكن الفسقة هم الذين يسعون إلينا ويحاولون نشر أخبارهم بيننا:
﴿ جَاءَكُمْ ... ﴾ .
7 ـ ليس كل خبر يحتاج إلى التثبت والتحقق(لأن النبأ يطلق على الخبر المهم والمفيد الذي يحتاج إلى التحقيق والتثبيت والفحص والتأكد) .
8 ـ إن الإيمان لا يتناسب مع التسرع في قبول الخبر من دون تحقيق:
﴿ آمَنُواْ ... فَتَبَيَّنُواْ ﴾ .
9 ـ لا تتأخّروا في التحقيق والفحص في الخبر:
﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ فحرف الفاء علامة الإقدام السريع.
10 ـ إنّ المجتمع الإسلامي عرضة لكل هجوم خبريّ، وعلى الناس أن يكونوا أذكياء وحذرين، وأهل تحقيق وتثبت في الأمور:
﴿ إِن جَاءَكُمْ ... فَتَبَيَّنُواْ ﴾ .
11 ـ حيث إنّ الفاسق قد يصدق أحياناً، ولهذا لا ينبغي تكذيب حديثه دائماً، بل يجب التحقّق والتثبت من خبره
﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ .
12 ـ علاج المفاسد والأدواء الإجتماعية إنما يتهيّأ بيقظة الأمة الإسلامية
﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ .
13 ـ لا بد أن نردع الفاسق بالتحقيق في خبره، والتثبت من كلامه، وينبغي أن لا ندع الفسقة يملكون زمام المبادرة، ويقودون الساحة كيفما يريدون في ا
لمجتمع الإسلامي، ويجب أن نضيّق عليهم الطريق ﴿ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُوا قَوْمًا ﴾ .
14 ـ في مجال الإدارة يجب علاج الواقعة قبل وقوعها، في البداية يكون التحقيق ثم يتم الإقدام:
﴿ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُوا ﴾ .
15 ـ بيان فلسفة الأحكام الإلهية والكشف عن حكمتها يزيد من رغبة الناس في القيام بالأوامر الدينية (وفلسفة وحكمة التحقيق والتثبت من الأخبار هو اجتناب وقوع الفتنة في المجتمع) :
﴿ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا ﴾ .
16 ـ إن هدف المخبرين الفسقة هو إيجاد الفرقة والفتنة، والإخلال بالأمن في المجتمع:
﴿ أَنْ تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾ .
17 ـ الإقدام على أساس خبر غير متحقق منه يمكن أن يعرّض جماعة لخطر الفناء:
﴿ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا ﴾ .
18 ـ الإقدام العجول ومن دون التحقيق والتثبت هو ضرب من الجهالة:
﴿ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾ .
19 ـ العمل بالأوامر الإلهية يمنع من الندم، فلنتحقق من الأخبار الواردة حتى لا نقع في الندامة:
﴿ فَتَبَيَّنُواْ ... نَادِمِينَ ﴾ .
20 ـ نتيجة العمل غير المدروس بعناية هي الندامة:
﴿ ... نَادِمِينَ ﴾ .

ما هوالفسق ومن هوالفاسق؟
في هذه الآية (وهي السادسة من سورة الحجرات) يوصي الله تعالى المسلمين بأنه جاءهم فاسق بخبر مهم كان عليهم أن يحققوا فيه، ويتثبتوا منه، فلنعرف هنا ما هوالفسق؟ ومن هوالفاسق؟ وما هي الطرق التي تساعدنا على تمييز النبأ الكاذب عن النبأ الصادق.

«الفسق» في اللغة هوالإنفصال والخروج، وفي اصطلاح القرآن يعني (الفسق): الخروج عن الدين، والابتعاد عن الطريق المستقيم.
وهذه الكلمة تستخدم فيمن يرتكب الإثم، ويُطلق عنوان الفاسق على من يرتكب الذنوب الكبيرة ولم يتب.
وقد وردت لفظة «الفسق» في قوالب وصيغ مختلفة ومتنوعة 54 مرة في القرآن الكريم، واستخدمت أو بالأحرى أطلقت على أفعال وحالات منها:
1 ـ قد يطلق هذا الوصف في مجال الإنحراف الفكري والعقائدي، كما جاء في شأن فرعون وقومه
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فَاسِقِينَ(1) .
2 ـ قد يطلق هذا الوصف على المنافق صاحب الوجوه المتعدّدة:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(2) .
3 ـ قد يطلق هذا الوصف على من يتعرّض بالأذى للأنبياء، وعلى المتمرّدين على تعاليمهم، وأوامرهم (لقد وصف القرآن بني إسرائيل الذين لم يأتمروا بأمر موسى (ع) وكانوا يؤذونه، بالفاسقين) :
﴿ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا ... الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ(3) .
4 ـ وقد يطلق وصف الفاسق على المحتالين: 
﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (4) .
5 ـ وأحياناً يوصف من يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنهم الفسقة:
﴿ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ(5) .
6 ـ وقد يسمى الذين يفضلون مساكنهم والعائلة، والأمور المادية على الجهاد في سبيل الله
﴿ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ ... أَحَبَّ ... وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) .
7 ـ وربما يطلق على الانحرافات الخسيسة والشهوانية الفاسدة (يصف القرآن الذين كانوا يرتكبون اللّواط في مجالسهم بوقاحة بالفاسقين) :
﴿ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (7).
8 ـ وأحياناً يطلق عنوان الفسق على من يتهم النساء المحصنات الطاهرات بتهمة الزِّنا:
﴿ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ... وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(8-9) .
 


(1) - سورة النمل، الآية: 12.
(2) - سورة التوبة، الآية: 67.
(3) - سورة المائدة، الآيتان: 24 - 25.
(4) - سورة الأعراف، الآية: 163.
(5) - سورة الأعراف، الآية: 165.
(6) - سورة التوبة، الآية: 24.
(7) - سورة المائدة، الآية: 3.
(8) - سورة النور، الآية: 4.
(9) - تفسير سورة الحجرات لسماحة الشيخ قراءتي.

 

   التفسير والبيان

  مفردات قرآنية
  سُورَة النِّساء: مَدنيّة وعَدَدُ آياتِهَا مِئةُ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ آية 


بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُواْ (3) وَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً (4) وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً (5) ﴾.


فضلها:
 
عن النبي (ص) قال: "من قرأها أي (سورة النساء) فكأنَّما تصدَّق على كلِّ مؤمن ورث ميراثا، وأعطي من الأجر كمن اشترى محرراً، وبريء من الشرك، وكان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم". وروى العياشي بإسناده عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال: "من قرأ سورة النساء في كلِّ جمعة أومن من ضغطة القبر إذا أدخل في قبره" (1) .
اللغة والبيان:
ابتدأ الله سبحانه هذه السورة بالموعظة والأمر بالتقوى، فقال:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ وهو خطاب للمكلفين من جميع البشر ﴿ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ ﴾ أي خافوا منه فاتركوا معصيته والتزموا أوامره ﴿ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ آدم (ع) وإنما منَّ علينا تعالى بأن خلقنا من نفس واحدة لأنَّه أقرب إلى أن يعطف بعضنا على بعض ويرحم بعضنا بعضاً لرجوعنا إلى أصل واحد ولأنَّ ذلك أبلغ في القدرة وأدل على العلم والحكمة ﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ يعني حواء (عليها السلام) ذهب أكثر المفسرين إلى أنها خلقت من ضلع من أضلاع آدم(ع) ورووا عن النبي (ص) أنه قال: "خلقت المرأة من ضلع آدم (ع) إن أقمتها كسرتها وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها ". وروي عن أبي جعفر الباقر (ع): " أن الله تعالى خلق حواء من فضل الطينة التي خلق منها آدم". ﴿ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ أي نشر وفرق من هاتين النفسين على وجه التناسل رجالاً كثيراً ونساءً ﴿ وَاتَّقُواْ اللَهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ ﴾ أي يسأل بعضكم بعضاً بالله، تقولون أسألك بالله أن تفعل كذا ﴿ وَ ﴾ اتقوا ﴿ الْأَرْحَامَ ﴾ أن تقطعوها ﴿ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ عالماً فيجازيكم بأعمالكم.
﴿ وَآتُواْ ﴾ أعطوا ﴿ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ﴾ بأن تأخذوا طيب أموال اليتيم وتعطوا الخبيث مكانه ﴿ وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ﴾ أي مع أموالكم ﴿ إِنَّهُ ﴾ أي الأكل ﴿ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ أي إثماً عظيماً. ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ﴾ أي لا تعدلوا ﴿ فِي الْيَتَامَى ﴾ أي يتامى النساء إذا تزوجتم بهنَّ، فإنَّهم كانوا يتزوجون باليتيمات ثمَّ لا يعدلون فيهن لعدم أب لهن يخافون منه ﴿ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ ﴾ أي ما حل لكم من سائر النساء غير اليتيمات ﴿ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ اثنين اثنين وثلاث ثلاث وأربع أربع بأن يطلق ثلاثاً ويأخذ غيرها وهكذا بالنسبة إلى الأربع ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾ بين المتعدد من النساء ﴿ فَوَاحِدَةً ﴾ أي اكتفوا بها ﴿ أَوْ ﴾ اقتصروا بـ ﴿ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ من الإماء لأنَّه ليس لهن حق القسم ﴿ ذَلِكَ ﴾ الاكتفاء بواحدة وبملك اليمين ﴿ أَدْنَى ﴾ أقرب ﴿ أَلَّا تَعُولُواْ ﴾ أي أن لا تجوروا على النساء.
﴿
وَآتُواْ ﴾ أعطوا ﴿ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ ﴾ مهورهن ﴿ نِحْلَةً ﴾ أي هدية بلا توقع عوض ﴿ فَإِن طِبْنَ ﴾ أي رضين ﴿ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ ﴾ من الصداق  ﴿ نَفْسًا ﴾ بان طابت نفسهن بذلك ﴿ فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ﴾ أي كلوا ذلك الشيء سائغاً بدون غصة.
﴿
وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ﴾ أي لا تعطوا السفهاء أموالهم، وأضيف إلى (كم) باعتبار أن المال بالنتيجة مال المجموع، فهو إتلاف لمال المجتمع والنهي عن الإعطاء عام في كلِّ سفيه من صبي أو مجنون أو محجور عليه للتبذير فلا يجوز أن تعطي المال السفيه الذي يفسده ولا اليتيم الذي لا يبلغ ولا الذي بلغ ولم يؤنس منه الرشد لتجنب ضياع المال وإفساده ﴿ الَّتِي جَعَلَ اللَهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ أي أموالكم التي جعلها الله قواماً لمعاشكم ومعادكم تقيمكم فتقومون بها قياما ﴿ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ﴾ أي في تلك الأموال ﴿ وَاكْسُوهُمْ ﴾ أي أعطوا كسوتهم منها ﴿ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾ أي تلطفوا بالكلام مع السفيه حتى لا ينكسر خاطره.

سبب النّزول للآية (2-3) :
روي أنَّ رجلاً من بني غطفان كان معه مالاً كثيراً لابن أخ له يتيم، فلمَّا بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه، فخاصمه إِلى النَّبي (ص) فنزلت: ﴿
وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ... ﴾ فلمَّا سمع الغطفاني ذلك ارتدع وقال: أعوذ بالله من الحوب الكبير (2).
ونُقل للآية سبب نزول خاص، فقد كان المتعارف في العهد الجاهلي قبل الإِسلام أن يتكفل أغلب الناس في الحجاز أمر اليتيمات، ثمّ يتزوجون بهنَّ، ثمَّ يمتلكون أموالهنَّ، وربما ينكحوهنَّ بدون صداق أوبصداق أقل من شأنهنَّ، بل وربَّما يتركوهنَّ لأدنى سبب أو كراهية بكلِّ سهولة، وبالتالي لم يكونوا يعطونهنَّ ما يليق بهنَّ ـ كزوجات ـ بل وحتى كبقية النساء العاديات ـ من الاحترام والمكانة، فنزلت هذه الآية توصي أولياء اليتيمات إِذا أرادوا الزواج بهنَّ أن يلاحظوا جانب العدل معهن، وإِلاَّ فليختاروا الأزواج من غيرهنَّ (3) .


(1) - مجمع البيان: ج3، ص2 .
(2) - الدّر المنثور: ج2، ص117 .
(3) - مجمع البيان: ج3، ص5 و6 .

 

   التفسير والبيان

 


إذا كان الأخذ بظواهر الكلام أمراً لازماً في الذكر الحكيم والسنَّة القطعية، فكيف تُفسَّر الصفات الخبرية التي تدلُّ بظواهرها على التجسيم والتشبيه تعالى عن ذلك علواً كبيراً؟
فهل يمكن لنا الأخذ بظاهر قوله سبحانه:
﴿ وَالسّماءَ بَنَيْناها بِأَيْد وَإِنّا لَمُوسِعُون(1) ؟ فظاهر الآية يدلُّ على أنَّه سبحانه بنى السماء بيديه وأنَّ له يداً كالإنسان، كما أنَّ ظاهر قوله سبحانه: ﴿ الرّحمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى(2)، إنّه سبحانه استقر على عرشه وسريره، فالقول بلزوم الأخذ بالظواهر يستلزم حمل هذه الآيات على ظواهرها المنبئة عن التجسيم والجهة؟

هذا هوالسؤال المطروح في المقام، وللإجابة عنه، نقول:
قد عرفت أنّ الضابطة الكلية، أعني: لزوم الأخذ بظاهر الكتاب والسنّة القطعية، أمر لا يمكن النقاش فيها، ولا يصحّ استثناء آية من تلك الضابطة بعدَ تشخيص الظاهر عن غيره، فلو تبيّن بالدلائل القطعية ما هو الظاهر يجب اتّباعه، لكن الكلام في تعيين الظاهر، وتمييز الظهور التصديقي عن الظهور التصورّي، والظهور البدوي عن الظهور النهائيّ، ومثل هذا لا يتحقق إلاّ بالتأمّل والإمعان في نفس الآية الكريمة وما اختصّ بها من القرائن اللفظية، فعندئذ يتميَّز الظاهر عن غيره فيجب الأخذ به بلا كلام. والتجسيم والتشبيه إنّما هو في الظهور البدوي، دون الظهور النهائي بعد الإمعان في الآية.
وما ربما يتصوَّر من أنَّ أهل العدل والتنزيه يحملون الآيات الواردة فيها الصفات الخبرية على خلاف ظواهرها، فهو كلام غير صحيح، فإنّهم لا يأخذون بالظهور التصوّري أوالظهور البدوي للآيات، وأمّا الظهور التصديقي أوالاستقراري فيأخذونه بتمامه، ولا يحملونها على غير ظاهرها.

ولتمييز الظهور الجزئي عن الظهور الجملي، والتصوُّري عن التصديقي نأتي بمثالين:
1. إذا قلت: رأيت أسداً في الحمام، فلفظة «أسد» وحدها ظاهرة في الحيوان المفترس ولكنّها بظهورها الجملي ظاهرة في الرجل الشجاع؛ فلو قيل: إنَّ الجملة حملت على خلاف ظاهرها، فإنّما يصحُّ بالنسبة إلى ظهور جزء من الكلام، أعني: الأسد دون المجموع، فاللازم للأخذ هوالظهور الجملي لا الجزئي.
2. إذا قلت: زيد كثير الرماد، فالظهور البدوي أنَّ بيت زيد غير نظيف ولكنَّه ظهور بدوي، فإذا لوحظ أنَّ الكلام ورد في مقام المدح يكون قرينة على أنَّ المراد لازم المعنى وهو الجود؛ فلو قيل بأنَّ الكلام حمل على خلاف ظاهره، فإنّما هو بحسب ظهوره البدوي لا الاستقراري، فالذي يجب الأخذ به هوالظهور الجملي لا الحرفي، والظهور المستقر لا البدوي.
وعلى ذلك فحمل الجملة الأُولى على الحيوان المفترس والثانية على الجود أخذ بالظاهر وليس فيه شائبة تأويل، ومن يرمي هذه التفاسير بالتأويل فهو لا يفرق بين الظهورين: البدوي والاستقراري.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنَّ الآيات الحاكية عن الصفات الخبرية إذا لوحظت مع القرائن المحتفة بالكلام، يتبيَّن الظهور التصوُّري عن التصديقي والابتدائي عن الاستقراري، ويتبين أنَّ هذه الآيات غنية عن التأويل(بمعنى حمل الظاهر التصديقي على خلاف ظاهره) وأنَّ دلالتها على معانيها قطعيَّة لكن بالشرط الذي ذكرناه.

ولأجل توضيح ذلك نفسر الآيات التي ورد فيها لفظ اليد حتى يتضح أنَّ تلك الآيات ليست بحاجة إلى التأويل بهذا المعنى، أي حمل الظاهر على خلافه، ويكون مقياساً لسائر الآيات التي ربما يكون ظاهرها البدويّ، موهماً خلاف التنزيه:
1. يقول سبحانه:﴿ قالَ يَا إِبليسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ أَسْتَكْبَرتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العَالِينَ(3) .
2. فنقول: إنَّ اليد في الآية استعمل في العضو المخصوص ولكن كُنِّي بها عن الاهتمام بخلقة آدم حتى يتسنَّى بذلك ذم إبليس على ترك السجود لآدم، فقوله سبحانه:﴿ مَا منَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾، كناية عن أنَّ آدم لم يكن مخلوقاً لغيري حتى يصحّ لك يا شيطان التجنُّب عن السجود له، بحجة أنَّه لا صلة له بي، مع أنَّه موجود خلقتُه بنفسي، ونفخت فيه من روحي، فهو مخلوقي الذي قمت بخلقه، فمع ذلك تمرّدت عن السجود له.
فأُطلقت الخلقةُ باليد وكُنِّي بها عن قيامه سبحانه بخلقه، وعنايته بإيجاده، وتعليمه إيَّاه أسماءه، لأنَّ الغالب في عمل الإنسان هو القيام به باستعمال اليد، يقول: هذا ما بنيته بيدي، أوما صنعته بيدي، أوربيّته بيدي، ويراد من الكل هو القيام المباشري بالعمل، وربما استعان فيه بعينه وسمعه وغيرهما من الأعضاء،لكنَّه لا يذكرها ويكتفي باليد. وكأنَّه سبحانه يندد بالشيطان بأنَّك تركتَ السجود لموجود اهتممت بخلقه وصنعه.

* ﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنّا خَلَقْنا لَهُم مِّمّاعَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مالِكُونَ(4)، فالمجسّمة المتعبّدة بظواهر النصوص البدوية تستدلُّ بالآية على أنَّ لله سبحانه أيدي يقوم بها بالأعمال الكبيرة، ولكن المساكين اغترُّوا بالظهور التصوريّ ولم يتدبَّروا في الظهور التصديقي، أخذوا بالظهور الجزئي دون الجملي، فلو كانوا ممعنين في مضمون الآية وما احتفّ بها من القرائن، لميّزوا الظهور التصديقي الذي هو الملاك عن غيره، فإنَّ الأيدي في الآية كناية عن تفرُّده تعالى بخلق الأنعام وانَّه لم يشاركه أحد فيها، فهي مصنوعة لله تعالى والناس ينتفعون بها، فبدل أن يشكروا، يكفرون بنعمته، وأنت إذا قارنت بين الآيتين تقف على أنَّ المقصود هوالمعنى الكنائي، والمدار في الموافقة والمخالفة هوالظهور التصديقي لا التصوري.

إلى هنا خرجنا بالنتائج التالية:
1. إنَّ دلالة ظواهر الكتاب والسنَّة القطعية على مضامينها دلالة قطعية.
2. لا يجوز تأويل الآيات بمعنى حملها على خلاف ظاهرها إلاّ في مورد جرت السنَّة فيه على إمكان إرادة خلاف الظاهر كما هوالحال في مجال التقنين والتشريع.
3. إنَّ اللازم في الصفات الخبرية، أعني: اليد والرجل والعين والاستواء، هو تحصيل الظهور التصديقي لا التصوُّري، والظهور الجملي لا الجزئي، فعندئذ يتعبَّد به ولا يعدل عنه.ولا يحتاج إلى حمل الظاهر على خلافه.
4. إنَّ اليد في الآيات الثلاث، إمَّا كناية عن قيام الفاعل بالفعل مباشرة لا باستعانة من الغير كما في الآيتين الأُوليين، أوكناية عن القدرة الخارقة.
5. حمل الآية على خلاف ظهورها البدوي أمر لا مانع منه، لأنَّ الظهور البدوي ليس بحجَّة ومخالفته لا تعد خلافاً للحجة.
وأمّا حمل الآية على خلاف ظاهرها التصديقي الذي استقر ظهور الكلام فيه أمر غير جائز مطلقاً إلاّ فيما جرت السيرة فيه، أعني: مجال التشريع، مثل: حمل المطلق على المقيد، والعام على الخاص.
وما ربما يتراءى من المشايخ من «أنّ الظواهر خفيفة المؤنة يمكن التصرف فيها» صحيح في الظهور البدوي أوالظهور الجزئي لا في الظهور الجملي والتصديقي الاستقراري.

سؤال: إذا كانت الظواهر قطعية الدلالة فما هو الوجه في اختلاف المفسرين؟
والجواب: إنَّ اختلافهم يرجع إلى الصغرى، وهي عدم وجود ظاهر في البين لأجل الاختلاف في الأُمور التالية:
1. اختلاف القراءات.
2. اختلاف وجود الاعراب وإن اتفقت القراءات.
3. اختلاف اللغويين في معنى الكلمة.
4. اشتراك اللفظ بين معنيين فأكثر.
5. احتمال العموم والخصوص.
6.احتمال الإطلاق أوالتقييد.
7. احتمال الحقيقة أوالمجاز.
8. احتمال الإضمار أوالاستقلال.
9. احتمال لكلمة زائدة.
10. احتمال حمل الكلام على الترتيب وعلى التقديم والتأخير.
11. احتمال أن يكون الحكم منسوخاً أومحكماً.

* اختلاف الرواية في التفسير عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وعن السلف (رض) (5) .
ما ذكره من وجوه الاختلاف صحيح لكن ثمة وجه آخر للاختلاف هو تطبيق الآية على العقيدة التي يعتنقها المفسر، فالجبري يحاول صرف الآيات الدالة على الاختيار عن ظاهرها، كما أنَّ التفويضي يسعى إلى صرف ما يدلُّ بظاهره على أنَّ للسماء دوراً في أفعال البشر، إلى صرفها إلى خلاف ظاهرها. وقلَّما يتّفق أن يتجرَّد المفسر من معتقداته والأُصول التي يتبناها. وهذا هو العامل المهم في اختلاف المفسرين.
ثمَّ إنَّ هناك وجهاً آخر للاختلاف وهوالاختلاف في الأُصول التي يجب أن يصدر عنها المفسر.
فالشيعي الإمامي يصدر عمَّا روي عن النبي وأهل بيته ـ عليهم السَّلام ـ بطرق خاصة ويفسر بها الآيات لا سيَّما فيما يرجع إلى الأحكام، (أمَّا غيره) فيصدر عن غير هذا المصدر فيأخذ بقول كلّ صحابي وإن أدرك النبي يوماً أو يومين أو شهراً ولم تثبت عدالته، كما أنَّ هناك من يأخذ بالإسرائيليات التي جرّت الويلات على المفسرين (6) .


(1) - سورة الذاريات، الآية: 47 .
(2) - سورة طه، الآية: 5 .
(3) - سورة ص، الآية: 75 .
(4) - سورة يس، الآية: 71 .
(5) - ابن الجوزي: التسهيل: 1 / 9 .
(6) - المناهج التفسيريَّة في علوم القرآن: للعلامة الشيخ جعفر السبحاني .

 

   التفسير والبيان

  معجم المفسرين
  التفسير: تفسير الكاشف .



المؤلف:
الشيخ محمد جواد مغنية (قده).

ولادته:
ولد في سنة 1322 هـ-1904م، وتوفي في سنة 1400 هـ 1979م.

تاريخ التأليف: 1390هـ-1970م.

عدد المجلدات:
7 مجلدات.

طبعات الكتاب:
بيروت، دار العلم للملايين.

حياة المؤلف:
ولد سماحته في قرية «طير دبا» من جبل عامل ودرس على شيوخ قريته، ثمَّ سافر إلى النجف الأشرف، فأنهى هناك دراسته، ثمَّ عاد إلى جبل عامل. فسكن قرية «طير حرفا» ثمَّ عيّن قاضياً شرعياً في بيروت، ثمَّ مستشاراً للمحكمة الشرعية العليا، فرئيساً لها بالوكالة وكان فقيهاً ومفسراً وباحثاً.
منهجه في التفسير: بعد ذكر عدد من الآيات، يبين محل نزولها واسم السورة، ثمَّ يشرع في تفسيرها، ولقد خصص لكل آية فقرة بعنوان «اللغة»، و«الإعراب» وبيان الأحكام النحوية لكلمة مشكلة...ولم يتعرض لذكر العلاقة والمناسبة بين الآيات...
ويتعرض للأصول والعقائد والمشكلات الفلسفية والكلامية مثل الجبر والإختيار والهوى والضلال والإمامة وعصمة الأنبياء ... وغير ذلك.

الخلاصة:
تفسير الكاشف من التفاسير الموجزة، العقائدية التربوية، ويعتبر متماشياً مع العصر الحديث.

 

   علوم قرآنية

  نزول القرآن الكريم  



أ.تعريف أسباب النزول:
هذا البحث الذي يسمّى بـ ( سبب النزول ) له علاقة تامّة بتدرّج نزول القرآن.
تقسم آيات وسُوَر القرآن الكريم بشكل عام من حيث أسباب نزولها،إلى مجموعتين:
الاولى: الآيات التي نزلت من غير سبب خاص، وانما نزلت لارشاد وهداية عامة الناس.وتعتبر هذه المجموعة ذات ( سبب نزول عام ) .
الثانية: الآيات التي نزلت لسبب خاص.فالكثير من الآيات والسُوَر نزلت بناءً على حوادث وقضايا حصلت طيلة مدَّة بعثة الرسول، أو استجابة لأمر سُئِل عنه. وكانت في الحقيقة تتوفر الأجواء لنزول آية أو آيات أو ربَّما سورة كاملة.
وهذه الظروف والاجواء تُسَمَّى بـ ( سبب نزول خاص ) (1) .
نذكر على سبيل المثال: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ(2) أو ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ(3)، أو ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ(4)، من الواضح أن لمعرفة سبب نزول آيات المجموعة الثانية، تأثير بارز في فهم المراد منها، ولهذا السبب حرص علماء الدراسات القرآنيَّة والمحدِّثون حرصاً جاداً على جمع أسباب النزول وتأليف كتب مستقلة لها ويرى جلال الدين السيوطي أنَّ أقدم كتاب أُلّف في هذا المجال هوكتاب علي بن المديني، أستاذ البخاري، وألّف هو نفسه ( السيوطي ) كتاباً اسمه أسباب النزول.

ب – فوائد معرفة أسباب النزول:
أوَّلاً: معرفة فلسفة الأحكام.
ثانياً: معرفة الآيات المكيَّة، والآيات المدنيَّة.
ثالثاً: الفهم الدقيق لمعاني الآيات. فمن الطبيعي أن معنى الكلام يختلف تبعاً لاختلاف الموقف الذي يقال فيه. ومن الازم فهم الجوانب الخارجيَّة والقرائن الأخرى، لغرض فهم الكلام بالشكل الصحيح. فإذا أردنا معرفة هل المراد من الكلام الاستفهام، أم التوبيخ، أم اللوم، أم التأكيد، أم الاستهزاء، فذلك يتوقف على كيفية إلقائه، وعلى الامارات والقرائن الأخرى الدالة عليه. ومعرفة سبب النزول ضروريَّة لمعرفة معنى كلام الله، كضرورة القرائن الأخرى والإمارات.
رابعاً: معرفة دائرة شمول الحكم. فمعرفة الآية أوالحكم يزيل وهم حصرها ؛ إذ أنَّ معرفة سبب النزول يدفع مثل هذا الوهم.
خامساً: يتعذر أساساً تفسير بعض الآيات من غير الوقوف على قصَّة نزولها. ويمكن في الحقيقة اعتبار هذه الفائدة خلاصة ونتيجة للفوائد الأخرى. نورد فيما يلي مثلاً للآيات التي تؤثر معرفة سأن نزولها تأثيراً حاسماً في معرفة معناها: تنص الآية 115 من سورة البقرة على ما يلي: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ(5) .
فإنا لوتُركنا ومدلول اللفظ لا قتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفراً ولا حضراً، وهوخلاف الإجتماع. فلمَّا عرف سبب نزولها، علم أنها في نافلة السفر (6) .
وعلى هذا المنوال يتضح أنَّ معرفة ظروف نزول الآيات أوالسور القرآنيَّة، لها تأثير حاسم في كيفية فهمها وازالة الغموض عن بعضها.

ج – عموميَّة اللفظ أم خصوصيَّة السبب:
سار المفسِّرون على خُطى علماء الأصول فيما يخص الأحاديث التي تبيِّن سبب نزول خاص للآيات، وقالوا أنَّ المهم هو النص القرآني الذي يحمل معنىً عاماً وشمولياً. فإن كان للآية معنى عام، فهي لا تنحصر في إطار الأفراد المعنيين بل تشمل الجميع، حتَّى وإن كان هناك سبب خاص لنزولها.
يقول السيوطي: " هل العبرة بعموم اللفظ أوبخصوص السبب؟ والأصح عندنا الأول. وقد نزلت آيات في أسباب، واتفقوا تعديتها إلى غير أسبابها شأن هلال بن أُميَّة " (7) .
أساساً لو اعتبرنا مفاد الآيات خاصاً بسبب نزولها لفقدت الكثير من آيات القرآن تطبيقاتها، ولغدا القرآن كتاباً للماضين ولا يحمل أيَّة رسالة للآتين، ومن الطبيعي أنَّ أيَّ مسلم لا يقبل بمثل هذا الاعتقاد. فالآيات المتعلِّقة بالسرقة، والقذف، واللعان، والظهار، وبناء مسجد ضرار، وعشرات الآيات الأخرى التي كان لكل واحدة منها سبب نزول خاص، تبين أحكاماً عامَّة وشموليَّة. مثلاً إذا كانت سبباً لنزول الآية، وانما حكمها عام ويسري على كل الحالات المشابهة لذلك السبب الخاص.
وحكم الآية التي نزلت في شخص أو أشخاص معيَّنين، لا تنحصر في حالة نزولها فقط، بل تنطبق على جميع الحالات التي تشترك في صفاتها وخصائصها مع حالة نزول الآية. وهذا هوما يُسمى في عرف الروايات بـ ( الجَرْي ) و( الانطباق ) .
ومفهوم هذا الكلام هو أنَّ احكام القرآن لا تختص بزمانٍ معيَّن أو أشخاص معيَّنين، بل تنطبق على جميع الأزمنة وعلى جميع الحالات المشابهة، بحيث يمكن اعتبار السبب الخاص مجرد ذريعة لنزول الحكم الإلهي، وهو حكم عام وشامل، نذكر مثلاً الآية التاليَّة: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ(8) .
في الآية الشريفة سؤال عما يريدون انفاقه. ولكن جاء الجواب عن موارد الإنفاق الخمسة التي بيَّنها القرآن بشكل عام. وبعبارة أخرى طرح السؤال لتعيين أشياء للانفاق، بينما جاء الجواب في شأن من ينبغي الإنفاق عليهم.
نشير في ختام هذا البحث إلى أنَّ المفسرين ومن كتبوا في أسباب النزول، قالوا بأنَّ أسباب النزول متعددة أحياناً، إلا أنَّ النزول واحد. واحياناً يكون السبب واحداً وتتعدد الآيات النازلة فيه.

د – مدى اعتبار أحاديث أسباب النزول:
الحق هو أنَّ الحديث أو الخبر إذا كان متواتراً أو قطعياً لكان ينبغي الأخذ بمفاده، وإلا فنعرضه على الآية موضع البحث، فإذا كان هناك انسجام بين الآية وما حولها من القرائن، وبين مفاد الحديث، عند ذاك يمكن الوثوق بذلك، الحديث الذي اعتبر سبباً لنزول الآية ومع أنَّ هذه الطريقة يترتب عليها إسقاط اعتبار الكثير من أحاديث النزول، إلا أنَّ المتبقي منها يغدو معتبراً ويمكن الوثوق به (9) .


(1) - شأن النزول اصطلاح يطلق على الوقائع التي سبقت عهد الرسول (ص)، مما تحدث عنه القرآن، كقصة هجوم أبرهة، وقصص الأنبياء وأخبار السالفين.
(2) - سورة الكهف، الآية: 83 . 
(3) - سورة الإسراء، الآية: 85 . 
(4) - سورة النازعات، الآية: 42. 
(5) - سورة البقرة، الآية:115 .
(6) - الإتقان: ج1، ص94، الميزان، ج1، ص262 .
(7) - الإتقان: ج1، ص95 .
(8) - سورة البقرة الآية: 215 .
(9) - دروس في علوم القرآن الكريم لحسين جوان آراسته، ص85 – 89،(مع بعض التصرف) .

 

   قصص قرآنية

  قصة المباهلة

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ
سورة يوسف، الآية: 111
 


الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَّهُ عِوَجَا، والصلاة والسلام على نبيّه الذي أنار الطريق للخلق بهديه من الظُلمات وعلى آله الميامين الطاهرين.


﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) ﴾.
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، والصلاة والسلام على نبيّه الذي أنار الطريق للخلق بهديه من الظُلمات وعلى آله الميامين الطاهرين.

هذه الآيات جاءت ردّاً على محاورات مسيحيّي نجران الذين جاؤوا في وفد مؤلّف من 60 شخصاً وفيهم عدد من زعمائهم بقصد التحاور مع رسول الله (ص) .
ومن بين المواضيع التي طرحت للمحاورة مسألة اُلوهيّة المسيح التي رفضها رسول الله (ص) واستدلّ بأنّ المسيح وُلِد وعاش كبقية الناس ولا يمكن أن يكون إلهاً، لكنّهم استدلّوا على الوهيّته بولادته من غير أب، فنزلت الآيات ردّاً عليهم، ولمّا رفضوا ذلك دعاهم إلى المباهلة.

القصَّة:
قيل أنَّ وفد نجران العاقب والسيد ومن معهما قالوا لرسول الله: هل رأيت ولداً من غير ذكر فنزلت: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ... ﴾ الآيات فقرأها عليهم، فلمّا دعاهم رسول الله إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك، فلمّا رجعوا إلى رجالهم قال لهم الاسقف: انظروا محمّد في غد فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء.

فلمّا كان الغد جاء النّبي (ص) آخذاً بيدي علي بن أبي طالب (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) بين يديه يمشيان وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وخرج النصارى
يتقدمهم اسقفهم. فلمَّا رأى النّبي (ص) قد أقبل بمِن معه فسأل عنهم فقيل له: هذا ابن عمّه وزوج ابنته وأحب الخلق إليه، وهذان ابنا بنته من علي وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدّم رسول الله (ص) فجثا على ركبتيه. قال أبو حارثة الأسقف جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة.
فرجع ولم يقدم على المباهلة، فقال السيد: اُدن يا أبا حارثة للمباهلة ! فقال: لا. إنّي لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يح
ل والله علينا حول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء.
فقال الأسقف: يا أبا القاسم ! إنا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ينهض به، فصالحهم رسول الله(ص) ... وكتب لهم بذلك كتاباً.
وروي أن الأسقف قال لهم: إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لازاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

وقال النبي والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم نارا ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم قالوا فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي وأهدى العاقب له حلة وعصا وقدحا ونعلين وأسلما.


(1) - «مُباهَلة» في الأصل من مادة «بَهْل»(على وزن اَهل) بمعنى اطلاق وفك القيد عن الشيء وبذلك يقال للحيوان الطلق حيث لا توضع محالبها في كيس كي يستطيع وليدها أن يرضع بسهولة يقال له: «باهل»، و«ابتهال» في الدعاء بمعنى التضرع وتفويض الأمر إلى الله. واذا فسّروها بمعنى الهلاك واللعن والبعد عن الله كذلك بسبب ترك العبد طلقاً وحراً في كلّ شيء تترتب عليه هذه النتائج، هذا معنى «المباهلة» لغةً. امّا مفهوماً ما هوالمعروف نزول هذه الآية، بمعنى الملاعنة بين الشخصين، ولذا يجتمع أفراد للحوار حول مسألة دينية مهمّة في مكان واحد ويتضرعون الله أن يفضح الكاذب ويعاقبه .
(2) -
مجمع البيان:ج2،ص742 .

 

   القرآن ونهج البلاغة



 

بسم الله الرحمن الرحيم
من خطبة لأمير المؤمنين علي (ع) يصف فيها المتقين
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين.

قال (ع) في ضمنها : « ... أَمَّا اَللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ اَلْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَ يَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً، وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً، وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَ إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ شَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ ... » .

الشــــــرح


روي أنَّ صاحباً لأمير المؤمنين (ع) يقال له همام، وكان رجلاً عابداً، فقال: يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم، فتثاقل (ع) أي تباطأ (في جوابه، ثمَّ قال: يا همَّام اتق الله وأحسن) والإحسان فوق التقوى، بأن يعمل الانسان بالرَّغائب والمندوبات ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾ ولعلَّ تثاقل الإمام واختصاره في الجواب لما يعلم من أنَّ التفصيل موجب لهلاكه، كما ذكر في آخر الخطبة (فلم يقنع همّام بهذا القول حتى عزم عليه) أي اصر أن يجيبه إجابة مفصلة، وأقسم الإمام على ذلك (فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (ص) ثمَّ قال (ع): (الخطبة) .
إلى أن وصل إلى قوله (ع): « أَمَّا اَللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ
» أي يصفُّون إحدى رجليهم بإزاء الأخرى قائمين في صلاتهم، عن الإمام الصّادق (ع) قال: كان فيما ناجى الله عزَّ وجلّ به موسى ابن عمران أن قال له: يابن عمران، كذب من زعم أنَّه يحبَّني فإذا جنَّه اللَّيل نام عنِّي. أليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه... الخ. (1)
يقول سبحانه: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (17) ﴾
(2) .
وبعد وصف قيامهم بالصّلاة في اللّيل أشار إلى قراءتهم ووصفها بقوله:
« تَالِينَ » أي قارئين « لِأَجْزَاءِ اَلْقُرْآنِ
» عن أبي عبداللّه (ع) قال: قال أميرالمؤمنين (ع): البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزَّ وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وأنَّ البيتَ الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزَّ وجل فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين (3) .
« يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً
» والترتيل: (لغة) : هوالترسل والتَّأني ، (فقهياً) له قسمان:
1- هو بيان الحروف وإخراجها من مخارجها على نحو يعتبر العرب أنَّ راءه راًء وضاءه ضاءً وقافه قافاً وهكذا.
2- الوقوف على موضعه وهوما تمَّ لفظه ومعناه، مثل ﴿ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، وروى ابن الجزري عن الامام علي أنَّه قال: الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف
(4) .
وفي مجمع البحرين عن أمير المؤمنين عليه السَّلام: ترتيل القرآن حفظ الوقوف وبيان الحروف. وفسِّر الوقوف بالوقف التامِّ وهو الوقوف على كلام لا تعلّق له بما بعده لا لفظا ولا معنا، وبالحسن وهو الّذي له تعلّق، وفسّر الثاني بالاتيان بالصِّفات المعتبرة عند القراءة من الهمس والجهر والاستعلاء والاطباق.
وفى الكافي عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قول اللّه عزَّ وجلّ
﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ قال: قال أمير المؤمنين عليه السَّلام: بيِّنه تبيانا ولا تهذُّه هذَّ الشِّعر، ولا تنثره نثر الرَّمل، ولكن افزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن همُّ أحدكم آخر السُّورة.
« يُحَزِّنُونَ بِهِ » أي بالقرآن « أَنْفُسَهُمْ
» فإنَّ الانسان إذا تذكر الأمور المحزونة حزن، كما أنَّه إذا تذكر الأمور المفرحة فرح، والقرآن حيث يشتمل على التخويفات يوجب الحزن، ففي (الكافي) عن الصادق عليه السّلام: أنَّ القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن.
« وَيَسْتَثِيرُونَ
» يعني يهيجون « بِهِ » أي بسبب القرآن « دَوَاءَ دَائِهِمْ » الظاهر أنَّ المراد بدائهم هو داء الذُّنوب الموجب للحرمان من الجنَّة والدُّخول في النَّار، وبدوائه هو التَّدبُّر والتفكُّر الموجب لقضاء ما عليهم من الحقِّ وسؤال الجنَّة وطلب الرَّحمة والمغفرة والتعوُّذ من النَّار عند قراءة آيتي الوعد والوعيد. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ(5) . ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ(6) .
« فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ
» إلى الثواب والجنَّة « رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً » أى مالوا واشتاقوا واتكلوا إلى تلك الآية راجين أن يصلهم ذلك الثواب « وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا » أي إلى تلك الآية، والتطلع: النظر إلى المحبوب ليطلع عليها « شَوْقاً » إلى الثواب.
« وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ
» أي أيقنوا أنَّ تلك الآية أي الثواب والجنَّة التي وعد بها المتقون معدَّة لهم بين أيديهم، والظنّ هنا بمعني اليقين لما قد مرَّ في الخطبة من اتّصافهم بعين اليقين وأنهم والجنَّة كمن قد رآها فهم فيها منعَّمون ...
« وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ
» وتحذير من النار والعقاب « أَصْغَوْا إِلَيْهَا » أى أمالوا واسمعوا « مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ » بمعنى أنَّهم التفوا إليها بقلوبهم لا بأسماعهم فقط، « وَظَنُّوا » أي علموا « أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ » أي في أعماق آذانهم، وذلك كناية عن شدَّة تأثرالنفس بها، والزّفير إدخال النفس والشهيق إخراجه، ومنه قيل: إنَّ الزَّفير أوَّل الصوت والشهيق آخره، والزَّفير من الصَّدر والشهيق من الحلق، والنار لها هذان الصوتان حين اشتعالها والتهابها. وكيف كان فالمراد أنَّهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذَّبون.
وخلاصة الكلام أنَّ المتّقين يقرأون القرآن بالتَّرتيل والصوت الحسن الحزين ويشتدُّ رجاؤهم عند قراءة آيات الرَّجا، وخوفهم عند تلاوة آيات الخوف.نسأله تعالى أن يجعلنا من المرتلين للقرآن العاملين به والراجين ثوابه والخائفين عقابه والعارفين بحقه تعالى، إنَّه سميع مجيب.
(7)


(1) - مستدرك سفينة البحار: ج1، ص163 .
(2) - سورة السجدة، الآيتان: 15 – 16 .
(3) - سنن النبي الأكرم: ج4، ص52، وفي الكافي .
(4) - روايات المدرسين: ج7، ص12 .
(5) - سورة يونس، الآية: 57 .
(6) - سورة الإسراء، الآية: 82 .
(7) - بقلم الشيخ فادي الفيتروني .

 

   أبحاث اخلاقية

أُصول المسائل الأخلاقيّة
في القرآن الكريم


إنَّ الاُصول الأربعة التي أعدَّها القدماء للأخلاق حيث لخّصوا الفضائل الأخلاقيَّة  في أربعة اُصول، هي:

1 ـ الحكمة .
2 ـ العفَّة .
3-الشجاعة .
4-العدالة (1) .
وأحياناً يضمُّون إليها العبوديَّة لله تعالى، ويجعلونها خمسة اُصول.

هي في الواقع إكمالٌ لما جاء به فلاسفةُ اليونان القُدماء، لكنَّها لا يمكن أن تكون نموذجاً ومقسماً جامعاً للصّفات الأخلاقيّة، وإن كانت تصدق على كثير من المسائل الأخلاقيّة.

العودة للاُصول الأخلاقيّة في القرآن الكريم:
نعود لتحليل الاُصول الأخلاقيَّة التي نستوحيها من القرآن الكريم، فنحن نعلم أنَّ القرآن الكريم لم يُنظَّم ككتاب تقليدي، في أبواب وفصول، كما هوالمتعارف اليوم، بل هو مجموعةٌ من القاءات الوحي السَّماوي، نزل بالتَّدريج على حسب الحاجة والضَّرورة، ولكن وبالإستفادة من طريقة التَّفسير الموضوعي، يمكن وضعه في مثل هذه القوالب.
ومن التَّقسيمات الَّتي يمكن استيحاؤها واستفادتها من مجموع الآيات القرآنية، هو تقسيم أُصول الأخلاق إلى أربعة أقسام:
1 ـ المسائل الأخلاقيَّة المتعلِّقة بالخالق.

2 ـ المسائل الأخلاقيَّة المتعلِّقة بالخَلق.
3 ـ المسائل الأخلاقيَّة المتعلِّقة بالنَّفس.
4 ـ المسائل الأخلاقيَّة المتعلِّقة بالكون والطَّبيعة.
فمسألة شكر المُنعم والخضوع أمام الباري تعالى، والرِّضا والتَّسْلِيم لأوامره، وما شابهها، يُعتبر من المجموعة الاُولى.

والتواضع، والإيثار، والمحبَّة، وحُسن الخلق، والمُواساة، تدخل في دائرة المجموعة الثَّانية.
تزكية النَّفس وتطهير القلب من الأدران، وتفعيل عناصر الخير، لمقاومة الضَّغط والتَّحديات التي يُواجهها الإنسان في حركة الواقع والحياة، تدخل في نطاق المجموعة الثَّالثة.
وأمَّا عدم الإسراف والتَّبذير، وإتلاف المواهب الإلهيَّة، فإنَّه يُعتبر من القسم الرَّابع.
كلُّ هذه الاُصول الأربعة، لها جذور واُصول في القرآن الكريم... وبالطبع فإنَّ هذه الشُّعب الأربعة، تختلف عمَّا جاء في كتاب «الأسفار» للفيلسوف المعرو
ف: «ملاّ صدرا الشِّيرازي»، وأتباع مذهبه، فهؤلاء وطِبقاً لطريقة العُرفاء، شبَّهوا الإنسان وحركته التكامليَّة: بـ: (المسافر)، وعبَّروا عن مسائل بناءِ الذَّات وصياغة الشَّخصية بالسَّير والسُّلوك، وجعلوا للإنسان أربعةَ أسفار، هي مَطمع السَّالكين والعُرفاء، وأولياء الله:
1 ـ السَّفر من الخلق إلى الحقِّ.
2 ـ السَّفر بالحقِّ في الحقِّ.

3 ـ السَّفر من الحقِّ إلى الخلق بالحقِّ.
4 ـ السفر بالحقِّ في الخلق.
ومن المعلوم أنَّ هذه الأسفار أوالمراحل الأربعة لبناء الذات، والسَّير والسُّلوك إلى الله تعالى، تتحرك بإتجاه آخر غير ما نحن بصددِه، وإن كانت تتشابه في بعض أقسام الفروع الأربعة، للأخلاق الآنفة الذِّكر.
وتوجد في القرآن الكريم آيات، نعتقد أنَّها رَسمت الاُصول الكليَّة للأخلاق، ومن هذه الآيات، الآيات الوادرة في(سورة لُقمان) والَّتي تبدأ من هذه الآية:
﴿ وَلَقَدْ آتَينا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ للهِ(2) .
إنَّ أوَّل ما يشرع فيه الإنسان في مضمارالعقائد والمعارف، هو شُكر المُنعم، وأوَّل خطوة في طريق معرفة الله تعالى، هي مسألة شكر المُنعم، أو بعبارة اُخرى، كما صرَّح علماء العقائد والكلام: إنَّ الدَّافع للحركة إلى الله تعالى هو شكر النِّعمة، لأنَّ الإنسان عندما يفتح عينه، يرى نفسه غارقاً في بحر النِّعم، فيدعوه الضَّمير مُباشرةً إلى معرفة المُنعم
، وهذا هو بداية الطَّريق لمعرفة الله تعالى.
وبعدها تتطرَّق الآية لمسألة التّوحيد وتقول: ﴿ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ ﴾.
وفي المرحلة الاُخرى، يتناول القرآن الكريم مسألة المعاد، وهي الأساس الثَّاني والمهم للمعارف الدِّينية ويقول: ﴿ يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّة مِنْ خَرْدَل فَتَكُنْ فِي صَخْرَة أَوفِي السَّمَواتِ أَوفِي الأَرْضِ يَأَتِ بِها اللهُ (3) .
ثمَّ يتطرق للاُصول الأساسيَّة للأخلاق والحكمة العمليَّة، ويشير للاُمور التاليَّة:
1 ـ مسألة احترام الوالدين وشكرهما بعد شكر الخالق: ﴿ وَوَصَّينا الإِنسانَ بِوَالِدَيِهِ ... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيكَ (4) .

2 ـ إعطاء الأهميّة للصلاة، وعلاقته بالله والدعاء والخضوع له: ﴿ أَقِمْ الصَّلاةَ(5) .
3 ـ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر: ﴿ وَامُرْ بِالمَعرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ(6) .

4 ـ الصَّبر على نوائب الدَّهر: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ(7) .
5 ـ حُسن الخُلق مع النَّاس: ﴿ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ(8) .
6 ـ التواضع وترك الكِبر مع النَّاس والخلق: ﴿ وَلاَ تَمْشِ في الأَرْضِ مَرَحَاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَال فَخُورٍ(9) .
7 ـ الاعتدال في المشي وفي كلِّ شيء: ﴿ واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ واُغْضُضْ مِن صَوتِكَ (10) .
وعلى هذا التَّرتيب، نرى أنَّ القسم الأكبر من الفضائل الأخلاقيَّة، جاءت في الآيات القرآنيَّة تحت عنوان: «حكمةُ لقمان»، الَّتي تشمل الشُّكر والصبر وحُسن الخلق
والتَّواضع والإعتدال والدَّعوة للإحسان، ومقاومة النَّوازع والأهواء النّفسانيِّة، كلُّ ذلك في ضِمن سبعِ آيات، من الآية (13 إلى 19) .
وجاء في الآيات الثلاث من سورة الأنعام، الَّتي تبدأ بالآية (151) وتنتهي بالآية (153)، عشرة أوامر مهمَّة، تناولت مبادىء مهمَّة من الاُصول الأخلاقيَّة، ومن جملتها: ترك الظُّلم للأولاد، ورعاية الأيتام، ومُراعاة العدالة مع الجميع، وترك العصبيَّة للأقارب والأصدقاء والقبيلة، في دائرة نقض اُصول العدالة، وكذلك الاجتناب من القبائح والرَّذائل الظَّاهرية والباطنيَّة، واحترام حقوق الوالدين، والإجتناب عن كلِّ ما يُسبِّب التَّفرقة والابتعاد عن كلِّ شرك (11) .

اُصول الأخلاق الإسلاميَّة في الرِّوايات:
استعرضت الأحاديث والرِّوايات الإسلاميَّة، الاُصول الأخلاقيَّة الحسنة والسيِّئة، بطريقتها الخاصَّة، لا كما جاء في كتب حُكماء اليونان ومن جملتها:
ما جاء في الحديث المعروف الذي جاء في كتاب: (اُصول الكافي)، عن الإمام الصادق(ع): أنّ أحد أصحاب الإمام (ع) واسمه «سماعة بن مهران»، قال: كنت ع
ند أبي عبدالله (ع) وجماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبوعبدلله(ع): «إعرفوا العقل وجنده، والجهل وجنده تهتدوا»، فقلت: جُعلت فِداك لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا، فقال أبوعبدلله (ع): ... (الحديث طويل ولكنَّه مهم فراجع) (12) - (13) .


(1) - جاء في الرواية المرسلة المنسوبة للإمام أمير المؤمنين(ع)، حيث قال: الفَضائِلُ أربَعَة أَجناس: أحَدُهُما: الحِكْمَةُ وَقِوامُها فِي الفِكرَةِ، والثَّانِي: العِفَّةُ وَقِوامُها في الشَّهوَةِ، وَالثَّالِثُ: القُوَّةُ وَقِوامُها فِي الغَضَبِ، وَالرّابِعُ: العَدلُ وَقِوامُهُ في اعتِدالِ قُوى النَّفسِ».. بحار الأنوار، ج75، ص81، ح86 . 
(2) - سورة لقمان، الآية: 12 .
(3) - سورة لقمان، الآية: 16 .
(4) - سورة لقمان، الآية: 14 .
(5) - سورة لقمان، الآية: 17 .
(6) - سورة لقمان، الآية: 17 .
(7) - سورة لقمان، الآية: 17 .
(8) - سورة لقمان، الآية: 18 .
(9) - سورة لقمان، الآية: 18 .
(10) - سورة لقمان، الآية: 19 .
(11) - لمزيد من التوضيح لهذه الأوامر العشرة، يمكن الرجوع لتفسير الأمثل: ج6، ذيل تفسير هذه الآيات الثلاث.
(12) - راجع أصول الكافي، ج1، ص20 إلى 23، ح14 .
(13) - الأخلاق في القرآن ج1،ص87، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي .

 

   المرأة

  نموذج من المرأة الصالحة في القرآن
 


يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُواْ امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ... (1) .

إنها آسية بنت مزاحم تلك المرأة التي آمنت منذ أن رأت معجزة موسى (ع) أمام السحرة واستقرَّ قلبها على الايمان، لكنَّها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أنَّ الايمان برسالة موسى (ع) وحب الله ليس شيئاً يسهل كتمانه وبمجرد أن اطلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرَّ عليها أن تتخلى عن رسالة موسى وربَّه غير أنَّ هذه المرأة الصالحة رفضت الاستسلام إطلاقاً.
وأخيراً أمر فرعون أن تثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة. وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون تدعوبهذا الدعاء: ﴿
...إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾، وقد استجاب لها ربّها.
ومن الطريف أنَّ امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئاً مقابل بيت في الجنة وفي جواره تعالى، وبذلك أجابت على نصائح الناصحين من أنها ستسخر كل تلك المكاسب وتحرم منصب الملكة(ملكة مصر) وما إلى ذلك لسبب واحد هو أنها آمنت برجل راع كموسى (ع).

وفي عبارة: ﴿
... وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾، تضرب مثلاً رائعاً للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة، أوتتخلى عن إيمانها مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا.
لم تستطع بهارج الدنيا وزخارفها التي كانت تنعم بها في ظل فرعون، والتي بلغت حداً ليس له مثيل، لم تستطع كل تلك المغريات أن تثنيها عن نهج العقل، كما لم تخضع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون. وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي اختارته رغم الصعاب واتجهت نحوالله معشوقها الحقيقي (2) .
فقالت:
﴿ ... رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ... ﴾، لخص سبحانه جميع ما كانت تبتغيه في حياتها وترومه في مسير عبوديتها في مسألة سألت ربها وذلك أن الايمان إذا كمل تواطأ الظاهر والباطن وتوافق القلب واللسان فلا يقول الانسان إلا ما يفعل ولا يفعل إلا ما يقول فيكون ما يرجوه أويتمناه أويسأله بلسانه هو الذي يريده كذلك تعمله.
وإذ حكى الله فيما يمثل به حالها ويشير إلى منزلتها الخاصة من العبودية دعاء دعت به دل ذلك على أنه عنوان جامع لعبوديتها وعلى ذلك كانت تسير مدى حياتها، والذي تتضمنه مسألتها أن يبني الله لها عنده بيتاً في الجنَّة وينجيها من فرعون وعمله وينجيها من القوم الظالمين فقد اختارت جوار ربه والقرب منه على أن تكون أنيسة فرعون وعشيقته وهي ملكة مصر وآثرت بيتاً يبنيه لها ربها على بيت فرعون الذي فيه مما تشتهيه الأنفس وتتمناه القلب ما يقف دونه الآمال فقد كانت عزفت نفسها ما هي فيه من زينة الحياة الدنيا وهي لها خاضعة وتعلقت بها عند ربه من الكرامة والزلفى فآمنت بالغيب واستقامت على ايمانها حتى قضت.
وهذه التقديمات هي التي قدمتها إلى أن جعلها الله مثلاً للذين آمنوا ولخص حالها وما كانت تبتغيه وتعمل له مدى حياتها في مسير العبودية في مسألة حكى عنها وما معناها إلا أنها انتزعت من كل ما يلهوها عن ربها ولاذت بربها تريد القرب منه تعالى والاقامة في دار كرامته (3) - (4) .


(1) - سورة التحريم، الآية: 11 .  
(2) -
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – تأليف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي .
(3) -
الميزان في تفسير القرآن – العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي .
(4) -
إعداد الحاجة صفاء حشوش – القسم التعليمي في جمعيَّة القرآن الكريم - منطقة بيروت .

 

   تلاوة وتجويد

  نصائح وإرشادات لحفظ القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.


قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.
 
﴿ بَلْ هُوآيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (1) .

 


لا تخلومسيرة حفظ القرآن الكريم من بعض الصعوبات، وهي تواجه كل الحفاظ وإن بنسب متفاوتة من حافظ إلى آخر. لكنك تجد في المحصّلة أنَّ هناك " مشاكل" يشترك فيها جميعهم ولعلَّّ من أهمِّها:

أولاً: الربط بين الصفحات.

ثانياً: أواخر الآيات.

والمشكلة الثالثة: فتلك المتعلقة بالآيات المتشابهة، وهي الأكثر شيوعاً. سنتحدث في الآتي عن كل مشكلة وكيفية معالجتها.

أما في المشكلة الأولى وهي الربط بين الصفحات، ففي كثير من الأحيان، عندما يصل الحافظ في تسميعه وإلى نهاية صفحة ما، تراه يتوقف جاهداً لتذكُّر أول آية من الصفحة التي تليها.
وهنا نقول: أنَّ الحل يكمن في اعتبار الآية من الصفحة الجديدة جزءاً من الصفحة السابقة، أي عندما تحفظ الصفحة يزيد عليها آية من التي بعدها كأنَّ هذه الآية هي من ضمن ما قبلها، وهكذا فهو يحفظ في كلِّ مرَّة صفحة وآية، ويسمّع في نهاية الحصة صفحة وآية: فيكون قد ربط بين الآيتين-من خلال التكرار- وبين الصفحتين.

وأما المشكلة الثانية وهي مشكلة أواخر الآيات: فإننا نجد أنَّ الكثير من الآيات تنتهي بـ ﴿ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ مثلاً، أو ﴿ وَاللهَُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾، أو ﴿ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾، أو﴿ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، أو﴿ وَاللهُُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ ... والأمثلة ضمن هذا الإطار كثيرة جداً.
على الحافظ هنا أن يتفكر، كخطوة أولى في معنى الآية جيداً، فإنه سيجد أنَّ معناها مرتبط بنهايتها. مثلاً، الآية 297 من سورة التوبة تنتهي بـ ﴿ وَاللهُُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾، وإذا تمعَّنَّا في هذه الآية، سنجد أنها تتحدث عن نفاق الكفار الذي يجهله الناس ويعلمه الله، ونقول أيضاً أنه من الأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، وذلك فيه حكمة من الله تعالى، لذلك فهوالعليم الحكيم.
وإما أن يفكر في الآية ولم يستطع إيجاد الحل واضحاً من خلال المعنى فباستطاعته، كخطوة ثانية، اعتماد أسلوب الترميز، سنعطي مثلاً على ذلك، الآية 103 من الس
ورة نفسها، إذ تنتهى بـ ﴿ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾، وقبل هذه الكلمات هناك كلمة﴿ سَكَنٌ ﴾، فباستطاعته إذا أن يربط بين حرف السين في﴿ سَكَنٌ ﴾ والسين في ﴿ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾، وهكذا فإنه لا يقع في الاشتباه بإذن الله.

ننتقل أخيراً إلى موضوع الآيات المتشابهة. وتجدر الاشارة هنا. أنه من المهم جداً أن لا نكون "حساسين" اتجاهها، وأن لا ننبّه الطالب على ذلك ونلفت نظره لها إلا إذ عرف لوحده ذلك، فنسهل له الأمر بدل ان ندخله في مشكلة كان من الممكن أن لا يقع بها.
في البحث عن حلول لهذه المشكلة، من الممكن إيجاد ثلاثة حلول هي:
أولاً: التفريق بين المتشابهات من خلال المعنى: فالآية 151 من سورة الانعام مثلاً والمتشابهة مع الآية 31 من سورة الاسراء، تقول: ﴿ وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾، أما الثانية فتقول: ﴿ وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾، فحين الخوف والخشية من الاملاق- أي الفقر والعجز عن النفقة يقدم الانسان أول
اده عن نفسه ويفكر بهم اولاً، أما في حال وقوع الفقر والموت فأنانية الانسان تجعله يفكر بنفسه اولاً قبل اولاده، لذلك تتقدم النفس عن نفس الولد في الآية الأولى.
أما الحل الثاني: فيكون باعتماد أسلوب الترميز، من خلال البحث عن رمز ما، يزيل الالتباس، مثلاً: الآية من سورة النساء تقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ ﴾، وهنا تقدم كلمة: ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾، على: ﴿ شُهَدَاءَ لِلهِ ﴾، أما في سورة المائدة: فتسبق عبارة: ﴿ لِلهِِ شُهَدَاءَ ﴾، كلمة "القسط". فنقول إن حرف السين هو الرمز وهو مشترك بين اسم السورة(النساء)، لذلك في هذه السورة يقدم كلمة ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾، أما في كلمة المائدة فلا يوجد حرف السين فلا تقدم كلمة "القسط"، وهكذا...
ثالثُ الحلول هو اعتماد الأسلوب الشعري. إنَّ قصة النبي موسى (ع) مثلاً: هي الأكثر تكراراً في القرآن، إذ تقول الآية الكريمة من سورة النمل: ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ ﴾، أما في سورة طه فيقول عزَّ وجل: ﴿ لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ ﴾، وفي سورة القصص: ﴿ لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ ﴾، فإذا اعتمدنا البيت
الشعري الآتي: "سآتيكم في النمل فلا تنساها لعلي في القصص وفي طه". وحفظناها، فلا نعود بذلك نشتبه ونقع في الخطأ في أثناء تسميع هذه الآيات المتشابهة بين ﴿ سَآتِيكُمْ ﴾ في النمل ﴿ لَعَلِّي آتِيكُمْ ﴾ في طه والقصص.
وختاماً نأمل أن تكون هذه الأساليب عوناً للحافظ العزيز في مسيرته القرآنية المباركة
(2) .


(1) - سورة العنكبوت، الآية: 49.
(2) - الحافظة زهراء عباس علي - مُدرِّسة في جمعية القرآن الكريم -بيروت


دروس في تجويد القرآن
 


الفوارق بين الرسم القرآني والرسم الاملائي:
بداية لا بد لمريد قراءة القرآن الكريم أن يتعرف أولاً على خصائص وضبط الرسم القرآني ليتجنب الكثير من الأخطاء المرتبطة في هذا الجانب، ونحن سنبني بإيجاز أهم الفوارق بين الرسمين وفق ما حدده علماء الضبط لرسم المصحف الشريف التي لا غنى للقارىء عن معرفتها وتعلمها لأن الكثير من أخطاء الطلاب الجدد تقع بين هذه الفوارق.

الفارق الأول :
ويرتبط بالحروف التي كتبت في خط المصحف الشريف وهي لا تلفظ ولا لها أثر في النطق ، وهي حروف الألف والواو والياء .
شواهد على حرف الألف : ﴿مِاْئَةَ﴾ ﴿ لِشَاْيءٍ﴾ ﴿لَأَاْذْبَحَنَّهُ﴾.
وعلى حرف الواو : ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ ﴿سَأُوْرِيكُمْ﴾ ﴿أُولُو قُوَّةٍ﴾.
وعلى حرف الياء : ﴿ وَمَلإْيهِ ﴾ ﴿أَفَإِنْ مَاتَ﴾ ﴿نَبَإِيْ الْمُرْسَلِينَ﴾ .
وقد عرّف علماء ضبط المصاحف هذا الفارق بأن وضعوا صفراً مستديراً فوق هذه الحروف للدلالة على عدم نطقها في حالتي الوصل والوقف .

الفارق الثاني :
يرتبط بالحروف التي ننطقها وهي غير مكتوبة في خط المصحف ، وأيضاً حروف الألف والواو والياء .
شواهد على حروف الألف : ﴿ الْكِتَبُ ﴾ ﴿ السَّمَوَاتِ﴾ ﴿فَكِهِينَ﴾.
وعلى حرف الواو : ﴿ دَاوُودُ ﴾ ﴿الْغَاوُنَ﴾ ﴿يَسْتَوُونَ﴾ .
وعلى حرف الياء : ﴿ يُحْي وَيُمِيتُ﴾ ﴿ يَسْتَحْي ﴾ ﴿وَلِيِّ﴾.
وقد عوض علماء الضبط عن هذه الحروف المتروكة بألف صغيرة وواو صغيرة نجدها مكتوبة في خط المصحف الشريف .

الفارق الثالث :
يرتبط بالحروف التي تكتب بكيفية وتقرأ بكيفية ثانية .
أ . مثال ما يكتب بالواو ويقرأ بالألف نحو : ﴿ الصَّلَوةَ ﴾ ﴿ الزَّكَوةَ ﴾ ﴿الْحَيَوةِ﴾ ﴿بِالْغَدَوةِ﴾.
فإنها تقرأ هكذا : « الصلاة » «الزكاة » الحياة » «الغداة » .
ب . مثال ما يكتب بالياء ويقرأ بالألف .
نحو : : ﴿ التَّوْرَايةِ ﴾ ﴿وَمَرْعَيهَ﴾ ﴿يَغْشَيهَ
فإنها تقرأ : «التوراة » «مرعاها » « يغشاها» .
ج . مثال ما يكتب بالصاد ويقرأ بالسين :
نحو : ﴿ وَيَبْصطُ ﴾ ﴿بَصطَةً﴾.
فإنها تقرأ هكذا : « يبسط » « وبسطة » .

الفارق الرابع :
يرتبط بالحروف التي تكتب وتقرأ بأسمائها وليس بحروفها ، وهو مختص بالحروف المقطعة الموجودة في فواتح تسع وعشرين سورة قرآنية .
نحو : ﴿ كهيعص ﴾﴿ الم ﴾ ﴿عسق﴾.
فإنها تقرأ هكذا «كاف ها يا عين صاد » « الف لام ميم» «عين سين قاف » .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
(1) .


(1) - الأستاذ الحاج عادل خليل، مدير القسم التعليم المركزي في جمعية القرآن الكريم.
 


أشهر القراء المبدعين

الشيخ محمد محمود الطبلاوي (من مصر)

ولد عام 1934م في قرية «ميت عقبة» وهي قريبة جداً من ضفاف نيل مصر، وتتميز بانتشار الكتاتيب والاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم.
عرف الطفل الموهوب طريقه الى الكتّاب وهو في سن الرابعة مستغرقاً في حب القرآن وحفظه فاتمّه حفظاً وتجويداً في العاشرة من عمره.
استمع الى مشاهير القراء من خلال الاذاعة من أجل تعلّم كيفية الاداء السليم المنضبط والموزون.
إلتحق بالاذاعة، وحقق من الشهرة خلال نصف ساعة ما لم يحققه غيره في ثلاثين عاماً.
سجّل القرآن الكريم كاملاً مرتين.. مجوداً ومرتلاً.
سافر الى اكثر من ثمانين دولة بعد الشهرة العالمية، وحصل على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر تقديراً لجهوده في خدمة القرآن الكريم، كما زار الجمهورية الاسلامية..
وقد تميز صوته بالجمال والقوة والترخيم، حتى أصبح مدرسة في عالم التلاوة .

 

   حفظة القرآن

  حوارات أهل القرآن


نبذة مختصرة:

الاسم:
عايدة كامل نحال (من جبشيت) .
العمل:
مُدرّسة للقرآن الكريم، وطالبة جامعية، وحافظة لتمام القرآن الكريم، وقد وفقت للفوز بجائزة سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي للحفظة الجامعييّن لعام 1433 هـ 2012 م.
المستوى الدراسي:
إجازة جامعية في الأدب العربي.


س1: ماذا تفهمين من قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا ْ... ﴾ .
ج:
أفهم من الآية الكريمة، ضرورة التمسك بحبل الله عزَّ وجل، وضرورة الوحدة بين المسلمين في مواجهة الطواغيت.

س2: ماذا تفهمين من قول رسول الله (ص) : " إنَّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النّبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإنَّ لهم من الله العزيز الجبّار لمكاناً علياً؟
ج: هذه المكانة التي يظهرها الحديث الشريف، نابعة من أهميَّة القرآن وضرورة احترام أهل القرآن وحملته وتقديرهم.

س3: مروي عن أبي عبد الله (ع) أنَّ: " الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة"، هل هذا الحديث يشعرك بالمعنويات والتواضع لله سبحانه وللناس؟
ج: هذا الحديث يشعرني بأهمية الحفظ والعمل بأحكام القرآن، والتواضع يأتي من خلال العمل بهذا الدستور الإلهي.

س4: كيف تقيِّمين مشروع جائزة سيِّد شهداء المقاومة الإسلامية التي قدمتها جمعية القرآن الكريم بالتعاون مع حزب الله؟
ج: أقول بكل صراحة أنَّه مشروع ممتاز ومقدَّر ومبارك إن شاء الله سبحانه.

س5: ماذا تقولين لطلاب الجامعات لحثهم على حفظ القرآن الكريم والاستفادة منه؟ وبماذا تنصحينهم؟
ج: أنصحهم بضرورة الحفظ والبدء بحفظ السور القصيرة والمتوسطة، لأنَّ هذا القرآن يحفظنا ويؤنسنا ويقوِّينا ويقرِّبنا من الله سبحانه.

س6: ما هي الكلمة التي توجهينها لسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله(حفظه الله) الداعم لهذا المشروع؟
ج: يعجز الكلام وتطير الحروف وتسقط المعاني أمام هذا الإنسان العظيم المضحي والمعطاء، ليس بجديد عليه فهذا دأبه وغايته وطموحه، أشكره وأتمنى له دوام التوفيق والعافية والنصر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

   أهل البيت (عليهم السلام)

  القرآن في كلام أهل البيت (عليهم السلام)

 
1-عن أمير المؤمنين(ع)أنّه قال في خطبة له: « وَتَعَلَّمُوا الْقُرآن فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَص، وَإِنَّ الْعَالِمَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ; بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أعْظَمُ، وَالحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ، وَهُوَ عِنْدَ اللهِ أَلْوَمُ » (1) .


2-عن الإمام زين العابدين(ع): الإمام منا لا يكون إلا معصوما، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، ولذلك لا يكون إلا منصوصا. فقيل له: يابن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال: هوالمعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة، والإمام يهدي إلى القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام، وذلك قول الله عزوجل:
﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (2) .

3 – عن الإمام الرضا (ع): « لقارئ القرآن بكلّ حرف يقرأه في الصلاة قائماً مئة حسنة، وقاعداً خمسون حسنة، ومتطهّراً في غير صلاة خمس وعشرون حسنة، وغير متطهّر عشر حسنات، أما إنّي لا أقول: (المر) حرف، بل له بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر، وبالراء عشر » (3) .


(1) - نهج البلاغة: الخطبة 109 .
(2) -
بحار الأنوار: ج25، ص194 .
(3) -
أعلام الدين في صفات المؤمنين: ج8، ص16 .

 

 

  استفتاءات قرآنية


لسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله)

1 – سؤال: عند قراءة الأطفال غير البالغين وحفظهم لآيات السجدة (كما في سورة العلق) هل يجب على المستمع السجود؟
الجواب: نعم، يجب على المستمع.

2 – سؤال: لو منع الوالدان ولدهم من المشاركة في جلسات القرآن لأسباب معيّنة - كمتابعة الدرس أو من دون عذر وجيه - هل يمكن للولد عصيان هذا الأمر؟ يرجى بيان ما إذا كان الحكم يختلف بالنسبة للولد الذي وصل الى سنّ التكليف؟
الجواب: لا تجب إطاعة الوالدين، أما إن أدّى الأمر إلى أذيّتهم، فيجب المراعاة.

3 – سؤال: ما حكم قراءة السور الطويلة في الصلاة والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً؟
الجواب: لا مانع منه ما لم تؤدي إلى فوات وقت الصلاة.

4 – سؤال: هل تجوز قراءة آيات القرآن الكريم في القنوت ام لا؟
الجواب: لا إشكال في ذلك.

5 – سؤال: ماذا يجب على معلّمي القرآن الذين يتقاضون أجراً على تدريسهم أن يعملوا(مع الالتفات الى الأحاديث الواردة في هذا الشأن والتي تنهى عن هذا الأمر) ؟
الجواب: أخذ الاجرة جائز، إلا أنَّ الأفضل أن لا يأخذوا الأجر بدل تدريس القرآن، بل بدل مقدّماته كالذهاب والإياب (1) .


(1) - استفتاءات قرآنية: إصدار جمعية القرآن الكريم، ص107.

 

   مقابلة العدد

  تسخير الثروة الطبيعية للانسان
 


مع سماحة الشيخ محمد توفيق المقداد مدير مكتب الوكيل الشرعي للامام الخامنئي في لبنان (حفظه المولى) (1)


السلام عليكم ورحمة الله
لقد طرحنا على سماحته بعض الأسئلة القرآنيَّة حول العمل والثروة الطبيعية وأهمية الزراعة ومسألة المال والاسراف والتبذير فكانت الاجابة بعد السؤال على الشكل التالي :

س1: كيف طرح القرآن الكريم مسألة العمل وكيف حثَّ عليه ؟
ج: طرح القرآن الكريم مسألة العمل مقرونة بالايمان، فلا عمل مقبول عند الله بلا ايمان ولا الايمان مقبول بدون العمل ولذا تردد كثيراً في القرآن الكريم قوله: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ(2)، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن العمل مطلوب من الانسان المؤمن في الحياة الدنيا بشرط أن يكون عملاً صالحاً كما قال الله حكاية عن النبي سليمان ﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾ (3)، والعمل الصالح ممدوح عند الله وعند الناس ومحتسب في رصيد الانسان يوم القيامة..«يوم الحساب الأكبـر» كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾(4).

س2: كيف أظهر القرآن الكريم تسخير الثروة الطبيعية للانسان ؟
ج: لا شك ان الله خلق الانسان وخلق له ما يعينه على البقاء حياً، إذ لا معنى لوجود الانسان مالم يكن هناك موارد تساوي قيمة حياة الانسان، ولولاها لما استطاع البقاء حياً، ولذا سخر الله موجودات الطبــيعة وثرواتـــــها لتكون في خدمة هذا المخـــلوق الكــريـــم على الله حيـــث قال تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً(5)، وهذا التسخير من الله للثروات الطبيعية للانسان من أجل أن يستعين بها ويستعملها لما فيه خيره وخير الانسانية، ليكون هذا التسخير من أجل بناء الحياة الدنيا الكريمة الموافقة لما أراده الله من الانسان وهو  إعمار الأرض وجعل الحياة فيها نموذجاً مصغراً عن الحياة الآخرة .

س3: كيف يبين القرآن الكريم أهمية الزراعة والاستفادة من الأرض ؟
ج: قال تعالى :﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (6)، هذه الآية تعبر خير تعبير عن زراعة الأرض والاستفادة منها لتحصيل الحبوب والفواكه والثمار والخضار وكل ما يحتاجه الانسان من الزراعة في هذه الدنيا، ثم بيّن سبحانه أنه فجر عيون الماء من الأرض لترويها حتى ينبت الزرع وتكبر الأشجار ليستفيد الانسان من خيراتها، ولذا ورد في الحديث كتطبيق لهذه الآية القرآنية الكريمة (من امتلك أرضاً وماءً ثم افتقر أبعده الله) لأن الله يحب من البشر أن يزرعوا الأرض لما تنتجه من الخيرات، ولذا نجد أن القرآن قد جاء بأمثال متعددة عن الزراعة في سوره وآياته.

س4: ما هو موقف القرآن من مسألة المال من حيث الاكتساب والإنفاق ؟
ج: إن موقف القرآن من مسألة اكتساب المال هو أن يكون من طرق الحلال فقـط، ولذا قال تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا(7)، فإذا اكتسب الانسان المال من حيث أمره الله وانتهى عما نهى عنه فهو مال مبارك زاكٍ وللانسان أن يصرفه في شؤون معاشه واحتياجاته الدنيوية والدينية معاً، ولكن بشرط أن لا يتجاوز الانفاق الحدود المشروعة أي بدون « إسراف أو تبذير » حيث قال تعالى :﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا(8)، وقال تــعالى : ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ(9)، فإذا التزم الانسان بما حدده الله له كان ممن ينطبق عليه الحديث الشريف ( العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال ) .

س5: نهى الله تعالى في القرآن الكريم عن الاسراف والتبذير وعدّهما من الكبائر. فكيف إذا تجاوز ذلك الحالات الفردية والاجتماعية ووصل الى الدولة؟وما السبيل لدرء مخاطر ذلك على المجتمع ؟
ج: الإسراف هو الصرف الزائد عن حاجة الانسان، والتبذير هو صرف المال فيما لا حاجة للانسان فيه، وكلا الأمرين مذمومان عند الله ومكروهان، لأن فيهما كفراً بنعمة الخالق سبحانه وتعالى ويدلان على التكبر عند من يمارسهما، ومن الواضح أن مفاسد كثيرة على الفرد والمجتمع معاً، وأكبر مظهر من مظاهر الاسراف هو ان تكون الدولة هي من يمارس هذا الفعل كبعض الدول الغنية التي تصرف مواردها المالية في مشاريع كمالية لا تعود بأي نفع على أبناء المجتمع كما نرى في حالة بعض الدول التي تتسابق في مشاريع لا نفع منها وأنما هي فقط من أجل اكتساب السمعة أو نيل الخطوة والمفخرة ولو كان على حساب جوع أبناء شعوبهم وعطشهم وعدم قدرتهم على العيش ولو بالحد الأدنى الذي يحفظ كرامة الانسان وعزة نفسه.
والحمد لله رب العالمين .


(1) - الإجابة على أسئلة جمعية القرآن الكريم الخاصة بـ(مجلة هدى القرآن) .
(2) -
سورة البقرة، الآية : 25 .
(3) -
سورة النمل، الآية : 19 .
(4) -
سورة الزلزلة، الآية : 7 .
(5) -
سورة لقمان، الآية : 20 .
(6) -
سورة البقرة، الآية : 275 .
(7) -
سورة يس، الآية : 33 .
(8) - سورة الأعراف، الآية : 31 .
(9) - سورة الإسراء، الآية : 27 .

 

  حيوانات ذكرت في القرآن الكريم

  الخيل في القرآن الكريم



ورد ذكر الخيل في أكثر من آية من آيات القرآن الكريم كلها ترفع من قدرها على غيرها من الحيوانات الأخرى كما أقسم بها الله خالق هذا الكون وما فيه من مخلوقات في قوله تعالى:
﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴾ وفي الآيات الكريمات اشارات إلى فضل الخيل وتكريمها وارتباطها بصفة الخير وعدَّها الله من أعظم مخلوقاته تكر وتفر تغدو وتروح، ثمَّ قرن عزَّ وجل القوَّة بالخيل والخيل بالقوَّة قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ...(1) .
والخيل: جماعة الأفراس أو الفرسان أو هما جميعاً، مؤنث سماعي يعم الذكر والأنثى وجمع الجمع: أخيال وخيول (والفرس للذكر والأنثى هي فرسة) (2) .

الإعجاز في خلق الخيل:
- الخيل من الحيوانات الثديية الذكية التي حث الإسلام على تربيتها واتخاذها للحروب وللزينة والجمال، وقد صمدت الخيل مع العرب والمسلمين في الحروب والقتال.

-الخيل جميلة للغاية تتــــجلى فـــــيها قدرة الخالق سبحانه كما قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾.
"قد ندب الله سبحانه الناس إلى معرفة الحيوان والنظر في الآيات المودعة في وجوده أبلغ الندب، وعد ذلك موصلا إلى أفضل النتائج العلمية الملازمة للسعادة الإنسانية وهواليقين بالله سبحانه حيث قال:
﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ ، والآيات في الحث على النظر في أمر الحيوان كثيرة في القرآن الكريم ".

مميزات الخيل من مظاهر العظمة الإلهية:
الخيل تحمل جهاز تبريد في جانبي االرأس تحت الفك السفلي ، وتتميز بجهاز الاحتمال الذي يسهل عليها الوقوف لفترات طويله دون اجهاد العضلات وصرف الطاقه، وقيل أنها تتميز بأمتلاكها خمسة قلوب الاول في الجهه اليسرى من الصدر وواحد في كل حافر ليساعدا في اكمال الدوره الدمويه للأطراف لذلك وجب عدم اعطاء الراحة التامة في الخيل لأنها توقف القلوب الاربعه وتسبب عرقله في دوران الدم في الاطراف، لا تتقيأ الخيل مطلقاً، ولا تتنفس من فمها مطلقاً بل من المنخرين حتى لا تموت مخنوقه، ولا تمتلك الخيل مراره، وترى البعيد والقريب وترى من حولها بزاويه 214 درجه، وترى الخيل بالألوان وتميز اللون الاخضر والاحمر والازرق، وتسمع مالا نسمعه فقابليتها للسمع عاليه وتسمع الصوت ذو التردد أقل من عشرين ذبذبه وكذلك الترددات العاليه التي لا يسمعها الانسان، ولا يوجد حاجب في الخيل، وتوجد الشوارب عند بعضها، وتبيض اسنان الخيل عند تقدمها في العمر، وتتميز أيضاً بقابليتها لإختيار الغذاء بشفتيها، كما وتتميز الخيل عموما بالذكاء والعربية خصوصا منها، وتنظف مخرجها ذاتيا لانها نظيفة، عند التبول تأخذ وضعاً لا يسمح لارتداد البول على أطراف
ها، الخيلُ تحلم وتصدر أصواتاً تشير إلى فرحها أوحزنها حسب الحلم، تقع الخيل في شراك الحب والعشق حيث يعشق الذكر فرساً دون غيرها، وتكوين عمودها الفقري مصمم بكل دقه للركوب وحمل الاثقال وخاصة اثناء الحركة، تبكي الخيل ولا تضحك وتذرف الدموع خصوصا عند الألام الشديدة وأثناء الولادة، أيضاً تتميز بقابليتها لامتصاص الصدمات أثناء الحركة بسبب وجود التراكيب الخاصة لهذا الغرض، تمتلك القابلية العالية لمعرفة طريق عودتها إلى اسطبلها مهما بعدت المسافة، وتتميز بقابليتها على تحاشي رفس أو إيذاء راكبها بعد سقوطه وأثناء حركتها، تفرح الخيل وتعبر عن ذلك بالتشنيف أي برفع الشفة العليا إلى الأعلى وكذلك رأسها إلى الأعلى، كما وتتميز بالشعور العالي بالأمومة وتحب الإنجاب، هناك لغة تفاهم بين الخيل وقد تتفاهم وتتعاون لتنظيف بعضها البعض وقد تختلف وتتشاجر فيما بينها،
وتتميز الخيل العربية بأنَّها لا تقبل الظلم وتحقد وتثأر ولا تنسى من يؤذيها، فعموم الخيل العربية شجاعة ولكن البيئه قد تنتج العكس وتظهر سلوك الخوف والامتناع، تتعرض الخيل للإصابة بالكأبة والحزن والأمراض النفسية فتعزل نفسها أوتتمرد، كما وتتميز الخيل العربية بالوفاء، وتتميز بعدم وجود العضلات في الأطراف تحت العرقوب والركبة فقط الجلد والاوتار والاربطة والاوردة والشرايين والاعصاب والعظام واغشيتها، هناك مصنع في أمعاء الخيل للتخمير وانتاج فيتامين(ب) وهناك أحياء مجهريه تساعد على الهظم، توجد الانياب في الحصان البالغ وعددها أربعة ولا توجد في الافراس لكنها قد تظهر عندها بعد عمر اثني عشر سنة.

صفات الخيل العربية الأصيلة:
رأس الحصان تاج محاسنه، أذناه طويلتان منتصبتان رقيقتان دقيقتان في الطرف كالأقلام، شعر ناصيته مسترسل على جبهته بين الأذنين، جبهته سر جماله عريضة ومسطحة وواسعة ومستديرة، عيناه كبيرتان مستطيلتان صافيتان برَّاقتان شاخصتان مملوءتان حدَّة، خدّه مالس قليل اللحم مع اتساع ما بين الحنكين، أنفه مستقيم، طويل القصبة، متصل بالجبهة اتصالا لطيفا دون تحدب، فمه طويل الشدقين أوسعتهما، لسانه طويل، عنقه طويلة متحررة من الالتصاق بالكتفين مستقيمة، رقيقة الجلد، دقيقة المذبح، صدره مرتفع، رحيب، ظاهر العضلات، صلب، لا غائر ولا مجوف، ظهره أو(الصهوة) مركز القوَّة فيه، قوي، متين، قصير، مشرف، معتدل الصلب، ملس، متناسب مع ارتفاع الحارك من الأمام، متلائم مع تحدب الكفل، أضلاعه متسعة تملأ فراغ الخاصرتين، صلبة، بطنه مستدير مناسب الجسد في الحجم، صلبه مرتفع محدب قليلا، قوائمه مستقيمة، قوية العضلات، صلبة العظام، متناسقة الأعضاء، كتفاه طويلتان مائلتان إلى الأمام، هذا ما يستحسن بالحصان العربي الأصيل.

أنواع الخيول العربية:
الكحيلات، الحمدانيات، العبيات، الصقلاويات، ومن هذه الأنواع تاتي عدة فصائل تصل بعض هذه الأنواع الى عشرين فصيلة وأجودها الخيل النجدية.

تمتاز الخيل النجدية:
برأسها الصغير، عنقها المقوس، وحوافرها الصلبة الصغيرة، وشعرها الناعم، وصدرها المتسع، وقوائمها الدقيقة الجميلة، قوية جدا وتلوح على وجهها علامات الجد، وسريعة.

ألوان الخيل:
الأبيض، الأشهب: (مزيج من اللون الأبيض والأسود بدرجة متناسبة تقريباً)، الأدهم: (ما كان لون شعره أسوداً)، الأحمر، الأشقر.

أصوات الخيل:
أجش: أكثر صهيله من منخريه.
الحممحمة: صوته اذا طلب العلف أورأى صاحبه، الضبح: صوت نفسه اذا عدا وركض، القبع: صوت يردده من منخره إلى حلقه اذا نفر من شىء.
أنواع العلف المستخدم لتغذية الخيل في الوقت الحاضر:
البرسيم: ويعتبر من أفضل أنواع العلف للحصان ويفضل تقديمه جافاً، الجزر والشمندر العلفي،
الحشيش الأخضر، الشعير، فول الصويا، بذور الكتان، التبن.

هل تعلم أن الفرس تستحي؟
عشرات بل مئات الافراس لوحظت أنها تولد في الصباح الباكر وحوالي 90% منها تلد خفية وبهدوء وأنها تستحي ولا تحب المداخلة معها أثناء عملية الولاده واذا فاجأتها فقد تكون سبب في عسر ولادتها.
فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.


(1) - سورة الأنفال، الآية: 60. وهناك آيات أخرى في سورة آل عمران، الآية: 14. وسورة النحل، الآية: 8. وغيرها من الآيات .
(2) -
قاموس القرآن الكريم، معجم الحيوان: ص123 .  
 

  

  نباتات ذكرت في القرآن الكريم

  التين في القرآن الكريم

يقول سبحانه:
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ - سورة التين، الآية: 1.

 


﴿
التِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ فاكهتان معروفتان، حلف بهما سبحانه لما فيهما من فوائد جمّة وخواص نافعة، تحدثنا عن الزيتون في العدد السابق، أما التين فهي فاكهة خالصة من شآئبة التنغيص، وفيه أعظم عبرة لاَنّه عزّ اسمه جعلها على مقدار اللقمة، وهيّأها على تلك الصورة إنعاماً على عِباده بها.
وقد روى أبوذر الغفاري عن النبي(ص)، أنّه قال: «لو قلت انّ فاكهة نزلت من الجنة، لقلت: هذه هي، لاَنَّ فاكهة الجنة بلا عَجَمْ (1) فإنَّها تقطع البواسير، وتنفع من النقرص»  (2) .
إنَّ أوَّل من استخدم ورق التين هو نبي الله آدم عليه السَّلام وزوجته حواء عليها السَّلام حيث كانا يضعان أوراق التين على عوراتهما لسترها قال تعالى:
﴿
وَطَفِقا ﴾ أي أقبلا: ﴿ يَخْصِفانِ عَلَيْهِما ﴾ أي يرقعان ﴿ عليهما مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾ أي ورق التين. عندما ادركا قبح العري صنعا من الورق العريض لشجرة التين ازاراً لهما(ستراً لهما) وربطوه حولهما.
فاكهة التين كان لها التقدير منذ قديم الزمان بشكله الجاف والغض الأخضر. وموطنه الأصلي بلاد فارس وآسيا وسوريا ولبنان. ولقد استعمله الفينيقيون في رحلاتهم البحرية والبرية. وحالياً فهو يزرع في كل حوض بلاد البحر المتوسط وفي معظم المناطق الدافئة والمعتدلة.

التين كغذاء:
يعتبر التين من الثمار الغنية بالمواد السكرية التي تعطي الطاقة للانسان , كما يحتوي على الحديد والبوتاسيوم والفوسفور والمغنسيوم وفيتامين(ب) المركب والتي تشكل غذاء جيدا للإنسان.
وقد قيل أنَّ التين هو اصح الفواكه كغذاء اذا أُكل على الريق ولم يتبع بشيء.
واذا داوم عليه الانسان النحيل فطوراً لمدة اربعين يوما مع اليانسون سمن تسمينا لا يعادله شيء
والتين سهل الهضم, ملين , ولذلك نصح باستخدامه للمصابين بعسر الهضم والامساك، علماء الاَغذية ذكروا أنّه يمكن الاستفادة من التين كسكر طبيعي للاَطفال، ويمكن للرياضيين ولمن يعانون ضعف كبر السنّ أن ينتفعوا منه للتغذية، حتى ذكروا أنّ الشخص إن أراد توفير الصحة والسلامة لنفسه فلابد له أن يتناول هذه الفاكهة.
اكتشف علماء الأغذية مؤخراً أن ثمر "التين" عالي القيمة الغذائية، وخاصة لاحتوائه على السكريات الأحادية، والعناصر المعدنية، والفيتامينات. التين هو ثمار لأشجار معمرة, وفيه انواع كثيرة.
وللتين احجام وألوان مختلفة فمنه الأسود والاخضر الكبيرين ومنه الاسود والاخضر الاقل حجما ويعرف باسم الحماط , والنوع الصغير جداً وهو بلون اسود واخضر ويسمي بالبلس , ومنه النوع الاصفر المتوسط.

كان يستعمل التين لإطعام العبيد لكي يمدهم بالطاقة والقوَّة للخدمة، وبشكل خاص كان يتغذى عليه العمال والعبيد الزراعيون الذي يعملون بالزراعة.

الأجزاء المستعملة من التين:
الجزء المستعمل من نبات التين الثمار والاوراق ولبن الاغصان والاغصان. المحتويات الكيميائية للتين: تحتوي ثمار التين على حوالي 50 % من سكر الفواكه وبالاخص الجلوكوز وفلافونيدات وفيتامينات
(أ1, ب2, ج, ب) .كما تحتوي على زيوت ثابتة ومعادن ؛ ومن أهمها الحديد والمنجنيز والكالسيوم والبروم والفسفور والنحاس , بالاضافة الى بعض الانزيمات والتي من أهمها انزيم(الفيسين) Ficin.

فاكهة التين في الروايات:
قال(ص) :" أكل التين أمان من القولنج" (3) - (4) .
وقال (ص) : " كل التين، فإنه ينفع البواسير والنقرس " (5) .
يذكر أنّه خرج قرحة على كبد حزقيل النبي، فأوحى الله إليه أن خذ لبن التين فحكّه على صدرك من خارج، ففعل فسكن عنه ذلك.
ويذكر أيضاً أنّه أوحى الله تعالى إلى شعيا أنَّ ملكهم يداوي قرحة ساقه بماء التين (6) .
وفي الحديث: " من أراد أن يرقَّ قلبه فليدمن من أكل البلس وهوالتين" (7) .
وعن أمير المؤمنين (ع) انه قال: " أكل التين يلين الصدر وهونافع لرياح القولنج وأكثروا منه بالنهار وكلوه بالليل ولا تكثروا منه" (8) .
وعن أبي الحسن الرضا (ع) قال: " التين يذهب بالبخر، ويشد العظم وينبت الشعر، ويذهب بالداء حتى لا يحتاج معه إلى دواء، وقال: التين أشبه شيء بنبات الجنة وهو يذهب بالبخر" (9) .


استعمالات وفوائد التين الطبية:
- يستعمل التين مع غيره من الأدوية مثل مادة السنامكة Senna والراوند Rhubarts لتصنيع الشرابات الملينة خاصة في بريطانيا.
- يزيل النفخة والأرياح.
- ملطف للبشرة ينعمها ويزيل البثور.
- يزيل مشاكل الرشح والزكام وآثارهما على الأنف والحنجرة.
- تستعمل لبخات التين على خراجات الأسنان والتهابات اللثة والأورام بالفم وغيره.
- يستعمل الحليب الذي يخرج من عنق التين غير الناضج لإزالة الثؤلول بأن يوضع الحليب عليه.
- منه البري والبستاني يمزج مع الشمر واليانسون والسمسم يؤكل صباحاً فيساعد الصحة على القوة والنشاط ويزيد في الوزن.
- يقوي الكبد وينشطه ويزيل تضخم الطحال.
- يعالج أمراض الدورة الدموية والأوردة خصوصاً البواسير، ويؤكل ويوضع موضعياً.
- ينشط الكلى ويزيد في الدورة الدموية التي تغذيها للقيام بوظائفها.
- يدر البول ويفتت الحصى والرمل.

- يعالج أمراض الصدر والسعال والربو وتشنج القصبات الهوائية والتهاباتها.
- يعالج أمراض تسرّع القلب. يمنع تجمع الماء في القلب والرئتين والجسم الذي ينتج عن ذلك بخفض الضغط بلطف، ويمنع النزيف
- ينشط الدماغ والدورة الدموية فيه فيقوم الدماغ بوظائفه بطريقة أفضل خاصة إذا أكل مع المواد الغنية بالفوسفور مثل المكسرات واللوز والفستق الحلبي والصنوبر.
- يعالج أمراض الدورة الدموية بالدماغ مثل الفالج والرعاش والنشاف.
- يعالج أمراض الجلد مثل البهاق.
- يعالج امراض النقرس فيعمل على اخراج أملاح اليوريك أسيد من الجسم عن طريق البول وعن طريق التعرق. يعالج أمراض المفاصل وآلامها.
- حليب التين يساعد على تآكل اللحم الميت في الجسم مثل الثؤلول، فيوضع على اللحم القاسي فيصبح طرياً.
- يعالج التين الأمراض النفسية، ويعمل على تهدئة الأعصاب، وإزالة أنواع القلق والخوف والإحباط والتوتر.
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.


(1) - العجم : نوى التمر أو كل ما كان في جوف مأكول كالزبيب .
(2) -
مجمع البيان: ج5، ص510 .
(3) -
القولنج: مرض معوي مؤلم يعسر معه خروج الثقل والريح، << القاموس المحيط >> ج1، ص204 .
(4) - بحار الأنوار: ج59، ص296 .
(5) - بحار الأنوار: ج59، ص297 .
(6) -  مستدرك سفينة البحار: الباب 297، ص1 .
(7) -  مستدرك سفينة البحار: الباب 574، ص1 .
(8) -  الفصول المهمة في أصول الأئمة : ج4، ص172 .
(9) - المحاسن : ص554 .

 

 أنشطة الجمعية

  أنشطة جمعية القرآن الكريم
 


يصرح القرآن بقوله:
﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ .
إحدى مسؤوليات حامل القرآن الكريم هي التعليم والتذكير، وقبل ذلك لابد من مطالعة القرآن بهدف دراسته وتعليمه، فالقرآن من جهة يخاطب عقل الإنسان، ويتحدث معه بالاستدلال والمنطق، غير أن للقرآن لغة أخرى، والمخاطب فيها ليس العقل، بل المخاطب هوالقلب، وهذه اللغة الثانية تسمى: "الإحساس"، فينبغي علينا تحقيق أهداف القرآن والوصول إلى مقاصده وتعليم الناس تلاوته وتبين معانيه وفهمه من أجل التدبر والعمل به، وهذا من أهداف ووظائف جمعية القرآن الكريم ونحن نستعرض بعض نشاطاتها في هذا المجال.
فجمعية القرآن تقيم الدورات التعليمية كتدريس التجويد والتفسير والمفاهيم القرآنية والصوت والنغم ؛ وتحفيظ القرآن الكريم ؛ وإقامة النشاطات القرآنية كالمسابقة السنوية في المفاهيم القرآنيَّة والتفسير والأمسيات والحفلات القرآنية وخصوصاً في شهر رمضان المبارك ؛ وتأليف وترجمة الكتب واصدار مجلة(هدى القرآن) و(أريج القرآن) ؛ ونشرها عبر الأنترنت ؛ ونحن نشير باختصار إلى أخبار ونشاط الجمعيَّة القرآني المنجز منه وغيره إلى نهاية شهر ذي الحجة لعام 1433 هـ-ق/ 2012 م ؛ وهي على الشكل التالي:

1- نشاط القسم التعليمي وبرامجه :

ضمن سياق البرامج والدورات التعليمية الموكلة الى قسم التعليم المركزي في جمعية القرآن الكريم وبتوفيق من المولى عزَّ وجل أنجز القسم التعليمي سلسلة ناجحة من الدورات والعناوين التعليمية خلال الأشهر التالية: رجب – شعبان – رمضان. وأبرز المنجزات في كل المناطق اللبنانية هي:
- دورات التجويد الابتدائي والمتوسط والتخصصي .
- دورات فنون الصوت والنغم لقراء القرآن الكريم للمرحلة الابتدائية والمتوسطة .
- الحلقات القرآنية في المساجد .
- دورات تعليم التلاوة الصحيحة لدى كشاف الامام المهدي(عج) والمؤسسات الإسلامية .
- دورة إعداد مدرس القرآن الكريم .
- دورات في تفسير القرآن الكريم .
- دورات في شرح خطب نهج البلاغة .
- دورات في المفاهيم القرآنية .
- إقامة ورش تأهيلية وتربوية لمعلمي القرآن .

دورات مركزية في بيروت في العناوين التالية :
1- في مباني التفسير .
2- في علم الوقف والابتداء .
3- في فنون الصوت والنغم .
4- في أساليب تحكيم المسابقات القرآنية .
5- كيفية أساليب تعليم القرآن للصغار .

 

2- نشاط قسم تحفيظ القرآن:

فيما يتعلق بمشروع الحفظ فكانت النشاطات على الشكل التالي:
أ – بالنسبة لجائزة سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي (قده) والتي اشترك فيها أكثر من 38 مشاركا من طلاب الجامعات، والتي توسعت لتشمل من يحفظ (10 – 20 – 30) جزءا من القرآن الكريم، وقد فاز منهم 18 مشاركا من المراحل الثلاث، وقد كان لها صدى إيجابياً في الوسط الجامعي، وستستمر هذه الجائزة إلى السنة القادمة إن شاء الله تعالى.
ب – كان لحفاظنا دور اساسي في الأمسيات القرآنية لهذا العام، ونالت مشاركتهم إعجاب الحاضرين والسميعة في هذه الأمسيات الرمضانيَّة.
ج – أما بالنسبة إلى البرامج الصيفية فقد تمَّ اقامة 21 دورة صيفيَّة جديدة في كل المناطق اللبنانيَّة، والتي بدأت من أول تموز وانتهت آخر آب، وقد أحرز الطلاب حفظ ما بين جزء وجزئين حسب الخطة المركزيّة اضافة إلى دورات المشاريع الأربعة، فقد تمَّ حفظ ما بين جزء وجزئين من القرآن الكريم.
د – اقيمت دورات أساليب الحفظ من شهر 27 آب إلى 15 أيلول 2012 م في كل المناطق بإشراف الأستاذ المتخصص حميد كناني.
 

 

3- نشاط قسم الدراسات:


استطاعت جمعية القرآن الكريم خلال هذه السنة اصدار العديد من الكتب والمطبوعات القرآنية وآخرها:
رسالة في الحفظ الموضوعي(للقرآن الكريم) .
جمال التلاوة في الصوت والنغم . 
مجلة(هدى القرآن) العدد(4) .
نافذة من السماء(مجلة للأطفال) العدد(4) .
أريج القرآن(أصبحنا في العدد(61) ) .
وهناك عناوين أخرى تحت الطباعة .


4- نشاط قسم النشاطات:


أ-قامت جمعية القرآن الكريم بالعديد من الحفلات والأمسيات القرآنيَّة خلال أشهر النور القرآنيَّة(رجب – شعبان – رمضان) للعام 1433 هـ-2012 م. وضمن البرامج القرآنيَّة السنويَّة واحياءً للشعائر الإسلاميَّة المباركة، حيث تمَّ استضافة نخبة من كبار القرَّاء والحفَّاظ وفرق التواشيح من العالمين العربي والإسلامي:(سوريا – إيران – مصر – بنغلادش – لبنان)، وقد بلغ مجموع ما قامت به 233 أمسية وحفلا قرآنيا في كافة المناطق اللبنانيَّة.
ب – تذكر الجمعيَّة بأنها سوف تقيم مسابقتها السنويَّة الخامسة عشرة لهذا العام في حفظ وتلاوة وتفسير القرآن الكريم – تجري مسابقة التفسير في كتاب سورة القصص – والحفظ في:(5 و10 و15 و20 و25 و30 جزءا) مجتمعة أومتفرقة، فعلى الراغبين بالمشاركة تسجيل أسمائهم في مراكز الجمعيَّة.
ج – كما وتقيم الجمعيَّة مسابقة المفاهيم القرآنيَّة في كتاب(القرآن الكريم في نهج البلاغة) في مواعيد تحدد لاحقا، على أن تسلم الأجوبة في العشرين من صفر .

 

 



س 1: ما هي الأدوات التي كان يكتب عليها القرآن؟
أ-العسب، والرقاع، والأديم.
ب- الأكتاف، والأقتاب، والأضلاع.
ج- كلاهما صحيح.

س 2: كيف كان كتَّاب الوحي يكتبون الآيات؟
أ- حسب ترتيب نزولها بأمر النبيّ (ص) .
ب- ترتيب آيات القرآن في أكثر السور توقيفي.
ج- كلاهما صحيح.

س 3: اختلاف الآراء حول جمع القرآن قبل أوبعد وفاة الرسول(ص) :
أ- ينحصر في موضوع تدوين المصحف فقط.
ب- يشمل كتابة الآيات وتنظيمها في كل سورة.
ج- كلاهما صحيح.

س 4: كان عبد الله بن مسعود:
أ- من حُفَّاظ وقرَّاء القرآن.
ب- من روَّاد كتابة الوحي وتعليم القرآن.
ج- كلاهما صحيح.

س 5: المصاحف السابقة كانت خالية:
أ- من النقاط فقط.
ب- من الحركات فقط.
ج- من النقاط والحركات والعلامات.

س 6: من أسباب ظهور اختلاف القراءات:
أ- خلو المصاحف من النقاط والحركات.
ب- عدم وجود حرف الألف في وسط الكلمات.
ج- كلاهما صحيح.

س 7: هل تواتر نص القرآن؟
أ- اتفاق كل المسلمين.
ب- اتفاق بعض المسلمين.
ج- اتفاق غالب المسلمين.

س 8: من الذي اختار السبع قراءات؟
أ- ابن مجاهد.
ب- ابن كثير.
ج- كلاهما صحيح.

س 9: من القائل: «القرآن أساس الجمع والوحدة»؟
أ- الإمام الخميني (قده).
ب- الإمام الخامنئي (دام ظله).
ج- سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله).

س 10: من القائل: «نحن معنيون باتباع القرآن والعمل به»؟
أ- الإمام الخميني (قده).
ب- الإمام الخامنئي (دام ظله).
ج- سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله).

 


قسيمة مسابقة هدى القرآن العدد (4)

 

الفائزون في مسابقة هدى القرآن العدد (3) هم بالترتيب:
الأولى: نرجس أحمد حسن .
الثانية: مهدي محمود كركي .
الثالث: نرجس محمود كركي .

يمكنكم مراجعة مراكز الجمعية في المناطق لاستلام الجائزة .
 


  تسلية وفائدة قرآنية

 

 


أفقيَّاً :
1- اسم حيوان لاسم سورة قرآنيَّة .
2- اسم سورة سميت بأوقات اليوم .
3- اسم سورة لم تبدأ بالبسملة .
4- اسم لوزير فرعون ذكر في القرآن .
5- نبي ذكر في القرآن أنَّه من الصديقين .
6- أصحاب النبي عيسى (ع) .
7- شيء يتنفس بدون روح ذكر في القرآن .
8- شيء دلَّ على موت النبي سليمان (ع) .
9- سورة من السور التي تبدأ بـ (الحمد لله) .
10 – سورة من سور العزائم.


عاموديَّاً :
1- اسم نبي عاصر نبيَّاً آخر.
2- نبي بعث منذ الطفولة نبيَّاً.
3- نبي سلَّم على نفسه ذكر في القرآن.
4- قوم كانوا يسجدون للشمس.
5- نبي طلب رؤية الله تعالى.
6- نبي أعطاه الله سبحانه الكوثر.
7- سورة من سور المسبحات.
8 – كلمة ناقصة من قوله تعالى :
﴿ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ...
 


 


الأجوبة الصحيحة لمسابقة هدى القرآن العدد (3)



ج1- معنى نسخ الآيات القرآنيَّة هو: إزالة حكم بتشريع لاحق بحيث لا يمكن اجتماعهما معاً ذاتاً ونصَّاً.
ج2- السورة التي تسمى بسورة القتال هي : سورة محمد (ص) .
ج3- شاع استخدام كلمة المصحف : بسبب جمع القرآن في مجلَّد واحد.
ج 4- أشهر أوصاف القرآن هي :المجيد، الكريم، الحكيم، العظيم، العزيز، المبارك.
ج 5- نزل القرآن جملة واحدة كما عبَّرت الأحاديث :
أ- إلى بيت العزَّة والسماء الدنيا.
ب- إلى البيت المعمور والسماء الرابعة.
ج6- سرُّ نزول القرآن تدريجاً هي :
أ- لتثبيت وتقوية عزيمة الرسول(ص) والمسلمين.
ب- لتسهيل تعلُّم الأحكام وحفظ القرآن.
ج7- تسمى الظروف والوقائع التي نزلت فيها بعض الآيات : بسبب النزول.
ج8- معنى الآية لغة :
أ- العلامة.
ب- الدلالة.
ج9- القائل : " القرآن هذا علاج كلّ أمراضنا " هو: سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله) .
ج10- القائل : " فالقرآن كتاب الحكمة والعلم والحياة " هو: الإمام الخامنئي

 

أجوبة تسلية وفائدة قرآنية للعدد (3) :

أفقياً :
1- اسم سورة نزلت عندما عرض المشركون على الرسول (ص) أن يعبد ألهتهم سنة فيعبدون إلهه سنة هي : سورة (الكافرون) .
2- اسم سورة من سور الزهر هي : سورة (المطففين) .
3- اسم آخر لسورة الإنسان هي : (الدهر) .
4- نبي من أنبياء أولي العزم هو: عيسى (ع) .
5- اسم للكتاب السماوي الذي نزل على موسى (ع) هو: (توراة) .
6- اسم الطيور التي حطَّمت جيش أبرهة هي :(أبابيل) .
7- المكان الذي دفن فيه فرعون هو: (مصر) .
8- اسم آخر للنبي محمد(ص) هو: (أحمد) .
9- اسم ملكة كان قومها يسجدون للشمس هو: (سبأ) .

عاموديَّاً :
1- معجزة النبي صالح (ع) هي : (الناقة) .
2- اسم امرأة ظالم ممدوحة في القرآن هي : (آسية) .
3- حشرة كلَّمت قومها هي : (النملة) .
4- شجرة مباركة ذكرت في القرآن هي : (الزيتون) .
5- اسم طائر علَّم قابيل دفن جثة أخيه هو: (الغراب) .
6- أول حافظ للقرآن هو: (النبي محمد(ص) ) .
7- نبي ولد بلا أبوين هو: (النبي آدم) .

 

 

 

 

  ملاحظة: إلى القرّاء الكرام:


تحية طيبة إليكم من إدارة المجلة، ونحن نرحب بأي اقتراح من قبلكم لتطوير المجلة ويمكن لكم مراسلتنا من خلال مراكز جمعية القرآن الكريم من كافة المناطق.


عناوين جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد
الإدارة العامة: بيروت - لبنان - حارة حريك - أوتوستراد المطار - سنتر صولي ط2 هاتف: 274721 /01 - تلفاكس: 545723/ 01
بيروت: 278845/01 - النويري: 663914/01 - كيفون: 270158/05
الجنوب : النبطيــة: 764749/07 - مشغــرة - القطراني: 651915/08 - الغسانية: 958404/70
صور - شحـور: 675170/03- جويـا: 411355/07 ـ الشعيتية - بنت جبيل: 349292/07
بـعـلبـك - ـ قصرنبا: 373786/08 ـ النبي شيت: 335013/08 - شمسطار: 373786/08
الهرمــل - العين - القصر: 200235/08

www.(ع)urankarim.org     E-maL: info@(ع)urankarim.org

30-11-2012 | 09-01 د | 8142 قراءة


الصفحة الرئيسة
جمعية القرآن الكريم
المكتبة الصوتية والمرئية
معرض الصور
مكتبة الكتب
سؤال وجواب
صفحة البحــــث
القائمة البريـدية
سجـــــــل الزوار
خدمــــــــة RSS
تواصل معنا
 
فلاشات إخبارية
جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد - لبنان

2749794 زيارة منذ 18- تموز- 2008

آخر تحديث: 2023-12-07 الساعة: 12:56 بتوقيت بيروت