الآيات من 28 إلى 54

 وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (31) وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36) وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54)

 


  اللغة والبيان

الْقُرُونِ: جمع قرن، وهم القوم المقترنون في زمن واحد.

الأَزْوَاجَ: الأصناف

َنسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ: أي نزيل النهار ونضع الليل مكانه.

مُظْلِمُونَ: داخلون في الظلام.

كَالْعُرْجُونِ: على وزن فعلون من الانعراج أي الاعوجاج، وهو غصن النخلة شبه به القمر اذا انتهى في نقصانه.

الْفُلْكِ: السفن لأنها تدور في الماء، ومنه الفلكة لأنها تدور في المغزل، والفلك لأنها تدور بالنجوم.

الْمَشْحُونِ: المملوء.

فَلا صَرِيخَ: فلا مغيث.

صَيْحَةً: صاح: رفع الصوت، والصيحة بالحق، أي النفخ في الصور.

يَخِصِّمُونَ: من مادة «خصم» بمعنى النزاع.

الأَجْدَاثِ: جمع جدث وهو القبر.

يَنْسِلُونَ: من مادة «نسل» والنسلُ الانفصال عن الشيء.

 


  التفسير

  يا حسرة على العباد

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ} (28)

الضمير في قومه يعود الى المؤمن الصالح الذي قال: اتبعوا المرسلين الخ. والمراد بجند السماء الملائكة، فالمعنى من بعد قتل المؤمن الصالح أو رفعه لم تنتصر منهم بجند من السماء ولم تنزل لإهلاكهم بعد قتلهم الرسل جنداً من السماء يقاتلونهم وما كنا ننزلهم على الأمم إذا أهلكناهم.

{إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} (29)

أي كان إهلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر صيحة واحدة حتى هلكوا بأجمعهم (فإذا هم) ساكنون قد ماتوا قيل إنهم لما قتلوا حبيب بن مري النجار غضب الله عليهم فبعث جبرائيل حتى أخذ بعضادتي باب المدينة ثم صاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم لا يسمع لهم حس كالنار إذا طفئت.

{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (30)

الحسرة هنا كناية عن سوء مصيرهم وعاقبتهم الوخيمة التي يتحسرون معها حين يرون عذاب جهنم نتيجة إصرارهم على تكذيب الرسل واتخاذهم سخرياً وهزواً.. ويندمون على إضاعة الفرصة في الحياة الدنيا.

 


  الغفلة الدائمة

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ} (31)

أي ألم يعلم هؤلاء الكفار كم قرناً أهلكناهم مثل عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم وأن القرون التي أهلكناهم لا يعودون الى الدنيا أفلا يعتبرون بهم وأنهم سيصيرون الى مثل حالهم فانظروا لأنفسكم واحذروا أن يأتيكم الهلاك وانتم في غفلة وغرة كما أتاهم.

{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} (32)

كل الناس موقوفون غداً بين يدي الله عزّ وجلّ للحساب وجزاء الأعمال كان ذلك على الله سبحانه أمراً مقضياً.

{وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} (33)

أي ودلالة وحجة قاطعة لهم على قدرتنا على البعث وأن الأرض المجدبة التي لا تنبت أحييناها بالنبات (وأخرجنا منها) الحنطة والشعير والأرز، وغيرها من الحبوب الذي منه يأكلون.

{وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ} (34)

وأوجدنا فيها بساتين (من نخيل وأعناب) وفجّرنا في تلك الأرض الميتة عيوناً من الماء ليسقوا بها الكرم والنخيل.

{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} (35)

أي عرضنا نفعهم بذلك وانتفاعهم بأكل ثمار الجنات وبالذي عملته أيديهم من أنواع الأشياء المتخذة من النخيل والعنب الكثيرة منافعها ألا يشكرون الله تعالى على مثل هذه النعم.

{سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} (36)

أي تنزه سبحانه عن الشريك، وتعالى علواً كبيراً الذي خلق الأنواع والأصناف في الحيوانات والطيور، وفي النبات والانسان، وفيما لا نعلم من أقطار السماء وتخوم الأرض، وكل صنف من هذه الأصناف يختلف لوناً وحجماً وطعماً.

 


  وفي كل شيء له آية

{وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} (37)

أي ودلالة لهم أخرى (الليل) ننزع منه ونخرج ضوء الشمس فيبقى الهواء مظلماً كما كان لأن الله سبحانه يضيء الهواء بضياء الشمس فإذا سلخ منه الضياء يدخلون في الليل الذي لا ضياء لهم فيه.

{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (38)

دلالة أخرى لهم، الشمس التي لا تزال تجري ما دام النظام الدنيوي على حاله حتى تستقر وتسكن بانقضاء اجلها، فتخرج الدنيا ويبطل هذا النظام وهو تقدير وتدبير ممن لا يغلبه غالب في إرادته ولا يجهل جهات الصلاح في أفعاله.

{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} (39)

منازل القمر ثمانية وعشرون منزلاً كل يوم وليلة منزلة منها لا يختلف حاله في ذلك الى أن يقطع الفلك (حتى عاد) في آخر الشهر دقيقاً كعذق النخل اليابس العتيق ثم يختفي يومين آخر الشهر، وإنما شبّهه سبحانه بالعذق لأنه إذا مضت عليه الأيام جفّ وتقوّس فيكون أشبه الأشياء بالهلال.

{لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (40)

يعني في سرعة سيره لأن الشمس ابطأ سيراً من القمر فإنها تقطع منازلها في سنة، والقمر يقطعها في شهر والله سبحانه يجريهما اجراء التدوير باين بين فلكيهما ومجاريهما فلا يمكن أن يدرك احدهما الآخر ما دام على هذه الصفة ولا يسبق الليل النهار ولا تجتمع ليلتان ليس بينهما نهار، بل تتعاقبان كما قدّره الله تعالى. وكل من الشمس والقمر وغيرهما من النجوم والكواكب يجرون في مجرى خاص فالفلك هو المدار الفضائي الذي يتحرك فيه الجرم العلوي.

{وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (41)

أي وحجة وعلامة لهم على اقتدارنا (أنا حملنا) آباءهم وأجدادهم الذين هؤلاء من نسلهم في سفينة نوح المملوءة من الناس وما يحتاج إليه من فيها فسلموا من الغرق فانتشر منهم بشر كثير.

{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} (42)

أي وخلقنا لهم من مثل سفينة نوح سفناً يركبون فيها كما ركب نوح يعني السفن التي عملت بعد سفينة نوح مثلها على صورتها وهيئتها وقيل مثل السفينة البرية من الدواب كالابل والبقر والحمير أو السفن الجوية كالطائرات في عصرنا.

آية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون.

{وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ} (43)

أي وإن نشأ إذا حملناهم في السفن نغرقهم بتهييج الرياح والأمواج فلا مغيث لهم يستجيب لصراخهم ولا ينقذهم منقذ.

{إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} (44)

معناه إلاّ أن نرحمهم بأن نخلصهم في الحال من أهوال البحر ونمتعهم الى وقت ما قدرناه لتقضى آجالهم.

وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين !!

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (45)

المعنى أن رسول الله (ص) نهاهم عن المعاصي، وأنذرهم بنقمة الله وعذابه ان عصوا، وبشرهم برحمته وثوابه إن أطاعوا، لكنهم انقلبوا على أعقابهم مدبرين.

{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} (46)

كلما جاءهم الرسول بمعجزة ظاهرة أو بيّنة واضحة كذبوا بها تمرداً وعناداً.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (47)

أي إذا قيل للمترفين المحتكرين (انفقوا) على المحتاجين قالوا: كيف؟ وقد قضى الله عليهم بالفقر والعوز، وقدّر لنا العز والغنى، ونحن لا نخالف ما قضى الله وقدر ! قالوا هذا وتجاهلوا أن الفقر من صنع الأرض لا من صنع السماء، ومن فساد الأوضاع وانظمة الطغيان لا من شريعة الرحمن، وفي كتاب الوسائل عن الامام الصادق (ع): ان الله جعل للفقراء من أموال الأغنياء ما يكفيهم، ولولا ذلك لزادهم، وإنما يؤتون من منع من منعهم... إن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا الا بذنوب الأغنياء.

 


  صيحة النشور

 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (48)

معناه إذا حذرهم الله سبحانه والرسول (ص) من سوء العاقبة وبئس المصير، قالوا ساخرين: متى هذا المصير؟

{مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} (49)

أي ما ينتظرون إلا نفخة الصور الأولى تأتيهم وهم يتنازعون في شؤون دنياهم.

{فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} (50)

معناه إذا جاءت صيحة العذاب فلا يُمهل أحد منهم ليوصي أهله بما أهمه، وان كان غائباً عنهم لا يملك الرجوع اليهم.

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} (51)

 أخبر سبحانه عن النفخة الثانية وما يلقونه إذا بعثوا بعد الموت من القبور الى الموضع الذي يحكم الله فيه، لا حكم لغيره هناك يخرجون سراعاً.

{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} (52)

 تعجبوا من إحيائهم بعد الموت، وكانوا من قبل يسخرون ممن يعدهم به، ويأمرهم بالاستعداد له، وبعد أن شاهدوه قالوا: بأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وإليه النشور.

{إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} (53)

أي لم تكن المدة إلا مدة صيحة واحدة، فإذا الأولون والآخرون مجموعون في عرصات القيامة حاضرون في موقف الحساب، فالخلق والموت والبعث لديه تعالى سواء.. كل واحد منها يكون بكلمة واحدة، فالصيحة الأولى للموت والصيحة الثانية للحياة والحضور في محكمة العدل الالهي.

{فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (54)

معناه لا ينقص من له حق شيئاً من حقه من الثواب او العوض أو غير ذلك ولا يفعل به ما لا يستحقه من العقاب بل الأمور جارية على مقتضى العدل.