الوقف والابتداء في القرآن الكريم

دراسة وتطبيقاً

 جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد

بيروت - لبنان

الطبعة الأولى، رجب 1432 هـ . ق./2011 م

القسم الثاني: " التطبيق "

فهرس الکتاب

القسم الأول: " الدراسة "

القسم الثاني: " التطبيق "

الفصل الأول: الاستعاذة والبسملة
الفصل الثاني: إعراب سورة الفاتحة وبيان الوقف والابتداء فيها
الفصل الثالث: إعراب مئة آية من سورة البقرة وبيان الوقف والابتداء فيها

 

 

 



 


الفصل الأول:


 

الاستعاذة والبسملة

قبل البدء بتطبيق قواعد الوقف والابتداء في سورة الحمد ومئة آية من سورة البقرة، وجدت لزاماً عليَّ أن أتحدث عن الاستعاذة والبسملة في القرآن الكريم، لأنّ الاستعاذة « تمهيد للجوّ الذي يتلى فيه كتاب الله وتطهيره له من الوسوسة » (176)، والبسملة « أقرب إلى الاسم الاعظم من ناظر العين إلى بياضه » (177).

الاستعاذة:

لغة: هي الالتجاء والاعتصام والتحصّن.

واصطلاحاً: لفظ يحصل به الالتجاء الى الله والاعتصام والتّحصّن به من الشّيطان الرجيم - والأصل في الاستعاذة هو قوله تعالى: ﴿ فَإذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ (النحل/98) - وهي ليست من القرآن بالإجماع ولفظها لفظ الخبر ومعناه الإنشاء، أي: اللهم أعذني من الشيطان الرجيم (178).

صورة الاستعاذة:

المختار لجميع القرّاء في صيغتها: « أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » (179) وعليه إجماع الأمّة لأنّ هذه الصيغة أقرب مطابقة للآية الكريمة الواردة في سورة النحل وأمّا غير هذا اللفظ فغير متفق عليه (180).

حكمها:

أجمع المسلمون على أنّ الاستعاذة قبل القراءة (181) مطلوبة ممن يريد القراءة واختلفوا هل هي واجبة أو مستحبة.

فذهب جمهور العلماء وأهل الأداء إلى أنّها مستحبّة عند ابتداء القراءة بكلّ حال في الصّلاة وخارج الصلاة وحملوا الأمر في الآية من سورة النّحل على الندب (182) بحيث لو تركها القارئ لا يكون آثماً.

وذهب بعض العلماء منهم داوود بن علي الظاهري (ت: 270هـ) وأصحابه إلى القول بوجوبها عند ابتداء القراءة، حملاً للأمر على الوجوب كما هو الأصل، حتى أبطلوا صلاة من لم يستعذ وقد جنح الإمام فخر الدين الرازي (ت: 606هـ)، إلى القول بالوجوب، وحكاه عن عطاء بن أبي رباح (ت: 114هـ) واحتجّ له بظاهر الآية من حيث الأمر (183) وعلى مذهبهم لو تركها القارئ يكون آثماً.

الرأي الراجح:

هو ما عليه جمهور العلماء وأهل الأداء، وهو أن الاستعاذة مستحبّة، وليست بمحتّمة يأثم تاركها، إذ القراءة المصدّرة بالاستعاذة من العمل الصالح (184) والتوجه الروحي.

أحوالها:

للاستعاذة عند بدء القراءة حالتان هما: الجهر والإخفاء.

أمّا الجهر فيستحبّ عند بدء القراءة في موضعين:

- إذا كان القارئ يقرأ جهراً وكان هناك من يستمع لقراءته.

- إذا كان القارئ وسط جماعة يقرأون القرآن وكان هو المبتدئ بالقراءة (185).

ووجه الجهر بالاستعاذة أن يُنصت السّامع للقراءة من أوّلها فلا يفوته شي‏ء منها لأنّ التّعوّذ شعار القراءة وعلامته (186).

وأمّا إخفاؤها فيستحبّ في أربعة مواضع:

- إذا كان القارئ يقرأ سراً.

- إذا كان القارئ يقرأ جهراً وكان خالياً أي: ليس معه أحد يستمع لقراءته.

- إذا كان يقرأ في الصلاة مطلقاً سواء كان إماماً أم مأموماً أم منفرداً، سواء كانت الصلاة سرّية أم جهرية.

- إذا كان يقرأ وسط جماعة يتدارسون القرآن كأَن يكون في مقرأة وليس هو المبتدئ بالقراءة (187).

فائدة:

لو قطع القارئ القراءة لعارض من سؤال أو كلام يتعلّق بمصلحة القراءة لم يُعِدِ الاستعاذة، وذلك بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبياً ولو ردّاً للسلام، فإنّه يستأنف الاستعاذة، وكذا لو كان القطع إعراضاً عن القراءة (188).


 (176)  في ظلال القرآن لسيد قطب 14/98.

 (177)  مجمع البيان للطبرسي 1/18، وسائل الشيعة للحر العاملي (ت: 1104هـ) 4/745.

 (178)  الإضاءة في أصول القراءة للضباع ص 6.

 (179)  النشر لابن الجزري ص 243.

 (180)  جمال القراء للسخاوي 2/271.

 (181)  ن. م 2/ 258.

 (182)  النشر لابن الجزري 1/258.

 (183)  ن. م. ص 258.

 (184)  تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) لأبي البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت 710هـ) في هامش تفسير الخازن (باب التأويل في معاني التنزيل ) لعلي بن محمد الخازن (ت 740هـ) ج 3 ص 133 دار المعرفة بيروت لبنان لا. ت.

 (185)  غاية المريد لعطية قابل نصر ص 45.

 (186)  النشر لابن الجزري ص 253 بتصرف.

 (187)  أحكام قراءة القرآن للحصري ص 264.

 (188)  النشر لابن الجزري 1/259.


 

 

البسملة:

بسمل الرجل بسملة إذا كتب ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ ...، وبسمل إذا قال: « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » أيضاً ...، ويقال لمن قال « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » مبسمل وهو ضرب من النحت اللغوي كحوقل، أي: قال « لا حول ولا قوة إلاّ بالله » وهَيلَلَ وسَبحَلَ وحَمدَلَ وحَيْصَلَ وَحَيْعَلَ يعني قال « لا إله إلاّ الله » و « سبحان الله » و « الحمد لله » و « حي على الصلاة » و « حي على الفلاح » (189)، ويقال قد أكثرت من البسملة أي: من قول « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » (190).

حكمها:

تواترت الروايات الصحيحة المأثورة عن أهل البيت (ع) وعن غيرهم على أنّ البسملة من القرآن الكريم (191)، ولا خلاف بين العلماء في أنّها بعض آية من سورة النمل، كما أنّه لا خلاف بين القرّاء في إثباتها في أوّل الفاتحة، وقد أجمع القرّاء السبعة أيضاً على الإتيان بها عند ابتداء القراءة بأول أيّ سورة من سور القرآن سوى سورة (براءة)، وذلك لكتابتها في المصحف ولما ثبت من الأحاديث الصحيحة أنّ رسول الله (ص) كان لا يعلم انقضاء السورة حتى تنزل عليه « بسم الله الرحمن الرحيم » (192).

عن سعيد بن جبير (ت:94هـ): أنّ المؤمنين في عهد النبي (ص) كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » فإذا نزلت « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » علموا أنّ السّورة انقضت ونزلت الأخرى. وكذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عباس (193).

وقال ابن عباس (ت: 68هـ): من تركها فقد ترك مئة وأربع عشرة آية.

قال الشافعي (ت: 204هـ): وأخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج (ت: 150هـ) عن نافع عن ابن عمر أنَّه كان لا يَدع « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » لأمّ القرآن والسور التي بعدها، وكذلك كان عطاء (ت: 135هـ) وأكثر أصحاب ابن عباس يقرأونها في فاتحة الكتاب وفي السور التي يقرأون بعده (194).

وقد روي عن الإمام الصادق (ع) (ت: 148هـ) في فضل البسملة أنه قال: « ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنه بدعة إذا أظهروها وهي « بسم الله الرحمن الرحيم » (195).

وأما في أجزاء السور فالقارئ مخيّر بين الإتيان بالبسملة أو عدمه وإلى ذلك يشير الإمام الشاطبي (ت: 590هـ) بقوله:

ولا بدّ منها في ابتدائك سورةً سواها وفي الأجزاء خُيِّرَ مَنْ تَلا (196) وقد كان الشاطبي يأمر بالبسملة بعد الاستعاذة في قوله تعالى: ﴿ اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ... ﴾ (البقرة/255)، وقوله تعالى: ﴿ إليه يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ (فصلت/47) ونحوه لما في ذلك من البشاعة ... وينبغي قياساً أن ينهى عن البسملة في قوله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ... ﴾ (البقرة/268) وقوله تعالى ﴿ لَّعَنَهُ اللهُ ... ﴾ (النساء/118) ونحو ذلك للبشاعة أيضا (197).

وأمّا بالنسبة لسورة (براءة) فهي متروكة في أوّلها اتفاقاً، وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي بقوله (198):

ومهما تَصِلْها أو بدأتَ براءةً

 لتنزيلها بالسيف لستَ مُبَسمِلا

 

يعلل الشاطبي حذف البسملة في أول براءة بأنها نزلت مشتملة على السيف وقد نقل العلماء هذا التعليل عن الإمام علي (ع).

قال ابن عباس: سألت علياً لِمَ لَم تكتب البسملة أول براءة. فقال: لأنّ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ » أمان، و براءة ليس فيها أمان لأنها نزلت بالسيف ولا تناسب بين الأمان والسيف (199).

أوجه الابتداء بالبسملة:

أ: إذا ابتدأ القارئ قراءته بأوّل أيّ سورة من سور القرآن سوى براءة فله أن يجمع بين الاستعاذة والبسملة وأول السورة ويجوز له حينئذ أربعة أوجه:

1- قطع الجميع أي: فصل الاستعاذة عن البسملة عن أول السورة بالوقف على كلٍّ منها وهذا الوجه أفضلها.

2- وصل الجميع أي: وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة وهذا الوجه أضعفها.

3- قطع الأول ووصل الثاني والثالث أي: الوقف على الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة وهو يلي الوجه الأول في الأفضلية.

4- وصل الأول بالثاني وقطع الثالث أي: وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها والبدء بأول السورة وهو أفضل من وصل الجميع.

ب: أمّا إذا كان القارئ مبتدأ بأول سورة (براءة) فله فيها وجهان:

1- الوقف على الاستعاذة وفصلها عن أول السورة بدون بسملة.

2- وصل الاستعاذة بأوّل السورة بدون بسملة أيضاً.

ج: أما إذا كان القارئ مبتدئاً تلاوته بآية من وسط سورة غير سورة (براءة) فله حالتان:

1- أن يأتي بالبسملة ويجوز له حينئذ الأوجه الأربعة التي ذكرناها في ابتداء أول كل سورة.

2- أن يترك البسملة ويجوز له حينئذ وجهان فقط:

ج-1: الوقف على الاستعاذة وفصلها عن أول الآية المبتدأ بها.

ج-2: وصل الاستعاذة بالآية المبتدأ بها إلاّ إذا كانت الآية المبتدأ بها مبدوءة بلفظ الجلالة فالأولى عدم الصلة لما في ذلك من البشاعة (200).

 أما إذا كان القارئ مبتدئاً بآية من وسط سورة (براءة) فقد اختلف فيه العلماء، فذهب بعضهم إلى منع الإتيان بالبسملة في أثنائها كما منعت في أوّلها وعلى هذا يكون للقارئ وجهان فقط:

 الأول: الوقف على الاستعاذة.

 الثاني: وصلها بأوّل الآية.

وذهب بعضهم إلى جواز الإتيان بالبسملة في أثناء براءة كجوازها في أثناء غيرها، وعلى هذا تجوز الأوجه الأربعة المذكورة آنفاً (201).

أوجه ما بين السورتَيْن

أ: إذا وصل القارئ آخر سورة يقرؤها بالتي بعدها سوى سورة (براءة) فلا يأتي بالاستعاذة ويجوز له ثلاثة أوجه:

1- قطع الجميع أي: الوقف على آخر السورة وعلى البسملة.

2- وصل الجميع أي: وصل آخر السورة بالبسملة بأول السورة التالية.

3- قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي: الوقف على آخر السورة ووصل البسملة بأول السورة التالية.

أمّا الوجه الرابع الذي يجيزه العقل وهو وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها فهو ممتنع اتفاقاً لأن البسملة إنما جعلت لأوائل السّور لا لأواخره (202).

 وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي قائلاً:

ومهما تصلها مع أواخِرِ سورةٍ

فلا تَقِفَنَّ الدهر فيها فتثقُل (203)

 

ب: وأما إذا وصل القارئ آخر سورة الأنفال بأول سورة (براءة) فيجوز له ثلاثة أوجه:

1- الوقف وقد يعبّر عنه بالقطع وهو الوقف على آخر الأنفال مع التّنفس.

2- السّكت وهو الوقف على آخر الأنفال من غير تنفّس.

3- وصل آخر الأنفال بأوّل براءة.

وتكون هذه الأوجه الثلاثة بدون بسملة إذ لم تثبت البسملة في أوّل براءة بالإجماع كما تقدّم (204).


(189)  إعراب القرآن الكريم وبيانه، محيي الدين درويش ج 1 ص 11 ط. دار الإرشاد حمص / سورية 1408هـ /1988م.

(190)  لسان العرب لابن منظور 11/56.

(191)  البيان للإمام الخوئي ص 468 مطبعة الأدب النجف الأشرف سنة 1385هـ - 1966 م الطبعة الثانية والتجويد وأدب التلاوة للدكتور داوود العطار ص 69 ط مؤسسة البعثة طهران / إيران الطبعة الأولی سنة 1365 هـ.ش.

(192)  غاية المريد لعطية قابل نصر ص 47.

(193)  جمال القراء السخاوي 1/435.

(194)  ن.م ص 434.

(195)  مجمع البيان للطبرسي 1/19، كتاب فروشي إسلامية، الطبعة الخامسة طهران / إيران سنة 1395.

(196)  حرز الأماني للشاطبي ص 11، مطبعة مصطفی الحلبي مصر 1355هـ/1937م.

(197)  النشر لابن الجزري 1/266.

 (198)  حرز الأماني للشاطبي ص 11.

(199)  الوافي لعبد الفتاح محمود القاضي (ت: 1403هـ) ص 48 مكتبة الدار، المدينة المنورة الطبعة الثالثة 1411هـ /1990م.

(200)  غاية المريد لعطية قابل ص 49.

(201)  أحكام قراءة القرآن للحصري ص 266.

(202)  أحكام قراءة القرآن للحصري ص 267.

(203)  حرز الأماني ص 11.

(204)  أحكام قراءة القرآن للحصري ص 267.

 


الفصل الثاني:


 

إعراب سورة الفاتحة وبيان الوقف والابتداء فيه

إعراب الاستعاذة

أعوذُ: فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو فعل معتل لأنّ عين الفعل واو والأصل أعْوُذُ فاستثقلوا الضّمة على الواو فنقلت إلى فاءِ الفعل فصارت أعُوْذُ كـ «أقُوْلُ» وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره «أنا».

بالله: جارّ ومجرور متعلّقان بأعوذُ.

من الشيطان: جارّ ومجرور متعلقان بأعوذ أيضاً «مِنْ» حرف جر، وهي لمبتدأ الغاية كما أنّ «إلى» لمنتهى الغاية، فإذا قلت: لِزيدٍ من الحائط إلى الحائط، فقد بيّنت به طرفَي مالَهُ لأنّك ابتدأت بـ «من» وانتهيت بـ «إلى» (205).

الرجيم: نعت للشيطان علامته جرّ كسرة الميم.

وهذه الجملة جملة استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.

حكم الوقف على الاستعاذة:

الوقف على آخر الاستعاذة تام (206)، يجوز الوقف على الاستعاذة والابتداء بما بعدها بسملة كان أو غيرها ويجوز وصله بما بعدها والوجهان صحيحان (207).

واعلم أنّ الاستعاذة يستحبّ قطعها من التّسمية ومن أوّل السّورة لأنّها ليست من القرآن (208).

والوقف على آخر التّعوّذ تامّ لأنّ الاستعاذة لا تعلّق لها بما بعدها لا لفظاً ولا معنى لأنّا مأمورون به عند التّلاوة وإن لم يكن من القرآن (209).


(205)  إعراب ثلاثين سورة لابن خالويه (ت: 370هـ) ص 6 ط. دار الكتب المصرية القاهرة 1360هـ - 1941.

(206)  المكتفی للداني ص 155.

(207)  النشر لابن الجزري 1/257.

(208)  منار الهدی للأشموني ص 25.

(209)  ن.م. ص 26، والمقصد الأنصاري هامش منار الهدی ص 27.


 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)

الإعراب:

بِسْمِ: الباء حرف جر أصله الإلصاق (210) وقيل: للاستعانة (211)، والجارّ والمجرور متعلّقان بفعل محذوف تقديره «ابتدِئُ» في محل نصب مفعول به مقدم «حذف الفعل لأنّ دلالة الحال أغنت عن ذكره» (212).

وقيل: إنّ الجارّ والمجرور في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره «ابتدائي بسم الله الرحمن الرحيم» فالباء على هذا متعلّقة بالخبر المحذوف تقديره «ابتدائي ثابت أو مستقر بسم الله الرحمن الرحيم» ولا يحسن تعلّق الباء بالمصدر الذي هو مُضمر لأنّه يكون داخلاً في صلته فيبقى الابتداء بغير خبر (213).

لفظ الجلالة (الله): مضاف إليه مجرور بكسرة ظاهرة.

الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: صفتان للفظ الجلالة جرّهما بكسرة ظاهرة في آخرهما.

إن قدّر ابتدائي ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فجملة البسملة ابتدائية وهو قول البصريين أو أبدأُ بسم الله الرحمن الرحيم ففعليّة وهو قول الكوفيين وهو المشهور في التفاسير والإعرابات (214).

حكم الوقف على البسملة وأجزائها:

الوقف على ﴿ بِسْمِ ﴾ قبيح وعلى «لفظ الجلالة» حسن، وعلى ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾ أحسن منه، وعلى ﴿ الرَّحِيمِ ﴾ تامّ والابتداء بما بعدها تامّ أيضاً، ويعتقد الداني في كتاب المكتفى: الوقف على آخر التسمية أتم (215).

عدّ آي القرآن عند المسلمين ينقسم إلی أقسام:

منها: العدّ المدني الأول والمدني الآخر والمكيّ والكوفي والبصري والشامي (جمال القراء للسخاوي 1/421). والعدّ الكوفي لآي القرآن الكريم ستة آلاف آية ومائتا آية وثلاثون وست آيات وهذا أصبح الأعداد وأعلاها إسناداً لأنه مأخوذ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويعضده الرواية الواردة عن النبي (ص) أنه قال: فاتحة الكتاب سبعة آيات إحداهنّ « بسم الله الرحمن الرحيم » (مجمع البيان للطبرسي 1/11).

وسورة الفاتحة مكية عن ابن عباس وقتادة (ت: 117هـ) ومدنيّة عن مجاهد (ن.م 1/17).

وقيل: أنزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة حين حولت القبلة (منار الهدی للأشموني ص 27).

وأيّده شيخ الإسلام الأنصاري (ت: 926هـ) في كتابه المقصد، قال: والوقف على البسملة تامّ بل أتمّ (216).


(210)  مجمع البيان 1/20.

(211)  إعراب القرآن الكريم من مغني اللبيب ص 35، إعداد أيمن عبد الرزاق الشوّاط. دار ابن كثير دمشق / سورية الطبعة الأولی 1416هـ /1995م.

(212)  مجمع البيان 1/20.

(213)  مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي (ت: 437هـ) ج1 ص 66 تحقيق حاتم صالح الضامن منشورات وزارة الإعلام بغداد.ط. دار الحرية للطباعة 1395هـ/1975م.

(214)  إعراب القرآن من مغني اللبيب ص 35.

(215)  المكتفی الداني ص 155.

(216)  هامش منار الهدی للأشموني ص 27.


 

قوله تعالى:

﴿ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

الإعراب:

قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الْحَمْدُ: رفع بالابتداء.

للهِ: جارّ و مجرور متعلقان بمحذوف خبر في محل رفع تقديره « الحمد ثابت لله أو مستقر لله ». وأصل اللام للتخصيص والملك (217).

رَبِّ: نعت للفظ الجلالة أو بدل منه (218) ومجرور بكسرة ظاهرة والجر هو الوجه الأفضل والأجزل (219).

الْعَالَمِينَ: مضاف إليه مجرور وجرّه بالياء نيابة عن الكسرة لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.

قوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صفتان للفظ الجلالة مجروران بكسرة في آخرهما.

فإن سأل سائل فقال: إذا جعلت بسم الله الرحمن الرحيم آية من أم الكتاب فما وجه التكرار؟

فالجواب في ذلك ليس هنا تكرير « إنّما أعاد الرحمن والرحيم للمبالغة. وقال علي بن عيسى الرماني (ت: 384هـ): في الأول ذكر العبودية فوصل ذلك بشكر النعم التي بها يستحق العبادة، وها هنا ذكر الحمد فوصله بذكر ما به يستحق الحمد من النعم فليس فيه تكرار » (220).

قوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (221).

مَالِكِ: إمّا نعت للفظ الجلالة على اعتبار أنّ الإضافة هنا محضة تفيد التعريف والتخصيص، لأنّها ليست في تقدير الانفصال، وعلى هذا يصحّ وصف اسم الله تعالى بـ ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾.

أو بدلٌ من لفظ الجلالة لأنّ ﴿ مَالِكِ ﴾ اسم فاعل من الملك جار على الفعل واسم الفاعل إذا كان للحال أو الاستقبال، فإنّه لا يكتسب التعريف من المضاف إليه، وإذا لم يكتسب التعريف كان نكرة، والنكرة لا تكون صفة للمعرفة فوجب أن يكون مجروراً على البدل لا على الصفة (222).

وقد حذف المفعول به من الكلام للدلالة عليه وتقديره «مالكِ أحكام يوم الدين أو مالك يوم الدين الأحكام والقضاء»، لا يملك ذلك ولا يليه سواه أي: لا يكون أحدٌ والياً سواه (223).

يَوْمِ: مضاف إليه لمالك مجرور بكسرة ظاهرة.

الدِّينِ: مضاف إليه ليوم مجرورة بكسرة ظاهرة.

وجملة ﴿ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾: جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ الْحَمْدُ ﴾ قبيح، والوقف على ﴿ للهِ ﴾ حسن، والوقف على ﴿ رَبِّ ﴾ قبيح، والوقف على ﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ أحسن من الوقف على ﴿ للهِ ﴾، والوقف على ﴿الرَّحْمَنِ﴾ حسن، وعلى ﴿ الرَّحِيمِ ﴾ أحسن منه، والوقف على ﴿ مَالِكِ ﴾ قبيح، وعلى ﴿ يَوْمِ ﴾ قبيح أيضاً، وعلى ﴿ الدِّينِ ﴾ تامّ، لأنّ الكلام الذي بعده مستغنٍ عنه.


(217)  مجمع البيان للطبرسي 1/22.

(218)  إعراب ثلاثين سورة لابن خالويه ص 21.

(219)  معاني القرآن للزجاج (ت: 311هـ) 1/46، د. عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولی 1408هـ -1988م.

(220)  مجمع البيان للطبرسي 1/23.

(221)  إعراب القرآن من مغني اللبيب ص 36.

(222)  البيان في غريب إعراب القرآن لابن الأنباري أبو البركات (ت: 577هـ) 1/35، دار الكاتب العربي مصر 1389هـ /1969م.

(223)  مجمع البيان 1/25.


 

 

قوله تعالى:

 

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

الإعراب:

إِيَّاكَ: ضمير منفصل في محل نصب بـ ﴿ نَعْبُدُ ﴾ والكاف للخطاب لا محلّ له من الإعراب ولا يعمل فيه إلاّ ما بعده لا ما قبله، إلاّ أن تأتي بحرف الاستثناء نحو: ما نعبد إلاّ إيّاك، فإن قدّمت الفعل عليه من غير استثناء صار الضمير المنفصل متصلاً فنقول: نعبدك (224).

وتقديم المفعول هنا على الفعل هو لقصد الاختصاص كقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ... ﴾ (الزمر/ 64) و ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً ﴾ (الأنعام/164).

والمعنى نخصك بالعبادة ونخصك بطلب المعونة (225).

نَعْبُدُ: فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وعلامة رفعه ضمة ظاهرة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره «نحن».

وجملة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ جملة استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.

وجملة ﴿ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ جملة معطوفة بالواو على جملة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ لا محلّ لها من الإعراب أيضاً.

فلو سأل سائل لِمَ عدل عن لفظ الغيبة في قوله تعالى ﴿ الْحَمْدُ للهِ ... ﴾ إلى الخطاب في قوله تعالى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... ﴾، فالجواب أنّ العدول من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى التّكلم هو من عادة العرب المشهورة، وقد كثر هذا الأسلوب في أشعارهم ويسمّى في علم البيان بفنّ الالتفات، وفائدة هذا الأسلوب أنّه إذا نقل الكلام من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن تَطْرِيَةً لنشاط السّامع وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد (226).

الوقف والابتداء:

الوقف على ﴿ إِيَّاكَ ﴾ قبيح وعلى ﴿ نَعْبُدُ ﴾ حسن والوقف على ﴿ إِيَّاكَ ﴾ الثاني قبيح أيضاً، وعلى ﴿ نَسْتَعِينُ ﴾ تامّ لأنّه انقضاء الثّناء على الله عزّ وجلّ (227)، والكلام الذي بعده مستغنٍ عنه (228).


(224)  البيان لابن الأنباري 1/36.

(225)  تفسير الكشاف للزمخشري 1/12.

(226)  الكشاف للزمخشري 1/14.

(227)  المكتفی للداني ص 155.

(228)  إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري (ت 328هـ) 1/475 تحقيق د. محيي الدين عبد الرحمان رمضان، دمشق سورية 1390هـ - 1971م.


 

 

قوله تعالى:

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)

الإعراب:

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ ...

اهْدِنَا: اهْدِ: فعل أمر مبنيّ على حذف الياء ومعناه الدعاء وهدى: يتعدى إلى مفعول بنفسه، فأمّا إلى مفعول آخر فقد جاء متعدياً إليه بنفسه كما في قوله ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ ... ﴾ وقد جاء متعدياً بـ ﴿إلى﴾ كقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ... ﴾ (الأنعام/161) وجاء متعدّياً باللام منه قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ... ﴾ (الأعراف /43) والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره «أنت».

نَا: مفعول به في محل نصب.

الصِّرَاطَ: مفعول به ثانٍ منصوب بفتحة ظاهرة.

الْمُسْتَقِيمَ: صفة للصراط منصوب بفتحة ظاهرة.

صِرَاطَ: صفة للصراط منصوب بفتحة ظاهرة أو بدلٌ من الصراط والفصل بين الصفة، والبدل أن البدل في تقدير تكرار العامل بدلالة تكرار حرف الجر في قوله تعالى ﴿ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ... ﴾ (الأعراف/ 75) وليس كذلك الصفة (229).

الَّذِينَ: اسم موصول مضاف إليه في محلّ جرّ.

أَنْعَمْتَ: فعل ماضي مبني على السكون لاتصال ضمير الرفع المتحرك بآخره والضمير المتحرك فاعله.

عَلَيْهِمْ: جار و مجرور متعلقان بـ ﴿ أَنْعَمْتَ ﴾.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ: غيرِ جرّه من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون مجروراً على البدل من الضمير في ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ من ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.

الثاني: أن يكون مجروراً على البدل من ﴿ الَّذِينَ ﴾ في ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.

الثالث: أن يكون مجروراً على الوصف لـ ﴿ الَّذِينَ ﴾ في ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.

لأنّ (الَّذِينَ) لا يقصد بهم أشخاص مخصوصة فجرى مجرى النكرة فجاز أن يقع (غَيْرِ) وصفاً له وإن كانت مضافة إلى معرفة (230).

الْمَغْضُوبِ: مضاف إليه مجرور بكسرة ظاهرة.

عَلَيْهِمْ: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للمغضوب لأنه بمعنى الذين غضب عليهم إذ لا يتعدى إلاّ بحرف جرّ بمنزلة مُرَّ بزيدٍ ولذلك لم يجمع (231).

وَلا الضَّالِّينَ: الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد معنى النفي المتقدم في ﴿ غَيْرِ ﴾.

الضَّالِّينَ: معطوفة على ﴿المغضوب﴾ وجرّ بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

جملة ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ... ﴾ استئنافية لا محل لها من الإعراب وجملة ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... ﴾ جملة صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ اهْدِنَا ﴾ قبيح لأن الصراط منصوب به والمنصوب متعلّق بالنّاصب، والوقف على ﴿ الصِّرَاطَ ﴾ قبيح لأنّ الصراط منعوت والنّعت متعلق بالمنعوت، والوقف على ﴿ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ حسن لأنّ ما بعده بَدل والوقف على ﴿ صِرَاطَ ﴾ قبيح لأنه مضاف إلى ﴿ الَّذِينَ ﴾ والوقف على ﴿ الَّذِينَ ﴾ قبيح لأن ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ صلة ﴿ الَّذِينَ ﴾، والصلة والموصول بمنزلة حرف واحد والوقف على ﴿أَنْعَمْتَ﴾ قبيح، لأنّ ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ صلة ﴿ أَنْعَمْتَ ﴾ والوقف على ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ حسن وليس بتام ولا كافٍ، لأنّ قوله ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ﴾ خُفِضَ على النعت لـ ﴿ الَّذِينَ ﴾ في قوله ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ ... ﴾ أو على البدل منه، والوقف على ﴿ غَيْرِ ﴾ قبيح لأنها مضافة إلى ﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾ والوقف على ﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ على ﴾ في موضع رفع بـ ﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾ وهي اسم ما لم يسمّ فاعله - نائب فاعل - فالمرفوع متعلّق بالرافع، والوقف على ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ الثاني حسن وليس بتامّ لأنّ ﴿ وَلا الضَّالِّينَ ﴾ عطف نسق على ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ﴾ والوقف على ﴿ وَلا ﴾ قبيح، لأنّها نسق والوقف على ﴿ الضَّالِّينَ ﴾ تامّ.

ففي فاتحة الكتاب ثلاثة وعشرون وقفاً، أربعة تامّة وستّة جائزة يحسن الوقف عليها ولا يحسن الابتداء بما بعدها، لأنّ التعلّق فيها من جهة اللفظ والوقف حسن إذ الابتداء لا يكون إلاّ مستقلاً بالمعنى المقصود، وثلاثة عشر يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها.

فالتامّة أربعة: ﴿البسملة﴾ و ﴿ الدِّينِ ﴾ و ﴿ نَسْتَعِينُ ﴾ و ﴿ الضَّالِّينَ ﴾ ...

والجائزة ﴿ الْحَمْدُ للهِ ﴾ و ﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ و ﴿ الرَّحِيمِ ﴾ و ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ و ﴿ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ و ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ ...

والثلاثة عشرة التي يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها هي: ﴿ الحمد ﴾ و ﴿ مَالِكِ ﴾ و ﴿ رَبِّ ﴾ و ﴿ يَوْمِ ﴾ و ﴿ إِيَّاكَ ﴾ فيهما و ﴿ اهْدِنَا ﴾ و ﴿ الصِّرَاطَ ﴾ و ﴿ صِرَاطَ ﴾ و ﴿ الَّذِينَ ﴾ و ﴿ غَيْرِ ﴾ و ﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾ و ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ الثاني (232).


(229)  مجمع البيان للطبرسي 1/29.

(230)  البيان في غريب إعراب القرآن لابن الأنباري 1/40.

(231)  مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي 1/71.

(232)  منار الهدی للأشموني ص 28.

 


الفصل الثالث:


 

إعراب مئة آية من سورة البقرة وبيان الوقف والابتداء فيه

سورة البقرة هي سورة مدنيّة كلّها إلاّ آية واحدة وهي وقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ... ﴾ (البقرة/281) فإنها نزلت في حجة الوداع بمنى. عدد آيها مائتان وستّ وثمانون آية في العد الكوفي المرويّ عن أمير المؤمنين (ع) (233).

 

قوله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

الإعراب:

﴿ الم: ألفْ، لامْ، ميمْ ﴾ أسماء مدلولها حروف المعجم ولذلك نطق بها كما ينطق بحروف المعجم وهي موقوفة الآخر - يعني مسكّنة - وليست معربة، لأنّها لم يدخل عليها عامل - وهو العطف - وشبهه ولا مبنيّة لعدم سبب البناء ولكنّها قابلة لدخول العوامل عليها فتعرب تقول: هذه ألفٌ حسنةٌ (234).

إنّ الحروف في أول السور إذا أريد بها حروف المعجم ولم يدخل عليها عامل ولا شبهه فلا موضع لها ... وإلاّ فلها موضع ويحتمل الرفع والنصب والجرّ، فالرفع على الابتداء والخبر ما بعده أو على الخبر والمبتدأ محذوف أي: هذا ﴿ الم ﴾ والنصب بإضمار فعل أي: اتلُ ﴿ الم ﴾ والجر على إضمار حرف القسم (235).

بعد مطالعتي للأقوال والإعراب حول الحروف في أول السور وجدت أصح الأقوال وأسهلها وأبعدها عن التأويل هو أن نعتبرها اختصاراً من كلام أو حروفاً مقطّعة كلُّ حرف منها له تفسيره، فعلى هذا ﴿ الم ﴾: لا محل لها من الإعراب وهي بمنزلة جملة ابتدائية كقولنا: زيدٌ قائمٌ (236).


(233)  مجمع البيان للطبرسي 1/32.

(234)  المجيد في إعراب القرآن المجيد للصفاقسي ( ت:752هـ) ص 75، ط. طرابلس - ليبيا سنة 1401 هـ /1992م.

(235)  المجيد في إعراب القرآن المجيد للصفاقسي (ت: 742هـ) ص 75 ط. طرابلس ليبيا سنة 1401هـ/1992م.

(236)  المجيد في إعراب القرآن المجيد للصفاقسي ص 67.


 

قوله تعالى:

﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ

﴿ ذَلِكَ ﴾: ذا: اسم اشارة مبني في محل رفع مبتدأ، واللام لام التأكيد دخلت لتدل على بعد المشار إليه والكاف للخطاب لا موضع لها من الإعراب (237).

والمشار إليه في ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ ﴾ هو ما في اللوح المحفوظ، وقيل: ما نزل من القرآن بمكة وقيل: التوراة، وقيل: الإنجيل وقيل: حروف المعجم وقيل: هو هنا للقرب بمعنى «ذا» (238).

فـ «هذا» و «ذلك» يصلحان في كل كلامٍ إذا ذكر ثم أتبعته بأحدهما بالإخبار عنه. ألا ترى انك تقول: قد قَدِمَ فلان فيقول السامع: قد بلغنا ذلك وقد بلغنا هذا الخبر فصلحت فيه «هذا»، لأنّه قرب من جوابه فصار كالحاضر الذي تشير إليه، وصلحت فيه ﴿ ذَلِكَ ﴾ لانقضائه والمنقضي كالغائب ولو كان شيئاً قائماً يرى لم يجز مكان «ذلك» «هذا»، ولا مكان «هذا» «ذلك» وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ ... وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ ﴾ ثم قال: ﴿ هَذَا ذِكْرٌ ... ﴾ (سورة ص/49 - 45) وقال عزّ وجلّ في موضع آخر: ﴿ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴾ ثم قال: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ (سورة ص/52 و 53) وقال جلّ ذكره: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ ثم قال: ﴿ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ (سورة ق/19) ولو قيل في مثله من الكلام في موضع «ذلك» «هذا» أو في موضع «هذا» «ذلك» لكان صواباً.

فأمّا ما لا يجوز فيه «هذا» في موضع «ذلك» ولا «ذلك» في موضع «هذا» فلو رأيت رجلين تنكر أحدهما لقلت للذي تعرف: من هذا الذي معك ؟ ولا يجوز هاهنا من ذلك ؟ لأنك تراه بعينه.

الْكِتَابُ: خبر لـ ﴿ ذَلِكَ ﴾ مرفوع بضمة ظاهرة وهي جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.

لا رَيْبَ: لا: نافية للجنس، رَيْبَ: اسم ﴿ لا ﴾ مبنى على الفتح في محل نصب والخبر محذوف.

فِيهِ: متعلّق بمحذوف تقديره «كائن» خبر مقدم في محل رفع.

هُدًى: مبتدأ مؤخر مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف.

لِّلْمُتَّقِينَ: جار ومجرور متعلقان بالمصدر ﴿ هُدًى ﴾ ولنا أن نجعله صفة لهدًى (239).


(237)  مجمع البيان للطبرسي 1/34.

(238)  مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي 1/73.

(239)  هناك أكثر من إعراب صرفنا النظر عنها ولا مجال لذكرها.


 

قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ

الَّذِينَ: اسم موصولٌ في محل جرّ صفة ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ وجملة ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب، وجملة ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾ معطوفة على جملة الصلة لا محل لها من الإعراب.

مِمَّا: جار ومجرور متعلّقان بفعل ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ وأصل ﴿ مِمَّا ﴾ من و ما: «مِنْ» حرف جرّ و «ما» اسم موصول بمعنى الذي ، ومعنى «مِنْ» هنا التبعيض أي: بعض ما رزقناهم وقيل: لابتداء غاية الانفاق، وجملة ﴿ رَزَقْنَاهُمْ ﴾ صلة «ما» لا محل لها من الإعراب والعائد محذوف تقديره «رزقناهموه» أو «رزقناهم إيّاه» وجملة ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ معطوفة على جملة ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ لا محل لها من الإعراب.


وقوله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾.

وَالَّذِينَ: معطوف على ﴿ الَّذِينَ ﴾ قبله في محل جر. ﴿ بِمَا ﴾: جارّ ومجرور في محل نصب مفعول به لِـ ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾، وجملة ﴿ أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾ صلة «ما» لا محل لها من الإعراب، وما: معطوف على «ما» الأول في محل جر وجملة ﴿ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ﴾ صلة «ما» الثاني لا محل لها من الإعراب.

وجملة: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ... ﴾ صلة ﴿ الَّذِينَ ﴾ لا محل لها من الإعراب.

وَبِالآخِرَةِ: الباء حرف جرّ متعلقة بـ ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ و﴿ الآخِرَةِ ﴾ صفة لموصوف محذوف تقديره «وبالساعة الآخرة أو بالدار الآخرة»، ﴿ هُمْ ﴾ مبتدأ في محل رفع ذكر على جهة التوكيد.

يُوقِنُونَ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والفاعل واو الجماعة في محل رفع وجملة ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ في محل رفع خبر لـ ﴿ هُمْ ﴾ وجملة ﴿ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ معطوفة على جملة ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ لا محل لها من الإعراب.


 

قوله تعالى:

﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

أُوْلَئِكَ: اسم إشارة في موضع رفع مبتدأ - هذه الصيغة صيغة جمع على غير لفظ واحده وواحده «ذا»، ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ للمؤنث والمذكر والكاف فيه حرف للخطاب (240).

عَلَى: هنا للاستعلاء مجازاً و ﴿ عَلَى هُدىً ﴾ خبرٌ لـ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ في محل رفع وجملة ﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً ... ﴾ جملة مستأنفة.

مِّن رَّبِّهِمْ: من لابتداء الغاية أو للتبعيض على حذف مضاف ومعناه « من هدى ربِّهم »، والجار والمجرور صفة لـ ﴿ هُدىً ﴾ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ الثاني مبتدأ في محل رفع ﴿ هُمُ ﴾ مبتدأ ثانٍ في محل رفع ﴿ الْمُفْلِحُونَ ﴾ خبرٌ لـ ﴿ هُمُ ﴾، وجملة ﴿ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ خبر لـ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ في محل رفع وجملة ﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ معطوفة على الجملة الاستئنافية لا محل لها من الإعراب.


(240)  معاني القرآن للقراءات (ت: 207هـ) 1/10، ط. مصر سنة 1972م تحقيق محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي.


 

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ الم ﴾ تامّ لأننا اعتبرناها بمنزلة جملة ابتدائية، والوقف على ﴿ ذَلِكَ ﴾ قبيح لأنّه مبتدأ، وعلى ﴿ الْكِتَابُ ﴾ تامّ لأنّ الجملة بعدها مستأنفة والوقف على ﴿ رَيْبَ ﴾ تام (241) لأنّ جملة ﴿ فِيهِ هُدىً ... ﴾ مستأنفة أيضاً، والوقف على ﴿ فِيهِ ﴾ قبيح لأنّه يحتاج إلى ما بعده، وعلى ﴿ هُدىً ﴾ قبيح أيضاً لأنّ اللام في ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ صلته وهو ناقص مضطر إليه (242)، والوقف على ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ حسن، والوقف على ﴿ الَّذِينَ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ صلته والصلة والموصول بمنزلة حرف واحد، والوقف على جملة ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ صلة لـ ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ وهي متعلّقة بهم، والوقف على ﴿ الْغَيْبِ ﴾ حسن لأنّ جملة ﴿ يُقِيمُونَ ﴾ معطوفة على جملة الصلة، والوقف على ﴿ يُقِيمُونَ ﴾ قبيح لأنّ الصلاة منصوبة به والناصب متعلّق بالمنصوب، والوقف على ﴿ الصَّلاةَ ﴾ أيضاً حسن لأنّ جملة ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ معطوفة على جملة ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ كأنّه قال: « وينفقون ممّا رزقناهم » والوقف على ﴿ وَمِمَّا ﴾ قبيح لأنّ ﴿ مِنْ ﴾ صلة ﴿ يُنفِقُونَ ﴾، والوقف على ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ حسن لأنّ قوله ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ ... ﴾ معطوفة على ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾.

ولا وقف من قوله ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ ... إلى ... يُوقِنُونَ ﴾، فلا يوقف على ﴿ وَالَّذِينَ ﴾ ولا على ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ ولا على ﴿ بِمَا ﴾، لأنّ جملة ﴿ أُنزِلَ ﴾ صلة لـ ﴿ مَا ﴾ ولا يوقف على ﴿ إِلَيْكَ ﴾، لأنّ ﴿ مَا ﴾ الثانية معطوفة على ﴿ مَا ﴾ الأولى، ولا يوقف على ﴿ مِن قَبْلِكَ ﴾ لأنّ الجملة بعدها معطوفة على ما قبلها ولا على ﴿ وَبِالآخِرَةِ ﴾ لأنّ الباء في ﴿ وَبِالآخِرَةِ ﴾ من صلة ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾، والوقف على ﴿ هُمْ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ هُمْ ﴾ مبتدأ والوقف على ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ كاف لأن الذي بعده متعلّق به من جهة المعنى (243).

الوقف على ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ قبيح والوقف على ﴿ رَّبِّهِمْ ﴾ حسن وليس بتامّ، لأنّ جملة ﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ معطوفة على ﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ والوقف على ﴿ الْمُفْلِحُونَ ﴾ تامّ، وجه تمامه أنّه انقضاء صفة المتقين وانقطاعه عما بعده لفظاً ومعنى وذلك أعلى درجات التمام (244)، بل هو أتمّ ما مرّ من أول السورة إليها يدلك على ذلك ما روي عن مجاهد، قال: من أول سورة البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين والمفلحون آخرها وبعدها آيتان في نعت الكافرين و ﴿ عَظِيمٌ ﴾ آخرها وبعدها ثلاث عشرة آية في نعت المنافقين كلها متصل بعضها ببعض و ﴿ قَدِيرٌ ﴾ آخره (245).

وهذا حسن من قول مجاهد وهذه التمامات الثلاثة من أحسن ما في هذه الآيات (246).


(241)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري، تحقيق إبراهيم عطوه، ط. الثانية، مطبعة مصطفی الحلبي القاهرة مطر سنة 1389هـ/1969م، 1/13.

(242)  فلو أعربت ﴿ فِيهِ ﴾ خبر لـ ﴿ لا ﴾ التبرئة و ﴿ هُدىً ﴾ مبتدأ خبره محذوف تقديره ﴿ فِيهِ ﴾ لأن الوقف علی ﴿ فِيهِ ﴾ (الظاهرة) تام والوقف علی ﴿ رَيْبَ ﴾ قبيح لأن ﴿ فِيهِ ﴾ الظاهرة خبر ﴿ لا ﴾ التبرئة لا يتم الكلام بدونه. وهذا النوع من الوقف يسمی المعانقة. لو وقفنا علی ﴿ رَيْبَ ﴾ لا نقف علی ﴿ فِيهِ ﴾، وإن وقفنا علی ﴿ فِيهِ ﴾ لا نبدأ من ﴿ فِيهِ ﴾ بل نبدأ بـ ﴿ هُدىً ﴾.

(243)  الإيضاح للأنباري 1/490.

(244)  الإيضاح للأنباري 1/492.

(245)  منار الهدی للأشموني ص 31.

(246)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 115.


 

قوله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)

الإعراب:

﴿ الَّذِينَ ﴾ اسم إنّ في محل نصب وجملة ﴿ كَفَرُواْ ﴾ صلته لا محل له من الإعراب، ﴿ سَوَاءٌ ﴾: مبتدأ مرفوع بضمة ظاهرة ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ جار ومجرور متعلّق ب ﴿ سَوَاءٌ ﴾، ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾: الهمزة للاستفهام دخلت للتسوية على الفعل، أَنذَرْتَهُمْ: فعل ماضٍ مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك والضمير «ت» فاعل في محل رفع والهاء في محل نصب مفعول به والمفعول الثاني محذوف تقديره «العذاب»، ﴿ أَمْ ﴾: حرف عطف يفيد المعادلة، والمصدر المؤول من همزة التسوية والفعل والمقدر بـ «أنذارك» خبر للمبتدأ ﴿ سَوَاءٌ ﴾ أو فاعل سدّ مسدّ الخبر.

﴿ لَمْ تُنذِرْهُمْ ﴾: فعل مضارع مجزوم والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره «أنت» والهاء ضمير متّصل مبني في محل نصب مفعول به والمصدر المؤول «عدم إنذارهم» في محل رفع معطوف على المصدر المؤول، أنذارك، وجملة ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ ﴾ معترضة لا محل لها من الإعراب.

﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾: لا حرف نفي، يؤمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو: فاعل وجملة: ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ خبر إنّ في محل رفع.


 

قوله تعالى:

﴿ خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

خَتَمَ: فعل ماضٍ واسم الجلالة فاعل و ﴿ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ جار ومجرور متعلّق بـ ﴿ خَتَمَ ﴾ و ﴿ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ معطوف على قوله ﴿ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ إنّما وحّد سمعهم ولم يجمع كما جمعت القلوب والأبصار لأنه مصدر والمصدر اسم جنس يقع على القليل والكثير ولا يفتقر إلى التثنية والجمع وقيل تقديره «وعلى مواضع سمعهم» فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (247)، وجملة ﴿ خَتَمَ اللهُ ... ﴾ إلى ﴿ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ استئنافية لا محل لها من الإعراب.

 و﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾، الواو: استئنافية ﴿ عَلَى أَبْصَارِهِمْ ﴾ الجار والمجرور متعلّق بمحذوف وهما في محل رفع خبر مقدّم، و ﴿ غِشَاوَةٌ ﴾ مبتدأ مؤخر، وجملة ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ معطوفة على قوله ﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ لا محلّ لها من الإعراب.


(247)  منار الهدی ص 31.


 

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ إِنَّ ﴾ قبيح وكذا على ﴿ الَّذِينَ ﴾، لأنّ جملة ﴿ كَفَرُواْ ﴾ صلته، والوقف على ﴿ كَفَرُواْ ﴾ قبيح لأنّه داخل في صلة اسم إنّ والوقف على ﴿ سَوَاءٌ ﴾ قبيح لأنّ قوله: ﴿ ءأنذرتهم ﴾ في تأويل مصدر في محل رفع خبر، والوقف على ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ قبيح لأنّ «أم» نسق على الفعل الأول وهما بمنزلة حرف واحد، والوقف على ﴿ لَمْ تُنذِرْهُمْ ﴾ قبيح لأنّ قوله ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ فيه المعنى والفائدة وهو خبر إنّ والوقف على ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ تامّ لأنّ قوله ﴿ خَتَمَ اللهُ ... ﴾ جملة استئنافية دعاء عليهم.

والوقف على ﴿ خَتَمَ اللهُ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ عَلَى ﴾ صلة ﴿ خَتَمَ ﴾، والوقف على ﴿ قُلُوبِهِمْ ﴾ حسنٌ لأنّ قوله ﴿ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ نسق على قوله ﴿ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾، والوقف على ﴿ سَمْعِهِمْ ﴾ تامّ، لأنّ قوله ﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ جملة استئنافية، لأنّ معنى الختم قد انقطع على قوله ﴿ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ والختم لا يقع على العين (248)، والوقف على ﴿ غِشَاوَةٌ ﴾ حسن لأنّ قوله ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ معطوف على قوله ﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ والوقف على ﴿ عَظِيمٌ ﴾ تامّ لأنّه قد انقضت قصة الكافرين وستبدأ قصة المنافقين (249). وهو أتمّ من الوقوف التي سبقتها في هاتين الآيتين.


(248)  البيان في غريب القرآن لابن الأنباري 1/52.

(249)  منار الهدی للأشموني ص 32.


 

قوله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (10)

الإعراب:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ ﴾: الواو حرف استئناف، ﴿ مَن ﴾: حرف جرّ للتبعيض، الجار والمجرور متعلّق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم، ﴿ مَن ﴾: في محل رفع مبتدأ مؤخر، جملة ﴿ يَقُولُ ... ﴾ صلة لا محل لها من الإعراب، وجملة ﴿ آمَنَّا بِاللهِ ﴾ في محل نصب مقول القول، ﴿ وَمَا ﴾ الواو: حالية، ﴿ مَا ﴾ نافية مشبهة بليس ﴿ هُم ﴾ في محل رفع اسم ﴿ مَا ﴾، ﴿بِمُؤْمِنِينَ ﴾ الباء مؤكّدة لمعنى النفي، ﴿ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ مجرور لفظاً في محل نصب خبر ﴿ مَا ﴾.

وجملة ﴿ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾ في محل نصب حال، وجملة ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.


قوله تعالى: ﴿ يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ لا محلّ له، وهو كلام مستأنف كأنّه قيل: لِمَ يتظاهرون بالإيمان فقيل: ﴿ يُخَادِعُونَ ... ﴾ وجملة ﴿ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ ﴾ في محلّ نصب حال من فاعل ﴿ يُخَادِعُونَ ﴾ وجملة ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ في محل نصب حال أيضاً من فاعل ﴿ وَمَا يَخْدَعُونَ ﴾.

وقوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ مستأنف بياني مقرّر لمعنى قولهم ﴿ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾ أو جملة تعليليّة.


وقوله تعالى: ﴿ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً ﴾ معطوف على ما تعلّق به الخبر وهو ﴿ فِي قُلُوبِهِم ﴾، وجملة ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... ﴾ جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب ﴿ أَلِيمٌ ﴾ صفة لـ ﴿ عَذَابٌ ﴾، ﴿ بِمَا كَانُواْ ﴾ الباء: حرف جر للسّببيّة و ﴿ مَا ﴾ في محلّ جر ﴿ بِمَا ﴾ في محلّ رفع صفة ثانية لـ ﴿ عَذَابٌ ﴾ وجملة ﴿ كَانُواْ ... ﴾ لا محل لها صلة الموصول الحرفي، وجملة ﴿ يَكْذِبُونَ ﴾ في محل نصب خبر كان.

الوقف والابتداء:

لا وقف خلال الآية الثامنة، لا يوقف على ﴿ آمَنَّا بِاللهِ ﴾ ولا على ﴿ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾، لأنّ الله أراد أن يُعلمنا أحوال المنافقين أنهم يُظهرون خلاف ما يبطنون، والآية دلّت على نفي الإيمان عنهم، فلو وقفنا على ﴿ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ لكنّا مخبرين عنهم بالإيمان وهو خلاف ما تقتضيه الآية وإنما أراد الله تعالى أن يعلمنا نفاقهم وأنّ إظهارهم للإيمان لا حقيقة له (250) والوقف على ﴿ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ كافٍ.

لا وقف على ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ لأنّ جملة ﴿ وَمَا يَخْدَعُونَ ﴾ حال من فاعل الفعل ﴿ يُخَادِعُونَ ﴾، ولا يجوز الوقف أيضاً على ﴿ أَنفُسَهُمْ ﴾، لأنّ جملة ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ حال من فاعل الفعل ﴿ وَمَا يَخْدَعُونَ ﴾ والوقف على ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ تامّ، والوقف على ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ حسن والوقف على ﴿ مَّرَضٌ ﴾ كاف والوقف على ﴿ يَكْذِبُونَ ﴾ كاف.


(250)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 117 


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)

الإعراب:

﴿ وَإِذَا ﴾ الواو: استئنافيّة، ﴿ إِذَا ﴾ ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لِشَرطِهِ ومنصوب بجوابه فجملة ﴿ قِيلَ ﴾ في محلّ جر بالإضافة، وقوله ﴿ لَا تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ في محلّ رفع نائب فاعل لفعل ﴿ قيل ﴾ وجملة ﴿ قَالُواْ ... ﴾ لا محلّ لها جواب ﴿ إذا ﴾.

﴿ إِنَّمَا ﴾: ﴿ مَا ﴾ هنا كافّة لـ ﴿ إِنَّ ﴾ عن العمل و ﴿ إِنَّمَا ﴾ تفيد حصر الخبر للمبتدأ وجملة ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُواْ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.


قوله تعالى: ﴿ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ﴾ ﴿ أَلا ﴾: حرف تنبيه واستفتاح تدخل على كلام مكتف بنفسه وعلامته صحة الكلام دونها.

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ﴾ جملة لا محلّ لها استئنافية، وضمير «هم» المنفصل فيها لتوكيد الضمير المتصل. ﴿ وَلَكِن ﴾ المخففة من المثقّلة حرف لمجرد الاستدراك وجملة ﴿ لا يَشْعُرُونَ ﴾ لا محلّ لها لأنّها معطوفة على ما قبلها.


قوله تعالى: ﴿ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ ﴾ الواو: حرف استئناف، وجملة ﴿ إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، ﴿ كَمَا ﴾ الكاف حرف تشبيه والجار والمجرور متعلّقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف، و ﴿ مَا ﴾ مع صلته بمعنى المصدر والتقدير «آمنوا إيماناً مثل إيمان الناس» فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، وجملة ﴿ قَالُواْ ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

﴿ أَنُؤْمِنُ ﴾ الهمزة للاستفهام الإنكاري، وجملة ﴿ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ﴾ مستأنفة وقوله ﴿ وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ لا محلّ له معطوف على الجملة المستأنفة.

الوقف والابتداء:

الوقف على ﴿ وَإِذَا ﴾ قبيح لأنها مضافة إلى الجملة بعدها والوقف على ﴿ قِيلَ لَهُمْ ﴾ قبيح لأنّ ما بعده ﴿ لا تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ ﴾ محكيّ وكذلك الوقف على القول في جميع القرآن قبيح لأنّ الكلام الذي بعده محكيّ (251).

والوقف على ﴿ فِي الأرْضِ ﴾ قبيح لأنّ بعده جواب ﴿ إِذَا ﴾، والوقف على ﴿ مُصْلِحُونَ ﴾ كافٍ وليس بتمام لفصله بين كلام المنافقين وكلام الله عزّ وجلّ في الردّ عليهم (252).

والوقف على ﴿ أَلا ﴾ قبيح لأنها افتتاح الكلام والوقف على ﴿ الْمُفْسِدُونَ ﴾ حسن، والوقف على ﴿ لا يَشْعُرُونَ ﴾ تامّ، الوقف على قوله ﴿ كَمَا آمَنَ النَّاسُ ﴾ قبيح لأنّ قوله ﴿ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ ... ﴾ جواب لـ ﴿ إِذَا ﴾، والوقف على ﴿ السُّفَهَاءُ ﴾ كاف لحرف التنبيه ﴿ أَلا ﴾ بعده والوقف على ﴿ السُّفَهَاءُ ﴾ الثاني ليس بوقف للاستدراك بعده، والوقف على ﴿ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ أكفى منه (253).


(251)  منار الهدی للأشموني ص 33.

(252)  إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري 1/497.

(253)  المكتفی للداني ص 160.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14) اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)

الإعراب:

جملة ﴿ لَقُواْ ... ﴾ في محلّ جرّ بالإضافة، وجملة ﴿ آمَنُواْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وقوله ﴿ قَالُواْ ﴾ لا محلّ له جواب شرط غير جازم، وجملة ﴿ آمَنَّا ﴾ في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ وَإذا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ معطوفة على جملة ﴿ وَإذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ ... ﴾ لا محلّ لها لأنّها معطوفة على جملة مستأنفة.

وجملة ﴿ خَلَوْاْ ﴾ في محلّ جرّ مضافة إليه لـ ﴿ وَإِذَا ﴾ الثانية، وجملة ﴿ قَالُواْ ﴾ الثانية لا محلّ لها جواب شرط غير جازم، ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾: ﴿ إِنَّا ﴾ أصلها إنّنا فحذفت النون الوسطى، ﴿ نا ﴾ ضمير متصل في محل نصب اسم إنّ.

﴿ مَعَكُمْ ﴾: «مع» ظرف مكان متعلّق بمحذوف في محلّ رفع خبر إنّ، والكاف: في محلّ جر مضاف إليه، وجملة ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ﴾ تأكيد لجملة ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ فهي داخلة في حيّز مقول القول ولنا أن نجعلها مستأنفة أو تعليليّةً للمعيّة.


قوله تعالى: ﴿ اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ لا محلّ له مستأنف، وجملة ﴿ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ يَسْتَهْزِىءُ ... ﴾، وجملة ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من الضمير في ﴿ وَيَمُدُّهُمْ ﴾.

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ آمَنَّا ﴾ قبيح لأنّ الوقف عليه يوهم غير المراد (254)، لأنّ الله تعالى لم يرد أن يعلمنا أنّهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، بل أراد أن يعلمنا بنفاقهم وأن إظهارهم للإيمان لا حقيقة له وذلك لا يحصل إلاّ به مع ما بعده (255).

الوقف على ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ إن جعل ما بعده من بقية القول فهو قبيح، وإن جعل في جواب سؤال مقدر فهو جائز وتقديره «كيف تكونون معنا وأنتم مسالمون أولئك بإظهار تصديقكم» فأجابوا ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (256).

والوقف على ﴿ مُسْتَهْزِؤُونَ ﴾ كاف.

إنَّ الابتداء بقوله تعالى ﴿ اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ كافٍ يعني أنّ الله يجهلهم ويخطّئ ‏فعلهم، وإنّما فصل ﴿ اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ ولم يعطفه على ﴿ قَالُواْ ﴾ لئلا يشاركه في الاختصاص بالظرف فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم مختصاً بحال خلوّهم إلى شياطينهم وليس الأمر كذلك (257).

الوقف على ﴿ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ حسن ولكن وصله أبْيَن لمعنى المجازاة (258).

والوقف على ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ كاف، لأنّ ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ ... ﴾ الآية بعدها منفصلة لفظاً لأنه مبتدأ وما بعده الخبر ومتصل معنىً لأنه إشارة لمن تقدم ذكرهم (259).


(254)  منار الهدی للأشموني ص 34.

(255)  المقصد للأنصاري هامش منار الهدی ص 34.

(256)  منار الهدی للأشموني ص 34.

(257)  ن.م. أيضاً.

(258)  ن.م. أيضاً.

(259)  ن.م. أيضاً.


 

قوله تعالى:

﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17)

الإعراب:

قوله تعالى ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾: في محلّ رفع مبتدأ ﴿ الَّذِينَ ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ وجملة ﴿ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول وجملة ﴿ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾ لا محل لها معطوفة على جملة الصلة، وجملة ﴿ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الصلة أيضاً.

وقوله تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ ... ﴾ لا محلّ له مستأنف
 


قوله عزّ وجلّ: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ﴾: ﴿ مَثَلُهُمْ ﴾ مبتدأ ﴿ كَمَثَلِ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف في محل رفع خبر ﴿ مَثَلُهُمْ ﴾ وجملة ﴿ اسْتَوْقَدَ نَاراً ﴾ صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، واستعملت كلمة ﴿ الَّذِي ﴾ في موضع ﴿ الَّذِينَ ﴾ بدليل قوله تعالى: ﴿ بِنُورِهِمْ ﴾ وجملة ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ... ﴾ لا محل لها مستأنفة.

وقوله: ﴿ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ... ﴾ الفاء: حرف عطف، «لمّا»  ظرف بمعنى «حين» متضمن معنى الشرط وقيل: حرف وجوب لوجوب سمّيت «رابطة»، وجملة ﴿ أَضَاءَتْ ﴾ في محلّ جر مضاف إليه و ﴿ ما ﴾ اسم موصول بمعنى المكان في محل نصب مفعول به، وجملة ﴿ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ﴾ لا محلّ لها لأنها جواب شرط غير جازم ﴿ فِي ظُلُمَاتٍ ﴾ الجار والمجرور في موضع نصب مفعول ثانٍ لتركهم وجملة ﴿ وَتَرَكَهُمْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط وجملة ﴿ لا يُبْصِرُونَ ﴾ في موضع نصب حال مؤكّدة من ضمير النصب في ﴿ وَتَرَكَهُمْ ﴾ لأن من كان في الظلمة لا يبصر.

الوقف والابتداء:

الوقف على ﴿ بِالْهُدَى ﴾ حسن، والوقف على ﴿ تِّجَارَتُهُمْ ﴾ أحسن منه والوقف على ﴿ مُهْتَدِينَ ﴾ تامّ.

لا وقف خلال الآية ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي ... ﴾ إلاّ على آخرها، فلا يوقف على ﴿ نَاراً ﴾ وكذا ﴿ مَا حَوْلَهُ ﴾ وكذلك ﴿ بِنُورِهِمْ ﴾، لأنّها جميعاً من جملة ما ضربه الله مثلاً للمنافقين بالمستوقد ناراً والفائدة لا تحصل إلاّ بجملة المثل (260)، وكذا لا يوقف على ﴿ فِي ظُلُمَاتٍ ﴾ لأنّ جملة ﴿ لا يُبْصِرُونَ ﴾ في موضع الحال وأما الوقف على ﴿ لا يُبْصِرُونَ ﴾ فهو كافٍ.


(260)  المجيد للصفاقُسي ص 131.


 

قوله تعالى:

﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي إذانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)

الإعراب:

قوله تعالى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ... صُمٌّ: خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هم صُمٌّ». بُكْمٌ: خبر ثانٍ. عُمْيٌ: خبر ثالث، والجملة لا محلّ لها استئنافية، ﴿ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ الفاء: استئنافية، وجملة ﴿ هُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب.


قوله تعالى: ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ ... ﴾ أو: حرف عطف للإباحة، تقول: جالسِ القرّاء أو الفقهاءَ فالمعنى أنّ التّمثيل مباح لكم في المنافقين إن مثّلتموهم بالذي استوقد ناراً فذلك مَثَلُهُم، وإن مثّلتموهم بأصحاب الصيّب فهذا مثلهم أو مثّلتموهم بهما جميع (261).

﴿ كَصَيِّبٍ ﴾ معطوف على ﴿ كَمَثَلِ ﴾ في الآية 17 ولا بد من تقدير مضاف أي: كأصحاب صَيِّبٍ حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه لأن هذا كما ذكرنا عطف على قوله ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي ﴾ والصيّب ليس بعاقل فلا يعطف على العاقل.

وجملة ﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ ﴾ في موضع جر صفة ثانية لِصَيِّب، وقوله ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ ... ﴾ لا محل لها استئنافية بيانيّة.

و ﴿ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ منصوب مفعول لأجله لأنّ المعنى يفعلون ذلك لحذر الموت، وجملة ﴿ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ لا محل لها استئنافية.


(261)  منار الهدی للأشموني ص 34.


قوله تعالى: ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ... ﴾: يَكَادُ: من أفعال المقاربة، إذا لم يكن معه نفي قارب الوقوع ولم يقع نحو هذا، وإذا صحبه نفي فهو واقع بعد إبطاء (262)، نحو قوله تعالى: ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ أي: فعلوا الذبح بعد إبطاء، ولا يتم معناه بالفاعل ويحتاج إلى خبر وخبره الفعل المضارع، ﴿ الْبَرْقُ ﴾ اسم يكاد مرفوع، والجملة المضارعية ﴿ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ﴾ في محلّ نصب خبر ﴿ يَكَادُ ﴾ وقوله: ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ ... ﴾ لا محلّ له مستأنف كأنّه جواب قائل يقول: فكيف حالهم مع ذلك البرق فيقال: يَكَادُ الْبَرْقُ ... .

﴿ كُلَّمَا ﴾ كلمة مركبة - من «كُلَّ» و «ما» زمانية مصدرية - تفيد التكرار وتقتضي الجواب وهي منصوبة لأنّها ظرف زمان والعامل فيها جوابُها وهي ﴿ مَّشَوْاْ ﴾، و «ما» مع مدخولها ﴿ أَضَاءَ ﴾ في تأويل مصدر في محلّ جرّ بالإضافة، وجملة ﴿ أَضَاءَ ﴾ لا محلّ لها، لأنّها صلة «ما» الموصول الحرفي، وجملة ﴿ مَّشَوْاْ فِيهِ ﴾ لا محلّ لها لأنها جواب الشرط غير جازم، وجملة ﴿ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ﴾ في محلّ جر مضاف إليه، وقوله ﴿ قَامُواْ ﴾ لا محل له جواب ﴿ إِذَا ﴾، ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللهُ ... ﴾: ﴿ وَلَوْ ﴾ الواو: استئنافية. لو: حرف امتناع لامتناع فيه معنى الشرط والجملة لا محلّ لها استئنافية، ﴿ لَذَهَبَ ﴾ اللام واقعة في جواب «لو» لتقوية الجملة وجملة ﴿ ذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ﴾ لا محلّ لها لأنها جواب لـ «لو» و جملة ﴿ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا محلّ لها استئنافية تعليليّة.


(262)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/82.


 

الوقف والابتداء:

إنّ الوقف على ﴿ عُمْيٌ ﴾ تامّ، وقوله ﴿ لا يَرْجِعُونَ ﴾ لا يوقف عليه لأنّه لا يتمّ الكلام إلاّ بما بعده لأنّ قوله ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ ﴾ معطوف على ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي ... ﴾.

ولا يوقف على ﴿ مِّنَ السَّمَاءِ ﴾، لأنّ قوله ﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ﴾ نعت لـ ﴿ صَيِّبٍ ﴾ والوقف على ﴿ وَبَرْقٌ ﴾ حسن، ولا يوقف على ﴿ مِّنَ الصَّوَاعِقِ ﴾ لأنّ ﴿ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ مفعول لأجله وهو منصوب بـ ﴿ يَجْعَلُونَ ﴾، والوقف على ﴿ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ كافٍ والوقف على ﴿ بِالْكَافِرِينَ ﴾ أكفى منه.

الوقف على ﴿ أَبْصَارَهُمْ ﴾ حسن، والوقف على ﴿ مَّشَوْاْ فِيهِ ﴾ ليس بوقف لمقابلة ما بعده له فلا يفصل بينهما، والوقف على ﴿ قَامُواْ ﴾ كافٍ وعلى ﴿ أَبْصَارَهُمْ ﴾ الثانية كافٍ، والوقف على ﴿ قَدِيرٌ ﴾ تامّ باتفاق.

وقال ابن النحاس: هذا أحسن ما في العشرين التمام لأنه انقضاء قصة المنافقين (263).


(263)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 123.

* تحت هذا العنوان (التطبيق) سنجمع بين الإعراب والوقف والابتداء في الآيات المتبقية لأن تعيين الوقوف لا ينفك عن الإعراب.


 

قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلا تَجْعَلُواْ للهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) 

التطبيق:

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ﴿ يَا ﴾: حرف نداء، وزعم بعضهم أنها اسم فعل أي: أنادي ولم يقع في القرآن نداءٌ إلا بها مع كثرته (264).

﴿ أَيُّ ﴾: منادى نكرة مقصودة مفرد مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب على النداء و﴿ هَا ﴾ لازمة لـ ﴿ أَيُّ ﴾ وهي عوض من الإضافة في ﴿ أَيُّ ﴾ لأن أصلها أن تكون مضافة في الاستفهام والخبر (265).

﴿ النَّاسُ ﴾: صفة لـ «أيُّ» أو بدل منه تبعه في الرفع لفظاً، ولا يجوز أن تدخل «يا» على الاسم المحلّى بـ «ال» مباشرة، لأنّ حرف النداء «يا» تنبيه بمنزلة التعريف في «الناس»، فلا يجمع بين «يا» وبين «ال» فتصل «يا» إلى ما فيه «ال» بـ «أيُّ» (266)، والجملة الندائية لا محل لها استئنافية، فلا يوقف على «الناس» لأنّ النداء إنّما يؤتى به تنبيهاً على ما بعده وجملة ﴿ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ... ﴾ لا محل لها وهي جواب النداء، و ﴿ الَّذِي ﴾ في موضع نصب نعت لـ ﴿ رَبَّكُمُ ﴾، فلا يوقف على ﴿ رَبَّكُمُ ﴾ لأنّ ما بعده نعت، وجملة ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾، لا محلّ لها صلة الموصول، و ﴿ الَّذِينَ ﴾ في موضع نصب لأنّه معطوف على ضمير «كم» المتصل في ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾، وهو مفعول به فلا يوقف على ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ لأنّ ﴿ الَّذِينَ ﴾ معطوف على ضمير في جملة الصلة فهو داخل في الصلة، ﴿ لَعَلَّ ﴾: حرف ناصب من أخوات «إنّ» معناه الترجّي، ﴿ كُمْ ﴾: في موضع نصب إسم لعلّ، وجملة ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ في موضع نصب خبر لعلّ، وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ لا محلّ لها تعليليّة متعلّقة في المعنى بـ ﴿ اعْبُدُواْ ﴾ أي: اعبدوه ليصحّ منكم رجاء التقوى (267)، فالوقف على ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ حسن لأنّ ﴿ الَّذِي ﴾ نعت ثان لـ ﴿ رَبَّكُمُ ﴾.


(264)  المجيد للصفاقُسي ص 146.

(265)  معاني القرآن للزّجاج 1/98.

(266)  ن.م أيضاً.

عندما نستعمل عبارة «لا يوقف علی كذا» ليس معناه الوقف قبيح بل يمكن أن يكون حسناً ولشدّة الارتباط وبعض الإبهام رجح عدم الوقف. فمثلاً: الوقف على ﴿ رَبَّكُمُ ﴾ هنا الوقف حسن ولكن الوقف عليه يسبب بعض الإبهام لأن المخاطبين هم عامّة الناس فكلمة ﴿ الَّذِي ﴾ نعت يبيّن أن ﴿ رَبَّكُمُ ﴾ هو الله رب الأرباب.

(267)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري 1/23.


قوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلا تَجْعَلُواْ للهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

﴿ الَّذِي ﴾: في موضع نصب نعت ثان لربّكم، وفعل ﴿ جَعَلَ ﴾ هنا بمعنى الخلق لذلك أخذ مفعولاً واحداً وهو ﴿ الأَرْضَ ﴾ و ﴿ فِرَاشاً ﴾، حال مؤوّلة و ﴿ السَّمَاءَ ﴾ معطوفة على قوله ﴿ الأَرْضَ ﴾ و ﴿ بِنَاءً ﴾ معطوفة على ﴿ فِرَاشاً ﴾ فلا يوقف على ﴿ فِرَاشاً ﴾ لأنّ ما بعدها معطوف على جملة الصلة ولا يفصل بين الصلة والموصول، وجملة ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ مستأنفة، فالوقف على ﴿ بِنَاءً ﴾ كافٍ.

﴿ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾ في محلّ نصب حال، لأنّه في الأصل صفة لـ ﴿ رِزْقاً ﴾، وتقدّمت، ﴿ رِزْقاً ﴾ مفعول به و ﴿ لَّكُمْ ﴾ في محلّ نصب صفة ثانية لـ ﴿ رِزْقاً ﴾، وجملة ﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة مستأنفة، وقف على ﴿ مَاءً ﴾ لأنّ ما بعده عطف عليه.

﴿ فَلا تَجْعَلُواْ ﴾ الفاء: تعليلية وجملة ﴿ لا تَجْعَلُواْ ... ﴾ لا محلّ لها تعليلية، والجملة التعليلية بمثابة الاستئنافية، والمعنى: أنّ هذا النهي متسبّب عن إيجاد هذه الآيات الباهرة (268)، فالوقف على ﴿ رِزْقاً لَّكُمْ ﴾ كافٍ.

﴿ للهِ ﴾ جارّ ومجرور في موضع نصب مفعول ثانٍ لـ ﴿ لا تَجْعَلُواْ ﴾، و ﴿ أَندَاداً ﴾ مفعول أوّل، وجملة ﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال ومفعول ﴿ تَعْلَمُونَ ﴾ محذوف أي: تعلمون بطلان ذلك، فلا يوقف على ﴿ أَندَاداً ﴾ لأنّ ما بعده حال وأمّا الوقف على ﴿ تَعْلَمُونَ ﴾ تامّ، لأنّ ما بعدها جملة مستأنفة.


(268)  إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين درويش 1/54 ط. دار ابن كثير، دمشق سورية، سنة 1408هـ.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

التطبيق:

قوله: ﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ : الواو: استئنافية، و ﴿ إنْ﴾ حرف شرط جازم يجزم فعلَيْن جملة ﴿ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ ... عَبْدِنَا ﴾ جملة الشرط لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها كلام مستأنف مسوق للردّ على من ارتابوا في القرآن تعنّتاً ولجاجاً، وجملة ﴿ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ﴾ في محلّ جزم جواب شرط ﴿ إِن ﴾، فالوقف على ﴿ عَبْدِنَا ﴾ قبيح لأنّه آخر جملة الشرط والوقف على ﴿ مِّن مِّثْلِهِ ﴾ وهو آخر جملة الجزاء ليس بكافٍ، لأنّ جملة ﴿ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم ... ﴾ في محلّ جزم معطوفة على جملة جزاء الشرط وجملة ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ لا محلّ لها، لأنّها جملة الشرط وجواب الشرط محذوف تقديره ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ،  فَأْتُواْ ... ﴾، فالوقف على ﴿ صَادِقِينَ ﴾ تامّ.


قوله تعالى: ﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

الفاء حرف استئناف وجملة ﴿ لَّمْ تَفْعَلُواْ ﴾ جملة الشرط لا محلّ لها لأنّها مستأنفة، ﴿ وَلَن تَفْعَلُواْ ﴾ الواو اعتراضية والجملة لا محلّ لها معترضة بين الشرط وجزائه، وحذف مفعول ﴿ لَّمْ تَفْعَلُواْ ﴾ والتقدير هو « فإن لم تفعلوا الإتيان بسورة من مثله ... »، وجملة ﴿ فَاتَّقُواْ ... ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط، فالوقف على ﴿ لَّمْ تَفْعَلُواْ ﴾ و ﴿ وَلَن تَفْعَلُواْ ﴾ قبيح، لأنّ الفاء جواب الجزاء، ﴿ النَّارَ ﴾ مفعول به، و ﴿ الَّتِي ﴾ في محلّ نصب صفة للنار ﴿ وَقُودُهَا ﴾ مبتدأ و ﴿ النَّاسُ ﴾ خبر، وجملة ﴿ وَقُودُهَا النَّاسُ ﴾ صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب فلا يوقف على ﴿ النَّارَ ﴾، لأنّ ﴿ الَّتِي ﴾ نعتها والوقف على قوله ﴿ وَقُودُهَا ﴾ قبيح، لأنّه مبتدأ وجملة ﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

فالوقف على ﴿ وَالْحِجَارَةُ ﴾ كاف والوقف على ﴿ لِلْكَافِرِينَ ﴾ تامّ لأنّ ما بعده كلام مستأنف.


 

قوله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)

التطبيق:

﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة ﴿ الَّذِين ﴾ في محل نصب مفعول به، وجملة ﴿ آمَنُواْ ... ﴾ لا محل لها صلة الموصول، وجملة ﴿ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة، ﴿ أَنَّ ﴾ مع مدخولها في موضع نصب بنزع الخافض، وجملة ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ في محلّ نصب نعت لـ ﴿ جَنَّاتٍ ﴾، فلا يوقف على ﴿ آمَنُواْ ﴾، لأنّ جملة ﴿ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ﴾، داخل في الصلة ولا يوقف على ﴿ الصَّالِحَاتِ ﴾، لأنّ المصدر المؤول في موضع نصب مفعول به ثان لـ ﴿ بَشِّرِ ﴾، والوقف على ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ حسن والوقف على ﴿ الأَنْهَارُ ﴾ حسن إذا اعتبرنا قوله ﴿ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ ... ﴾ صفة ثانية لـ ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ وكافٍ إذا اعتبرنا قوله ﴿ كُلَّمَا رُزِقُواْ ... ﴾ كلاماً مستأنفاً، والوقف على ﴿ رِّزْقاً ﴾ قبيح لأنّ الجواب لم يأت في الكلام، وجملة ﴿ قَالُواْ ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم، وجملة ﴿ هَذَا الَّذِي ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ رُزِقْنَا ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وجملتا ﴿ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ﴾ و ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ لا محلّ لهما مستأنفتان وجملة ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من ضمير هم في ﴿ وَلَهُمْ ﴾.

فالوقف على ﴿ مُتَشَابِهاً ﴾ كافٍ والوقف على ﴿ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ كافٍ أيضاً والوقف على ﴿ خَالِدُونَ ﴾ تام.


 

قوله تعالى:

﴿ إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)

التطبيق:

جملة ﴿ إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية، وجملة ﴿ لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ ... ﴾ في محلّ رفع خبر إنّ، فالوقف على لفظ الجلالة قبيح، ﴿ أَن يَضْرِبَ ﴾ مصدر مؤول في محلّ نصب بنزع الخافض تقديره «مِن ضَرْبِ»، فالوقف على ﴿ لا يَسْتَحْيِي ﴾ قبيح فيه إفساد للمعنى، ﴿ مَثَلاً ﴾ مفعول به لـ ﴿ يَضْرِبَ ﴾ و ﴿ مَّا ﴾ فيها أقوال عديدة أرجحها أنّ ﴿ مَّا ﴾ زائدة تفيد التوكيد، و ﴿ بَعُوضَةً ﴾ بدلاً من ﴿ مَثَلاً ﴾ فالوقف على ﴿ يَضْرِبَ ﴾ قبيح والوقف على ﴿ مَثَلاً مَّا ﴾ حسن، ولا يوقف على ﴿ بَعُوضَةً ﴾ لأنّ ما بعدها معطوف عليها، والوقف على ﴿ فَمَا فَوْقَهَا ﴾ تامّ لأنّ ما بعدها كلام مستأنف.

 ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ الفاء: استئنافية، و﴿ أَمَّا﴾ حرف شرط وتفصيل وتوكيد، ﴿ الَّذِينَ ﴾ في محل رفع مبتدأ وجملة ﴿ آمَنُواْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، ﴿ فَيَعْلَمُونَ ﴾ الفاء واقعة في جواب الشرط، جملة ﴿ يَعْلَمُونَ ... ﴾ في محل رفع خبر ﴿ الَّذِينَ ﴾.

فالوقف على ﴿ آمَنُواْ ﴾ قبيح لأنّه لم يأت الخبر والوقف على ﴿ فَيَعْلَمُونَ ﴾ قبيح، لأنّ ما بعده ﴿ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ مصدر مؤول من أنّ واسمها وخبرها، سد مسدّ مفعول عَلِمَ، والوقف على ﴿ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ حسن لأنّ جملة ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة المستأنفة، والوقف على كلمة ﴿ فَيَقُولُونَ ﴾ قبيح، لأنّ ما بعده مقول القول.

﴿ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً ﴾ ﴿ مَاذَا ﴾: يجوز أن يكون «ما» و «ذا» إسماً واحداً في محلّ نصب مفعول به مقدم لـ ﴿ أَرَادَ ﴾، فالمعنى يكون: أيّ شي‏ء أراد الله بهذا مثلاً فتكون جملة ﴿ أَرَادَ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول، ويجوز أن يكون «ما» إسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ و «ذا» اسم موصول بمنزلة الذي في محلّ رفع خبر، فيكون المعنى: أيّ شي‏ء الذي أراده الله بهذا مثلاً، فعلى هذا الوجه تكون جملة ﴿ أَرَادَ اللهُ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول «ذا»، والجملة الإسمية ﴿ مَاذَا أَرَادَ اللهُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

﴿ مَثَلاً ﴾ في إعرابها أقوال والأرجح: هو أنّ ﴿ مَثَلاً ﴾ حال من اسم الإشارة ﴿ بِهَذَا ﴾ أي: ممثلاً به، وجملة ﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وجملة ﴿ وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ﴾ لا محلّ لها معطوفة على ما قبلها.

فالوقف على ﴿ مَثَلاً ﴾ كافٍ، والوقف على ﴿ وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ﴾ كاف لأنّ جملة ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وفي الوقف على ﴿ الْفَاسِقِينَ ﴾ أقوال عديدة والأرجح هو أن لا يوقف على ﴿ الْفَاسِقِينَ ﴾ باعتبار أن ﴿ الَّذِينَ ﴾ في محلّ نصب صفة للفاسقين.


قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ﴾ جملة ﴿ يَنقُضُونَ ﴾: لا محلّ لها صلة الموصول، وقوله ﴿ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ ﴾: ﴿ مِن ﴾ زائدة والهاء في ﴿ مِيثَاقِهِ ﴾ عائد الى العهد، وجملة ﴿ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الصلة، و ﴿ أَن يُوصَلَ ﴾ مصدر مؤول في محلّ جر بدل من الهاء في ﴿ بِهِ ﴾ أي: ما أمر الله به أن يوصل، وجملة ﴿ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الصلة فلا يوقف على ﴿ مِيثَاقِهِ ﴾ ولا على ﴿ أَن يُوصَلَ ﴾، لأنّ الجملتين داخلتان في الصلة والوقف على ﴿ فِي الأَرْضِ ﴾ كاف، والوقف على ﴿ الْخَاسِرُونَ ﴾ تام لأنّ الكلام بعده مستأنف.


 

قوله تعالى:

﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

التطبيق:

قوله: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ... ﴾ كيف: اسم استفهام على وجه التعجب والتوبيخ لا على الاستفهام المحض تقديره « وَيْحَكُمْ كيف تكفرون » (269)، وهي في محلّ نصب حال، جملة ﴿ تَكْفُرُونَ ... ﴾ لا محل لها استئنافية، وجملة ﴿ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً ﴾ قد أضمر فيها «قد» في محلّ نصب حال، فلا يوقف على ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ﴾، لأنّ ما بعده جملة حالية، وجملة ﴿ فَأَحْيَاكُمْ ﴾ في محلّ نصب معطوفة على ﴿ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً ﴾، فلا يوقف على ﴿ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً ﴾ لأنّ الجملة بعدها معطوفة عليها والوقف على ﴿ فَأَحْيَاكُمْ ﴾ حسن ولا يوقف على ﴿ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ﴾ لأن ما بعدها معطوف عليها، وكذا ﴿ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾، والوقف على ﴿ تُرْجَعُونَ ﴾ تامّ لأنّ ما بعده كلام مستأنف.


(269)  معاني القرآن للفرّاء 1/23.


قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم ...

جملة ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وجملة ﴿ خَلَقَ لَكُم ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول ﴿ مَّا ﴾ في محلّ نصب مفعول به، و ﴿ فِي الأَرْضِ ﴾ متعلق بفعل محذوف صلة ﴿ مَّا ﴾ لا محلّ لها من الإعراب، ﴿ جَمِيعاً ﴾ حال من ﴿ مَّا ﴾، وجملة ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة ﴿ السَّمَاءِ ﴾ بمعنى الجمع، والدليل على ذلك ضمير «هُنّ» في ﴿ فَسَوَّاهُنَّ ﴾، فالوقف على ﴿ جَمِيعاً ﴾ حسن لأن جملة ﴿ اسْتَوَى ﴾ معطوفة على ﴿ خَلَقَ ﴾ فهي داخلة في الصلة، ولا يوقف على الصلة دون الموصول ولا على الموصول دون الصلة (270)، وكذا الوقف على ﴿ السَّمَاءِ ﴾، والوقف على ﴿ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ كاف، لأنّ جملة ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ لا محلّ لها جملة مستأنفة، والوقف على ﴿ عَلِيمٌ ﴾ تامّ لأنّ الكلام ما بعده مستأنف.


(270)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 130.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30)

التطبيق:

﴿ وَإِذْ ﴾: الواو استئنافية ﴿ إِذْ ﴾ في موضع نصب مفعول به لفعل مقدر وهو «اذكر»، ولا يعمل فيها فعل ﴿ قَالَ ﴾ لأن «إذ» مضافة إلى الجملة التي بعدها والمضاف إليه لا يعمل في المضاف (271).

فجملة ﴿ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ ... ﴾ في محلّ جر مضاف إليه، ﴿ خَلِيفَةً ﴾ مفعول به لـ ﴿ جَاعِلٌ ﴾، وجملة ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ قَالُواْ أَتَجْعَلُ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، فالوقف على ﴿ خَلِيفَةً ﴾ كاف ليس تامّاً لأنّه متعلّق بما بعده وما بعده دالّ على المحذوف، وجملة ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول الهمزة في أولها همزة استرشاد وسؤال عن فائدة، وليس هو إنكاراً ولفظه لفظ الاستفهام (272)، لأنّ الملائكة لم تستفهم (273)، وهناك أقوال أخرى لا يسعنا ذكرها.

﴿ مَن ﴾ مفعول به في محلّ نصب وجملة ﴿ يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وجملة ﴿ وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة، وقوله ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ في محلّ نصب حال، وجملة ﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ في محلّ رفع معطوفة على جملة ﴿ نُسَبِّحُ ﴾ وجملة ﴿ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ ... ﴾ لا محل لها مستأنفة بيانيّة، فالوقف على ﴿ الدِّمَاءَ ﴾ حسن، لأنّه آخر الاستفهام، والوقف على ﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ كافٍ.

وجملة ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ ﴾ في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ في محلّ رفع خبر، إنّ وجملة ﴿ لا تَعْلَمُونَ ﴾ لا محل لها صلة الموصول، فالوقف على ﴿ ... مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ تام لأنّ ما بعده كلام مستأنف.


(271)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/85.

(272)  ن. م أيضاً.

(273)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 133.


 

قوله تعالى:

﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

التطبيق:

قوله: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ ﴾: الواو: استئنافية ﴿ عَلَّمَ ﴾: فعل ماضٍ ينصب مفعولَيْن ﴿ آدَمَ ﴾ مفعول به، ﴿ الأَسْمَاءَ ﴾ مفعول به ثانٍ ﴿ كُلَّهَا ﴾ تأكيد لـ ﴿ الأَسْمَاءَ ﴾ ﴿ ثُمَّ عَرَضَهُمْ ﴾، يعني عرض أصحاب الأسماء فلذلك ذكر الضمير «هم» وجملة ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وجملة ﴿ عَرَضَهُمْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة الاستئنافية.

الوقف على ﴿ كُلَّهَا ﴾ ليس تامّاً ولا كافياً، بل حسناً، لأنّ ما بعده معطوف عليه وكذا الوقف على ﴿ الْمَلائِكَةِ ﴾، لأنّ جملة ﴿ فَقَالَ أَنبِئُونِي ... ﴾ لا محلّ لها، معطوفة على جملة ﴿ عَرَضَهُمْ ﴾، وجملة ﴿ أَنبِئُونِي ﴾، في محلّ نصب مقول القول وقوله: ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ مستأنف، إن: حرف شرط جازم، كنتم: في محلّ جزم فعل الشرط وجواب الشرط محذوف تقديره «فأنبئوني بأسمائهم»، فالوقف على ﴿ صَادِقِينَ ﴾ كافٍ لأنّ ما بعده متعلّق به في المعنى.


قوله: ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا ... سُبْحَانَكَ: سبحان مفعول مطلق لفعل محذوف لا يجوز إظهاره تقديره «نُسبِّحُ» وهو اسم واقع موقع المصدر، وقد اشتقّ منه «سَبَّحتُ» و«التسبيح» ولا يكاد يستعمل إلاّ مضافاً وما يضاف إليه مفعول به لأنّه «المسبَّح» (274).

وجملة ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ لا محلّ لها معترضة دعائيّة، وجملة ﴿ لا عِلْمَ لَنَا ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول ﴿ إِلاَّ ﴾ أداة حصر، ﴿ مَا ﴾ في موضع رفع بدل من موضع ﴿ لا عِلْمَ ﴾ وجملة ﴿ عَلَّمْتَنَا ﴾ لا محل لها صلة ﴿ مَا ﴾ وجملة ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وجملة: ﴿ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ لا محلّ لها تعليليّة.

فالوقف على﴿ عَلَّمْتَنَا ﴾ جائز والوقف على ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ أكفى من الوقف على ﴿ صَادِقِينَ ﴾.


(274)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري 1/29.


قوله تعالى: ﴿ قَالَ يَا آدَمُ ...

جملة النداء وجوابها في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ أَنبِئْهُم ... ﴾ لا محلّ لها جواب النداء، وهي من نوع الاستئناف، وجملة ﴿ قَالَ يَا آدَمُ ... ﴾ لا محلّ لها ابتدائية ﴿ فَلَمَّا أَنبَأَهُم ... ﴾ الفاء حرف عطف ﴿ لَمَّا ﴾ ظرفية حينيّة تتضمن معنى الشرط، جملة ﴿ أَنبَأَهُم ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ ... ﴾ لا محل لها جواب شرط غير جازم، والهمزة في جملة ﴿ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ ... ﴾ للاستفهام التوبيخي، والجملة في محلّ نصب مقول القول لفعل ﴿ قَالَ ﴾، وجملة ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول لفعل ﴿ أَقُل ﴾، ﴿ مَا ﴾ في محلّ نصب مفعول به لفعل ﴿ أَعْلَمُ ﴾، وجملة ﴿ تُبْدُونَ ﴾ لا محل لها صلة ﴿ مَا ﴾ وقوله ﴿ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ﴾ في محلّ رفع معطوفة على جملة ﴿ أَعْلَمُ غَيْبَ ... ﴾، وقوله ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾: ﴿ مَا ﴾ في محلّ نصب معطوف على ﴿ مَا ﴾ الذي قبله وجملة ﴿ كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ لا محل لها صلة الموصول، الوقف على ﴿ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾ الأولى حسن، أما الوقف على ﴿ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾ الثانية قبيح، لأنّه لم يأت جواب ﴿ لَمَّا ﴾ وليس الوقف على ﴿ وَالأَرْضِ ﴾ كافياً، لأنّ جملة ﴿ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ﴾ معطوفة على ما قبلها والوقف التامّ هو أن نقف على ﴿ تَكْتُمُونَ ﴾ وهنا يكتمل الموضوع.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)

التطبيق:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ ... ﴾ الواو: استئنافية وجملة ﴿ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وجملة ﴿ اسْجُدُواْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول ﴿ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ ... ﴾ الفاء: استئنافية ﴿ إِبْلِيسَ ﴾ نصب على الاستثناء المنقطع، لأنه لم يكن من الملائكة وقيل: هو متصل، لأنّه كان في الابتداء ملك (275) ولم ينصرف لأنّه أعجميّ معرفة (276).

وجملة ﴿ أَبَى ﴾ في محلّ نصب حال من ﴿ إِبْلِيسَ ﴾ بتقدير «قد»، وجملة ﴿ وَاسْتَكْبَرَ ﴾ في محلّ نصب معطوفة على الجملة الحاليّة وقوله ﴿ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ الواو: استئنافية وجملة ﴿ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

فالوقف على ﴿ فَسَجَدُواْ ﴾ غير تامّ لأنّ ﴿ إِلا إِبْلِيسَ ﴾ مستثنى من السجود ولا يتم الوقف على المستثنى منه دون الاستثناء فالوقف على ﴿ وَاسْتَكْبَرَ ﴾ كاف والوقف على ﴿ الْكَافِرِينَ ﴾ حسن وقيل كافٍ.


(275)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري 1/30.

(276)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/87.


قوله تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ...

الواو: حرف عطف وجملة ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ ... ﴾ في محلّ جر معطوفة على جملة ﴿ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ ﴾ في الآية قبلها، وجملة النداء وجوابه ﴿ يَا آدَمُ اسْكُنْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ اسْكُنْ ... ﴾، لا محلّ لها جواب النداء و ﴿ أَنتَ ﴾ في محلّ رفع تأكيد للضمير المستتر في ﴿ اسْكُنْ ﴾ وكلمة ﴿ وَزَوْجُكَ ﴾ معطوفة على موضع ﴿ أَنتَ ﴾ و ﴿ الْجَنَّةَ ﴾ مفعول به، ﴿ مِنْهَا ﴾ يعني «من ثمره» حذف المضاف وهما متعلّقان بفعل ﴿ كُلا ﴾، كلمة ﴿ رَغَداً ﴾ مفعول مطلق نيابي صفة لمصدر محذوف تقديره «كُلا أكلاً رغدا»، يعني طيّباً هنيئاً. ﴿ حَيْثُ ﴾ في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق بفعل﴿ كُلا ﴾، وجملة ﴿ شِئْتُمَا ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه لـ ﴿ حَيْثُ ﴾ وجملة ﴿ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ اسْكُنْ ﴾. فالوقف على ﴿ الْجَنَّةَ ﴾ ليس كافياً بل حسناً، لأنّ ما بعده معطوف عليه وكذلك الوقف على ﴿ شِئْتُمَا ﴾.

قوله: ﴿ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ... ﴾ الواو عاطفة ﴿ هَذِهِ ﴾ في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ لا تَقْرَبَا ﴾، و ﴿ الشَّجَرَةَ ﴾ بدل لاسم الإشارة وجملة ﴿ وَلا تَقْرَبَا ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء﴿ اسْكُنْ ﴾ وقوله ﴿ فَتَكُونَا ﴾ الفاء فاء سببيّة ﴿ تَكُونَا ﴾ منصوب به «أن» مقدّرة وجوباً والمصدر المؤوّل من «أن» والفعل المضارع معطوف على المصدر الذي دلّ عليه قوله ﴿ وَلا تَقْرَبَا ﴾، كأنّه قال: لا يكن منكما قربانٌ من هذه الشجرة وكون من الظالمين، ويجوز في ﴿ تَكُونَا ﴾ الجزم بالعطف على ﴿ وَلا تَقْرَبَا ﴾ فتكون الفاء عاطفة جملة على جملة.

فالوقف على ﴿ هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ ليس بوقف كافٍ، لأنّ ﴿ فَتَكُونَا ﴾ جواب النهي فهو وقف حسن والوقف على ﴿ الظَّالِمِينَ ﴾ كافٍ.


قوله تعالى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ ...

الفاء: استئنافية وجملة ﴿ أَزَلَّهُمَا ... ﴾ لا محلّ لها ابتدائية وجملة ﴿ فَأَخْرَجَهُمَا ... ﴾ لا محل لها معطوفة على ﴿ أَزَلَّهُمَا ... ﴾ وجملة ﴿ كَانَا فِيهِ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول ﴿ ما﴾.

جملة ﴿ اهْبِطُواْ ﴾ في محلّ نصب مقول القول وقوله ﴿ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ لا محلّ لها جملة مستأنفة، ويجوز أن تكون في محلّ نصب حال من الضمير في ﴿ اهْبِطُواْ ﴾، أي: اهبطوا متعادين وفي الكلام حذف «واو» واستغني عنها للضمير العائد على المضمر في ﴿ اهْبِطُواْ ﴾ تقديره « قلنا اهبطوا وبعضكم لبعض عدوّ »، أي: اهبطوا وهذه حالكم، وإثباتها في الكلام حسن ولو لم يكن في الكلام عائد لم يَجُز حذف الواو، نحو: لقيتُك و زيدٌ راكبٌ (277).

وجملة ﴿ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية كما يجوز أن تكون في محلّ نصب معطوفة على الجملة ما قبله ﴿ إِلَى حِينٍ ﴾ جار ومجرور متعلّق بمحذوف في محل رفع نعت لـ ﴿ مَتَاعٌ ﴾.

فالوقف على ﴿ كَانَا فِيهِ ﴾ كاف وقيل تامّ، والوقف على ﴿ ... اهْبِطُواْ ﴾ كاف على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل ما بعده جملة في موضع الحال، والوقف على ﴿ عَدُوٌّ ﴾ كافٍ والوقف على ﴿ إِلَى حِينٍ ﴾ كافٍ أيضاً.


(277)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/88.


 

قوله تعالى:

﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)

التطبيق:

قوله تعالى: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ...

الفاء: استئنافية جملة ﴿ تَلَقَّى ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة ﴿ مِن رَّبِّهِ ﴾ متعلّقان بمحذوف حال لـ ﴿ كَلِمَاتٍ ﴾، وكانت في الأصل صفة لـ ﴿ كَلِمَاتٍ ﴾، فلمّا تقدم الجار والمجرور على موصوفه اُعرب حالاً. ﴿ كَلِمَاتٍ ﴾ مفعول به لـ ﴿ تَلَقَّى ﴾، ﴿ فَتَابَ ﴾ الفاء تعليلية، وجملة ﴿ تَابَ عَلَيْهِ ﴾ لا محلّ لها تعليلية، فالوقف على ﴿ كَلِمَاتٍ ﴾ ليس كافياً لأنّ ﴿ كَلِمَاتٍ ﴾ كانت سبباً لتوبته، والوقف على ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ كافٍ وكذلك يكفي الوقف، قبل إنّ المكسورة للابتداء دون القول والقسم ويحسن الابتداء بها في جميع القرآن (278).

قوله: ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ كلام مستأنف لا محلّ له من الإعراب.

فالوقف على ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ أكفى من الوقف على ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ وقيل: تامّ.


(278)  المكتفی للداني ص 163.


قوله تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً ...

جملة ﴿ قُلْنَا ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة وجملة ﴿ اهْبِطُواْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول ﴿ جَمِيعاً ﴾ حال من المضمر في ﴿ اهْبِطُواْ ﴾، أي: مجتمعين وقوله: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم ... ﴾ الفاء: استئنافية ﴿ إِمَّا ﴾ هي «إنْ» حرف شرط جازم و ﴿ ما ﴾ حرف زائدة دخلت عليها ليصحّ دخول نون التأكيد على الفعل وهي حرف مؤكّد لحرف الشرط، ﴿ يَأْتِيَنَّ ﴾: مبني على الفتح في محلّ جزم وهو فعل الشرط ﴿ مِّنِّي ﴾ متعلّقان بمحذوف حال، ﴿ هُدىً ﴾ فاعل: لـ ﴿ يَأْتِيَنَّ ﴾.

قوله ﴿ فَمَن تَبِعَ ... ﴾ الفاء واقعة في جواب الشرط ﴿ مَنْ ﴾ اسم شرط في محلّ رفع مبتدأ فعل ﴿ تَبِعَ ﴾ هو فعل الشرط لـ ﴿ مَنْ ﴾ في محلّ جزم، وجملة ﴿ تَبِعَ هُدَايَ ﴾ في محل رفع خبر ﴿ مَنْ ﴾ الشرطية وجملة ﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط لـ «إنْ» في ﴿ ما﴾ والفاء في قوله ﴿ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ... ﴾ واقعة في جواب الشرط لـ ﴿ مَن ﴾ و ﴿ لا ﴾ نافية مهملة، وجملة ﴿ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط، وقوله ﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: ﴿ لا ﴾ حرف زائدة تفيد تأكيد النفي، وجملة ﴿ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ في محلّ جزم معطوفة على جملة ﴿ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾.

فالوقف على قوله ﴿ جَمِيعاً ﴾ كافٍ، فلا يوقف على ﴿ هُدىً ﴾ ولا على ﴿ هُدَايَ ﴾ لأنّه لم يأت جواب شرطهما، فلا يفصل بين الشرط وجوابه والوقف على ﴿ يَحْزَنُونَ ﴾ تامّ لأنّ الكلام بعده مستأنف.


 

قوله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)

التطبيق:

قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ...

﴿ الَّذِينَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ وجملة ﴿ كَفَرُواْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وجملة ﴿ وَكَذَّبُواْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة، ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ و ﴿ أَصْحَابُ ﴾ خبر ﴿ النَّارِ ﴾ مضاف إليه، وجملة ﴿ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ في محلّ رفع خبر لـ ﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾، وجملة ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ ... النَّارِ ﴾ في محلّ جزم معطوفة على جملة ﴿ فَمَن تَبِعَ ... ﴾ وقوله ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من ﴿ أَصْحَابُ ﴾ أو من ﴿ النَّارِ ﴾، ويجوز أن تكون حالاً منهما جميعاً، لأنّ في الجملة ضميرَيْن فإنّه أصل في القرآن كثيراً، وقد منع بعض النحويين وقوع الحال من المضاف إليه فعلى قولهم لا يكون ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ حالاً من ﴿ النَّارِ (279).

فالوقف على ﴿ النَّارِ ﴾ ليس بكاف بل هو وقف صالح، والوقف على ﴿ خَالِدُونَ ﴾ تام.


(279)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/89.


قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي ...

جملة ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ لا محلّ لها ابتدائية، وجملة ﴿ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ﴾ لا محلّ لها جواب النداء، وجملة ﴿ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وجملة ﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ اذْكُرُواْ ﴾، فعل ﴿ أُوفِ ﴾ مضارع مجزوم بجواب الطلب، وجملة ﴿ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ لا محلّ لها واقعة في جواب شرط مقدر غير مقترنة بالفاء، قوله ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾: ﴿ إِيَّايَ ﴾ في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «ارهبوا إيّاي»، ولا يجوز أن يكون إياي منصوباً بـ ﴿ ارْهَبُونِ ﴾ لأنه قد تعدّى إلى مفعوله وجملة «ارهبوا ...» المقدرة لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ اذْكُرُواْ ... ﴾ الفاء زائدة جاءت لتأكيد المعنى وتزيين اللفظ وجملة ﴿ ارْهَبُونِ ﴾ لا محلّ لها تفسير للجملة المقدّرة.

لا يوقف على ﴿ إِسْرَائِيلَ ﴾ لأنّ قوله ﴿ اذْكُرُواْ ... ﴾، أمر لهم وما قبله تنبيه عليهم والوقف على ﴿ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ ليس كافياً لأنّ ما بعده معطوف عليه متعلّق به وهو ﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ وكذا الوقف على ﴿ بِعَهْدِكُمْ ﴾، لقبح الابتداء بما بعده ولكن الوقف على ﴿ فَارْهَبُونِ ﴾ كافٍ.


قوله تعالى: ﴿ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ...

جملة ﴿ وَآمِنُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء في الآية السابقة، وجملة ﴿ أَنزَلْتُ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾، ﴿ مُصَدِّقاً ﴾ حال من الهاء المحذوفة في الفعل ﴿ أَنزَلْتُ ﴾ كأنّه قال: أنزلته مصدقاً، ﴿ لِّمَا مَعَكُمْ ﴾ لِـ: حرف جر ﴿ مَا ﴾: اسم موصول في محلّ جر بحرف الجر متعلّق بـ ﴿ مُصَدِّقاً ﴾، ﴿ مَعَ ﴾ ظرف مكان متعلّق بفعل محذوف لا محلّ له صلة ﴿ مَا ﴾ و ﴿ كَافِرٍ ﴾ وصف لموصوف محذوف تقديره «أول فريق كافرٍ»، ولهذا جاء بلفظ الواحد والخطاب لجماعة، وجملة ﴿ وَلا تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ آمِنُواْ ... ﴾، وجملة ﴿ وَلا تَشْتَرُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ آمِنُواْ ... ﴾ أيضاً، ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾ تقدم إعراب هذا التركيب في الآية السابقة.

فلا يوقف على ﴿ مَعَكُمْ ﴾ والوقف على ﴿ كَافِرٍ بِهِ ﴾ حسن، ولا يوقف على ﴿ قَلِيلاً ﴾ وأمّا الوقف على ﴿ فَاتَّقُونِ ﴾ فهو كاف وقيل: تام (280).


(280)  المقصد للانصاري في هامش منار الهدی ص 39.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)

التطبيق:

قوله: ﴿ وَلا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ

جملة ﴿ وَلا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة النهي في الآية السابقة ﴿ وَتَكْتُمُواْ ﴾: فعل مضارع مجزوم معطوف على ﴿ تَلْبِسُواْ ﴾، كأنّه قال «وَلا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ وَلا تَكْتُمُواْ» فيكون عطف جملة على جملة أو منصوب بـ «أنْ» مقدّرة لأنّه جواب النهي فالمصدر المؤوّل من «أنْ» والفعل معطوف على مصدر الفعل الذي قبله، فكأنّه قال: لا يكن منكم لبس الحقّ وكتمانه، جملة ﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من المضمر في ﴿ تَكْتُمُواْ ﴾، فالوقف على ﴿ بِالْبَاطِلِ ﴾ ليس تاماً ولا كافياً لأنّ ما بعده إمّا معطوف أو جواب للنّهي فلا يتمّ الوقف عليه في الحالَيْن، وكذا الوقف على ﴿ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ ﴾ فجملة ﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ حال من المضمر، أمّا الوقف على ﴿ تَعْلَمُونَ ﴾ فهو كافٍ وقيل تام (281).


(281)  منار الهدی للأشموني ص 39.


قوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ ...

جملة ﴿ وَأَقِيمُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ لا تَلْبِسُواْ ... ﴾ في الآية السابقة، وجملة ﴿ آتُواْ الزَّكَاةَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ أَقِيمُواْ ... ﴾، وجملة ﴿ وَارْكَعُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ أَقِيمُواْ ... ﴾، فالوقف على ﴿ الزَّكَاةَ ﴾ حسن والوقف على ﴿ الرَّاكِعِينَ ﴾ كاف وقيل: تام (282).


(282)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 138؛ ومنار الهدی للأشموني ص 39.


 

قوله تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)

التطبيق:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ...

الهمزة في ﴿ أَتَأْمُرُونَ ﴾ للاستفهام الإنكاري بل تجاوز الإنكار إلى التوبيخ والتقريع والتعجب من حال هؤلاء اليهود لأنه ليس هناك أقبح في العقول من أن يأمر الإنسان غيره بخير وهو لا يأتيه (283)، وجملة ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ﴾ لا محلّ لها استئنافية وجملة ﴿ تَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة المستأنفة وجملة ﴿ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ﴾ في محلّ نصب من الضمير في ﴿ تَنسَوْنَ ﴾ وفي قوله ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ الهمزة للاستفهام التوبيخي الإنكاري، الفاء: عاطفة، لا: نافية، وجملة ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ لا محل لها معطوفة على الجملة الاستئنافية، فالوقف على ﴿ الْكِتَابَ ﴾ كافٍ، والكتاب هو التوراة، والوقف على ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ تام، ومفعول ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ محذوف أي: قبح ما ارتكبتم من ذلك (284).


(283)  إعراب القرآن الكريم لمحيي الدين الدرويش 1/94.

(284)  منار الهدی للأشموني ص 39.


قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ...

الواو: استئنافية وجملة ﴿ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة، وفي جملة ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ... ﴾ ضمير «ها» في ﴿ إِنَّهَا ﴾ تعود على الصلاة، وإنّما قال: ﴿ وَإِنَّهَا ﴾ ولم يقل وإنّهما وإن تقدّم ذكر الصبر  والصلاة لأنّ العرب ربّما تذكر اسمَيْن وتكنّي عن أحدهما، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا ... ﴾ (التوبة/34) ولم يَقُل «يُنفِقُونهم» وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا ﴾ (الجمعة/11) ولم يقل: انفضوا إليهما، وقيل الهاء تعود على الاستعانة لدلالة ﴿ اسْتَعِينُواْ ﴾ عليها، لأنّ ذكر الفعل ذكر المصدر (285)، واللام في ﴿ لَكَبِيرَةٌ ﴾ هي لام التأكيد وتسمّى هنا بالمزحلقة بسبب دخول إنّ تفيد التأكيد تزحلقت من الاسم ودخلت على خبر إنّ، و ﴿ إِلاَّ ﴾ أداة حصر والنّفي قبلها مقدّر، فكأنّه قيل: «إنّها لا تخفّ ولا تسهل إلاّ على الخاشعين»، وجملة ﴿ إِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ... ﴾ في محلّ نصب حال من الصلاة.

فالوقف على ﴿ وَالصَّلاةِ ﴾ كاف والوقف على ﴿ الْخَاشِعِينَ ﴾ حسن غير كاف، إذا اعتبرنا ﴿ الَّذِينَ ﴾ في أول الآية بعدها نعت لخاشعين في محلّ جر، ويجوز أن يكون الوقف تاماً إن اعتبرنا ﴿ الَّذِينَ ﴾ في موضع رفع بإضمار «هم»، وكأنّه قيل «هم الذين يظنّون» وفي موضع نصب بإضمار فعل أعني وكأنّه قيل: أعني ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ ... ﴾، وعلى كِلا الوجهَيْن الجملتان مستأنفتان.


(285)  البيان في غريب القرآن لابن الأنباري 1/79.


قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُواْ ...

﴿ أَنَّهُم مُّلاقُواْ رَبِّهِمْ ﴾ مصدر مؤول من أنّ واسمها وخبرها في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ﴿ يَظُنُّونَ ﴾، وجملة ﴿ يَظُنُّونَ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، ﴿ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ مصدر مؤوّل في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤول قبله، والهاء في ﴿ إِلَيْهِ ﴾ ترجع إلى الله جلّ ذكره وقيل بل تعود على اللقاء لقوله: ﴿ مُّلاقُواْ رَبِّهِمْ (286).

الوقف على ﴿ يَظُنُّونَ ﴾ قبيح لأنّ ﴿ أَنَّ ﴾ منصوبة بالظنّ والوقف على ﴿ رَبِّهِمْ ﴾ غير تامّ لأن ﴿ أَنَّ ﴾ الثانية منسوقة على الأولى (287) والوقف على ﴿ رَاجِعُونَ ﴾ تامّ.


(286)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/98.

(287)  الإيضاح لابن الأنباري 1/516.


 

قوله تعالى:

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (48)

التطبيق:

قوله تعالى ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ...

جملة النداء وجوابه لا محلّ لها من الإعراب، ﴿ الَّتِي ﴾ في محلّ نصب نعت لـ ﴿ نِعْمَتِيَ ﴾، وجملة ﴿ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول.

﴿ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ... ﴾ المصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها في محلّ نصب معطوف على «نعمة».

فالوقف على ﴿ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ ليس بكافٍ لأنّ ﴿ وَأَنِّي ﴾ وما في حيزّها في محلّ نصب لعطفها على المفعول وهو ﴿ نِعْمَتِيَ ﴾ كأنّه قال: «اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وتفضيلي إيّاكم على العالمين» والوقف على ﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ حسن ليس تاماً ولا كافياً لأنّ الواو في الآية بعده محتملة للعطف لا للاستئناف وقيل الوقف كافٍ (288).


(288)  المكتفی للداني ص 164.


قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ ...

﴿ يَوْماً ﴾ منصوب على المفعولية بـ ﴿ اتَّقُواْ ﴾ لا على الظرفية، لأنّه كان يوجب تكليفهم يوم القيامة، وليس المعنى كذلك وإنما المعنى «عذاب يوم» فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (289)، و ﴿ شَيْئاً ﴾ في حكم المفعول المطلق لأنّه وقع موقع «جزاء»، وهو كثير في القرآن لأنّ الجزاء شي‏ء فوضع العام موضع الخاص (290) فمعناه: لا تجزي جزاءً لا قليلاً ولا كثيراً أو لا تجزي شيئاً من الجزاء، وجملة ﴿ لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ ... ﴾ في محل نصب نعت لـ ﴿ يَوْماً ﴾، والرابط محذوف تقديره «لا تجزي فيه»، وما بعده من الجمل المنفية في هذه الآية في محلّ نصب صفات لـ ﴿ يَوْماً ﴾ معطوفة بعضها على بعض والرابط فيها محذوف تقديره «فيه».

وجملة ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء ﴿ اذْكُرُواْ ... ﴾.

فالوقف على ﴿ يَوْماً ﴾ ليس بوقفٍ كافٍ لأنّ ما بعده من نعته، والوقف على ﴿ شَيْئاً ﴾ جائز وكذا على ﴿ شَفَاعَةٌ ﴾ وعلى ﴿ عَدْلٌ ﴾، ولكن الوقف على ﴿ يُنصَرُونَ ﴾ كافٍ، إنْ علّق ﴿ إِذْ ﴾ في الآية بعده بـ ﴿ اذْكُرُواْ ﴾ مقدراً، مفعولاً به فيكون من عطف الجمل وتقديره «واذكروا إذْ نجيّناكم».


(289)  البيان لابن الأنباري ج 1 ص 80.

(290)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص 35.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)

التطبيق:

قوله تعالى ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ ...

﴿ إِذْ ﴾ من قوله ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم ﴾ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «اذكروا».

جملة ﴿ نَجَّيْنَاكُم ﴾ في محل جر مضاف إليه لـ ﴿ إِذْ ﴾.

﴿ سُوءَ ﴾ مفعول ثانٍ لـ ﴿ يَسُومُونَ ﴾، وجملة ﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾ في موضع نصب حال من ﴿ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ ويجوز أن تكون للاستئناف.

وجملة ﴿ يُذَبِّحُونَ ﴾ لا محلّ لها تفسيرية، ولك أن تجعلها في محلّ نصب بدل من جملة ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ ويجوز أن تكون حال من المضمر في ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾.

وجملة ﴿ وَيَسْتَحْيُونَ ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ يُذَبِّحُونَ ﴾.

وقوله ﴿ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ ... ﴾ كلام مستأنف لا محلّ له من الإعراب.

فالوقف على ﴿ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ تامّ إن اعتبرنا قوله ﴿ يَسُومُونَكُمْ ... ﴾ كلاماً مستأنفاً وإن جعلناها حالاً لا يتمّ الكلام على ﴿ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ وليس بوقف لأنّه لا يفصل بين الحال وصاحبها.

وكذلك كلمة ﴿ الْعَذَابِ ﴾ ليست محلاً للوقف، لأنّ جملة ﴿ يُذَبِّحُونَ ... ﴾ تفسير لـ ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ فلا يوقف على المفسَّر دون المفسِّر، وكذا لو جعلت جملة ﴿ يُذَبِّحُونَ ﴾ بدلاً من ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ لا يوقف على ما قبله لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه.

والوقف على ﴿ نِسَاءَكُمْ ﴾ كافٍ وكذا الوقف على ﴿ عَظِيمٌ ﴾.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)

التطبيق:

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ...

الواو: عاطفة ﴿ بِكُمُ ﴾ الباء هنا في معنى اللام، ويجوز أن يكون التقدير «بسببكم» وجملة ﴿ فَرَقْنَا ... ﴾ في محل جر مضاف إليه.

وجملتا ﴿ أَنجَيْنَاكُمْ ... ﴾ و ﴿ أَغْرَقْنَا ... ﴾ في محلّ جر معطوفتان على جملة ﴿ فَرَقْنَا ﴾.

وجملة ﴿ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من ضمير «كم» في ﴿ أَنجَيْنَاكُمْ ﴾.

فالوقف على ﴿ فَأَنجَيْنَاكُمْ ﴾ ليس بتامّ لأنّ ما بعده عطف عليه، وكذا لا يوقف على ﴿ آلَ فِرْعَوْنَ ﴾ لأنّ ما بعده متعلّق به في اللفظ والمعنى أما الوقف على ﴿ تَنظُرُونَ ﴾ فكافٍ.


قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...

﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا ﴾ مثل ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا ﴾ أو ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم

﴿ أَرْبَعِينَ ﴾ مفعول ثانٍ لـ ﴿ وَاعَدْنَا ﴾ فيه حذف تقديره «تمام أربعين» وليس ﴿ أَرْبَعِينَ ﴾ ظرفاً إذ ليس المعنى: وعده في أربعين.

﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ... ﴾ أي: إلهاً فحذف المفعول الثاني، ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ أي: من بعد انطلاقه فحذف المضاف وهما متعلّقان بمحذوف في محلّ نصب حال.

وجملة ﴿ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من المضمر في ﴿ اتَّخَذْتُمُ ﴾.

فالوقف على ﴿ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴾ ليس بتامّ لأنّ ما بعده معطوف عليه والمعنى فيه. والوقف على ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ ليس بتامّ لأنّ التقدير «ثم اتخذتم العجل من بعده وهذه حالكم». والوقف على ﴿ ظَالِمُونَ ﴾ كافٍ.


قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم ...

ثم: حرف عطف للترتيب مع التراخي.

جملة ﴿ عَفَوْنَا ... ﴾ في محلّ جر معطوفة على جملة ﴿ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ... ﴾ في الآية قبلها.

وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من الضمير في ﴿ عَنكُم ﴾ أي: مرتجين الشكر، أو لا محلّ لها تعليلية.

فالوقف على ﴿ تَشْكُرُونَ ﴾ كافٍ إن علق ﴿ إِذْ ﴾ بعدها بـ «اذكر» مقدّراً وليس بوقف كاف إن عطف على ما قبله.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)

التطبيق:

قوله تعالى ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ...

جملة: ﴿ آتَيْنَا ﴾ في محل جر مضاف إليه وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من الضمير «نا» في قوله ﴿ آتَيْنَا ﴾ أي: راجين هدايتكم أو لا محل لها تعليليّة.

فالوقف على ﴿ تَهْتَدُونَ ﴾ كافٍ لأنّ الكلام سياقه واحد مع ما بعده.


قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى ...

جملة ﴿ قَالَ مُوسَى ... ﴾ في محلّ جرّ بإضافة ﴿ إِذْ ﴾ إليها، وجملة النداء وجوابه في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم ... ﴾ لا محلّ لها جواب النداء استئنافية.

وجملة ﴿ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ ... ﴾ في محلّ جزم جواب شرط مقدّر، أي: إن أردتم عفو الله وغفرانه فتوبوا إلى بارئكم.

وجملة ﴿ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ... ﴾ في محلّ جزم معطوفة على جملة ﴿ تُوبُواْ ... ﴾.

وجملة ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ لا محلّ لها تعليليّة.

وجملة ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ معطوفة على جملة مقدرة أي: فعلتم ما أمر فتاب عليكم.

وجملة ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ لا محلّ لها تعليلية.

فالوقف على ﴿ بَارِئِكُمْ ﴾ كافٍ والوقف على ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ أكفى منه وعلى ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ تامّ.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)

التطبيق:

﴿ إِذْ ﴾ مرّ إعرابه وتقديره في آيات كثيرة.

جملة ﴿ قُلْتُمْ ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة النداء وجوابه ﴿ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

جملة ﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى ... ﴾ لا محل لها جواب النداء مستأنفة.

وجملة ﴿ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ... ﴾ في محل جرّ معطوفة على جملة ﴿ قُلْتُمْ ... ﴾.

وجملة ﴿ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ في محلّ نصب حال من ضمير ﴿ كُمُ ﴾ في ﴿ أَخَذَتْكُمُ ﴾.

فلا وقف إلى ﴿ تَنظُرُونَ ﴾ والوقف عليه حسن لأنّه آخر آية.


قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ ...

جملة ﴿ بَعَثْنَاكُم ﴾ في محلّ جر معطوفة على جملة ﴿ فَأَخَذَتْكُمُ ... ﴾.

وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ لا محلّ لها تعليليّة.

فالوقف على ﴿ تَشْكُرُونَ ﴾ كافٍ.


 

قوله تعالى:

﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)

التطبيق:

قوله ﴿ ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ﴾ في محلّ جر معطوفة على جملة ﴿ بَعَثْنَاكُم ... ﴾ في الآية قبلها.

وجملة ﴿ أَنزَلْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ معطوفة على جملة ﴿ ظَلَّلْنَا ... ﴾.

مفعول ﴿ كُلُواْ ﴾ من قوله ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ ﴾ محذوف تقديره «شيئاً» و ﴿ مِن ﴾ هنا للتبعيض أو لبيان الجنس.

جملة ﴿ رَزَقْنَاكُمْ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾، وجملة ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ ... ﴾ مقول القول لفعل محذوف تقديره «قلنا»، وجملة «قلنا كلوا من طيبات» ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.

الواو في قوله ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا ... ﴾ استئنافية ﴿ مَا ﴾ حرف نفي وجملة ﴿ مَا ظَلَمُونَا ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

الواو في قوله ﴿ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ حرف عطف ﴿ لَكِن ﴾: حرف استدراك، ﴿ أَنفُسَهُمْ ﴾: مفعول به مقدم لفعل ﴿ يَظْلِمُونَ ﴾ وجملة ﴿ يَظْلِمُونَ ﴾ في محلّ نصب خبر كان وجملة ﴿ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ ... ﴾ لا محلّ معطوفة على جملة ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا ﴾.

فالوقف على ﴿ وَالسَّلْوَى ﴾ كاف وكذا ﴿ رَزَقْنَاكُمْ ﴾ وأيضاً الوقف على ﴿ يَظْلِمُونَ ﴾.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58)

التطبيق:

جملة ﴿ قُلْنَا ... ﴾ في محلّ جر مضاف إليه، وقوله ﴿ ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ ... ﴾ في محل نصب مقول القول.

وجملة ﴿ كُلُواْ مِنْهَا ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ ادْخُلُواْ ... ﴾، و ﴿ حَيْثُ ﴾ في قوله ﴿ حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ﴾ ظرف مبنى على الضم متعلّق بمحذوف حال من الضمير في ﴿ كُلُواْ ﴾، وجملة ﴿ شِئْتُمْ رَغَداً ﴾ في محل جرّ مضاف إليه.

قوله ﴿ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ﴾: ﴿ سُجَّداً ﴾ جمع ساجد وهو حال من الضمير في ﴿ ادْخُلُواْ ﴾، وجملة ﴿ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ ﴾.

وقوله ﴿ وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ ... ﴾: ﴿ حِطَّةٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي: سؤالنا حِطّة، والجملة الإسمية في محلّ نصب مقول القول.

و ﴿ نَّغْفِرْ ﴾ فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر تقديره «إن تقولوا ذلك نغفر لكم» (291)، وجملة ﴿ قُولُواْ حِطَّةٌ ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على ﴿ ادْخُلُواْ الْبَابَ ... ﴾، وجملة ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ إستئنافية لا محلّ لها من الإعراب.

فالوقف على ﴿ خَطَايَاكُمْ ﴾ كاف والوقف على ﴿ الْمُحْسِنِينَ ﴾ كافٍ أيضاً.


(291)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص 38و 39.


 

قوله تعالى:

﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (59)

التطبيق:

قوله ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ... ﴾ الفاء: إستئنافية، جملة ﴿ بَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ... ﴾ لا محلّ لها [ستئنافية. جملة ﴿ ظَلَمُواْ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، ﴿ قَوْلاً ﴾: مفعول به لفعل ﴿ بَدَّلَ ﴾ وفي الكلام حذف تقديره «فبدّل الذين ظلموا بالذي قيل لهم قولاً غير الذي قيل لهم»، لأنّ فعل ﴿ بَدَّلَ ﴾ يتعدّى إلى مفعول واحد بنفسه وإلى آخر بالباء ﴿ غَيْرَ ﴾ صفة لـ ﴿ قَوْلاً ﴾ وجملة ﴿ قِيلَ لَهُمْ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول وجملة ﴿ أَنزَلْنَا ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة الإستئنافية.

وجملة ﴿ ظَلَمُواْ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول الثاني، ﴿ رِجْزاً ﴾ مفعول به لـ ﴿ أَنزَلْنَا ﴾، ﴿ مِّنَ السَّمَاءِ ﴾ متعلق بمحذوف في محل نصب صفة لـ ﴿ رِجْزاً ﴾.

﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ الباء بمعنى السبب أي: عاقبناهم بسبب فسقهم، جملة ﴿ كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾.

فالوقف على ﴿ قِيلَ لَهُمْ ﴾ كافٍ على استئناف ما بعده وليس بوقف إن علق بما قبله.

﴿ مِّنَ السَّمَاءِ ﴾ ليس بوقف لأنّ ما بعده متعلّق بما قبله والوقف على ﴿ يَفْسُقُونَ ﴾ تام.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)

التطبيق:

قوله ﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى ...

﴿ إِذِ ﴾ مفعول به لفعل مقدر «اذكروا» والجملة مستأنفة، وجملة ﴿ اسْتَسْقَى ... ﴾ في محلّ جر مضاف إليه وجملة ﴿ قُلْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ معطوفة على جملة ﴿ اسْتَسْقَى ... ﴾ وجملة ﴿ اضْرِب بِّعَصَاكَ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

وجملة ﴿ فَانفَجَرَتْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة بالفاء على فعل مقدر وتقديره «فضرب فانفجرت» لأنّ الانفجار إنما يحصل من الضرب لا عن الأمر بإيجاده وقد يحذف المعطوف عليه ويكتفى بالمعطوف للدلالة عليه.

قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ (البقرة/ 173) أي: فأكل فلا إثم عليه.

وقال تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ (البقرة/184) أي: فأفطر فعدةٌ من أيام أُخر (292).

وقوله ﴿ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ ... ﴾ لا محلّ له كلام مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع نصب حال من ﴿ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ﴾ والرابط محذوف تقديره «منه» (293).

وجملة ﴿ كُلُواْ ... ﴾ لا محلّ لها إستئنافية، ويجوز أن تكون في محلّ نصب مقول القول لفعل محذوف تقديره «قلنا لهم» (294).

وجملة ﴿ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللهِ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ كُلُواْ ... ﴾، وكذلك جملة ﴿ لا تَعْثَوْاْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ كُلُواْ ... ﴾.

فالوقف على ﴿ لِقَوْمِهِ ﴾ صالح وليس بتامّ لأنّ ما بعده معطوف عليه (295).

والوقف على ﴿ الْحَجَرَ ﴾ جائز، وعلى ﴿ عَيْناً ﴾ حسن لأنّ ما بعده جملة مستأنفة جي‏ء بها تقريراً لمضمون ما قبلها وكذا جملة ﴿ كُلُواْ ﴾، فالوقف على ﴿ مَّشْرَبَهُمْ ﴾ أحسن من قبله، وعلى ﴿ مِن رِّزْقِ اللهِ ﴾ صالح وعلى ﴿ مُفْسِدِينَ ﴾ كافٍ.


(292)  البيان في إعراب القرآن لابن الأنباري 1/85.

(293)  الجداول في إعراب القرآن وصرفه 1/109، تصنيف محمود صافي، ط. مؤسسة الإيمان بيروت / لبنان، الطبعة الثانية 1409هـ/1988 م.

(294)  ن.م أيضاً.

(295)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 143.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61)

التطبيق:

قوله: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ ... ﴾ تقدّم إعراب ﴿ إِذْ ﴾ كثيراً، جملة ﴿ قُلْتُمْ ... ﴾ في محلّ جر مضاف إليه، وجملة ﴿ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول، ﴿ لَن نَّصْبِرَ ... ﴾ لا محلّ لها جواب النداء، الفاء في قوله ﴿ فَادْعُ لَنَا ... ﴾ لربط المسبّب بالسبب أو رابطة لجواب شرط مقدّر فجملة ﴿ ادْعُ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء لأنّها في حيّز النداء أو في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنّا بحاجة إلى أكثر من نوع من الطعام فادع لنا ربّك (296).

﴿ يُخْرِجْ ﴾ مجزوم على أنه جواب الطلب، مفعول ﴿ يُخْرِجْ ﴾ محذوف تقديره «مأكولاً» وقيل المفعول هو ﴿ مَا ﴾ و ﴿ مِن ﴾ زائدة (297)، الأول أوجه لأن ﴿ مِن ﴾ تزاد في النفي لا في الإيجاب (298) و ﴿ مَا ﴾ في قوله ﴿ مِمَّا ﴾ بمعنى الذي، و ﴿ مِن بَقْلِهَا ﴾ بدل من ﴿ مَا ﴾ بإعادة الخافض فـ ﴿ مِن ﴾ الأولى للتبعيض والثانية للتخصيص (299)، وجملة ﴿ يُخْرِجْ ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء، وجملة ﴿ تُنبِتُ ... ﴾ لا محل لها صلة ﴿ مَا ﴾.

جملة ﴿ قَالَ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية بيانية لسؤال مقدر.

الهمزة في قوله ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ ... ﴾ للاستفهام الإنكاري مع التوبيخ، والجملة في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ هُوَ أَدْنَى ﴾ وجملة ﴿ هُوَ خَيْرٌ ﴾ لا محلّ لهما لأنهما صلتا موصولهما.

جملة ﴿ اهْبِطُواْ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية، ويجوز أن تكون في محلّ نصب مقول القول لقول مقدر (300).

الفاء في قوله ﴿ فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ﴾ تعليلية وقيل: رابطة لجواب شرط مقدر، و ﴿ مَّا ﴾ في موضع نصب إسم إنّ وهي بمعنى الذي، فجملة ﴿ إِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ﴾ لا محلّ لها تعليلية، ويجوز أن تكون جواباً لشرط مقدر أي: أن تهبطوا فإنّ لكم ما سألتم (301).

وجملة ﴿ سَأَلْتُمْ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَّا ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ... ﴾ إستئنافية، وجملة ﴿ ضُرِبَتْ ﴾ لا محلّ لها من الإعراب، ﴿ بِغَضَبٍ ﴾ في قوله ﴿ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ ... ﴾ في موضع نصب حال من فاعل ﴿ بَاؤُواْ ﴾ أي: رجعوا مغضوباً عليهم (302) و ﴿ مِّنَ اللهِ ﴾ في موضع جر صفة لـ ﴿ غَضَبٍ ﴾، وجملة ﴿ بَاؤُواْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة قبلها.

و ﴿ ذلك﴾ في قوله ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ ﴿ بِأَنَّهُمْ ﴾ الباء حرف جر والمصدر المؤول من ﴿ أَنَّ ﴾، وإسمها وخبرها في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي: ذلك الغضب مستحق بكونهم كافرين، وجملة ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾ لا محل لها تعليلية أو استئنافية من غير تعليل (303).

و ﴿ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ في قوله: ﴿ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ في موضع نصب على الحال من الضمير في ﴿ يَقْتُلُونَ ﴾، والتقدير «يقتلونهم مبطلين» ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف تقديره «قتلاً بغير الحق» (304).

﴿ ذَلِكَ ﴾ في قوله ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ ... ﴾ في محلّ رفع مبتدأ، و ﴿ مَا ﴾ مصدرية والمصدر المؤول ﴿ مَا عَصَواْ ﴾ في محلّّ جرّ بالباء، وهو قائم مقام المضاف المحذوف أي: بسبب عصيانهم، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر ﴿ ذَلِكَ ﴾، وجملة ﴿ عَصَواْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي.

فلا وقف إلى ﴿ وَبَصَلِهَا ﴾ والوقف على ﴿ وَبَصَلِهَا ﴾ حسن غير تامّ لأنّ قوله ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى ... ﴾ الآية فيها جملتان الأولى من كلام الله عزّ وجلّ لبني إسرائيل على جهة التوبيخ فيما سألوه وقيل من كلام موسى (ع)، وذلك أنه غضب لما سألوه هذا فقال ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾، والثانية هي ﴿ اهْبِطُواْ مِصْراً ﴾ وهو من كلام الله وهذا هو المشهور وعليه فيكون الوقف على ﴿ خَيْرٌ ﴾ تامّاً لأنّهما كلامان ومن جعلهما كلاماً واحداً كان الوصل أولى والوقف على ﴿ مَّا سَأَلْتُمْ ﴾ حسن ويقارب التام لأنّ الواو بعده للاستئناف وليست عاطفة.

والوقف على ﴿ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾ حسن وعلى ﴿ مِّنَ اللهِ ﴾ أحسن منه والوقف على ﴿ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ كافٍ وعلى ﴿ يَعْتَدُونَ ﴾ تام (305).


(296)  الجداول للصافي 1/111.

(297)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/96.

(298)  البيان لابن الأنباري 1/86.

(299)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/96.

(300)  إعراب القرآن لمحيي الدين الدرويش 1/113.

(301)  إعراب مئة آية من سورة البقرة لمحمد عفيف الزعبي ط. نشر أدب الحوزة قم – إيران لا. ت.

(302)  إملاء ما من الرحمن للعكبري 1/39.

(303)  الجداول للصافي 1/114.

(304)  إملاء العكبري 1/39.

(305)  منار الهدی للأشموني ص 40.


 

قوله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)

التطبيق:

﴿ مَنْ ﴾ في قوله: ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ... ﴾ اسم موصول بدل من اسم إنّ وجملة ﴿ آمَنَ بِاللهِ ... ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَنْ ﴾، وجملة ﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ الفاء: زائدة و ﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ في محلّ رفع خبر إنّ، ويجوز في ﴿ مَنْ ﴾ أن تكون في محلّ رفع على الابتداء، وهي إمّا اسم شرط أو اسم موصول فان كانت اسم شرط فخبرها جملتا الشرط وجزاؤه وإن كانت اسماً موصولاً فخبرها جملة ﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ فعلى هذين الوجهين خبر إنّ هو الجملة الاسمية ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ... عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ وهي في محل رفع.

جملة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

وجملة ﴿ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ في محلّ رفع معطوفة على جملة ﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ... ﴾ وكذلك جملة ﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

فلا وقف من قوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ إلى قوله ﴿ ... عِندَ رَبِّهِمْ ﴾، فلا يوقف على ﴿ هَادُواْ ﴾ ولا على ﴿ الصَّابِئِينَ ﴾ ولا على ﴿ صَالِحاً ﴾، لأنّ ﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ خبر إنّ فلا يفصل بين اسمها وخبرها، والوقف على ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ كاف على أن الواوين بعده للاستئناف، وليس بوقف إن جعلتا للعطف. والوقف على ﴿ يَحْزَنُونَ ﴾ تام إن علّق ﴿ إِذْ ﴾ في الآية بعدها بـ «اذكُرْ» مقدّراً ويكون جائزاً إن عطف ما بعده على قبله (306).


(306)  منار الهدی للأشموني ص 40.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (64)

التطبيق:

قوله ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا ... ﴾ ﴿ إِذْ ﴾ تقدم إعرابه فلا نكرّره، وجملة ﴿ أَخَذْنَا ... ﴾ في محلّ جر بإضافة ﴿ إِذْ ﴾ إليها والواو في جملة ﴿ وَرَفَعْنَا ... ﴾ واوٌ حالية والجملة في محلّ نصب حال بتقدير «قد» وجملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول لقول محذوف تقديره «قلنا خذوا»، وجملة القول المقدرة في محل نصب حال والتقدير «رفعنا فوقكم الطور قائلين خذوا ... »، ويجوز أن تكون جملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾ جواباً للقسم لأن أخذ الميثاق قسم (307)، وقوله ﴿ بِقُوَّةٍ ﴾ في موضع نصب على الحال المقدرة والتقدير «خذوا الذي آتيناكموه عازمين على الجِدّ في العمل به» وصاحب الحال ضمير الواو في ﴿ خُذُواْ ﴾ ويجوز أن يكون حالاً من الضمير المحذوف في ﴿ آتَيْنَاكُم ﴾، والتقدير «خذوا ما آتيناكموه» وفيه الشدّة والتشدّد في الوصية بالعمل به (308).

وجملة ﴿ اذْكُرُواْ مَا فِيهِ ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾ وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ لا محلّ لها تعليلية.

فيكون الوقف على ﴿ الطُّورَ ﴾ حسن، وعلى ﴿ بِقُوَّةٍ ﴾ جائز، والوقف على ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ تام (309)، إذا اعتبرنا ﴿ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم ... ﴾ في الآية بعده معطوفة على جملة مستأنفة محذوفة، أي: فامتثلتم ثم توليتم (310) وإذا كانت معطوفة على جملة ﴿ أَخَذْنَا ﴾ كان الوقف على ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ حسن (311).


(307)  الجداول للصافي 1/118.

(308)  إملاء ما من الرحمن للعكبري 1/41.

(309)  المكتفی للداني ص 166 ومنار الهدی للأشموني ص 41.

(310)  إعراب مئة آية للزعبي ص 97.

(311)  القطع والائتناف ص 142.


قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ... ﴾ في محلّ جر معطوف على جملة ﴿ أَخَذْنَا ... ﴾ في الآية السابقة.

الفاء في قوله ﴿ فَلَوْلا فَضْلُ اللهِ ﴾ إستئنافية ﴿ لَوْلا ﴾ مركبة من «لو» و «لا» و «لو» قبل التركيب يمتنع بها الشي‏ء لامتناع غيره، و «لا» للنّفي والامتناع نفي في المعنى، والنّفي إذا دخل على النّفي صار إيجاباً، فمن هنا صار معنى ﴿ لَوْلا ﴾ هذه يمتنع بها الشي‏ء لوجود غيره (312) فهو حرف امتناع لوجود يتضمن معنى الشرط، ﴿ فَضْلُ ﴾ مبتدأ والخبر محذوف وجوباً تقديره «موجودٌ».

﴿ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ اللام: واقعة في جواب ﴿ لَوْلا ﴾ وجملة ﴿ كُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

وجملة ﴿ لَوْلا فَضْلُ اللهِ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

فالوقف على ﴿ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ حسن والوقف على ﴿ الْخَاسِرِينَ ﴾ كافٍ.


(312)  إملاء ما من الرحمن للعكبري 1/41.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْاْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (66)

التطبيق:

قوله: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْاْ مِنكُمْ ... ﴾ الواو استئنافية واللام للتوكيد، ﴿ قَدْ ﴾: حرف تحقيق، ﴿ عَلِمْتُمُ ﴾ ها هنا بمعنى عرفتم فيتعدّى إلى مفعول واحد، ﴿ مِنكُمْ ﴾ في موضع نصب حال من ﴿ الَّذِينَ اعْتَدَوْاْ ... ﴾ أي: المعتدين كائنين منكم ﴿ فِي السَّبْتِ ﴾ متعلّق بـ ﴿ اعْتَدَوْاْ (313).

﴿ خَاسِئِينَ ﴾ فيه أقوال ثلاثة:

أحدها: أن يكون خبراً ثانياً لـ ﴿ كُونُواْ ﴾.

الثاني: أن يكون حالاً من الضمير في ﴿ كُونُواْ ﴾.

الثالث: صفة لقردة (314).

ردّ ابن هشام القول الثالث قائلاً: الجمع المذكر السالم لا يكون صفة لما لا يعقل (315).

فقوله ﴿ لَقَدْ عَلِمْتُمُ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية وجملة ﴿ اعْتَدَوْاْ ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول وجملة ﴿ قُلْنَا ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ لَقَدْ عَلِمْتُمُ ... ﴾، وجملة ﴿ كُونُواْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

فالوقف على ﴿ فِي السَّبْتِ ﴾ صالح، وعلى ﴿ خَاسِئِينَ ﴾ كافٍ.


(313)  إملاء ما من الرحمن للعكبري 1/41.

(314)  البيان لابن الأنباري 1/90.

(315)  إعراب القرآن من مغني اللبيب للشوا ص 47.


قوله تعالى: ﴿ فَجَعَلْنَاهَا ... ﴾ في عود ضمير ﴿ هَا ﴾ ثلاثة أوجه:

أولها: أن يكون عائداً على المسخة.

الثاني: أن يكون عائداً على القردة.

الثالث: أن يعود على العقوبة التي دلّ عليها الكلام وكذلك الاختلاف في ﴿ هَا ﴾ في ﴿ لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا ﴾ ونكالاً: مفعول ثانٍ لـ ﴿ جَعَلْنَا ﴾، وقوله ﴿ فَجَعَلْنَاهَا ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

فالوقف على ﴿ وَمَا خَلْفَهَا ﴾ ليس بوقف كافٍ وعلى ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ كافٍ إن عُلّق ﴿ إذْ ﴾ بـ ﴿ اذْكُرُواْ ﴾ مقدّراً فيكون محلّ ﴿ إِذْ ﴾ نصباً بالفعل المقدّر وصالح إن عطف على قوله ﴿ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ... ﴾ الآية 40 لتعلق المعطوف بالمعطوف عليه.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)

التطبيق:

﴿ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ﴾ في قوله ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ﴾، في موضع نصب على تقدير إسقاط حرف الجر، الباء متعلق بـ ﴿ يَأْمُرُكُمْ ﴾ أي: يأمركم بذبح بقرة، ويجوز نصبه على أنه مفعول ثانٍ عامله ﴿ يَأْمُرُكُمْ ﴾ أي: يأمركم ذبحَ بقرة، وجملة ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

الهمزة في قوله ﴿ قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ﴾ للاستفهام الإنكاري و ﴿ هُزُواً ﴾ مفعول ثانٍ لـ ﴿ تَتَّخِذُ ﴾ وجملة ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

وقوله ﴿ قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ﴾ كلام مستأنف بياني لا محلّ له من الإعراب.

فالوقف على ﴿ بَقَرَةً ﴾ حسن.

جملة ﴿ أَعُوذُ بِاللهِ ﴾ في قوله ﴿ قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ في محلّ نصب مقول القول و ﴿ أَنْ أَكُونَ ﴾ في محلّ نصب بنزع الخافض تقديره «من أن أكون» متعلّق بالفعل ﴿ أَعُوذُ ﴾ وجملة ﴿ قَالَ أَعُوذُ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

فالوقف على ﴿ هُزُواً ﴾ حسن أيضاً والوقف على ﴿ الْجَاهِلِينَ ﴾ كافٍ (316).


(316)  منار الهدی للأشموني ص 41.


 

قوله تعالى:

﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ (68)

التطبيق:

في قوله ﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ﴾، ﴿ يُبَيِّن ﴾: مجزوم جواب الطلب وجملة ﴿ يُبَيِّن لَّنَا ... ﴾ لا محل لها واقعة في جواب شرط مقدر غير مقترنة بالفاء أو إذا الفجائية.

وجملة ﴿ ادْعُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول وجملة ﴿ قَالُواْ ادْعُ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية، ﴿ مَا هِيَ ﴾ ﴿ مَا ﴾ في محلّ رفع مبتدأ ﴿ هِيَ ﴾ في محلّ رفع خبر وجملة ﴿ مَا هِيَ ﴾ في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ يُبَيِّن ﴾.

وقوله: ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ ... ﴾ كلام مستأنف لا محل له من الإعراب.

وجملة ﴿ إِنَّهُ يَقُولُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ إِنَّهَا بَقَرَةٌ ﴾ في محلّ نصب مقول فعل يقول.

وقوله ﴿ لا فَارِضٌ ﴾: ﴿ لا ﴾ حرف نفي ﴿ فَارِضٌ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف تقديره «لا هي فارضٌ» والجملة في محلّ رفع صفة لبقرة ويجوز أن يكون ﴿ فَارِضٌ ﴾ صفة لبقرة.

﴿ لا بِكْرٌ ﴾ على الوجه الأول جملة في محلّ رفع معطوفة على جملة ﴿ لا فَارِضٌ ﴾، وعلى الوجه الثاني ﴿ بِكْرٌ ﴾ معطوف على ﴿ فَارِضٌ ﴾ فهو مرفوع وتكرار ﴿ لا ﴾ هو لوصف النكرة بما دخل عليه ﴿ لا ﴾.

﴿ عَوَانٌ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هي عوانٌ»، والجملة في محلّ رفع صفة لبقرة ويجوز أن تكون ﴿ عَوَانٌ ﴾ صفة لبقرة.

﴿ بَيْنَ ﴾ ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صفة لـ ﴿ عَوَانٌ ﴾ في محلّ رفع، ﴿ ذَلِكَ ﴾ مضاف إليه في محلّ جرّ وقد نابت الإشارة عن الشّيئَيْن حيث وقعت مشاراً بها إلى الفارض والبكر معاً.

الفاء في قوله ﴿ فَافْعَلُواْ ... ﴾ رابطة لجواب شرط مقدر تقديره «إن عرفتم ذلك فافعلوا»، والجملة لا محلّ لها من الإعراب.

فالوقف على ﴿ مَا هِيَ ﴾ حسن وعلى ﴿ وَلا بِكْرٌ ﴾ كاف إن رفع ﴿ عَوَانٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي: هي عوانٌ، فيكون منقطعاً من قوله ﴿ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ ﴾.

وليس بوقف إن رفع على أنه صفة لبقرة لأن الصفة والموصوف كالشي‏ء الواحد، فكأنه قال «هي بقرة عوانٌ»، والوقف على ﴿ بَيْنَ ذَلِكَ ﴾ كافٍ وكذلك الوقف على ﴿ تُؤْمَرُونَ ﴾ كافٍ.


 

قوله تعالى:

﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71)

التطبيق:

قوله تعالى: ﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا ... يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ ﴾ إعراب نظيرها في الآية قبلها مفردات وجملاً. ﴿ صَفْرَاءُ ﴾ صفة للبقرة ﴿ فَاقِعٌ ﴾ نعت ثانٍ و ﴿ لَّوْنُ ﴾ فاعل لـ ﴿ فَاقِعٌ ﴾ ويجوز أن يكون ﴿ فَاقِعٌ ﴾ خبراً مقدماً و ﴿ لَّوْنُ ﴾ مبتدأ مؤخراً والجملة في محل رفع صفة لـ ﴿ بَقَرَةٌ ﴾، وجملة ﴿ تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ في محل رفع صفة ثالثة لـ ﴿ بَقَرَةٌ ﴾.

«ويجوز أن يكون ﴿ لَّوْنُ ﴾ مستأنفاً مرفوعاً بالابتداء وخبره ﴿ تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ وإنما جاز أن يكون الخبر ﴿ تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ بلفظ التأنيث لوجهين:

أحدهما: لأنّ اللون بمعنى الصفرة وكأنه قال: صفرتها تسر الناظرين.

والثاني: لأنه أضيف اللون إلى مؤنث والمضاف يكتسب من المضاف إليه التأنيث» (317).

فالوقف على ﴿ مَا لَوْنُهَا ﴾ كافٍ وعلى ﴿ صَفْرَاءُ ﴾ حسن لأنّ ﴿ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا ﴾ من نعت البقرة و ﴿ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا ﴾ جائز والوقف على ﴿ النَّاظِرِينَ ﴾ كاف.


(317)  البيان في إعراب غريب القرآن لابن الأنباري ص 93.


قوله تعالى: ﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ...

مرّ إعرابها في الآية 68، وجملة ﴿ إِنَّ الْبَقَرَ ... ﴾ لا محلّ لها تعليلية أو استئنافية بيانيّة.

الواو في قوله ﴿ وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ عاطفة، وجملة ﴿ وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على قبلها وجملة ﴿ إِن شَاءَ اللهُ ﴾ لا محلّ لها معترضة وجواب إنْ الشرطية محذوف تقديره «إن شاء الله هدايتنا اهتدينا».

فالوقف على ﴿ مَا هِيَ ﴾ جائز وكذا ﴿ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ﴾ والوقف على ﴿ لَمُهْتَدُونَ ﴾ كافٍ.


قوله تعالى ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ ...

﴿ لا ﴾ حرف نفي، ﴿ ذَلُولٌ ﴾ رفعه على إضمار مبتدأ أي: لا هي ذلول - فالجملة في محلّ رفع نعت لـ ﴿ بَقَرَةٌ ﴾ - ويجوز أن يكون نعتاً لبقرة.

جملة ﴿ تُثِيرُ الأَرْضَ ﴾ في محلّ رفع نعت ثان لـ ﴿ بَقَرَةٌ ﴾ والمقصود هو نفي إثارتها للأرض، وقيل في محلّ نصب حال من الضمير في ﴿ ذَلُولٌ ﴾ تقديره «لا تذل في حال إثارتها»، وقيل هو كلام مستأنف، أي: هي تثير وهذا قول من قال: إن البقرة كانت تثير الأرض ولم تكن تسقي الحرث ولكن المعتمد لدى المعربين هو القول الأول، فتكون جملة ﴿ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ﴾ في محلّ رفع معطوفة على جملة ﴿ تُثِيرُ الأَرْضَ ﴾ ويقال في ﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾ ما قيل عن ﴿ ذَلُولٌ ﴾ وجملة ﴿ لا شِيَةَ فِيهَا ﴾ في محل رفع نعت رابع لـ ﴿ بَقَرَةٌ ﴾.

وجملة ﴿ قَالُواْ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية وجملة ﴿ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

وجملة ﴿ فَذَبَحُوهَا ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة مستأنفة مقدرة: «بحثوا عنها فوجدوها فذبحوه» (318).

قوله ﴿ وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ﴾: الواو: حالية ﴿ مَا كَادُواْ ... ﴾ في محلّ نصب حال أي: ذبحوها في حال نصب انتفاء مقاربتهم لفعل الذبح وكان زمان الانتفاء سابقاً لزمن الذبح.

فالوقف على ﴿ ذَلُولٌ ﴾ كافٍ إن جعل ﴿ تُثِيرُ الأَرْضَ ﴾ خبر مبتدأ محذوف وإن جعل نعتاً فليس بكاف وكذا الوقف على ﴿ الأَرْضَ ﴾ و ﴿ الْحَرْثَ ﴾ إن جعل ما بعد كل منهما خبر مبتدأ محذوف، فإن لم يكن كذلك فالوقف عليهما ليس بكافٍ، أما الوقف على ﴿ لا شِيَةَ فِيهَا ﴾ فهو أكفى مما قبله، وعلى ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ جائز، لأنّ ﴿ فَذَبَحُوهَا ﴾ عطف على ما قبلها والوقف على ﴿ يَفْعَلُونَ ﴾ كافٍ (319).


(318)  الجداول للصافي ج 1 ص 128.

(319)  المقصد للانصاري هامش منار الهدی، ومنار الهدی للأشموني ص 41.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)

التطبيق:

الواو في قوله ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ... ﴾ استئنافية و ﴿ إِذْ ﴾ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «اذكروا» والجملة المقدّرة لا محلّ لها مستأنفة، وقوله: ﴿ قَتَلْتُمْ نَفْساً ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه.

وقوله: ﴿ فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾ في محلّ جرّ معطوفة على جملة ﴿ قَتَلْتُمْ نَفْساً ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَاللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ اعتراضية، و ﴿ مَّا ﴾ اسم موصول في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ مُخْرِجٌ ﴾، وجملة ﴿ كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَّا ﴾، ويجوز أن تكون ﴿ مَّا ﴾ مصدرية والمصدر المؤول في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ مُخْرِجٌ ﴾، وجملة ﴿ وَاللهُ مُخْرِجٌ ﴾ لا محلّ لها اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه، ويجوز أن تكون الواو حالية، وجملة ﴿ اللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال (320).

فالوقف على ﴿ فِيهَا ﴾ حسن وعلى ﴿ تَكْتُمُونَ ﴾ أحسن منه.


(320)  إعراب مئة آية من سورة البقرة للزعبي ص 107.


قوله تعالى: ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ... ﴾ جملة ﴿ قُلْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ معطوفة على جملة ﴿ ادَّارَأْتُمْ ... ﴾ في الآية قبلها، وقوله ﴿ اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

وقوله ﴿ كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى ... ﴾، ﴿ كَذَلِكَ ﴾ الكاف حرف جر ﴿ ذا ﴾ في محلّ جر الجار والمجرور متعلّقان بمصدر محذوف في محلّ نصب مفعول مطلق، ويجوز أن تكون الكاف اسم بمعنى «مثل» في محلّ نصب صفة لمصدر محذوف تقديره «يحيي الله الموتى إحياء مثل ذلك»، فقوله ﴿ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى ﴾ لا محلّ له مستأنف وجملة ﴿ يُرِيكُمْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة المستأنفة وجملة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ لا محلّ لها تعليلية.

فالوقف على ﴿ بِبَعْضِهَا ﴾ جائز والأولى وصله لأنّ في الكلام حذفاً أي: اضربوه يحيا أو فضرب فحُييَ ثم وقع التشبيه في الإحياء المقدر أي: مثل هذا الإحياء للقتيل يحيي الله الموتى، وإن جعل ما بعده مستأنفاً فعليه يكون الوقف كافياً.

الوقف على ﴿ الْمَوْتَى ﴾ حسن على استئناف ما بعده وتكون الآيات غير إحياء الموتى وليس بوقف إن جعل ﴿ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾ بإحيائه الموتى فلا يفصل بينهما، والوقف على ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ تام (321).


(321)  منار الهدی للأشموني ص 42.


 

قوله تعالى:

﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)

التطبيق:

جملة ﴿ قَسَتْ ... ﴾ في قوله ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدرة أي: فضربوها فحييت.

والفاء في قوله ﴿ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ ... ﴾ تعليليّة، وجملة: ﴿ هِيَ كَالْحِجَارَةِ ﴾ لا محلّ لها تعليليّة و ﴿ أَوْ ﴾ حرف عطف للإباحة ﴿ أَشَدُّ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هي»، ويجوز عطف ﴿ أَشَدُّ ﴾ على الخبر المتقدم الذي تعلق به الجار والمجرور ﴿ كَالْحِجَارَةِ ﴾، و ﴿ قَسْوَةً ﴾ تمييز.

فالوقف على ﴿ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ صالح، وقال أبو حاتم: الوقف كاف (322).

الواو في قوله ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ ... ﴾ استئنافية أو حالية واللام في ﴿ لَمَا ﴾ للتوكيد ﴿ مَا ﴾ اسم موصول في محل نصب اسم إنّ مؤخّر، وجملة ﴿ يَتَفَجَّرُ ... ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾ وجملة ﴿ إِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ ... ﴾ لا محلّ لها إستئنافية أو في محلّ نصب حال.

فالوقف على ﴿ قَسْوَةً ﴾ كاف وقيل: حسن.

قوله: ﴿ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ ﴾ معطوفة على الجملة قبلها، وجملة ﴿ يَشَّقَّقُ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾ وجملة ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ يَشَّقَّقُ ﴾.

فالوقف على ﴿ الأَنْهَارُ ﴾ صالح.

قوله ﴿ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ﴾ معطوف على قوله ﴿ إِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ ... ﴾، وجملة ﴿ يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ﴾ لا محل لها صلة ﴿ مَا ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ استئنافية و ﴿ عَمَّ ﴾ عن: حرف جرّ ﴿ مَا ﴾ اسم موصول في محلّ جر متعلّق بـ ﴿ غَافِلٍ ﴾، ويجوز أن تكون ﴿ مَا ﴾ مصدريّة مؤوّلة مع فعلها بمصدر في محلّ جرّ متعلق بـ ﴿ غَافِلٍ ﴾ فقوله ﴿ مَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ لا محلّ له مستأنف.

فالوقف على ﴿ مِنْهُ الْمَاءُ ﴾ حسن والوقف على ﴿ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ﴾ كاف، وعلى ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾ كاف.


(322)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 149.


 

قوله تعالى:

﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)

التطبيق:

الهمزة في قوله ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ ... ﴾ للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة أو استئنافية والمصدر المؤوّل من ﴿ أَن يُؤْمِنُواْ ﴾ في محلّ جر بحرف جر محذوف تقديره «في أن يؤمنوا» متعلق بـ ﴿ تَطْمَعُونَ ﴾ وجملة ﴿ تَطْمَعُونَ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدر أي: أتعلمون أخبارهم فتطمعون.

الواو من قوله ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ... ﴾ حالية، وجملة ﴿ قَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ... ﴾ في محلّ نصب حال تقديره «أفتطمعون في إيمانهم وشأنهم الكذب والتحريف».

و ﴿ مِّنْهُمْ ﴾ متعلّق بمحذوف في موضع رفع صفة لـ ﴿ فَرِيقٌ ﴾ وجملة ﴿ يَسْمَعُونَ ... ﴾ في محلّ نصب خبر كان، وأجاز قوم أن تكون جملة ﴿ يَسْمَعُونَ ﴾ صفة لـ ﴿ فَرِيقٌ ﴾ و ﴿ مِّنْهُمْ ﴾ الخبر وهو ضعيف (323).

وجملة ﴿ يُحَرِّفُونَهُ ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ يَسْمَعُونَ ... ﴾ و ﴿ مَا ﴾ مصدرية والمصدر المؤول من ﴿ مَا ﴾ والفعل في محلّ جرّ مضاف إليه لـ ﴿ بَعْدِ ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ حالية وجملة ﴿ هُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال، والعامل فيها ﴿ يُحَرِّفُونَهُ ﴾ ويجوز أن يكون العامل ﴿ عَقَلُوهُ ﴾ ويكون حالاً مؤكدة (324).

فلا يوقف على ﴿ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ ﴾ لأنّ قوله ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ... ﴾ حال والوقف على ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ حسن.


(323)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري 1/45.

(324)  ن.م أيضاً.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)

التطبيق:

الواو في قوله ﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ عاطفة ﴿ إِذَا ﴾ ظرف في محلّ نصب متعلّق بجواب الشرط وجملة ﴿ لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة ﴿ قَالُواْ آمَنَّا ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

والهمزة في قوله ﴿ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم ... ﴾ للاستفهام التوبيخي ﴿ بِمَا ﴾ يجوز أن تكون ﴿ مَا ﴾ بمعنى الذي، وجملة ﴿ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾ ويجوز أن تكون ﴿ مَا ﴾ مصدرية أو تكون نكرة موصوفة فتكون ﴿ مَا ﴾ والفعل بعده مصدر مؤوّل في محلّ جر بحرف الجرّ متعلّق بـ «تحدثون»، أو الجملة ﴿ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ﴾ في محلّ جر صفة لـ ﴿ مَا ﴾ وقوله ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ في محلّ نصب معطوف على قوله ﴿ أَتُحَدِّثُونَهُم ﴾.

فالوقف على ﴿ قَالُواْ آمَنَّا ﴾ حسن، وعلى ﴿ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ﴾ قبيح لأنّ ما بعده لام العلة والصيرورة، والوقف على ﴿ عِندَ رَبِّكُمْ ﴾ كاف، وعلى ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ تام.


قوله تعالى: ﴿ أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ... ﴾: الهمزة في قوله ﴿ أَوَلا ﴾ للاستفهام التقريري أو التوبيخي والواو عاطفة، وجملة ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على كلام مستأنف محذوف أي: أيلومونهم ولا يعلمون ... ﴿ مَا يُسِرُّونَ ﴾: ﴿ مَا ﴾  في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ يَعْلَمُ ﴾ أو ﴿ مَا ﴾، والفعل بعده مصدر مؤول في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ يَعْلَمُ ﴾ والمصدر المؤول من «أنّ» واسمها وخبرها في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾.

فالوقف على ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ كافٍ.


 

قوله تعالى:

﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79)

التطبيق:

الواو من قوله ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ... ﴾ عاطفة، ﴿ مِنْهُمْ ﴾ ﴿ مِنْ ﴾ حرف جرّ ﴿ هُمْ ﴾ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدم ﴿ أُمِّيُّونَ ﴾ مبتدأ مؤخّر، وجملة ﴿ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ﴾ في محل نصب معطوفة على قوله ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ﴾ (البقرة/75)، ويجوز قطعها عن العطف وجعلها استئنافية لا محلّ لها من الإعراب و ﴿ أَمَانِيَّ ﴾ في قوله ﴿ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ﴾ منصوب لأنّه استثناء منقطع من غير الجنس لأن الأمانيّ ليس من العِلْم.

جملة ﴿ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ... ﴾ في محلّ رفع صفة لـ ﴿ أُمِّيُّونَ ﴾، وجملة ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ﴾ معطوفة على قوله ﴿ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ﴾.

وجملة ﴿ يَظُنُّونَ ... ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ هُمْ ﴾، و ﴿ إِنْ ﴾ حرف نفي و ﴿ إِلاَّ ﴾ هنا أداة حصر وحيثما جاءت ﴿ إِنْ ﴾ المكسورة الهمزة المخفّفة وبعدها ﴿ إِلاَّ ﴾ فـ ﴿ إِنْ ﴾ بمعنى «ما» النافية نحو: قوله تعالى ﴿ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴾ (الملك/20).

فالوقف على ﴿ أَمَانِيَّ ﴾ حسن على استئناف ما بعده، والوقف على ﴿ يَظُنُّونَ ﴾ كاف.


قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ... ﴾: الفاء في قوله ﴿ فَوَيْلٌ ﴾ استئنافية ﴿ وَيْلٌ ﴾ مبتدأ ساغ الابتداء به لتضمنه معنى الدعاء والتهويل، اللام في ﴿ لِّلَّذِينَ ﴾ حرف جر للتبيين متعلّق بمحذوف في محلّ رفع خبر.

جملة ﴿ يَكْتُبُونَ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول وجملة ﴿ يَقُولُونَ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة، وقوله ﴿ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

﴿ مَا ﴾ في قوله ﴿ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ ... ﴾ بمعنى الذي أو نكرة موصوفة أو مصدرية.

قوله: ﴿ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ... ﴾، وجملة ﴿ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ لا محلّ لها أيضاً معطوفة على جملة ﴿ وَيْلٌ ... ﴾ الثانية.

فالوقف على ﴿ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ حسن، وعلى ﴿ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ حسن على استئناف ما بعده، والوقف على ﴿ يَكْسِبُونَ ﴾ كاف.


 

قوله تعالى:

﴿ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)

التطبيق:

الواو في قوله تعالى ﴿ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ... ﴾ حرف عطف أو استئناف و ﴿ إِلاّ ﴾ أداة حصر لا محلّ لها من الإعراب ﴿ أَيَّاماً ﴾ منصوب على الظرفية الزمانية متعلّق بـ ﴿ تَمَسَّنَا ﴾.

جملة ﴿ قَالُواْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الجملة المستأنفة في الآية قبلها. وجملة ﴿ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

قوله ﴿ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ ... ﴾ الهمزة في ﴿ أَتَّخَذْتُمْ ﴾ للاستفهام وهمزة الوصل محذوفة استغناء عنها بهمزة الاستفهام، وهو بمعنى: «جعلتم» المتعدية إلى مفعول واحد.

والفاء في قوله ﴿ فَلَن يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ ﴾ فصيحة لأنّها أفصحت عن شرط مقدّر التقدير «إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده...»، فجملة ﴿ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة وقوله ﴿ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ لَن يُخْلِفَ اللهُ ... ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط المقدّر، وجملة الشرط المقدرة وجوابها لا محلّ لها في حكم الجملة المعترضة واقعة بين الاستفهام ومعادله.

﴿ مَا ﴾ في قوله ﴿ أَمْ تَقُولُونَ ... ﴾ حرف عطف معادل للاستفهام فهي متصلة ويحتمل أن تكون منقطعة بمعنى «بَلْ» وكلاهما يفيدان التقرير والتوبيخ.

جملة ﴿ تَقُولُونَ ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ أَتَّخَذْتُمْ ... ﴾ إن كانت ﴿ مَا ﴾ متصلة، وهي مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب إن كانت ﴿ مَا ﴾ منقطعة.

فالوقف على ﴿ مَّعْدُودَةً ﴾ كافٍ، ولا يوقف على ﴿ عَهْدَهُ ﴾ لأنّ ما قبل ﴿ مَا ﴾ المتصلة وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر وهما بمنزلة حرف واحد، ويوقف عليه ويكون الوقف كافياً إن اعتبرنا ﴿ مَا ﴾ منقطعة، والوقف على ﴿ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ كافٍ.


قوله تعالى: ﴿ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ ...

﴿ بَلَى ﴾ حرف يثبت المجيبُ المنفي قبله، تقول: ما جاء زيد فيقول المجيب «بلى» أي: قد جاء ولهذا يصح أن تأتي بالخبر المثبت بعد «بلى» فتقول: بلى قد جاء، فإن قلت في جواب النفي «نعم» كان اعترافاً بالنفي وصحّ أن تأتي بالنفي بعده كقوله: ما جاء زيدٌ فتقول: نعم ما جاء زيدٌ (325).

﴿ مَن ﴾ اسم شرط جازم في محلّ رفع مبتدأ، والفاء في ﴿ فَأُوْلَئِكَ ﴾ رابطة لجواب الشرط ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ ثانٍ و ﴿ أَصْحَابُ ﴾ خبر وجملة ﴿ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ في محلّ رفع خبر عن ﴿ مَن ﴾، وجملة ﴿ مَن كَسَبَ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية، وجملة ﴿ كَسَبَ سَيِّئَةً ... ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ مَن ﴾ ويجوز أن يكون خبر ﴿ مَن ﴾ جملتي الشرط والجواب معاً، وجملة ﴿ أَحَاطَتْ بِهِ ... ﴾ في محل رفع معطوفة على جملة ﴿ كَسَبَ ... ﴾.

وجملة ﴿ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء، وجملة ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾، أو في محلّ نصب حال من ﴿ أَصْحَابُ ﴾ والعامل فيها معنى الإشارة وبعضهم اعتبر ﴿ مَن ﴾ في ﴿ مَن كَسَبَ ... ﴾ بمعنى الذي، وعلى هذا الوجه تكون ﴿ مَن ﴾ في محلّ رفع مبتدأ وجملة ﴿ كَسَبَ سَيِّئَةً ... ﴾ صلة الموصول لا محلّ لها، وجملة ﴿ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ مَن ﴾ وضمير الهاء في ﴿ وَأَحَاطَتْ بِهِ ... ﴾ يرجع إلى لفظ ﴿ مَن ﴾ وما بعده من الجمع يرجع إلى معناها ويدلّ على أن ﴿ مَن ﴾ بمعنى الذي المعطوف وهو قوله ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... (326).

فالوقف على ﴿ بَلَى ﴾ كافٍ وعلى ﴿ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ جائز وعلى ﴿ خَالِدُونَ ﴾ تامّ.


(325)  إملاء ما من به الرحمن للعكبري 1/46.

(326)  إملاء ما منَّ به الرحمن للعكبري 1/46.


قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ... ﴾: الواو في قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ ﴾ حرف عطف أو استئناف ﴿ الَّذِينَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ وجملة ﴿ آمَنُواْ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول، وكذا جملة ﴿ عَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ﴾ وهي معطوفة على صلة الموصول قبلها وقوله ﴿ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ... ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ الَّذِينَ ﴾، وجملة ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ في محل رفع خبر ثان لـ ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾، ويجوز أن تكون في محلّ نصب حال من ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ﴾ والعامل فيها معنى الإشارة.

فالوقف على ﴿ الصَّالِحَاتِ ﴾ قبيح فلو وقفنا على ﴿ الصَّالِحَاتِ ﴾ كنا قد أشركنا بينهم وبين أهل النار فانقلب المعنى.

والوقف على ﴿ الْجَنَّةِ ﴾ جائز على استئناف ما بعده والوقف على ﴿ خَالِدُونَ ﴾ تامّ.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (83)

التطبيق:

﴿ وَإِذْ ﴾ من قوله ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ ... ﴾ تقدم إعرابه كثيراً، جملة ﴿ أَخَذْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه وفي جملة ﴿ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ ﴾ أربعة أوجه من الإعراب:

أحدها: أنه جواب قسم دلّ عليه المعنى تقديره «قلنا لهم بالله لا تعبدون».

الثاني: أنّ «أنْ» مراده والتقدير «أخذنا ميثاق بني إسرائيل على أن لا تعبدوا إلاّ الله» فحذف حرف الجرّ ثم حذف «أنْ» فارتفع الفعل.

الثالث: أنّه في موضع نصب على الحال والتقدير «أخذنا ميثاقهم موحّدين».

الرابع: أن يكون لفظه لفظ الخبر ومعناه النهي والتقدير «قلنا لهم لا تعبدوا إلاّ الله» (327).

﴿ إِلاّ ﴾ في قوله ﴿ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ ﴾ أداة حصر لا عمل لها، لأنّ الفعل لم يستوف مفعوله ولفظ الجلالة ﴿ اللهَ ﴾ مفعول به لـ ﴿ تَعْبُدُونَ ﴾ فجملة ﴿ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ ﴾ لا محلّ لها جواب قسم لأنّ أخذ الميثاق قسم و ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ ﴾ متعلق بفعل محذوف تقديره «استوصوا»، ﴿ إِحْسَاناً ﴾ مفعول به للفعل المحذوف والجملة المقدرة «استوصوا بالوالدين إحسانا» في محل نصب مقول القول لقول مقدّر أي: قلنا استوصوا ...

وهناك آراء أخرى في متعلّق قوله ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ ﴾ وعامل انتصاب ﴿ إِحْسَاناً ﴾ لا مجال لذكرها لتراجع في كتب إعراب ومعاني القرآن.

﴿ حُسْناً ﴾ في قوله ﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ نائب عن المفعول المطلق وهو صفته تقديره «قولاً حسنا»، وجملة ﴿ قُولُواْ ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على الجملة المقدرة «استوصوا»، وجملة ﴿ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ ﴾ في محلّ نصب معطوفة على قوله ﴿ قُولُواْ ... ﴾ وكذا جملة ﴿ آتُواْ ... ﴾.

وقوله ﴿ تَوَلَّيْتُمْ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على كلام مستأنفٍ مقدر أي: فقبلتم ذلك الميثاق ثم توليتم. الواو في جملة ﴿ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ﴾ حالية والجملة في محلّ نصب حال.

فالوقف على ﴿ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللهَ ﴾ حسن وقيل كاف (328)، وقيل تام (329).

والوقف على ﴿ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ جائز ووصله أولى لأنّ ما بعده معطوف على ما قبله وعلى ﴿ حُسْناً ﴾ صالح ومثله ﴿ الصَّلاةَ ﴾ وكذا ﴿ الزَّكَاةَ ﴾ والوقف على ﴿ مِّعْرِضُونَ ﴾ كافٍ.


(327)  إملاء العكبري 1/47.

(328)  المكتفی للداني ص 168.

(329)  المقصد للأنصاري هامش منار الهدی ص 43.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)

التطبيق:

قوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ...

﴿ وَإِذْ ﴾ مرّ إعراب نظائرها في الآيات السابقة، جملة ﴿ أَخَذْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه.

وجملة ﴿ لا تَسْفِكُونَ ... ﴾ لا محلّ لها جواب قسم فأخذ الميثاق قسم كما مرّ في الآية السابقة وقيل مقول لقول مقدّر تقديره «قلنا».

وجملة ﴿ أَقْرَرْتُمْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة محذوفة مستأنفة أي: تفهّمتم ﴿ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ... ﴾.

وجملة ﴿ أَنتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ في محل نصب حال.

فالوقف على ﴿ مِّن دِيَارِكُمْ ﴾ حسن والوقف على ﴿ تَشْهَدُونَ ﴾ كافٍ على استئناف ما بعده.


قوله تعالى ﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ... عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾: ﴿ ثُمَّ ﴾ حرف عطف للتراخي، ﴿ أَنتُمْ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ، ﴿ هَؤُلاءِ ﴾ في موضع نصب بإضمار أعني.

وجملة ﴿ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ﴾ في محلّ رفع خبر وقيل هؤلاء منادى أي: يا هؤلاء (330)، فجملة النداء لا محلّ لها معترضة وقيل ﴿ هَؤُلاءِ ﴾ تأكيد لأنتم وقيل ﴿ هَؤُلاءِ ﴾ بمعنى «الذين»، و ﴿ تَقْتُلُونَ صلة له أي: أنتم الذين تقتلون أنفسكم، فعلى هذا يكون قوله ﴿ تَقْتُلُونَ ... ﴾ لا موضع له من الإعراب (331).

جملة ﴿ تُخْرِجُونَ ... ﴾ معطوفة على جملة ﴿ تَقْتُلُونَ ... ﴾ تتبعها في المحلّ وجملة ﴿ تَظَاهَرُونَ ... ﴾ في محلّ نصب حال من فاعل ﴿ تُخْرِجُونَ ﴾ أي: متعاونين عليهم. ﴿ أُسَارَى ﴾ في قوله ﴿ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى ﴾ منصوبة على الحال.

وجملة ﴿ يَأْتُوكُمْ ... ﴾ معطوفة على جملة ﴿ تَقْتُلُونَ ... ﴾ تتبعها في المحل.

الواو في قوله ﴿ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ ... ﴾ حالية ﴿ هُوَ ﴾ ضمير الشأن في محل رفع مبتدأ و ﴿ مُحَرَّمٌ ﴾ خبر مقدم لـ ﴿ إِخْرَاجُهُمْ ﴾، ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ متعلّق بـ ﴿ مُحَرَّمٌ ﴾، ﴿ إِخْرَاجُ ﴾ مبتدأ ثان وجملة ﴿ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ﴾ في محل رفع خبر لـ ﴿ هُوَ ﴾.

وجملة ﴿ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ﴾ في محلّ نصب حال.

فالوقف على ﴿ وَالْعُدْوَانِ ﴾ حسن.

الهمزة في قوله تعالى ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ ... ﴾ للإستفهام الإنكاري التوبيخي والفاء عاطفة أو استئنافية، وجملة ﴿ تُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدرة تقديرها «أتفعلون ذلك... » أو لا محلّ لها مستأنفة.

وجملة ﴿ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ تُؤْمِنُونَ ﴾.

والفاء في قوله ﴿ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ ... ﴾ استئنافية، وجملة ﴿ مَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

وجملة ﴿ يَفْعَلُ ذَلِكَ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَن ﴾ و ﴿ مِنكُمْ ﴾ متعلّقان بمحذوف في محلّ نصب حال من فاعل ﴿ يَفْعَلُ ﴾، ﴿ إِلا ﴾ أداة حصر، ﴿ خِزْيٌ ﴾ خبر لـ ﴿ جَزَاءُ ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ... ﴾ استئنافية و ﴿ يَوْمَ ﴾ ظرف زمان متعلّق بـ ﴿ يُرَدُّونَ ﴾ وجملة ﴿ يُرَدُّونَ ... ﴾ لا محل لها مستأنفة وكذا جملة ﴿ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.

فالوقف على ﴿ إِخْرَاجُهُمْ ﴾ كاف وعلى ﴿ بِبَعْضِ ﴾ كافٍ أيضاً وكذا ﴿ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ وأيضاً ﴿ أَشَدِّ الْعَذَابِ ﴾، والوقف على ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾ تامّ وتمامه على استئناف ما بعده ويكون جائزاً الوقف عليه إن جعل ما بعده صفة لما قبله.


(330)  مشكل إعراب القرآن للقيسي 1/102.

(331)  مجمع البيان للطبرسي 1/153.


 

قوله تعالى:

﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (86)

التطبيق:

قوله ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ... ﴾: ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ في محلّ رفع مبتدأ و ﴿ الَّذِينَ ﴾ في محلّ رفع خبر، ﴿ بِالآخِرَةِ ﴾ متعلق بـ ﴿ اشْتَرَوُاْ ﴾ بتضمينه معنى استبدلوا.

جملة ﴿ اشْتَرَوُاْ ... ﴾ لا محلّ لها صلة الموصول.

وجملة ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

الفاء في قوله ﴿ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ﴾ عاطفة للربط السببي، وجملة ﴿ لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.

﴿ لا ﴾ في جملة ﴿ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ زائدة لتأكيد النفي، وجملة ﴿ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ لا محل لها معطوفة على ﴿ لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ﴾.

فالوقف على ﴿ بِالآخِرَةِ ﴾ جائز والوقف على ﴿ يُنصَرُونَ ﴾ أتم ممّا قبله.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87)

التطبيق:

الواو في قوله ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ... ﴾ استئنافية واللام في ﴿ لَقَدْ ... ﴾ واقعة في جواب قسم محذوف، ﴿ قَدْ ﴾ حرف تحقيق، وجملة ﴿ آتَيْنَا ... ﴾ لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، وجملة ﴿ قَفَّيْنَا ﴾ لا محل لها معطوفة على جملة ﴿ آتَيْنَا ... ﴾.

جملة ﴿ آتَيْنَا ﴾ الثانية لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ آتَيْنَا ﴾ الأولى.

وجملة ﴿ أَيَّدْنَاهُ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ آتَيْنَا ﴾ الثانية.

الهمزة في قوله ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ ... ﴾ للاستفهام الإنكاري التوبيخي والفاء استئنافية، ﴿ كُلَّمَا ﴾ ظرفيّة حينيّة متضمنة معنى الشرط، وقد تعرب ﴿ كُلَّمَا ﴾ ظرف زمان متعلّق بـ ﴿ اسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ و ﴿ مَا ﴾ حرف مصدري والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ مضاف إليه.

وجملة ﴿ جَاءَكُمْ رَسُولٌ ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة ﴿ اسْتَكْبَرْتُمْ ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

﴿ فَرِيقاً ﴾ في قوله ﴿ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ ﴾ مفعول به مقدم للفعل ﴿ كَذَّبْتُمْ ﴾، وكذلك ﴿ فَرِيقاً ﴾ الثاني مفعول به لفعل ﴿ تَقْتُلُونَ ﴾، فجملة ﴿ كَذَّبْتُمْ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب وجملة ﴿ تَقْتُلُونَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب.

تقدم المفعول على ﴿ كَذَّبْتُمْ ﴾ و ﴿ تَقْتُلُونَ ﴾ للاهتمام به وإنما قال ﴿ تَقْتُلُونَ ﴾ - وإن كان الوَجْهُ «قتلتم» ليطابق ﴿ كَذَّبْتُمْ ﴾ - لأجل الفواصل، لأنّ فواصل الآيات كرؤوس الأبيات (332)، وكان في الكلام حذف أي: ففريقاً منهم كذبتم (333).

فالوقف على ﴿ بِالرُّسُلِ ﴾ حسن وقيل كافٍ وعلى ﴿ الْبَيِّنَاتِ ﴾ صالح والوقف على ﴿ الْقُدُسِ ﴾ كافٍ وعلى ﴿ اسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ صالح والوقف على ﴿ تَقْتُلُونَ ﴾ كافٍ وتام عند الأخفش (334).


(332)  البيان في إعراب القرآن لابن الأنباري 1/105.

(333)  إملاء العكبري 1/49.

(334)  القطع والائتناف لابن النحاس ص 154.


 

قوله تعالى:

﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (88)

التطبيق:

الواو في قوله ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ... ﴾ استئنافية، ﴿ قُلُوبُنَا ﴾ مبتدأ و ﴿ غُلْفٌ ﴾ خبر، وجملة ﴿ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ في محلّ نصب مقول القول، وجملة ﴿ قَالُواْ قُلُوبُنَا ... ﴾ لا محل لها مستأنفة.

﴿ بَل ﴾ حرف للإضراب، إضراب عن دعواهم وإثبات أنّ سبب جحودهم لعن الله إيّاهم عقوبة لهم.

﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ الباء للسببية والجار والمجرور متعلّقان بـ ﴿ لَّعَنَ ﴾ وقيل: النيّة به التقديم أي: وقالوا قلوبنا غلف بسبب كفرهم، ﴿ بَل لَّعَنَهُمُ اللهُ ﴾ معترض، ويجوز أن يكون ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ في موضع الحال من المفعول في ﴿ لَّعَنَهُمُ ﴾ أي: كافرين كما قال تعالى ﴿ وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ﴾ (المائدة/61) (335).

﴿ قَلِيلاً ﴾ في قوله ﴿ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ﴾ مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته، أي: يؤمنون إيماناً قليلاً، ويجوز أن يكون ظرفاً نائباً عن زمان محذوف أي: يؤمنون مدة قليلة أو زماناً قليلاً وقيل إنّه منصوب على الحال أي: يؤمنون وهم قليل.

﴿ مَّا ﴾ زائدة لتأكيد المعنى ولا معنى لها كما في قوله ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ ﴾ (آل عمران/159) وتقدير الكلام «فقليلاً يؤمنون»، وقيل إنَّ معنى ﴿ مَّا ﴾ هو أن يدلّ على غاية التنكير في الإسم وفرط الإبهام فيه كما يقال: أمرٌ ما، وشي‏ءٌ ما، إذا أُريد المبالغة في الإبهام (336).

وقيل: ﴿ مَّا ﴾ نافية أي: فما يؤمنون قليلاً ولا كثيراً ومثله ﴿ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ (الأعراف/10) و ﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ (الأعراف/3) (337).

جملة ﴿ لَّعَنَهُمُ اللهُ ﴾ لا محلّ لها استئنافية أو هي اعتراضية بين متعاطفين وجملة ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافية الثانية أو الأولى.

فالوقف على ﴿ غُلْفٌ ﴾ صالح لأنّ ﴿ بَل ﴾ إعراض عن الأول وتحقيق للثاني، والوقف على ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ جائز إن نصب ﴿ قَلِيلاً ﴾ بمصدر محذوف أي: فإيماناً قليلاً، أو نصب صفة لزمان محذوف أي: فزماناً قليلاً يؤمنون، وليس بوقف إن نصب حالاً من فاعل ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي: فجمعاً قليلاً يؤمنون (338) والوقف على ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ كافٍ.


(335)  إملاء العكبري 1/50.

(336)  مجمع البيان للطبرسي 1/157.

(337)  إملاء العكبري 1/50.

(338)  منار الهدی للأشموني ص 44.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنَزَلَ اللهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90)

التطبيق:

 قوله ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ ... ﴾ ﴿ لَمَّا ﴾ ظرف زمان مبنيّ بمعنى حين متضمن معنى الشرط متعلّق بالجواب و ﴿ مُصَدِّقٌ ﴾ نعت لـ ﴿ كِتَابٌ ﴾، اللام في ﴿ لِّمَا ﴾ حرف جر ﴿ مَا ﴾ في محلّ جر باللام متعلق بـ ﴿ مُصَدِّقٌ ﴾، ويجوز أن تكون اللام زائدة فاسم الموصول مفعول به في محلّ نصب لـ ﴿ مُصَدِّقٌ ﴾.

﴿ مَعَ ﴾ ظرف مكان منصوب متعلّق بفعل محذوف صلة ﴿ مَا ﴾.

وجملة ﴿ جَاءَهُمْ كِتَابٌ ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه لـ ﴿ لَمَّا ﴾ وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب الشرط الثاني تقديره «أنكروه» أو نحو ذلك.

الواو في قوله ﴿ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ ... ﴾ حالية وجملة ﴿ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ ﴾ في محل نصب حال بتقدير «قد».

الفاء في قوله ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ ... ﴾ حرف عطف، ﴿ لَمَّا ﴾ معطوفة وجملة ﴿ جَاءَهُمْ ... ﴾ في محل جرّ مضاف إليه، وجملة ﴿ كَفَرُواْ بِهِ ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم والجملة المكونة من الشرط وفعله وجوابه معطوفة على الجملة الأولى من الشرط وفعله وجوابه، لأنّها معطوفة على استئناف ما تقدم (339).

الفاء في قوله ﴿ فَلَعْنَةُ اللهِ ... ﴾ استئنافية وجملة ﴿ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ لا محلّ لها استئنافية، فالوقف على ﴿ لِّمَا مَعَهُمْ ﴾ ليس بوقف لأن الواو بعده للحال وكذا لا يوقف على ﴿ كَفَرُواْ ﴾، فالوقف على ﴿ كَفَرُواْ بِهِ ﴾ كاف على استئناف ما بعده والوقف على ﴿ الْكَافِرِينَ ﴾ تام.


(339)  الجداول للصافي 1/161.


قوله تعالى: ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ ... ﴾: ﴿ بِئْسَ ﴾ فعل ماضٍ لإنشاء الذم ﴿ مَا ﴾ نكرة موصوفة في محلّ نصب على التمييز لفاعل ﴿ بِئْسَ ﴾ هو المستتر بمعنى «بئس الشي‏ء شيئاً اشتروا».

﴿ أَن يَكْفُرُواْ ﴾: ﴿ أَن ﴾ حرف مصدري، والمصدر المؤول من ﴿ أَن ﴾ والفعل المضارع في محلّ رفع مبتدأ وخبره جملة ﴿ بِئْسَ ﴾، وهو المخصوص بالذمّ ويجوز أن يكون المصدر المؤول خبراً لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره «هو»، وجملة ﴿ بِئْسَ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

﴿ بَغْياً ﴾ في قوله ﴿ بِمَا أَنَزَلَ اللهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللهُ ... ﴾ مفعول لأجله أو مفعول مطلق لفعل محذوف، ﴿ أَن يُنَزِّلُ ... ﴾ مصدر مؤول في محلّ جر بحرف جرّ محذوف تقديره «على»، أن ينزّل أو لأن ينزّل متعلق بـ ﴿ بَغْياً ﴾.

جملة ﴿ اشْتَرَوْاْ ... ﴾ في محلّ نصب نعت لـ ﴿ مَا ﴾ ويجوز أن تكون ﴿ مَا ﴾ اسماً معرفة في محلّ رفع فاعل بئس والجملة بعده لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾.

﴿ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ الفاء حرف عطف وجملة ﴿ بَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف الاسمية «أن يكفروا بما أنزل الله بئسما اشتروا به أنفسهم».

﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ الواو استئنافية وجملة ﴿ لِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

فالوقف على ﴿ أَنفُسَهُمْ ﴾ تام إن جعل محلّ ﴿ أَن ﴾ وفعله رفعاً خبر مبتدأ محذوف أي: هو أن يكفروا أو جعل المصدر المؤول من ﴿ أَن ﴾ والفعل مبتدأ محذوف الخبر، وليس بوقف إن جعلت المصدر المؤول من أن والفعل مبتدأ وما قبلها خبراً كما أعربنا أو جعلت بدلاً من الضمير في ﴿ بِهِ ﴾ إن اعتبرنا ﴿ مَا ﴾ تامّة.

والوقف على ﴿ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ حسن و ﴿ عَلَى غَضَبٍ ﴾ كاف والوقف على ﴿ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ تامّ إذا كان الكلام بعده مستأنفاً.


 

قوله تعالى:

﴿ وَإذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (91)

التطبيق:

قوله ﴿ وَإذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ ... ﴾ الواو حرف عطف، ﴿ إذا ﴾ ظرف للمستقبل يتضمن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق بالجواب ﴿ قَالُواْ ... ﴾.

جملة ﴿ قِيلَ ... ﴾ في محلّ جر بإضافة ﴿ إذا ﴾ إليها، وجملة ﴿ آمِنُواْ ... ﴾ في محلّ رفع نائب فاعل.

وجملة ﴿ قَالُواْ ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم وجملة ﴿ نُؤْمِنُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

قوله: ﴿ وَيَكْفُرونَ ... ﴾ الواو حالية والجملة في محلّ نصب حال والعامل في الحال ﴿ قَالُواْ ﴾ ولا يجوز أن يكون العامل ﴿ نُؤْمِنُ ﴾ إذ لو كان كذلك لوجب أن يكون لفظ الحال «نكفر» أي: ونحن نكفر فالتقدير «قالوا نؤمن حال كونهم كافرين».

قوله ﴿ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾ في محلّ نصب حال من ﴿ مَا ﴾، ﴿ مُصَدِّقاً ﴾ حال مؤكدة، والعامل فيها ما في ﴿ الْحَقُّ ﴾ من معنى الفعل إذ المعنى وهو ثابت مصدقاً وصاحب الحال الضمير المستتر في الحق (340).

وجملة ﴿ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

الفاء في قوله ﴿ فَلِمَ تَقْتُلُونَ ... ﴾ رابطة لجواب شرط مقدّر و ﴿ مَا ﴾ هنا للاستفهام وحذفت ألفها مع حرف الجر للفرق بين الاستفهامية والخبرية، وقد جاءت في القرآن في مواضع أخرى منها ﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾ (النازعات/43) ﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ (النبأ/9) و ﴿ مِمَّ خُلِقَ ﴾ (الطارق/5).

﴿ تَقْتُلُونَ ﴾ وإن كان بلفظ الاستقبال فالمراد به الماضي وإنّما جاز ذلك لقوله ﴿ مِن قَبْلُ (341).

فجملة ﴿ فَلِمَ تَقْتُلُونَ ... ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط المقدر لاقترانها بالفاء، وجملة الشرط المقدرة والجواب في محلّ نصب مقول القول.

و ﴿ إِن ﴾ في قوله ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ حرف شرط جازم - يجوز أن تكون أداة نفي أي: ما كنتم مؤمنين - وجملة ﴿ كُنتُم ﴾ في محلّ جزم فعل الشرط وجواب الشرط محذوف دل عليه ما تقدم، التقدير «إن كنتم مؤمنين فلم قتلتم أنبياء الله».

فجملة ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ مع جوابها المحذوف لا محلّ لها تفسيرية.

فالوقف على كلمة ﴿ عَلَيْنَا ﴾ جائز، لأنّ ما بعده جملة مستأنفة للإخبار وكذا ﴿ بِمَا وَرَاءَهُ ﴾ لفصله بين الحكاية وبين كلام الله، قال السدي: ﴿ بِمَا وَرَاءَهُ ﴾ أي: القرآن (342).

والوقف على ﴿ لِّمَا مَعَهُمْ ﴾ كاف وقيل تام (343).

ولا يوقف على ﴿ مِن قَبْلُ ﴾، لأنّ ما بعده شرط، جوابه محذوف أي: إن كنتم آمنتم بما أنزل إليكم فلم قتلتم أنبياء الله، فهي جملة سيقت توكيداً لما قبله (344).

والوقف على ﴿ مُّؤْمِنِينَ ﴾ تام.


(340)  إملاء العكبري 1/51.

(341)  مجمع البيان للطبرسي 1/161.

(342)  منار الهدی للأشموني ص 44.

(343)  المكتفی للداني ص 168.

(344)  منار الهدی للأشموني ص 44.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (93)

التطبيق:

الواو في قوله ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ... ﴾ استئنافية واللام واقعة في جواب قسم محذوف أو لام التوكيد، ﴿ قَدْ ﴾ حرف تحقيق و ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ متعلّق بمحذوف حال من موسى تقديره «جاءكم موسى ذا بينات وحجة أو جاء ومعه البينات»، ويجوز أن يكون مفعولاً به أي: بسبب إقامة البينات.

وجملة ﴿ لَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى ... ﴾ لا محلّ لها جواب قسم محذوف أو استئنافية، وجملة ﴿ اتَّخَذْتُمُ ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ جَاءَكُم ﴾، و ﴿ الْعِجْلَ ﴾ مفعول به والمفعول الثاني محذوف تقديره «إله» وجملة ﴿ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ في محلّ نصب حال.

فالوقف على ﴿ ظَالِمُونَ ﴾ كافٍ وقيل تام (345).

وفي قوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ ... ﴾: الواو: عاطفة و ﴿ إِذْ ﴾ ظرف مبني في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره «اذكروا»، وقد مرّ إعرابه مراراً.

جملة ﴿ أَخَذْنَا ... ﴾ في محلّ جرّ مضاف إليه.

والواو في قوله ﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ... ﴾ حالية، والجملة بعدها في محلّ نصب حال بتقدير «قد».

وجملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾ في محلّ نصب مقول لقول محذوف تقديره «قلنا: خذوا...»، وجملة القول في محلّ نصب على الحال أي: قائلين لكم، وقيل جملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾ لا محل لها استئنافية.

وجملة ﴿ آتَيْنَاكُم ... ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾.

وجملة ﴿ اسْمَعُواْ ... ﴾ في محلّ نصب معطوفة على جملة ﴿ خُذُواْ ... ﴾.

وجملة ﴿ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة مسوقة لذكر سماعهم وعصيانهم في وقت واحد وتلك طبيعة متأصلة في اليهود.

جملة ﴿ سَمِعْنَا ﴾ في محلّ نصب مقول للقول ﴿ وَعَصَيْنَا ﴾ في محل نصب معطوفة على جملة ﴿ سَمِعْنَا ﴾.

العجل في جملة ﴿ وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ... ﴾ مفعول به ثان أصله «حُبَّ العجلِ» فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، لأنّ الذي يشربه القلب المحبة لا نفس العجل.

﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ الجار والمجرور متعلّق بـ ﴿ أُشْرِبُواْ ﴾ والباء سببيّة أي: بسبب كفرهم، ويجوز أن تكون ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ متعلّق بمحذوف حال أي: مختلطاً بكفرهم.

جملة ﴿ وَأُشْرِبُواْ ... ﴾ في محلّ نصب حال بتقدير «قد» والعامل فيه ﴿ قَالُواْ ﴾ أي: قالوا ذلك وقد أُشربوا. ويجوز أن يكون ﴿ وَأُشْرِبُواْ ... ﴾ مستأنفاً.

وقوله ﴿ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ ... ﴾ لا محلّ له مستأنف، وقيل جواب لقولهم ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾، ﴿ بِئْسَمَا ﴾ تقدم إعرابها في الآية 90.

وجملة ﴿ يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ ﴾ في محلّ نصب نعت لـ ﴿ مَا ﴾ والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره «عبادة العجل».

وقوله ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ شرط وفعله، وجواب الشرط محذوف تقديره «بئس ما يأمركم» ... أو «فلا تقتلوا أنبياء الله ولا تكذّبوا الرسل ولا تكتموا الحقّ» ... وجملة الشرط والجواب المحذوف لا محل لها استئنافية.

فالوقف على ﴿ الطُّورَ ﴾ جائز لأنّ ما بعده على إضمار القول أي: قلنا خذوا ... والوقف على ﴿ وَاسْمَعُواْ ﴾ حسن، وقيل: كاف، وعلى ﴿ وَعَصَيْنَا ﴾ صالح، والوقف على ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ حسن وقيل: كافٍ، والوقف على ﴿ مُّؤْمِنِينَ ﴾ تام.


(345)  المكتفی للداني ص 168.


 

قوله تعالى:

﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ (95)

التطبيق:

قوله ﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ ... ﴾ لا محلّ له كلام مستأنف.

وجملة ﴿ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول.

﴿ لَكُمُ ﴾ متعلّق بمحذوف خبر مقدم لكان - ويجوز أن يكون متعلّقاً بـ ﴿ خَالِصَةً ﴾ وهو الخبر - ﴿ عِندَ ﴾ ظرف مكان متعلّق ب ﴿ خَالِصَةً ﴾، و ﴿ خَالِصَةً ﴾ حال من الدار أي: سالمة، ﴿ مِّن دُونِ ﴾ متعلّقان بمحذوف حال مؤكّدة للحال لأنّ ﴿ دُونِ ﴾ تستعمل للاختصاص، يقال هذا لي دونك أو مِن دونك، أي: لا حقّ لك فيه (346).

الفاء في قوله ﴿ فَتَمَنَّوُاْ ﴾ واقعة في جواب الشرط لأنّ الكلام طلبي والجملة في محلّ جزم جواب الشرط.

﴿ إِن ﴾ في قوله ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ حرف شرط جازم وجملة ﴿ كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ لا محلّ لها استئنافية وهي قيد للشرط الأول ﴿ إِن كَانَتْ لَكُمُ ... ﴾ وجوابها محذوف دل عليه الجواب الأول ﴿ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ ﴾.

فالوقف على ﴿ صَادِقِينَ ﴾ تامّ.


(346)  إعراب القرآن وبيانه لمحيی الدين الدرويش 1/149.


قوله تعالى: ﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ... ﴾: الواو: استئنافية و ﴿ لَن ﴾ حرف نفي ونصب واستقبال ﴿ أَبَداً ﴾ ظرف زمان منصوب متعلّق ب ﴿ يَتَمَنَّوْهُ ﴾ والجملة لا محلّ لها استئنافية.

وجملة ﴿ قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾ الموصول ويجوز أن يكون ﴿ مَا ﴾ حرفاً مصدرياً والمصدر المؤوّل في محلّ جر أو نكرة موصوفة والجملة بعده في محلّ جر نعت له.

قوله ﴿ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ ﴾ الواو استئنافية والجملة لا محلّ لها مستأنفة.

فالوقف على ﴿ أَيْدِيهِمْ ﴾ كاف والوقف على ﴿ بِالظَّالِمينَ ﴾ تام.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)

التطبيق:

اللام في قوله ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ... ﴾ لام القسم والنّون في ﴿ َتَجِدَنَّهُمْ ﴾ للتأكيد والجملة لا محلّ لها جواب قسم مقدر تقديره «والله لتجدنّهم». ﴿ أَحْرَصَ ﴾ مفعول به ثانٍ لـ ﴿ َتَجِدَنَّهُمْ ﴾، ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ ... ﴾ الواو عاطفة والعطف هنا محمول على المعنى والتقدير «أحْرَصَ مِنَ الذينَ أشركوا» ولكنه حذف ﴿ أَحْرَصَ ﴾ للتخصيص بعد التعميم (347).

في جملة ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ المصدر المؤول من ﴿ لَوْ ﴾ والفعل بعده في محلّ نصب مفعول به لـ ﴿ يَوَدُّ ﴾ وجملة ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ ... ﴾ لا محلّ لها استئنافية بيانية، أو في محلّ نصب من الهاء في ﴿ َتَجِدَنَّهُمْ ﴾.

الواو في ﴿ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ ... ﴾ استئنافية، و ﴿ مَا ﴾ نافية حجازية عاملة عمل ليس، ﴿ هُوَ ﴾ في محلّ رفع اسم ﴿ مَا ﴾، الباء حرف جر زائدة ﴿ مُزَحْزِحِ ﴾ مجرور لفظاً منصوب محلاً خبر ﴿ مَا ﴾ و ﴿ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ متعلّق بـ ﴿ مُزَحْزِحِ ﴾.

المصدر المؤوّل من ﴿ أَن ﴾ و ﴿ يُعَمَّرَ ﴾ في محلّ رفع فاعل ﴿ مُزَحْزِحِ ﴾ أي: ما هو بمزحزحه تعميره. ويجوز أن يكون المصدر المؤوّل بدلاً من الضمير ﴿ هُوَ ﴾ إذا كان دالاً على التعمير، وجملة ﴿ مَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ لا محلّ لها استئنافية، ويجوز أن تكون الواو حالية والجملة في محلّ نصب حال من ﴿ أَحَدُهُمْ ﴾.

الواو في قوله ﴿ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ إستئنافية والجملة لا محلّ لها مستأنفة.

جملة ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ لا محلّ لها صلة ﴿ مَا ﴾ الموصول، ويجوز أن يكون ﴿ مَا ﴾ حرفاً مصدرياً والمصدر المؤوّل من ﴿ مَا ﴾ والفعل بعده في محلّ جر بالباء أو نكرة موصوفة في محل جرّ والجملة بعدها في محل جرّ نعت.

فالوقف على ﴿ أَشْرَكُواْ ﴾ تام وقيل كاف، كلاهما بناء على جعله معطوفاً على ما قبله أي: أحرص من الذين أشركوا، وإن جعل متعلّقاً بما بعده، فالوقف على ﴿ حَيَاةٍ ﴾ تامّ، أمّا الوقف على ﴿ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ فهو حسن وقيل: كافٍ لأنّ ما بعده يصلح أن يكون مستأنفاً وحالاً، والوقف على ﴿ أَن يُعَمَّرَ ﴾ أحسن من قبله وعلى ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ تام (348).


(347)  إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين الدرويش 1/152.

(348)  منار الهدی للأشموني ص 45.


 

قوله تعالى:

﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَن كَانَ عَدُوّاً ِللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98)

التطبيق:

جملة ﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ... ﴾ لا محلّ لها مستأنفة.

قوله ﴿ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ... ﴾ في محلّ نصب مقول القول، ﴿ مَن ﴾ اسم شرط في محلّ رفع مبتدأ،﴿ كَانَ ﴾ مبني على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، وجملة ﴿ كَانَ عَدُوّاً ﴾ في محلّ رفع خبر المبتدأ ﴿ مَن ﴾ وجواب الشرط محذوف تقديره « فليمُتْ غيظاً».

﴿ لِّجِبْرِيلَ ﴾ متعلّق بعدوّ أو متعلّق بمحذوف في محلّ نصب نعت لـ ﴿ عَدُوّاً ﴾، الفاء في قوله ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ ... ﴾ تعليليّة والجملة بعده لا محلّ لها تعليلية، الهاء في قوله ﴿ فَإِنَّهُ ﴾ تعود إلى جبرائيل والهاء في ﴿ نَزَّلَهُ ﴾ تعود إلى القرآن وإن لم يجرِ له ذكر لدلالة الحال لأنّه قد علم أنّه يعنيه، و ﴿ مُصَدِّقاً ﴾ حال من الضمير ( هُ ) في ﴿ نَزَّلَهُ ﴾، ﴿ لِّمَا ﴾ اللام حرف جر، و ﴿ مَا ﴾ اسم موصول في محلّ جر، متعلّق بـ ﴿ مُصَدِّقاً ﴾، ﴿ بَيْنَ ﴾ ظرف مكان متعلّق بفعل محذوف لا محلّ له صلة ﴿ مَا ﴾ الموصول.

الواو في ﴿ وَهُدىً وَبُشْرَى ... ﴾ عاطفة ﴿ هُدىً ﴾ معطوفٌ على ﴿ مُصَدِّقاً ﴾ وكذا ﴿ وَبُشْرَى ﴾.

فالوقف على ﴿ يَدَيْهِ ﴾ حسن إن رفعت، ﴿ هُدىً ﴾ خبر لمبتدأ محذوف فلا يوقف على ﴿ يَدَيْهِ ﴾ إن عطفت ﴿ هُدىً ﴾ على ﴿ مُصَدِّقاً ﴾.

أمّا الوقف على ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ فتامّ وقيل كافٍ.


قوله تعالى: ﴿ مَن كَانَ عَدُوّاً ِللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ ... ﴾ لا محلّ له كلام مستأنف.

وجملة ﴿ كَانَ عَدُوّاً ِللهِ ... ﴾ في محلّ رفع خبر ﴿ مَن ﴾ والفاء رابطة لجواب الشرط.

وجملة ﴿ إِنَّ اللهَ عَدُوٌّ ... ﴾ في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.

فالوقف على ﴿ وَمِيكَالَ ﴾ ليس بوقف لأنّ جواب الشرط لم يأتِ والوقف على ﴿ لِّلْكَافِرِينَ ﴾ تام وقيل: كاف (349).


(349)  المكتفی للداني ص 169.


 

قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)

التطبيق:

قوله ﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ ...

الواو استئنافية، اللام لام القسم لقسم مقدّر، ﴿ قَدْ ﴾ حرف تحقيق، وهي تستعمل لأحد أمرين: أحدهما لقوم يتوقّعون الخبر والآخر لتقريب الماضي من الحال، وهي هنا مع لام القسم على تقدير «قوم يتوقّعون الخبر» لأنّ الكلام إذا خرج ذلك المخرج كان أوكد وأبلغ (350).

وقوله ﴿ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ (الكتاب)... ﴾ لا محلّ له جواب قسم.

وجملة ﴿ مَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا ... ﴾ لا محلّ لها معطوفة على جملة ﴿ أَنزَلْنَا ... ﴾ فالوقف على ﴿ بَيِّنَاتٍ ﴾ كاف وعلى ﴿ الْفَاسِقُونَ ﴾ تامّ للاستفهام بعده.


(350)  مجمع البيان للطبرسي 1/168.


قوله تعالى: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ ... ﴾ الواو للعطف والهمزة قبلها للاستفهام على معنى الإنكار، والعطف هنا على معنى الكلام المتقدّم في قوله ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ ﴾ (البقرة/ 87) وما بعده.

﴿ كُلَّمَا ﴾ ظرفية حينيّة شرطية متعلّقة بالجواب.

﴿ عَهْداً ﴾ مصدر من غير لفظ الفعل المذكور ويجوز أن يكون مفعولاً به ثان بتضمين ﴿ عَاهَدُواْ ﴾ معنى «أعطوا» والمفعول الأول محذوف أي: عاهدوا الله عهداً.

جملة ﴿ عَاهَدُواْ عَهْداً ... ﴾ في محلّ جر مضاف إليه، وجملة ﴿ نَّبَذَهُ فَرِيقٌ ... ﴾ لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

﴿ بَلْ ﴾ في قوله ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ حرف إضراب وابتداء وجملة ﴿ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ لا محلّ لها استئنافية.

فلا يوقف على ﴿ عَهْداً ﴾ لأنّ ﴿ نَّبَذَهُ ... ﴾ جواب لما قبله.

أما الوقف على ﴿ فَرِيقٌ مِّنْهُم ﴾ فهو جائز وعلى ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ تامّ وقيل: كافٍ (351).


(351)  ن.م. أيضاً.


وبهذه الآية الكريمة نكتفي في قسم التطبيق آمل أن يوفقني الله تعالی ليتعرف القرّاء الأعزاء والمتخصصين الأفاضل في هذا العلم الشريف لإيضاح موارد الوقف والابتداء في القرآن الكريم ليكون لي ذخراً يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتی الله بقلب سليم.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وسلام علی عباده الذين اصطفی محمد وآله الطاهرين.

 


 

ثبت المصادر والمراجع

- القرآن الكريم

- الآلوسي أبو الفضل شهاب الدين محمود (ت 1270هـ) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، إدارة الطباعة المنيرية دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان لا.ت.

- الأشموني أحمد بن محمد بن عبد الكريم من أعيان القرن الحادي عشر الهجري، منار الهدى في الوقف والابتداء ط. الثانية مطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر سنة 1393هـ/ 1973م.

- الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم (ت 328هـ)، كتاب إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، تحقيق محيي الدين عبد الرحمن رمضان مطبوعات مجمع اللغة العربية - دمشق سورية سنة 1390هـ/ 1971م.

- الأنباري أبو البركات عبد الرحمن بن محمد (ت 577هـ)، البيان في غريب إعراب القرآن تحقيق الدكتور طه عبد الحميد طه، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر القاهرة 1389هـ/ 1969م.

- الأنصاري شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا (ت 926هـ)، المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء طبع بهامش كتاب منار الهدى في الوقف والابتداء للأشموني مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر 1393هـ/ 1973م.

- الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى (279هـ)، الجامع الصحيح، تحقيق كمال يوسف الحوت دار الكتب العلمية - بيروت لبنان لا.ت.

- الجرجاني علي بن محمد (ت 793هـ)، التعريفات ط. الأولى المطبعة الخيرية المنشأة بجمالية مصر سنة 1306هـ.ق.

- ابن الجزري أبو الخير محمد (ت 823هـ)، طيبة النشر في القراءات العشر مراجعة وتحقيق الشيخ علي محمد الضبّاع ط. الأولى مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر سنة 1369هـ/ 1950م.

- غاية النهاية في طبقات القراء. عني بنشره المستشرق ج. برجستر ط. الأولى، القاهرة مصر سنة 1352هـ/ 1933م وط. الثالثة دار الكتب العلمية - بيروت لبنان 1402هـ/ 1982م.

- النشر في القراءات العشر تصحيح ومراجعة شيخ المقاري المصرية علي محمد الضبّاع، دار الكتاب العربي - القاهرة مصر لا.ت.

- ابن الحاجب أبو عمرو عثمان (ت 646هـ) الأمالي النحوية، تحقيق الدكتور عدنان صالح مصطفى ط. الأولى، دار الثقافة، قطر سنة 1406هـ/ 1986م.

- الحر العاملي محمد بن الحسين (1104هـ) وسائل الشيعة ط. الرابعة، دار إحياء التراث العربي - بيروت لبنان سنة 1391هـ.

- الحصري محمود خليل (ت 1401هـ) أحكام قراءة القرآن سلسلة دراسات في الإسلام المجلس الاعلى للشؤن الإسلامية - القاهرة- لا.ت.

- معالم الاهتداء في الوقف والابتداء، سلسلة دراسات في الإسلام، المجلس الاعلى للشؤن الإسلامية القاهرة - لا.ت.

- ابن خالويه أبو عبد الله الحسين بن أحمد (ت 370هـ)، إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم مطبعة دار الكتب المصرية - القاهرة مصر- سنة 1360هـ/ 1941م.

- الخوئي أبو القاسم الموسوي، البيان في تفسير القرآن ط. الثانية مطبعة الأدب، النجف الاشرف، العراق - سنة 1385هـ/ 1966م.

- الداني أبو عمرو عثمان (ت 444هـ)، المكتفى في الوقف والابتداء دراسة وتحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ط. الأولى، مؤسسة الرسالة - بيروت لبنان سنة 1404هـ/1984م.

- الدرويش محيي الدين، إعراب القرآن الكريم وبيانه ط. الأولى دار ابن كثير- دمشق سورية سنة 1408هـ/ 1988م.

- الذهبي شمس الدين أبو عبد الله محمد (ت 748هـ)، ط. الثالثة مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد الدكن - الهند - سنة 1376هـ/ 1957م.

- الزجاج أبو اسحاق إبراهيم (ت 311هـ)، معاني القرآن تحقيق الدكتور عبد الجليل عبده شلبي ط. الأولى عالم الكتب - بيروت لبنان - سنة 1408هـ/ 1988م.

- الزركشي بدر الدين محمد (ت 794هـ)، البرهان في علوم القران ط. الأولى دار الفكر- بيروت لبنان- سنة 1408هـ/ 1988م.

- الزعبي محمد عفيف، إعراب مئة آية من سورة البقرة ط. الثانية - نشر أدب الحوزة قم. إيران- لا.ت.

- الزمخشري جار الله محمود بن عمر (ت 528هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، نشر أدب الحوزة- قم. إيران - لا.ت.

- السخاوي أبو الحسن علي (ت 643هـ)، جمال القراء وكمال الإقراء تحقيق الدكتور عبد الكريم الزبيدي ط. الأولى دار البلاغة - بيروت لبنان - 1413هـ/ 1993م.

- السيوطي جلال الدين عبد الرحمن (ت 851هـ)، الإتقان في علوم القرآن تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. افست منشورات رضي بيدار عزيزي - قم. إيران- لا.ت.

- الشاطبي القاسم بن فيّرة (ت 590هـ) حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع. ضبط وتصحيح علي محمد الضبّاع مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة مصر - سنة 1355هـ/ 1937م.

- الشرتوني سعيد الخوري، أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد. مطبعة مرسلي اليسوعية - بيروت لبنان- 1889م.

- الشوكاني محمد بن علي (ت 1255هـ)، نيل الأوطار من أحاديث سير الأخيار (شرح منتقى الاخبار) ط. الأولى دار الجيل بيروت سنة 1412هـ.

- الصافي محمود، الجداول في إعراب القرآن وصرفه ط. الثانية مؤسسة الإيمان بيروت لبنان سنة 1409هـ/ 1988م.

- الصفاقسي إبراهيم محمد (ت 742هـ)، المجيد في إعراب القرآن المجيد تحقيق موسى محمد زنين ط. الأولى - منشورات كلية الدعوة الإسلامية ولجنة الحفاظ على التراث الإسلامي الجماهيرية العظمى - لبنان طرابلس سنة 1401هـ/ 1992م.

- الصفاقسي ولي الله سيدي علي النوري، غيث النفع في القراءات السبع طبع بهامش سراج القاري المبتدي وتذكار المقري المنتهى للقاصح بن القاسم علي بن عثمان ط. الثالثة مطبعة مصطفى الحلبي واولاده - القاهرة مصر- سنة 1373هـ/ 1954م.

- الضبّاع علي محمد، الإضاءة في بيان أصول القراءة، ملتزم الطبع والنشر عبد الحميد أحمد حنفي القاهرة مصر لا.ت.

- الطبرسي أبو علي الفضل بن الحسن (ت 548 هـ)، مجمع البيان في تفسير القرآن تصحيح أبو الحسن الشعراني ط. الخامسة درا الكتب الإسلامية، طهران إيران - سنة 1395هـ.ق

- الطويل الدكتور سيد رزق، في علوم القراءات ط. الأولى المكتبة الفيصلية، مكة المكرمة سنة 1405هـ/ 1985م.

- العطار المرحوم الدكتور داوود. التجويد وأدب التلاوة ط. الثانية نشر بنياد بعثت - طهران إيران سنة 1404هـ.ق.

- العكبري أبو البقاء عبد الله بن الحسين (ت 616هـ)، إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه إعراب والقراءات في جميع القرآن تصحيح وتحقيق إبراهيم عطوه عوض ط. الثانية مطبعة مصطفى الحلبي وأولاده - القاهرة مصر سنة 1389هـ/ 1969م.

- الفرّاء أبو زكريا يحيى بن زياد (ت 207هـ)، معاني القرآن تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار المكتبة ناصر خسرو- طهران إيران - لا.ت.

- قابل نصر عطيّة، غاية المريد في علم التجويد ط. الرابعة دار الحرمين - القاهرة مصر سنة 1414هـ/ 1994م.

- القاضي عبد الفتاح محمود (ت 1403هـ)، الوافي شرح على الشاطبية ط. الثالثة مكتبة الدار، المدينة المنورة سنة 1411هـ/ 1990م.

- القرطبي أبو عبد الله محمد (ت 671هـ) الجامع لأحكام القرآن ط. الثالثة دار الكاتب العربي للطباعة والنشر- القاهرة مصر/ 1387هـ.

- قطب السيد، في ظلال القرآن ط. الثانية - دار إحياء الكتب العربية - القاهرة مصر- لا.ت.

- القفطي جمال الدين ابن الحسن علي أنباه الرواة على أنباه النحاة تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ج3 طبعة دار الكتب المصرية القاهرة 1374هـ/ 1955م.

- قمحاوي محمد الصادق، البرهان في تجويد القرآن، الدار السودانية للكتب، الخرطوم السودان - سنة 1414هـ/ 1993م.

- القيسي أبو محمد مكي بن أبي طالب (ت 437هـ) تحقيق حاتم صالح الضامن ط. الأولى دار الحرية للطباعة بغداد. العراق سنة 1395هـ/ 1975م.

- الكليني أبو جعفر محمد (ت 328هـ) الأصول من الكافي ط. الثالثة دار الكتب الإسلامية طهران إيران سنة 1388هـ.

- مجمع اللغة العربية بمصر، معجم ألفاظ القرآن الكريم ط. الثانية المطبعة الثقافية القاهرة مصر سنة 1390هـ/ 1970م.

- المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (ت 676هـ)، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ط. الثانية دار الأضواء بيروت 1403هـ/ 1983م.

- نصر مكي، نهاية القول المفيد في علم التجويد - المكتبة العلمية - لاهور. الهند- لا.ت.

- محيسن الدكتور محمد سالم، الكشف عن أحكام الوقف والوصل في العربية ط. الأولى دار الجيل - بيروت لبنان - 1412هـ/ 1992م.

- ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ت 711هـ) لسان العرب ط. الثانية - افست - نشر أدب الحوزة - قم. إيران - سنة 1405هـ.

- النحاس أبو جعفر أحمد (ت 338هـ)، القطع والائتناف تحقيق الدكتور أحمد خطاب العمر ط. الأولى مطبعة العاني بغداد. العراق 1398هـ/ 1978م.

- النسفي أبو البركات عبد الله بن أحمد (ت 710هـ)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل بهامش تفسير الخازن ج3، دار المعرفة - بيروت لبنان - لا.ت.

- ابن النديم أبو الفرج بن اسحاق (ت 390هـ)، الفهرست المطبعة الرحمانية - مصر القاهرة - لا.ت.

- ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين (ت 761هـ)، إعراب القرآن الكريم من مغني اللبيب اعداد: أيمن عبد الرزاق الشوّا، دار ابن كثير - دمشق سورية - 1416هـ/ 1995م.

- ابن يعيش موفق الدين يعيش بن علي (ت 643هـ) شرح المفصل، عالم الكتب - بيروت لبنان - ومكتبة المتنبي - القاهرة مصر- لا.ت.