تفسير سورة الأحزاب

 

 جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد

 - بيروت - لبنان

الطبعة الأولى، ذو الحجة 1438هـ // 2016م

فهرس الكتاب

الجزء الأول

الجزء الثاني

تفسير الآيات

 الآية 36 الآية 37  الآية 38 الآية 39
 الآية 40 الآيتان 41 و 42  الآية 43 الآية 44
الآيتان 45 و 46 الآيتان 47 و 48   الآية 49 الآية 50
الآية 51 الآية 52 الآية 53 الآية 54
 الآية 55 الآية 56 الآية 57 الآية 58
  الآية 59 الآية 60  الآيتان 61 و 62 الآية 63
 الآيتان 64 و 65 الآية 66  الآية 67 الآيتان 68 و 69
 الآيتان 70 و 71 الآية 72  الآية 73


 


 


الآية (36)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (36)

 


• لو التزم المسلمون بهذه الآية لما قدموا أحداً على علي (عليه السلام) بعدما نصّبه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) خليفته بأمر من المولى تعالى في (غدير خم) حيث قال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه».

• تعد هذه الآية مرتكزاً وأساساً للآية التالية التي ستأتي، وهي كسر السنن الخاطئة، من هنا لا يحق للناس أن يعملوا بأذواقهم وآرائهم الخاصة في مقابل المولى تعالى وتعاليمه.

• هذه الآية تبين أن ليس لأي إنسان اختيار في مقابل التعاليم والأوامر الإلهية، فهل يحق للمريض أن يعترض على الطبيب بعد تشخيص مرضه ووصف العلاج الناجع له؟ «كذلك فإنّ المولى تعالى منعنا من الاختيار الحر طبقاً لميولنا وأهوائنا الشخصية في مقابل أوامره وتعاليمه، لأن المولى أخبر وأعلم بسعادتنا ومصلحتنا من أنفسنا. جاء في الروايات عن رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (يا عباد الله أنتم كالمرضى ورب العالمين كالطبيب .. ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين) (19) .

• إن محورية الله تعالى هي الحاكمة على الديمقراطية والحاكمة على الناس، في نظام الحكومة الدينية، لأن رأي الناس قيم ما دام لم يخالف حكم الله تعالى.
 

 


1- إن جميع السنن والنظم الوضعية والعمر والعلم والعِرْق والقوة والثروة والشهرة والقبيلة والمؤسسات للدولية ومجالس الأمن وغيرها ليست سبباً في إيجاد الحق مقابل القانون الإلهي ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ.

2- علامة الإيمان التعبد في مقابل الله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ﴾.

3- لا يوجد أي فرق أو اختلاف بين المرأة والرجل في التسليم والتعبد ﴿ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ﴾.

4- كل من يأت بقانون مقابل قانون الله تعالى وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّما سيُشكُّ في إيمانه ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ﴾.

5- إن أوامر الرسول مثل الأوامر الإلهية واجبة الإجراء ﴿ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾.

6- الله سبحانه ورسوله لهما الولاية الكاملة على أمور الناس ﴿ قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً ﴾.

7- الاجتهاد في مقابل النّص ممنوع (عندما يتضح الحكم الالهي ويظهر فلا يحق لأحد أن يبدي رأيه في المقابل) ﴿ وَمَا كَانَ - لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾.

8- إن حرية الإنسان تكون في إطار القوانين الإلهية، وليست خارجة منها ﴿ وَمَا كَانَ - لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾.

9- العقل يجب أن يتبع الوحي، والذوق يجب أن يتبع التكليف ﴿ وَمَا كَانَ - لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾.

10- كل اختيار ورأي ونظرية مخالفة لقانون الله تعالى ورسوله وقضائهما إنّما هي معصية وانحراف سافر ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ .. ضَلَالاً مُّبِيناً ﴾.


 


الآية (37)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37)

 

 

• «الأدعياء» جمع «دعي» أي الابن المتبنى، و «الوطر» هو الحاجة المهمة.

• قال أكثر المفسرين والمؤرخين إن هذه الآية نزلت في زيد بن حارثة، وكان زيد عبداً فوهبته خديجة (عليها السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم حرره رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تبناه الرسول بعدما طردته قبيلته ولم تقبله، أسلم زيد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحسن إسلامه وكان قائد جيش المسلمين في معركة مؤته. وقد استشهد في تلك الواقعة. وكانت زينب بنت جحش الأسدية بنت أميمة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله فخطبها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، على مولاه زيد بن حارثة ورأت أنه يخطبها لنفسه فلما عرف أنه يخطبها على زيد أبت وأنكرت، وقالت أنا ابنة عمتك فلم أكن لأفعل، وكذلك قال أخوها عبد الله بن جحش فنزلت الآية المباركة لتأديب الناس وبيان عظم شأن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قرنه الله سبحانه بذاته العليّة في كتابه في أن الناس مسلوبي الاختيار في مقام أمره ونهيه ورضاه بشيء يريده، كما أنه كذلك الأمر بالنسبة إليه تعالى.

قيل إن زينب كانت شريفة فزوجها رسول الله من زيد مولاه ولحقها بذلك بعض العار، فأراد أن يزيدها شرفاً بأن يتزوجها، فعزم أن يتزوج بها إذا فارقها، وقيل إن العرب كانوا يُنزلون الأدعياء منزلة الأبناء في الحكم، فأراد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبطل ذلك بالكلية وينسخ سنة الجاهلية، فكان يخفي في نفسه تزويجها لهذا الغرض كيلا يقول الناس إنه تزوج بامرأة ابنه ويقرفونه بما هو منزه عنه، ولهذا قال «أمسك عليك زوجك» عن أبي مسلم. ويشهد لهذا التأويل قوله فيما بعد «فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهم وطرا» ومعناها: فلما قضى زيد حاجته من نكاحها فطلقها، وانقضت عدّتها، ولم يكن في قلبه ميل إليها ولا وحشة من فراقها، فإن معنى القضاء هو الفراغ من الشيء على التام «زوجناكها» أي أذنا لك في تزويجها، وإنما فعلنا ذلك توسعة على المؤمنين حتى لا يكون عليهم إثم في أن يتزوجوا أزواج أدعيائهم الذين تبنوهم إذا قضى الأدعياء منهن حاجتهم وفارقوهن، فبيّن سبحانه أن الغرض في ذلك في أن لا يجري المتبني في تحريم امرأته إذا طلقها على المتبني مجرى الابن من النسب والرضاع في تحريم امرأته اذا طلقها على الأب «وكان أمر الله مفعولا» أي كائناً لا محالة وفي الحديث أن زينب كانت تفتخر على سائر نساء النبي وتقول: زوجني الله من النبي، وأنتن إنّما زوجكنّ أولياؤكن.

• والتعبير بـ زوجناكها دليل على أن هذا الزواج كان زواجاً بأمر الله، ولذلك ورد في التواريخ أن زينب كانت تفتخر بهذا الأمر على سائر زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت تقول؛ زوجكن أهلوكن وزوجني الله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم يكن أمراً عادياً بسيطاً، بل كان يرمي إلى أهداف كان لها أثرها في مصير دينه.

• وفي العيون؛ في باب مجلس الرضا (عليه السلام) عند المأمون، مع أصحاب المال - في حديث يجيب فيه عن مسألة علي بن الجهم في عصمة الأنبياء.
قال: وأما محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وقول الله عز وجل: «وتخفي في نفسك ما الله مبدي - وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه » فإن الله عز وجل - عرف نبيه من أسماء أزواجه في دار الدنيا - وأسماء أزواجه في دار الآخرة وأنهن أمهات المؤمنين - وإحدى من سُمّين له زينب بنت جحش - وهي يومئذٍ تحت زيد بن حارثة - فأخفى (صلى الله عليه وآله وسلم) اسمها في نفسه - ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين: إنه قال في امرأة في بيت رجل: إنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، وخشي قول المنافقين.
قال الله عز وجل: «وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه «يعني في نفسك» (20) .

• لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راغباً في الزواج من زينب، لذلك أوصى زيداً، بأن يمسك زوجته وأن لا يطلقها، ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ .. زَوَّجْنَاكَهَا ﴾.

• بالنظر الى الآيتين السابقتين، نجد ان المبلغ الرباني. لا يخاف أحداً الا الله تعالى ﴿ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾، والخشية هنا في ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ ﴾ هو من الجو الذي قد يضعه الناس لضرب رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهدافها.

 


1- الأنبياء مرجع للناس ومشاكلهم وتساؤلاتهم، فزيد بن حارثة كان يراجع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في شأن طلاق زوجته، والرسول كان يقول له: اصبر ﴿
وَإِذْ تَقُولُ ﴾.

2- الله تعالى والرسول هم أولياء نعمنا ﴿ أَنْعَمَ اللَّهُ - وَأَنْعَمْتَ ﴾.

3- عند بيان النعم -بداية- يجب إظهار النعم المعنوية والإلهية، ثم بعد ذلك النعم المادّية والدنيوية ﴿ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ والمراد هنا نعمة الهداية وإسلام زيد. ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ وهي تعني عتق زيد من العبودية.

4- الإسلام والحرية نعمتان كبيرتان ﴿ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾، والتوفيق إلى الإسلام ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ التحرر من العبودية.

5- إذا أردت أن تذكر صفة لشخص بدلاً من اسمه، فعليك ذكر أفضل صفاته ﴿ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾.

6- إذا اشتكى أحد الأزواج عندك فلا تقترح الانفصال فوراً ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾ لأن الإسلام يحبذ رأب صدع الأسرة.

7- في مسألة الأمر بالمعروف يجب الاستفادة من العاطفة والتقوى ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾.

8- التقوى سبب في تقوية العلاقة الأسرية ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾.

9- ولاية النعمة توجد حق الأمر والنهي ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ - أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾.

10- لازمة الشدة والولاية محاربة الأفكار الفاسدة والمنحرفة حتى ولو كانت بنت أفكار عموم الناس ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾.

11- لا يجب الخوف من ضوضاء الناس وقيلهم في كسر العادات الاجتماعية الخاطئة ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾.

12- لا يجب انتظار تأييد المجامع الأممية في تنفيذ الأحكام الإلهية ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾.

13- ليس كل طلاق دليله المعاندة ونشوز المرأة (إن عدم حب المرأة للرجل ليس دليلاً على عدم تمكينه من نفسها) ﴿ قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً ﴾.

14- الزواج حاجة إنسانية مهمة للبشر ﴿ وَطَراً ﴾.

15- ذكر العلاقة الجنسية يكون بالكناية ﴿ وَطَراً ﴾.

16- قادة المجتمع الدينيين يكونون في المقدمة فيما يتعلق بكسر العادات السيئة، ﴿ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ﴾ إن تعبيد طريق الحق للآخرين أمّ القيم.

17- إن المرأة المطلقة محترمة والزواج منها لا يعد كسراً للشأن ﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾، فالمولى تعالى يقول إن هذا الزواج هو تقرير إلهي.

18- إن التمسك بالآداب والعادات غير الإلهيّة يجعل الحياة يائسة ومريضة ﴿ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ﴾.

19- الزواج بالمرأة المطلقة من الأدعياء أمر جائز ﴿ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً


 


الآية (38)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً (38)

 

 

هذه الآية بمثابة وثيقة للآية السابقة، إذ يتوجب على القائد الديني أن يكسر خط الانحراف ولا يخاف ملامة أحد من الناس. أو ينتظر رضى هذا وذاك.

 

دروس وبصائر

 

1- الرسول لا يهتم للقال والقيل، ولا لأجواء الصخب في إقامة حكم الله تعالى ﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ ... ﴾.

2- هناك بعض الوظائف والمهمات والتعاليم التي قد تخص النبي أيضاً ﴿ فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ﴾ .

3- جميع الأنبياء واجهوا الانحرافات وكسروا خطوط العادات السيئة ﴿ مِن قَبْلُ ﴾.

4- كسر العادات السيئة والمنحرفة سنة الله تعالى ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ ﴾.

5- أوامر الله سبحانه دقيقة ومحسوبة ويجب إجراؤها ﴿ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾.


 


الآية (39)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39)

 


• هذه الآية تبين الجزم والحزم وشهامة المبلغ في تبليغ الرسالة الإلهية للناس دون خشية؛ لكن يجب أن نعلم أنه في بعض الموارد من الضروري المداراة والهدوء واللّين من أجل جذب القلوب.

• الخشية غير الخوف؛ فالخشية تأثر قلبي ناشئ عن عظمة أمر ما. أما الخوف فهو انتظار وقوع أمر غير مرغوب يوجب تجنبه. من هنا فإن الأنبياء لا يخشون أحداً غير الله تعالى، لأنهم لا يرون سوى الله عظيماً وكبيراً.

 


1- التوفيق في التبليغ له شروط:
• مداومة التبليغ ﴿
يُبَلِّغُونَ
• التقوى في العمل ﴿
وَيَخْشَوْنَهُ
• الشهامة والحزم ﴿
وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ
• التوكل على الله ﴿
وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً

2- التبليغ لا يكون دائماً بالكلام فقط؛ فأحياناً يجب أن يكون بالعمل لتبيان حكم الله تعالى (في الآيتين السابقتين أوضح ما يلي: إن الزواج من امرأة زيد من أجل تغيير خرافة كانت سائدة بين الناس).
وفي هذه الآية قال ﴿
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾.

3- المبلغون الربانيون كانوا على الدوام يواجهون أعداء ومعاندين ﴿ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدا ﴾.

4- خشية الله تعالى مقدمة للشجاعة والشهامة ﴿ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً ﴾.

5- المبلغون الربانيون يحتسبون صبرهم وتحملهم عند الله سبحانه ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾.


 


الآية (40)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)

 

 

• ورد في هذه الآية كلمة «رسول» وكلمة «نبي»؛ الرسول صاحب «كتاب سماوي» والنبي هو المنبئ والمخبر، الرسول هو من يأتي بالرسالة أما النبي فهو من يقوم بالرسالة وينجزها.

• «الخاتم» هو الخاتم الذي يوضع في اليد بحيث يضعون إمضاءهم وتوقيعهم على خواتيمهم ويختمون بها الرسائل، والخاتم هنا كناية عن النهاية، أي خاتم الأنبياء وآخرهم.

• القرآن يبين في آيات كثيرة شمولية رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلودها، كقوله تعالى: ﴿ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (21) و ﴿ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ (22) و ﴿ كَافَّةً لِّلنَّاسِ (23) ، كذلك ورد في الروايات المتواترة «لا نبي بعدي» و «حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة» (24) وعشرات الروايات والأحاديث الأخرى التي تؤكد هذا المطلب، غير أن هذه الآية تعد أوضح دليل على خاتمية نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

• هذه الآية هي الآية الوحيدة التي تذكر اسم النبي رسالة النبي في قالب عنوانين «محمد»، «رسول الله»، «خاتم النبيين».

استفهامات:

1- لماذا البشر ليسوا بحاجة إلى نبي جديد بعد الإسلام؟
الجواب: الدليل الأساسي لتجديد النبوة ومجيء أنبياء جدد أمران: الأمر الأول تحريف الدين السابق، بحيث يتم تحريف كتاب الله وتعاليم النبي السابق. والأمر الثاني إن تكامل البشر وتطور حياتهم عبر التاريخ يقتضي نزول قوانين أكثر جامعية وأكمل بحيث تتناسب مع تطور البشرية وتكاملها. لكنّ هذين الأمرين لم يحصلا بعد نبي الإسلام، فالقرآن الكريم باقٍ حتى الآن وسيبقى محفوظاً من أي تحريف أو تغيير حرف واحد منه، ثم إن هذا القرآن يشتمل على أكمل وأجمع للقوانين على أساس العلم الإلهي، بحيث إن البشرية حتى يوم القيامة لن تحتاج إلى شيء من هذا القبيل إلا وهو موجود في أحكام الإسلام وتعاليمه، وقد بينته الشريعة الإسلامية.

2- كيف تكون حاجات الإنسانية المتغيرة متناسبة مع خاتمية الدين:
الجواب: الإنسان عادة يحتاج في أمور تعليمه وتحصيله إلى معلم وأستاذ حتى مرحلة باب الاجتهاد، أو حتى درجة الدكتوراه، بعد ذلك يصل إلى مرحلة من التحصيل يمكنه فيها أن يحصل على المطالب والحاجات من الأمور التي تعلمها ومن دون معلم. بحيث يصل إلى مرحلة لا يعود بحاجة إلى معلم، فباب الاجتهاد مفتوح، ويمكنه استنباط الأحكام والقوانين التي يحتاجها من القواعد الكلية، طبعاً على أسس أصولية وضعها الفقهاء ودوّنها العلماء كقواعد لاستخراج الأحكام.

3- لماذا انقطع الإنسان عن عالم الغيب؟
الجواب: صحيح أن الوحي لم يعد ينزل، لكن العلاقة مع الغيب باقية؛ فالإمام المعصوم موجود والملائكة ينزلون عليه (25) .
والإمداد الغيبيّ يصل إلى بعض البشر اللائقين، حتى إن بعض الأشخاص العاديين المتقين يحصلون على النور الإلهي، والله تعالى يبين لهم طريق الحق بصورة خاصة ومعينة، يقول تعالى ﴿ اتَّقُواْ اللَّهَ .. وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً (26) .


 


1- الدعي ليس ابناً شرعياً، والوالد الدعي ليس والداً أيضاً ﴿
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾.

2- إن حكم أمومة زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس، ليس دليلاً على أبوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ ... ﴾.

3- خاتمية نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مبنية على أساس العلم والحكمة الإلهية ﴿ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾.


 


الآيتان (41) و (42)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)

 


• ذكرُ الله تعالى ليس فقط باللسان والقول، بل في كل فكر وعمل وحركة يجب أن يؤخذ رضى الله في عين النظر. القرآن الكريم بين في طياته أن لذكر الله تعالى آثاراً وبركات، وعدّ واحدة من دلائل الصلاة بأنها ذكر الله ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (27) . وذكرُ الله عز وجل هو الوسيلة الوحيدة لاطمئنان القلوب ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) كما أكدّ أنّ الروح الصافية والنفس المطمئنة تعرج إلى الحق، وتعود إلى بارئها راضية ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (29) ، وإن الإعراض عن ذكر الله يجعل الحياة تعيسة مؤلمة ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً (30) .

• ورد أن تسبيحات فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي من الذكر الكثير (31) .

• ورد عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن صاحب اللسان الذاكر يعطى خير الدنيا والآخرة، وورد أن لكل شيء حَدًّا إلا الذكر.

• ورد أن القلب يصدأ مثلما يصدأ الحديد ولا يجليه إلا الدعاء والذكر.

• جاء في الروايات أن الذكر ليس فقط باللسان، بل إن الذكر الحقيقي هو ذكر الله عند الحلال والحرام، وتجنب المعاصي (32) .

 

دروس وبصائر


1. الخطاب الحسن والجميل يؤثر في جذب الناس، ويعد وسيلة جيدة لقبولهم الخطاب ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾.

2. ذكر الله يؤثر في الإنسان عندما يكون مستمراً وكثيراً ﴿ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾.

3. أفضل الذكر التسبيح والتنزيه ﴿ اذْكُرُواْ اللَّهَ ... وَسَبِّحُوهُ ﴾.

4. ذكر الله ليس محصوراً بزمان بل في بداية اليوم ونهايته ﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾.


 


الآية (43)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43)

 

 

• تحدثت الآية السابقة عن الذكر الكثير، هذه الآية تقول إن الله سبحان هو الذي يصلي على المؤمنين، وكأن صلوات الله هي الذكر الكثير، كما في قوله تعالى (اذكروني أذكركم).

 

 

1- طريق دعوة الناس إلى الدين، سلام وصلوات ﴿ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ... لِيُخْرِجَكُم ﴾.

2- الملائكة أيضاً تصلي وتسلم على المؤمنين ﴿ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم ﴾ ويستغفرون أيضاً لهم ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾.

3- الإنسان يحتاج إلى المدد الإلهي للخروج من الظلمات، وعقل البشر وعلمهم ليس كافياً ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي ... لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ ﴾.

4- الظلمات ظلمات متعددة فمنها ظلمات الجهل، ظلمات الشرك وظلمات التفرقة والغفلة والخرافات.

5- الإيمان بالله تعالى والحقائق الإلهية نور طريق الإنسان ﴿ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾.

6- الإيمان هو مفتاح تلقي الرحمات الإلهية للخاصة ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ﴾.


 


الآية (44)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (44)

 

 

• كلمة التحية من «الحياة» وهي بمعنى الدعاء من أجل السلامة والحياة للآخرين.

• المراد من «يوم يلقون» يوم الملاقاة، و «لقاء الله» حيث ترفع الحجب ويكشف الستار فيصل الإنسان إلى مقام الشهود الباطني والرؤية القلبية.

• السلام يكون أيضاً من قبل الله تعالى ﴿ سَلَامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾.

• السلام يكون أيضاً من قبل الملائكة ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾.

• السلام علامة للسلامة ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴾.

• السلام كلام أهل الجنة ﴿ قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً ﴾.

 

 

1- السلام تحية أهل الجنة ﴿ تَحِيَّتُهُمْ ... سَلَامٌ ﴾.

2- الثواب الإلهي كريم وعظيم وكبير ﴿ أَجْراً كَرِيماً ﴾ ﴿ أَجْراً عَظِيماً ﴾.


 


الآيتان (45) و (46)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً (46)

 

 

1- يجب إعلام وإبلاغ دور الأفراد ومسؤولياتهم لأنفسهم وللناس ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ ... ﴾.

2- يجب الاحترام والتجليل والعظمة في مقابل أذية الناس وعداوتهم ﴿ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً ... ﴾ وفي آية ثانية يقول تعالى: ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ ﴾.

3- الرسول شاهد على أعمال الناس ﴿ شَاهِداً ﴾.

4- الذي يستطيع أن يكون مبشراً ونذيراً هو الشاهد على أعمال الناس والحاضر في الميدان معهم ﴿ شَاهِداً وَمُبَشِّراً ﴾.

5- البشارة والإنذار في التبليغ والتربية لازمان ومترافقان ﴿ وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾.

6- البشارة والإنذار وسيلة لدعوة الأنبياء ﴿ وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً - وَدَاعِياً ﴾.

7- الأنبياء يدعون الناس إلى الله تعالى وليس إلى أنفسهم ﴿ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ ﴾.

8- الأنبياء ليسوا مستقلين في مقابل الله تعالى، وتوفيقهم في الدعوة بإذنه سبحانه ﴿ بِإِذْنِهِ ﴾.

9- النبي مصباح هداية في المجتمع، ونوره سبب في الرشد والترقي والحركة والتشخيص ﴿ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾.


 


الآيتان (47) و (48)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48)

 


• إن عدم الاعتناء والاهتمام بأذية الأعداء ليس بمعنى الضعف والتراجع في مواجهتهم، بل يعني التوكل على الله والأمل برحمته، وعدم البرودة في المواجهة.

• الرسول مأمور من قبل المولى سبحانه ببشارة المؤمنين، وبأن اللطف والفضل الإلهي سوف يشملهم، وهذا أكبر لطف إلهي.

• هذه الآية ﴿ وَبَشِّرِ ﴾ مصداق ونموذج الآية السابقة التي تقول ﴿ وَمُبَشِّراً ﴾.
 

 


1- الإيمان شرط لتلقي الألطاف الإلهية الخاصة ﴿
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

2- القائد الرباني يبشر المؤمنين ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

3- تعامل المولى تعالى مع المؤمنين يكون على أساس الفضل ﴿ مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً ﴾ علماً أن الفضل الإلهي على عباده له درجات ومراتب ﴿ فَضْلاً كَبِيراً ﴾.

4- من يشرب من منبع القدرة الإلهية يستطيع أن يبتعد عن المنحرفين ﴿ مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً - وَلَا تُطِعِ ﴾.

5- عدم الاكتراث بالكافرين والمنافقين وأذاهم، والوقوف بوجههم ووجه طموحاتهن يحتاج إلى التوكل ﴿ وَلَا تُطِعِ - وَدَعْ أَذَاهُمْ - وَتَوَكَّلْ ﴾.

6- الكفار والمنافقون في خندق واحد ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ فالطرفان يَوَدَّان أذية المؤمنين ﴿ أَذَاهُمْ ﴾.

7- في بعض الظروف يجب على القائد الإرشاد فقط، فلا ينتقم أو يتعامل بالمثل مع المخالفين ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ ﴾.

8- يجب أن نتوكل على الله عز شأنه، فهو اللائق بالتوكل والكافي في كل الأمور ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾.


 


الآية (49)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (49)

 

 

• المراد من كلمة «نكاح» العقد، والمراد في «تماس» المعاشرة الجنسية، أما كلمة «سراحاً جميلاً» فتعني الطلاق من غير خصومة أو نزاع.

• هناك بعض النساء لا يحتجن إلى عدة المطلقة من غير تماس جنسي، والمرأة اليائسة التي يئست من الإنجاب (50 و 60) سنة.

• في الآية 236 من سورة البقرة نقرأ أن الرجل يعطي المرأة المطلقة من دون أن يعاشرها معاشرة جنسية شيئاً بالمعروف وقدر الاستطاعة ﴿ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ ﴾.

• عن الإمام الباقر (عليه السلام) أن المرأة المطلقة تعود إلى بيت أبيها وفي قلبها غصة ووحشة، وقد تتعرض للشماتة لذلك يجب أن تعطى شيئاً يسكن غصتها وقلبها ﴿  فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ ﴾.
 

 


1- الإيمان يلزم العلم بالتعاليم والأحكام الإلهية ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ ... ﴾.

2- خيار الطلاق بيد الرجل ﴿ طَلَّقْتُمُ ﴾ ما عدا بعض الموارد المحددة في الشرع.

3- الشرط المهم في الزواج الإيمان ﴿ آمَنُواْ ... نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ﴾.

4- العدة هي من حق الرجل إذا أراد الرجوع إليها، أما الطّلاق قبل المعاشرة الجنسية فلا يحق للرجل الرجوع ﴿ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ ﴾.

5- يجب جبران الأذية الروحية، فالطلاق بعد العقد يؤذي روحية المرأة، لذلك يمكن جبران بعضٍ من هذه الأذية بإعطاء المطلّقة المهر ﴿ فَمَتِّعُوهُنَّ ﴾.

6- الطلاق والانفصال لا يعني الخصومة والحقد والنزاع ﴿ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾.


 


الآية (50)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (50)

 


• كلمة «أفاء» من (فيئ) وهي تطلق على الأموال والغنائم التي يحصل عليها المسلمون من غير حرب. اما كلمة «عم» و«خال» فهي تأتي بصورة الجنس وتشمل جميع العمومة والأخوال، لكن «عمة» و «خالة» أتت بصورة الجمع «عماتك» و«خالاتك».

• في الإسلام يوجد ثلاثة أنواع من الزواج:
1- الزواج بالمهر (دائم أو منقطع)
2- الزواج من طريق الملك (ملك اليمين للجواري وغيرها)
3- الزواج من دون مهر، بأن تهب امرأة نفسها.

النوع الأول والثاني من الزواج لعموم الناس، أمّا النوع الثالث فقد اختص بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط.

• هناك مسائل تختص بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): فرض الجهاد ﴿ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ (33) ، ووجوب صلاة الليل، وهذا الامتياز في الزواج في مقابل الأذية والصعاب التي تحملها، إذ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) «ما أوذي نبيٌّ مثل ما أوذيت».


 


أولاً: إن محور الزواج عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن الشهوة الجنسية، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج وهو ابن 25 سنة حتى 35 سنة من السيدة خديجة (عليها السلام) ، ولم يضم إليها زوجة أخرى، بحيث كانت أكبر منه بـ 15 سنة من العمر.

ثانياً: عندما بعث الرسول برسالة الإسلام كانت جميع القبائل العربية ضده، لذلك كان عليه أن يختار أسلوباً وخطة دقيقة لتفريق هذا الاتحاد القبائلي غير المقدس وكسره، وأفضل طريق وأبسطه وأقله كلفة أن يصاهر هذه القبائل من طريق الزواج والمصاهرة، لأن عادات ذلك الزمان عند القبائل تقتضي أن من واجب القبيلة أن تحمي صهرها وتدافع عنه، وبذلك يتمكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن يمهد الطريق أمام تبليغ الوحي والرسالة.

ثالثاً: إن بعض زيجات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت من أجل مواجهة العادات والرسوم الخاطئة في المجتمع آنذاك، كزواجه من زينب ابنة عمته والتي مرت في الآية 37 من هذه السورة.

رابعاً: إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عقد على بعض النساء ولم يقاربهن، وطلب بعض النساء من بعض القبائل ولم يعقد عليهن أساساً، وهذا كان أسلوبه في توثيق العلاقات مع بعض هذه القبائل.

خامساً: لو كان زواج الرسول من أجل المسائل الجنسية لكان لديه عدد كبير من الأبناء، وهذا الأمر لم يحصل.

سادساً: عندما تزوج الرسول من عائشة لم تكن قد بلغت مبلغ النساء، وبقيت عنده فترة حتى أصبحت زوجته الفعلية، ولو كان الهدف جنسياً لما تزوج من صغيرة غير بالغة.

سابعاً: لا يجب أن نقيس شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بشخصياتنا، فنحن بزواجنا حتى بواحدة قد نحرم الكثير من التوفيق الروحي، لكن الرسول كان غارقاً في العرفان والمناجاة والتبليغ مع وجود تعدد زوجاته، وقد خاطبه المولى تعالى فقال: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ (34) وقال ﴿ لِتَشْقَى (35)  و ﴿ لِمَ تُحَرِّمُ
نعم إن تعدد الزوجات عند الرسول لم يكن مانعاً من تحليق روحه في الملكوت الأعلى.

يجب أن نعلم أن زواج الرسول بعد بلوغه سن الثالثة والخمسين سنة،كان من نساء أرامل متزوجات بحاجة إلى كفيل ومعيل، ليجري العدالة ويعلم الناس الدروس العملية في إدارة حياة تعدد الزوجات في اختيار الحياة البسيطة المتواضعة، من غير تجمُّل ولا رفاهية. ثم إن تعدد الزوجات لم يكن عيباً أبداً في ذلك الزمان، وفي بعض الأحيان قد تذهب الزوجة الأولى بنفسها لتطلب لزوجها يد امرأة أخرى ليتزوج بها... بالإضافة إلى عشرات المسائل التي يجب التدقيق فيها.
 

 

 

1- إن تحديد الحلال والحرام بيد الله تعالى ﴿ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ ﴾، فحتى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خاضع للقانون الإلهي في المسائل الفردية.

2- يجب دفع المهر للمرأة من قبل الرجل ﴿ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾.

3- يجب أخذ المسائل الجنسية بعين الاعتبار بشكل جيد، حتى الإماء والجواري ﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾.

4- الإسلام حدد للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تكاليف وامتيازات خاصة ﴿ خَالِصَةً لَّكَ ﴾.

5- المولى تعالى لا يحب أن يرى رسوله في حرج ﴿ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ﴾.


 


الآية (51)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51)

 

 

• كلمة «ترجي» من «الإرجاء» أي التأخير، وكلمة «تؤوي» من «مأوى» بمعنى منح المكان والمأوى، وهاتان الكلمتان كناية عن الطلاق والإمساك والتأخير والتقديم في المعاشرة.

• إن العدالة بين الزوجات واجبة، لكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مجاز من قبل الله تعالى بأن يقدم ويؤخر ويغير مواعيد زوجاته، بدليل المشكلات الكثيرة التي كانت تواجهه وجهاده ضد الأعداء ومشاغله وجهده في المجتمع؛ وبذلك كان يمكنه أن يبقى في منزل إحدى زوجاته لمدة ليال متتالية بدلاً من أن ينام كل ليلة عند واحدة منهن، بعد ذلك يذهب إلى أخرى (36) .

• غير أن بعض المفسرين ذهبوا إلى أن هذه الآية تعني التقليل والزيادة في النفقة على زوجاته، أو رد أو قبول النساء اللواتي كن يهبن أنفسهن له، أو الطلاق الأولي والرجوع الثانوي.
 

 


1- بعض الأشخاص الذين يتولون مسؤوليات ثقيلة لهم امتيازات وخيارات خاصة ﴿
تُرْجِي مَن تَشَاءُ ﴾ فعدالة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت واضحة ولا يمكن الشك فيها لذلك يمكنه أجراء بعض التغييرات في حياته الزوجية، من تقديم وتأخير، كل ذلك في إطار العدل والتقوى.

2- خيارات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تعني إغماض العين عن حق الزوجات ﴿ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ - وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ ﴾.

3- الزوجة تقر عينها بعدم الحزن والرضى القلبي ﴿ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ - وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ ﴾.

4- إرضاء الزوجة لا يختص فقط ببداية الزواج بل يجب ان يستمر دائماً ﴿ وَيَرْضَيْنَ ﴾.

5- إنّ إرضاء عدة زوجات غير ممكن بشكل كامل، لكن يجب إرضاؤهن ما أمكن ﴿ أَدْنَى أَن ... وَيَرْضَيْنَ ﴾.

6- يجب على الزوج أن يرضيَ جميع زوجاته ﴿ كُلُّهُنَّ ﴾.

7- إن الأحكام الإلهية وضعت من أجل إحقاق العدالة وحفظ حقوق الأسرة، حتى ولو كان في قلوب الرجال توقع آخر ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾.

8- أحكام الأسرة في الإسلام تنبع من العمل الإلهي ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً ﴾.


 


الآية (52)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً (52)

  


كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقع تحت ضغط بعض القبائل لكي يتزوج بأحدى بناتها لتفتخر أن الرسول صهرها، لذلك كان اختيار الرسول لزوجاته طبقاً للمصالح الإسلامية. لكن هذه الآية منعت استمرار هذا الأمر.
 

 

 

1- في القرآن أحكام ثابتة ومتغيرة ﴿ لَا يَحِلُّ ... مِن بَعْدُ ﴾ نعم إن عنصر الزمان يمكن أن يؤثر في بعض الأحكام وإجرائها.

2- إن تعدد الزوجات محدود حتى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ لَا يَحِلُّ .. مِن بَعْدُ ﴾.

3- الله تعالى مراقب لمن يريد استبدال زوجته الأولى بزوجة أخرى من أجل جمالها ﴿ رَّقِيباً ﴾.

4- الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يأخذ الحلال والحرام في أعماله من عند الله تعالى ﴿ لَا يَحِلُّ لَكَ ﴾.


 


الآية (53)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُواْ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً (53)

 


• الإذن بالدخول إلى بيوت الآخرين لا يختص ببيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، كما نقرأ في سورة النور ﴿ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ (37) .

• في هذه الآية بيان لبعض آداب الضيف، وقسم آخر في آيات أخرى:
1- السلام عند الدخول ﴿ فَسَلِّمُواْ (38) .
2- إذا جاء الجواب بالنفي فلا يجب الانزعاج ﴿ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُواْ فَارْجِعُواْ (39) .
3- إذا دعوتم فيجب أن تكون الضيافة لائقة ﴿ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (40) .
4- قدموا المائدة أمام الضيوف ﴿ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ (41) كما ونقرأ عن آداب الضيف عشرات الروايات المأثورة.

• ﴿ إِنَاهُ ﴾ بمعنى النضوج، أي نضوج الطعام «غير ناظرين  ﴿ إِنَاهُ ﴾ فلا يأتي الضيوف باكراً وينتظرون نضوج الطعام.

• بيت النبي عبارة عن غرف متعددة لكل زوجة من زوجاته غرفة تعيش فيها (بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)).

• الخطاب في هذه الآية جاء في خصوص زوجات النبي، لكنه في الحقيقة يشمل جميع زوجات المسلمين بدليل ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فالله تعالى يريد الطهر لكل رجل وامرأة.

• إن خطر سوء الاستفادة من زوجات النبي أهم في حقهن الشخصي، لذلك لا يحق للآخرين الزواج من نساء النبي من بعده ﴿ وَلَا أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ ﴾.

 

 

1- الإيمان يستلزم رعاية الأدب والآداب الاجتماعية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ ... ﴾.

2- إن حق الهدوء والسكون في المنزل محترم للجميع، خصوصاً الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ ﴾.

3- الضيافة في المنزل أفضل (ليس في الفنادق والمقاهي) ﴿ بُيُوتَ النَّبِيِّ ... إِلَى طَعَامٍ ﴾.

4- لصاحب البيت الحق في عدم منح الإذن بالدخول ﴿ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾.

5- منح الإجازة بدخول المنزل يكفي بأي صورة ولا يستوجب أن يكون شخصياً، فإذْنُ صاحب المنزل قد يحصل بأي صورة وطريق، لذلك نرى أن كلمة ﴿ يُؤْذَنَ ﴾ جاءت بالمجهول.

6- الضيافة وإكرام الضيف من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ إِلَى طَعَامٍ ... دُعِيتُمْ ﴾.

7- أصل الضيافة مهمّ، وليس نوع الطعام ﴿ إِلَى طَعَامٍ ... دُعِيتُمْ ﴾.

8- الدين الجامع والشامل هو الدين الذي يهتم بأدقّ التفاصيل مثل الضيافة، إلى أكبر المسائل كأمور الحكم وغيرها ﴿ يُؤْذَنَ لَكُمْ ... غَيْرَ نَاظِرِينَ ... فَانتَشِرُواْ ... ﴾.

9- لا تذهب إلى مائدة من غير دعوة ﴿ إِذَا دُعِيتُمْ ﴾.

10- في الإسلام يمكن للناس العاديين أن يذهبوا إلى منزل أكبر كمنازل الشخصيات والقادة، حتّى إلى الشخصية الأولى في المجتمع، ليكونوا ضيوفها ﴿ بُيُوتَ النَّبِيِّ ... إِذَا دُعِيتُمْ ﴾.

11- من آداب الضيافة الذهاب بعد تناول الطعام، ﴿ فَانتَشِرُواْ ﴾ فلا يكون منزل المضيف محلاً للتسلية والاستئناس ﴿ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾.

12- يمنع أذية المضيف ﴿ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﴾ ومن مصداق الأذية تحقير الطعام.

13- الرسول يتأذى من هدر وقته في الأحاديث غير المناسبة ﴿ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﴾.

14- الأذية ليست فقط ظاهرية وجسدية، فالضغط النفسي والروحي أيّضاً نوع من الأذى ﴿ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﴾.

15- لا يجوز الضغط على النبي وجعله يستحي، فهذا ليس علامة الرضى ﴿ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ﴾.

16- السكوت على أساس الحياء لا يدل على الرضى ﴿ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ﴾.

17- الرسول إنسان مفعم بالحياء والخجل ﴿ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ﴾.

18- إذا سكت شخص حياءً لأيّ دليل كان، فعلى الآخرين كسر السكوت وإظهار الحق رفعاً للخجل عن كاهله ﴿ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾.

19- العلاقة مع الآخرين وسؤال النساء مع حفظ الحجاب لا مانع منه ﴿ فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾.

20- نساء النبي لم يكنّ محجورات في البيوت، بل كن يخرجن خارج المنزل ﴿ فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾.

21- الاستدلال الواضح الذي يستلزم الحجاب وهو مورد اتفاق الجميع ﴿ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ ﴾.

22- يجب أن يكون محور علاقة الرجال والنساء في العمل التقوى والعفة ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾.

23- النظر إلى غير المحرم يؤثر في القلب ﴿ فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فكل ما تراه العين يذكره القلب.

24- الحجاب ينفع المرأة والرجل على السواء ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾.

25- العلاقة مع غير المحرم من دون حفظ الحجاب يسبب الأذى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾.

26- أذية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الذنوب الكبيرة ﴿ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ﴾.


 


الآية (54)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54)

 

دروس وبصائر


1- الله مطّلع على كل شيء، وليس فقط على أعمالنا ﴿
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾.

2- علم الله تعالى واحد سواء في الأمور الظاهرة أو الخافية ﴿ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما ﴾.

3- إذا كنا نعلم أن الله يعلم كل شيء، ومطّلع على كل شيء، فلماذا النفاق والرياء ﴿ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما ﴾.

4- ان حفظ الحجاب الظاهري وإقامة العلاقات المخفية، دليل على عدم الإيمان بعلم الله تعالى ﴿ تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ ... عَلِيما ﴾.


 


الآية (55)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55)

 

 

• هذه الآية تُسمّي الأفراد (المحارم) على النساء بواسطة النسب، أما المحارم بواسطة السبب مثل الصهر والأخ في الرضاعة والذين لم يبلغوا سن التكليف ولم يميزوا بعد، فهم أيضاً من المحارم على النساء (42) .

• صحيح أن الخطاب موجه إلى نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكنّ الظاهر أن الخطاب يشمل جميع النساء.

 

دروس وبصائر


1- ليس في الإسلام من حرج ولا تشديد، فالأقرباء من الدرجة الأولى الذين يترددون دائماً على منزل الأسرة هم من المحارم ﴿
لَّا جُنَاحَ .. ﴾.

2- الحجاب ليس ضروريّاً بين النساء المسلمات، لكنه ضروري أمام النساء غير المسلمات ﴿ نِسَائِهِنَّ ﴾.

3- المحرم لا يعني اللامبالاة أو من دون تقوى ﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ ... وَاتَّقِينَ اللَّهَ ﴾.

4- ان شهود الله تعالى على أعمال الناس، يعد من أفضل عوامل رعاية التقوى ﴿ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾.


 


الآية (56)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً (56)

 


• عن صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه ورواه آخرون عن كعب بن عجرة: أن رجلاً أتى إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أما السلام عليكم فقد علمناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «قل اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل ابراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل ابراهيم إنك حميد مجيد» (43) .

• والعجيب في هذا الكتاب أنه بالرغم من ورود (آل محمد) عدة مرات في هذين الحديثين، فإنه اختار هذا العنوان لهذا الباب: (باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) بدون ذكر «الآل»!! وثمة مسألة تستحق الانتباه وهي: أن في بعض روايات أهل السنة، وفي كثير من روايات أهل البيت لم ترد حتى كلمة (على) لتفرق بين محمد وآل محمد، بل كيفية الصلاة هي: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد.

• «ابن حجر» يروي في الصواعق: ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، فقالو: وما الصلاة البتراء قال: تقولون: اللهم صلّ على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلّ على محمد وآل محمد» الصواعق المحرقة (44) .

• الإمام الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ فقال: الصلاة من الله عز وجل رحمة ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء (45) .

• جاء في الروايات أن من كتب «اللهم صل على محمد وآل محمد»، فله ثوابها ما دامت هذه الكلمات مكتوبة، ومن صلّى على محمد وآل محمد مرة، صلى الله عليه عشر مرات وستر له عشرة عيوب (46) .
يقول تعالى في كتاب العزيز ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (47) .

 

 

1- عندما تريد دعوة الآخرين إلى عمل الخير، عليك بالشروع أولاً بنفسك ومن يعملون لديك، «فالمولى تعالى يأمر المؤمنين بالصلاة على النبي لكنه أولاً يصلي على النبي هو وملائكته ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ﴾.
2- إن صلوات الله وملائكته على النبي صلوات دائمة ﴿
يُصَلُّونَ ﴾.
3- الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من لزوم الإيمان ووظائف المؤمن ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ ﴾.
4- الصلاة اللفظية ليست كافية، بل يجب التسليم العملي ﴿
صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ ﴾.
5- علاقة الناس والقائد في الدولة الإسلامية صلوات وسلام، (فالعلاقة القلبية ليست كافية، بل يجب إظهارها) ﴿
صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ ﴾.


 


الآية (57)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً (57)

 

 

• أذيّة الله تعالى تعني القيام بأفعال خلاف تعاليمه ومرضاته، وهذا يجلب لعنة الله تعالى وغضبه على الفاعل بدلاً من رحمته ولطفه.

• لعل المراد من أذية الله سبحانه أذية عباده، نظير القرض الحسن لعباده كأنه قرض حسنٌ لله تعالى، والمراد من أذية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تكذيبه واتهامه وعدم التأدب في حضرته وأذية أهل بيته، كما نقرأ في الأحاديث والروايات المتواترة» «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني» (48) .

 

 

1- يصل العبد المخلص إلى درجة أن أذيته هي أذية الله تعالى ﴿ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾.

2- هناك جزء من العقاب جزاء لتوجيه التحقير والتوهين والأذية للمؤمنين يظهر في هذه الدنيا ﴿ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا ﴾.

3- ما دام هدف المؤذي إهانة المؤمن، فإن عقابه في الآخرة أيضاً الإهانة ﴿ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾.


 


الآية (58)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58)

 

 

• في الضرر والأذى الجسدي، القصاص والرّد بالمثل جائز ﴿ ... وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ... ﴾ (49) ، لكن في الضرر الروحي والنفسي وإذهاب ماء الوجه لدينا تعاليم الرد بالمثل، فالقرآن لم يقل أن تتّهم من اتهمك، أو تبهت من بهتك، بل هدد الفاعل لهذه الأمور -وهي معاصٍ- وفي حال لزم الأمر يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي ويوضع له الحد.

• لعلنا نستفيد من جملة ﴿ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ ﴾ أن لا مانع من أذية المسلم المخالف في إطار القانون الإلهي.
 

 


1- الإصرار على الذنب يزيد في المعصية والعقاب ﴿
يُؤْذُونَ ﴾ فعل استمرار واصرار على الأذية.

2- ماء وجه المرأة المؤمنة والرجل المؤمن محفوظ ومحترم، وتوجيه الأذية إليهما يعدّ معصية كبيرة - ولا فرق بين الرجل والمرأة - ﴿ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾.

3- المعصية لها تأديبها عندما تُرتكب عن علم وعمد ﴿ اكْتَسَبُواْ ﴾.

4- الذنب يجعل حمل الإنسان ثقيلاً ﴿ احْتَمَلُواْ ﴾.

5- الأذية الكبرى التجريح باللسان والبهتان ﴿ يُؤْذُونَ .. بُهْتَاناً ﴾.

6- أذية الآخرين بأي شكل كان تعد من جملة الذنوب التي تجلب غضب الله، تعالى ﴿ يُؤْذُونَ - وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾.


 


الآية (59)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (59)

 


• «جلابيب جمع جلباب ويعني المقنعة والخمار الذي يغطي الرأس والرقبة» (50) «أو بمعنى القميص الطويل الذي يغطي كامل الجسم والرأس والرقبة» (51) .

• في الآيات السابقة تحدثت الآيات عن أذية المؤمنين من قبل المنافقين، أما هذه الآية فتقول: إن على المؤمنات أن يضعن الحجاب ويلبسن الجلباب، ويضعن الستر عليهن بصورة لا يتعرضن فيها الى أذية من في قلوبهم مرض، وسارقي النظر وغيرهم ممن لا يراعون الحرمات.

• هذه الآية تبين أن النساء في ذلك الزمن، كن يضعن عليهم نوعاً من الحجاب، غير أنهن لم يكن يحترزن جيداً في الحجاب أمام غير المحارم، أي لم يكن التستر والحجاب كاملاً، لذلك جاءت هذه الآية لتوجيههنّ أن يدنين الحجاب منهن، ولم تبين أصل الحجاب لأنه كان أمراً معروفاً ومرسوماً.

• هذه الآية تطرح حكم الحجاب وتعليمه، لكن من دون تهديد، بل تبين فلسفة الحجاب، بحيث تقول إن المرأة اذا أرادت أن تكون في حرز من عيون اللصوص، وسارقي النظر، وتكون بعيدة عن التهم وتهديد الأشخاص الملوثين، فيجب عليها أن تتحجب بصورة مناسبة ولائقة.

• آفات عدم التحجب:

1- جلب أنظار أصحاب الهوى والذين في قلوبهم مرض.

2- المساعدة على نشر الفساد والفحشاء.

3- إيجاد أجواء من الضعف والتعدّي والتحرش.

4- الحمل غير المشروع وعمليات إسقاط الأجنة.

5- وجود أمراض نفسية وروحية وجسدية.

6- الانتحار والهروب من منزل الأهل خوفاً من الفضائح وذهاب ماء الوجه.

7- نفور بعض الأزواج من زوجاتهم، وانعدام المودة والمحبة تجاههن.

8- ارتفاع نسبة الطلاق، وضعف العلاقة الأسرية وتفككها.

9- المنافسة في التجميل ووسائلها.

10- إيجاد الخوف والقلق في الأسر العفيفة.
 

 

 

1- يجب أن نبدأ في الأمر بالمعروف بأنفسنا، ثم الآخرين ﴿ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

2- لا فرق بين زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبناته مع سائر نساء المؤمنين في الأحكام الإلهية. ﴿ لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

3- إن اللباس المحتشم والحجاب للمرأة لصيانة عفتها وماء وجهها واجب ﴿ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

4- يجب سلب الذرائع من يد أصحاب القلوب المريضة، والمتجاوزين على عفة المرأة. في الآيات السابقة كان الحديث عن تحذير من يؤذي المؤمنين والمسلمين، أما هنا فالحديث عن تكليف من يتلقى الأذية ﴿ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

5- لا يوجد أي مانع من خروج النساء من بيوتهنّ وترددهن، بشرط الحفاظ على العفة والحشمة العامة ﴿ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

6- يجب إظهار دليل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأسبابه ﴿ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

7- يمكن أن يكون منبع تجاوزات وتعديات المنحرفين وأصحاب القلوب المريضة بالنسبة إلى النساء والفتيات هو نوع اللباس ﴿ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

8- يجب على المرأة المحجبة أن تحافظ على جوّ العفة والحشمة العمومي بحضورها في الميدان، وتسلب أي مناورة غير شرعية من يد سارقي النظر وأصحاب القلوب المريضة ﴿ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾.

9- إن سوء الحجاب السابق قابل للعفو ﴿ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾.

10- إن المغفرة الإلهية مترافقة مع الرحمة ﴿ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾.


 


الآية (60)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً (60)

 

 

• «المرجفون» من «أرجف» وتطلق على الشخص الذي يبُث الشائعات والأباطيل في المجتمع الاسلامي من أجل إيجاد القلقلة والرعب فيه. إن الأشخاص الذين لا يذهبون إلى جبهات القتال مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويبقون في المدينة من أجل بث الشائعات بين المسلمين لتثبيط هممهم وعزيمتهم وتحقيق انتصار الكفار عليهم، أو العمل لكي يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). هؤلاء بعملهم القبيح هذا يوجدون القلق والاضطراب بين الناس.

• «لنغرينك» من «الإغراء» وتعني الدعوة إلى تنفيذ عمل، أو تعليم شيء، دعوة تقترن بالترغيب والتحريض.

• إذا نظرنا إلى هذه الآية والآية السابقة، نجد أن القرآن تحدث عن المنافقين والذين في قلوبهم مرض ممن كانوا في المدينة يتعرضون إلى النساء المؤمنات بأبصارهم ونواياهم الخبيثة، ثم أمر النساء باللباس والاحتشام لسلب أسباب هذا العمل السيء، ثم تهديد هؤلاء المنافقين وأصحاب القلوب المريضة، ثم تأتي هذه الآية - ويمكن أن تكون مستقلة - لتقول لمن يريد تهديد المجتمع الإسلامي وبث الاضطرابات فيه بالحرب الباردة وبث الشائعات والمؤامرات، إن المواجهة ستكون شديدة وسوف يتم قلعهم واجتثاثهم من المجتمع.

• يستفاد من ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً ﴾ معنيان اثنان:
الأول: سنسلطك (يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)) على هؤلاء بحيث يتمّ قلعهم وقمعهم، فلا يبقى بجوارك منهم أحداً.
الثاني: ثم نفرّقهم ونشتتهم، ولن يبقى بجوارك منهم إلا القلة القليلة.
 

 

 

1- إلقاء كامل الحجة قبل التعامل والمواجهة مع المتخلفين ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ - لَنُغْرِيَنَّكَ ﴾.

2- لسعة الصدر والصبر حدود معينة ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ ﴾، الجواب ليس دائماً بالتسامح والتساهل.

3- أصحاب القلوب المريضة إلى جانب المنافقين ﴿ الْمُنَافِقُونَ - وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾.

4- لا يكون رد المسلمين على أساس الانتقام أو الهوى، بل بالإرادة وأمر الله تعالى ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ ﴾.

5- يجب على الأمة الوفية أن تذوب في القائد الإلهي وتتحد فيه ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ ﴾ ولم يقل ( لنغرينكم ).

6- القائد الإسلامي هو الشخص الأول الذي يجب أن يقف في وجه المخاطر والمسائل التي تهدد أمن الأمة ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾.

7- الإسلام يولي أمن المجتمع إلى الحد الذي يصدر أوامره بطرد وقلع كل من يهدد أمن الناس، ويوجد الخلل والاضطرابات في المجتمع ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ ﴾.

8- يجب أن يخاف الأعداء من قيام المسلمين وثورتهم وغضبهم ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ ﴾.


 


الآيتان (61) و (62)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)

 


• «ثقفوا» من «ثقافة» بمعنى السيطرة على الشيء بدقة ومهارة، ولهذا يُقال للعلم وتحصيله والإحاطة به «ثقافة».

• يعتقد بعض المفسرين أن كل هذا التشديد والتهديد يتعلق بالذين يؤذون المؤمنين، لكن يبدو أن هذا التهديد وهدر الدم والاقتلاع والتقتيل هو في حق كل من يقصد إيجاد الخلل، وعدم الأمن في المجتمع والإخلال بنظامه، وليس فقط من يتجاوز على ناموس الناس وأعراضهم.

 


1- «الموت للمنافقين» شعار قرآني ﴿
الْمُنَافِقُونَ ... مَّلْعُونِينَ ﴾.

2- إجراء حكم الله في الذين يصنعون الفتن ويخلّون بالأمن ليس مرتبطاً بزمان ومكان محدودين ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ ﴾.

3- لا يجب أن يكون هناك مكاناً آمناً للذين يصنعون الفتن ويخلّون بالأمن ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ ﴾.

4- هروب صنّاع الفتن ليس مانعاً من مواجهتهم والتعامل معهم بما يناسب ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ ﴾.

5- على الجميع المشاركة، وأن يكونوا جنوداً في الإمساك بالأعداء ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ ﴾.

6- كل من يهدد أمن الناس لا أمان على نفسه ﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُوا ﴾.

7- يجب أحياناً مواجهة مؤامرات الأعداء ولو كانت حرباً باردة - بالحرب الساخنة ﴿ وَالْمُرْجِفُونَ - وَقُتِّلُوا ﴾.

8- يجب قتل وتشريد كل من لا يرتدع عن صناعة الفتنة، ويوجد الاضطرابات ويخلّ بأمن الناس ﴿ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾.

9- الجهاد ضد صناع الفتن والمخلّين سنّة إلهية في جميع الأديان ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ ﴾.

10- من أساليب التبليغ في الأحكام العظيمة والأساسية ذكر السابقة التاريخية ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ (52) . ﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (53) . ﴿ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ ... مِن قَبْلُ ﴾.

11- إن مكانة الإنسانية وأمنها وقيمة ذلك، في جميع الأديان عظيم، بحيث أن مرتكب ذلك يجازى بأشد وأصعب عقاب، فالذي يريد ضرب المجتمع يقتل ﴿ وَقُتِّلُواْ ... سُنَّةَ اللَّهِ .. مِن قَبْلُ ﴾.

12- لا تبديل لقانون إعدام صناع الفتن والمخلين ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾.


 


الآية (63)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63)

 

 

• عادة يكون دافع السؤال مختلف:
1- أحياناً يكون السؤال من باب الامتحان.

2- أحياناً يكون السؤال من باب الاستهزاء، كسؤال المتكبر من الضعيف.

3- أحياناً يكون السؤال من باب التعجب، كأن يسأل إنسان خائف شخصاً شجاعاً.
• أحياناً يكون السؤال لسد الطريق أمام شخص، كسؤال المحقق للمجرم.
• أحياناً يكون السؤال لحرف النظر، كسؤال الأستاذ للتلميذ.
• أحياناً يكون السؤال لإيجاد الشك والتردد عند الآخرين، كسؤال المنحرفين.
• أحياناً يكون السؤال من أجل رفع القلق، كسؤال الأم لطفلها.
• أحياناً يكون السؤال من أجل العلم، كسؤال الجاهل من العالم.
• أحياناً يكون السؤال للتوبيخ، كسؤال المعلم للتلميذ الكسول.
• في هذه الآية السؤال عن زمان قيام الساعة له وجوه عديدة ومختلفة ودوافعه مختلفة.
• كلمة «قريب» تستخدم للمذكر والمؤنث ﴿
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ﴾.
• ولم يقل قريبة، وقوله: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (54) .
• في ختام الآية نوع من التسلي للرسول، بأن لا تتعب من ذرائع الكفار، فحسابهم قريب ﴿
تَكُونُ قَرِيباً ﴾.

 

 

1- صحيح أن الله تعالى يطلع أنبياءه على الغيب ﴿ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ (55) لكن علم الأنبياء محدود أيضاً ﴿ عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ﴾.

2- لا يجب أن نعلم كل شيء، ولا يجب أن نجيب عن كل سؤال ﴿ عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ﴾ .

3- عدم العلم بزمان وقوع القيامة لا يضر أبداً بالإيمان واليقين بأصل وجودها ﴿ عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ﴾.

4- بعض العلوم خاصة بالمولى تعالى ﴿ عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ﴾.

5- ليس من العيب أن لا نعلم كل شيء ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾، بل إن علمنا بوقوع الساعة يخل بتعادلنا.

6- في التربية يجب أن يكون الأشخاص دائماً بين الرجاء والخوف ﴿ لَعَلَّ ﴾.

7- يجب أن نكون جاهزين في كل لحظة لوقوع القيامة ﴿ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ﴾.


 


الآيتان (64) و (65)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (65)

 


1- إن العذاب الإلهي قطعيّ على الكافرين ﴿
وَأَعَدَّ ﴾ فالنار موجودة الآن.

2- الكافرون لا مولى لهم يمنعهم من دخول النار، ولا نصير ينجيهم ﴿ لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ﴾.

3- لا وجود للأصنام ولا للطواغيت في يوم القيامة ﴿ لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ﴾.

4- الكافرون يوم القيامة ينظرون في كل اتجاه علهم يجدون نصيراً، لكن لا فائدة ! ﴿ لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ﴾.


 


الآية (66)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَاْ (66)

  


• لعل المعنى من هذه الآية أن وجوه الكافرين تتلوّن بأشكال مختلفة وتتقلب بعدة ألوان من أثر نار جهنم.
 

 

 

1- الكافرون يوم القيامة ليس فقط لا ولي لهم ولا نصير، بل حتى ليس لديهم الاختيار في وجوههم ﴿ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ ﴾.

2- المعاد جسماني ﴿ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ ﴾.

3- الغافلون يوم القيامة يستيقظون ﴿ يَا لَيْتَنَا ﴾.

4- يوم القيامة لا ينفع الندم ﴿ يَا لَيْتَنَا ﴾.

5- يوم القيامة سيتمنى أهل النار لو أنهم أطاعوا الله ورسوله ﴿ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَاْ ﴾.

6- إطاعة الله تعالى مترافقة مع إطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي المنجي ﴿ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَاْ ﴾.

7- إضافة إلى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يبلغ الوحي وكلام الله، فهو أيضاً يصدر التعاليم والأوامر ﴿ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَاْ ﴾.

8- الطريق الوحيد للنجاة إطاعة الله وإطاعة رسوله ﴿ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَاْ ﴾.


 


الآية (67)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَاْ (67)

 

 

• (سادة) جمع «سيد» تطلق على رؤساء القوم وكبارهم في المجتمع، و «كبراء» جمع (كبير) وتعني كبار القوم في السن، عادة يكون لهذين الصنفين من الناس «السادة والكبراء» دور مهم في الآداب والعادات والتقاليد والسلوك.

 

 


1- إن الذين لم يقولوا في الدنيا «ربنا» ولمرة واحدة، في يوم القيامة سوف يقولونها مع الحسرة والندامة ﴿
رَبَّنَا ﴾.

2- المجرمون عادة يبررون تصرفاتهم وأخطاءهم ويضعونها في أعناق الآخرين ﴿ إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا ﴾.

3- تقليد الناس الأعمى للسادة والكبار في المجتمع أصل الندامة ﴿ إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا ﴾.

4- يوم القيامة يقر الكافرون بانحرافهم، لكن الإقرار والندم لن يفيدهم شيئاً ﴿ فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَاْ ﴾.


 


الآيتان (68) و (69)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً (69)

 


• الآية (69) تطرح مسألة إيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية يتحدث القرآن ويؤكد على أن لا تكونوا كبني إسرائيل الذين آذوا موسى.

• المراد من التهمة التي وجهت إلى موسى (عليه السلام) إما النقص الجسماني، أو نسب القتل إليه، أو السحر والجنون، لأن معرفة موضوع التهمة لا يؤثر في فهم الآية، فالأصل أنهم اتهموه.

• اللعنة الكبيرة لعلها لعنة الآية (161) في سورة البقرة حيث تقول الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾.


 

 

1- الدعاء الوحيد المستجاب لأهل النار هو زيادة العذاب (56) ﴿ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ لأنه يقول في آية أخرى ﴿ لِكُلٍّ ضِعْفٌ (57) .

2- في بعض الأحيان يتعرض الأنبياء إلى التهمة والأذية من قبل المؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَكُونُواْ ﴾.

3- الابتعاد عن التهمة لازمة الإيمان ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَكُونُواْ ... ﴾.

4- يجب أخذ العبرة والدرس من عدم بقاء أثر التهمة في الأنبياء ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ ﴾.

5- الله تعالى يطهر الأنبياء من تهم الأعداء ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ ﴾.

6- تبرئة أولياء الله تعالى من التهمة ليس كافياً، بل يجب إجلالهم ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً ﴾.

7- التبرئة من التهمة والوجاهة شرط في موفّقية القائد ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً ﴾.

8- الشخص الذي نبعثه في مهمة ونضع المسؤولية في عاتقه يجب أن نحميه ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً ﴾.


 


الآيتان (70) و (71)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)

 


• القول السديد هو القول الذي لا يداخله ضعف ولغو وكذب ونفاق، بل يكون سداً منيعاً محكماً في وجه الشك والشبهة والفساد.

 

 

1- التقوى لازمة الإيمان ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ ﴾. ولازمة التقوى الكلام السديد ﴿ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾.

2- الِإنسان المؤمن لائق بالتقوى والقول السديد ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ - اتَّقُواْ - وَقُولُواْ ﴾.

3- علامة الإيمان، ظاهرية ﴿ قولاً سديداً ﴾ وباطنية ﴿ اتَّقُواْ اللَّهَ ﴾.

4- الكلام السديد ليس باللفظ فقط، بل بمحتوى اللفظ أيضاً؛ فواقع هذا الفكر والتفكر يجب أن يكون محكماً وقوياً ﴿ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾.

5- إذا راعى الإنسان في أعماله وسلوكه مسائل التقوى، فإن الله تعالى يصلح باقي أموره ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾، وهذا ورد نظير الآية 31 من سورة النساء حيث يقول المولى سبحانه ﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾.

6- مفتاح الفلاح والفوز طاعة الله سبحانه والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾.


 


الآية (72)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)

 


• نقرأ في الحديث: «إن علياً إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلون، ويقول جاء وقت الصلاة وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها» (58) .
ونقرأ في زيارة الجامعة الكبيرة «أنتم الأمانة المحفوظة».

• هناك فرق بين الحمل والتحميل، فالإنسان قبِل حمل أمانة الله تعالى ولم تفرض عليه فرضاً.

• لعل هذه الآية تبين مسائل ووقائع في ما يخص الإنسان، لم يصل إليها عقل البشر حتى الآن، أما ما يفهم من ظواهر الآية فهو إن الله تعالى أعطى البشر خصائص وامتيازات ليست موجودة عند أي من الموجودات الأخرى لا في الأرض ولا في السماء، وهذه الامتيازات هي الأمانة الإلهية، وهي مسؤولية في عنق الإنسان، غير أن الكثير من البشر خانوا هذه الأمانة وساروا خلاف المسير الذي أراده الله سبحانه.

• إن العقل والارادة الّلذين يجب استخدامهما في مسير معرفة الحق واختياره، ليصل البشر إلى الرشد والكمال، تمّ استخدامهما في طريق الباطل وانسحب الأمر إلى انتشار الظلم والفساد، حتى عدّ سلوك البشر سلوكاً جاهلاً.


 

 

1- الإنسان أفضل من السماء والأرض، وهو أمين الله تعالى في الوجود ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَأَبَيْنَ ... وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾.

2- الوجود يملك شعوراً ﴿ عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... ﴾.

3- النّعم الالهية للإنسان (العقل، الارادة، الفطرة، هداية الأنبياء و..) أمانة الله عز وجل، فلا يجب أن نخون الأمانة فيعد أكبر ظلم ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ ... ظَلُوماً ﴾.

4- ما لم تقبله السموات والأرض وقبله الإنسان شيء غير القنوت والتسبيح والسجدة، فالسماء والأرض تقبلان القنوت والتسبيح بكل راحة وسهولة ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (59) و ﴿ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (60) .


 


الآية (73)


 

يقول سبحانه وتعالى:﴿ لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (73)

 


• توبة الله سبحانه على عباده تعني تمتعهم بالعنايات الخاصة، «على» وهذا معنى ﴿
وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى ﴾، إنما توبة العباد فهي الرجوع إلى الحق والتوجه إلى الله تعالى وتأتي مترافقة مع «إلى».
 

 

 

1- أمانة الله تجعلنا نتحمل المسؤولية فمن يحفظ الأمانة تشمله الرحمة، ومن يخُنْها بالكفر والشرك يلقَ عذاباً ﴿ لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ ... وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

2- المنافق في صف المشرك ﴿ الْمُنَافِقِينَ ... وَالْمُشْرِكِينَ ﴾.

3- الرجل والمرأة متساويان في الترقي بالكمالات أو السقوط في السافلين ﴿ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ ، وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ، الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾.

4- صحيح أن الله تعالى يعذب المشركين والمنافقين، لكنّ أصل تعامله مع الإنسان هي المغفرة والرّحمة ﴿ لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ ... وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


(19) ميزان الحكمة، ج 4، ص 545.

(20) تفاسير: الميزان، نور الثقلين، وعيون أخبار الرضا، ج 1، ص 281.

(21) الفرقان: 1.

(22) الأنعام: 19.

(23) سبأ: 28.

(24) الكافي، ج1 ص 58.

(25) انظر: أصول الكافي، بحث الإمامة.

(26) الحديد: 28.

(27) طه، الآية 14.

(28) الرعد: 28.

(29) الفجر: 27-28.

(30) طه: 124.

(31) الكافي: ج2، ص 500.

(32) راجع ميزان الحكمة (ذكر).

(33) سورة النساء: 84.

(34) سورة الشعراء: 3.

(35) سورة طه: 2.

(36) مستفاد من حديث في الكافي، ج5، ص 388.

(37) النور: 27.

(38) النور: 61.

(39) النور:  28.

(40) هود: 69.

(41) الذاريات: 27.

(42) يراجع في هذا الشأن مراجع التقليد وكتب الفقه لمراجعنا العظام.

(43) صحيح البخاري.

(44) تفسير الأمثل.

(45) تفسير نور الثقلين.

(46) مجمع البيان.

(47) سورة التوبة:  103.

(48) صحيح البخاري، ج5، ص 26 وصحيح مسلم، ج4، ص 1903.

(49) سورة المائدة:  45.

(50) مجمع البيان.

(51) تفسير الميزان.

(52) البقرة: 183.

(53) آل عمران:  146 و147.

(54) الأعراف: 56.

(55) الجن: 26- 27.

(56) راجع تفسير الطيب.

(57) الأعراف: 38.

(58) تفسير نور الثقلين.

(59) الإسراء:  44.

(60) الروم: 26.