{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي
تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (9)
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (10)
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ
يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (15)
اللغة والبيان
العَنَتَ: التشديد يقال فلان يعنت فلاناً اي يشدد عليه ويلزمه ما يصعب عليه ثم نقل
الى معنى الهلاك.
القسط: العدل.
التفسير
إنما المؤمنون اخوة:
{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى
تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (9)
أي فريقان من المؤمنين قاتل أحدهما صاحبه (فأصلحوا بينهما) حتى يصطلحا، فإن تعدت
إحدى الطائفتين على الأخرى بغير حق، فقاتلوا الطائفة المتعدية حتى ترجع الى ما أمر
به الله وتنقاد لحكمه، فإن رجعت الطائفة المتعدية الى أمر الله، فأصلحوا بينهما
إصلاحاً متلبساً بالعدل.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (10)
إستئناف مؤكد لما تقدم من الإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين من المؤمنين فيفيد أن
الطائفتين المتقاتلتين لوجود الاخوة بينهما يجب ان يستقر بينهما الصلح، والمصلحون
لكونهم إخوة للمتقاتلين يجب ان يسعوا في إصلاح ما بينهما.
- من علامات الإيمان:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ
يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (15)
نعت سبحانه الصادقين في إيمانه بقوله (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم
لم يرتابوا) أي لم يشكوا في دينهم بعد الإيمان (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل
الله اولئك هم الصادقون) في اقوالهم دون من يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ
الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن
بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (10)
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ
بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25)
اللغة والبيان
ميراث: هي الأموال التي تنقل للانسان بدون اتفاق مسبق، وما ينتقل من الميت الى
ورثته هو احد مصاديق ذلك وقد كثر استعمالها بهذا المعنى.
البأس: الشدة والقسوة والقدرة.
التفسير
الإيمان والإتفاق أساسان للنجاة:
{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ
الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن
بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (10)
معناه أي شيء لكم في ترك الانفاق فيما يقرّب الى الله تعالى، فالدنيا وأموالها ترجع
الى الله فلا يبقى لأحد فيها ملك ولا امركما يرجع الميراث الى مستحقّيه فاستوفوا
حظكم من أموالكم قبل ان تخرج من أيديكم، ثم بين سبحانه ان الانفاق قبل فتح مكة إذا
انضم اليه الجهاد أكثر ثواباً عن الله من النفقة والجهاد بعد ذلك وذلك أن القتال
قبل الفتح كان أشد والحاجة الى النفقة والى الجهاد كان أكثر وأمس (وكلاً وعد الله
الحسنى) أي الجنّة ولا يخفى عليه شيء من انفاقكم وجهادكم فيجازيكم بحسب نياتكم.
- الهدف الأساسي في بعثة الأنبياء:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ
بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25)
معناه أرسل رسله سبحانه بالدلائل والمعجزات وأنزل عليهم ما يحتاج إليه الخلق من
الحلال والحرام كالتوراة والانجيل والقرآن وأنزلنا معهم من السماء الميزان ذا
الكفتين الذي يوزن به (ليقوم الناس) في معاملاتهم بالعدل (وأنزلنا الحديد) عن رسول
الله (ص) قال:أن الله أنزل أربع بركات من السماء الى الأرض أنزل الحديد والنار
والماء والملح وفي الحديد يمتنع به ويحارب به وفيه ما ينتفعون به في معايشهم مثل
السكين والفأس والإبرة وغير ذلك مما يتخذ من الحديد من الآلات ليعاملوا بالعدل
وليعلم الله نصرة من ينصره وجهاد من جاهد مع رسوله بالعلم الواقع (إن الله قوي) على
الانتقام من اعدائه (عزيز) منيع من أن يعترض عليه في أرضه وسمائه.
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
(21)
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ
وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (22)
اللغة والبيان
الكتابة: هي القضاء منه تعالى.
التفسير
- الانتصار للمرسلين الالهيين:
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21)
المعنى قضى الله ووعد لأغلبنّ أنا ورسلي بالحجج والبراهين وإن جاز أن يُغلب بعضهم
في الحرب (إن الله) غالب قاهر لمن نازع أولياءه.
- حزب الله المنتصر:
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ
وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (22)
معناه: لا تجتمع موالاة الكفار مع الايمان وإن قربت قرابتهم فإنهم لا يوالونهم إذا
خالفوهم في الدين (اولئك) ثبت في قلوبهم الايمان بما فعل بهم من الألطاف فصار
كالمكتوب، وقواهم بنور الايمان (ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
رضي الله عنهم) بإخلاص الطاعة والعبادة منهم (ورضوا عنه) بثواب الجنّة ونبّه سبحانه
أن جنوده واولياءه هم المفلحون الناجون الظافرون بالبغية.
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ} (1)
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ
لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم
مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم
بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
(2)
{وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} (3)
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (4)
{مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا
فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (5) وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى
رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ} (6)
{مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ
السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (7)
{لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ
وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (8)
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ
هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (9)
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10)
{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا
نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ
يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (11)
{لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ
وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)
{لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ} (13)
{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء
جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} (14)
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ} (15)
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (16)
{فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاء الظَّالِمِينَ} (17)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
(18)
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ} (19)
اللغة والبيان
الحشر: جمع الناس من كل ناحية.
الجلاء: الانتقال عن الديار والأوطان للبلاء.
اللينة: النخلة.
الفيء: رد ما كان للمشركين على المسلمين بتمليك الله إياهم ذلك على ما شرط فيه.
الايجاف: الازعاج للسير.
الركاب: الابل.
الخصاصة: الاملاق والحاجة، واصله الاختصاص وهو الانفراد بالامر.
التصدع: التفرق بعد التلاؤم.
القدّوس: المعظم بتطهير صفاته من أن تدخلها صفة نقص.
التفسير
- نهاية مؤامرة يهود بني النضير:
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ} (1)
إنما افتتح سبحانه بالتنزيه لما وقع في السورة من الاشارة الى خيانة اليهود ونقضهم
العهد.
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ
لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم
مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم
بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
(2)
يعني الله سبحانه الذي أخرج بني النضير من اليهود من ديارهم، في أول إخراجهم من
جزيرة العرب، لم تظنوا أيها المؤمنون أنهم يخرجون من ديارهم لشدتهم وشوكتهم، وظن
بنو النضير ان حصونهم لوثاقتها تمنعهم من سلطان الله وانزال العذاب بهم على يد رسول
الله (ص) حيث حصنوها وهيأوا آلات الحرب فيها فأتاهم أمر الله وعذابه من حيث لم
يتوهموا أن يأتيهم، وألقى في قلوبهم الرعب بقتل سيدهم كعب بن الأشرف يهدمون بيوتهم
بأيديهم من داخل ليهربوا ويخربها المؤمنون من خارج ليصلوا اليهم.
{وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} (3)
أي ولولا أن قضى الله عليهم الخروج من ديارهم، وترك وطنهم، لعذبهم في الدنيا بعذاب
الاستئصال، أو القتل والسبي، كما فعل ببني قريظة ولهم في الآخرة عذاب النار.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (4)
معناه: الذي فعلنا بهم لأنهم خالفوا الله ورسوله ومن يخالفه سبحانه يعاقبهم أشد
العقاب.
{مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا
فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (5)
أي ما قطعوا من نخلة أو تركوها قائمة على أصولها فبإذن الله، ولله في حكمه هذا
غايات حقة وحكم بالغة، منها إخزاء الفاسقين وهم بنو النضير.
- حكم الغنائم بغير الحرب:
{وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ
خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (6)
المعنى: والذي ارجعه الله الى رسوله من أموال بني النضير – خصّة به وملكه وحده
إياه- فلم تسيّروا عليه فرساً ولا إبلاً بالركوب حتى يكون لكم فيه حق، بل مشيتم الى
حصونهم مشاة لقربها من المدينة، ولكن الله يسلط رسله على من يشاء، والله على كل شيء
قدير، وقد سلّط النبي (ص) على بني النضير فله فيئهم يفعل فيه ما يشاء.
{مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ
السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (7)
ظاهره أنه بيان لموارد مصرف الفيئ مع تعميم الفيئ لفيئ أهل القرى أعم من بني النضير
وغيرهم (فلله وللرسول) منه ما يختص بالله والمراد به: صرفه وانفاقه في سبيل الله
على ما يراه الرسول، ومنه ما يأخذه الرسول لنفسه. (ولذي القربى) قرابة النبي (ص)وقد
ورد عن أئمة أهل البيت (ع) ان المراد بذي القربى أهل البيت، واليتامى والمسكين وابن
السبيل منهم، إنما حكمنا في الفيء ما حكمنا، كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم،
والدولة: ما يتداول بين الناس ويدور يداً بيد، وما اعطاكم الرسول من الفيء فخذوه
كما اعطى منه المهاجرين ونفراً من الأنصار وما نهاكم عنه ومنعكم فانتهوا ولا
تطلبوا.
- السمات الأساسية لهؤلاء: (الانصار، المهاجرون، التابعون):
{لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ
وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (8)
المراد بهم من هاجر من المسلمين من مكة الى المدينة قبل الفتح، وهم الذين اخرجهم
كفّار مكة بالإضطرار الى الخروج، فتركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا الى مدينة الرسول
(ص) يطلبون من الله رزقاً في الدنيا ورضواناً في الاخرة وينصرونه سبحانه ورسوله
بأموالهم وأنفسهم.
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ
هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (9)
يعني (والذين تبوأوا) المدينة وهي دار الهجرة تبوأها الأنصار قبل المهاجرين
(والايمان) لأن الانصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين ومن قبل قدومهم عليهم والمراد بهم
اصحاب ليلة العقبة وهم سبعون رجلاً بايعوا رسول الله (ص) على حرب الأبيض والأحمر
يحبون من هاجر إليهم لأنهم احسنوا الى المهاجرين واسكنوهم دورهم وأشركوهم في
أموالهم ولا يجدون في قلوبهم حسداً وحزازة وغيظاً مما أعطي المهاجرون دونهم من مال
بني النضير ويؤثرون المهاجرين ويقدمونهم على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم (ولو كان
بهم) فقر وحاجة، ومن يدفع عنه ويمنع عنه بخل نفسه (فأولئك هم) الفائزون بثواب الله
ونعيم جنته.
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10)
يعني (والذين جاؤوا) من بعد المهاجرين والأنصار وهم جميع التابعين لهم الى يوم
القيامة يدعون ويستغفرون لأنفسهم ولمن سبقهم بالإيمان (ولا تجعل في قلوبنا) حقدا
وغشاً وعداوة (للذين آمنوا) (ربنا إنك) متعطف على العباد منعم عليهم.
- دور المنافقين في فتن اليهود:
{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا
نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ
يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (11)
معناه (ألم تر) يا محمد (الى الذين) ابطنوا الكفر واظهروا الإيمان (يقولون
لإخوانهم) في الكفر من يهود بني النضير (لئن اخرجتم) من دياركم وبلادكم (لنخرجن)
مساعدين لكم (ولا نطيع) في قتالكم ومخاصمتكم محمداً وأصحابه (وإن قوتلتم) لندفعن
عنكم (والله يشهد أنهم) سيخلفونهم بما وعدوهم من النصر والخروج.
{لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ
وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)
أقسم لئن أخرج بنو النضير لا يخرج معهم المنافقون وأقسم لئن قوتلوا لا ينصرونهم
وعلى تقدير وقوعه لا يدوم ولا ينفعهم بل يولون الأدبار بل يهلكون من غير أن ينصرهم
احد.
{لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ} (13)
ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال (لأنت أشد) خوفاً في قلوب هؤلاء المنافقين من خوفهم
من الله لأنهم يشاهدونكم ويعرفونكم ولا يعرفون الله (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) الحق
ولا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه.
{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء
جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} (14)
أي لا يبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى أو يرمونكم من وراء الجدران
بالنبل والحجر عداوة بعضهم لبعض شديدة فإذا لاقوكم جبنوا ويفزعون منكم بما قذف الله
في قلوبهم من الرعب (تَحْسَبُهُمْ) مجتمعين في الظاهر (وقلوبهم) مختلفة متفرقة
خذلهم الله باختلاف كلمتهم (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) ما فيه الرشد مما فيه الغي.
- حيل الشيطان والمهالك:
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ} (15)
المعنى: مثل بني النضير من اليهود في نقضهم العهد ووعد المنافقين لهم بالنصر كذباً
تم الجلاء، مثل الذين من قبلهم في زمان قريب، وهم بنو قينقاع وقد كان وعدهم
المنافقون أن يكلموا النبي (ص) فيهم ويمنعوه من إجلائهم، فغدروا بهم، فذاق بنو
قينقاع وبال أمرهم ولهم في الآخرة عذاب أليم.
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (16)
أي مثل المنافقين في دعوتهم بني النضير الى مخالفة النبي (ص)ووعدهم النصر، ثم الغدر
بهم وخلف الوعد، كمثل هذا الشيطان في دعوة الانسان الى الكفر بمواعيده الكاذبة، ثم
تبريه منه بعد الكفر عند الحاجة.
{فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاء الظَّالِمِينَ} (17)
بيان عاقبة الشيطان في غرور الانسان وإضلاله، والانسان في اغتراره به وضلاله،
واشارة الى أن ذلك عاقبة المنافقين في وعدهم لبني النضير وغدرهم بهم، وعاقبة بني
النضير في اغترارهم بوعدهم الكاذب واصرارهم على المشاقة والمخالفة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
(18)
المعنى لينظر كل امرىء ما الذي قدمه لنفسه أعملاً صالحاً ينجيه أو شيئاً يوبقه
ويرديه، ثم كرر الأمر بالتقوى لأن الأولى للتوبة، والثانية لاتقاء المعاصي، وقيل
للتأكيد.
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ} (19)
أي (لا تكونوا كالذين) تركوا أداء حق الله فحرمهم حظوظهم من الخير والثواب (اولئك)
الذين خرجوا من طاعة الله الى معصيته.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم
مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي
تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا
أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (1)
{إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} (2)
{لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ
بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (3)
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ
قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ
وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ
إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ
مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيرُ} (4)
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا
إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (5)
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(6)
{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم
مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (7)
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8)
{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن
تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (9)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا
هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ
تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ
حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١٠)
{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ
فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (١١)
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ
لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا
يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ
أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١٢)
اللغة والبيان
يثقفوكم: الثقف الحذق في إدراك الشيء وفعله.
عسى: تستعمل عادة في لغة العرب في الموارد التي يؤمل فيها ان يتحقق شيء ما، وكثير
من المفسرين فسروها بمعنى عقد الأمل على الله.
التفسير
نتيجة الولاء لأعداء الله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم
مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي
تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا
أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (1)
خاطب سبحانه المؤمنين ونهاهم أن يتخذوا الكافرين أولياء يوالونهم ويستنصرون بهم
وينصرونهم وتلقون إليهم المودة وتبذلون لهم النصيحة (وقد كفروا) بالقرآن والاسلام
(ويخرجون الرسول وإياكم) من مكة كراهة أن تؤمنوا وإن كان غرضكم في خروجكم وهجرتكم
الجهاد وطلب رضاي فأوفوا خروجكم حقه من معاداتهم ولا تلقوا اليهم بالمودة ولا
تتخذوهم أولياء تعلمونهم في السر بينكم وبينهم مودة، لا يخفى عليّ شيء من ذلك فاطلع
رسولي عليه ومن أسر إليهم بالمودة وألقى إليهم أخبار رسولي، فقد عدل عن طريق الحق
وجار عن سبيل الرشد.
{إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} (2)
الآية مسوقة لبيان أنه لا ينفعهم الاسرار بالمودة للمشركين في جلب محبتهم ورفع
عداوتهم شيئاً، وأن المشركين على الرغم من إلقاء المودة إليهم إن يدركوهم ويظفروا
بهم، يكونوا لهم أعداء من دون أن يتغير ما في قلوبهم من العداوة.
{لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ
بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (3)
أي لا يحملنكم قراباتكم ولا أولادكم التي بمكة على خيانة النبي (ص) والمؤمنين فلن
ينفعكم اولئك الذين عصيتم الله لأجلهم (يوم القيامة يفصل) الله (بينكم) فيدخل أهل
الايمان والطاعة الجنة وأهل الكفر والمعصية النار (والله) عليم بأعمالكم.
- ابراهيم (ع) أسوتنا وقدوتنا جميعاً:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ
قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ
وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ
إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ
مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيرُ} (4)
أي (قد كانت لكم) إقتداء حسن بخليل الله ابراهيم (ع) والذين معه من الأنبياء (إذ
قالوا لقومهم) الكفار لا نواليكم وبراء من الأصنام التي تعبدونها ويقولون لهم جحدنا
دينكم وأنكرنا معبودكم فلا يكون بيننا موالاة في الدين حتى تصدقوا بوحدانية الله
وإخلاص التوحيد والعبادة واقتدو بإبراهيم في كل اموره الاّ في استغفاره لأبيه لأنه
استغفر له عن موعدة وعدها إياه بالإيمان فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ولا
يمكنني دفع العقاب عنك (ربنا عليك توكلنا) اي كانوا يقولون ذلك، وإلى طاعتك رجعنا
والى حكمك المرجع.
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا
إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (5)
يسألونه سبحانه أن يعيذهم من تبعة تبريهم من الكفار ويغفر لهم.
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(6)
أعاد سبحانه ذكر الاسوة الحسنة في ابراهيم (ع) ومن آمن معه والإسوة هنا لرجاء ثواب
الله وحسن المنقلب وفي الأول فيه بيان أن الاسوة في المعاداة للكفار، ومن يعرض عن
هذا الاقتداء بإبراهيم والانبياء والمؤمنين والذين معه فقد أخطأ حظ نفسه، والله
سبحانه غني في ذاته عنهم وعن طاعتهم، حميد فيما يأمرهم وينهاهم.
- مودة الكفار غير الحربيين:
{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم
مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (7)
نرجو من الله أن يجعل بينكم معشر المؤمنين، وبين الذين عاديتم من الكفار، وهم كفار
مكة، مودة بتوفيقهم للاسلام فتنقلب المعاداة مودة، والله قدير والله غفور لذنوب
عباده رحيم بهم إذا تابوا وأسلموا، فعلى المؤمنين أن يرجوا من الله أن يبدل
معاداتهم مودّة بقدرته ومغفرته ورحمته.
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8)
أي ليس ينهاكم الله من مخالطة أهل العهد الذين عاهدوكم على ترك القتال وبرهم
ومعاملتهم بالعدل وأن تعدلوا فيما بينكم من الوفاء بالعهد (إن الله يحب) العادلين.
{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن
تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (9)
المراد بالذين قاتلوكم: مشركو مكة، والمظاهرة على الاخراج المعاونة والمعاضدة عليه
(ومن يتولهم فأولئك...) المتولون لمشركي مكة ومن ظاهرهم على المسلمين، هم الظالمون
المتمردون على النهي، دون مطلق المتولين للكفار، أو تأكيد للنهي عن توليهم.
- تعويض خسائر المسلمين والكفار:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا
هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ
تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ
حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١٠)
يعني إختبر إيمانهنّ والله يعلم حقيقة إيمانهن في الباطن (فإن علمتموهنّ مؤمنات) في
الظاهر لا تردوهن الى الكفار (لا هنّ حلٌ لهم ولا هم) كناية عن انقطاع علقة الزوجية
وآتوا أزواجهنّ الكفار ما انفقوا عليهن من المهر، ولا جناح عليكم معاشر المسلمين ان
تنكحوا المهاجرات إذا اعطيتموهنّ مهورهنّ ولا تمسكوا بنكاح الكافرات، وإن لحقت
امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما انفقتم من المهر إذا منعوها ولم
يدفعوها اليكم كما يسألونكم مهور نسائهم إذا هاجرن اليكم (ذلك حكم الله يحكم بينكم
والله عليم) بجميع الاشياء (حكيم) فيما يفعل ويأمر به.
{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ
فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (١١)
أي وإن ذهب وانفلت منكم الى الكفار، مهر من ازواجكم بلحوقهن بهم، وعدم ردهم ما
انفقتم من المهر اليكم فأصبتم منهم بالغزو غنيمة، فاعطوا المؤمنين الذين ذهبت
أزواجهم إليهم مما أصبتم من الغنيمة، مثل ما انفقوا من المهر.
- شروط بيعة النساء:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ
لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا
يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ
أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١٢)
تتضمن الآية حكم بيعة النساء المؤمنات على هذه الشرائط: (على ان لا يشركن بالله
شيئاً) من الأصنام والأوثان والأرباب (ولا يسرقن) لا من ازواجهن ولا من غيرهم وخاصة
من أزواجهن كما يفيد السياق (ولا يزنين) بإتخاذ الأخدان وغير ذلك (ولا يقتلن
اولادهن) بالوأد وغيره وإسقاط الأجنة ولا يأتين ببهتان يفترينه.. وذلك بأن يحملن من
الزنا،ثم يضعنه وينسبنه الى أزواجهن (ولا يعصينك في معروف) وهو جميع ما يأمرهن به
لانه لا يأمر الا بالمعروف والمعروف نقيض المنكر وهو كل مادل العقل والسمع على
وجوبه أو ندبه وسمي معروفاً لان العقل يعترف به من جهة عظم حسنة ووجوبه (فبايعهن)
على ذلك واطلب من الله ان يغفر لهنّ ذنوبهن ويسترها عليهن (إن الله) صفوح عنهن منعم
عليهن.
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8)
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (9)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم
مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (10)
{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
(11)
{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ} (12)
{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ
الْمُؤْمِنِينَ} (13)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى
عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14)
اللغة والبيان
التجارة: طلب الربح في شراء المتاع واستعير هنا لطلب الربح في أعمال الطاعة.
الجهاد: مقاتلة العدو.
التفسير
يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم:
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8)
اي يريدون اذهاب نور الإيمان والإسلام بفاسد الكلام الجاري مجرى تراكم الظلام
فمثلهم فيه كمثل من حاول اطفاء نور الشمس بفيه، والله سبحانه مظهر كلمته ومؤيد نبيه
(ص) ومعلن دينه وشريعته (ولو كره الكافرون).
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (9)
والله متم نوره، لأنه هو الذي أرسل رسوله بنوره الذي هو الهدى ودين الحق، ليجعله
غالباً على جميع الأديان ولو كره المشركون من أهل الأوثان.
- كونوا كالحواريين:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم
مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (10)
المعنى هل ترغبون في تجارة منجية من العذاب الأليم.
{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
(11)
إنما أنزل هذا لما قالوا لو نعلم أي الأعمال افضل واحب الى الله لعملناه فجعل الله
سبحانه ذلك العمل بمنزلة التجارة لأنهم يربحون فيها رضى الله والفوز بالثواب
والنجاة من العقاب وما وصفته وذكرته لكم انفع لكم وخير عاقبة لو علمتم ذلك واعترفتم
بصحته.
- التجارة الرابحة:
{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ} (12)
يعني إن تؤمنوا بالله ورسوله وتجاهدوا في سبيله (يغفر لكم ذنوبكم) ويدخلكم مواضع
تسكنونها مستلذة مستطابة في إقامة لا تبغون عنها حولاً فيها ثبات وأستقرار.
{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ
الْمُؤْمِنِينَ} (13)
أي ولكم نعمة أو خصلة أخرى تحبونها وهي نصرٌ من الله وفتح قريب عاجل، وبشرهم بهذين
الثوابين عاجلاً وآجلاً على الجهاد وهو النصر في الدنيا والجنة في العقبى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى
عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14)
المعنى دوموا على ما أنتم عليه من نصرة دين الله ومثل قول عيسى بن مريم (ع)
للحواريين وهم خاصة الأنبياء وسموا بذلك لأنهم اخلصوا من كل عيب، قل يا محمد (ص)
أني ادعوكم الى هذا الأمر كما دعى عيسى (ع) قومه فقال من أنصاري مع الله ينصرني مع
نصرة الله إياي (قال الحواريون نحن) انصار دين الله وأولياء الله فصدقت (طائفة من
بني اسرائيل) بعيسى وكفرت اخرى به فأصبحوا قاهرين لعدوهم بالحجة والقهر والغلبة.
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} (1)
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً} (2)
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} (3)
{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} (4)
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} (5)
{إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (6)
{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} (7)
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (8)
{أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} (9)
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} (10)
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} (11)
اللغة والبيان
الضبح: في الخيل الحمحمة عند العدو وقيل شدة النفس عند العدو.
الموريات: الخيل تخرج النّار من حوافرها إذا عدت على الحجارة.
الكنود: الكفور.
البعثرة: البعث والنشر.
التفسير
- قسماً بالمجاهدين الواعين:
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} (1)
هي الخيل في الغزو تعدو في سبيل الله.
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً} (2)
الخيل تُخرج النار بحوافرها إذا عدت على الحجارة والأرض المحصبة.
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} (3)
يريد الخيل تغير بفرسانها على العدو وقت الصبح.
{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} (4)
فهيّجن بالعدو والإغارة غباراً.
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} (5)
أي صرن بعدوهنّ أو بذلك المكان وسط جمع العدو وهم الكتيبة.
{إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (6)
هذا جواب القسم الكنود الكفور الجحود لنعم الله سبحانه.
{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} (7)
معناه وإن الله على كفره لشهيد.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (8)
يعني وإن الانسان لأجل حب الخير الذي هو المال أي من اجله لبخيل شحيح يمنع منه حق
الله تعالى.
{أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} (9)
(أفلا
يعلم) هذا الإنسان الذي وصفناه اذا بعث الموتى ونشروا واخرجوا.
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} (10)
أي ميّزوا بين ما فيها الخير والشر.
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} (11)
المعنى أن الله يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم وليس يجازيهم الا بعلمه بأحوالهم
وأعمالهم.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (1)
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} (2)
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} (3)
{تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ} (4)
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} (5)
اللغة والبيان
كيدهم: سوء قصدهم بمكة وإرادتهم تخريب البيت الحرام.
أبابيل: جماعات متفرقة من الطير.
العصف المأكول: ورق الزّرع الذي أكل حبه، أو قشر الحب الذي أكل لبّه.
التفسير
- كيد الكافرين في تضليل:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (1)
ألم تخبر يا محمد وتعلم كيف فعل ربك بأصحاب الفيل الذين قصدوا تخريب الكعبة.
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} (2)
معناه الم يجعل إرادتهم السوء واحتيالهم في تخريب البيت الحرام وقتل أهله وسبيهم
وإستباحتهم في تضليل عما قصدوا اليه ضلّ سعيهم حتى لم يصلوا الى ما أرادوه بكيدهم.
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} (3)
وأرسل سبحانه على أصحاب الفيل جماعات متفرقة من الطير.
{تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ} (4)
أي تقذفهم بحجارة صلبة شديدة ليست من جنس الحجارة.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} (5)
أي كزرع وتبن قد أكلته الدواب ثم راثته فديست وتفرقت أجزاؤه.
{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1)
{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} (2)
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّاباً} (3)
اللغة والبيان
افواجاً: جماعة بعد جماعة.
التفسير
- عند إنبلاج فجر النصر (فتح مكة):
{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1)
إخبار بتحقق أمر لم يتحقق بعد فهو وعد جميل وبشرى له (ص).
{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجاً} (2)
أي زمرة بعد زمرة وجماعة بعد جماعة يدخلون بالدين الاسلامي.
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّاباً} (3)
هذا أمر من الله سبحانه بأن ينزه عما لا يليق به متلبساً بحمده على نعمه وأمر
بالإستغفار فإنه سبحانه يقبل التوبة للمستغفرين.
والحمد لله اولاً وآخراً، ونسأله أن يجعلنا من المجاهدين والمنتصرين على أعداء
الدين والإنسانية إسرائيل ومن يقف معها ويساعدها.
القرآن الكريم.
تفسير مجمع البيان، للشيخ ابي علي الفضل بن الحسن الطبرسي.
تفسير الميزان، للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي.
مختصر الميزان في تفسير القرآن، سليم الحسني.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، للشیخ ناصر مكارم الشيرازي.
كنز العرفان في فقه القرآن، للشيخ الأجل جمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري.
التفسير الكاشف، للشيخ محمد جواد مغنية.
التفسير المبين، للشيخ محمد جواد مغنية.
تفسير القرآن الكريم، للسيد عبد الله شبر.
مقدمة كتاب «الجهاد والنصر في القرآن الكريم»
|
5 |
المقدمة
|
7 |
الدروس التي اخترناها
|
10 |
آيات الجهاد في سورة البقرة
|
13 |
اللغة والبيان
|
16 |
التفسير
|
17 |
- الصبر
|
17 |
- الشهداء أحياء
|
17 |
- الدنيا دار اختبار إلهي
|
17 |
- اساس البرّ
|
18 |
- الاسلام حرب على الظلم والفساد
|
19 |
- الاعتداء في الشهر الحرام
|
20 |
- الانفاق يمنع الهلاك الاجتماعي
|
20 |
- مقاتلة العدو فرض لازم
|
21 |
- الجهاد في الأشهر الحرم
|
22 |
- الهجرة والجهاد
|
22 |
- الأمر بالجهاد
|
23 |
- قصة طالوت والجهاد
|
23 |
- أداء الواجب في حدود القدرة
|
25 |
آيات الجهاد في سورة آل عمران
|
27 |
اللغة والبيان
|
32 |
التفسير
|
34 |
- القتال في سبيل الله
|
34 |
- نصرة الرسول (ص)
|
35 |
- فرار اليهود من ارض المعركة
|
35 |
- اليهود والمصير الخطير
|
35 |
- لا تتخذوا الأعداء بطانة
|
36 |
- غزوة أحد
|
37 |
- المرحلة الخطيرة من الحرب
|
37 |
- دراسة نتائج غزوة أحد
|
38 |
- الانقلاب على الأعقاب
|
39 |
- المجاهدون السابقون
|
40 |
- تحذيرات مكررة
|
40 |
- الهزيمة بعد الانتصار
|
41 |
- الذنب ينتج ذنباً آخر
|
42 |
- إستغلال المنافقين
|
42 |
- الأمر بالعفو العام وأهمية المشاورة
|
43 |
- الخيانة ممنوعة مطلقاً
|
44 |
- الذين لم يشاركوا في الجهاد
|
44 |
- دراسة أخرى لمعركة أحد
|
44 |
- لا بد أن تتميز الصفوف
|
45 |
- مزاعم المنافقين الباطلة
|
45 |
- الحياة الخالدة
|
46 |
- غزوة حمراء الأسد
|
46 |
- الاستقامة والصمود
|
47 |
- المرابطة في سبيل الله
|
48 |
آيات الجهاد في سورة النساء
|
49 |
اللغة والبيان:
|
53 |
التفسير
|
56 |
- رفقاء الجنّة
|
56 |
- ضرورة الحذر الدائم
|
55 |
- موقف المنافقين من الجهاد
|
55 |
- إعداد المؤمنين للجهاد
|
55 |
- الحث على تخليص المستضعفين
|
56 |
- ضعف كيد الشيطان
|
56 |
- قوم بضاعتهم الكلام دون العمل
|
56 |
- الموت أتيكم لا محالة
|
57 |
- نشر الاشاعات
|
57 |
- الأمر بالقتال في بدر الصغرى
|
58 |
- الهجرة الى دار الاسلام
|
58 |
- الترحيب باقتراح السلم
|
59 |
- عقاب ذي الوجهين
|
59 |
- أحكام القتل الناتج عن الخطأ
|
60 |
- عقوبة القتل العمد
|
60 |
- حماية أرواح الأبرياء
|
60 |
- التمايز بين المجاهدين والقاعدين
|
61 |
- وجوب الهجرة
|
62 |
- الهجرة حكم اسلامي بناء
|
62 |
- حكم صلاة الخائف
|
63 |
- صلاة الخوف التي تؤدي في ساحة الحرب
|
63 |
- أهمية فريضة الصلاة
|
64 |
- قرع السلاح بسلاح يشابهه
|
64 |
- منع الدفاع عن الخائنين
|
64 |
- العزة والشرف كله لله
|
64 |
- صفات المنافقين
|
65 |
- ترك الاعتماد على المنافقين والكفار
|
65 |
آيات الجهاد في سورة المائدة
|
67 |
اللغة والبيان
|
68 |
التفسير
|
69 |
- جزاء مرتكب العدوان (حكم قطاع الطريق)
|
70 |
- حقيقة التوسل الى الله والجهاد في سبيله
|
71 |
- الحذر من بعض التحالفات
|
71 |
- صفات من يتحمل مسؤولية الدفاع
|
72 |
- حزب الله المنصور
|
72 |
- حقد اليهود ومودة النصارى
|
73 |
آيات الجهاد في سورة الأنفال
|
75 |
اللغة والبيان
|
79 |
التفسير
|
81 |
- الجهاد حقَّ من الله سبحانه
|
81 |
- غزوة بدر أول مواجهة مسلّحة بين الاسلام والكفر
|
82 |
- دروس مفيدة من ميدان بدر
|
82 |
- إن سألتم النصر من الله يستجيب لكم وينصركم
|
84 |
- دعوة للحياة
|
85 |
- أمر سبحانه بترك الخيانة
|
86 |
- الايمان ووضح الرؤية
|
86 |
- قصة دار الندوة وسر بداية الهجرة
|
86 |
- الاسلام يجب ما قبله
|
86 |
- الهدف من الجهاد وبشرى كريمة
|
87 |
- الخمس فرض إسلامي مهم
|
87 |
- الأمر الذي كان ينبغي أن يكون
|
87 |
- ستة أوامر في شأن الجهاد
|
88 |
- المشركون والمنافقون ووساوس الشيطان
|
89 |
- مواجهة من ينقض العهد
|
89 |
- المزيد من التعبئة العسكرية والهدف منها
|
90 |
- الاستعداد للصلح
|
90 |
- إيجاد الالفة والاتحاد
|
91 |
- رفع المعنويات وشحذ الهمم
|
91 |
- لا ترتقبوا تساوى القوى
|
92 |
- اسرى الحرب
|
92 |
- طوائف مختلفة
|
93 |
آيات الجهاد في سورة التوبة
|
95 |
اللغة والبيان
|
101 |
التفسير
|
105 |
- العهود المحترمة
|
105 |
- الشدة في العمل المصطحبة للّين
|
105 |
- المعتدون الناقضون العهد
|
106 |
- جلالة موقع الجهاد
|
107 |
- مقياس الفخر والفضل
|
108 |
- كل شيء فداء للهدف ومن أجل الله
|
108 |
- كثرة الجمع وحدها لا تجدي نفعاً (غزوة حنين)
|
109 |
- مسؤوليتنا إزاء اهل الكتاب
|
110 |
- عتاب المتثاقل عن الجهاد (في معركة تبوك)
|
110 |
- نصرة الله سبحانه لنبيه (ص)
|
111 |
- الكسالى الطامعون
|
111 |
- السعي لمعرفة المنافقين
|
112 |
- عدم وجودهم خير من وجودهم
|
113 |
- المنافقون المتذرعون
|
113 |
- إحدى صفات المنافقين
|
114 |
- في قاموس المؤمنين لا وجود للهزيمة
|
114 |
- علامة اخرى من علائم المنافقين
|
114 |
- جهاد الكفار والمنافقين
|
115 |
- مؤامرة خطرة
|
115 |
- إعاقة المنافقين مرة اخرى
|
115 |
- أسلوب أشد في مواجهة المنافقين
|
116 |
- وضيعو الهمة والمؤمنون المخلصون
|
117 |
- واقع بعض المتخلفين عن الجهاد
|
118 |
- المعذورون الذين يذرفون الدموع عشقاً للجهاد
|
118 |
- لا تصغوا الى أعذارهم وأيمانهم الكاذبة
|
119 |
- الأعراب قساة
|
119 |
- السابقون الى الاسلام
|
120 |
- التوابون
|
121 |
- تجارة لا نظير لها
|
121 |
- درس كبير في غزوة تبوك
|
121 |
- كونوا مع الصادقين
|
122 |
- مصاعب المجاهدين لا تبقى بدون ثواب
|
122 |
- محاربة الجهل وجهاد العدو
|
123 |
- تهيؤوا واستعدوا للعدو الأقرب
|
123 |
آيات الجهاد في سورة هود (ع)
|
125 |
اللغة والبيان
|
125 |
التفسير
|
125 |
- حرمة الركون الى الظالم
|
125 |
آيات الجهاد في سورة ابراهيم (ع)
|
127 |
اللغة والبيان
|
127 |
التفسير
|
127 |
- التوكل على الله وحده
|
127 |
- خطط الجبارين والمعاندين ومصيرهم
|
128 |
آيات الجهاد في سورة النحل
|
129 |
اللغة والبيان
|
130 |
التفسير
|
130 |
- الهجرة لحفظ الدين
|
130 |
- الصبر والتوكل
|
130 |
- السّرية المطلوبة
|
130 |
- عشرة قواعد أخلاقية.. سلاح داعية الحق
|
131 |
آيات الجهاد في سورة الإسراء
|
133 |
اللغة والبيان
|
133 |
التفسير
|
134 |
آيات الجهاد في سورة الانبياء (ع)
|
137 |
اللغة والبيان
|
137 |
التفسير
|
137 |
- صناعة الأسلحة
|
137 |
- الرياح تحت إمرة سليمان
|
137 |
- سيحكم الصالحون الأرض
|
138 |
- النبي رحمة للعالمين
|
138 |
آيات الجهاد في سورة الحج
|
139 |
اللغة والبيان
|
140 |
التفسير
|
140 |
- أول حكم بالجهاد
|
140 |
- المهاجرون المضحون
|
141 |
- (الجهاد الاكبر) (الجهاد الأصغر)
|
142 |
آيات الجهاد في سورة النور
|
143 |
اللغة والبيان
|
143 |
التفسير
|
143 |
- لا تتركوا النبي وحده
|
143 |
آيات الجهاد في سورة الشعراء
|
145 |
اللغة والبيان
|
145 |
التفسير
|
145 |
- الإنتصار للحق
|
145 |
آيات الجهاد في سورة القصص
|
147 |
اللغة والبيان
|
147 |
التفسير
|
147 |
- إنتصار المستضعفين
|
147 |
آيات الجهاد في سورة العنكبوت
|
149 |
اللغة والبيان
|
149 |
التفسير
|
149 |
- الإمتحان الإلهي في الجهاد
|
149 |
- هم شركاء في الإنتصار أما في الشدة فلا
|
149 |
- سبل جهاد النفس والاعداء
|
150 |
آيات الجهاد في سورة الروم
|
151 |
اللغة والبيان
|
151 |
التفسير
|
1511 |
آيات الجهاد في سورة الأحزاب
|
153 |
اللغة والبيان
|
156 |
التفسير
|
156 |
- مواجهة الأحزاب إمتحان إلهي عظيم
|
156 |
- المنافقون وضعفاء الإيمان في عرصة الأحزاب
|
156 |
- فئة المعوقين
|
158 |
- دور المؤمنين المخلصين في معركة الأحزاب
|
159 |
- غزوة بني قريظة انتصار عظيم آخر
|
160 |
- تحذير شديد لمختلقي الإشاعات
|
160 |
آيات الجهاد في سورة فاطر
|
163 |
اللغة والبيان
|
163 |
التفسير
|
163 |
- إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
|
163 |
آيات الجهاد في سورة محمد (ص)
|
165 |
اللغة والبيان
|
165 |
التفسير
|
166 |
- يجب الحزم في ساحة الحرب
|
166 |
- إن تنصروا الله ينصركم
|
166 |
- يخافون حتى من اسم الجهاد
|
166 |
- ميدان الجهاد ساحة إختبار
|
167 |
- الصلح في غير محله مذلة
|
167 |
آيات الجهاد في سورة الفتح
|
169 |
اللغة والبيان
|
172 |
التفسير
|
172 |
- الفتح المبين
|
172 |
- نتائج الفتح المبين
|
172 |
- نزول السكينة في قلوب المؤمنين
|
172 |
- نتيجة اخرى من الفتح المبين
|
173 |
- بيان مكانة النبي ووظائف الناس بالنسبة اليه
|
173 |
- إعتذار المخالفين
|
174 |
- المخلّفون المهيأون عند الطلب
|
174 |
- جماعة معذورة من الاشتراك في ميادين الجهاد
|
175 |
- رضى الله عن المشتركين في بيعة الرضوان
|
175 |
- من بركات صلح الحديبية مرة أخرى
|
175 |
- لو حدثت الحرب في الحديبية
|
176 |
- التعصب وحميّة الجاهلية هما أكبر سد في طريق الكفار
|
177 |
- رؤية النبي (ص) الصادقة
|
177 |
- أشداء على الكفار رحماءُ بينهم
|
178 |
آيات الجهاد في سورة الحجرات
|
179 |
اللغة والبيان
|
179 |
التفسير
|
179 |
- إنما المؤمنون أخوة
|
179 |
- من علامات الإيمان
|
180 |
آيات الجهاد في سورة الحديد
|
181 |
اللغة والبيان
|
181 |
التفسير
|
181 |
- الإيمان والانفاق أساسان للنجاة
|
181 |
- الهدف الأساسي في بعثة الأنبياء
|
182 |
آيات الجهاد في سورة المجادلة
|
183 |
اللغة والبيان
|
183 |
التفسير
|
183 |
- الانتصار للمرسلين الالهيين
|
183 |
- حزب الله المنتصر
|
183 |
آيات الجهاد في سورة الحشر
|
185 |
اللغة والبيان
|
186 |
التفسير
|
187 |
- نهاية مؤامرة يهود بني النضير
|
187 |
- حكم الغنائم بغير الحرب
|
188 |
- السمات الأساسية لهؤلاء: (الانصار، المهاجرون، التابعون)
|
189 |
- دور المنافقين في فتن اليهود
|
190 |
- حيل الشيطان والمهالك
|
191 |
آيات الجهاد في سورة الممتحنة
|
193 |
اللغة والبيان
|
194 |
التفسير
|
194 |
- نتيجة الولاء لأعداء الله
|
194 |
- ابراهيم (ع) أسوتنا وقدوتنا جميعاً
|
195 |
- مودة الكفار غير الحربيين
|
196 |
- تعويض خسائر المسلمين والكفار
|
197 |
- شروط بيعة النساء
|
198 |
آيات الجهاد في سورة الصف
|
199 |
اللغة والبيان
|
199 |
التفسير
|
199 |
- يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم
|
199 |
- كونوا كالحواريين
|
200 |
- التجارة الرابحة
|
200 |
آيات الجهاد في سورة العاديات
|
203 |
اللغة والبيان
|
203 |
التفسير
|
204 |
- قسماً بالمجاهدين الواعين
|
204 |
آيات الجهاد في سورة الفيل
|
207 |
اللغة والبيان
|
207 |
التفسير
|
207 |
- كيد الكافرين في تضليل
|
207 |
آيات الجهاد في سورة النصر
|
209 |
اللغة والبيان
|
209 |
التفسير
|
209 |
- عند إنبلاج فجر النصر (فتح مكة)
|
209 |
مصادر الكتاب
|
211 |
الفهرس
|
213 |
|