بسم
الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف خلق الله محمّد وعلى آله الطّاهرين وأصحابه المنتجبين.
يقول سبحانه:
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ
يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن
يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
(1).
يشير المولى عزَّ وجلَّ إلى المؤمنين بوصفهم أنّهم يتلون القرآن حقَّ تلاوته وهو تعبير يدعونا إلى معرفة حقيقة ما ترسم لنا هذه العبارة، فالعباد أمام تلاوة القرآن الكريم على أقسام ثلاثة:
الأوّل: هناك من يركّز جلّ اهتمامه على أداء الألفاظ بشكل فنّيّ وصحيح على ضوء قواعد التّجويد من الإدغام والغنّة والوقف والوصل والمد وغير ذلك، ممّا يدخل في التّلاوة المركّزة ولا يهتمّ بمحتوى القرآن فضلاً عن العمل به.
الثّاني: هناك من يضيف إلى القسم الأول التّعمّق بالمعاني وطلب الفهم للموضوعات القرآنيّة ولكنّه يهمل العمل بها.
الثّالث:
وهم من يقرأون كلام الله سبحانه ويتّخذونه منهجًا للحياة، ويعتبرون
أنّ التّلاوة والتّدبّر بالقرآن والتّعمّق في المفاهيم القرآنيّة مقدّمة
للعمل بها وهذه هي حقّ التّلاوة يقول الإمام الصّادق (عليه السّلام) في تفسير
الآية: « يرتّلون آياته ويتفقّهون به، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده،
ويخافون وعيده، ويعتبرون بقصصه، ويأتمرون بأوامره، وينتهون
بنواهيه، ما هو والله حفظ آياته ودرس حروفه، وتلاوة سوره، ودرس
أعشاره وأخماسه حفظوا حروفَهُ وأضاعوا حدوده، وإنّما هو تدبّر
آياته، العمل بأركانه، قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ آيَاتِهِ ﴾»
(2).
يقول سماحة الإمام الخامنئيّ
(دام ظلّه) في هذا المجال: « لا يشتبه من يتصوّر أنّه يمكن أن يعرّف النّاس مضامين القرآن والعمل به، قبل أن نسعى لنشر تلاوته ».
فالتّلاوة مقدّمة للتّدبّر وهما معًا مقدّمة للعمل والتّطبيق، وباعتبار أنّ الصّوت الحسن زينة للقرآن، وهناك دعوة من الرّسول
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السّلام) إلى تحسين الصّوت لما له من تأثير في وقعه على السّمع والقلب والأحاسيس والمشاعر، يقول الرّسول
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إنّ لكلّ شيء حلية وحلية القرآن الصّوت الحسن »
(3).
من هنا عملنا في جمعيّة القرآن الكريم على إعداد هذا الكتاب (جمال التّلاوة في الصّوت والنّغم) من أجل مساعدة عشّاق القرآن في تلاوته الجميلة مبيّنين أصول وضوابط هذا الفنّ، سائلين المولى عزَّ وجلَّ أن يوفّق القارئ والدّارس لهذه القواعد بحقّ محمّد وآله أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
جمعيّة القرآن الكريم
للتّوجيه
والإرشاد
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد وعلى آله الطّيّبين الطّاهرين.
وبعد..
تذكر الرّوايات الكثيرة على أنّ النّبيّ الأعظم
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو أوّل من أسّس تلاوة القرآن وقراءته بصوت حسن، وكان يؤكّد كثيرًا على قراءة القرآن بالأصوات الحسنة والألحان العربيّة الجميلة، وهذا المجال له أحاديث كثيرة تؤكّد على حسن الأداء والقراءة الصّحيحة مع استخدام الألحان المناسبة والحزينة خاصّة، كما في حديثه المشهور
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتهم، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر، فإنّه سيجيء أقوام من بعدي يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرّهبانيّة والنّوح، لا يجوز حناجرهم، قلوبهم مقلوبة وقلوب الّذين يعجبهم شأنهم »
(4).
وعنه
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « لكلّ شيء حلية، وحلية القرآن الصّوت الحسن »
(5).
وأيضًا كان الإمام أمير المؤمنين عليّ
(عليه السّلام) والصّحابيّ الشّهير عبد الله بن مسعود والأئمّة الطّاهرون (عليهم
السّلام) وخاصّة الإمام السّجّاد زين العابدين وابنه الإمام الباقر
(عليهما السّلام) يتلون القرآن ويرتّلونه بأصوات حسنة ونغمات شجيّة، فكان لهذه الأصوات والنّغمات الملكوتيّة التي لا مثيل لها تأثير عظيم في نفوس المؤمنين وأصحابهم النّجباء.
فعن أبي عبد الله الصّادق
(عليه السّلام): « كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) أحسنَ النّاس صوتًا بالقرآن، وكان السّقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه يستمعون قراءته »
(6).
فهذا الفنّ يعتبر من أهمّ العلوم في تحسين التّلاوة وجلب أنظار المخاطبين لجمال القرآن المعنويّ وتطبيق مفاهيمه العالية، وعلى حسب الأصول والضّوابط النّظريّة
والعلميّة والعمليّة.
مع هذا فلا يكتفي الطّالب بالعلوم النّظريّة الّتي نذكرها في هذا المجال، فمن باب التّأكيد نقول: لا بدّ أن يكون تطبيقه عمليًّا وليس نظريًّا فحسب، والّذي يحبّ أن يصل إلى مرحلة الاحتراف في فنّ الصّوت والّلحن وحُسن أدائهما فعليه أن يسلك الطّريق النّظريّ المناسب لقراءة القرآن، ومن ثَمَّ يشرع بمرحلة التّطبيق باستخدام الأساليب الصّحيحة والوسائل الخاصّة.
إذن سنشرح هذه الطّرق النّظريّة والعمليّة بإجمال، ليتبيّن للطّالب ما هو الأهمّ منها ليسلكه ويعمل على تحصيله:
الطّريق الأوّل: هو الطّريق الفنّيّ أو النّظريّ، وهو غالبًا ما يعتني بتبيين النّوتات الموسيقيّة على ورق الموسيقى،
وفكّ طلاسمها، من صعود ونزول، وقرار وجواب، وحركات وسكنات،
وأنواع وأجناس، وأصول وفروع الى آخره.
وعندما يحصّل الطّالب هذه المطالب، في بعض الأحيان يبتدىء بالتّطبيق على الآلات الموسيقيّة أو ربّما بواسطة الصّوت من خلال الغناء. وهنا يقع الطالب في إشكال شرعيّ، لحرمة استخدام الالآت الموسيقيّة وحرمة الغناء.
لذا، فالكثير من طلاب هذا العلم يكتفون بالمقدار المناسب والمشروع من هذا العلم، ويسلكون الطّريق الثّاني لعلمهم بعظمة القرآن وقدسيّة آياته ومراعاتهم للتّقوى والأحكام الشّرعيّة
(7).
الطّريق الثّاني: ينمّي في الطّالب الأذن الموسيقيّة الّذي يدفعه للاستماع المكرّر إلى مقرئ معيّن يمتلك طبقة صوت متقاربة لطبقة صوت الطّالب، لأنّ
أصوات النّاس مختلفة، فبعضهم يمتلك صوتًا رفيعًا، وبعضهم يمتلك صوتًا متينًا فخمًا أو صوتًا رخيمًا، والبعض منهم يمتلك صوتًا رفيعًا حادًّا.
فعلى الطّالب المجد أنّ يعلم في بداية الأمر ما نوع صوته؟ وهل يستطيع أن يقرأ بالقرار ويصعد إلى الجواب، ومن ثمّ إلى جواب الجواب، أو أنَّ صوته محدود فلا يقدر إلا على القرار والجواب؟ عليه أن يكتشف خصوصيّة صوته قبل أن يشرع بالتّدريب، حتّى لا يحمّل صوته ما لا طاقة له فيجرحه ويشوّهه.
وبعد أن يجد الطّالب مقرئًا يناسب صوته، ينبغي أن يستمع إلى ترتيله أوّلاً، ويدمن على الاستماع
إليه، حتّى يتمكّن من تقليد ترتيله. بعدها يبتدئ الاستماع إلى تحقيق (تجويد) مقرئه، لتترسّخ قراءاته في ذهنه ومن ثمّ يعمل على تقليده ابتداءً من مقام البيات.
وعلى الطّالب أن يحاول جاهدًا تقليد المقرئ بطرق شتّى حتّى يتقن مقام البيات، بقراره وجوابه وفروعه، ومن ثمّ ينتقل إلى مقام آخر كالرّست، ويعيد الكَرَّة حتّى يتقنه. ومن ثمّ
السّيكاه، وبعده الصّبا، وبعده العجم، وبعده النّهاوند، وأخيرًا الحجاز.
ويفضّل أن يسجّل الطّالب قراءته بين الحين والآخر ويستمع إليها، حتّى يعلم إنْ كان هناك تقدُّم في أدائه، أو إنْ كان هناك نشاز في صوته، ولا يجب على الطّالب أن يتّبع هذا التّرتيب بالذّات بل يجب عليه أن يتّبع أذنه، فإن استساغت أذنه مقام النّهاوند وأحبّته وعشقته، فعليه أن يبدأ به أوّلاً وهكذا، حتّى ينهي المقامات السّبعة.
بعد هذه المقدّمة ينبغي أن لا يجرّنا علم الصّوت والنّغم إلى أمور تلهينا عن المقصود، فالقصد من تعلّم حسن الأداء هو العمل بأقوال الرّسول والآل
(صلوت الله وسلامه عليهم أجمعين) بتحسين الأداء لنصل إلى درجة الخشوع والتّأمّل في الآيات عند سماعها بأداء يريح القلب ويطرب الأذن ويسعد السّامع، فالهدف بالتّالي هو حُسن الأداء وليس فنّ الغناء!!
وهنا نقول للمحبّين الكرام:
إنَّ المقامات هي من علوم الصّوتيّات ولا يوجد صوت من دون مقام، فالمقامات لا تقتصر على الموسيقى فقط، وإنّما تدخل في
أيّ حِسٍّ صوتيٍّ كيفما كان سواء كان صوت تلاوة، أم صوت غناء، أم صوت نشيد، أم صوت صفير، أم أيّ صوت تحدّد ملامحه بمقام معين.
أمّا تقسيمات السّلّم الموسيقيّ وإن كانت مهمّة لضبط الأصوات فتلك تقتصر على الموسيقى أكثر، ولا ينبغي أن تدخلها تمامًا في تلاوة كتاب الله عزَّ وجلَّ، لأنّك لا تحتاجها!! وقد تشغلك عن التّدبّر والتّأمّل في الآيات، لأنّك تصبّ تركيزك في الرّي والدّو والصّول ونصف بيمول .... وإلى آخره وكيفيّة الانتقال فيما بينها، الأمر الّذي لا تحتاجه بتاتًا في التّلاوة، فإذا كنت مصرًّا على ذلك يكفيك أن تمرّ به مرورًا خاطفًا، لتعلم مساحة صوتك، ودرجة الأوج والقمّة في سبيل المثال، وتكتفي بهذا في التّمرين الصّوتيّ فقط.
ولا يستطيع الصّوت البشريّ أن يميّزها في التّلاوة أو حتّى في الغناء كما تميّزها الآلآت الموسيقيّة، الّتي وضعت لتأتي بهذه الأصوات وعلى جميع الطّبقات الصّوتيّة (القرار، والجواب، وجواب الجواب)، أمّا صوتنا نحن يا إخواني فهو صوت وهبنا الله تعالى إيّاه وفيه خصائص معيّنة، ينبغي
أن نتعرّف عليها بالطّرق الصّحيحة، فكثير من القرّاء من لا يستطيع أن يقرأ بجواب الجواب، ولكنّه قارىء مبدع ومجيد.
أمّا السّلّم الموسيقيّ فأنت لا تحتاج تطبيقه بالضّبط وفقًا للأصول الموسيقيّة في القراءة القرآنيّة، ولكن قد تحتاجه بهذه الكيفيّة في الانشاد مثلاً، ولكنّك تحتاج
إلى تعلّم المقام بطبقة صوتك فقط، الأمر الّذي يمكنّك من تلاوة القرآن بأداء جميل يخشع القلب ويستميل السّامع عند سماعه، وهذا هو المطلوب من تعلُّم هذا العلم.
إذن لماذا نترك المهمّ ونذهب
إلى الفرعيّات؟! فلنتعلّم الأصول في المقامات، وإذا أتقنّاها نستطيع بعد ذلك أن نتعلّم طريقة الانتقال
إلى بعض الفروع المهمّة منها الّتي يتناولها الكبار من المقرئين في حفلاتهم الكبيرة، لتوسيع مدى النّغمات الجميلة، أو جعلها كمبدّل لسائر النّغمات (وهي مع هذا قليلة جدًّا وأكثرها في جانب نغمة البيات).
أمّا تطبيق الفروع فهي لا تهمّنا كثيرًا في التّلاوة وهي غير واجبة، ويكفينا معرفة أسمائها، أو تطبيق بعضها في الإنشاد الدّينيّ والتّواشيح. وننبّه
هنا إلى أنّ تعلّم المقامات بأسلوبها وحالاتها الخاصّة المطابقة لمفاهيم الوحي العظيم فهي الّتي تساعدنا على تحصين أدائنا في التّلاوة، وإيصال المعنى والمفهوم القرآنيّ للسّامع المتعطّش لكلام الله البيّن.
ملاحظة هامّة: أخي الكريم، إن لم تكن متقنًا لأحكام التّجويد ومخارج الحروف وصفاتها الصّحيحة، فلا تضيّع وقتك بتعلّم علم الصّوت والمقامات، بل يجدر بك أن تتقن أصول القراءة، وتتعلّم أحكام التّجويد وضبط الكلمات ضبطًا صحيحًا، ولفظ الحروف لفظًا سليمًا، ومن بعدها تستطيع أن تسعى لتحصيل هذا العلم خاصّة الّذي تجده
أكثر استخدامًا وتطبيقًا في المجال العمليّ، ويناسب قدسيّة كلام الله العزيز الحميد، وإلاّ فأكثره لأجل التّزوّد في معرفة الأصوات لننتهي من خلاله لمعرفة الخالق الّذي أوجد لنا هذه الأجهزة العظيمة في أبداننا كالحنجرة والجهاز التّنفّسيّ وغيرهما.
وفيه عشرة فصول وفق هذا الأساس والتّرتيب:
من الفِطَر الّتي فطر الله سبحانه عليها قلوب عباده حبّ الاستماع إلى الصّوت الحسن، ونفورها من الصّوت القبيح، ولا شكّ أنَّ للصّوت أثرًا كبيرًا على إقبال السّامع وإدباره. وواقع النّاس أكبر دليل على هذه الحقيقة، فنحن مثلاً عندما نسمع صوت مؤذّن ينادي للصّلاة بصوت نديٍّ نُرهف السّمع
إليه، ونتمنّى ألا ينتهي ممّا هو فيه، ولهذا المعنى أمر رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عبد الله بن زيد أن يطلب من بلال الحبشيّ أن يؤذّن، قائلاً له: « ألقه
على بلال فإنّه أندى منك صوتًا »
(8).
ولأهميّة جمال الصّوت وحسنه، وجدنا النّاس يسعون إلى سماع كلّ ما يُدخل السّرور إلى قلوبهم، فكانت العرب مثلاً، إذا ركبت الإبل تتغنّى بالحداء، وهكذا كانت في كثير من أحوالها.
ولمّا نزل القرآن الكريم على قلب خير المرسلين، أحبَّ النّبيّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يكون سماعهم للقرآن مكان التّغنّي الّذي كانوا عليه، فدعا
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى التّغنّي بالقرآن، فقال: « ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيّ يتغنّى بالقرآن »
(9).
التّغنّي بالقرآن: يعني تحسين الصّوت به، وليس معناه
أن يأتي به كالغناء، وإنّما المعنى تحسين الصّوت بالتّلاوة، ومنه الحديث الصّحيح: « ما أذن الله لشيء كما أذن لنبيّ حسن الصّوت بالقرآن يجهر به »
(10)، وحديث « ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن »
(11)، ومعناه تحسين الصّوت كما تقدّم.
والتّغنّي هو الجهر به مع تحسين الصّوت والخشوع فيه حتّى يحرّك القلوب، لأنّ المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتّى نخشع، وحتّى تطمئنّ وحتّى تستفيد.
وثبت في السّنة النّبويّة الشّريفة أنّه
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان أحسن النّاس صوتًا بقراءة القرآن، فقد روي عن البراء بن عازب قال: « سمعت النّبيّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرأ في المغرب (والتّين والزّيتون) فما رأيت إنسانًا أحسن قراءة منه »
(12).
وعن النّبيّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه سئل: أيّ النّاس أحسن صوتًا بالقرآن؟ قال: « من إذا سمعت قراءته رأيت أنّه يخشى الله »
(13).
والتّرجيع في القراءة - كما قال العلماء - ترديد الصّوت
بالحلق والجهر به بعد خفائه مكرّرًا لأجل التّخشُّع. قال شرّاح الحديث في معناه: وفي هذا الحديث دلالة على جواز قراءة القرآن بالتّرجيع والألحان الملذّذة للقلوب بحسن الصّوت، وذلك أنّ القراءة بالتّرجيع تجمع نفوس النّاس إلى الإصغاء، وتستميلها بذلك. وقد كان الجاهليّون يُرَجِّعون الشّعر، بأن يقرأونه على الألحان المطربة والإيقاع ليؤثّر في السّامعين، ويقع منهم موقعًا حسنًا.
وكان
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحبّ أن يسمع القرآن من غيره، وقد أثنى على صحابته الّذين يقرأون القرآن بصوت حسن، فعندما مرّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأبي موسى الأشعريّ وسمعه يقرأ القرآن - وكان ذا صوت حسن - سُرَّ بصوته، وقال له: « لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود »
(14)، والمراد بالمزمار هنا الصّوت الحسن، وأصل الزّمر الغناء.
وفي رواية
أخرى، قال
أبو موسى: « لو كنت أعلم أنَّك تسمعه، لحبّرته لك تحْبيرًا »
(15) أي: حسّنته وزيّنته بصوتي تزيينًا. ولم يُنكر عليه النّبيّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) - ذلك، فدلّ على أنّ تحبير الصّوت وتحسين الصّوت والعناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارئ والمستمع ويستفيد هذا وذاك.
عن رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « حسّنوا القرآن بأصواتكم، فإنّ الصّوت الحسن يزيد القرآن حسنًا وقرأ: ﴿يَزِيدُ
فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾
(16).
وعنه
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « زيّنوا القرآن بأصواتكم، فإنّ
الصّوت الحسن يزيد القرآن حسنًا »
(17).
عن الإمام الصّادق
(عليه السّلام): « ما بعث الله عزّ وجلّ نبيًا إلا حسن الصّوت »
(18).
عن ابن عبّاس: « أنّ رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: لكلّ شيء حلية، وحلية القرآن حسن الصّوت »
(19).
وأيضًا عن النّبيّ (صلّى
الله عليه وآله وسلّم): « إنّ حسن الصّوت زينة للقرآن »
(20).
قال رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إنَّ حسن الصّوت زينة القرآن »
(21).
وقال
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إنَّ القرآن نزل بالحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا »
(22).
وقال
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « ما بعث الله نبيًّا إلا حسن الصّوت »
(23).
وقال
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « ونعم النّعمة الصّوت الحسن »
(24).
وقال
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « زيّنوا القرآن بأصواتكم، فإنَّ
الصّوت الحسن يزيد القرآن حسنًا »
(25).
وعن أبي عبد الله
(عليه السّلام) قال: « إنّ القرآن نزل بالحزن، فاقرؤوه بالحزن »
(26).
وروي أن موسى بن جعفر
(عليه السّلام) كان حسن الصّوت وحسن القراءة وقال يومًا: « إنَّ عليّ بن الحسين كان يقرأ القرآن، فربّما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته »
(27).
وعن الرّضا
(عليه السّلام) قال: « قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله
وسلّم): حسّنوا القرآن بأصواتكم، فإنّ الصّوت الحسن يزيد القرآن حسنًا »
(28).
عن معاوية بن عمّار: قلت لأبي عبد الله
(عليه السّلام): الرّجل لا يرائي أنّه صنع شيئًا في الدّعاء وفي القراءة حتّى يرفع صوته؟ فقال
(عليه السّلام): « لا بأس، إنّ عليّ بن الحسين (عليه السّلام) كان
أحسن النّاس صوتًا بالقرآن، كان يرفع صوته حتّى يسمعه أهل الدار »
(29).
ينتج صوت نطق الكلام أو غيره من الأصوات الّتي يصدرها الإنسان جرّاء مرور الهواء الخارج من الرّئتَيْن أثناء عمليّة الزّفير عبر القصبة الهوائيّة إلى خارج الجسم من خلال الأنف. وخلال هذه العمليّة يمرّ الهواء في أعلى القصبة الهوائيّة بتراكيب الحنجرة، أو (الصّندوق الصّوتيّ)، الّتي تضمّ الحبال الصّوتيّة، والحبال الصّوتيّة عبارة عن رباطين من العضلات الّتي تمتلك خاصيّة الاهتزاز التّردّدي، ما ينتج عنه تحويل الصّوت المصمت لخروج تيار الهواء من الرّئة إلى صوت مسموع مختلف في درجات طبقات النّغمات ووحدة التّردّدات.
والصّوت البشريّ هو أوّل وأروع وأهمّ آلة موسيقيّة عرفها الإنسان وهو
أكثرها مرونة وأعظمها حساسيّة وأقدرها تعبيرًا، وهو آلة وتريّة
(chordophone) وهوائيّة (aerophone) في آن واحد، بينما لا تجمع أيّ من الآلات بين هاتَيْن الخاصّيّتَيْن في آن، وهو الآلة الموسيقيّة الوحيدة الّتي تعتبر جزءًا من المؤدّي نفسه.
ونوعيّة الصّوت الصّادر من حنجرة كلّ إنسان هي علامة مميّزة له، وأشبه بتلك البصمات لأطراف الأصابع، الّتي تميّز إنسانًا عن الآخر، ولدى غالبيّة النّاس يلعب صوت نطق الكلام دورًا مهمًّا في الشّخصيّة وكيفيّة تفاعلها مع المحيطين بهم، لأنّنا نعتمد عليه كثيرًا في التّواصل ونوعيّته والرّسائل المراد إيصالها، لا من خلال مكوّنات كلمات الجمل فحسب، بل على خصائص شتّى متعدّدة في طريقة إصدار أصواتها، وإضافة إلى هذا فإنّ ثمّة كثيرين جدًّا من النّاس الّذين تعتمد جوانب شتّى من حياتهم على حبالهم الصّوتيّة وكفاءة عملها بشكل طبيعيّ أو فوق الطّبيعيّ. وهذا يعني أنّنا كأشخاص طبيعيّين بحاجة إلى حبال صوتيّة سليمة ومرنة وتتفاعل بطريقة طبيعيّة مع ما نريد من كيفيّة في إصدار أصوات نطق الكلمات للجمل، وهو ما يتطلّب أن نعتني بتلك الحبال وسلامتها في الاستخدام اليوميّ لها وفي حال تعرّضنا لأيّة ظروف أو أمراض قد
تطولها بالضّرر.
وهناك العديد من الأمور الّتي يمكنها أن تتسبّب بالضّرر في الحبال الصّوتيّة، ما قد يحرم المرء من خصائص تفاعلاتها الطّبيعيّة في إصدار الأصوات المتميّزة والأصوات الطّبيعيّة، وهي تشمل التهابات الجهاز التّنفّسيّ العلويّ بالميكروبات، والالتهابات النّاجمة عن ترجيع محتويات المعدة
وأحماضها إلى المريء، ومن ثمّ وصولها إلى أجزاء أعلى كالّتي في الحنجرة ومنها الحبال الصّوتيّة، إضافة إلى سوء استخدامها والافراط أو التفريط في استخدامها بطرق خاطئة تضرّ بسلامتها. كما يؤدّي إلى تلك النّتيجة ظهور عُقَد على الحبال الصّوتيّة في أجزاء أخرى من الحنجرة أو أورام سرطانيّة فيهما أو حصول حالات من التّشنّج العصبيّ العضليّ، أو التّعرّق لبعض حالات الصّدمات النّفسيّة. لكن، كما يقول بعض الخبراء: « إنّ من المهمّ تذكُّر أنّ غالبيّة اضطرابات إصدار أصوات الكلام يمكن معالجتها بكفاءة إذا ما تمّ تشخيص وجودها في وقت مبكّر »، أي سرعة مراجعة الأطباء بمجرّد الشّعور بها، مثلاً: عند بدء الإحساس بخشونة أو بحّة في الصّوت، أو ملاحظة عدم القدرة على بلوغ طبقات عالية من الصّوت، من المعتاد لدى البعض بلوغها، أو الشّعور فجأة بأنّ الصّوت أصبح عميقًا بشكل غير طبيعيّ. أو أنّ ثمّة صعوبة في إصدار أصوات الكلام أو غيرها ممّا يعلم المرء بأنّه ليس طبيعيًّا.
كلّ جسم قادر على إحداث ذبذبات يمكن أن تُحدث ضوضاءً أو أصواتًا حسب عدد الذّبذبات الّتي يرسلها في وحدة معيّنة من الوقت ويطلق على عددها في الثّانية الواحدة (تسمّى وحدات هرتز) نسبة
إلى الفيزيائيّ الألمانيّ هينريش هيرتز (1857- 1894م).
والضّوضاء تكون في حدود 16 ذبذبة في الثّانية، بينما الصّوت المسموع
تكون ذبذباته ما بين 16 وحوالي 16000 ذبذبة في الثّانية، وفوق ذلك
حتى 20000 يسمّى طنينًا، وما فوق ذلك فيطلق عليه ما فوق الصّوتيّ
(Supersonic)، والأصوات المسموعة ذات الذّبذبات المنتظمة، قد تكون نوعًا من الموسيقى، أمّا غير المنتظمة فهي في عداد الضّجيج، ويتميّز الصّوت بثلاث صفات رئيسيّة هي:
1-
الدّرجة والمساحة الصّوتيّة: (راجع دروس خصائص الصّوت وصفاته).
2-
شدّة الصّوت: (قوّته) وتتوقّف على قوّة الاهتزازات.
3-
النّوع: أي طابع الصّوت والصّفة الخاصّة به (راجع بحث الرّنين والطّنين).
لكلّ إنسان صوته الخاصّ به، المختلف عن أصوات الآخرين، فكأنّه ملامح الوجه أو بصمات الأصابع أو التّكوين العامّ للجسم. وكما أنَّ للإنسان شخصيّة تميّزه عن الآخرين، فإنَّ صوته أيضًا يميّزه عن أصوات الآخرين.
فالحنجرة - بحبالها الصّوتيّة - هي الّتي تحدّد هذه الشّخصيّة الصّوتيّة، فربّما تكون كبيرة ذات حبال صوتيّة قويّة تصدر أصواتًا عالية، وربّما تكون رخيمة أو حجيمة.
ويكون الصّوت غليظًا أو حادًّا حسب سرعة ذبذباته، فكلّما كانت الذّبذبات سريعة كان الصّوت حادًّا، وكلّما كانت الذّبذبات بطيئة كان الصّوت غليظًا. ويمتاز الصّوت بقدرته على الارتفاع والانخفاض على الضّيق والاتّساع.
ويغطي الصّوت البشريّ - في مجموع طبقاته - مساحة تبلغ حوالي ثلاثة دواوين ونصف الدّيوان تقريبًا، ويبلغ المدى الصّوتيّ لكلّ إنسان حوالي: ديوانَيْن يستطيع القارئ أن يؤدّي درجاتها بكفاءة تامّة، حيث يمكنه أن ينزلق بنعومة من درجة ما إلى درجة أخرى مجاورة، أو يقفز من إحدى الدّرجات في طبقته إلى أغلظها أو العكس.
ويتمتّع بعض المقرئين بمواهب خاصّة تمكنّهم من تجاوز المدى المعتاد لطبقتهم، ويسمّى الصّوت بهذه التّقنيّة في الأداء صوتًا مستعارًا، لأنّه ليس الصّوت الحقيقيّ للمؤدّي ولكنّه صوت متكلّف مصطنع.
وتختلف الطّبقات الصّوتيّة للبشر تبعًا لاختلاف التّكوين الفيزيولوجيّ لكلّ منهم، فأصوات الرّجال تختلف عن أصوات النّساء، إذ تقع على بعد ديوان (أوكتاف) أسفل منها. كما تختلف أصوات النّساء فيما بينها وأصوات الرّجال فيما بينهم، لطبيعة ولون الصّوت الّذي يتوقّف عادة على حجم وشكل تجاويف الرّئتين حيث تعمل عمل الصّناديق المصوّتة للآلات الموسيقيّة الّتي يختلف تكوينها من شخص إلى آخر. كما يلاحظ أنَّ أصوات الأطفال - ذكورًا وإناثًا - تساوي في طبقاتها أصوات النّساء.
فبالنّتيجة تتميّز أصوات البشر وتختلف اختلافًا واضحًا متميّزًا بين أصوات الرّجال وأصوات النّساء وأصوات الأطفال. كذلك تختلف أصوات النّساء فيما بينها غلظة وحدّة، وكذلك اصوات الرّجال، ولذلك فهي مقسّمة كالآتي من الأعلى
إلى الأسفل من حيث المساحة الصّوتيّة:
-
سبرانو: وهو أحد الأصوات النّسائيّة.
-
مترو سبرانو: وهو أقلّ حدّة من السّبرانو.
-
كنتر آلتو: وهو الصّوت النّسائيّ القريب للصّوت الرّجالي.
وأصوات الرّجال من الحدّة إلى الغلظة، كما يلي:
-
تينور: وهو الصّوت الرّجاليّ الحادّ أو النّاعم.
-
باريتون: وهو الصّوت المتوسّط بينهما.
-
باص: وهو أغلظ وأفخم الأصوات الرّجاليّة.
وتسمّى أصوات الأطفال (أصواتًا بيضاء غير منقطعة).
الحنجرة عضو غضروفيّ يقع في مقدّمة الرّقبة (أعلى الرّقبة) من أسفل العظم اللاميّ. وحنجرة الرّجل تكون
أكثر بروزًا في الرّقبة عن حنجرة المرأة.
الحنجرة عضو أساسيّ في الجهاز التّنفّسيّ، وتعمل كصمّام أمان لمنع تسرّب الأكل أو الشّرب أثناء البلع إلى القناة التّنفّسيّة، بالإضافة إلى أنّها عضو أساسيّ في جهاز الكلام حيث يتمّ فيها انقباض الحبائل الصّوتيّة مع مرور الهواء من الرّئة أثناء عمليّة الزّفير.
تتكوّن الحنجرة من عدّة غضاريف فرديّة، هي: الغضروف الدّرقيّ، والغضروف الحلقيّ، وثلاثة غضاريف زوجيّة هي: الغضاريف القرنيّة، الغضاريف الإسفينيّة، والغضاريف الإرتينويديّة.
وتتّصل هذه الغضاريف بعدّة أربطة يبطّنها من الدّاخل غشاء مخاطيّ وعضلات، وهي تعمل على تقريب أو إبعاد الحبال الصّوتيّة أثناء الشّهيق أو الزّفير، وكذلك أثناء البلع أو الكلام.
كما يوجد عند مدخل الحنجرة غضروف مغطى بغشاء مخاطيّ يسمّى (لسان المزمار) يتحرّك ليقفل الحنجرة أثناء بلع الطعام، وعلى السّطح الدّاخليّ للحنجرة يوجد بروزان على كل ناحية
يسمّى البروزان العلويّان بالحبلَيْن الصّوتيَّيْن الكاذبَيْن، ويسمّى البروزان السّفليّان بالحبلَيْن الصّوتيَّيْن الحقيقيَّيْن، وتتحكّم هذه الأحبال الصّوتيّة في نغمة الصّوت بواسطة الشّدّة والارتخاء، وتقوم بذلك عضلات صغيرة متّصلة بغضاريف الحنجرة.
هي عضو مهمّ وحيويّ بالنّسبة للتّنفّس والبلع، إذ أنَّها تعمل كصمّام أمان لمنع دخول الأكل والشّرب إلى الرّئتَيْن أثناء البلع، وكذلك منع دخول أيّ أجسام غريبة. وهذه هي الوظيفة الوحيدة للحنجرة في بعض الحيوانات، إلا أنَّها تكتسب صفات أخرى لكي تقوم بوظائف إضافيّة مهمّة في الإنسان والحيوانات العليا،
إذ أنَّ القدرة على الكلام تقوم أساسًا على إصدار الصّوت عن طريق الأداء الوظيفيّ السّليم للحبال الصّوتيّة، وإجمالاً يمكن تحديد وظائف الحنجرة كالآتي:
1 ـ
التّنفّس.
2 ـ
البلع.
3 ـ
الكلام.
فالكحّة ما هي إلا محاولة لطرد المخاط والأجسام الغريبة من الرّئتَيْن والشُّعَب الهوائيّة، لذا فهي إحدى العمليّات الحيويّة المهمّة بالجسم.
وللتّخلّص من الإفرازات والمخاط المتجمّع، لا بدّ من حدوث انقباض في عضلات الصّدر والبطن ممّا يؤدّي إلى ارتفاع ضغط الهواء داخل تجويف الصّدر، ومع ابتعاد الحبال الصّوتيّة عن بعضها البعض، فيندفع الهواء حاملاً معه المخاط إلى خارج الجسم.
-
تثبيت القفص الصّدريّ حتّى تتمكّن عضلات السّاعدَيْن والصّدر من أداء دورها الوظيفيّ بكفاءة.
-
المساعدة على زيادة ضغط الهواء في منطقة البطن عند إغلاق الحنجرة، كما يحدث في حالات الحزق أثناء الولادة أو عند التّبرّز.
يؤدّي الصّوت عدّة وظائف: فهو وسيلة اتّصال وتفاهم يبيّن الحالة النّفسيّة للمخاطب، قد يبيّن الحالة الصّحيّة للمخاطب سواء الحالة العامّة أم حالة الجهاز التّنفسيّ.
ويصدر الصّوت من الحنجرة من خلال تحرّك الحبال الصّوتيّة انقباضًا وانبساطًا بطريقة سلسلة. فيأخذ الإنسان شهيقًا عميقًا، وتقوم الحبال الصّوتيّة بالتّلاقي والتّلامس، ثمَّ تنقبض عضلات الصّدر والبطن فيخرج الهواء من بين حبلَيْ الصَوت، وتحدث له الذّبذبة الّتي ينتج عنها الصّوت، وتتغيّر درجة انقباض الحبال الصوتيّة والتّغيير المناسب في الطّول والتّوتّر، فتحدث الاختلافات في نبرات الصّوت.
وبالنّسبة لقوّة الصّوت، لا بدّ من توافر الطّاقة: وهي كميّة الهواء المخزون بالرّئتَيْن مع سلامة
حبلَيْ الصّوت والغشاء المخاطيّ المبطّن لهما، وكذلك الالتقاء النّاعم بين
حبلَيْ الصّوت، ومع استمرار الكلام
ونفاذ تلك الطّاقة يخفت الصّوت شيئًا فشيئًا.
ولكي نتمكّن من استمرار الكلام في نفس واحد، فإنّنا نعوّض هذا الخفوت بالحركة العنيفة للحبال الصّوتيّة، ولكي نستعيد القدرة على الكلام لا بدّ أن نكفّ عنه لكي نتمكّن من أخذ شهيق.
أمّا بالنّسبة لسلامة الصّوت ونقائه، فهذا يستلزم تلامس حبلَيْ الصّوت بنعومة مع حركة السّلسلة وسلامة الغشاء المخاطيّ، بمعنى أنّ أيّ خلل في هذا يؤدّي إلى تغيير في نبرة الصّوت وظهور بحّة الصّوت، وفي المعتاد تكون البحّة مصاحبة لضعف الصّوت إلا أنَّه أحيانًا يظهر كلّ منهما منفردًا، وذلك في بعض مراحل أمراض الحنجرة.
يمكن إيجاز النّصائح العامّة للمحافظة على الحنجرة بالآتي:
-
تجنّب التّنفّس من الفم لأنّ له تأثيرًا مباشرًا وضارًّا على الحنجرة، إذ يمرّ تيّار الهواء البارد أو السّاخن الجافّ أو الرّطب والمحمّل بكلّ ملوّثات البيئة على الحلق والحنجرة مباشرة، فيؤدّي ذلك إلى التهابها، وما ينتج عن هذا من أعراض مثل بحّة الصّوت، والإحساس بالجفاف، والكحّة وما شابه.
-
الابتعاد عن التّدخين والملوّثات البيئيّة من أدخنة وكيماويّات وعادم السّيّارات والأتربة وما شابه.
-
استعمال الصّوت بطريقة سليمة وغير مجهدة للحبال الصوتيّة، خصوصًا في المهن الّتي يعتمد أفرادها على استعمال الصّوت لفترات طويلة مثل المحامي والواعظ وسيّدة البيت عند تعاملها مع أولادها.
-
العلاج السّريع والمناسب لأيّة التهابات تحدث في الحنجرة مثل نزلات البرد.
-
العناية بالصّحّة للجسم بشكل عامّ، والاهتمام بسلامة الأنف والحلق، والتّأكّد من الأداء الوظيفيّ السّليم لهما بشكل خاصّ، حيث إنَّ هذا يضمن استمرار تكييف الهواء، وليصل إلى الحبال الصّوتيّة بصورة طبيعيّة ونقيّة، وكذلك يمنع استنشاق ميكروبات أو افرازات صديديّة متساقطة من الأنف أو البلعوم.
-
الابتعاد عن العلاق الهرموني خصوصًا في السّيّدات، ويجب ألا يتمّ هذا إلا تحت إشراف طبيب متخصّص في هذا الشّأن حتّى لا تفقد الحنجرة طبيعتها الأنثويّة عند المرأة.
الحنجرة عبارة عن صندوق لإصدار الأصوات باهتزازات أجزاء به تسمّى بالحبال الصّوتيّة، الّتي تتعرّض أحيانًا للاحتقان والتّورّم والالتهاب، فإذا كنت تعاني من بحّة أو حشرجة بالصّوت فهذا يعني وجود التهاب بالحنجرة وهو ما يصاحب أحيانًا نزلات البرد. وقد تحتاج هذه الحالة لتقديم مضادّات حيويّة للقضاء على العدوى والالتهاب.
وهناك أيضًا بعض الوصفات المفيدة في تعجيل الشّفاء بإذن الله تعالى.
أهمّ الوصفات المفيدة:
1- الكفّ عن كثرة الكلام بما أنّ الحبال الصّوتيّة متعبة فمن المنطقيّ أن نجعلها ترتاح بعض الوقت من عملها في إصدار الكلام، فلا تتكلّم إلا لضرورة شديدة. وحاول أن تكتب بدلاً من أن تتكلّم.
2- اشرب يوميًّا ثلاثة أكواب شاي الّليمون اليابس، فإنّ خواص الّليمون (الطّازج واليابس) تفيد في تخفيف احتقان الحنجرة وتقوية الصّوت، وكذلك المآكل الرّطبة والعسل المذاب، خاصّة مع الحليب السّاخن أو الدّافئ.
3- عالج حبالك الصّوتيّة بـ (أبو فروة): أزل القشرة الخارجيّة لبعض ثمار ابو فروة (القسطل) النّيئة وامضغها كالّلبان فهي تساعد هذه الوصفة في تخفيف التهاب الحنجرة بإذن الله.
4- توقّف عن البارد والجأ للدّافئ، إنّ المشروبات الباردة، أو المثلّجة غير مرغوب فيها في حالات التهاب الحنجرة، إذ يمكن أن تزيد من المتاعب، ويجب التّحوّل إلى تناول المشروبات الدّافئة بكثرة على مدار اليوم كمشروب الأعشاب وخاصّة اليانسون، والحلبة، والّليمون.
5- اعمل حمّامًا بخاريًّا للوجه:
إغْلِ مقدار ثلاثة أكواب من الماء، ثمّ ضع ربع ملعقة صغيرة من زيت الكافور العطريّ، أو زيت النعناع العطريّ، ثمَّ لفّ قماشة حول رأسك وقرّب وجهك من بخار الماء المتصاعد والمحمّل برائحة الزّيت، واستنشق البخار بعمق. استمر في عمل هذا الحمّام البخاريّ لمدة 15 دقيقة وكرّر ذلك ثلاث مرّات يوميًّا.
يحتوي زيت الكافور على مادّة كيماويّة تسمى سينيول (Cineole) تتميّز بتأثير مقاوم للعدوة ومخفّف للالتهاب. كما يحتوي زيت النّعناع على مواد قاتلة للجراثيم ومزيلة للاحتقانات والانسدادات.
6- خفّف التهاب الحنجرة بهذا الخليط: جهّز خليطًا من عصير الّليمون، وملعقتَيْن كبيرتَيْن من العسل، وكميّة صغيرة أو نصف ملعقة صغيرة من الشّطة الحمراء تناول هذا الخليط على عدّة
أجزاء صغيرة على مدار اليوم، ليفي في تخفيف التهاب الحنجرة النّاتج عن الإصابة بنزلات البرد، حيث تعمل الشّطة الحمراء على تليين المخاط الزّائد، ممّا يسهّل طرده ويفتح ممرّات الهواء.
أكثر من عشرين وصفة غذائيّة لتحسين الحبال الصّوتيّة ومعالجة التهاب الحنجرة وتقويتها:
وصفة رقم (1): يشرب في كلّ يوم وعلى الرّيق صباحًا كأسًا من عصير الجزر الطّازج المحلّى بالعسل الأصليّ مع إضافة قليل من عصير الّليمون الطّازج عليه، فإنّ له مفعولاً مؤكّدًا في علاج بحّة الصّوت وتحسينه.
وصفة رقم (2): الغرغرة بعصير الّليمون الطّازج مرّتَيْن يوميًّا يحسّن الصّوت.
وصفة رقم (3): يغلى مئة غرام من ورق الزّيتون في مقدار ليتر من الماء، ثمَّ يستخدم بعد تبريده كغرغرة مساء كلّ يوم قبل النّوم.
وصفة رقم (4): يغلي ليترًا من الماء ويضاف له قبضة من ورق زهور الورد ويشرب منه كمقدار فنجان قهوة ثلاث مرّات يوميًّا قبل وجبات الطّعام الثّلاث، وهذا المزيج محسّن للصّوت ومفيد للإسهال.
وصفة رقم (5): شرب كأس من ماء مغليّ فيه نصف ملعقة صغيرة من الزّعتر، ونصف ملعقة من النّعناع الطّازج يحسّن من أداء الحبال الصّوتيّة.
وصفة رقم (6): الغرغرة بماء
مغليّ فيه قبضة من ورق الملفوف ومثلها من زهر الخزام، وأيضًا من ورق البنفسج يحسِّن الصّوت ويزيد من قوَّة الحبال الصّوتيّة.
وصفة رقم (7): يطبخ مقدار كأس من عصير الملفوف المذاب به ملعقتَيْن من عسل النّحل الأصليّ حتّى الغليان ثمَّ يترك ليبرد، ويشرب منه سبع ملاعق كبيرة يوميًّا، فإنّه جيّد لتحسين بحّة الصّوت وعلاج التّنفّس.
وصفة رقم (8): عصير التّفاح الطّازج والممزوج بسكر النّبات مع قليل من الماء المذاب به نصف ملعقة صغيرة من اليانسون إذا شرب منه مقدار فنجان قهوة يوميًّا فإنَّه مفيد في تقوية الحبال الصّوتيّة وتحسين الصّوت.
وصفة رقم (9): الاعتياد على شرب عصير الملفوف له أثر كبير في صفاء الصّوت، وإزالة البحّة منه وتقوية الحنجرة.
وصفة رقم (10): نقع عدد أربع حبّات من التين المجفف في كأس من الماء وتترك ليلة كاملة، وفي الصّباح يشرب الماء على الرّيق، فإنّه يجلو الصّوت، ويزيد من حلاوته يداوم على هذه الوصفة لعدّة أيّام (ويصلح أكل التّين مع شرب مائِه).
وصفة رقم (11): يدهن لباب الخبز (العجين الأبيض الموجود بداخل الخبز) بمقدار من الزّبدة ثمَّ يبلع بدون مضغ، فإنَّه يمسح البلعوم ويزيل البلغم ويحسّن أداء الصّوت.
وصفة رقم (12): لعلاج بحّة الصّوت والتهاب الحنجرة تخلط مقادير متساوية من عصير الجزر الطّازج مع عصير التّفّاح الطّازج، ثمَّ يمزج معهما ملعقة من العسل الأصليّ وتشرب منه فإنَّه مفيد جدًّا للبلعوم.
وصفة رقم (13): شرب عصير الجزر الطّازج والمذاب به كميّة من العسل وبعض من قطرات ليمونة طازجة يساعد في إزالة البحّة وتحسين الصّوت، والغرغرة به قبل شربه يكون مفيدًا جدًّا.
وصفة رقم (14): لتحسين أداء الصّوت يؤخذ مقدار مناسب من الزّبدة الطّازجة مع مقدار مماثل من عسل النّحل الأصليّ، ويضاف للمزيج ملعقة صغيرة من القرفة، ويؤخذ من هذه الوصفة، بعد مزجها، مقدار ملعقة صغيرة ثلاث مرّات في اليوم مع كلّ وجبة لمدّة خمسة أيّام فإنَّها تزيل البحّة والحشرجة من الصّوت وتحسّن أداءه.
وصفة رقم (15): لعلاج الحنجرة المرهقة يلعق زيت السّمسم بالّلسان عدّة مرّات كلّ يوم، ويعتبر زيت السّمسم من أفضل الأدوية علاجًا للحنجرة المتعبة فهو يساعد كثيرًا في حلاوة الصّوت.
وصفة رقم (16): أجمع كافّة
أطبّاء العرب القدماء أمثال ابن البيطار وابن سينا وداوود الأنطاكيّ على أنَّ عصير عِرْق السّوس من أكثر الأغذية فائدة للصّوت وتحسين أداء الحنجرة وتقوية القصبة، علمًا بأنَّ عصير عِرْق السّوس يحذّر من شربه للمصابين بضغط الدّم والسّكريّ.
وصفة رقم (17): وهذه الوصفة مشهورة لعلاج القصبة الهوائيّة وإزالة البلغم والحشرجة منها وتحسين الصّوت:
خذ 50 غرامًا تينًا مجفّفًا مع 50 غرامًا من التّمر مع 50 غرامًا من الزّبيب مع 50 غرامًا من العنّاب، ويخلط الجميع ثمَّ يضاف عليهم مقدار ليتر من الماء الصّافي وتغلى الخلطة على نار هادئة، ثمَّ تشرب بعد التّبريد مقدار كوب مرّتَيْن إلى ثلاث مرّات يوميًّا ولمدّة خمسة أيّام.
وصفة رقم (18): من كتاب (الطّبّ النّبويّ ص 274) لابن قيم الجوزيّة، اذا مُلِّح السّمك
وعُتِّق وأُكِل صَفَّى قصبة الرّئة وجوّد الصّوت.
وصفة رقم (19): الشّوربة المعمولة من الملفوف والحبوب خاصّة الحمّص تساعد على تحسين الصّوت وزيادة قدراته وعلاج الحبال الصّوتيّة كما تساعد على تحصين الجسم من
أمراض الرّشح والزّكام والبرد، كما تساعد على علاج القصبات والشُّعَب الهوائيّة.
وصفة رقم (20): اثبتت الأبحاث على أنَّ شرب الشّوربة
(30) المعمولة من الكرّاث تساعد في علاج بحّة الصّوت والسّعال الحّاد، كما أنّ الاعتياد على أكل الكرّاث الطّازج يحسّن الصّوت كما تؤكّد كتب التّاريخ حيث تذكر أنّ (نيرون) الامبراطور الرّوماني كان مشهورًا بحسن الصّوت والغناء الجميل، وقد ذكرت لنا كتب التّاريخ أنَّه كان يخصّص يومًا في الشّهر لا يأكل فيه سوى الكرّاث.
وصفة رقم (21): أكل ورق الملفوف الطّازج ببطء شديد جدًّا ومصّ مائِه يساعد في علاج وتقوية الحبال الصّوتيّة، ويضفي على الصّوت حلاوة وجمالاً، ويزيل البحّة.
وصفة رقم (22): اذا غليت أعواد القرفة مع كميّة مناسبة من ورق النّعناع الطّازج في مقدار من الماء، ثمَّ صفّيَت ومزجت بقليل من السّكر، فإنّه شراب نافع جدًّا لتحسين الصّوت وتقوية الحبال الصّوتيّة
(31).
توصيات رئيس هيئة طبّ الكلام للمنشدين والقرَّاء:
في لقاء أجرته صحيفة (أخبار فارس) مع الدّكتور «أتابك وثوقي» رئيس هيئة طبّ الكلام.
يوصي رئيس هيئة طبّ الكلام في إيران المنشدين والقرَّاء بعدم شرب القهوة
وأكل والشوكولا والمأكولات الدسمة، وعدم الاستحمام بالماء الحارّ.
يقول «اتابك وثوقي»: إنَّ القرَّاءَ والمنشدين وكلّ الأشخاص الّذين يستفيدون من أصواتهم إذا لم يراعوا الأصول الطّبيّة والتّغذية المحترفة (الطّبّ النّفسيّ والصّوتيّ) سوف يواجهون اختلالات صوتيّة، وفي بعض الأحيان تؤدّي إلى فقدان الصّوت، أو عدم علاجه لأمد بعيد.
وأضاف: إنَّ في إيران 700 ألف حالة مبتلية بهذه الاختلالات، وهي عادة إمّا
أن تكون سيّئة أو سهلة يمكن معالجتها، وهي تكون في أوتار الحنجرة الصّوتيّة.
والحنجرة: هي من أهمّ أدوات الصّوت الّتي يمتلكها الإنسان، ويمكن تجنّب هذه الاختلالات عند رعاية الأصول الطّبيّة، وكذلك في مجال الطّبّ النّفسيّ، فيجب أن يبتدئ الشّخص الّذي يعالج من هكذا إصابات بمراجعة الطّبيب عند عروض هكذا حالة، ولكن أستطيع القول: إنَّ القرَّاء والمنشدين إذا امتنعوا عن العمل في الأماكن المزدحمة أو ذات الصّخب العالي سوف يحافظون على
أصواتهم.
وأضاف: وأمّا عند طبّ التّغذية فتوجد وصايا كثيرة حتّى يحتفظ القارئ أو المنشد بصوته الحسن، منها:
عدم أكل كافّة البهارات والمطيّبات للأطعمة، وكذا عدم أكل الأطعمة الحارّة جدًّا أو الباردة جدًّا، وكذا الأطعمة الدّسمة والمقليّات، ويجب تجنُّب القيمر والقشطة والحليب الدّسم والقهوة والشّوكولاته قبل النّوم بساعة ونصف.
وأضاف وثوقي: « إنَّ القرّاء والمنشدين يجب عليهم الامتناع عن الاستحمام في الماء الحارّ في الجوّ الحارّ، وكذلك يجب عليهم عند النّوم أن يجعلوا الوسادة تحت الرّأس بمقدار 45، وكذلك يجب عليهم أن يتجنّبوا رفع الثّقل بحيث يؤدّي إلى إصابتهم بعوارض لعلّها تدوم إلى آخر العمر ».
ويضيف رئيس هيئة طبّ الكلام في إيران: « إنَّ الاختلالات الصّوتيّة تبتدئ من بحّة في الصّوت خفيفة، ثمَّ إلى مرض مستعصٍ في الصّوت » وفي هذه الحالة ينكتم الصّوت، ويجب مراجعة الأطبّاء المختصّين، ومن الممكن أن لا يعود الصّوت كما كان.
وأضاف: يجب على المدّاحين والقرَّاء أن لا يعملوا في جوّ ممتلئ من الغبار ودخان السّجائر، وكذلك يجب استخدام مكبّر الصّوت عند القراءة حتّى لا يجهد القارئ والمدَّاح نفسه بحيث يجهد الأوتار الصّوتيّة الّتي تؤدّي إلى كتمان الصّوت، ويمكن تجنُّب ذلك الجهد بطريقة الكحّة الخفيفة والقصيرة أو شرب الماء الدّافىء فإنَّه يفتح طبقات الصّوت وإلا فسوف
يعطب القارئ والمنشد إذا لم يدرك هاتَيْن الوسيلتَيْن عوارض جمّة، فهذه أحد أهمّ الوصايا الّتي يقدّمها المختصّون في هذا المجال.
الصّوت هواء يخرج من الرّئتَيْن ويمرّ عبر الفراغ الرّنينيّ من الحنجرة إلى خارج الفم هازًّا الحبال الصّوتيّة، وتسمّى هذه الطّريقة الّتي يمرّ بها الهواء المهتزّ المصوَّت: (مسالك الصّوت).
وهذه المسالك أشبه بدهليز طويل كثير التّعرّجات متعدّد الفجوات والفتحات يتدافع فيها الهواء الصّائت، ويتّخذ في كلّ تجويف أو فتحة نغمًا ولونًا وشكلاً جديدًا. والإنسان ينشد ويصوّت ويتكلّم بفعل يبدو عفويًّا، لكنّه في الحقيقة فعل مقصود يقوم على دفع الهواء الصّائت بغية تشكيل الأنغام والكلمات.
وحينما يتنبّه المتكلّم إلى أنَّ تصويته فعل مقصود يصبح أقدر للتّحكّم بعمليّة الإنشاد والكلام، ولئن كانت الطّوعيّة والاختيار دافعَيْن إلى إصدار الأثر السّمعي، فإنَّ الفعل المقصود يحوّل الدّافع النّفسيّ إلى صوت مسموع يتّخذ قوّته وصفته، وكثيرًا من خصائصه على قدر القصد والفعل المقصود، وهذا ما يجب أن يتنبّه إليه المؤدّي إذ يكون صوته وصفاته وخصائصه حسبما يقصد ويفعل ضمن خصائصه الفيزيولوجيّة الخلقيّة.
تسمّى الأعضاء المشتركة في إخراج الصّوت: (الجهاز المصوَّت) والهدف من التّعرّف على أعضاء جهاز إصدار الصّوت وعلى كيفيّة اشتراكها في عمليّة إصدار الصّوت هو المساهمة في تصحيح الأخطاء وتلافي عيوب الأداء، وتخطّي بعض الصّعوبات التّقنيّة المختلفة.
ويتألّف الجهاز المصوّت من جهازَيْن اثنَيْن:
1- الجهاز التّنفّسيّ: ويتكوّن من القصبة الهوائيّة، والرّئتَيْن، والحجاب الحاجز، والقفص الصّدريّ.
أ- القصبة الهوائيّة: (الرّغامى): وهي عبارة عن قناة أسطوانيّة الشّكل مكوّنة من دوائر غضروفيّة بعضها فوق بعض، تربطها عضلات مرنة تتحرّك مع تحرّكات الرّأس والرّقبة. تتّصل من أعلاها بالحنجرة وتتفرّع في نهايتها إلى فرعَيْن يتشعّب كلّ منهما في إحدى الرّئتَيْن.
ب- الرّئتان: وتتكوّن الرّئة من نسيج اسفنجيّ مطّاطيّ مغلّف بغلاف شفاف رقيق يسمّى (الغشاء البلّوريّ)، يفرز عصارة تساعد على سهولة انزلاق
الرّئتَيْن وتمدّدهما على الجدار الدّاخليّ للقفص الصّدريّ أثناء التّنفّس.
ج- الحجاب الحاجز: وهو عبارة عن غشاء عضليّ رقيق يقع بين
الرّئتَيْن والمعدة وهو عضو فعّال في إجادة عمليّة التّنفّس اللازمة للإنشاد، إذ أن خاصيّة التّمدّد تبعًا لامتلاء
الرّئتَيْن بالهواء والعودة إلى موضعه الأصليّ بعد خروج الهواء منها.
د- القفص الصّدريّ: يشبه الصّندوق في شكله، ويقع العمود الفقريّ في منتصفه الخلفيّ. متوسّط الأضلاع الأربعة والعشرين تلتقي هذه الأضلاع في الأمام بعظمة الصّدر في استدارة، كما توجد عضلات في الأضلاع تساعد على تحقيق مرونة القفص الصّدريّ فيتّسع عندما تمتلىء الرّئتان بالهواء ويعود
إلى حالته الطّبيعيّة عندما يخرج.
2- الجهاز الصّوتيّ: يتكوّن أساسًا من الحنجرة والفم وتجاويف الأنف إلا أنّه لا يعمل منفردًا بل بالتّعاون والتّفاعل مع الجهاز التّنفّسيّ، ومع أماكن الرّنين المختلفة في جسم الانسان.
أ- الحنجرة: تشبه العلبة الصّغيرة وتبدأ من أعلى القصبة الهوائيّة حتّى حدود الفك الأسفل، ويمكن رؤيتها بارزة أمام الرّقبة خاصّة عند الرّجال فيما يعرف بـ (تفّاحة آدم).
وتحتوي الحنجرة على الأوتار الصّوتيّة الّتي تتميّز بمرونتها وقصر طولها حيث يبلغ حوالي خمسة عشر ملّمترًا عند البالغين وحوالي أحد عشر ملّمترًا عند النّساء والأطفال. وتتجمّع الأوتار الصّوتيّة مع الحبال الصّوتيّة في مجموعتَيْن تنفرجان أو تتباعدان أثناء الشّهيق، وتتقاربان أثناء الزّفير عند التّكلّم أو القراءة.
ب- تجويف الفم: يقوم الفم بتشكيل لون الصّوت بوجه عامّ، ويقوم الّلسان مع الأسنان بالتّعاون مع بقية أجزاء الفم على إصدار الحروف الساكنة والمتحرّكة من مخارجها.
والّلسان هو العضو الّذي يتمّ النّطق به، وهو هامّ جدًّا في عمليّة إصدار الصّوت الغنائيّ، إذ أنّ كلاً من الّلسان والفك الأسفل يساعدان على تحقيق مرونة الصّوت عندما يصحّ استخدامهما.
ويضمّ الفم أجزاء كبيرة:
الجزء الأوّل: الحلق: وهو الجزء الواقع بين الحنجرة والفم.
الجزء الثّاني: الّلهاة: وهي نهاية الحنك الّلين، ويرى بعض الدّارسين أنَّه لا علاقة لها بالنّطق، فهي ليست من أعضائه، ويرى بعضهم أنَّها جزء من مخرج حرف القاف العربيّة.
الجزء الثّالث: الّلسان: وهو من أهمّ أعضاء النّطق، ولأهميّته سمّيت الّلغات به، فيقال: الّلسان العربيّ، أو الّلسان الإنجليزيّ، أو الّلسان الفرنسيّ، وهكذا. فهو عضو مرن للحركة يتّخذ أشكالاً وأوضاعًا متعدّدة.
الجزء الرّابع: الحنك: ويبدأ بالأسنان وينتهي بالّلهاة وينقسم إلى ثلاثة أجزاء:
-
مقدّمة الحنك أو الّلثة: يوجد خلف الأسنان العليا مباشرة، وهو محدّب ومحزّز.
-
الحنك الصّلب أو وسط الحنك: وهو القسم المقعّر من سقف الحنك.
-
الحنك الّليِن أو أقصى الحنك: وهو القسم الأخير المحدّب من الحنك.
-
والحنك الصّلب ثابت والّلين متحرّك قابل للرّفع وللخفض: إذا رفع الهواء من المرور عن طريق الأنف. وكثير من الحروف العربيّة تنطق عندما يتّخذ الحنك وضع الارتفاع. أمّا إذا انخفض فلا يبقى أمام الهواء إلا طريق الأنف فينطق في العربيّة حرفَيْ النّون والميم.
الجزء الخامس: الأسنان: وهي من الأعضاء الثّابتة، ولها بالفكَّيْن العلويّ والسّفليّ وظائف مهمّة في عدد من الأصوات، وأنّ أي نقص في انتظامها أو في عددها يوقع بعض الأحرف في خلل قبيح.
الجزء السّادس: الشّفتان: وهما من الأعضاء المتحرّكة، ولها أهميّة كبيرة في تشكيل بعض الأصوات.
ج - تجويف الأنف: وهو تجويف يندفع فيه الهواء عندما ينغلق الفم بانخفاض الحنك الّليِن أو بالّلسان، وهذه هي الحال عند نطق حرفَيْ النّون والميم.
وإذا كانت مسالك الصّوت ممرّات للهواء المدفوع، فإنَّ الصّوت في نهاية الأمر لا بدّ أن يخرج من إحدى مناطق ثلاث، هي:
أوّلاً: منطقة الصّدر، وعند التّصويت من هذه المنطقة تتفتّح الحنجرة وتتباعد الأوتار الصّوتيّة، وتهتزّ اهتزازًا له رنين مضخّم فيخرج الصّوت الغليظ (القرار).
ثانيًا: منطقة الحنجرة، ومنها يصدر الصّوت من الحنجرة ذاتها حيث تكون في حالتها العاديّة دون انفتاح ودون انطباق، وهي منطقة الحديث العادي.
ثالثًا: منطقة الرّأس، وفيها تكون الأوتار الصّوتيّة مشدودة متقاربة ويحدث هذا أثناء الصّراخ.
قدرة الصّوت وشدّة الصّوت شيء واحد، ومن جملة خصائص الصّوت المهمّة هي القدرة والإحاطة الصّوتيّة ومعناها الفضاء الّذي يملأه ويحيطه الصّوت إذا خرج من الحنجرة.
وبتعبير آخر: إحاطة الصّوت عند خروجه على مقدار من الفضاء بدون مساعدة أي جهاز من المكبّرات الصّوتيّة يساعده على انطلاقه وانتشاره في ذلك الفضاء المعيّن.
قدرة الصّوت وانطلاقته ترتبط بحجم رئة الانسان والهواء المدّخر فيها، وقوَّة النّفَس.
ونرى أنَّ هذه الخاصيّة المهمّة تختلف في سائر الأصوات فتبدو في صوت بمقدار قليل، وفي الآخر بمقدار متوسّط، وفي غيره تبلغ إلى الحدّ الأعلى فعندئذٍ نقول: هذا الصّوت ضعيف، وهذا متوسّط، وهذا قويّ.
فلنعلم أنَّ هناك عوامل ترتبط وتؤثّر بضعف الصّوت وشدّته، وهي ثلاثة:
أ- العامل المولد للصّوت.
ب- محيط انتشاره.
ج- الأشياء المشدّدة للصّوت.
في بيان المشدّدات الصّوتيّة، نقول: كما أنّ كثيرًا من الآلات الموسيقيّة فيها جَعبة لتشديد الصّوت (الصّندوق المشدّد)، وتسبّب ازدياد حجم الصّوت ودوامه، كذلك الإنسان يملك مشدّدات للصّوت في أربع نقاط، وهي: الأنف وفضاء الخيشوم (فضاء الفم أو الجوف) القفص الصّدريّ، والجمجمة في الرّأس.
وهذه النّقاط هي العامل الرّئيسيّ لتشديد الأصوات وتقويته. وعلى هذا الأساس حفظ الحالة الطّبيعيّة، وسلامة كلّ جزء من هذه الأجزاء الأربعة تؤثّر في علوّ الصّوت وحجمه ونوعيّته قبل اختراع الوسائل المكبّرة للصّوت وكان حجم الصّوت وعلوّه في تلاوة المقرئين له تأثير مهمّ في جلب انتباه النّاس وعشّاق صوت القارىء للقرآن، وبلغ من الأمر أنَّ كلاً من القرَّاء الذين امتلكوا هذه الصّفة والخصّيصة الصّوتيّة المهمّة كانوا يواجهون الإقبال والتّوجّه والاستحسان من قبل النّاس (أمثال المرحوم الشّعشاعيّ ورفعت)، لكن بعد اختراع مكبّرات الصّوت وظهورها في عام 1931 الميلاديّ أظهر كبار من القرَّاء المصريّين جدارتهم وجمال أصواتهم، وتفنّنوا وأبدعوا كثيرًا في جمال الأصوات والألحان العذبة أمثال الشّيخ محمد رفعت الذي لم تشتهر تلاوته الفنيّة قبل ذلك الوقت، وما بلغ ذلك الاعتبار الفنيّ في مجال التّلاوة كما كان ينبغي في ذلك الزّمن.
أمّا الآن بعد أن توفرت السّمّاعات والأجهزة الصّوتيّة الحديثة في المحافل والأمسيات القرآنيّة الّتي تؤثّر كثيرًا في إظهار شدّة الصّوت وحجمه وارتفاعه أصبحت سببًا لتغطية الأصوات الحجيمة والقويّة وعدم انطلاقها ذاتًا وصارت مانعًا لإظهار قوّة الصّوت لها حتّى صار البعض لا يتعرّض لمعرفة خصائص الأصوات وصفاتها الذّاتيّة.
من جانب آخر، فإنَّ كثيرًا من الأجهزة العاديّة تؤثّر سلبًا على أصوات المقرئين، وتحجب جمالها وعذوبتها، وتسبّب الرّتابة في قراءتهم، وهذا ناتج من عدم توجّههم واطّلاعهم لمعرفة الأصوات وخصائصها المهمّة.
الفاصلة بين أدنى نقطة في الصّوت وأعلاها، أو الفاصلة بين الطّبقات من الأسفل إلى الأعلى تسمّى بمساحة الصّوت. وفي هذه الفاصلة قد وضعت الدّرجات أو الطّبقات الصّوتيّة الّتي تُلَقَّب أيضًا بالنّوتات الموسيقيّة.
بتعبير آخر نستطيع أن نقول: إنَّ المساحة ما بين فخامة الصّوت ونعومته عند سائر الأشخاص تسمّى (مساحة الصّوت).
الأصوات غالبًا لا تتجاوز نوعَيْن:
1- الأصوات الصّدريّة: أو الأصوات الضّخمة الّتي لها حجمها وشدّتها الخاصّة وارتفاعها القليل (حدّها التّوسّط)، وغالبًا ما نرى لها أوجًا وارتفاعًا، طبعًا هي من الأصوات المفضّلة لدى القرَّاء، وحتّى عند أكثر النّاس من حيث الطّنين والطّابع الخاصّ الّذي يبعث على الخشوع والتّأمّل وجلب الانتباه.
2- الأصوات الرّأسيّة:
عُمْدة هذه الأصوات ناعمة ورفيعة وارتفاعها كثير، وتحتاج إلى نَفَس قويّ وانطلاق محكم من الحنجرة، تصل بسهولة
إلى أعلى طبقة محدّدة للأشخاص الّذين يملكون هذه الأصوات، وفي نزولها لا تتجاوز حدّ التّوسّط.
وعلى كلّ حال، فإنَّ حفظ جمال الصّوت في الارتفاع العالي من أصعب الأمور للقارىء.
والجدير بالذّكر أنَّ لكلّ نوع من هذه الأصوات ضخامة ونعومة، لكن القدرة والحجم والنّداوة تتواجد مع ضخامة الصّوت الأوّل وفخامته، وتكتمل فيه وتتواجد وتبرز في النّوع الثّاني لكن مع العلوّ والأوج في الصّوت.
بالاضافة إلى ما عبّرنا عنه من نوع الصّوت، لا نريد أن نحدّده بهذه الخصائص فقط، بل للصّوت خصائص وصفات متعدّدة وهي تؤدّي إلى صفائه وجماله وعذوبته، فجمال الصّوت هو الشّيء المقبول والمريح للأذن المستمعة على عكس بعض الأصوات الّتي لا يكون لها قبول بشكل عامّ.
وفي فنّ تلاوة القرآن نعتبر المساحة الصّوتيّة من أهمّ خصائصه، وكلّ قارىء يمتلك جزأَيْن من (أوكتاف)، أو ديوانَيْن كاملَيْن في الصّوت سيكون قادرًا على استخدام مجموعة كاملة من النّغمات بتمام مراحلها، ويستطيع أن يؤدّيها في أيّ نوع من الأصوات الّتي ذكرناها، لكن قلّ ما نرى هذه الأصوات عند القرَّاء في عصرنا الحاضر.
بالنّسبة لمساحة الصّوت ومرونته، فهو تخصّص المقامات و (الصّولفاج) بحيث يمكن للقارىء التّنقّل في الطّبقات والصّعود والنّزول بكلّ سهولة، والقرَّاء متفاوتون في هذا الشّيء، فمثلاً الشّيخ سعيد الزّناتي يتحكّم بصوته بشكل خياليّ جدًّا جدًّا،، فنقول: مساحة صوته عالية ومرنة على عكس القارىء محمد محمود الطّبلاويّ، فمساحة صوته ليست عالية بحيث لا يستطيع الوصول إلى الطّبقات العالية بالشّكل المطلوب مع أنَّ فخامة صوته تعدّ من أجمل الأصوات الموجودة في هذا النّوع.
أوّلاً: إذا كنت في سنّ ما بين (14- 17) سنة يجب عدم إرهاق الصّوت، وعدم بلوغه الطّبقات المرتفعة.
ثانيًا: تقوية الحبال الصّوتيّة: طبيعة تدريب الحبال الصّوتيّة كتدريب العضلات كلّما شدّدت عليها أعطتك أكثر وقويت أكثر، ولكن طريقة تدريبها يجب أن يكون بدقّة وحرص، لأنَّها إذا جرحت أخذت وقتًا طويلاً في العلاج والشّفاء.
ثالثًا: تدريب الصّوت يكون بتجريب مدى الصّوت، يعني تبدأ بالقرار وترى صوتك أين ينتهي بالقرار، ثمَّ تحاول النّزول
إلى طبقة أقلّ منه قليلاً، وتبقى تدرّب نفسك على هذه الطّبقة الجديدة حتّى تتقنها، فإذا اتقنتها وأصبحت من ضمن مجال صوتك تستطيع أن تصل إليها بسهولة، ثمَّ تحاول النّزول طبقة أخرى وتدرّب نفسك عليها، وهكذا كما الأسلوب الأوّل، وبهذه الحالة يمكن أن يزيد صوتك طبقتَيْن أو ثلاث في القرار بهذا الأسلوب.
رابعًا: أمّا بالنّسبة للجواب فيمكن أن تعمل نفس عملية تدريب الصّوت بسرعة فيجب أن تصعد فوق طبقة جواب صوتك شيئًا قليلاً، وتبقى تدرّب نفسك عليه ببطء، ولا تتعجّل حتّى تصبح النّغمة الجديدة العالية من ضمن مجال صوتك، ولا تنهك صوتك بحيث إذا أحسست أنّك خلال التّدريب على أيّة طبقة جديدة قد أنهكت صوتك فأوقف التّدريب وأرِح صوتك يومًا، ثمَّ تابع عمليّة التّدريب. هذا بالنّسبة لتدريب الصّوت على اكتساب طبقات جديدة أعلى وأخفض من الصّوت العادي.
خامسًا: مهمّ جدًّا أن يرتاح الصّوت لمدّة يوم كامل عند الإحساس بأيّ تعب صوتيّ وعدم إجهاده، وإلاّ جرح الصّوت يحتاج مدّة أسبوع على الأقلّ لكي يعود سليمًا.
سادسًا: وكذلك على القارىء والمنشد قبل تدريب الصّوت معرفة مدى مساحة الصّوت لكي يعلم من أين يبدأ باكتساب طبقات جديدة، ولا يجب أن تؤدّي الطّبقة الجديدة بالصّوت المصطنع بل بالصّوت الطّبيعيّ، لأنّ الصّوت المصطنع من ضمن مجال الصّوت الطّبيعيّ.
سابعًا: ويجب أن لا يكثر المتدرّب من شرب السّوائل الباردة، لأنّها تشدّ الأحبال الصّوتيّة ولا تجعلها مرنة وأكثر قدرة على تحقيق وإنجاز التّدريب.
أخي الكريم الآهات من أقوى الأشياء المقويّة للصّوت فعليك دائمًا أن تخرج الآهات من الرّئتَيْن، ولا تركّز على الحنجرة حتّى تخرج الآهات الّتي لها بصمتها الخاصّة بك، ثمَّ عليك بعد ذلك أن تتدرّب على آهات القرار وهو الصّوت الغليظ، مع التّركيز على خروج الآهات من الرّئتَيْن، ثمَّ تعلو الطّبقة على حسب السّلّم الموسيقيّ (دو - ري - مي - فا - صول - لا - سي) حتّى تصل إلى مرحلة الجواب مع تسجيل الصّوت على فترات حتّى تلاحظ التّطوّر.
وهي الصّفة المعرّفة والمميّزة لأصوات القرّاء، فلكلّ إنسان صوته الخاصّ به، ومختلف عن أصوات الآخرين. فكأنّه ملامح الوجه أو بصمات الأصابع أو التّكوين العامّ للجسم، فكما أنَّ للإنسان شخصيّة مميّزة عن الآخرين، كذلك صوته يميّزه عن أصوات الآخرين. والحنجرة - بحبالها الصّوتيّة - هي الّتي تحدّد هذه الشّخصيّة الصّوتيّة، فربّما تكون كبيرة ذات حبال صوتيّة قويّة تصدر أصواتًا عالية، وربّما يكون رخيمًا أو حادًّا.
وقد ذكرنا أنّ نوعيّة الصّوت الصّادر عن حنجرة كلّ إنسان هي علامة مميّزة له، وأشبه بتلك البصمات لأطراف الأصابع الّتي تميّز كلّ شخص عن غيره. وهذه العلامة أو الصّفة المميّزة هي الّتي تميّز الأصوات بعضها عن بعض، لأنَّها تتعلّق بتجويف الفم، وتختلف كلّ واحدة باختلاف هذا التّجويف، إذ لا علاقة للرّنّة في قوّة الصّوت ونبرته، وقد يصل الإنسان بالتّمرين إلى تبديل رنّة صوته كما يفعل المقلَّدون في محاكاة غيرهم من النّاس أو محاكاة أصوات الحيوانات.
فالرّنين والطّنين الصّوتيّ الجميل يجعل لصوت القارىء جاذبيّة وجمالاً، إذ يستطيع السّامع أن يميّزه عن سائر أصوات القرَّاء مع أنّ قواعد التّجويد والالتزام بها عمليًّا في القراءة تسبّب حبس مقدارٍ من الصّوت، وعدم إبراز الصّوت وانطلاقه كاملاً.
فلو علمنا هذا، نقول: إنّ حبس الصّوت أكثر من هذا المقدار يكون مانعًا قويًّا لإبراز الرّنين ولطافة الصّوت.
وعلى هذا، نجد بعض القرَّاء يرفعون أصواتهم
إلى درجات عالية فيتشابهون في هذه المزيّة في رفعة الصّوت وأوجه، ولكن ما يميّزه إلا الطّنين الخاصّ لكلّ واحد منهم. إذن الطّنين هي الخاصيّة المهمّة لتميّز الأصوات المتشابه في القوّة والارتفاع ومن الخطأ أن نقول: صوت هذا القارىء يملك طنينًا ولونًا جميلاً، لأنّ الأصوات كلَّها تملك صفاتِها وألوانَها الخاصّة بها، وبالأحرى نقول في سبيل المثال: هذا القارىء يملك طنينًا ورنينًا أجمل وأحسن من القارىء الفلانيّ.
عندما نقلّد الكبار من القرَّاء ينبغي أن نتوجّه إلى مختلف حالة أصواتهم والتّغييرات الّتي تحدث فيها، لعلّ الشّيخ المنشاويّ هو النّموذج الواضح لهذا الموضوع، إذ أنَّه تفرّد بين كثير من القرَّاء لصوته الفاتن والجذّاب، خاصّة في إبراز هذه الخصّيصة، والأستاذ القارىء المبتهل الشّيخ محمّد عمران الّذي يعتبر من النّوادر في الأصوات العربيّة والنّجم السّاطع في سماء التّلحين وهو من أبرز العناوين للتّعرّف على الأصوات الرّخيمة والخلابة، فيجدر بالقرَّاء الكرام ملاحظة حالات صوته وتلوينه للنّغمات العربيّة، وقدرته في الأداء والتّصرّف بمختلف صفات الأصوات وخصائصه لا سيّما الرّنين والطّنين.
المراد من المرونة والصّوت المرن قابليّته للتّحرّك المنسجم والمنسّق بين الدّرجات وانتقاله من درجة إلى درجة، وهي من الخصائص الذّاتيّة في الأوتار الصّوتيّة الّتي تسمح للإنسان الحركة والانتقال بين الدّرجات والطّبقات في صوته، وأن يغيّر الصّوت من حالة إلى حالة، وكلّما ازداد الصّوت مرونة وتحرّكًا تكثر الانتقالات والتّغييرات بين الدّرجات والفواصل الصّوتيّة بسرعة في أقلّ زمان وبأحسن كيفيّة يبتغيها الإنسان، فإذا فقد الصّوت هذه الخاصيّة المهمّة يخرج من إطار الأصوات الحسنة والجميلة مع وجود سائر الصّفات المحسّنة والخصائص الأخرى، خاصّة عند القرَّاء والمنشدين.
من جانب آخر لا يتمكّن القارىء في التّنقّل الصّحيح بين الطّبقات المتدرّجة - حسب الدّيوان الصّوتيّ - والمقامات إذا لم تتوفّر عنده مرونة الصّوت كما ينبغي. فبالنّتيجة للحصول على المزيد من الانسجام والسّرعة أثناء التّلاوة، خاصّة لقراءة التّدوير مع وحدة الايقاع والدّمج بين النّغمات، ينبغي أن نحصل على صوت مرن مهما استطعنا.
هذه الجوهرة الأصيلة من مواهب الله سبحانه ومن أحسن النّعم الّتي يمنحها لمن يشاء من عباده، فمع الإقرار بهذه النّعمة - إخوتي الكرام - لا ننسى أثر التّمرين والتّدريبات الصّحيحة في تقوية الصّوت وتحسينه ومرونته، خاصّة مع بروز صفاته الجميلة والمرغوبة لدى المستمعين.
التّرجيع والنّبرات الصّوتيّة المنتظمة:
وهي من الفنون الجذّابة في الأصوات المرنة فنقول في تعريفها الفنّيّ: الحركة السّريعة أو الانتقال المكرّر السّريع بين الدّرجة الأصليّة وأعلاها بما يناسب المقام والسّلّم الحالي، فيحصل ميزان التّرجيع بواسطة مهارة الشّخص في تغيير هذه الفواصل القريبة بأسرع ما يستطيع في فاصلة زمنية قليلة جدًّا، حسب اختيار وذوق الأشخاص في انتخاب نوعيّة التّرجيع كمًّا وكيفًا.
الصّوت المرن بحسب نبراته يكثر فيه التّرجيع والحركة لأنّه مهيّأ لهذه الحركة والتّغييرات السّريعة في فواصله، فلو علمنا أنَّ صوتًا فيه مرونة مقدارًا ما، فعلينا أن نبادر بالتّمرين والتّدريب الصّحيح، لنقوّي هذه الخاصيّة الجميلة لنكثر فيه النّبرات والتّرجيعات المنسجمة وفقًا للأصول والضّوابط التّمرينيّة في الصّوت والمقامات. ومن أهمّ القابليّات المتوفّرة في الصّوت ترجيعًا مناسبًا حسب المقال والمقام، كما أنّها العامل الرّئيسيّ لتحسين الصّوت في التّلاوة والدّعاء ومن أبرز خصائصه.
المسألة: ما هو معنى التّرجيع في الصّوت وما هو حكمه؟
الجواب: التّرجيع في الصّوت هو ترديده في الحلق بالرّفع والخفض والتّرقيق والتّفخيم بنحو متناسق ومتناسب، وترجيع الصّوت لا يكون محرّمًا مطلقًا، فالتّرجيع يكون في تلاوة القرآن والأذان والحِداء والرّثاء.
ورد في الحديث: « ورجّع
بالقرآن صوتك فإن الله يحبّ الصّوت الحسن يرجّع فيه ترجيعًا ».
نعم يكون التّرجيع محرّمًا حينما يكون مناسبًا لألحان الفسّاق، ورد في الحديث: « اقرؤوا القرآن بألحان العرب، وإيّاكم وألحان أهل الفسوق فإنّه سيجيء قوم بعدي يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنّوح والرّهبانيّة لا يجوز تراقيهم ».
لا منافاة بين حرمة الغناء في القرآن الكريم وبين ما روي في التّرجيع بالقرآن.
وفيه ما تقدّم: من أنّ مطلق الّلحن إذا لم يكن على سبيل الّلهو فليس بغناء، وقوله: « وإيّاكم ولحون أهل الفسق » إشارة
إلى أنَّ مقصودهم ليس تدبّر معاني القرآن، بل هو مجرّد الصّوت المطرب. وظهر ممّا ذكرنا أنَّه لا تنافي بين حرمة الغناء في القرآن وما ورد من قوله صلوات الله عليه: « ورجّع بالقرآن صوتك، فإنَّ الله يحبّ الّصوت الحسن ».
1- فإنّ المراد بالتّرجيع ترديد الصّوت في الحلق، ومن المعلوم أنّ مجرّد ذلك لا يكون
غناءً إذا لم يكن على سبيل الّلهو، فالمقصود من الأمر بالتّرجيع أن لا يقرأ كقراءة عبارات الكتب عند المقابلة، لكن مجرّد التّرجيع لا يكون
غناءً، ولذا جعله نوعًا منه في قوله
(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يرجّعون القرآن ترجيع الغناء ».
وفي محكيّ (شمس العلوم): « إنّ التّرجيع ترديد الصّوت مثل ترجيع أهل الألحان والقراءة والغناء »، انتهى.
وبالجملة، فلا تنافي بين الخبرَيْن، ولا بينهما وبين ما دلّ على حرمة الغناء حتّى في القرآن، كما تقدّم زعمه من صاحب (الكفاية) تبعًا في بعض ما ذكره من عدم الّلهو في قراءة القرآن وغيره
(32).
نسمع دائمًا عن التّرجيع في الصّوت فما هو؟ وما حكمه؟
عن النّبيّ (صلّى الله
عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « اقرؤوا القرآن بألحان العرب وأصواتها، وإيّاكم وألحان الفسوق والكبائر، فإنّه سيجيء بعدي قوم يرجّعون القرآن ترجيع الغناء »، الحديث.
إنَّ فيه دلالة ظاهرة على أنَّ مطلق التّرجيع ليس
غناءً، لتضمّنه أنّ الغناء المنهيّ عنه في القرآن لحن أهل الفسق والكبائر المتداول في الملاهي، والغناء المحرّم شيء واحد في القرآن وغيره. والخبر كالنّص في أنّ المحرّم ليس هو ألحان العرب، أي: تطريبهم وترجيعهم، بل هو لحن أهل الفسوق وغناؤهم.
وحاصل هذا يرجع إلى أنَّ الغناء كيفيّة خاصّة من التّرجيع، وهي معروفة بين أهل الفسوق يستعملونها في الملاهي.
هذا مع أنَّ من راجع الأخبار الدّالّة على حرمة الغناء بأسرها يحصل له القطع بأنَّ حرمته من حيث كونه لهوًا وباطلاً، كما اعترف بذلك المحقّق الأنصاريّ في مواضع من كتابه.
والمراد بذلك - على ما صرّح المحقّق المذكور كون الصّوت بنفسه مهما كانت مادّته - صوتًا لهويًّا يناسبه الّلعب بالملاهي والتّكلّم بالأباطيل، وذلك هو لحن أهل الفسق والمعاصي وترجيعهم الّذي ورد النّهي عن قراءة القرآن به، سواء كان هو الغناء - كما هو الظّاهر - أو أخصّ منه.
وكيف يكون مطلق تحسين الصّوت وترجيعه
غناءً، مع أنَّ غالب الأصوات في قراءة القرآن والخطب والمراثي الّتي تقرأ على العلماء في جميع الأعصار والأمصار لا تخلو عن تحسين وترجيع في الجملة.
أمّا تعريفه بالتّرجيع المطرب فلا يخلو عن إجمال أيضًا، لأنَّ المطرب لا يراد به الملائم للطّبع، لأنَّ ذلك لازم حسن الصّوت، بل يراد به مرتبة خاصّة معروفة بين أرباب الملاهي والفسوق.
والمشهور في فقه أهل البيت
(عليهم السّلام) أنَّ التّرجيع - ولو لم يكن غناءً - في الأذان بالعود إلى الشّهادتَيْن مرّتَيْن برفع الصّوت بعد قولهما
مرّتَيْن بخفض الصّوت هو مكروه. نعم، هو عند الشّافعيّة والمالكيّة سُنّة.
ويقول صاحب (العروة الوثقى) في فصل الأذان والاقامة: ويكره التّرجيع على نحو لا يكون
غناءً وإلا فيحرم.
ولم أجد فيما تتبّعت من قرب على هذه من مراجعنا، نعم سماحة الشّيخ مكارم الشّيرازيّ لا يرى دليلاً على الكراهة إن لم يكن
غناءً.
يحتاج قارىء القرآن بالاضافة
إلى الإلمام بالتّجويد والمقامات والصّوت الحسن إلى مجموعة من المهارات الصّوتيّة الّتي تساعد في إظهار التّلاوة بصورة أجمل وأرقى. كما أنَّ بعض هذه المهارات تساعد على تبيان المعاني بشكل أفضل وأجمل.
وستكون البداية مع مهارة طول النّفَس، ونبدأ بعد التّوكل على الله سبحانه. ولكم بعض العوامل التي تساهم في إطالة النّفَس:
1- العطيّة الالهيّة:
الأمر الأوّل: يختصّ بالعطيّة الإلهيّة، فلا شكّ أنَّ النّاس تختلف من حيث حناجرها وتركيبة أجسامها، فبعض القرَّاء مَنَّ الله عليهم بنَفَس طويل، والبعض بنَفَس متوسّط أو قصير. وهذا الأمر ليس للعبد فيه من خيار، وعليه التّسليم لربّ العزّة وشكره على ما أعطاه.
2- صحّة الجهاز التّنفّسيّ:
الأمر الثّاني: يتعلّق بالصّحّة، فصحّة الجهاز التّنفّسيّ له دور كبير في طول النّفَس، لذلك على القارىء أن يهتمّ بالجانب الصّحيّ، وأن يتجنّب ما يضرّ الجهاز
التّنفّسيّ كاستنشاق الغبار والتّدخين. وإذا لاحظ القارىء أنَّه يعاني من كثرة البلغم أو الكحّة أو الزّكام الدّائم أو غيرها، فيجب عليه أن يراجع طبيبًا وأن لا يستهين بها، لأنَّها عوامل تؤثّر على الصّوت وطول النّفَس كثيرًا.
3- إتقان التّجويد:
العامل الثّالث: له علاقة بالتّجويد، وبشكل أدقّ يختصّ بإتقان مخارج الحروف وصفاتها، فمثلاً حروف الجهر لا يجري فيها النّفَس، ولذلك يمكن توفير النّفَس عند النّطق بها. وكذلك الغنّة، فأغلب النّاس يغنّون كلّ الحروف نتيجة لارتخاء الجيوب الأنفيّة، والغنّة تستهلك الكثير من النّفَس، والتّخلّص منها يحتاج إلى تدريب كثير، ولكنّه يؤثّر كثيرًا على طول النّفَس.
4- التّنفّس بطريقة صحيحة:
التّنفّس الصّحيح يكون بأخذ النّفَس عن طريق الأنف وإخراجه عن طريق الفم. ولكن أغلب النّاس يستخدم فمه للشّهيق والزّفير معًا نتيجة الاعتياد الخاطئ، ولذلك يجب أن يعوّد القارئ نفسه على التّنفّس السّليم.
5- ممارسة الرّياضة:
تساعد الرّياضة كثيرًا في تحسين التّنفّس وزيادة اتّساع الرّئة، ومن المهمّ التّنفّس بشكل صحيح أثناء ممارسة الرّياضة للحصول على الفوائد المرجوّة. ومن أهمّ الرّياضات الّتي تفيد في هذا الجانب رياضة الجري والسّباحة.
6- أخذ النّفس بطريقة سليمة أثناء التّلاوة:
من المهمّ تعويد القارئ نفسه على أخذ النّفس بطريقة سليمة أثناء التّلاوة، وأعني بالطّريقة السّليمة هنا أيّ عن طريق الأنف، مع المحافظة على استقامة الظّهر، أي عدم القراءة بظهر
منحنٍ، لأنّ ذلك يضغط على الرّئة ولا يسمح بسحب كميّة من الهواء. ويفضّل تعويد النّفس على أخذ كميّة كبيرة من الهواء إلى ظرفية معيّنة، حتّى حين تلاوة المقاطع القصيرة، لكي تصبح عادة دائمة، ولعدم الوقوع في أيّ مأزق أثناء التّلاوة.
7- الاقتصاد حين صرف النّفس (عند خروج النّفس ):
يتوجّب على القارئ أن يقتصد قدر الإمكان حين التّلاوة، فيحاول أن يعطي الحرف حقّه ولا يزيد، وطبعًا لا يعني ذلك أن يقصّر في حقوق الحروف. فنحن حينما نتكلّم أو نقرأ فإنَّنا نقوم بعمليّتَيْن: التّحدّث والتّنفّس، ويمكن للقارئ المتمكّن أن يتكلّم أو يقرأ مقاطع معيّنة دون استهلاك الكمّيّة المدّخرة من الهواء في الرّئتَيْن ويمنع خروج الهواء دفعة. أو بالأحرى نقول: يعرف كيف تصرّف ويقتصد بالنّفس في حالة الزّفير، فيتحدّث أو يقرأ لفترة أطول.
8- النّوم الجيّد والكافي قبل التّلاوة:
يعتبر النّوم من أهمّ العوامل في إطالة النّفس، ولك أن تقارن بين طول نفسك عند التّلاوة بعد نوم كاف، وأخرى في آخر اليوم وأنت نعسان. وعمومًا فإنَّ النّوم له أثر كبير على الصّوت بشكل عامّ وعلى أغلب المهارات الصّوتيّة.
9- التّلاوة بطبقة مناسبة:
إنَّ لطبقة الصّوت دورًا كبيرًا في طول النّفس، فإنَّ التّلاوة بطبقة مرتفعة جدًّا غير متناسبة مع مقدرة القارئ، تساهم بشكل كبير في تقصير النّفس، والأمر نفسه ينطبق على التّلاوة المنخفضة جدًّا، فاستهلاك النّفس يزداد عادة حين التّلاوة بطبقة القرار مقارنة بطبقة الجواب.
10- التّدريب المتدرّج على الآيات الطّويلة:
ومع كلّ ما ذكر، فمحاولة التّدرّج في التّلاوة، تساهم في التّنمية والاستفادة من كلّ ما سبق، بحيث يحدّد القارئ لنفسه كلمة يتوقّف عندها، وبعد ذلك يزيد المقطع كلمة أخرى، وهكذا.
11- ممارسة تمرينات التّنفّس:
خاصّة بعد صلاة الفجر، حيث يكون الجوّ مفعمًا بالأوكسجين، ممّا يزيد الإنسان قوّة وصحّة إن شاء الله.
وطريقة التّنفّس الصّحيح هي: أخذ شهيق متدرّج، وببطء مع العدّ: من (1) إلى (4) ثمّ حبس الهواء في الرّئتَيْن، مع العدّ لأربعة، وبعد ذلك يزيد العدد حتّى يصل
إلى خمسة عشر أو عشرين، أو أكثر ومع ملاحظة أن يتخيّل الإنسان رئَتَيْه كبالونَيْن يملؤهما بالهواء قدر المستطاع وبالإضافة
إلى تمرينات التّنفّس، هناك عدّة طرق:
1- شرب الأعشاب الدّافئة والأزهار العطريّة مثل النّعناع، الأوكاليبتوس، اليانسون، والزّنجبيل.
2- تقليل الدّهون في الطّعام، لأنّ الدّهون تسدّ الشّرايين وتعيق التّنفُّس الصّحيح.
3- الإكثار من أكل الخضراوات والفاكهة الطّازجة كالّليمون الحامض والبرتقال، الّتي تذيب الدّهون الضّارّة وتطردها من الجسم.
4- أكل القمح والشّعير - وخاصّة التّلبينة النّبويّة
(33) - للمساعدة على التّخلُّص من الدّهون الضّارة المترسّبة، هذا بالإضافة إلى فائدتهما العظيمة للمخّ والأعصاب وسائر خلايا الجسم.
5- مزاولة التّمرينات الرّياضيّة الخفيفة أو الجري، أو المشي السّريع، ممّا يساعد على تقوية القلب وتحسين الدّورة الدّمويّة، ومن ثمَّ تحسين التّنفّس، ومن ثمَّ إكساب الصّوت صفاءً.
هذه بعض الأمور الّتي تحضرني، ولربّما تكون هناك مهارات متعدّدة أو طرق مخصّصة للتّمارين سنشير إليها، وقد تكرّر بعض المطالب جملةً وتفصيلاً في بعض الفصول تحت عناوين مختلفة، فأرجو من إخوتي الكرام والطّلاب التّكرار وترك الملل لكثرة المطالب وتعدّدها وتنوّعها، فإنَّها لا تخلو من الفوائد والنّتائج المثمرة ولو تكرّرت وتعدّدت !
كلّ الأصوات جميلة إنْ أُحْسِن تدريبها، فإذا كان العيب لا يمكن التّغلّب عليه أمكن أن يصبح بعد التّدريب ميزة جماليّة. والمقصودون هنا هم مجودو القرآن الكريم والمنشدون والممثّلون، وحاجة هؤلاء إلى تدريب الصّوت واضحة وبيّنة، لأنّهم في موضع يفرض عليهم بذل جهد كبير في عمل الحنجرة كالمحامين والمعلّمين والمذيعين ومدرّبي الأطفال في العمل الجمعيّ والكشفيّ.
ولا أستثني هنا الخطباء والوعّاظ، ومن يأتمّ بهم من حفظة كلام الله جلّ وعلا، يأخذ كلٌّ حظه من هذا العلم بحسب الاستطاعة والحاجة والرّغبة.
ويتناول تدريب الصّوت عمليّة إطلاقه بشكل صحيح قبل تشكّله في حروف وكلمات وأنغام حتّى يصبح قادرًا على الأداء الصّحيح الجميل القويّ المعبّر المتدرّج بين تدرجات السّلّم الموسيقيّ. وللوصول إلى هذه القدرة يقوم تدريب المؤدّي على أمرَيْن:
أخذ أكبر كمّ من الهواء في الشّهيق، والتّحكّم في إطلاقه أقلّ كمٍّ منه في الزّفير.
ولا بدّ أن تظلّ عضلات الجسم، وخاصّة عضلة الصّدر والرّأس في استرخاء تامّ أثناء الزّفير، لأنّ تصلّبها يؤدّي
إلى تصلّب أجهزة التّنفّس، والاسترخاء لا يعني الخمول، بل يعني راحة الأعضاء وتحفزّها. ولا بدّ كذلك من حسن الاعتماد على البطن بنفخه عند أخذ النّفس، ليجد الحاجب الصّدريّ الموجود بين الصّدر والبطن مجالاً للاتّساع، ليمكّن الرّئتَيْن من الامتداد والانتفاخ لأخذ أكبر قدر ممكن من الهواء.
إنّ الصّوت حين يصدر عن آلة التّصويت (الحبال الصّوتيّة) يكون ضعيفًا، ثمّ تتمّ تقويته بتمريره بشكل صحيح في مسالك الصّوت الّتي تعتبر فراغًا ورنينيًّا للصّوت البشريّ. ويمتدّ هذا الفراغ الرّنينيّ من الحنجرة حتّى مقدّمة الشّفتَيْن. فإذا ملأ الصّوت شعاب هذه الأماكن تضاعفت قوّته وزادت قدرته على الارتفاع والانخفاض. وتقوية الصّوت بهذا الشّكل تشبه تقوية صوت الآلات الموسيقيّة، فإنّ صوت الأوتار ضعيف جدًّا، لكنّ الموسيقيّين يضعونها فوق صندوق خشبيّ مجوّف هو بمثابة فراغ رنينيّ يقوّي أصواتها.
ويتحقّق الأمران معًا - التّنفّس الصّحيح، وتوسيع مدى الصّوت - بإطلاق الهواء من الرّئتَيْن عبر الحنجرة بارتياح وامتلاء، وهذا ما يسمّى: (الهدير الصّوتيّ )، ويتمّ هذا الهدير بإطلاق حرف المد: (آ) من عمق الرّئتَيْن الممتلئتَيْن بالهواء عبر مسالك الصّوت حتّى الفم بتدرّجات السّلّم الموسيقيّ من القرار
إلى الجواب وبالعكس.
ومقياس هدير الصّوت أن يضع المرء راحة يده على وسط صدره، ثمّ يجهر بصوته فيحدث عند ذلك اهتزازًا شديدًا متواصلاً أشبه باهتزاز جلد الطّبل وخفقانه عند ضربه بقوّة، وبمقدار ما يكون الهدير صحيحًا والاهتزاز قويًّا يشعر المؤدّي بالرّاحة والهدوء والاطمئنان النفسي وإن طالت فترة التّدريب. ويشعر المؤدّي بالتّعب سريعًا، وتتلاحق أنفاسه ويخفق صدره في ارتفاع وانخفاض سريع إذا كان التّصويت غير كامل وغير صحيح. وتتحقّق الصّورة الكاملة لهذا الهدير المتدرّج القويّ بدروس (الصّولفاج)، إذ تتوافق صحّة (التّصويت)مع صحّة (التّنغيم).
ولكي تتحقّق الصّورة الكاملة لتدريب الصّوت ينبغي الانتباه
إلى الشّروط التّالية:
الشّرط الأوّل: أن يظلّ الصّوت مريحًا للمؤدّي، فلا يخرج بالقسر أو الضّغط حتّى لا يؤذي أجهزة التّصويت ويجرح الحبال الصّوتيّة.
الشّرط الثّاني: أن يظلّ الصّوت مريحًا للمستمع، فلا يكون حادًّا يجرح أذنَيْه ولا غليظًا لا ينفذ إلى القلب.
الشّرط الثّالث: أن يحافظ الصّوت على قوّته ورنينه في كلّ الدّرجات الموسيقيّة منخفضها ومتوسّطها وعاليها.
لو اعتبرت أنَّ قوّة الصّوت لدى جميع البشر تمتدّ من قوّة صفر إلى خمسين وتعتبر أنّك كرجل عمرك ثلاث وثلاثون سنة تصل قوّة صوتك حاليًّا في أعلى مداها إلى عشر درجات.
فعليك ببعض التّمرينات
المتدرّجة الّتي تساعدك على رفع قوّة صوتك إلى مدى أبعد من خمس
وعشرين فتصل إلى ثلاث وثلاثين تقريبًا.
عمليّة التّنفّس الّتي تتمّ بشكل تلقائيّ يتحكّم فيها المخّ عمومًا، ومركز التّحكّم في التّنفّس الموجود في المخّ خصوصًا، بحيث يصدر أوامر عصبيّة للعضلات الّتي تحيط بالتّجويف الصّدريّ، وأهمّ هذه العضلات هي الحجاب الحاجز بحيث إنَّ انقباض هذه العضلات يؤدّي
إلى زيادة حجم التّجويف الصّدريّ، وبالتّالي إلى تمديد الرّئتَيْن، وانقباضهما، وهذا يسمح بعمليَتَي الشّهيق والزّفير أن يتمّان بصورة دوريّة.
1- إنَّ كميّة الهواء الدّاخل
إلى الرّئتَيْن خلال عمليّة الشّهيق تبلغ نصف ليتر.
2- إنّ عدد مرّات التّنفّس في حالة السّكون تبلغ (12-16) مرّة في الدّقيقة عند الإنسان البالغ.
3- إنَّ كميّة الهواء الدّاخل
إلى الرّئتَيْن والخارج منها يبلغ تقريبًا ستّة ليترات في الدّقيقة، وهذه الكميّة يمكن أن تزيد
إلى 10 أضعاف عند المجهود العضليّ الكبير.
4- إنَّ عدد الحويصلات الهوائيّة في الرّئتَيْن يبلغ 300 مليون تقريبًا.
5- إنَّ كميَّة الهواء في
الرّئتَيْن عند الإنسان البالغ هي ستّة ليترات للذّكر تقريبًا، وخمسة ليترات للمرأة، وهي تختلف باختلاف طول الإنسان حيث إنَّ حجم الرّئة يزيد بزيادة طول الإنسان.
6- أنَّه يمكن للإنسان أن يعيش برئة واحدة إذا كانت هذه الرّئة تؤدّي وظيفتها بصورة صحيحة.
وهنا تمرين آخر ومهمّ جدًّا لإطالة النّفس، إذا أردت أن تقرأ القرآن بالوقوف على الأوقاف الصّحيحة دون أن يخونك نفَسُك بإذن الله ستتمكّن من ذلك إذا طبّقت هذَيْن التّمرينَيْن يوميًّا:
النّوع الأوّل: التّنفّس التّفريغيّ |
هذه الطّريقة تنقّي الدّم من أيّة شوائب من الممكن أن تسبّب انسدادها، كما أنّها تفتح مسارات الهواء في الرّئة، لتتمكّن الرّئة من حفظ أكبر قدر من الهواء، ويمكنك القيام بهذه الطّريقة بالشّكل التّالي:
-
استنشق من الأنف حتّى العدّ إلى (4) واملأ الرّئتَيْن بالهواء.
-
احتفظ بالهواء داخل الجسم حتّى العدّ إلى (10).
-
فرّغ الهواء ببطء من الفم حتّى العدّ إلى (5).
كرّر التّمرين بحيث تزيد من مدّة الاحتفاظ بالهواء داخل الجسم تدريجيًّا، وتقوم بتفريغه دائمًا في نصف المدّة فمثلاً: لو احتفظت بالهواء داخل الجسم حتّى العد
إلى (12) فعليك القيام بتفريغ الهواء حتّى العدّ إلى (6)، ولو وصلت مدّة الاحتفاظ
إلى (16)، فيجب أن يكون التّفريغ حتّى العدّ إلى (8)، وباستمرار يجب عليك زيادة الوقت بالتّدريج وببطء. وتذكّر دائمًا أنّه لا يوجد حدود بخلاف تلك الّتي تفرضها أنت على نفسك.
النّوع الثّاني: التّنفّس لتوليد الطّاقة |
-
استنشق من الأنف حتّى العد إلى (4).
-
فرغ الهواء من الفم حتّى العد إلى (4) وكأنَّك تقوم بإطفاء شمعة.
-
قم بهذا التّمرين (10) مرّات.
يجب عليك ممارسة التّمرينات الخاصّة بالتّنفّس بالتّفريغيّ والتّنفّس لتوليد الطّاقة ثلاث مرّات يوميًّا - في الصّباح، والعصر، والمساء - إلى أن يصبح جزءًا من روتين حياتك اليوميّة، ولاحظ ارتفاع درجة الطّاقة لديك وبما أنّك تقوم بالتّنفّس على أيّ الأحوال فقم بهذه العمليّة بطريقة سليمة وتمتّع بكميّة هائلة من الطّاقة
(34).
(33) - قيل يا رسول الله وما
التّلبينة؟ قال: الحسو بالّلبن، والتّلبينة والتّلبين حساء يعمل من
دقيق أو نخالة، وربّما جعل فيها العسل. وفي القاموس: التّلبين: حساء
من نخالة ولبن وعسل أو من نخالة فقط.
1- سجّل صوتك.
إستمع إلى صوتك بموضوعيّة، وحاول أن تجرّب أكثر من نبرة، جرّب تلاوة القرآن بأكثر من طريقة وبسرعات مختلفة وبطبقات مختلفة وتدرّب على ذلك.
إنّ قوّة صوتك من الأشياء المهمّة الّتي يجب أن تتدرّب عليها، فعليك أن ترفع وتخفض من صوتك حتّى تتمكّن من التّحكّم في قدرتك على تنويع قوّته، وهذا شيء نافع جدًّا في التّدرّب على الخطابة ويفيدك فائدة قيّمة وهي أن تصبح مجيدًا للتّحكّم في طبقات صوتك، وتذهب عنك تلك الغصّة أو الخنقة الّتي تحدث لبعضهم.
2- حاول أن تتكلّم بسرعة تسعين كلمة في الدّقيقة. إنَّ هذا هو متوسّط الكلام الطّبيعيّ. اسأل أصدقاءك عن رأيهم في سرعة إلقائك.
3- اقرأ بوضوح مخارج الحروف وصفاتها، وتدرّب على الكلمات الصّعبة النّطق حتّى تتقنها، وخاصّة الكلمات الّتي فيها حروف التّفخيم المجموعة في قولهم: (خص ضغط قظ)، وكذلك حروف الهمس المجموعة في قولهم: ( فحثه شخص سكت).
4- دع صوتك يقوم بالتّأكيد على الكلمات والمدلولات المهمّة والتّفاعل معها.
اجعل صوتك يتناغم مع المعنى، فإذا تناغم الصّوت مع المعنى مع الرّوح يصبح لديك بصمة خاصّة في تلاوة القرآن الكريم، وتصبح تلاوتك متميّزة.
5- استفد من قانون التّنفّس واستغلّ قدراتك الصّوتيّة، فكلّ إنسان لديه إمكانات مدهشة، وذلك بأن تأخذ نفسًا عميقًا من الأنف، فهذا يعطيك طاقة مدهشة في القوّة وفي التّحكّم بطبقات صوتك.
6- انتبه في تلاوة القرآن لإخراج الحروف من مخارجها الصّحيحة، وأن تكون التّلاوة من الفم ما عدا حروفًا خاصّة تكون بغنّة وهي (الميم والنّون). انتبه لذلك فالكثير يخرجون الحروف من الأنف ظنًّا منهم أنّ ذلك يحسّن التّلاوة فيقعون في خطأ في التّجويد وخطأ في فنيّات الأداء.
7- اسأل المقرّبين منك إن كانوا قد لاحظوا أيّة حشرجات مزعجة في صوتك فالأفضل أن تبحث عن ذلك بنفسك، ارهف سمعك لصوتك فقد تفاجأ بما تسمع.
8- اهتمّ بصوتك وحلقك، إنّ الصوت المتعب بحاجة إلى الرّاحة وإلى التّرطيب، فعليك أن تجرب ماء دافئًا محلّى بالعسل أو مضغ بعض حبّات الزّبيب، أو بعض الحبوب الطّبيعيّة ذات طعم النّعناع.
وانتبه فلا تتنفّس من فمك كثيرًا، لأنَّ هذا يجفّف الحبال الصّوتيّة، وتدرّب على أن يكون تنفّسك دومًا من أنفك.
لا أنصحك بإرهاق حبالك الصّوتيّة كثيرًا حتّى لا تفقد القوّة الحاليّة، بل عليك بالتّدرّب المتدرّج والمتزّن وعدم الحماس المبالغ فيه.
9- من التّمارين المفيدة أيضًا، أن تعمل على تمرين جميع الحبال الصّوتيّة، فتتحدّث مرّة من أسفل الحلق ومرّة من أعلاها، وتحاول أن تجرّب كلّ مناطق الحلق لتتحدّث منها، ستجد بعض الصّعوبة في البداية ولكنّك مع الوقت ستجد اختلافًا كبيرًا في قدراتك. يمكنك أيضًا بدلاً من ذلك تقليد بعض الأصوات المرتفعة والّتي تحمل نبرة لا تجيدها، ومع التّقليد المطابق ستجد أنَّك تحرّك مناطق صوتيّة لم تتحرّك من قبل.
10- فنّ القراءة يحتاج إلى إحساس، ولا تلتفت دائمًا لتقرأ في الطّبقات العالية (الجواب).
11- ابحث عن تقوية الإحساس الفنّيّ كي تصل القراءة إلى قلب المستمع مباشرة دون تردّد.
بحث صغير أتناوله معكم ويضع خطوات صغيرة لتحسين التّلاوة والعناية الجماليّة بها:
1- الاستماع لصوتك من جهاز التّسجيل وليس مباشرة من الفم.
اختر برنامجًا صوتيًّا على الكومبيوتر، ثمّ استمع له بحياديّة تامّة يمكنك في البداية إن لم تحدد طبقتك الصّوتية، هل هي عالية أم منخفضة أو متوسّطة؟ أن تقلّد القرَّاء الأفاضل سواء من مشايخنا المرتّلين أم المجودين ولا تقل (صوتي خشن أو رقيق) فإنَّك لا تدري من أيّة الطّاقات يكون صوتك. كما أنصحك بعدم التّكلّف في القراءة، لأنَّه مجهد من جهة، ومن جهة أخرى يذهب القيمة الجماليّة لأدائك، خاصّة إذا كانت حبالك الصّوتيّة من النّوع السّريع التّأثّر، أو التّلف بمعنى آخر.
2- القراءة في البيت وأمام الأهل والأصحاب.
وهو مفيد جدًّا لمن يعانون الخجل، كما يمرّنك على الإلقاء ومع الوقت ستجد نفسك مرتاحًا في قراءتك، وستتخلّص من التّرعيد في صوتك حتّى لو قرأت أمام أجانب أو أمام جمهور.
3- التّركيز على مخارج الحروف والعناية بصفاتها.
ويكون ذلك بملازمة المقرئ ومداومة الاستماع للقرَّاء المتقنين، وطلب التّقييم من إخوانك المجازين أو المتمكّنين، وبالتّدريب على النّطق بالكلمات الّتي تكون صعبة عليك، وخاصّة الّتي تجمع أحرف الاستفال والاستعلاء.
4-
ترك الصّوت يتفاعل مع الآيات ومضمونها دون الخروج إلى المحظور.
اجعل صفة صوتك مناسبة لما تقرأه فإنَّ ذلك يعطي لتلاوتك صفة الموافقة مع ما تحسّ به نفسك من خشوع أو فرح أو تحسّر أو همّ ويكون ذلك في حدود المباح والمأمور به بلا إفراط ولا تفريط.
5- الاعتناء بتصفية الصّوت.
حاول التّخلّص ممّا يشوب صوتك من تشويشات وحشرجات، وذلك بالاستماع الجيّد لصوتك من خلال التّسجيل.
6- اهتمّ بحبالك الصّوتيّة فهي أساس حسن الأداء.
لا ترفع صوتك أثناء التّلاوة كثيرًا، وحاول أن تقرأ بالقرار أو الجواب أكثر من جواب الجواب، وعليك بالمشروبات الدّافئة والمحلاة بالعسل، وتجنّب السّاخن جدًّا والبارد جدًّا، وكلّ ما يهيج الحلق.
سُئل الشيخ عبد الباسط عن درجة الماء الّذي يشربه فقال: ( هو ماء الحنفيّة). وأخبر أنّه كان قبل القراءة يشرب فنجانًا من القهوة، وقال الشّيخ رياض الجزائريّ: إن الإخوة المصريّين من القرَّاء أوصُوه بشرب اليانسون في الماء على درجة معتدلة. اليانسون تسمّى: (حبة حلوة).
وانتبه فلا تتنفّس من فمك كثيرًا، لأنَّ هذا يجفّف الحبال الصّوتيّة، وعليك التّدرّب على أن يكون تنفّسك غالبًا من أنفك.
وأخيرًا وليس آخرًا، أَخلِص النّيّة لله عزَّ وجلَّ وابتغ منه الثواب فهو منزل الكتاب وبإذنه تنال الأجر بغير حساب.
هذه الأسئلة والأجوبة أجريت مع الأستاذ هشام ابن القارئ عبد الباسط عبد الصّمد
(رحمه الله).
ماذا عن الطعام الّذي كان يفضله الشّيخ عبد الباسط؟
- كان قنوعًا بأكل أيّ نوع من أنواع الطعام غير أنّه كان يحبّ الّلحوم جدًّا.
هل كان يشرب مشروبًا معيّنًا قبل ذهابه للقراءة في أيّ محفل قرآنيّ؟
- فقط يشرب فنجانًا من القهوة قبل التّلاوة مباشرة ولا شيء سوى ذلك.
وما هو شرابه المفضّل في فصل الصّيف؟
- لا يشرب شرابًا معينًا في فصل الصّيف، حتّى إنَّه كان يطلب عدم تقديم الماء المثلّج له، وأن يكون من الحنفيّة مباشرة، ويقول: إنَّ تلك المشروبات تؤثّر على الحبال الصّوتيّة.
تتضمّن هذه الإرشادات، حول الوقاية من الإصابة باضطرابات أصوات نطق الكلمات، وذلك وفق العناصر التّالية:
1- تقليل تناول المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول، لأنّهما يعملان كمدرّرات للبول، ممّا يتسبّب في جفاف الجسم وقلّة السّوائل فيه، وهو ما ينجم عنه جفاف الحبال الصّوتيّة، لأنَّ الكحول تعمل على تهييج طبقة الأغشية المخاطيّة الرّقيقة
المغلّفة للحبال الصّوتيّة. ومقابل ذلك يجب الاهتمام بالإكثار من شرب السّوائل والماء على وجه الخصوص. وتحديدًا ستّة أو ثمانية أكواب يوميًّا.
2- الامتناع عن التّدخين، وتجنّب الأماكن الّتي يوجد فيها المدخّنون حال فعلهم ذلك. وتشير الدّراسات إلى أنّ سرطان الحبال الصّوتيّة أعلى لدى المدخّنين.
3- ممارسة طريقة سليمة في التّنفّس أثناء الكلام أو الغناء أو إلقاء المحاضرات، لأنَّ من المهمّ دعم الحبال الصّوتيّة وعمليّة إصدار الأصوات بأخذ نفس عميق يُسهم في مساعدة عضلة الحجاب الحاجز على دفع الهواء أثناء خروجه من الرّئة بشكل جيّد وقويّ.
4- تجنّب تناول ما يُسهم في حصول ترجيع أحماض ومحتويات المعدة إلى المريء مثل البهارات والفلفل الحر.
5- استخدام مرطّب لهواء المنزل، خاصّة في الشّتاء أو البيئات المناخيّة الجافّة. والأفضل دومًا تكوين نسبة 30% من رطوبة الهواء.
6- عدم إساءة استخدام الحبال الصّوتيّة أو الإفراط في ذلك، خاصّة عند الشّكوى من بحّة الصّوت مع تجنّب الحديث في أماكن الضّجة الشّديدة لأنَّه سيتطلّب
لاشعوريًّا الصّراخ أثناء الكلام لإسماع غيره.
7- اتّخاذ الحذر باتّباع وسائل الوقاية من الإصابات بالالتهابات المكروبيّة للجهاز التّنفّسيّ العلويّ، وكذلك تجنّب استخدام سوائل غرغرة الفم والحلق المحتوية على الكحول أو مواد كيميائيّة مهيّجة، ولو أردت ذلك فعليك بمزيج الماء والملح. أمّا من يلجأ إلى تلك الغرغرة للتّخلّص من رائحة غير محبّبة في الفم، فعليهم مراجعة الطّبيب لأنَّ سبب ذلك قد يكون التهابات ميكروبيّة في أجزاء من الجهاز التّنفّسي العلويّ أو نتيجة لترجيع المعدة.
إنَّ أهمّ ما يمكن به المحافظة على الصّوت هو حسن الاستخدام وعدم إرهاق الأحبال الصّوتيّة، فالصّوت هو من المميّزات الأساسيّة الّتي تميّز كلّ شخص عن الآخر، وهو وسيلة من وسائل الاتّصال حيث يتمّ عن طريقه إيصال الكلام والّلغة وإضافة المشاعر والمعاني للكلام المتبادل بين النّاس، ويعتبر أيّ تغيير في الصّوت علامة أو عرض من أعراض المشاكل الصّحيّة أو الوظيفة للشّخص المعنيّ ونعني بالصّحيّة الّتي تعود إلى سبب عضويّ مرضيّ، أمّا الوظيفة فتعني غالبًا الاستخدام السّيّء للصّوت.
ومن هذه الأسباب:
-
قلّة النّوم وكثرة السّهر.
-
التّدخين والأرجيلة.
-
تعاطي المخدّرات والكحول ( العياذ بالله ).
-
كثرة الكلام لفترات طويلة.
-
رفع الصّوت أثناء الكلام والصّراخ بشدّة.
-
الاستخدام الخاطىء للصّوت مثل تقليد صوت شخص آخر والحديث بصوت نسائيّ للرّجال أو العكس.
-
الجوّ الملوّث، وأيضًا التّغيير المفاجىء للجوّ والتّعرّض للغبار.
-
التّعرّض للحرارة الشّديدة أو البرودة الشّديدة في الجوّ أو المأكولات أو المشروبات.
-
الانتقال من جوّ لآخر بشكل مفاجىء وبدون أخذ الاستعدادات المناسبة.
-
بعض أنواع التّكييف الّتي تساعد على زيادة الجفاف في الجوّ.
-
الحديث في بيئة غير مناسبة مثلاً: بيئة ملوّثة بالأدخنة والأبخرة وغيرهما، أو بها ضجيج مثل الموسيقى العالية أو أصوات آلات المصانع أو مواقف السّيّارات أو المطارات أو الأماكن المزدحمة حيث يضطر الإنسان لرفع صوته أثناء الكلام.
-
المأكولات الّتي تسبّب الحموضة بالمعدة حيث تؤثّر على الأحبال الصّوتيّة، والبهارات الكثيرة في الطّعام والمكسّرات والبزورات.
-
الإفراط في تناول المنبّهات والدّهون والبهارات والدّسم والحلويات وخصوصًا الباردة، والمشروبات الغازيّة.
-
الأكل والشّرب بكثرة قبل النّوم وخصوصًا الشّاي الأسود قبل القراءة، الماء البارد، والمشروبات الغازيّة.
-
الإنفلونزا (الجريب)، الإسهال، الإمساك، وجع الرّأس، تعب المفاصل، المشاكل النّفسيّة، الإرهاق الجسديّ، ضيق النّفَس، الّلحميّة في الأنف، الأرق (القلق في النّوم).
-
الإحصار: وهو يضرّ بالرّئة وهو من أهمّ الأخطار فعندما يقرأ القارئ مقطعًا طويلاً بنَفَس واحد أو ينشد المنشد بيتًا طويلاً من القصيدة فيقولها في نفَس واحد فيحدث ذلك الإحصار، فيحمرّ وجهه، ويضعف صوته، ويضيق صدره.
البحّة أو تغيّر الصّوت من الأعراض الطّبّيّة الشّائعة الّتي يصاب بها الإنسان من وقت لآخر في حياته، وعادة ما تخفّ ويعود الصّوت
إلى عادته أمّا البحّة الّتي تستمّر مع الإنسان فيجب استشارة الطّبيب المختصّ ومعرفة السّبب وبالتّالي علاجها.
والبحّة هي التّغيير بالصّوت، والصّوت عند الإنسان ينتج بإصدار الهواء من الرّئة عبر الحبال الصّوتيّة مارًّا بالحلق فالفم والّلسان فالشّفاه. فأيّ خلل في هذا المجرى الهوائيّ ينتج عنه تغيّر الصّوت.
فالالتهابات الفيروسيّة الّتي تصيب الجهاز التّنفّسي الأعلى (الإنفلونزا) هي أكثر المسبّبات الّتي تؤثّر على الصّوت، فالمريض الّذي يشكو من الإنفلونزا، تكثر الإفرازات عنده في الجهاز التّنفّسي، وتنتفخ الأنسجة في الأنف والحلق بالإضافة إلى الحبال الصّوتيّة، وهذا ما يحدث تغيّرًا بالصّوت، ومع العلاج والرّاحة تخفّ هذه التّغييرات ويعود الصّوت إلى ما كان عليه.
كما أنّ سوء استعمال الصّوت في حال الغضب كالصّراخ العالي أو في وقت المرح كالغناء بصوت
مرتفع، أو كثرة الحماس والتّشجيع لفريق في مباريات رياضيّة، يتسبّب بانتفاخ في الحبال الصّوتيّة، وذلك ما يؤثّر على تغيّر في ذبذبات الصّوت، وبالتّالي يصاب المرء بالبحّة، ومع العلاج أو راحة الصّوت يخفّ الانتفاخ بالحبال الصّوتيّة ويعود الصّوت إلى طبيعته.
أمّا الّذين يستعملون الصّوت مهنيًّا، مثل المغنّين أو المعلّمين أو الخطباء، فيصابون في بعض الحالات بتغيّر بالصّوت، ويكون هذا التّغيير
مثبّتًا بحيث يبقى لفترة من الوقت، وقد يخفّ ويقوى ولكن يبقى موجودًا، وهؤلاء المهنيّون يصابون بنموّ عقد في الحبال الصّوتيّة الّتي تعيق ذبذبة الحبال الصّوتيّة ممّا يؤدّي إلى البحّة.
وعلاج هذه الحالات أطول ويلزمه مثابرة والتزام من المريض، حيث يجب استئصال هذه العقد، وثمّة تمرين صوتيّ للمريض لعدّة أسابيع كي لا تتكرّر عودة هذه المشكلة.
كذلك قد يتغيّر الصّوت جرّاء نموّ غير حميد على الحنجرة والحبال الصّوتيّة وهذا ما يحدث عند الرّجال في الغالبيّة وبخاصّة المدخّنين منهم، ويكون عادة مصاحبًا بأوجاع بالحلق مع صعوبة بالبلع، وهذا ما يتطلّب عناية متخصّص.
وقد يحدث في بعض الحالات فقدان للصّوت، وهذا يختلف عن البحّة بحيث لا يمكن للمريض من إصدار أيّ صوت، ويكون سبب ذلك التهاب فيروس بالعصب العاشر ممّا يؤدّي إلى شلل في الحبل الصّوتيّ، وعادة ما يكون أحد الحبال الصّوتيّة، وقد يكون كلاهما. ويدوم الشّلل عدّة أشهر وإنّما مع العلاج يتحسّن الصّوت ويعود إلى حالته الطّبيعيّة إلاّ في قسم قليل من هذه الحالات فيبقى الحبل الصّوتيّ مشلولاً، وهنا يجب إجراء عمليّة جراحيّة، وتكون النّتيجة جيّدة ويتحسّن الصّوت.
هناك أسباب أخرى نادرة تؤثّر على الصّوت لا داعي لذكرها بالتّفصيل. وخلاصة الكلام: إنّ التّغيير في الصّوت، سواء أكان بحّة أم فقدان للصّوت، هو من الأغراض الشّائعة الّتي تصيب الإنسان، وفي الغالبيّة يتماثل المريض
إلى الشّفاء بالعلاج أو بدونه، ولكن أيّة بحّة أو تغيّر بالصّوت لا يتحسّن خلال أسبوع، يجب استشارة طبيب متخصّص.
الكثير من القرّاء أو المؤذّنين قد يكون أحدهم يتمتّع بصوت جميل ولا بأس به إلاّ أنَّ هناك ما يسيء
إلى جمال هذا الصّوت ألا وهي البحّة مثلاً، أو قلّة صفاء الصّوت بسبب البلغم، أو بعض الأطعمة الّتي تحتوي على بعض المواد الّتي تتراكم على الحنجرة أو الصّدر فتظهر خشونة في ذلك الصّوت الجميل ومع كثرة التّجارب لعلاج هذه المشكلة لي شخصيًّا توصّلت إلى تجربة سهلة جدًّا لا تكلّف وقتًا ولا مالاً كثيرًا، والمقادير متوفّرة في كل بيت وجرّبتها ولاحظت
صفاءً في صوتي - ولله الحمد - قمت بالتّجربة قبل النّوم مباشرة وفي منتصف اليوم وبعد الاستيقاظ فوجدت النّجاح للتّجربة، وهي: كوب ماء وإضافة ملح حتّى يتحوّل الماء شبيه بطعم ماء البحر، ثمَّ الغرغرة عدّة مرّات وليس لها آثار جانبيّة - إن شاء الله - طالما أنَّه لم يدخل شيء إلى الجوف، وحتّى لو دخل بعض الماء إلى المعدة فهذا ليس ضارًّا، لأنَّه ماء عادي مضاف
إليه ملح.
هناك بعض الاحتياطات الّتي يمكن اتّخاذها كتدابير وقائيّة لمنع حدوث مشاكل صوتيّة وخصوصًا لأولئك المعرّضين لها أكثر من غيرهم بسبب تعرّضهم لسبب أو أكثر ممّا سبق ذكره، فكما مرّ تتعرّض لتأثير نظام التّدفئة، وأمّا النّصائح فهي:
-
التّوقّف المباشر عن التّدخين، أو التّعرّض السّلبيّ لدخان السّجائر والشّيشة (الأرجلية)، أو التّواجد في بيئة ملوّثة بالدّخان.
-
التّقليل من الكلام قدر المستطاع خارج نطاق العمل، وخصوصًا
للأشخاص الّذين يعتمدون كثيرًا على أصواتهم في أعمالهم، مثل المعلّمين والمؤّذنين والمقرئين.
-
الاعتدال في علوّ وشدّة الصّوت أثناء الكلام.
-
عدم التّنحنح أو الكحّة، وخصوصًا الكحّة الجافّة، واستعمال البلع والكحّة الخفيفة كبديل.
-
استخدام طبقة الصّوت الطّبيعيّة وعدم التّصنّع.
-
الإكثار من تناول السّوائل وخصوصًا الماء النّقي بمعدل لا يقلّ عن ليترَيْن يوميًّا وخصوصًا في الجوّ الجافّ.
-
استخدام مرطّب جوّ في الغرف الّتي يوجد بها تكييف.
-
استخدام وسائل وقائيّة خصوصًا للّذين يعملون في أجواء ملوّثة ويفضّل استخدام الكمّامات.
-
الاستعانة بوسائل مساعدة للشّرح والإيضاح ولفت انتباه الطّلاب، وفرض النّظام في الصّف بدل الاعتماد الكلّيّ على الصّوت، وخصوصًا لأولئك الّذين يعملون معتمدين على أصواتهم مثل المعلّمين والمحاضرين.
-
تجنّب الكلام خلال الإجهاد أو التّعب أو المرض.
-
تجنّب الكلام خلال الانفعال والغضب والعصبيّة والشّجار.
-
أخذ فترات راحة صوتيّة يوميّة كتلك الّتي نأخذها لأجسادنا - القيلولة - أو للعيون أو للأقدام.
-
عدم الصّراخ أو المناداة على الآخرين أو الحديث معهم عن بُعد أو في مكان به ضجيج، أو البكاء أو الضّحك بصوت مرتفع، أو الهمس بشكل مبالغ فيه.
-
تجنّب كلّ الأمور المسبّبة للحساسيّة، لأنّها تؤثّر على الحبال الصّوتيّة.
-
وأخيرًا عدم تجاهل أيّة مشكلة صوتيّة مثل الإجهاد الصّوتيّ - سرعة التّعب - أو البحّة أو خشونة الصّوت أو أيّ تغيير في الصّوت، أو مشاكل بالبلع إذا استمر أكثر من أسبوعَيْن ومراجعة الطّبيب، ولا بدّ من التّعرّف على بعض التّدريبات التّنفّسيّة وتمارين الاسترخاء والقيام بها من وقت لآخر وخصوصًا لأولئك الّذين يستعملون بشكل كبير أو يعتمدون عليه في مهنهم، ولا مانع من استشارة اخصّائيّ في النّطق والّلغة للتّدريب على بعض هذه الوسائل والتّمرينات.
نستطيع أن نقول باختصار: إنَّ النّوم الطّبيعيّ، والعسل على الرّيق أو بعد الإفطار، أو اليانسون والأزهار اليابسة أو الجافّة، عدم الكلام كثيرًا يريح الحبال الصّوتيّة، والحفاظ على
دفء الحنجرة وخاصّة في الطّقس البارد وعند الانتقال من جوّ دافئ إلى بارد أو العكس، وكذلك المشي السّريع كرياضة صباحيّة، وتمرين فتح الصّدر بأوزان خفيفة، وشرب الحليب الدّافئ على الرّيق وهو يزيل البلغم، تغذية سليمة ومتوازنة، والهدوء والاستراحة... فأكثر النّاس يعرفون هذه الأمور ويقرّون بمنافعها، فما هي إذًا؟ فتابعوا هذا التّرتيب التّالي:
1- فوائد كثرة شرب المياه، توضح الصّوت وتصفّيه.
2- قلّة السّهر.
3- الابتعاد عن القهوة والشّاي الحارّ والغليظ ونحوهما.
4- التّدرّج في التّدريب على الصّوت.
5- الابتعاد عن التّدخين ضروريّ جدًّا.
6- استعمال السّواك اتباعًا لسنّة النّبيّ
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّه يطرد البلغم.
7- شرب المشروبات العشبيّة مثل: الشّاي الأخضر، النّعناع، اليانسون وشاي الّليمون.
8- عدم التّعرّض مباشرة حال التّلاوة لمصدر هواء أو رياح يدخل في الفم مثل: المكيّف والمروحة.
9- عدم الارتفاع عن الطّبقة الصّوتيّة الّتي يستطيعها القارئ، ممّا يجعل الأداء جيدًا.
10- السّباحة تساعد على زيادة طول النّفَس، وهي مفيدة جدًّا خاصّة للصّوت.
هذه التّمارين الّتي ذكرتها تدعم الجانبَيْن، فهي تساهم في:
زيادة صفاء الصّوت، مهارة الأداء وسهولته. بالإضافة إلى قوّة الصّوت. أمّا بالنّسبة للأداء أنصح باستخدام المعدة عند الأداء بحيث تملأ الرّئتَيْن والبطن بالهواء. وتجعل الصّوت كأنّه قادم من المعدة - وأقصد بذلك الهواء - يعني لا تجعل صوتك يأتي محبوسًا أو كأنّه يأتي من أنفك كما يفعل البعض أثناء الأداء ركّز على فتح فمك ولا تقارب بين أسنانك كما يفعل من يشعر بالبرد.
سأذكر أشياء منها بشكل عامّ، ولن أقتصر على ما يقوّيه فقط:
1- التّدريب أوّلاً وقبل كلّ شيء.
2- أكل البصل والثّوم والتّين.
3- العسل يصفّي الصّوت ويقوّيه خاصّة إذ اختلط بالحليب أو الماء الدّافئ.
4- الخبز النّاشف في الصّباح الباكر.
5- تجنّب البهارات وعلى رأسها الفلفل الحارّ.
6- الملفوف يفيد أيضًا بتليين الحبال.
7- قهوة الزّنجبيل والمشروبات الدّافئة بشكل عامّ، وكلّ قهوة طبيعيّة عدا الشاّي والقهوة تليّن الحبال.
8- قراءة القرآن من أحسن ما يحسّن الصّوت وخاصّة قراءته في الصّباح الباكر بصوت فخم (قرار) أو متوسّط.
إنَّ من الأشربة الّتي تحافظ على الصّوت والحنجرة - عن تجربة - شراب الزّنجبيل، فهو يحفظ للصّوت نقاءه. ومن الأطعمة هناك ما يعرف بـ (السّكّر الفضّيّ أو سكّر النّبات) وهي مكعّبات من السّكّر، تبدو للنّاظر كالجواهر - وهي أيضًا تساعد على تنقية الصّوت، وتريح الحبال الصّوتيّة.
أيضًا من الأشربة الّتي تنقّي الصّوت والحنجرة إضافة
إلى الزّنجبيل أعواد تسمّى عرق السّوس وهي أعواد لها مذاق سكّريّ أيضًا. شراب الزّعتر فإنَّه يصفّي الحنجرة خاصّة إذا غلي وشرب ماؤه.
السّكّر الفضي، هو مستخلص من قصب السّكّر، وأظنّ أنَّه ما يعرف بسكّر النّبات فقد راجعت كتابًا يتحدّث عن هذا، وورد فيه ما يلي:
" أمّا سكّر النّبات المستخرج من قصب السّكّر، فهو ذو فائدة معروفة في مكافحة السّعال المزمن، كما يوصف لتحسين الصّوت، وإزالة البحّة
".
كما وقرأت عن عرق السّوس، فوجدت أن منقوعه ينقّي الصّوت.
وأيضًا هناك العسل يفيد في تنظيم حركة التّنفّس، وخاصّة للمصابين بأمراض في الصّدر، كما أنَّ له أثرًا ملطّفًا في حالات الجفاف وصعوبة البلع، والسّعال.
وإضافة لهذا، فهناك أمور روحانيّة تعين على العبادة، منها: عدم الإكثار من الطّعام، كثرة الذّكر.