الميسّر في علوم القرآن


  الفصل الثامن: النسخ

 

 تعريف النسخ لغةً

 للنسخ عدّة معان قد ذكرها أهل اللغة بعضها يوافق مفهوم النسخ في الشريعة والبعض الآخر ليس كذلك، فما يناسب البحث أن نذكر بعض المعاني - اللغوية القريبة من المفهوم الشرعي:

1- الإزالة: قالوا: نسخه ينسخه وانتسخه أزاله، والشيء ينسخ الشيء نسخاً أي يزيله ومنه قوله تعالى: فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته الحج / 52. والعرب تقول: نسخت الشمس الظل وانتسخته أزالته. ونسخ الآية بالآية حكمها، ومنه الحديث (شهر رمضان نسخ كل صوم).

2 - التغيير والتبديل: قالوا: نسخه. بمعنى غّيره، ونسخت الريح آثار الديار غّيرتها ومنه قوله تعالى: وإذا بدّلنا آية مكان آية النخل / 101.

3 - التحويل: كتناسخ المواريث، حيث يتحوّل الإرث من شخص المورّث إلى الوارث.

4 - النقل من موضع إلى آخر: منه (نسخت الكتاب) إذا نقلت ما فيه حاكياً. للفظه وخطه.

5 - الرفع: قال ابن سلامة الناسخ والمنسوخ في كلام العرب هو رفع الشيء وجاء الشرع بما تعرف العرب.

6 - الإبطال: قالوا: نسخه أي أبطله وأقام شيئاً مقامه، عن الليث: النسخ أن تزيل أمراً كان من قبل يعمل به ثم تنسخه بحادث غيره.

وعن الفرّاء: النسخ أن تعمل الآية ثم تنزل آية أخرى فتعمل بها وتترك الأولى [1]. هذه المعاني الواردة في اللغة تلتقي إلى حدٍ ما مع النسخ بمفهومه التفسيري الذي منه:

 

التخصيص والاستثناء، وتبدل الحكم بتغيير ظرفه، أو تبدّل موضوعه أو انتهاء أمده وما إلى ذلك ممّا تأتي الإشارة إليه. لا يخفى أن النسخ من مختصات هذه الشريعة التي نسخت كل الشرائع السماوية المتقدّمة عليها، غير أن اليهود حرّموه. فهم لا يجوّزونه ظنّاً منهم أنه (بداء) كالذي يرى الرأي ثم يبدو له، أي ظهور العلم بعد الجهل به، قالت اليهود هذا هو البداء وهو على الله غير جائز والنسخ مثله فهو أيضا غير واقع. إلاّ أن الأمر ليس كذلك وسوف نفصّل إن شاء الله في معنى البداء ونبيّن الفرق بينه وبين النسخ. معنى النسخ يختلف عن البداء كما يختلف عن المعنى الذي رسمه اليهود، عندما قالوا ظهور العلم بعد الجهل به. وممّا يستدل على بطلان قول اليهود هو أن القرآن الكريم - ناسخه ومنسوخه - جميعه كان في اللوح المحفوظ وهو المسمّى بأمّ الكتاب قال تعالى: وإنه في أمّ الكتاب لدينا لعلي حكيم الزخرف / 4 وقوله تعالى: في كتاب مكنون لا يمسه إلاّ المطهرون الواقعة/ 78,79 فالنسخ إنّما يحدث من أصل أي من اللوح المحفوظ، لا كما توهّمه البعض من المسلمين تبعاً لمقالة اليهود أو النصارى. ثم أنك تجد تعريف النسخ عند الصحابة والتابعين يختلف عمّا هو عليه في القرن الثالث والرابع الهجري، كما أن تعريفه عند المفسّرين يختلف عن تعريفه عند الأصوليين. فالنسخ عند الصحابة كان يشمل مفهوم التخصيص والتقييد والاستثناء ثم اتّسع هذا المفهوم عند المفسّرين في عصر التدوين ليشمل كل المعاني التي أشارت إليه اللغة, كترك العمل بالحكم لتغيّر ظرفه أو تبديل موضوعه، كآية السيف ومنسوخاتها. وكالاستثناء أو التخصيص كقوله تعالى: إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا العصر/ 2. أمّا النسخ عن الأصوليين: هو تبديل حكم بآخر لانتهاء أمد الحكم السابق، وعلى هذا فإن دائرة النسخ عند الأصوليين الذي برز في القرن الثالث الهجري هو أضيق ممّا سبق.

 

التعريف الاصطلاحي للنسخ عند الأصوليين

قال أبو جعفر النحاس: النسخ تحويل العباد من شيء قد كان حلالاً فيحرّم، أو كان حراماً فيحتل أو كان مطلقاً فيحظر، أو كان محظوراً فيطلق، أو كان مباحاً فيمنع، أو ممنوعاً فيباح إرادة الاصلاح للعباد [1].

وقال أبو بكر الباقلاني: النسخ هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدّم على وجهٍ لولاه لكان ثابتاً مع تراخيه عنه.

أقول: وهذا التعريف غير جامع ولا مانع، بل فيه من التناقض ما هو بيّن، وذلك أن الحكم إذا ثبت لا يرفع، والباقلاني أغفل جانباً آخر من النسخ ألا وهو فعل النبي لأن فعله سنّة، وقد جاء النسخ في السنّة.

وقال ابن حزم في تعريفه للنسخ: بيان انتهاء زمان الأمر الأول فيما لا يتكرّر [2]. وهذا التعريف أقرب إلى الصواب عمّا تقدّمه.

أمّا ابن العربي يذكر تعريفين للنسخ أحدهما يشبه قول الباقلاني وهو ما لفظه: النسخ هو النص الدال على أن مثل الحكم الثابت بالنص المتقدم زائل في الاستقبال على أوجه لولاه لثبت. ثم نسب هذا التعريف إلى كثير علماء المالكية. ولا يبعد أن هذا التعريف قد أخذه من الباقلاني المتقدّم الذكر. والتعريف الآخر نسبه إلى أبي المعالي الجويني قال النسخ ظهور ما ينافي شروط استمرار الحكم.

ومن المتأخّرين سيدنا الخوئي (قدّس سره) قال في تعريف النسخ: هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفية أم الوضعية وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنه شارع... [1].

أقول والذي يؤآخذ على هذا التعريف هو إطلاق كلمة [ثابت] وقد تقدّم التعليق على قول الباقلاني، فراجع! وممّا يظهر أن هذا التعريف قد أخذه سيدنا زعيم الطائفة (قدس سره) من فخر الدين الطريحي الذي ربط بين المعنى اللغوي للنسخ والمعنى الشرعي. قال: النسخ الشرعي: إزالة ما كان ثابتاً من الحكم بنص شرعي ويكون في اللفظ وفي الحكم وفي أحدهما سواء فعل كما هو في أكثر الأحكام أو لم يفعل، وهو في القرآن والحديث النبوي إجماعيّ من أهل الاسلام، وآية القبلة والعدّة والصدقة والثبات تشهد لذلك وقد ينسخ من الكتاب التلاوة لا الحكم كآية الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله. فإن حكمها باقٍ وهو الرجم إذا كانا محصنين، وبالعكس كآية الصدقة والثبات وهما معاً كما في الخبر المروي عن عائشة أنه كان في القرآن عشر رضعات محرّمات، وبالأشق كعاشوراء بشهر رمضان [2].

 


  مفهوم النسخ عند الصحابة

 

اتضح لك من التعريف اللغوي أن النسخ الموافق للمفهوم الشرعي هو الإزالة على الوجه الحقيقي. غير أن الصحابة كانوا يفهمون من النسخ المعنى الأوسع، بمعنى أوضح إن استعمالهم كلمة (ناسخ) أو (منسوخ) لا يريدون منها إزالة حكم شرعي بحكم شرعي آخر فقط بل كانوا ينظرون إلى التخصيص والتقييد والاستثناء والتفسير.

قبال ذلك رووا عن ابن عباس أن قوله تعالى: قل الأنفال لله والرسول منسوخ بقوله: واعلموا إنّما غنمتم من شيء فإن لله خمسهُ وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الأنفال / 41 اقول:

إن فسّرت الأنفال بالغنائم - كما في بعض التفاسير - فلا تناسخ بين الآيتين لأن الثانية مبيّنة لما أجملته الأولى.

وهكذا ما روي عن ابن عباس: أن قوله تعالى: والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون منسوخ بقوله تعالى: إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات... الآيات 24 - 27 من سورة الشعراء. فالآية الأخيرة جاءت لتستثني ممّا سبقها الفريق الصالح المؤمن من أولئك الشعراء. فليس ناسخة لما تقدّمها.

ورووا أن قوله تعالن: ويستغفرون لمن في الأرض الشورى / 5 منسوخ بقوله: ويستغفرون للذين آمنوا غافر/ 3.

إنك تجد في الآيتين اخبار وليس فيها أمر، والنسخ لا يكون في الاخبار.

وروي عن عبد الملك بن حبيب في قوله تعالى: اعملوا ما شئتهم فصلت/ 40. وقوله: لمن شاء منكم أن يستقيم التكوير/28 منسوخات بقوله تعالى: وما تشاءون إلاّ أن يشاء الله رب العالمين التكوير/ 29.

الآيات المباركة جاءت ني معرض الوعيد والتهديد وهذا ليس فيه حكم تكليفي لذا لا يقبل النسخ. والأمثلة في هذا كثيرة والذي يظهر منها أن معنى النسخ عند الصحابة والتابعين شمل أنواعاً عديدة، لذا من الصواب أن تقول إن حمل تلك الموارد على النسخ من باب المجاز، لا من باب الحقيقة، وأنك جدّ عليم في معنى النسخ وهو ارتفاع حكم شرعي سابق قد انتهى أمده بحكم شرعي آخر.

 

وهذا الرفع للحكم يصطلح عليه: الإزالة على وجه الحقيقة، والنقل على وجه المجاز.

فليس عجيباً أن نرى أغلب الآيات التي ادّعى نسخها داخلة في قسم المجاز الذي فهمه الصحابة والتابعين أنه من النسخ وهو ليس كذلك. قال يم الإمام الشاطبي ت 790هـ في الجزء الثالث من الموافقات: "الذي يظهر من كلام المتقدّمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين فقد كانوا يطلقون على تقييد المطلق نسخاً، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل ومنفصل نسخاً وعلى بيان المبهم والمجمل نسخاً كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي تأخّر نسخاً، لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد، وهو أن النسخ في الاصطلاح المتأخّر أن الأمر المتقدّم غير مراد في التكليف، و انّما المراد ما جيء به أخيراً فالأوّل غيرمعمول به، وهذا المعنى جار في تقييد المطلق، فإن المطلق متروك الظاهر مع مقيّده، فلا أعمال في إطلاقه بل العمل هو المقيّد فكأن المطلق لم يفد مع مقيّده شيئاً، فصار مثل الناسخ والمنسوخ وكذلك العام مع الخاص إذا كان ظاهر العام يقتضي شمول الحكم بجميع ما يتناوله اللفظ فلمّا جاء الخاص أخرج حكم الظاهر العام عن الاعتبار فاشبه الناسخ والمنسوخ، إلاّ أن اللفظ العام لم يهمل مدلوله جملة وإنّما أهمل منه ما دلّ عليه الخاص … [1].

وقال شمس الدين بن القيم: مراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارةً وهو اصطلاح المتأخّرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر، تارةً أخرى، أمّا بتخصيص عام أو تقييد مطلق وحمله على المقيِّد وتفسيره، وتبنّيه، حتى أنهم يسقون الاستثناء والشرط والصفة ناسخاً لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر... [2].

 فالنسخ في الاصطلاح: ما كان الحكم فيه رافعاً فهو (الناسخ) وما كان الحكم فيه مرفوعاً فهو (المنسوخ) وعملية الرفع يسمّى (نسخ) بعد هذا اختلف العلماء في وقوع النسخ، لكن ما تسالم عليه الأصوليّون هو أنه يقع في الأمر والنهي، ولا يقع في غيره كالإخبار والوعد والوعيد والتهديد.

بينما أجاز بعضهم وقوعه ني الخبر المحض وأدخلوا الاستثناء والتخصيص والتقييد فيه وسنشير إلى ذلك إن شاء الله.

 


  الاستدلال بالقرآن في جواز وقوع النسخ

 

من الأدلّة القطعية ما جاء في القرآن الكريم:

1- قوله تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها البقرة/ 106.

2 - وقوله تعالى: وإذا بدّلنا آية مكان آية النحل / 101.

3 - وقوله تعالى: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أّم الكتاب الرعد/ 39.

 في الآية الأولى إشارة صريحة إلى نسخ الآية أو إنسائها والإتيان بخير منها أو مثلها، والقرآن كله خير وكلّه نعمة، ويكون إنزال الخير في محلّه وبقدر معلوم فالمنسوخ من القرآن لا يخرج في كونه منسوخاً أنه لا خير فيه - معاذ الله - بل أن الأمد المحدود الذي كان قد ناسبه ذلك الحكم المتقدّم والذي أصبح فيما بعد منسوخاً ثم لتبدّل الظروف والمناسبات اختار لنا الله سبحانه وتعالى ما فيه إصلاح شئوننا وترميم واقعنا فجاء بحكم آخر مغاير أو مماثل.

وهكذا في شأن الآية الثانية، فإن التبديل ناظر إلى مصلحة العباد وأنه المكتوب في اللوح المحفوظ في أمّ الكتاب منذ الأزل، فهو في علمه، ولم يتبدّل علمه سبحانه، بل إنّما هو تبديل وتغيير ونسخ من حيث مقارنته لللإنسان وعلمه السابق الذي لم يكن ظاهراً له ثم ظهر، والآية الثالثة تؤكّد ما بيّنّاه. فالتعبير بالمحو والإثبات ني آية وبالتبديل في آية أخرى يفيد معنى الإزالة بمعناه الحقيقي وإذا تعيّن معنى النسخ والمحو والإبدال في الآيات الشريفة بمعناه الحقيقي، وهو الإزالة، فهذا المعنى لا يتعدّى التعريف اللغوي الذي تقدّم بل أحدهما يشير إلى الآخر. قال الشيخ أبو علي: (نسخ الآية إزالتها بإبدال أخرى مكانها وإنساخها الأمر بنسخها ونسؤها تأخيرها وإذهابها لا إلى بدل، إنساؤها أن يذهب بحفظها عن القلوب) والمعنى أن كل آية نذهب بها على ما توجبه الحكمة وتقتضيه المصلحة من إزالة لفظها وحكمها معاً، أو من إزالة أحدهما إلى بدل أو لا إلى بدل "نات بخير منها" للعباد، أي بآية: العمل بها أحوز للثواب أو مثلها في ذلك [1].

 

أدلّة إثبات النسخ

 أولاً: القرآن الكريم وقد ذكرنا جملة الآيات فراجع.

 ثانياً: الأخبار الصادرة من أئمة أهل آلبيت وما ورد بدليل صحيح من الصحابة عن الرسول، ونشير إلى بعض الروايات:

 ثالثاً: إجماع علماء المسلمين على جواز وقوع النسخ في القرآن [1].

رابعاً: وقرعه في الشرائع السماوية السابقة كالتوراة والانجيل.

خامساً: الدليل العقلي.

سادساً: ما جاء في النصوص الكريمة على ثبوت الشريعة الإسلامية ونسخ ما تقدّمها من الشرائع: قوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين آل عمران / 85.

وقوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً المائدة/ 30

وقوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام.

ونصوص أخرى.

سابعاً: عمل الرسول كاشف عن جواز وقوع النسخ وذلك بصريح القرآن كما في تغيير القبلة.

ثامناً: ما ورد في نسخ السنّة بالسنّة، " كزيارة القبور وممل لحم الأضاحي.

 


  روايات النسخ في أحاديث أهل البيت

 

 المتصفّح لكتب الحديث والأخبار يقف على روايات عديدة صحيحة

الأسانيد تنتهي إلى أهل بيت العزّة، هذه الأخبار تؤكّد على جواز وتوع النسخ ني الشريعة، ونحن نذكر طرفاً منها:

1 ـ عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت أمير المؤمنين يقول ما نزلت آية على رسول الله إلاّ أقرأنيها، وأملاها عليّ فأكتبها بخطيّ وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومتشابهها ودعا الله أن يعلّمني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله [1].

2 - عن الإصبع بن نباتة قال: لمّا قدم أمير المؤمنين الكوفة صلّى بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم سبّح باسم ربك الأعلى قال: فقال المنافقون: لا والله ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن. ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقرلٌ بنا غير هذه المسورة. قال: فبلغه ذلك فقال: ويلٌ لهم إني لأعرف ناسخه من منسوخه ومحكمه من متشابهه وفصله من فصاله، وحروفه من معانيه والله ما من حرف نزل على محمد إلاّ أعرف فيمن أنزل وفي أي يوم وفي أي موضع، ويلٌ لهم أما يقرؤون إنّ هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى، والله عندي ورثتهما من رسول الله وقد أنهى رسول الله من إبراهيم وموسى [1].

3 - عن زرارة عن أبي جعفر قال نزل القرآن ناسخاً ومنسوخاً.

4 - عن جابر قال: قال أبو عبد الله يا جابر إن للقرآن بطناً وللبطن ظهراً. ثم قال: يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه إن الآية لتنزل أوّلها في شي وأوسطها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متّصل يتصرّف على وجوه [2].

5- عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله عن الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه؟ قال: الناسخ الثابت المعمول به والمنسوخ ما قد يعمل به ثم جاء ما ينسخه، والمتشابه ما اشتبه على جاهله.

6 - عن أبي عبد الرحمن السلمي إنّ علياّ مرّ على قاضٍ فقال: هل تعرف الناسخ والمنسوخ فقال: لا، فقال: هلكت وأهلكت، تأويل كل حرف من القران على وجوه [3].

 7 - روي عن ابن مسعود قال: اقرأني رسول الله آية حفظتها وكتبتها في مصحفي فلمّا كان الليل رجعت إلى حفظي فلم أجد منها شيئاً، فعدت إلى المصاحف فإذا الورقة بيضاء فاخبرت رسول الله بذلك فقال: رفعت البارحة [1].

8- روى أبو القاسم هبة الله بن سلامة في كتابه (الناسخ والمنسوخ) فقال: وقد روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه أنه دخل بوماً مسجد الجامع بالكوفة فرأى فيه رجلاً يعرف بعبد الرحمن بن دأب وكان صاحباً لأبي موسى الأشعري، وقد تحلّق عليه الناس يسألونه، وهو يخلط الأمر بالنهي والإباحة بالحضر، فقال له علي رضي الله عنه. أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال لا. قال هلكت وأهلكت أبو مَن أنت؟ فقال: أبو يحيى فقال له علي رضي الله عنه أنت أبو اعرفوني وأخذ أذنه ففتلها فقال لا تقصن [لا تقضي]، في مسجدنا بعد [2].

9 - ذكر الزهري في كتابه (الناسخ والمنسوخ) عدّة روايات شبيه بما تقدّم عن الإمام علي. وفيه بسنده عن ابن عباس قال: مرّ بقاص يقصّ فركزه برجله ثم قال له: هل تدري الناسخ من المنسوخ؟ فقال لا فقال له: هلكت وأهلكت [3].

10-عن يحيى بن أكثم يقول:ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء وعلى المتعلمين وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه، لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً والعمل به واجب لازم ديانة، والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهي إليه [1].

 

 

[1] تاج العروس: مادة نسخ.

[1] الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس

[2] الناسخ والمنسوخ لابن حرّم.

[1] البيان - للسيد الخوني (قدس سره) ص296.

[2] مجمع البحرين: مادة نسخ.

[1] الموافقات 3/ 65.

[2] فتح المنان 19.

[1] تفسير مجمع البيان ا/179.

[1] لقد شّذ من بين المسلمين: أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المتوفى سنة 322هـ، حيث أنكر النسخ في آيات القرآن الكريم مع إقراره بالنسخ للشرائع السابقة ونسخ الإسلام لجميع ما تقدمّه من شريعة. ومّمن شذ عن إجماع المسلمين، الأستاذ محمد عبد. حين فسّر كلمة آية في آية النسخ بالمعجزة وهو قول باطل.

[1] تفسير العياشي 1/ 14 وتفسير الصافي 1/ 11، تفسير البرهان 1/17.

[1] تفسير العياشي ا / 14تفسير البرهان 1 /16.

[2] تفسير العياشي 1 /11 و12، البحار 92/ 110.

[3] تفسير العياشي 1/ 12.

[1] ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي ت738. ص 19 والناسخ والمنسوخ للعتائقي، ص 24.

[2] الناسخ والمنسوخ لابن سلامة بهامش أسباب النزول للواحدي ص 6.

[3] الناسخ والمنسوخ المنسوب للزهري ص 14، تحقيق الدكتور حاتم صالح ط 1، بيروت، دار النهضة العربية 1989.

[1] جامع بيان العلم وفضله 2/ 35.