تحريك لليسارإيقافتحريك لليمين
نافذة من السماء، العدد السادس والعشرون.
مجلة هدى القرآن العدد الثاني والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد السادس والتسعون
نافذة من السماء، العدد الخامس والعشرون
مجلة هدى القرآن العدد الواحد والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد الخامس والتسعون
مجلة هدى القرآن العدد التاسع عشر
مجلة أريج القرآن، العدد الواحد والتسعون
مجلة أريج القرآن، العدد التسعون
 
التصنيفات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة
نافذة من السماء، العدد السادس والعشرون.

السنة السابعة، العدد السادس والعشرون 1440 هـ ق / 2018 م
مجلة قرآنية تربوية داخلية تصدر عن جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد

لسحب العدد PDF اضغط هنا

 

 

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أحبّائي ...

أصدقائي... تتعاقبُ الأيّامُ والفصولُ، وفي بالنا فصل الرّبيعِ، فصلُ الجمالِ والتّألّقِ الّذي نشتاق إليهِ، ونتمنّى لو كانت كلّ أيّامنا ربيعًا.

لكنَّ حكمة الله تعالى رأت أن يعيش الإنسانُ هذا الاختلافَ في حالات الطّبيعةِ، كما يعيش حالات الاختلافِ في أيّامه، بين العسر واليسر، والضّيق والفرج، والمرض والصّحّة، والفقرِ والغنى ...

وفي كلّ حالةٍ من حالاتنا نعيش ابتلاءً حقيقيًّا وامتحانًا إلهيًّا، يمكننا إن أحسنّا التّصرّف أن نصنعَ منه جوازًا على الصّراطِ المستقيم، ونثقّل بهِ موازيننا ونطوّر به أنفسنا.

لكنَّ ربيعًا واحدًا يمكننا أن نعيشه ولا يأفل، وتتدلّى أغصانه على قلوبنا ولا تيبس، وترتعُ في خضرته أرواحنا ولا تملّ.

إنّه ربيع القرآن الكريم، ربيعٌ يعيش في كلّ بيت، يمدّ أفياءه على كلّ نفس، يقدّم الأمان لكلِّ إنسان.

بضع دقائق كلّ يوم في هذه الدّوحة السّماوية تكفينا لنجني ما شئنا من نعيم الدّنيا والآخرة.

فلنجعل أيّامنا ربيعاً متدفقاً بالخضرة والجمالِ، ونعيمَنا مقيماً في دنيانا وآخرتنا.
 

والحمد لله رب العالمين

 

أَصْدِقائي ...


لا كِتابَ تَحْلو رِفْقَتُهُ في أَوْقاتِ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَعِنْدَ طَلَبِ الْمَشورَةِ وَالْمَعونَةِ وَالدُّعاءِ، وَطَلَبِ الرَّحْمَةِ وَقَضاءِ الْحاجاتِ، مِثْلَ الْقُرْآنِ الْكَريمِ.

فَهُوَ أَنيسُنا في الْوَحْشَةِ، وَنَسْمَةُ أَرْواحِنا في الضّيقِ، وَجِسْرُها في الْعُبورِ إِلى الصَّفاءِ وَالسَّكينَةِ.

وَالْكَثيرونَ مِنّا عَوَّدوا أَنْفُسَهُمْ عَلى أَنْ تَكونَ لَها أَوْقاتٌ يَوْمِيَّةٌ عَلى ضِفافِ جَدْوَلِ السَّعادَةِ، في رِحابِ كَلامِ اللهِ الْعَظيمِ، وَهِيَ أَفْضَلُ الْعاداتِ، وَأَكْثَرُها فائِدَةً لِلنَّفْسِ الْإِنْسانِيَّةِ.

لِقِراءَةِ الْقُرْآنِ الْكَريمِ فَضْلٌ عَظيمٌ، لا يَعْرِفُهُ إِلاّ مَنْ لَمَسَهُ، وَاسْتَضاءَ بِنورِهِ.

وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ تَعالى لِعُشّاقِ الْقُرْآنِ الْكَريمِ ثَوابًا أَعْظَمَ، وَأَجْرًا أَكْبَرَ في يَوْمِ الْقِيامَةِ، فَتِلاوَةُ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُروفِ الْقُرْآنِ الْكَريمِ بِعَشْرِ حَسَناتٍ، وَكُلُّ آيَةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تَعالى تَرْفَعُ الْمُؤْمِنَ دَرَجَةً في يَوْمِ الْقِيامَةِ.

وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعالى في كِتابِهِ الْعَزيزِ فَضْلَ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ الْكَريمِ في عِدَّةِ آياتٍ، مِنْها:

1- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ سَبَبٌ لِلْإِيمانِ:
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)﴾ البقرة.
 

2- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ سَبَبٌ لِزِيادَةِ إيمانِ الْمُؤْمِنينَ:
﴿... وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)﴾ الأنفال.

3- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ عِنْدَ اللهِ تَعالى تِجارَةٌ لا تَبورُ وَلا تَعْرِفُ الْخَسارَةَ:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29)﴾ فاطر.

4- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، تَجْعَلُ قَلْبَ الْعَبْدِ مَليئًا بِالْخَشْيَةِ مِنَ اللهِ تَعالى:
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا(58)﴾ مريم.

5- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ تَزيدُ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ خُشوعًا وَخُضوعًا وَتَذَلُّلًا للهِ تَعالى:
﴿إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)﴾  الإسراء.

6- تِلاوَةُ الْقُرْآنِ الْكَريمِ تَحْمِلُ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْهُدى، وَالرَّحْمَةَ وَالْبِشارَةَ:
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(89)﴾ النّحل.

 فَلْنَجْعَلْ أَوْقاتَنا مَعْمورَةً بِكِتابِ اللهِ تَعالى، وَلْنَمْلَأْ سِلالَنا بِخَيْراتِ الْكَنْزِ الْمَوْجودِ في بُيوتِنا، فَنَكونَ مِمَّنْ نالوا حَظَّ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.

 

كانَ عَلِيٌّ بْنُ خالِدٍ رَجُلًا يَعيشُ في سامِرّاءَ في زَمَنِ الْإِمامِ مُحَمَّدٍ الْجَوادِ (عَلَيْهِ السَّلامُ).

- علي بن خالد: مَنْ أَنْتَ؟ وَلِماذا سَجَنوكَ؟ 
-
الرجل: أَنا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشّامِ. أُصَلّي في مَوْضِعِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، ذاتَ يَوْمٍ أَتاني شَخْصٌ، وَقالَ لي: قُمْ بِنا..!  
-
الرجل: وَإِذْ أَنا في مَسْجِدِ الْكوفَةِ أُصَلّي، ثُمَّ انْتَقَلْنا إِلى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ، في الْمَدينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، نَزورُ وَنُصَلّي، ثُمَّ مَضَيْنا إِلى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ، ثُمَّ عُدْنا إِلى مَوْضِعِ الْإِمامِ الْحُسَيْنِ عَلَيهِ السَّلامُ في الشّامِ! 
-
الرجل: في الْعامِ التّالي حَدَثَ لي مِثْلُ ذلِكَ، وَحينَ عادَ بي الرَّجُلُ إلى الشّامِ سَأَلْتُهُ مَنْ يَكونُ؟ فَقالَ: أَنا مُحَمَّدٌ بْنُ عَلِيٍّ بْنُ موسى بْنُ جَعْفَرَ! 
-
الرجل: فَحَدَّثْتُ بِذلِكَ، فَسُجِنْتُ في بَغْدادَ! وَقالَ لي السَّجّانُ: قُلْ لِلرَّجُلِ الَّذي أَخْرَجَكَ مِنَ الشّامِ إِلى الْكوفَةِ فَالْمَدينَةِ فَمَكَّةَ، ثُمَّ رَدَّكَ إِلى الشّامِ في لَيْلَةٍ واحِدَةٍ، أَنْ يَأْتِيَكَ وَيُخْرِجَكَ مِنْ حَبْسِكَ هذا!
-
علي بن خالد: اصْبِرْ وَتَعَزَّ.. لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ لَكَ فَرَجًا!
-
السجان: لَقَدِ اخْتَفَى الشّامِيُّ الْمَحْبوسُ في سِجْنِهِ! وَلا أَحَدَ يَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ خَرَجَ!
-
علي بن خالد: لا وَاللهِ! لَقَدْ أَغاثَهُ وَأَنْقَذَهُ مُحَمَّدٌ بْنُ عَلِيٍّ!

 

بِمُناسَبَةِ ذِكْرى الْميلادِ السَّعيدِ وَالْمُبارَك ِلِرَسولِ الرَّحْمَةِ الْإِلهِيَّةِ، خاتَمِ الْأَنْبِياءِ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَذِكْرى ميلادِ الْإِمامِ جَعْفَرٍ الصّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، أَتَقَدَّمُ بِالتَّهاني إِلى الْأُمَّةِ الْإِسْلامِيَّةِ الْكُبْرى...

إِنَّ تَخْليدَ ذِكْرى وِلادَةِ الرَّسولِ الْكَريمِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ احْتِفالاتٍ شَكْلِيَّةٍ. وَإِنْ كانَتْ هذِهِ الِاحْتِفالاتُ بَيْنَ الشُّعوبِ الْإِسْلامِيَّةِ فُرْصَةً ثَمينَةً وَضَرورِيَّةً، إِلاّ أَنَّ الْقَضِيَّةَ أَكْبَرُ مِنْ ذلِكَ. فَالْعالَمُ الْإِسْلامِيُّ أَحْوَجُ مايَكونُ الْيَوْمَ، وَأگثَرَ مِنْ أَيِّ َوْقتٍ مَضى لِإِحْياءِ ذِكْرى الرَّسولِ، وَالْبَشَرِيَّةُ كُلُّها بِحاجَةٍ الْيَوْمَ أَيْضًا لِهذا الِاسْمِ الْمُبارَكِ وَهذِهِ الذِّكْرى الْمَيْمونَةِ وَهذِهِ التَّعاليمِ النَّبيلَةِ. وَلكِنْ قَبْلَ الِانْطِلاقِ نَحْوَ الْبَشَرِيَّةِ بِأَسْرِها، لا بُدَّ لِلْعالَمِ الْإِسْلامِيَّ أَنْ يَتَعَرَّفَ هذِهِ الْجَوْهَرَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ مِنْ جَديدٍ؛ وَمَـثَـلُ الْعالَمِ الْإِسْلامِيِّ الَّذي يُعاني مِنْ مَشاكِلَ كَثيرَةٍ وَبِجانِبِهِ ذَخائِرُ مَعْنَوِيَّةٌ عَظيمَةٌ، وَمَنابِعُ كَبيرَةٌ يُمْكِنُ أَنْ تُعينَهُ وَتُنْقِذَهُ، كَمِثْلِ الشُّعوبِ الَّتي بَقِيَتْ قُرونًا طَويلَةً تَنامُ جائِعَةً فَوْقَ ما لَدَيْها مِنْ ثَرَواتٍ مَجْهولَةٍ إِلى أَنْ جاءَ الآخَرونَ وَنَهَبوها مِنْها.

دَوْرُ التَّوْحيدِ وَالْوَحْدَةِ

قالَ أَحَدُهُمْ: "بُنِيَ الْإِسْلامُ عَلى دَعامَتَيْنِ; كَلِمَةِ التَّوْحيدِ، وَتَوْحيدِ الْكَلِمَةِ"، وَالثّانِيَةُ تَعودُ إِلى الْأولى; بِمَعْنى أَنَّ وَحْدَةَ الْكَلِمَةِ تَدورُ حَوْلَ مِحْوَرِ التَّوْحيدِ. وَنَحْنُ الْيَوْمَ أَحْوَجُ ما نَكونُ إِلى هذا الشِّعارِ، أَيْ أَنْ نَعودَ إِلى كَلِمَةِ التَّوْحيدِ وَتَوْحيدِ الْكَلِمَةِ.

كُلُّ الْمَصائِبِ وَالْوَيْلاتِ الَّتي حَلَّتْ بِالْمُسْلِمينَ نَجَمَتْ عَنْ عَدَمِ تَمَسُّكِهِمْ بِحَبْلِ التَّوْحيدِ. لا يَقْتَصِرُ التَّوْحيدُ عَلى الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ حَقيقِيٌّ وَنِظامٌ وَقانونٌ لِلْحَياةِ. التَّوْحيدُ يُبَيَّنُ لَنا الْأُسْلوبُ الَّذي يَنْبَغي أَنْ نَتْبَعَهُ مَعَ أَصْدِقائِنا، وَمَعَ أَعْدائِنا. وَيوضِّحُ لَنا الْكَيْفِيَّةَ الَّتي يَجِبُ أَنْ يَكونَ عَلَيْها النِّظامُ الِاجْتِماعِيُّ، وَنَمَطُ الْعَيْشِ الَّذي يَجِبُ أَنْ نَسيرَ وَفْقاً لَهُ.

 

- قائد الكشّاف: تَعالَوا نَلْعَبْ لُعْبَةَ الْأَسْماءِ. لِيَرْسُمْ كُلُّ واحِدٍ مِنْكُمْ بَيْتًا وَحَوْلَهُ حَديقَةٌ، يُطْلِقُ عَليْها اسْمًا مِنْ أَسْماءِ الْجَنَّةِ في الْقُرْآنِ..
-
قائد الكشّاف: انتهى الوقت. 
-
 الكشفيّ:  هذه الغُرْفَةَ ! مذكورة في سورة الفرقان الآية 75.  
-
الكشفيّ: هذِهِ الدَّارُ الأَخِرَةُ، مَذْكورَةٌ في سورَةِ الْبَقَرَةِ الآيةِ 94.
-
الكشفيّ: الفِرْدَوْسِ. سورة الكهف 107. 
-
الكشفيّ: جَنّات عدن. التّوبة 72.
-
الكشفيّ: جنّات النّعيم. المائدة 65.
-
الكشفيّ: جنّة الخلد. الفرقان 15.
-
الكشفيّ: دار السّلام. الأنعام 127.
-
الكشفيّ: جنّة المأوى. النّجم 15.
-
الكشفيّ: دار المتّقين. النّحل 30.
-
الكشفيّ: دار المقامة. غافر 35.
-
قائد الكشّاف: جعلكم جميعًا من الفائزين بهذه الدّار .... أَحْسَنْتُمْ يا أَحِبّائي ...

 

- الهدهد: كانَ جونُ بْنُ حوي مولىً لِأَبي ذَرٍّ الْغَفارِيِّ، وَقَدْ أَهْداهُ إِيّاهُ الْإِمامُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلامُ).   
-
الهدهد: بَعْدَ وَفاةِ أَبي ذَرٍّ، عادَ جونُ بنُ حوي إلى بَيْتِ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ (عَلَيْهِ السَّلام)، وانْتَقَلَ بَعْدَ اسْتِشْهادِهِ إِلى بَيْتِ الْإِمامِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ).  
-
الهدهد: بَعْدَ اسْتِشْهادِ الْإِمامِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، انْتَقَلَ جونُ إِلى بَيْتِ الْإِمامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ).
-
الهدهد: عِنْدَما انْطَلَقَ الْإِمامُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلى كَرْبَلاءَ، كانَ الْمَوْلى جونُ بَيْنَ آلِ بَيْتِهِ وَأَصْحابِهِ.
-
الهدهد: وفي يومِ عاشوراءَ، رَأى جونُ الدِّماءَ الطّاهِرَةَ تَسيلُ مِنْ أَصْحابِ الْإِمامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) وَأَصْحابِهِ، فشَعَرَ بِالْغَضَبِ، وأَسْرَعَ إِلى الْإِمامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ )يَسْتَأْذِنُهُ بِالْقِتالِ.  
-
الهدهد: فَرَدَّهُ الْإِمامُ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قائِلًا: إِنَّما تَبِعْتَنا لِلْعافِيَةِ فَأَنْتَ في إِذْنٍ مِنّي!"

- الهدهد: فانْحَنى جونُ عَلى قَدَمَيِ الْإِمامِ عَلَيْهِ السَّلامُ يُقَبِّلُهُما وَهُوَ يَبْكي وَيَقولُ: " أَنا في الرَّخاءِ أَلْحَسُ قِصاعَكُمْ، وَفي الشِّدَّةِ أَخْذُلُكُمْ؟".   
-
الهدهد: " إِنَّ ريحي لَنَتِنٌ، وَحَسَبي لَلَئيمٌ، وَلَوْني أَسْوَدُ، فَتَنَفَّسْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ لِيَطيبَ ريحي، وَيَشْرُفَ حَسَبي وَيَبْيَضَّ لَوْني!".  
-
الهدهد: " لا واللهِ لا أُفارِقُكُمْ حَتّى يَخْتَلِطَ هذا الدَّمُ الْأَسْوَدُ مَعَ دِمائِكُمْ!".
-
الهدهد: فَأَذِنَ الْإِمامُ الْحُسَيْنُ لِجونَ بِالْقِتالِ، فَقاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَقولُ: كَيْفَ تَرى الْكُفّارُ ضَرْبَ الْأَسْوَدِ/ بِالسَّيْفِ ضَرْبًا عَنْ بَنِيِّ مُحَمَّدِ/ أَذِبُّ عَنْهُمْ بِاللِّسانِ وَبِالْيَدِ/ أَرْجو بِهِ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْمَوْرِدِ.
-
الهدهد: وَظَلَّ جونُ يُقاتِلُ حَتّى فازَ بِالشَّهادَةِ، فَدَعا لَهُ الْإِمامُ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَقالَ: " اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ، وَطَيِّبْ ريحَهُ، وَاحْشُرْهُ مَعَ الْأَبْرارِ، وَعَرِّفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .  
-
الهدهد: هكذا أَنْقَذَ جونُ نَفْسَهُ، وَاخْتارَ عاقِبَتَهُ بنَفْسِهِ، وَصَبَرَ فَتَقَبَّلُهُ اللهُ تَعالى، وَإِنَّما يُوَفّى الصّابِرونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ.

 

وُلِدَ الْهُدى، وَأُضيءَ الْكَوْنُ في السّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَرْبَعينَ عامًا مِنَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَذلِكَ في عام 571 لِميلادِ الْمَسيحِ عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وَفي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ.

وَلِأَنَّ هذِهِ الْوِلادَةَ هِيَ وِلادَةُ أَعْظَمِ خَلْقِ اللهِ، وَأَشْرَفِهِمْ، وَخاتَمِ الأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ، حَقَّ لَنا أَنْ نَحْتَفِلَ، وَنُقيمَ الْأَفْراحَ، وَنُزَيِّنَ الشّوارِعَ وَالْبُيوتَ، وَنُنْشِدَ الْمُوَشَّحاتِ وَنَتْلُوَ الْقُرْآنَ الْكَريمَ، شاكِرينَ اللهَ تَعالى عَلى أَنْ فَتَحَ لَنا أَبْوابَ السَّماءِ، وَأَرْسَلَ لَنا نَبِيًّا يَهْدينا وَيُعَلِّمُنا.

إِذْ قالَ تَعالى: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } الأحزاب 21.

مِنْ هُنا، فَإِنَّ أَفْضَلَ ما نَحْتَفِلُ بِهِ في ذِكْرى وِلادَةِ النَّبِيِّ الْأَعْظَمِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ههُوَ الاقْتِداءُ بِسيرَتِهِ وَأَخْلاقِهِ، وَتَرْبِيَتِهِ، فَنَحْنُ أُمَّتُهُ الَّتي جَعَلَها اللهُ خَيْرَ أُمَّةٍ، وَمِنْ صَلاحِنا وَأَسْبابِ نَجاتِنا أَنْ نُطيعَ نَبِيَّنا (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، عَمَلًا بِأَمْرِ اللهِ تَعالى في الْقُرْآنِ الْكَريمِ، إِذْ قالَ: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } الأعراف 158.

وقالَ سُبْحانَهُ وَتَعالى في سورةِ النّساءِ (64): { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

وَقالَ تعالى في سورَةِ عمرانِ (132): { وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }.

فَفي طاعَةِ رَسولِ اللهِ (صلى اللهُ عَلَيْه وَآلِهِ وَسَلَّمَ) صَلاحُ الدُّنْيا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } النساء 59.

وَفي طاعَةِ رَسولِ اللهِ (صلى اللهُ عَلَيْه وَآلِهِ وَسَلَّمَ) نَجاةٌ وَفَوْزٌ في الْآخِرَةِ. قالَ تَعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } الأحزاب 70،71.

أَمّا مَنْ عَصا رَسولَ اللهِ تَعالى، وَتاهَ عَنْ سَبيلِهِ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِما أَمَرَ، فَلَهُ سوءُ الْعاقِبَةِ، وَفي ذلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } النساء 13،14.

فَلْيَكُنِ احْتِفالُنا بِمَوْلِدِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَالْهُدى لائِقًا بِرِسالَتِهِ الْعَظيمَةِ، مُلَبِّيًا لِأَمْرِ اللهِ تَعالى إِذْ قالَ: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ } الحشر (7)، ولْنَكُنْ مِمَّنْ عَرَفوا الْحَقَّ فَاتَّبَعوهُ.

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.

 

 

 أَصْدِقائي ...

قالَ الْإِمامُ زَيْنُ الْعابِدينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) في رِسالَةِ الْحُقوقِ، حَوْلَ حَقِّ السّائِلِ:
وَأمّا حَقُّ السَّائِلِ فَإعْطَاؤُهُ إذا تَيَقَّنْتَ صِدْقَهُ، وَقَدَرْتَ عَلَى سَدِّ حاجَتِهِ، وَالدُّعاءُ لَهُ فِيما نزَلَ بهِ، وَالْمُعاوَنةُ لَهُ عَلَى طَلِبَتِهِ، وَإن شَكَكْتَ فِي صِدْقِهِ وَسَبَقْتَ إلَيهِ التُّهْمَةُ لَهُ، وَلَمْ تَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَكونَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطانِ أَرَادَ أَنْ يَصُدَّكَ عَنِ حَظِّكَ، ويَحولَ بَيْنَكَ وبَينَ التَّقَرُّب إلى رَبِّكَ، فَتَرَكْتَهُ بسِترِهِ وَرَدَدتَهُ رَدًّا جَمِيلًا. وَإنْ غَلَبْتَ نفْسَكَ فِي أَمْرِهِ، وَأَعْطَيتَهُ عَلى مَـــــا عَرَضَ فِي نفْسِكَ مِنْهُ، فَإنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمورِ.


فالسّائل هُوَ الْإِنْسانُ الَّذي ضاقَتِ الْحَياةُ في وَجْهِهِ، وَحَرَمَتْهُ أَبْسَطَ مُقَوِّماتِها، وَدَفَعَتْ بِهِ إِلى طَلَبِ الْغَوْثِ وَالْمَعونَةِ مِنَ الْمُقْتَدِرينَ، وَمَنْ أَقْدَرُ مِنَ اللهِ تَعالى عَلى أَنْ يُجيبَ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، وَيَكْشِفَ السّوءَ؟

قالَ الْإِمامُ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلامُ): " قالَ رَسولُ اللهِ : إِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى أَحَبَّ شَيْئًا لِنَفْسِهِ، وَأَبْغَضَهُ لِخَلْقِهِ؛ أَبْغَضَ لِخَلْقِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَأَحَبَّ لِنَفْسِهِ أَنْ يُسْأَلَ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ، فَلا يَسْتَحْيي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، وَلَوْ شِسْعَ نَعْلٍ".

فاللهُ هُوَ الْكَريمُ الْمُعْطي، الْغَنِيُّ الَّذي لا يَفْضَحُ عَبْدَهُ، وَلا يَنامُ عَنْ حاجاتِهِ، وَهُمومِهِ، وَالْإِنْسانُ هُوَ الْمَخْلوقُ الضَّعيفُ، الَّذي لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَقَدْ تَدْفَعُ بِهِ الْحَياةُ أَحْيانًا إِلى الْفاقَةِ وَالْفَقْرِ وَالِابْتِلاءِ، وَطَلَبِ الْعَوْنِ مِنْ أَخيهِ الْإِنْسانِ، لِهذا أَوْجَبَ اللهُ تَعالى عَلى الْمُسْلِمِ أَنْ لا يُقابِلَ حاجَةَ أَخيهِ بِالنَّهْرِ، وَالتَّوْبيخِ، وَقَدْ قالَ في سورَةِ الضَّحى (10): { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ }.

فلِلسّائِلِ عَلَيْنا حَقٌّ، إِذا كنّا قادِرينَ عَلى إِجابَتِهِ أَنْ نُقَدِّمَ لَهُ الْعَوْنَ وَالدُّعاءَ، وَإِذا شَكَكْنا في أَنَّهُ مُحْتاجٌ، فَإِنَّ الْإِمامَ (عليهِ السَّلامُ)، يُحَذِّرُنا مِنْ أَنْ نُسيءَ إِلَيْهِ بِالْكَلامِ، فَلَرُبَّما كانَ الشَّيْطانُ يَزْرَعُ الشَّكَّ في قُلوبِنا، لِيَصْرِفَنا عَنْ كَسْبِ الْأَجْرِ وَالثَّوابِ.

وَالْأَفْضَلُ لَنا، إِذا شَكَكْنا، بِأَنْ نُقاوِمَ شَكَّنا، وَنُقَدِّمَ الْعَوْنَ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ تَعالى وَنَيْللِ رِضاهُ، مَهْما كانَتْ نَوايا السّائِلِ.

فَالشَّكُّ لَيْسَ عُذْرًا كافِيًا لِلِامْتِناعِ عَنْ تَقْديمِ الْعَوْنِ لِلسّائِلينَ، وَفي ذلِكَ قَوْلٌ لِلْإِمامِ الصّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): " أَيُّما رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَتاهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ في حاجَةٍ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلى قَضائِها، فَمَنَعَهُ إِيّاها، عَيَّرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَعْييرًا شَديدًا، وَقالَ لَهُ: أَتاكَ أَخوكَ في حاجَةٍ قَدْ جَعَلْتُ قَضاءَها في يَدِكَ، فَمَنَعْتَهُ إِيّاها زُهْدًا مِنْكَ في ثَوابِها؛ وَعِزَّتي لا أَنْظُرُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ في حاجَةٍ، مُعَذَّبًا كُنْتَ، أَوْ مَغْفورًا لَكَ!".

فَلْنَكُنْ أَيُّها الْأَصْدِقاءُ مِمَّنْ رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنْهُمْ، وَسَمّاهُمْ في الْقُرْآنِ الْكَريمِ بِالْمُتَّقينِ، وَوَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: { وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) }  سورة الذّاريات.

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ

 

- كانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ رَسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، مَعْروفًا بِشَجاعَتِهِ وَبَأْسِهِ وَرَجاحَةِ عَقْلِهِ، وَكانَ يَهْوى الْفُروسِيَّةَ وَالْقَنْصَ.
- ذاتَ يَوْمٍ، اعْتَرَضَ طَريقَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَحَدُ الْمُشْرِكينَ، وَيُدْعى أَبا جَهْل، فَسَبَّهُ وَشَتَمَهُ وَآذاهُ.

-
الجارية: لَقَدْ تَجَرَّأَ أَبو جَهْلٍ عَلى شَتْمِ مُحَمَّدٍ، سَأُخْبِرُ عَمَّهُ حَمْزَةَ بِذلِكَ!    
-
حمزة: هَلْ رَأَيْتِ ذلِكَ بِعَيْنِكِ؟ 
-
الجارية: نَعَمْ يا سَيِّدي حَمْزَةَ، سَمِعْتُ وَرَأَيْتُ!

- وَفي نادي قُرَيْشٍ، جَلَسَ أَبو جَهْلٍ بَيْنَ الرِّجالِ يَتَحادَثونَ! وَفَجْأَةً:

- حمزة: خُذْ يا أَبا الْحَكَمِ!

- أبو جهل: دَعوا أَبا عَمارَةَ! فَقَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخيهِ سَبًّا قَبيحًا!  
-
الرجل: لا نَراكَ يا حَمْزَةُ إِلاّ صَبَأْتَ!  
-
حمزة: وَما يَمْنَعُني مِنْهُ، وَقَدِ اسْتَبانَ لي مِنْهُ ذلِكَ، وَأَنا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسولُ الله!
-
حمزة: وَأَنَّ الَّذي يَقولُ حَقٌّ، فَوَاللهِ لا أَنْزَعُ! فَامْنَعوني إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ!
-
الرجل: لكِنَّهُ سَفَّهَ عُقولَنا، وَخالَفَ آباءَنا، وَسَبَّ آلِهَتّنا!   
-
حمزة: وَمَنْ أَسْفَهُ مِنْكُمْ؟ تَعْبدونَ الْحِجارَةَ مِنْ دونِ اللهِ؟! !
-
حمزة: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللهَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ!

تمت

 


أصدقائي وَأَحِبّائي ...
 

في العددِ السّابِقِ تَعَرَّفْتُمْ إِلى مَدَّيْنِ مِنَ الْمُدودِ التّجْويدِيَّةِ، وَهُما: الْمَدُّ الْعارِضُ لِلسُّكونِ، وَالْمَدُّ اللَّيِّنُ.

وَفي هذا الْعَدَدِ سَنَتَعَرَّفُ عَلى مَدٍّ أَساسِيٍّ يَرْتَبِطُ بِمَجيءِ السُّكونِ الْأَصيلِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ، وَهُوَ الْمَدُّ اللازِمِ.

الْمَدُّ اللازِمُ: هُوَ ماجاءَ فيهِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ حَرْفٌ ساكِنٌ سُكونًا أَصْلِيًّا (مِنْ أَصْلِ الْكَلِمَةِ) في الْكَلِمَةِ نَفْسِها، وَيٌقْسَممُ إِلى قِسْمَيْنِ:
كَلِمِيٍّ، وَحْرِفيٍّ، وَكُلُّ واحِدٍ مِنْهُما يَنْقَسِمُ إِلى مُخَفَّفٍ، وَمُثَقَّلٍ، وَيُمَدُّ في جَميعِ أَقْسامِهِ سِتَّ حَرَكاتٍ وُجوبًا، أَمّا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِّ الْمُتَّصِلِ فَهُوَ أَنَّ الْعُلَماءَ أَجْمَعوا عَلى مَدِّ الْمَدِّ اللازِمِ، كَما أَجْمَعوا عَلى مِقْدارِ الْمَدِّ فيهِ وَهُوَ سِتُّ حَرَكاتٍ، أَمّا الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ فَقَدْ أَجْمَعوا عَلى مَدِّهِ، فيما اخْتَلَفوا عَلى مِقْدارِ ذلِكَ الْمَدِّ.


1- الْمَدُّ اللازِمُ الْكَلِمِيُّ: وَيٌقْسَمُ إِلى قِسْمَيْنِ، وَهُما: مُثَقَّلٌ وَمُخَفَّفٌ.

أ. الْمَدُّ اللازِمُ الْكَلِمِيُّ الْممُثَقَّلُ: هُوَ ما جاءَ فيهِ بَعْدَ حَرْفٍ مِنْ حُروفِ الْمَدِّ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ في الْكَلِمَةِ نَفْسِها، نَحْوَ (دابَّةٍ)، (تَأْمُرونّي)، (أَتُحاجّونّي)، (الضّالّين)، وَيُمَدُّ سِتَّ حَرَكاتٍ، وَسُمِّيَ مُثَقَّلًا لِأَنَّهُ ثُقِّلَ بِالتَّشْديدِ.
أمّا الْمَدُّ في قَوْلِهِ تَعالى: (
ءالذّكَرَيْنِ ) وَ(ءَاللهُ) فَهُوَ مِنْ قَبيلِ الّلازِمِ الْمُثْقَلِ، وَإِنْ جَوَّزَ بَعْضُ الْعُلَماءِ تَسْمِيَتَهُ بِمَدِّ الْفَرْقِ لَقَبًا لا أَصْلًا ..

ب. الْمَدُّ الّلازِمُ الْكَلِمِيُّ الْمُخَفَّفُ: هُوَ ما جاءَ فيهِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ حَرْفٌ ساكِنٌ سُكونًا أَصْلِيًا في الْكَلِمَةِ نَفْسِها، نَحْوَ: (ءَالِآنْ )،( وَهُوَ مَدُّ الْأَلِفِ الّتي بَعْدَها الَلامُ السّاكِنَةِ)، وَلا يوجَدُ غَيْرُها في الْقُرْآنِ الْكَريمِ، وَقَدْ وَرَدَتْ مَرَّتَيْنِ في سورَةِ يونُسَ في الْآيَةِ 51 و 91 .

 

أصدقائي:

الْأَغْنامُ مِنَ الْحَيَواناتِ الْوَديعَةِ الْأَليفَةِ، وَمِنْ عائِلَةِ الْبَقَرِيّاتِ ذواتِ الْأَظْلافِ، وَالْغَنَمُ حَيَوانٌ نَباتِيٌّ يَتَغَذّى عَلى الْأَعْشابِ وَالْخُضَرِ..

يَجْني الْإِنْسانُ مِنَ الْأَغْنامِ فَوائِدَ لا تُحْصى، وَذلِكَ مِنْ لُحومِها، وَحَليبِها وَصوفِها وَجِلْدِها، وَلِكُلٍّ مِنْ لَحْمِها وَحَليبِها وَلَبَنِها وَأَجْبانِها طَعْمٌ لَذيذٌ وَفوائِدُ لا تُحْصى، وَهِيَ ثَرْوَةٌ وَطَنِيَّةٌ لِلْكَثيرِ مِنَ الشُّعوبِ.

وَرَدَ ذِكْرُ الْغَنَمُ في الْقُرْآنِ الْكَريمِ في عِدَّةِ آياتٍ قُرْآنِيَّةٍ كَريمَةٍ:
قالَ تَعالى في سورَةِ الْأَنْعامِ، الْآيَةُ (146):  ﴿
وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

وَقالَ في سورَةِ طه: ﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى

وَفي سورَةِ الْأَنْبِياءِ، الْآيَةُ (78): ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ

وَمِنْ أَسْماءِ الْغَنَمِ: النَّعْجَةُ وَهِيَ أُنْثى الْغَنَمِ، وَالْخَروفُ وَالضَّأْنُ، وَالْكِبْشُ وَهُوَ الْخَروفُ الذَّكَرُ الْكَبيرُ، وَالْحَمَلُ وَهُوَ صَغيرُ الْغَنَمِ، وَقَدْ تُسَمّى النَّعْجَةُ شاةً وَجَمْعُها: شِياهٌ.
يُسَمّى صَوْتُ الْغَنَمِ: ثُغاءً، وَتُسَمّى جَماعَةُ الْأَغْنامِ قَطيعًا.

وَقَدْ ذُكِرَ الْغَنَمُ بِأَسْمائِهِ الْمُخْتَلِفَةِ في الْقُرْآنِ الْكَريمِ، وَمِنْها:
الضّأْنُ، فَقَدْ وَرَدَ في الآيَةِ (143) مِنْ سورَةِ الْأَنْعامِ: ﴿
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾.

كُما ذُكِرَ الْغَنَمُ في الْقُرْآنِ الْكَريمِ بِلَفْظَةِ نَعْجَةٍ، أرْبَعَ مَرّاتٍ في سورَةِ (ص)، وَذلِكَ في الْآيَتَيْنِ (23، 24) مِنْها:
﴿
إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ(23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ف فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) ﴾.

للْغَنَمِ أَهَمِّيَّةٌ كَبيرَةٌ عِنْدَ الْمُسْلِمينَ، وَهُوَ رَمْزٌ لِلتَّضْحِيَةِ في عيدِ الْأَضْحى، كَما يلْزَمُ في كَثيرٍ مِنَ الْمُناسَباتِ الْأُخْرى، كَالنُّذورِ وَالْعَقيقَةِ وَغَيْرِها.
وَمِنْهُ الْفِعْلُ ( غَنِمَ) الَّذي يَعْني رَبِحَ وَفازَ، وَلِذا يُعْتَبَرُ الْغَنَمُ حَيَوانَ الْخَيْرِ وَالْبِشارَةِ وَالرِّزْققِ الْوَفيرِ، وَرَمْزًا لِلْعيدِ وَالْفَرَحِ.

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.

 

- في زَمَنِ النَّبِيِّ عيسى (عَلَيْهِ السَّلامُ)، وَفي مَدينَةٍ مِنْ مُدُنِ بِلادِ الشّامِ عاشَ قَوْكمٌ مُشْرِكون يَعْبدونَ الْأَوْثانَ.
- فَأَرْسَلَ لَهُمُ الْمَسحُ (عَلَيْهِ السَّلامُ) رَجُلَيْنِ يُعَلِّمانِهِمُ الدّينَ، وَيَهْديانِهِمْ إِلى عِبادَةِ اللهِ تَعالى، لكِنَّهُمْ ضرَبوهُما وَسَجَنوهُما!

- الحواريّ: لَقَدْ أَرْسَلَني نَبِيُّ اللهِ عيسى لِهِدايَتِكُمْ وَلِأَجْلِ نَجاتِكُمْ وَخَلاصِكُمْ مِنَ الْعَذابِ!  
-
الرجل: أَنْتُمْ كاذِبونَ في دَعْواكُمْ!
-
الحواريّ: أَتُريدونَ أَنْ نُثْبِتَ لَكُمْ ذلِكَ بِمُعْجِزاتٍ؟    

- وَقامَ الْحَوارِيّونَ الثَّلاثَةُ بِمُعْجِزاتٍ كَإِبْراءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ، وَشِفاءِ الْأَعْمى وَإِحْياءِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ تَعالى...

- الرجل: أَنْتُمْ كاذِبونَ، وَقَدْ تَشاءَمْنا مِنْ وُجودِكُمْ في دِيارِنا!    

- في أَقْصى الْمَدينَةِ كانَ يَعيشُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ، اسْمُهُ حَبيبُ النَّجارُ، لَمْ يَرْضَ بِضَلالِ قَوْمِهِ، فَجاءَ مُسْرِعًا راكِضًا.

- مؤمن آل ياسين: يا قَوْمُ! اتَّبِعوا الْمُرْسَلينَ!

- مؤمن آل ياسين: اتَّبِعوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدونَ .. إِنّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعونَ ...
-
الرجل: اقتلوه وخلّصونا منه!

- وَبَعْدَ أَنْ قَتَلَ الْمُشْرِكونَ حَبيبًا النَّجّارَ، أَدْخَلَهُ اللهُ تَعالى الْجَنَّةَ، وَغَفَر لَهُ، وَتَمَنّى لَوْ عَلِمَ قَوْمُهُ بِحالِهِ مِنَ النَّعيمِ الْأَبَدِيِّ.

- مؤمن آل ياسين: يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمونَ .. بِما غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلَني مِنَ الْمُكْرَمينَ ... 

- لَمْ يُرْسِلِ اللهُ بَعْدَ ذلِكَ رَسولًا لِأصحابِ القريةِ، بَلْ صاحَ بِهِمْ جُبْرائيلُ عَلَيْهِ السَّلام ُ...
- وَهَلَكَ الْقَوْمُ جَميعًا، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ مِمَّنْ أَغْضَبَ اللهَ تَعالى وَآذى أَوْلِياءَهُ وَرُسُلَهُ.
- وَكانَتْ قِصَّةُ الرًسلِ الثلالثةِ عِبْرَةً لِكُلِّ النّاسِ.

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ ...

تمت

 

 

- حسين: بِمَ تُفَكِّرُ يا حَسَنُ؟
-
حسن: بِسورَةِ الْبَلَدِ!
-
حسن: يَقول تَعالى: { ألَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } وَهاتانِ عَيْنايَ ...    
-
حسين: صَحيحٌ ..
-
حسن: وَيَقولُ: { وَلِسانًا وشَفَتَيْنِ } وَهذا لِساني، وَشَفَتايَ ...
-
حسين: صَحيحٌ أَيْضًا .. 
-
حسن: وَما هِيَ الْهَدِيَّةُ إِذًا؟
-
حسين: أَيَّ هَدِيَّةٍ تَقْصِدُ؟
-
حسن: الْمَقْصودَةُ في الآيَةِ الْكَريمَةِ" { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } ؟؟
-
حسين:
هَدَيْناهُ هُنا تَعْني الْهِدايَةَ لا الْهَدِيَّةَ. وَالنَّجْدَيْنِ هُما طَريقا الْخَيْرِ وَالشَّرِّ!
- الجد: أَحْسَنْتُما ... وَهكذا تَرَكَ اللهُ لَنا أَنْ نَخْتارَ طَريقَنا بِأَنْفُسِنا، وَنَمْشي فيها ... 
 

 

كانَ مُشْرِكو قُرَيْشٍ يُعادونَ رَسولَ اللهِ مُحَمَّدٍ ( صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَيُبالِغونَ في إيذائِهِ، حَتّى خَرَجَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ،

وَهاجَرَ إلى الْمَدينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، ثُمَّ عادَ إِلى مَكَّةَ فاتِحًا، مُحَرِّرًا مِنْ ظَلامِ الْوَثَنِيّةِ وَالْكُفْرِ، مُحَطِّمًا الْأَصْنامَ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ وَوَصِيِّهِ الْإِمامِ عَلِيٍّ بْنِ أَبي طالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، مُطَهِّرًا الْأَرْضَ وَالنّاسَ مِنْ رِجْسِ الشِّرْكِ وَالْعُبودِيّةِ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَعالى سورَةَ النَّصْرِ قَبْلَ حُدوثِ الْفَتْحِ الْعَظيمِ وَانْتِصارِ الْمُسْلِمينَ، مُبَشِّرًا النَّبِيَّ الْأَعْظَمَ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَآلَ بَيْتِهِ وَأَصْحابِهِ بِدُخولِ النّاسِ في دينِ اللهِ مَجْموعاتٍ وَلَيْسَ أَفْرادًا، عَلَنًا وَلَيْسَ سِرًّا، فَرَحًا وَلَيْسَ خَوْفًا.

وَكانَ هذا الْهَدَفُ الْعَظيمُ مِنْ أَعْظَمِ أُمْنِيّاتِ النَّبِيِّ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، فَلِأَجْلِ إِنْقاذِ النّاسِ وَهِدايَتِهِمْ وَتَخْليصِهِمْ مِنَ الْعَذابِ الَّذي يَنْتَظِرُ الضّالّينَ مِنْهُمْ، وَالْعاصينَ وَالْمُذْنِبينَ، لِأَجْلِ هذا كانَتْ رِسالَةُ الرَّسولِ الْأَعْظَمِ مُحَمَّدٍ (صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، الَّتي تَحَمَّلَ فيها الْمَشاقَّ، وَأَلَمَ الْجِراحِ، وَمَشى عَلى الْأَشْواكِ، وَعانى ماعاناهُ.

وَأَمامَ فَرَحٍ كَهذا الْفَرَحِ، يَأْمُرُ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ الْأَكْرَمَ، بِأَنْ يُقابِلَ إِحْسانَ اللهِ تَعالى وَفَضْلَهُ، بِالتّسْبيحِ وَالْحَمْدِ وَالِاسْتِغْفارِ، فَالتَّسْبيحُ يَعْني تَنْزيهَ اللهِ تَعالى عَنْ أَيِّ عَيْبٍ أَوْ نَقْصٍ، وَالْحَمْدُ يَعْني وَصْفَ اللهِ تَعالى بِصِفاتِهِ الْكَمالِيَّةِ، وَشُكْرِهِ عَلى نِعَمِهِ الَّتي لا تُحْصى، وَالِاسْتِغْفارُ يَعْني طَلَبَ التَّوْبَةَ وَالصَّفْحَ وَالْمَغْفِرَةَ عَنِ الذُّنوبِ، وَالتَّجاوُزَ عَنْ كُلِّ تَقْصيرٍ وَمَعْصِيَةٍ.

هكَذا يَحْتَفِلُ الْمُسْلِمونَ بِالنَّصْرِ، وَيُهَلِّلونَ لِلْبَشائِرِ، بِذِكْرِ اللهِ تَعالى الَّذي يَسَّرَ وَسَدَّدَ وَأيََّدَ وَدَعَمَ الْمُؤْمِنَ بِقُوَّتِهِ الْعَظيمَةِ، وَقُدْرَتِهِ الَّتي لا تُحَدُّ، وَلَيْسَ كَما يَفْعَلُ الْبَعْضُ بِإِطْلاقِِ الرَّصاصِ، وَالِاحْتِفالاتِ الصّاخِبَةِ، وَالْموسيقى، وَغَيْرِ ذلِكَ مِمّا يُفقِدُ النَّصْرَ مَعْناهُ الرّاقي وَالسّامي وَالرِّسالي ...

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ ..

 

- حنّة: اللّهم! يا مَوْلايَ! يا مُعينَ الضُّعَفاءِ. إِنَّ لَكَ عَلَيَّ نَذْرٌ شُكْرًا إِنْ رَزَقْتَني وَلَدًا أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ عَلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ!    
- وَبَعْدَ زَمَنٍ قَصيرٍ، اسْتَجابَ اللهُ تَعالى لِحَنَّةَ وَحَمَلَتْ بِطِفْلٍ... 
-
حنّة: ربّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْني مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّميعُ الْعَليمُ
-
القابلة: إَنَّها طِفْلَةٌ يا حنّة ! 
-
حنّة: رَبِّ إِنّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنّي سَمَّيْتُها مَرْيَمُ وَإِنّي أُعيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ
-
القابلة: إِلى أَيْنَ تَذْهَبينَ بِالطِّفْلَةِ يا حَنَّةُ؟
-
حنّة: إِلى حَيْثُ نَذَرْتُها أَنْ تَكونَ!
-
الرجل: إِنَّ جَميعَ الأَحْبارِ وَالْمُلوكِ يُريدونَ أَنْ يَكْفُلوا مَرْيَمَ، وَزَوْجُ خالَتِها زَكَرِيّا نَبِيُّ اللهِ يُريدُ أَنْ يَكْفَلَها كَذلِكَ..
-
كبير الأحبار: فَلْتَكُنِ الْقُرْعَةُ!
-
كبير الأحبار: لَقَدْ طَفا قَلَمُ (رُمْحُ) زَكَرِيّا فَوْقَ الْماءِ، وَأَرادَهُ اللهُ أَنْ يَكونَ كَفيلَ مَرْيَمَ!

 تمت

 

1- أربِطُ الآية الكريمة بالسّورةِ الصحيحة:

- وَجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباسا وَجَعَلْنا النَّهارَ مَعاشا ( الضّحى، الشّمس، النبأ)
وَفي أَمْوالِهِمْ حقُّ للسّائِلِ وَالْمَحْرومِ ( الصّافّاتُ، الذّارياتُ، النساء)
إِنَّما يُوَفّى الصّابِرونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ( الزّمر، النّجْم، العلقُ)

2- مِنْ أَعْمامِ رَسولِ اللهِ مُحَمَّدٍ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، آمَنَ بِهِ وَنَصَرَهُ وَدافَعَ عَنْهُ حَتّى اسْتُشْهِدَ في غَزْوَةِ أُحُدٍ. لَقَبُهُ أَسَدُ اللهِ.

2 + 3 + 10 + 1 = مرح ودعابة.
9 + 8 = حيوانٌ قطبيّ.
7 + 6 + 5 = فاكهة صيفيّة.
15 + 13 + 4 = أنثى نوع من الطّيور الدّاجنة.
11+ 12 = من أحرف الجزم.

3- أختارُ الكَلِمَةّ الْمُلائِمَةَ لِأُكْمِلَ بِها الْآيَةَ الْكَريمَةَ:

سَبْعَ - فَخُذوهُ - إيمانًا - بُشْرى

- وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ ....... وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكّلونَ
- وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَ ...... لِلْمُؤْمِنينَ
- وَما آتاكُمُ الرَّسولُ ......... وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا
- مَثَلُ الَّذينَ يُنْفِقونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ ....... سَنابِلَ

 

 

- هادي : تَعالَيْ نَلْعَبْ لُعْبَةَ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ!
-
هدى : أَنا اللَّيْلُ وَأَنْتَ النَّهارُ ...
-
هدى : { وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى } اللَّيْلُ (1)
-
هادي : { وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى } اللَّيْلُ (2)
-
هدى : { وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها } .. الشَّمْسُ (4)
-
هادي : { وَالنّهارِ إِذا جَلاّها } الشَّمْسُ (3)
-
هدى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعونَ } القصص 71 
-
هادي : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنونَ فيهِ أَفَلا تُبْصِرون } القصص 72 
-
هدى : { وَجَعَلْنا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللّيْلِ .... } سورة الإسراء
- هادي : {
... وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً .... } سورة الإسراء 12
-
الجد : { وَهُوَ الَّذي يُحْيي وَيُميتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلونَ } المؤمنون 80

   

 

05-12-2018 | 09-03 د | 7548 قراءة


الصفحة الرئيسة
جمعية القرآن الكريم
المكتبة الصوتية والمرئية
معرض الصور
مكتبة الكتب
سؤال وجواب
صفحة البحــــث
القائمة البريـدية
سجـــــــل الزوار
خدمــــــــة RSS
تواصل معنا
 
فلاشات إخبارية
جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد - لبنان

2543833 زيارة منذ 18- تموز- 2008

آخر تحديث: 2023-12-07 الساعة: 12:56 بتوقيت بيروت